رواية الليالي المظلمة
بقلم أمل محمد الكاشف
عادت فضيلة من فرنسا لتعود البهجة والسعادة لأورهان ليكن أول لقائهم بمنزل يوسف على العشاء، لم يتحمل يوسف نظرات أورهان والكلام المبطن الموجه لخالته.
قاطع انسجامهما أكثر من مرة، حذرته سيلين ان لا يتدخل بينهما.
تمادى اورهان وفضيلة باحاديثهم حتى اصبحت سيلين لا تستطع إخفاء ضحكتها بسبب التعابير المختلفة على وجه يوسف المنصدم مما يحدث امامه.
خرجت فضيلة للحديقة كي تُجلس لي لي على ارجوحتها، تحجج أورهان وخرج خلفها لاستنشاق الهواء.
ذهب يوسف بجانب سيلين بالمطبخ وهو يقول لها
" ما الذي يحدث حولنا هل احلم او يخيل لي أم انهم حقًا"
ضحكت بصوت خافت متحدثه وهي تقلد اورهان قائلة
"ليكن بعلمك من بعد الان لن اسمح لكِ بتركنا والذهاب لأي مكان كان"
اقترب يوسف منها وهو سعيد بتلك الضحكة الجميلة مجيبًا عليها بصوت خالته
" لقد وعدتك انها ستكون الاخيرة"
ازداد ضحكهم وقربهم اكثر ليجد يوسف فرصته المنتظرة
"اعتذر منكِ انا لم اقصد احزانكِ. ولم استطع ان اكون سببًا به. كما قلت لكِ انا فقط لم اكن اعلم ما عليٌ فعله. خفت وتخبطت وفكرت بشكل خاطئ. ولكن كان جميعهم لأجلكِ فبرغم كل مخاوفي لم استطع التخلي عنكِ. ذهبت للمحكمة دون تفكير بالعواقب وتحدثت أمام الجميع للإفصاح عن لقائنا الأول وطبيعة زواجنا بكل قوة ورضا. حينها علمت وأيقنت انكِ كل شيء لي بهذه الحياة، حينها علمت انني لن استطيع العيش بدونكِ. أردت أخباركِ بهذا لأكثر من مرة ولكنكِ تعلمين وضع الدب اقسم انني اصبحت اخاف ان اتكلم كي لا يترجم لساني عكس ما بعقلي"
تحركت مبتعدة عنه
"لا داعي لتكرار نفس الكلام. لن تستطيع إنهاء عقابك بهذه الطريقة "
سحبها ليقربها من جديد قائلا بصوت منخفض
"عليكِ ان تتنازلي قليلًا. انتِ تريين ما يحدث حولنا جيدا. فعلى الأكثر بعد يومين من الآن وستأتين لتطلبين مني يد العروس وحينها سأرفض ومن الممكن أن أسن عدة شروط أولها إنهاء عقابي هذا "
نظرت سيلين نحو باب الحديقة وهي تسأله
" ولماذا سترفض ألم ترى سعادتهم "
اقترب من اذنها وهي بين يديه ليقول
" أليس مؤسف على سنوات شبابي التي تهدر بالعقاب"
( تصدق انك تستاهل 😂😂ده كلنا فرحانين في عيلتك مش فيك بس🙈)
ابتسمت سيلين قائلة له
"لأنك استحقيت هذا وأيضا ألم تقل ستسلمني لمن يستحقني. فلننتظر إذًا حتى يأتي من يستحقني"
رد سريعا عليها
"ولكنِ غيرت رأيي. ألم اخبركِ بالأمس أني سأسلم من يرفع نظره عليكِ لقبره قبل أن يفكر بالاقتراب منكِ. لا أحد يستحقكِ غيري. بالأصل لن تجدي قلبًا يحبك كقلب حسن"
ابتسمت سيلين مبتعدة عنه مجددًا.
تحدث مرة اخرى بعيونه الفرحة
" ألم تشتاقي لجلسات العلاج "
(الواد ده فاهم الرومانسية غلط وربنا عنده عطل في الاعدادات 🤦♀️🤦♀️ هلكت معاهم مش عارفه اخلص الليلة 😂😂 ما كنا ماشين صح منك لله يا أمينة ديه خلفة تخلفيها 😂😂 وكأنه حالف يمين عظيم ليجلطنا😂😂).
