recent
جديدنا

الليالي المظلمة الفصل الثالث والثلاثين

Wisso

 

       رواية الليالي المظلمة  

                             بقلم أمل محمد الكاشف



اقتربت سيلين من الباب وهي تخفي تلك الابتسامة التي اعتلت وجهها اخذت نفس طويل عادت به لحدتها لتدير بعده رأسها ناظرة إلى وجهه المصدوم قائلة 
"اتصلت بي اوزجي هانم وطلبت مني الانضمام لمعرضها الكبير الذي سيقام الشهر المقبل لأجل عرض القطع المميزة التي حازت على اهتمام و طلب واسع. وتم اختيار بدلة زفافنا من ضمن تلك القطع لتعرض بالمعرض الكبير. لم استطع ردها فأنت تعلم كم أحبها ولكن ان كان لديك اعتراض"

ابتسم لها بعد ان ارتاح داخله وهدأ قلبه من نبضه السريع ليقول لها " نعم لدي"
تراجعت خطوتين وهي تنظر للفرحه التي بدت على وجهها وهو يكمل
"لا يمكنهم دعوة بدلة العرس وحدها كان عليهم أن يدعوننا. وايضا ألم يشبع ذلك الرجل من نجاحاته وكأنه يقود صاروخًا في طريقه للنجاح"
ردت سيلين مستنكرة آخر ما قاله
"قل ما شاء الله ألا يكفيهم ما مروا به. وايضا هم يستحقون هذا النجاح"
أومأ يوسف رأسه قائلا 
"حسنًا فليبارك الله لهم ولكن عليكِ ان تخبريها اننا ايضا مدعوون"
انصدم باجابتها  وهي ترد عليه 
"بالأصل تمت الدعوة ولكن كيف سنذهب سويًا؟"
قاطع حديثهم صوت رنين جرس الباب لتتحرك سريعًا وهي تقول
 " أعتقد أنه مندوب شركة اوزجوتش "
وخرجت مسرعة وهي تقول لنفسها
"ان علم انه الطبيب النفسي ستقام الحرب كما قالت أنيسة" 
بالفعل كان كما توقعت اتصلت بالمشفى وأنهت هذه المهزلة معتذرة من الطبيب الذي كان على مستوى عالي من اللباقة والأدب.

استيقظت لي لي باكية بدلالها في الأعلى  لتستأذن سيلين من أنيسة كي تصعد لرعاية الطفلة  لبت انسيه طلبها واسرعت لمدللتهم.

نظرت سيلين لساعة الحائط مكملة
" تأخرنا كثيرا على موعد الكريمات " 

وصعدت مجددًا للأعلى متعمده ان لا ترها لي لي فتحت باب غرفتها بهدوء ودخلت دون صوت واغلقت الباب خلفها. 

لتجده ينظر لها بوجه ضاحك قائلا 
" هل تهربين منها مجددًا" 
وضعت اصبعها على فمها تحذره أن يخفض صوته كي لا يفضح أمرهم أمام من تخبئوا منها.
تحركت تجاه الحمام لتجلب الماء الدافئ كي تبدأ بعمل المساج للعضلات والأربطة و وضع العلاجات الموضعية . 
حاول يوسف استغلال الوضع بالتحدث معها ولكنها لم تعطيه الفرصة فقلبها لا يزال حزينًا منه.
ليسألها بحزن 
 "هل جئتي من أجل الفستان؟" 
تجمع حزنها بقلبها لتجيبه برأسها ولسانها 
 "نعم لأجله هو وبعض الأغراض الخاصة بي" 
أنهت عملها معه ثم تحركت لتأخذ الماء لتعود به للحمام، فُتح باب الغرفة من قبل لي لي لتتفاجئ بوجود سيلين.
فرغ وجه الصغيرة من التعابير وهي تنظر نحو ذراعيها التي  فتحت لها كي تركض ملقيه بنفسها داخلها، الغريب وقوف لي لي بمكانها تنظر لها دون ضحك او ركض كعادتها.

