رواية "إنها غيوم الحياة"
بقلم أمل محمد الكاشف
التقت نظراتهما المتبادلة على غير موعد كلاهما يدور بمداره الخاص به ،تتساءل أين سمعت هذا الصوت ليتساءل هو كيف لعينيها ان تكون بهذا الجمال رغم غيومها، مرت ثواني *تباطأت* بمرورها *تاركة* كلا منهما يتعرف على الآخر بمدار فكره الخاص، *اخفضت *عينيها بخجل من تعمق عينيه بها فكانت هذه المرة الأولى التي تشعر بهذا الشعور *الغريب* ،بل المرة الأولى التي *تتشابك* فيها عينيها مع شخص *غريب* ،ادارت ظهرها لتنظر حولها منتبهة لفراغ فضاء المدرسة من المعلمين والأطفال حين اهتدى كل منهم لقبلته الجديدة بفرح و حماس يختلف عن تلك الصغيرة النائمة.
تحدثت لهذا الغريب بخجل متسائلة "بأي صف هي ،يمكنني مساعدتك لمعرفة بأي جهة.."
*قاطعها* و هو يخطو خطوة جانبية ناظراً لابواب الصفوف الملونة المزخرفة أمامه قائلا "اتذكر انه كان بأسم فصل الورود"
ابتسم وجهها بفرحة كبيرة* رعدت *بقلبها فجأة وهي ترد بقامتها الصغيرة النحيفة متحدثة بعينيها اللامعة بضباب غيومها "جميل هذا يعني أنها معي بنفس الصف"
شاركها سراج الفرح غارقاً بعينيها التي تظهر البهجة رغم ما يقرأه داخلهما ،انتابه فضول كبير لمعرفة اسمها وقبل أن يطرح عليها ما جال بعقله جاءته إجابته عبر مكبر الصوت الذي علا منادياً "أستاذة حياة الرجاء التوجه لغرفة المدير، أستاذة حياة الرجاء التوجه لغرفة المدير "
*ارتبكت* حياة وتذكرت بهذه اللحظة أنها مسؤولة عن فصل وتلاميذ، استأذنت منه مسرعة نحو غرفة المدير ملبية النداء وهي *تعتذر* منه على تأخيرها وعدم انتباهها لمرور الوقت، *غضب* مديرها واخبرها انه يحب الانضباط بالمواعيد و المسؤوليات وان فصلها فارغ حتى الآن ولا يوجد به من يستقبل الأطفال.
جاءت لترد على ما لا تعرف له رد، ليأتي الرد من الخلف حين دخل سراج قائلا "عملا موفقاً للجميع"
تحرك المدير باهتمام كبير ليسلم عليه مرحبا به وهو يقول "سيد سراج اهلا بك، أنار مكتبنا بتشريفك لنا ،يا ليتنا علمنا بحضورك الشخصي كنا تجهزنا لاستقبالك بالخارج"
نظر سراج نحو عيونها المقلبة بغيومها شاكرا المدير وهو يثني عليها قائلا "تسلم أستاذة حياة لم تتركنا ،قامت باستقبالنا والاهتمام بآيلا جول بشكل خاص من أول لحظة ،والأهم أنها قامت بمساعدتنا في معرفة اسم الفصل الخاص بها".
خجلت من دفاعه المبطن مسلمة امرها لما يقال، فماذا عليها أن تفعل بعد ان تغيرت ملامح المدير وأصبح فرحاً يفخر ويثني عليها وعلى هيئة التدريس بمدرسته قائلا "نحن نختار المعلمين ذوي القلوب الكبيرة من يكونوا أباء حقيقين للتلاميذ ،بجانب تشديدنا وحرصنا على اختيار ذوي المؤهلات التي لا غنى عنها"
رد سراج "نعم وهذا ما جعلنا نسلمكم أمانتنا بقلب رحب ،وايضا هذا ما شاهدتهُ اليوم عملياً بسبب الآنسة حياة "
ثم مد نظره نحوها مكملا "شكرا لكِ اتعبناكِ معنا"
وبسرعة ردت عليه وهي تهرب بعينيها خجلا منه "على الرحب والسعة، نحن هنا لخدمتكم"
وتحركت مستأذنة منهم لتذهب لفصلها وتولي مسؤوليته، اخبرها مديرها أن لا تستعجل فالأستاذة علا تدير أمره هناك حتى تعود.