عادت لحدتها مجيبه عليه بكل قوة
" انا لستُ مريضة. و لستُ بحاجة للعلاج وايضا لا يمكنك أن تكون حسن".
رد عليها بنفس سرعتها قائلا
" انا المريض هذه المرة أشعر بحاجتي الملحة للعلاج الروحي كي اتعافى به" رفع يدها و وضعها على قلبه مكملا
"اريد علاج لاشتياقه لحبيبته فلقد مرض من كثرة شوقه وحبه وعقابها له"
رفضت بدلع وهي تهز رأسها وترفع كتفها قائلة "هو من فعل هذا بنفسه فليتحمل"
( اثبت ياوحش هههه يتمنعن وهن الراغبات😂😂)
تحدث يوسف بصوت عاشق ولهان مقرب وجهه من وجهها قائلا
" وهل سيهون عليكِ"
تقاربت الأوجه وتلامست اغمضت عينيها مستسلمة لقلبها بعد ان فشلت أمامه هذه المرة. كاد أن يقبلها لولا وصول لي لي للمطبخ ومناداة أورهان على يوسف، ابتعدت سيلين وهي ترد على أورهان قائلة
" افندم ابي العزيز "
مسح وجهه وهو يقول بغضب
" ليست الأولى وكأنه يتقصد اغضابي "
تحركت هاربة للخارج ليتحرك يوسف خلفها منصدمًا بما انصدمت زوجته به
حين رأوا يد فضيلة مرفوعه بوجههم كي تريهم خاتم خطوبتها قائلة
" لقد طلب مني وانا وافقت"
ابتسم يوسف وقال
" هكذا بدون الرجوع لي"
رد اورهان
"اعتذر انا لم اقصد شيء كما أنني أثق بقدري لديك"
زادت ابتسامة يوسف وهو يقول
" كان عليك ان تطلب بالأول كي ترى قدرك بنفسك "
ضحكت سيلين وهي تفهم عليه ثم تحركت لتحتضن فضيلة وتبارك لها.
تحرك من بعدها يوسف كي يحتضن اورهان قائلا
" ولكنِ سأخلص حقي منك لا تنسى هذا "
لم يفهم أورهان هز رأسه وهو يبتسم ففرحته جعلته لا يركز مع أحد
انتهت أجواء العشاء الجميلة وقفت فضيلة وقالت
"استأذن منكم يكفي بهذا القدر "
وقف يوسف كي يمنع ذهابها لغرفة الفندق متفاجئ بتحدث أورهان وإصراره على إيصالها كما جاءا.
ضحك وهو لا يصدق ما رأه وخاصة جرأة اورهان و تدلل خالته امامه .
ضحكت سيلين بتخفي فنظراتهم وحركاتهم وكلامهم الزائد عن الحد.
رفضت فضيلة البقاء بمنزل ابن أخيها وتحركت بجانب أورهان ليذهبا سويا كما أتوا سويا.
استدارت سيلين وهي تبحث بأعينها عن لي لي لتجدها نائمة بمكانها على مقعد الصالون،
تحركت نحوها وهي تقول
" هذا ما يحدث عندما تركضين بشكل زائد"
انحنت لترفعها ليوقفها زوجها قائلا
" انتظري انا من سيحملها و يضعها بفراشها"
نظرت له باستغراب قائلة
"لا يمكنك حملها بوضع يداك "
لم يقتنع بحديثها اراد مساعدتها فهي تعمل منذ الصباح دون توقف، رفضت نهائيًا قائلة له
" سيكون هذا اخر عمل لي اليوم، سأضعها بفراشها وانام بجانبها حتى انني سأنام دون تبديل ملابسي"
اقترب منها وهو يجيبها قائلا
" كيف ستنامين بجانبها. ألم ينتهي عقابي "
حملت لي لي بين يديها وتحركت مسرعة نحو الدرج كي تهرب منه وهي تقول
"لا لم ينتهي"
ليرتفع صوت يوسف من الخلف قائلا
" ولكن هذا ليس عدلا. ستجعلين الشخص يفكر أكثر من مرة قبل ان يخطأ او حتى يتحدث"
وقفت سيلين في منتصف الدرج واستدارت لتقول له
" نعم ستفكر جيدا قبل احزان الاخرين "
وتحركت لتصعد درجين و استدارت مرة اخرى لتكمل قائلة
" وايضا قبل اتخاذ قرارات كبيرة"
كان يشاهدها من الاسفل وهو سعيد بحالتها فكان يكفيه أن يراها أمامه تتدلل عليه ليبتهج قلبه المحب لها.