جاءت انيسة من الخلف موجه حديثها لسيلين
" أحضر لكِ السيد يفوز هاتفكِ " 
ومدت يدها لتعطيه لها.
اخذت الهاتف واقتربت من صغيرتها وحملتها بين يديها وهي تحدثها وتسألها بقلب قلق 
" ألم تفرحي بوجودي..."
لم تعطي لي لي اي ردة فعل لتنظر لأنيسة متسائلة بعينها ما بها.
اجابتها انيسة 
 " كانت بخير لا أعلم ما حدث لها "
جاء صوت رنين الباب لتقول انيسة من المؤكد انه من شركة اوزجوتش هذه المرة، خرجت أنيسة من الغرفة ليتساءل يوسف قائلا
"ألم يأتوا قبل قليل" 
لم ترد على سؤاله نظرت للصغيرة ثم نظرت له لتجيبه بسؤال جديد 
" ما بها. هل غضبت عليها مجددًا "
اسرع يوسف بالنفي قائلا
" لا، لم يحدث شيء كهذا" 
نظر لرأس صغيرته المستند على كتف سيلين بهدوء غير معتاد منها مكملًا
 "ابنتي روحي حياتي ما بكِ" 

دق الخوف بقلبها وضعت يدها على جبهة الصغيرة لتتفقد حرارتها ثم نظرت ليوسف وقالت
 "لا توجد حرارة ومع ذلك علينا أن نذهب للطبيب كي نطمئن عليها"
رفض يوسف مؤكدًا انها بخير 
"كانت تلعب بجانبي قبل نومها"
ثم  نظر لابنته مجددًا مكملًا 
"وحيدتي جميلتي تعالي إلي هيا تعالي" تحركت لي لي منحنيه جهة أبيها كي تستجيب له، اخذها بحضنه ويده تحنوا على ظهرها وهو يدللها وينعتها بأجمل الصفات ك صاحبة الشعر الذهبي. والعيون الجميلة. والضحكة الساحرة.
غارت اميرة الفولاذ من الصغيرة وخاصة عندما استجابت وحيدتهم لأبيها و ابتسمت بحضنه. حتى انها عادت لتكمل نومها.
تحدثت سيلين بحزن 
"ما كان هذا الآن. هل هي غاضبة عليٌ. هل احزنتها ولا علم لي بهذا"
نفى يوسف بحركة رأسه الحزينة قائلا 
"لا شيء كوني مرتاحة. انتِ تعلمين وضعها الحساس وانجبارها عن الابتعاد عن من تحبهم. اعتقد انها تحاول الاعتياد على وضعها الجديد. لا تقلقي هذا جيد لها" 

كادت ان تفر الدموع من عينيها وهي تنظر للطفلة بحضن يوسف، لم يتحمل قلبها المشهد تحركت بخطوات مثقله قائلة
"سأحضر اغراضي تأخر الوقت وعليٌ أن أذهب. وأنت عليك أن تأخذ أدويتك بانتظام حتى تسترد صحتك ان لم يكن لأجلك فعلى الأقل لأجلها" 
اقتربت من خزانة الأدراج لتفتحها وهي لا تعرف لماذا تفتحها بالأصل أتت متحججة بالفستان واغراضها ولكن لا أحد يعلم سبب مجيئها الحقيقي حين اجبرها قلبها على عدم تركه وحيدا تحت يد أحد الممرضات.