نظرت لسراج بعيون شاكرة له دفاعه عنها ثم عادت لتنظر للمدير بوجه فرح لتقول "ومع هذا علي أن لا أتأخر أكثر من ذلك"
وقبل خروجها تحدث سراج لها متسائلا "وماذا عن آيلا"
غيم وجهها حتى لم يعد يُحسن قراءة ملامحه هل ملأ بالحنان ام *الشفقة* ام حب ،سألته بنبرة جعلته يلمس صفاء قلبها "هل سنوقظها؟"
نظر سراج لوردة القمر و هو متردد بالإجابة ،التي أتت منها كرد على نفسها "هل تأتي أنت أيضا معها، أعتقد أن صوت الأطفال و أجواء الفصل سيوقظها دون تدخل منا"
وافقها سراج والمدير الرأي ليتحركا خلف بعضهما هي بالمقدمة تسرع لتصل قبل نهاية الحصة الأولى ،مد قدمه ليسرع بخطواته كي يكون بجانبها دون أن يحظى بذلك ،فجسدها الصغير الخفيف منحها سرعة كسرعة الفراشات بطيرانها في أوائل موسم الربيع، جلس سراج بزاوية بعيدة يراقب حركتها وتحدثها مع الاطفال بصوتها الذي تغير نبرته ليصبح قريبا لقلوب من حولها ،انتظر استيقاظ ابنة اخيه التي *هربت *لنومها خوفاً من واقع جديد عليها.
وبعد ساعة كاملة اقتربت حياة منه مقترحة عليه فكرة جديدة قائلة "ما رأيك ان تتركها وتذهب لعملك من المؤكد حين تشعر انها وحدها ستفيق، عليها ان تعتاد على اصدقائها و مدرستها بدونكم''.
و بعد تردد منه اضطر لتركها على فراش صغير وضع بداخل فصول صغار السن وتحرك مبتعدا عنها بقلب *قلق *يوصي *بشدة *على الاهتمام بها والتواصل معهم حيال كثرة *بكائها*، مرت الدقائق القليلة على ثباتها في مكانها قبل أن تسرع باللحاق به كي تأخذ منه أجوبة أسئلة جالت بخاطرها.
رفعت جسدها لتقف على أطراف اقدامها وهي تتحدث "لحظة من فضلك"، توقف ملتفتاً نحوها بعينيه التي تراقب خطواتها الخجلة بالاقتراب منه ،تملكهم الصمت للحظات قصيرة كلاً منهما ينظر للاخر منتظرا تحدثه، لتبدأ هي سؤالها " علي أن أسألك بخصوص آيلا جول، أتمنى الا تعتبره تدخل او فضول لانه مهم جدا بالنسبة لي كي استطيع التواصل معها بشكل صحيح"
رد بثبات "تفضلي أسالي ما تريدين"
"لن اطيل كثيرا اريد معرفة هل *تعاني* من مرض نفسي أو جسماني، أم انها مدللة بشكل زائد .."
مد شفتيه ثم ارجعهم ليدخلهم بفمه ضاغط عليهم بأسنانه ثم أعادهم لطبيعتهم وهو يفكر بالرد.
تحدثت مرة أخرى" من حقك الاحتفاظ بالإجابة ،ولكن عليك ان تخبر الادارة ان كان هناك مرض جسدي كي لا يحدث مشكلة فيما بعد نحن بغنى عنها، شكرا لك اعتذر على الاطالة"
تحركت لتعود للفصل مرة أخرى ليأتيها صوت اجابته "نعم لديها مرض نفسي أثر عليها بهذا الشكل الملحوظ، ولكن لا تقلقي ليس له أي تأثير على من حولها ،اتمنى التواصل معنا إن زاد *بكائها *وطلبها لنا"
استغربت من تغير نبرته *وحزنه *الكبير وهو يستأذنها ليذهب.