تحرك ليطفئ الأنوار كما أغلق باب نافذة الحديقة ثم أخذ الهواتف خاصتهم من اعلى الطاولة وتحرك للأعلى.
دخل غرفته وبدل ملابسه بوجهه الفرح نظر للفراش ثم نظر نحو غرفة ابنته وفكر قليلا ليمسك هاتفه الذي كان بجوار هاتفها واتصل بها وهو ينتظر خروجها دون جدوى.
اخرج هاتفها و وضعه بالصالون العلوي وعاد ليدخل غرفته مكرر اتصاله مرة اخرى ليكن هذه المرة رنينه بصوت اوضح.
خشيت من استيقاظ الصغيرة تحركت وخرجت من الغرفة تبحث عن هاتفها لتجده هو المتصل ابتسمت ونظرت نحوه لتقول
" انت تعلم جيدا ماذا كان سيحدث ان استيقظت الآن"
أومأ برأسه
" على الاقل لن امضي ليلتي وحيدا"
صمتت وهي لا تعرف بماذا تجيبه ليقترب هو منها ويقول
" هيا لننام سويا لقد مللت من النوم وحيدا"
خجلت منه وهذا ما جعلها تعترض مشيره لغرفة لي لي، قاطعها بيده التي حاوطتها وقربتها منه ليبدأا رقصتهم
لم تكن رقصة فقط فسرعان ما تحولت لحضن جميل مغلفًا بكلماته الجميلة
تسمرت سيلين داخل حضنه لم تستطع مشاركته الحضن ولم تستطع الابتعاد عنه وخاصة بعد سماع كلامه الجميل الصريح فهو حقا العاشق المشتاق لحبيبته.
واي حب واي اشتياق فكان حبهم و زواجهم و ارتباطهم الروحي مختلفا كثيرا عن اي قصة تنشأ بين زوجين.
تدللت برفضها النوم بجانبه لم يكن دلال أكثر من خجل تحركت من بين يده قائلة
" تأخر الوقت"
لم يستمع لما قالته بعد ان سحرته بقربها منه.
انحنى ليحملها بين يديه ولكنها رفضت خوفا على يده، تحركت لتهرب منه وإليه حين دخلت غرفتهم بلحظة سيطر خجلها عليها وجعلها تختار الباب الأقرب منها لتختبئ به، انار وجهه وهو يسير خلفها بسرعة فرحته وسعادته.
استدار لينظر نحو باب غرفة ابنته هو يغلق بابه بالمفتاح بهدوء وحذر.
استمر على وضعه وثباته دون حركة ينظر للباب بعيونه المضيئة الفرحة وقلبه الذي شعر بقربها من خزانتها وكأنه رأى ذلك الفستان الذي أخرجته لتبدل ملابسها به.
اغمض عينيه ليستمتع بمشاعره ولهفته للنظر لها، تحدث وهو على حالته قائلا
"هل أنتهيتِ من تبديل ملابسك"
خجلت مسرعة نحو الحمام ليستدير ببهجته رافعا شعره للوراء وهو يحدث نفسه
"الحمدلله رب العالمين"
ابتسم متعجبًا مكمل حديثه بنبرة التعجب
"سبحان مغير الاحوال لم أتوقع حينها أنه سيأتي علي يوم احمد الله فيه على دخولي السجن وابتعاد زوجتي عني، صدق أبي أورهان ابتلاني الله ليقربني منه وينجيني من حياة لا طعم ولا رضا لله بها، ابتلاني كي يسوق لي الخيرات الكثيرة جزاء صبري، اللهم لك الحمد والشكر"
خر يوسف مكانه ساجدا لله شكرا على نعمة السعادة ورزقه بزوجته واستقرار حياته والنعم الكثيرة التي يتغمد بها جزاء صبره وتمسكه بقيمه ومبادئه ودينه في أصعب مراحل حياته، فإن كان انساق لطريق الحرام ما كان ذاق للحياة طعم او لون سوى الحزن والدمار والنهايات المأساوية.