سقطت دموعها حزنًا على صغيرتها فأخر شيء كانت تتوقعه ان تتأثر الطفلة وتبتعد عنها وكأنها تشعر وتعلم بالوضع الجديد وتحاول التأقلم عليه. 
جمعت بيدها أغراض لا فائدة منها و وضعتها بحقيبتها دون ان تدير وجهها نحوهم كي لا تفضح دموعها امامه.
 وبالأخير انتهت من جمع ما لم تراه عينيها أغلقت الحقيبة مستجمعة قوتها لتخرج من الغرفة، استدارت  ونظرت للصغيرة مرة اخرى وهي تحدثها بعيون مملوءة بالدموع 
" اتمنى ان تتخطى هذه المرحلة وتعود لطبيعتها" 
فتحت لي لي اعينها وحركت نظرها نحو صوت سيلين التي اقتربت منها مشيره بيدها كي تودعها.
المحزن المبكي اغلاق لي لي لعيونها مخبئة وجهها بصدر ابيها رافضه توديعها.
خرت قوتها الهزيله وتساقطت دموعها وهي تهز رأسها بحزن، اقتربت وانحنت عليها لتضع يدها على شعرها قائلة لها
 "حبيبتي ألا ترغبين بتوديعي" 
نظر يوسف لحالة الحزن التي خيمت على سيلين قائلا بصوت مختنق خرج بصعوبة كبيرة 
" لا تحزني ستحتاج بعض الوقت لتعتاد على غيابك فقط دون نسيانكِ او كرهك" 
بكت سيلين أكثر 
 "ولما لا من المؤكد سيأتي اليوم لتنساني به" 
حرك يوسف يده ليمسك يدها قائلا
 "لا يمكننا نسيانكِ. وكيف لنا أن ننسى قلبًا وروحًا خُلقت لتسعد من حولها" 

هزت سيلين رأسها بالنفي وهي تمسح دموعها باليد الاخرى، سحبها بقدرته الضعيفة كي يجلسها بجانبهم.
 رفضت بأول الأمر ولكنه ترجاها ان تجلس بجانبه هامسًا بضعف حيلته
 " لتكن الأخيرة" 
تحركت وجلست بجانبه وهي تمد يدها لتحنو على الصغيرة التي لم تكن نائمة بل تمثل نومها هروبا منها ومن الترك الأكيد ككل مرة.
تحدث يوسف وهو ينظر لابنته 
 " اعلم ان بابا دب ودب كبير ولكن ماذا افعل هذا انا "
نظرت سيلين ليوسف ثم نظرت للطفلة وبدون فهم اللقب تساءلت كي تشاركهم الحديث متأملة ان تجيب عليها الصغيرة  
"هل بابا دب. وإن كان كذلك انا ماذا اكون. هيا افتحي عيناكِ لنلعب سويًا " 
ضحك يوسف وقال لها
 " سأقول لكِ سرًا. بعد قراءتي لدفترك علمت كم كنت دبا. كان هذا التصريح من حظ لي لي ليصبح سر بيننا لا أحد يعلمه سوانا" 
نظرت له بحزن وتحركت لتنزل من على الفراش دون تركه ليدها رافضًا ابتعدها وهو يكمل حديثه 
"دائما يخرج عكس ما بداخلي. حتى أصبحت أخاف من التحدث أمامك. روحي تحترق بالبعد عنكِ ولم استطيع اجباركِ على البقاء بجانبي ولكنِ لم اعد اتحمل بعدكِ بل لم نعد انا وابنتي تحمل هذا" 
تساقطت دموعها وهي تنظر للطفلة دون رد، تملك يداها اكثر وهو يكمل
 "انا لم اشعر بالسعادة إلا بعد رؤيتك. كنت اعتقد ان زواجي الاول مبنيًا على الحب ولكنِ اكتشفت انني لم اتعلم المعنى الحقيقي للحب إلا معكِ"
ابتلعت ريقها بصعوبة ومسحت دموعها وهي تقول 
" انتهى. انت من تخلى عني. انت…" 
تلجمت ببكائها ليتحرك كي يقترب منها ولكنه تألم بحركته، فتحت لي لي عيونها الباكية بصمت وتحركت لتذهب لحضن سيلين لتمسح دموعها بيدها الصغيره بعد ان شعرت بحزنها.

