recent
جديدنا

رائدات الاسلام الفصل الثاني عشر

Wisso

 


🌺الصحابية التي سقاها الله بدلو من السماء🌺


لم ينتشر الإسلام على سنان الرمح، ولم تكن رهبة السيف سبب وقره في قلوب الناس، إنما لعظمته وتكامل عقيدته و شريعته، وعدم تناقضهما مع الفطر والعقول السوية، فحتى أولئك المكابرين الذين أسلموا بعد لَأْيٍ من معارضته ومحاربة معتنقيه، لم ينطقوا الشهادتين إلا عن قناعة، بعد تضعضع حجج أباطيلهم أمامه.. واليوم سنحتفي بلقاء صحابية جليلة صدقت الرسالة، ونذرت عمرها فداء لها، فلاقت في سبيل ذلك أنكى أنواع التعذيب، لكنها صبرت واحتسبت، حتى نالت كرامة الله، وأسلم على يدها الكثير، هي أم شريك  واسمها غزية بنت جابر بن حكيم  الأنصارية رضي الله عنها وأرضاها . 


كانت من بين السباقين إلى الدخول في الإسلام من أهل مكة المكرمة، هي وزوجها أبو العكر الدوسي رضي الله عنهما، فهاجر هذا الأخير مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وبقيت هي في مكة تكتم إسلامها، وعندما رأت ما حل بالمسلمين المستضعفين من اضطهاد وتضييق، عقدت العزم على نصرة دين الله، وحملت هم الدعوة إليه، فأصبحت تفد على نساء مكة المكرمة، وتدعوهن في سرّية إلى الاسلام، وترغبهن فيه وتحببه إليهن، وتخرج من بيت إلى بيت، وتنتقل من امرأة إلى اخرى وكانت تتميز بأسلوب جميل جداً في دعوتها للأسلام ، بأبتسامتها الحلوة وبأخلاقها الحميدة بفضل الله أسلم على يدها الكثير من النساء . حتى وُشِي بها واكتشف الكفار أمرها، فاستطارت جنان عقولهم، وكادوا يقتلونها، لولا تحالفهم مع قومها  ولولا كانت تلك الصحابية من قبيلة كبيرة ومعروفة عند العرب بقوتها لما أبقو على حياتها ، لكنها بقيت ثابتة على دينها مشيحة بوجهها عن دعوتهم لها لترك الإسلام،  وجاءها أهل زوجها مكشِّرين عن أنيابهم، غاضبين من إسلامها ومن دعوتها إلى الإسلام، وكانوا يرمونها بكل سوء ويريدون أن ينالوا منها ومن دينها، وكرهتْ عشيرةُ (أبي العَكَر) أن تكون زوجته (أم شَرِيك) داعيةً للإسلام على هذا النحو، وتروي عن نفسها رضي الله عنها  فتقول: “جاءني أهل أبي العكر فقالوا:  لعلك على دينه، فقلت: إي والله! إني لعلى دينه، فقالوا: لا جرم لنعذِّبنّك عذابا شديدا، تقول: فارتحلوا بنا من دارنا وكنا بذي الخلصة وهو موضعنا، فساروا يريدون منزلا فحملوني على جمل ثقال شر ركابهم وأغلظهم، يطعموني الخبز بالعسل، ولا يسقونني قطرة ماء، حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس ونحن قائضون، نزلوا فضربوا أخبيتهم وتركوني في الشمس، حتى ذهب عقلي وسمعي وبصري، ففعلوا ذلك بي ثلاثة أيام، فقالوا لي في اليوم الثالث:  اتركي ما أنت عليه، قالت:  فما دريت ما يقولونه إلا الكلمة بعد الكلمة، فأشير بأصبعي إلى السماء بالتوحيد، فوالله إنّي لعلى ذلك وقد بلغني الجهد، إذ وجدت برد دلو على صدري فأخذته، فشربت منه نفسا واحدا ثم انتزع مني، فذهبت أنظر فإذا هو معلق بين السماء والأرض، فلم أقدر عليه ثم دُلّي إليّ ثانية فشربت منه نفسا ثم رفع، فذهبت أنظر فإذا هو بين السماء والأرض، ثم دُليّ إليّ مرة ثالثة، فشربت منه حتى رويت وأهرقت على رأسي ووجهي وثيابي، قالت فخرجوا فنظروا وقالوا:  من أين لك هذا يا عدوة الله!؟ قالت فقلت: إن عدو الله غيري من خالف دينه، وأما قولكم من أين هذا،  رزقا رزقنيه الله. فانطلقوا سراعا إلى قربهم وأدواهم فوجدوها موكّأة لم تحل،  حينها ايقنوا صدق حديثها فقالوا نشهد أن ربّك هو ربّنا، وأن الذي رزقك ما رزقك في هذا الموضع، بعد أن فعلنا بك ما فعلنا، هو الذي شرع الإسلام.”وحينذاك أسلموا عن بَكْرَة أبيهم، وكسروا أصنامهم بأيديهم، وهاجروا جميعًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجاهرون بإسلامهم، ويشهدون أن محمدًا عبدُ الله ورسوله، وعَرَفوا فضل (أم شَرِيك) عليهم.


فهاهي أم شريك بصبرها وثباتها، تعضدها يد الله وتسقيها من ماء السماء،  فتقذف الرعب في قلوب الكافرين بعدتهم وتعدادهم، وتجبرتهم على الإقرار بدين الحق بعد مكابرة وتجبّر،  والإلتحاق برسول الله صلى الله 

عليه وسلم في المدينة المنورة لاعلان اسلامهم .


أفليست بثباتها وعمق إيمانها هي التي أرتْهم - بفضل رحمة الله - مظهرًا من مظاهر قدرة الله ورحمته، اللتين لا تحدُّهما الأسباب، ولا يُوصَد أمامهما أي باب.

 

رضي الله - تعالى - عن الصحابية الجليلة الثابتة على الحق (أم شريك العامرية).


الى هنا تنتهي قصتنا 




google-playkhamsatmostaqltradent