مرت ساعات الليل بكل حب وسعاده ولطف وتنعم بالحلال الطيب لتشرق شمس يوم جديد معلنة انتهاء الليالي المظلمة وبداية الأيام والليالي المضيئة.
استيقظ يوسف بوجه ضاحك فتح عينيه ونظر بجانبه مقتربًا منها ليحتضنها كي يكمل نومه بسعادة كبيرة.
استيقظت سيلين بعد ساعتين من نومه لتجد نفسها بهذا القرب منه وقد اصبحت زوجتة بشكل كامل، خجلت من حالته و وجهه الضاحك بنومته وكأنه مستيقظ ينظر لها.
تحركت بهدوء وهي تأخذ فستانها الزهري من اسفل غطائهم بعد بحثها المطول عليه و
ارتدته متحركه نحو الحمام هاربة منه.
فتح عينيه فهو حقا مستيقظ كما شعرت به ولكنه اعتاد أن لا يصرح باستيقاظه قبل هروبها.
اخذ نفسا طويلا واخرجه براحه وسعادة كبيرة اختفت ملامحها من على وجهه فور سماعه صوت بكاء صغيرتهم خلف الباب.
ليضع يده على عينيه قائلا
"لا زال الوقت مبكرا يا أبتي"
توالت الأيام الجميلة ليمر ثلاث شهور من اجمل واسعد ثلاث شهور بحياة الزوجين.
بهذه الفترة وبعد تردد وتفكير كثير قررت هوليا العودة لممارسة اعمالها بأمريكا وخاصة بعد مسامحتها لجان على تركه لها وقت مرضها و وعده لها أن يتزوجا فور وصولها امريكا.
ليكون توديعها لابنتها هذه المرة بمرارة وصعوبة اكثر من اول مرة فحقا هذه المرة تركتها وكأنها تترك روحها معها، فلقد تعلقت كثيرا بها، طلبت هوليا من يوسف ان يعيدها إليها على وعد انها ستنتبه لها و تضعها بعينها كما وعدته ان لا تعود مجدد لحياة الليل والشرب
رفض يوسف ترك ابنته بعد أن فاز بحضانتها لتسافر هوليا حالمه بالنجاح والتميز من جديد.
..........
وفي صباح احد الأيام وفور خروجهم من منزلهم كي يذهبا للشركة تفاجئوا بعدد كبير من السيارات السوداء الحديثة تتوقف أمام أعتاب مدخل المنزل.
قلق يوسف حين رأى حالة رجال الحراسة الخاصة ذو الزي الأسود الموحد وهم ينزلوا بإعداد كبيرة من السيارات.
تحدث لزوجته على الفور
"امسكِ لي لي و ادخلي المنزل بسرعة، أبلغي الشرطة إن حدث أمر معاكس، لا تفتحي لأحد معها كانت التهديدات"
قالها بسرعة وخوف لترفض هي الدخول فور رؤيتها لشخص ذو هيبة يخشاه الرجال ينزل من سيارته مقتربا من زوجها.
عاد ليأمرها بالدخول حتى امسكها من ذراعها ليرغمها على تركه خوفا عليها هي وابنته.
تحدث نعمان افاي فور اقترابه قائلا ليوسف
"لا داعي للخوف نحن لم نأتي لشر"
رفع نظره على سيلين لتتغير ملامح وجهه وهو يكمل
"جئت لاعرفك على ابن أبيكِ الحقيقي"
استغربت لقوله ابن أبيكِ لم يطمئن يوسف حتى رأى هويته وكنيته المشابهة لكنية زوجته الجديدة ثم نظر للرجال من خلفه، ليتحدث نعمان طالبا منه أن ينفرد بهم في الداخل لعدة دقائق.