اخذتها سيلين بحضنها وقبلتها ليزداد بكائها وهي تقول لها 
"لا تبكي. انا بخير لا تبكي" 
أصبح المشهد مؤلمًا على الجميع لم يستطع يوسف احتضانهم اكتفى بوضع يده الممسكة بيد زوجته على طفلته وهو يقول
 "لا يمكنكم فعل هذا امام المريض. وايضا احذركم من مشاركتي معكم والله سأجعلكم تندمون كثيرا فأن بدأت سأعوض سنوات عمري بأكملها ولا يمكن لأحد ايقافي"

جاءت انيسة للغرفة لتتفاجأ بالوضع نظرت إليهم وهي تقول بخوف
 " بسم الله الرحمن الرحيم. ماذا حدث لكم" ثم ثم نظرت ليوسف قائلة
" ماذا فعلت لهم؟ "
رن هاتف سيلين تحركت انيسة واعطته لها لتنظر هي للهاتف رافعه يدها لتمسح دموعها.

سكبت انيسة الماء واعطته لها ثم اخذت لي لي من حضنها وهي تقول 
" اشربي حتى تتمكني من التحدث "
تحركت سيلين قليلا بمكانها لترد على الهاتف وفور فتحها له بدأ شاهين حديثه ليطمئن عليها ويعتذر لعدم اتصاله بها، وصل صوته العالي الأجش ليوسف 
تحركت انيسة وهي تقول له بصوت منخفض
" سأنزل لإطعامها" 
وتحركت بالصغيرة وهي تمسح وجهها وتحاول اضحاكها.
ردت سيلين على المتصل قائلة
" أنا بخير شكرا لك. لا عليك انا ايضا انشغلت بعدها "
صدمها شاهين عندما قال
" أخبرني أورهان بيه انكِ ذهبتي لتأخذي اغراضكِ من منزل يوسف. فاتصلت لأسأل هل عدتي ام أتى لاصطحابكِ بطريق العودة" 

حرك يوسف يده وتملك يد زوجته بقوة وكأنه يدافع عن روحه او وكأنه يجيب عليه انها لي.
نظرت نحو يد زوجها القابضة على يدها بقوة مجيبة على شاهين
 "شكرا لك سأعود بمفردي" 
ناصر شاهين عليها وهو يقول
" بالأصل أنا بالجوار دقائق وسأكون أمام المنزل تجهزي من الان "
نظرت لوجه زوجها وهي ترد على شاهين قائلة
 " أعتذر لك لقد اخبرتك سابقًا لا يمكنك اصطحابِ بسيارتك لأي مكان شكرا لك" 
جاءت لتغلق المكالمة ولكنه اوقفها بحديثه حين قال 
"ومتى ستسمحي لي بهذا. يعني متى ستنهي وضعك مع يوسف لقد طال كثيرًا"
ارتبكت من حديثه وخاصة من وضع يوسف بجانبها وازدياد ضغطه على يدها المعبر عن ازدياد غضبه.
 ردت سيلين عليه بتوتر
" اخبرتك سابقًا انا لا اشارك حياتي الخاصة مع اي احد. وايضا انا مضطرة ان اغلق الهاتف الان اعتذر منك" 
أغلقت سيلين الهاتف وهي صامتة سحب يوسف يدها نحوه و وضعها على صدره وهو يقول " انا السبب بتماديه، اعتذر منكِ" 
تحركت لتبتعد عنه وهي تقول 
" تأخر الوقت عليٌ ان اذهب "
أسرع بالرد عليها 
" لا تذهبي. لا تتركينا وتذهبي. لا يمكننا بدونكِ"
نظرت لعينيه وهي تستمع لتكملة حديثه
" لأجلنا، ابقي لأجل صغيرتنا، لأجل احلامنا، سأكون حسن ويوسف وكل ما ترغبين به يكفي ان لا تذهبي "

حركت سيلين يدها وسحبتها من يده وهي تتحرك مبتعدة عنه بصمت.

