🌺خطيبة النساء🌺
صحابية متميّزة ضربت مثالاً رائعاً في الإيمان والصبر والعلم.. إنّها الصحابية الجليلة أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية رضي الله عنها وابنة عم الصحابي الجليل معاذ بن جبل
أسلمت أسماء على يد مصعب بن عمير، في العام الأول من الهجرة، واشتهرت بأهتمامها بمتابعة أمور وشئون دينها والتعرف على أدق أموره. وكانت من السباقين الاوائل في مبايعة النبي عليه افضل الصلاة والسلام وكانت أسماء رضوان الله عليها تعتـز بهذا السبق إلى المبايعة فتقول: ((أنا أول من بايع رسول الله صلى الله عليه
عُرفِت "أسماء بنت يزيد" أيضًا بفصاحتها وجرأتها كذلك، وكانت تسأل النبي – صلى الله عليه وسلم – عن أحكام الدين، وكانت كثير من النساء إذا أردن أن يستفسرن عن أمور دينية خاصة ، يستعن بها، فكانت تذهب إلى رسول الله – صلوات الله عليه – لتستفسر منه وتسأله عما يردن. فهى التى روى عنها أنها جاءت الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه وقالت: بأبى وأمى أنت يا رسول الله، أنا وافدة من النساء إليك، إن الله بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد فى سبيل الله، وإن الرجل إذا خرج حاجًا أو معتمرًا أو مجاهدًا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم وربينا لكم أولادكم. أفما نشارككم فى هذا الأجر والخير، فالتفت النبى صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: "هل سمعتم مقالة امرأة قَط أحسن من مساءلتها فى أمر دينها من هذه؟" فقالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدى إلى مثل هذا. فالتفت النبى صلى الله عليه وسلم إليها فقال: "افهمي، أيتها المرأة، وأَعْلِمى مَن خلفك من النساء أنّ حُسْنَ تبعُّلِ المرأة لزوجها وطلَبها مرضاته واتباعَها موافقته يَعْدِل ذلك كلّه". فانصرفت المرأة وهى تهلّل.
وبسبب هذه الفصاحة ودفاعها عن حقوق النساء لقبت "أسماء" بـ"خطيبة النساء"، أما لقبها الثانى "المعتدة" فجاء لأنها أول معتدة فى الإسلام حيث نزلت فيها آية حكم عدة المطلقات، حيث روى عنها أنها قالت "طلقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن للمطلقة عدة فنزل قول الله تعالى فى سورة البقرة "والمطلقات يتربصن بأنفسهنّ ثلاثة قروء".
وكانت رضي الله عنها ماهرة في تزيين النساء، وقد زينت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يوم زفافها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
عانت الكثير من الصحابيات من أوائل من دخلن الإسلام كثيرًا من الابتلاء بأسرهن التى لم تدخل الإسلام فأصبحن بذلك غريبات، منهن من فارقت زوجًا ومن فارقت أهلها وتخلت عن حسبها ونسبها لإيمانها بالدين الحق.
ولكن "أسماء بنت يزيد الأنصارية" كان ابتلائها مختلفًا، فعلى عكس الكثيرات نشأت أسماء فى أسرة أسلم غالبية أفرادها وتفانوا فى خدمة الإسلام وكانت هى من أوائل النساء اللائى بايعن الرسول صلى الله عليه وسلم فى السنة الأولى من الهجرة فى بيعة الرضوان، ولكن ابتلائها كان فى فقدان 3 من أفراد هذه الأسرة المحبة المسلمة فى مرة واحدة.
ففقدت "أسماء" والدها "يزيد بن السكن بن رافع الأنصارى" فى يوم أحد حيث استشهد فى المعركة نفسها التى أصيب فيها أخوه "زياد بن السكن" والذى استشهد بعد المعركة متأثرًا بجراحه، أما أخوها "عامر بن يزيد بن السكن" ففدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده وجعل جسده ترسًا يدافع به عن الرسول خلال المعركة واستشهد خلالها.
وتلقت "أسماء" خبر استشهاد والدها وشقيقها وعمها فى يوم واحد فى معركة أحد، ومن عجيب إيمانها وصبرها أنه لما بلغها استشهادهم تماسكت وصبرت ثم خرجت تنظر إلى سلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قادم من أُحد... وعندما رأته سالماً قالت:كل مصيبة بعدك جلل (أي هينة)..
كما شهدتْ أسماء غزوة الخندق وغزوة خيبر، وخرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية، وبايعت بيعة الرضوان. وفي السنة الثالثة عشرة للهجرة خرجت رضي الله عنها إلى بلاد الشام حيث شاركت في معركة اليرموك في الشام، وكانت تشارك مع النساء بسِقاية الجرحى وتضميدهم، وفي ضرب مَن يَفِرّ من المعركة من جنود الإسلام، ومن قصص شجاعتها أنها اقتلعت عمود الخيمة وراحت تضرب به رؤوس الروم حتى قتلت يومها تسعة من جنودهم.
كانت الصحابيّة الجليلة أسماء بنت يزيد -رضي الله عنها- غير معروفة لجميع الناس، والكثير من المسلمين في هذا العصر لم يسمعوا بها، إلّا أنّ حياتها كانت حافلةً بالعطاء والتميّز، وقد توفّيت أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها في سنة سبعين من الهجرة النبويّة الشريفة، بعد أن عاشت في كنف الدولة الإسلامية مدةً طويلةً من الزمن، وقد عاصرت العديد من الخلفاء، وتمّ دفنها بعد وفاتها في مدينة دمشق بمنطقة تسمّى بالباب الصغير، رضي الله عنها وأجزل لها العطاء على ما قدمت.
الى هنا تنتهي قصتنا لنا لقاء آخر غدا ان شاء الله مع امرأة اخرى خلدت اسمها في التاريخ وكانت من رائدات الاسلام
يتبع…