تحركت سيلين لتستقبل أخيها بتوتر وقلق.
حن قلبها لصلة الدم بينهم فيكفي تقارب ملامحهم ولون وصفات شعرهم لتتأكد من صدق حديثه بجانب نظرات عيونه الحنونة وهو يحدثها.
تفاجأوا بحديثه القوي عن سرحات وفايزة مصرح امامهم انه وراء قتلهم بالسجن ثأرا لشرف أخته متواعد بالموت لكل من يقترب او ينظر إليها من الان وصاعد.
اتسعت اعين يوسف وهو يراجعه بالحديث
"كيف قتلتهم انا لم افهم عليك، هل مات سراحات وفايزة"
وكل قوة وثقة أومأ برأسه
"انتظر عدة ساعات حتى تتأكد بنفسك من الخبر جميعا يعلم الوقت الذي يستغرق للاعلان عن واقعة كبيرة حدثت بنفس الوقت والترتيب والأداء القوي رغم شدة القبضة الامنية"
وقف يوسف وهو يغضب عليه
"ماذا تقول انت، هل تسمع اذنك ما يخرج من فمك، وكأنك تتحدث عن موت دجاجتين بقفص أحد المتاجر"
وقف نعمان هو ايضا بملامح مستاءه من حديث يوسف عن المبادئ والشرف ودولة القانون وقدرته الكبيرة بالحفاظ على عائلته من اشباهه.
اخرج نعمان السلاح من خصره لتقف سيلين امام زوجها صارخه، خبئه بسرعة وخوف وعيون تعكس هيئته المخيفة فكيف يجمع الإنسان بين الرحمه بعينه والقوة المخيفة في ظاهره.
تحدث ليطمئنها
"اخرجته لاتوعد لكل من يقترب منك بسوء، لا يمكن لأحد أن يأذيكِ وانا على قيد الحياة"
وقف يوسف امامه ليحسم هذه المهزله طالبا منه ان يخرج بلا رجعة فلا يمكنه ان يسمح لقاتل بدم بارد ان يقترب من عائلته.
انتهى حواره بكلماته القوية
"استطيع بقوتي ونفوذي ان احمي عائلتي من امثالكم قبل أي أحد اخر"
غضب نعمان مما يقال له تحمل لأجل اخته والا ما كان تركه يعيش ولو للحظة
مد يوسف يده نحو باب منزله
"الزيارة انتهت اامل ان لا تكررها كي لا تأخذ ما تستحقه بالمرة المقبلة"
نظر لعيون اخته الباكيه قائلا
"ان كان شخصا اخر كنت عاقبته على هذه الدموع"
ردت بخوف
"انهم كل ما أملك بهذه الحياة رجاءً لا تقترب منهم بسوء"
تحدث يوسف لزوجته بقوة
"لا تتحدثي مع هذا المجرم"
تحرك نعمان وهو يرد على أخته
"يكفي ان تأمري لأنفذ ما ترغبين به، اعتذر لعدم وجودي بجانبك في ايامك الصعبة"
خرج على عجلة من أمره حتى لا يضعف أمامها أكثر من ذلك.
تتبعه يوسف حتى اطمأن على ذهابه هو وكل من بعده اغلق الباب ودخل سريعا كي يجلس بجانب زوجته ضاممها هي وابنته بحضنه
وقال "ما كان هذا الآن؟ كيف قتلهم؟ ام انه يمزح معنا"
فتح هاتفه ليتصل بقسم الشرطة منصدما بحقيقة ما لم يعلن للإعلام بعد.
حضرت الشرطة للمنزل على الفور ليستجوبوا يوسف وزوجته عن زيارة وحش الظلام لهم، انصدمت سيلين لمعرفتها حقيقة أخيها وعدم استطاعت الشرطة القبض عليه لعدم ثبات جريمة عليه.
أخبر يوسف الشرطة عن وضع كاميرات الترقب الخاصة بمنزله وتحرك بجانبهم ليشاهدوا ما حدث لعل تستطيع الشرطة القبض عليه بتهمة القتل العمد والاعتراف به.