نظر لأرجاء الغرفة يحاول أن يفكر بأي شيء يجبرها على عدم الذهاب، وقبل خروجها من الغرفة تحدث  بسرعة
"لن أأخذ علاجي ولن أتناول طعامي ان ذهبتي" 
( كنت اتوقع من يوسف ان يكون اكثر حكمة وترتيبًا بكلامه واعتذاره وتراجعه عن ما فعله وقاله ولكنه أدهشني حين تحول من رجل قوي ذو مكانه و وضع بالشركة والحياة العملية إلى رجل اصبح اسير قلبه يتحدث دون ترتيب ودون تفكير فقط يتحايل على عمره وسعادته ان لا تتركه وحيدا وتذهب) 

ردت سيلين عليه 
 " لا تخلط الامور ببعضها عليك ان تأكل وتأخذ ادويتك لأجل ابنتك فانت مجبر على هذا يكفيها ما مرت به. دمت سالمًا" 
خرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها دون السماح له بالرد، نزلت للأسفل مختنقة بحديثه ونظراته.
 دخلت المطبخ وهي تنظر للصغيرة التي أصبحت مستسلمة بيد انيسة دون الركض والطلب منها اطعامها كالسابق.

اقتربت  من لي لي وحملتها من على ارجل انيسة وهي تقول لها "  سأكمل أنا إطعامها" 

تفاجأت سيلين بقوة احتضان الصغيرة لها بمجرد وضعها بحضنها.
ردت انيسة على سيلين وقالت
" حسنا وأنا سأجري مكالمة مع ابني محمد فكان يتصل بي ولم استطع الاجابة عليه" 

جلست على المقعد وبدأت بإطعامها وهي تلعب معها كالسابق حتى نجحت برسم البسمة على وجه لي لي مجددًا.
 وبعد مرور وقت قصير جاءتها انيسة وبيدها صينية الطعام قائلة 
" حان موعد طعامه "
نظرت سيلين للطعام ثم نظرت للأعلى وهي تقول لها "لا تخبريه بوجودي" 
أومأت انيسة رأسها مجيبة 
" كما تريدين يا ابنتي" وصعدت للأعلى 

توقعت أن يسألها يوسف عن زوجتها هل ما زالت متواجدة في المنزل ام ذهبت ولكنه لم يفعلها ظل صامتا يأكل دون كلام ولا اسئلة.

عرضت انيسة عليه أن تطعمه بيدها حين رأت صعوبة اعتماده على نفسه ولكنه رفض وهو يقول " علي أن أعتاد"
خرجت انيسة من الغرفة لتجد سيلين بجانب الباب تراقب الوضع، صمتت امام حزنهم وتحركت لتنزل للأسفل.
ظلت سيلين بمكانها تنظر نحو يوسف ومحاولاته في تناول طعامه بيده اليسرى التي كانت تؤلمه كلما رفعها.
لم تتحمل وضعه كثيرا وخاصة عند سقوط الطعام منه لأكثر من مرة، دخلت الغرفة دون النظر له صعدت بجانبه على الفراش ممسكة بالملعقة من يده لتبدأ إطعامه دون كلام ولا اهتمام لنظراته الفرحة المبتهجة.

تحدثت بحده وقلب لا زال حزين منه
 "بقيت لأجل لي لي لا استطيع تركها وهي بهذه الحالة. قلت هذا كي لا تعتقد انه لأجلك"

اومأ رأسه مجيبًا عليها 
" أيًا كان السبب يكفيني انكِ أمامي وبجواري" 
ابتعدت عنه قليلا و وضعت الطعام بفمه حتى لا يكمل حديثه، ابتلع الطعام وجاء ليتحدث جملته ولكنها اسرعت مرة اخرى بإطعامه.
وجدت هذه الطريقة مناسبة كي تمنعه عن التحدث واخجالها، انتهى طعامه لتتحرك من جانبه قبل أن يتحدث ولكنه امسك يدها قائلا 
" سلمت يداكِ"
تحركت دون النظر له ولا الرد عليه وخرجت من الغرفة مبتسمة فلقد عادت إليها روحها من جديد. 
 ولكن من الواضح أن هذه المرة مختلفة وكأنها أقسمت أن تكون عودة بلا رجعة.