عادت للفصل لتهتم بالأطفال وعينها على تلك الاميرة النائمة التي أسرتها وجعلتها تتشوق لاستيقاظها.
رن جرس انتهاء الحصة خرج الاولاد بفوضوية فرحة خارج الفصل ليستمتعوا بالمتنفس الصغير بين الحصص وبعضها، استيقظت آيلا على الأصوات العالية ناظرة لوجه معلمتها القريب منها ،كان من المفترض *بكائها* وطلبها لأبيها أو عمها ولكنها ظلت صامتة بعيون ثابتة تنظر لقرب معلمتها دون إدلاء لأي ردة فعل، تحدثت حياة بعينيها المليئة بالغيوم الملبدة و وجهها الحنون قائلة بنبرة صوتها *المرتجفة* تأثراً بهذا الملاك "مرحبا كيف كانت نومتك"
رفعت حياة يدها ببالون الطفلة قائلة "اشتاق بلونك لكِ"
فتحت كف يدها الصغير لتضع حبل البالون داخله مغلقة اناملها الصغيرة عليه قائلة "أصبح بامانتك الآن، حافظت عليه أثناء نومك لأجلك"
نظرت الطفلة بعينيها حولها باحثة عن عمها دون أن تتحرك ،رفعت حياة يدها لتلامس دوامة جبهتها بقلب يرتجف من ارتعاده وعين كادت ان تبكي دون معرفة السبب، ابتعدت الطفلة عن يدها قبل أن تلمسها ،اخفضت حياة يدها قائلة "سيأتي عمك بعد قليل ،أوصاني عليكِ وقال " إن استيقظت آيلا جول من النوم اجلسي معها ولا تتركيها حتى أعود إليكم"
تحركت الطفلة لتجلس على الفراش *بخوف* من وحدتها وبقائها بمفردها في دنيا جديدة عليها ،تحركت حياة مقتربة من خزانة صغيرة ملونة ومزخرفة بالانشطة المدرسية لتفتحه وتخرج منها بعض الأنشطة ذات الألوان المبهجة وعادت لتضعهم أمامها وهي تحدثها "انظر للشمس ما أجملها" رفعت يدها وقالت "هل تعلمين اسمه"
رد طفل بجوارهم "أنا أعلم أنه القمر"
فرحت حياة حين لاحظت تجمع أطفالها حول وفوق الفراش، لتدمع عينيها وهي ترفع الحروف واحدا تلو الآخر متسائلة عن رقم الصورة ببهجة فرحت قلوبهم الصافية، اقتربت طفلة من آيلا لتدفعها للأمام كي تجلس مكانها بالقرب من معلمتها المحبوبة، لتأتي اللحظة المنتظرة ليس من حياة بل من جوارحها التي اسرعت بأخذ الطفلة و وضعها بحضنها وهي تغلق عليها جناحيها بعيون ذرفت الدمع دون سبب معلن، لم تجد حياة نفسها الا وهي ترفع كتفيها لمشاركة جناحيها بهذا الحضن المقدر الذي وعد الله به الصابرين ،بل وعد به *المظلوم* برد *مظلمته*، فإن اجتمع البشر كافة على أن *يضروك* بشيء *ويمنعوه* عنك لن يفعلوا ولن ينجحوا إن أراد الله نصرك وعوضك ورد *مظلمتك*.
من جمال الحضن وما شعرت به آيلا داخل أجنحة جنتها صمتت بعينيها الخائفة من الأطفال تراقب فرحتهم ومشاركتهم معلمتهم المحبوبة بالإجابة على الأسئلة التي كانت جميعها عن الأرقام والأشجار والورود والألوان والطبيعة من حولهم، مرت الحصة بهذا الانسجام لتأتي الحصة التالية بدخول معلمة الموسيقى لتتولى مهام الأطفال، كان من المفترض ذهاب حياة لغرفة المعلمين لتناول فطورها والاستراحة من مسؤوليتها بهذا الوقت ،ولكنها بمشهد *غريب *رفضت *ترك آيلا وكأنها امانة خاصة بها وحدها وبقيت محتضنة لها وهي جالسة على الفراش الصغير تشارك معلمة الموسيقى بترديد الأناشيد الجميلة القيمة.