كانت الصدمة كبيرة على يوسف حين تفاجأ بتعطل الكاميرات وعدم تسجيلها أي جديد من يوم أمس.
تحدث المأمور
" هذا هو بالضبط ما اخبرتكم عنه قبل قليل، نعمان افاي لم يترك عمله ناقصا ابدا وهذا ما يجعلنا ندور حوله منذ سنوات دون الإمساك به"
..........
علم أورهان بالحادثة وامتلأ قلبه خوفا على ابنته ليصدر قرارا حاسما بانتقال الزوجين لقصر الفولاذ كي يكونوا بمأمن حتى يتم القبض على نعمان.
أيدت فضيلة قرار اورهان واعطته الحق به ليتم ذلك رغم عن يوسف الذي توعد لنعمان وأمثاله
"ليأتي مرة أخرى لاريه حجمه الحقيقي، لسنا بحاجة للانتقال كي احمي عائلتي استطيع حمايتها في منزلنا، سأعين حراسة مشددة على المنزل وسأفعل…."
قاطع أورهان حديثه بقوة
"وإن أتيت بحراسة العالم كله لم يرتاح قلبي وهي بعيدة عني"
صمت يوسف أمام إصرارهم وبعد شهر على الأكثر من هذه الواقعة تم تزين القصر لاستقبال العروس الجديد ملكة عرش سلطان الفولاذ بحفل صغير لم يحضره سوى المقربين منهم.
مرت الأيام بشكل سريع فلا زال يتعجبون كيف مرت سنتين بهذه السرعة. جلس أورهان وفضيلة على ضفاف البسفور أمام طاولة الفطور يشاهدون سويًا فيديوهات حفل زفاف غمزة وشاهين الذي أقيم بروسيا بشكل بسيط وجميل.
ضحك أورهان وقال
" واخيرا تزوجا! للحظة توقعت انهم سيعودان عن قرارهم بعد ان أطالوا الأمر كثيرا"
ابتسمت فضيلة مجيبه عليه
" ليس الجميع مثلك "
ضحك أورهان اكثر برده
"بل انني اندم على تأخري طيلة السنوات الماضية"
خرجت لي لي من باب القصر وهي تركض نحوهم بوجه ضاحك لتزيد من فرحتهم.
تحدثت فضيلة قائلة "انظر كم كبرت حفيدتنا ماشاء الله زاد طولها بشكل ملحوظ خلال السنتين"
ضحك أورهان وقال
"نعم كبرت وازداد طولها ولكنها ما زالت تركض وتتدلل اكثر واكثر"
وقفت بجانب طاولة الطعام وبدأت بتناول طعامها دون كلام فهي دائما تتحرك وتتحدث وتأكل سريعا كي لا تضيع وقت الركض واللعب وتدريبات السباحة المحببة لديها.
خرجت سيلين هي أيضا من باب القصر بوجهها الغاضب تسير بخطوات متعبة واضعة يدها خلف ظهرها مناديه على لي لي كي تعود لتبديل ملابس النوم.
ظهر يوسف من خلف زوجتة وهو يضحك على غضبها الذي أصبح شبه يومي، فمن النادر أن تبدل لي لي ملابسها عند استيقاظها.
كانت لي لي طفلة كثيرة الحركة شديدة الذكاء تعلم جيدا كيف تكسب رضا سيلين لتجعلها تضحك في منتصف غضبها عليها.
حكمت على صغيرتها العودة لغرفتها كي تبدل ملابسها ، ليرى الجميع لي لي وهي تصعد على مقعد مجاور كي تقبل بطن امها ومن ثم ارتفعت للأعلى لتقبل وجهها.
ضحك الجميع على صغيرتهم التي اخذت رضا امها راكضه بعدها لتبدل ملابسها وترتب فراشها.