توعدت أن تجعله  يندم على كل ما فعله وخاصة قوله انه سيسلمها بيده وسيهديها بدلة زفافها قبل مسامحتها له.

( ايوه بقى علميه الادب وخاصة سأسلمك بيدي عشان كان قرب دبنا يجلط البنات بيها 😂. كان من اجمل التعليقات على القصة لبنت لا اتذكر اسمها كتبت وكأنه قابض على حرامي و عايز يسلمه 😂😂😂😂) 

بصباح اليوم التالي انتظر يوسف قدوم زوجته لغرفته بطعام الفطور ولكنها تأخرت والأكثر من هذا جاءته انيسة بطعامه.

سألها عن زوجته لترد عليه قائلة 
"لقد حضرت لك الشطائر وخرجت بعدها لتصطحب لي لي للحديقة المجاورة. ولكن لا تقلق الشطائر خفيفة ولن تتعبك بتناولها كما قالت هي" 
خرجت انيسة من الغرفة وهي تضحك على حالة يوسف و حزنه انها خرجت وتركته، لم يستطع التذمر على الشطائر المحببة لقلبه لذلك بدأ يتناولها وهو يستمتع بطعمها

أما هي فكانت تجلس بالحديقة مبتسمة تقول لنفسها
" لن تحصل على كل شيء بسهولة كالسابق. ان اردت ان تكون حسن فعليك أن تصبر كصبر حسن "
 
غضب شاهين على العاملين بشركته، أخرج ما بقلبه وعدم قدرته على التركيز بعمله بعد أن اختل توازن تفكيره وخططه بمجرد معرفته  بقائها بمنزل يوسف أمس. 
كان الخبر مزفوفًا له من قبل غمزة التي حاولت جاهدة أن تكسب قلبه.
 
فرحت فضيلة بسماع هذه الأخبار من انيسة فكرت قليلا ثم قالت لنفسها 
"هذه المرة لا يمكنني الوقوف صامتة"
 
امسكت هاتفها لتعيد الاتصال بأنيسة قائلة
 " علينا أن نفعل شيئًا "

عادت سيلين على موعد دواء يوسف منصدمه بخبر سقوط انيسه في غيابها و وجود ابنها محمد بجانب سيارة تاكسي بالخارج ينتظرون خروجها.

ودعتها متمنيه لها سرعة الشفاء ثم صعدت للأعلى من جديد بعد أن فتحت التلفاز لصغيرتها على فيلم كارتون محبب لها.

دخلت عليه الغرفه قائلة دون مقدمات
 "هل اتصلت بها كي نطمئن عليها لا استطيع تخطي حالتها وتألمها وهي تخرج من المنزل ياليتنا لم نذهب للحديقة"
 
رد يوسف عليها وقال 
"أخبرني محمد انهم بطريقهم للمشفى" 
أومأت برأسها وقالت 
" ارهقت كثيرا بأخر فترة وايضا بهذا العمر كيف تتحمل عبء طفلة وإعداد طعام كان عليك أن تنتبه لها أكثر من ذلك"

دخلت لي لي الغرفة وبيدها لعبة على شكل دب وصعدت الفراش بجانب والدها وهي تقول له " بابا دب ". 
ضحك يوسف كما ضحكت سيلين بخجل عليها، مرت عدة أيام مجهدة على سيلين لاضطرارها تحمل كل مسؤوليات المنزل و الطفلة وابيها بمفردها حتى انها نسيت الشركة ودنيا الأعمال. 
ما زالت تتعامل مع يوسف بحذر وقوة وما زال هو يحاول الاقتراب منها والتحدث معها حتى أنه حدثها بأمر أبيها ليسألها عن شعورها وكيف استطاعت تخطي الامر ام انها مازالت متأثره به.
 