تحركت سيلين بعدها لتجلس على طاولة الفطور بمساعدة زوجها الذي انحنى وقبل رأسها وهو يحرك يده على بطنها المنتفخ قائلا
" علينا أن نتفق معه من البداية. ممنوع منعا باتا أن يقلد اخته بأي شيء. وان تطلب الامر سنفصلهم عن بعضهما لتحقيق ذلك"
اسرعت سيلين بالرد السريع قائلة
" لا تقل هذا. لا فرقهم الله عن بعضهم طيلة عمرهم"
رد الجميع عليها قائلا "امين"
أتى إليهم صوت لي لي من شرفتها وهي تنادي قائلة
" امي ابدلت ملابسي هل أتي الآن"
استدارت وألقت لها قبلة بيدها مشيره لها ان تأتي إليهم لتدخل لي لي من شرفتها.
تحرك يوسف وجلس هو أيضا على الطاولة قائلا
" نـــعــم وككل يوم تنجح ابنتي بإرضاء امها بعد غضبها اتحداكِ إن كانت بدلت ملابسها كلها قبل خروجها من الشرفة"
تحدث أورهان ليقول
"اتركوا حفيدتي على راحتها وأخبروني هل تجهزتم جيدا للمفاجأة"
أومأت سيلين راسها بفرح
" وهل لنا الا نتجهز لهذا اليوم "
(كانت سيلين امً حقيقيه لصغيرتها ذات الشعر الذهبي الذي ما زال قصيرا. اصبحت بمكانة وقدر كبير بحياة لي لي وخاصة عند تخلي واهمال هوليا لها بعد سفرها بأشهر قليلة غارقة بحياتها واعمالها واحلامها)
جاء المساء ليتجمع الاصحاب والاحباب لحضور حفل ميلاد الاميرة الصغيرة ، جهزت سيلين احتفالا منظما مبهجا فرحوا ورقصوا الأطفال به مع الشخصيات الكرتونية الكبيرة التي حضرت الاحتفال.
اهتمت بالضيوف رغم شعورها بالألم الشديد، طلب يوسف منها الجلوس والراحة وترك الضيافة لمضيفات القصر ولكنها رفضت وأرادت أن تشارك ابنتها فرحتها دون تقصير.
اشتد تعبها عليها ليظهر على وجهها
زاد الم بطنها الذي أرادت أن تخفيه عن الجميع أكبر وقت ممكن كي لا تخرب الاحتفال
جاء وقت تقطيع قالب الكيك الذي على هيئة قصر الاميرات وقفت سيلين بجانب يوسف و ابنتهم بمنتصفهم مغمضة الأعين تتمنى قبل اطفاء الشموع كما قال لها ابيها.
فرح الاطفال بإطفاء الشموع وصفقوا اقترب يوسف من زوجته وهو يتغزل بها
"كوجه القمر يضيء ما حوله من حسن حظي انكِ ظهرت امامي لتنيري أيامنا وليالينا بقلبك المحب و وجهك المضيء"
لم يكمل تغزله بزوجته التي ظلت صامته تتحمل وتتحمل كي لا تخرب الحفل وكلماته الجميلة حتى تفاجئ بتغير نظراتها و وضعها يدها اسفل بطنها صارخة صرخة قوية وهي تقول "يوسف سيأتي اقسم انه سيأتي"
وصرخت بصوت أعلى ممسكه بيده تضغط عليها بقوة ألمها والصراخ الذي يخرج من عيونها التي كادت ان تخرج من مكانها.
ارتبك يوسف وظل ينظر حوله لا يعرف ما عليه فعله، اقترب أورهان بخوف قائلا
"هيا لنسرع للمشفى قبل أن تلد بمكانها"
وبالفعل تحرك بها بصعوبة وبطئ ليدخلها السيارة بجانب فضيلة مسرعين نحو المشفى.
تمت الولادة بخير وسلام ليرزق يوسف
بطفل شديد البياض يعلو رأسه شعر أسود كثيف يصل لعينه.
تمنى فور رؤيته لابنه أن يكون فتاة فهذا الجمال الجاذب يليق بالفتيات أكثر.
تحدث لزوجته بصوت مسموع للجميع
"بالمرة المقبلة اريد فتاة بهذه المواصفات"
ردت عليه سيلين قائلة
" أمرك يوسف بيه سأسجلها بدفتري واضعها بقائمة اعمالي"
تعالت الضحكات و ملأت السعادة الارجاء ليس القصر فقط بل حياتهم كلها فهم يستحقون حقا تلك السعادة.