ردت عليه لتفاجئه
 " سامحته بحقي. لقد كان دومًا ابًا حنونًا مهتمًا لم اشعر بجانبه سوى بالحب والحنان وخوفه الدائم عليٌ. من الممكن أن يكون ليس بأبي الحقيقي ولكنه كان لي أكثر من هذا. وايضا عند تذكري لصغيرتنا وكيف تعلق  قلبي بها و كيف امتلكتني بحجمها الصغير تأكدت ان لا حاجة لنا لصلة الدم كي نحب و نتعلق بأطفالنا. بالطبع كما نسمع ونرى آباء حقيقيون يكونون سببًا بإنهاء وإظلام حياة أبنائهم"
ايدُها يوسف فيما قالته وزاد عليه بقوله 
"هل تعلمين لماذا تعلقت بكِ بأول الامر. يعني اقصد تعلقي بكِ ايام حسن"
هزت رأسها بالنفي، ليكمل قائلا
" كنت حينها لا اعلم انه حب ولكن اتضح فيما بعد ان قلبكِ النقي و فطرتكِ الطيبة و روحكِ الجميلة سر ارتباطي الروحي بكِ فأنتِ بكل مرة كنتِ تثبتين لي انكِ مختلفة تمامًا عن الجميع وكأنكِ ملاك ولدتي بقلب أبيض لا يعرف معنى للكره والحقد" 
خجلت سيلين من حديثه المعسول مالت برأسه على كتفها الأيمن بدلع ليتراقص شعرها خلف ظهرها وهي تنزل من على الفراش.
سحرته بحركتها تمسك بها وطالبها أن تجلس بجانبه وقت إضافي ولكنها تدللت برفع كتفها وصوتها المفعم بالهيام 
" لم ينتهي عقابك بعد " 
قالتها لتهرب بعدها من الغرفة.
لم يستطع اللحاق بها فإن كان لديه القدرة على الحركة ما تركها ولو لثانية حتى كسب رضاها، فكر كيف يقنعها بالنوم بجواره على الفراش كالسابق دون أن يصل لشيء.

عادت بعد ساعة تقريبًا لتضع الملابس النظيفة في الخزانة لتجده يتألم من قدمه اهتمت به ودهنت المسكنات موضع الألم ليجد هو حجته التي أبقتها بجانبه أكبر قدر ممكن.
عادت لترتدي ما يسلب عقله منه ليزداد صعوبة العقاب عليه، مرت خمسة أيام على خروجه من المشفى أصبح يتحرك على حذر داخل المنزل بعد أن تحسنت الرضوض التي بأرجله مع العلاج والمساج للعضلات ولكن ما زالت يده تتحرك بحذر وبشكل بطيء.
تذمر على بقائه وحيدًا بغرفته متخذًا من اريكة الصالون فراشًا له حتى يستمتع بوجودهم حوله طوال اليوم.
عاد الأسد ليستمتع بالنظر لجمالها وشعرها ومع دلاله الزائد بمرضه وبالمقابل حدتها واصرارها باستمرارها عقابه إلا أنه نجح بإجبارها على ترك شعرها طليقًا خلف ظهرها دون قيود.

كما عادت الفرحة والضحك والسعادة للمنزل لتعود معهم سهراتهم بجانب لي لي و الغناء لها، وفي ظل هذه الأجواء كان لهوليا نصيب كبير من رؤية ولمس صلحهم وحبهم القوي.

جلست سيلين بجانب زوجها لتطعمه الفواكه في فمه قائلة لهوليا 
"لأجل صحته عليه أن يهتم بنفسه كي يعود لسابق عهده "
اندهاش يوسف من جرائتها واقترابها منه وتحدثها بكل أريحية مع هوليا، سلبت عقله بفستانها وعطرها لصبح كطفل هادئ يتبع تعليمات والدته لا يصدر صوت اثناء الطعام  يفتح فمه لتناول الفاكهة  دون كلام أو اعتراض كالعادة.
(اعلم انها تغيرت وان تغيرها لم يحدث بشكل فجائي فهي من لحظة تجرأها وطلبها الزواج منه بالشركة وهي تصعد سلم التغير والقوة) 

لم تتحمل هوليا إطالة الزيارة أكثر من ذلك لرؤيتها لجمالها وتدللها على يوسف مما افقدتها هدوئها النفسي.
تحججت بأن زيارة المريض قصيرة وذهبت بعد ان ودعت ابنتها ووعدتهم بتكرار الزيارة.
 
تمنى يوسف أن لو لم تذهب هوليا من منزلهم بل وتمنى ان تنتقل لتستقر معهم وخاصة بعد عودة سيلين لحدتها وقوتها فور ذهاب ضيفتهم.
نظر لوجهها متسائلا 
"ما رأي بأن نطلب من هوليا الانتقال لمنزلنا"
تغيرت ملامح وجهها ليضحك قائلا 
"لا لشيء غير الاستمتاع باهتمامك بي بجانب طبعا  وجهك المبتسم بجواري طوال الزيارة"
ابتسمت خجلًا منه وقف واقترب منها وهو يتغزل بها وبجمال فستانها، لتتهرب منه مرة بأعمال المطبخ ومرة أخرى لاعتنائها بصغيرتهم. 
لم يتركها بعد أن تملك قلبها من جديد، اصبح يدور بجوارها أينما ذهبت يذهب خلفها يحاول احتضانها ومداعبة شعرها رغم هروبها الدائم ومحاولة زيادة فترة عقابه.






الليالي المظلمة الفصل الثالث والثلاثين
Wisso

تعليقات

8 تعليقات
إرسال تعليق
  • غير معرف12 فبراير 2025 في 12:28 ص

    روعه تسلم ايدك حبيبتي

    حذف التعليق
    • غير معرف12 فبراير 2025 في 2:57 ص

      جميل جدا يا لولو تسلم ايدك

      حذف التعليق
      • غير معرف13 فبراير 2025 في 1:31 ص

        اه اه من ابن أمينة وعمايله خليها البنت سيلين تعلمه من اول وجديد ههههههههه

        حذف التعليق
        • Amany Ahmed14 فبراير 2025 في 12:20 ص

          ايوة لااازم يتعاقب عارفة ياسيلين ده لازم يعملوا له استدعاء تانى للجيش دخلية الجيش تانى ياسيلين يستااااهل🤣🤣🤣🤣

          حذف التعليق
          • Amany Ahmed14 فبراير 2025 في 12:38 ص

            تمثيلية مرض أنيسة أبلة من تأليف خالتوا فضيلة وتمثيل أبلة أنيسة 🤣🤣🤣

            حذف التعليق
            • Amany Ahmed14 فبراير 2025 في 12:40 ص

              كان لازم التدخل النسائي لحل مشكلة البعد والتقرب بين الاحبة مادام مش فاهمين او بيعاندوا او بيستعبطوا يبقى الكبار يدخلوا🤣🤣🤣🤣

              حذف التعليق
              • Amany Ahmed14 فبراير 2025 في 12:44 ص

                هم عارفين ومتأكدين من حبهم ومن عذاب قلوبهم بس هى بتعاند معاه وبالقوة ماهو تعب قلبها بغباوتة 🤣🤣🤣🤣🤣

                حذف التعليق
                • Amany Ahmed14 فبراير 2025 في 12:54 ص

                  صعبان عليا لى لى الطفله البريئة لاذنب لها وجعني استلامها للوضع بحزن وصمت لأن لا حول لها ولا قوة وهى السبب الأول لعودة سيلين و حب يوسف الدب طبعا

                  حذف التعليق
                  google-playkhamsatmostaqltradent