عاد سراج بوقت مبكر عن موعد انتهاء اليوم كي يطمئن على وردتهم بأول يوم دراسي ،اقترب ليدخل من الفصل فرحاً برؤية وردته بحضن معلمتها المندمجة بروايتها لحكاية الدب الطيب على مسامع أطفالها متحركة بجميع الجهات لتقترب من الجميع ،لم يكمل دخوله من جمال انسجام الجميع ،تحرك طفل نحو معلمته وهو يحك عينيه رافعا يده لتحمله كما تحمل آيلا ،وضعت حياة يدها على رأسه محاولة سحبه اتجاه الفراش لتنومه عليه ،*رفض *الطفل متمسكا بحقه في حضن معلمته كتلك الطفلة التي لم تنزل من يديها، ضحك سراج ودخل الفصل تورد وجه ضي القمر خاصته فور رؤيتها لعمها رافعة يديها ملقية نفسها بحضنه.
رفعت حياة الطفل مقبلة وجهه الصغير لينام هو على كتفها على الفور.
تحدث مع صغيرتها ليسألها عن يومها دون أن ينتظر رد منها، نظر لحياة وتسائل عن يومهم وهل *بكت* أو طلبت أحدهم لتجيبه "بالعكس انها صامتة على هذه الحالة منذ لحظة استيقاظها ،حزنت لأجلها كنت أود أن تشارك الأطفال لعبهم ومرحهم"
حدثها بكلماته الجميلة التي اعادت لذهنها التفكير بنبرة هذا الصوت وكأنها سمعته من قبل قائلا "هذا هو حال القمـر ينير ما حوله رغم وحدته، نستمتع بجماله المضيء المبهج رغم سقوطه في جبة الغيم* غارقا *بالظلام* حوله، ولهذا لا اريد منكِ أن تحزني عليها فالقمر لا يحتاج لأحد كي ينير سماءه"
شردت بعينيه وهي تركز بنبرة صوته التي اسرت كل تفكيرها حتى أصبح القلب يقسم على معرفتها.
انتهى اليوم الدراسي لتعود حياة لمنزلها مغلقة عليها صومعتها براحة كبيرة لا تعرف سببها ،ظل حضن الطفلة ملموسا داخلها وكأنها لا زالت داخلها ،جلست على مكتبها الكبير لترسم لوحتها الجديدة صانعة فراشات متحركة وصقور قوية لتفرح أطفالها باليوم التالي ،أضافت الألوان المبهجة لتزيد من جمالهم وفرحة الاولاد بها ،تذكرت آيلا ليبتسم وجهها فاتحة احد ادراج المكتب لتخرج منه كيس مملوء بالبالونات اخرجتهم منه لتلصق كل بلون بظهر الفراشات مرة والصقور مرة حتى قرنتهم ببعضهم.
نظرت لباقي كيس البالونات وأخذته لتضعه في حقيبة يدها لربما تحتاجه بالايام المقبلة.
توجهت لفراشها كي تنام ،دخلت أمها الغرفة كي تناديها لتناول العشاء معهم ،رفضت حياة وقالت "لستُ جائعة تناولت بالمدرسة مع صديقاتي ولا أشعر بالجوع"
هزت الأم رأسها بدون رضا ناظرة لقصاصات الأوراق المبعثرة أعلى المكتب قائلة "ألم تسأمي من هذه الفوضى ،تخرج روحي وانا اجمعها من على سجادة الأرض"
نظرت حياة خلفها وهي تقول لأمها "ساجمعهم قبل نومي"
نظرت أمها لقربها من الفراش وقالت "وكأنك ستسهرين، حسنا نامي وارتاحي وانا سانظفها كالعادة بالصباح"
وعدت حياة أمها أن تنظف غرفتها فور استيقاظها لشعورها بالارهاق الكبير ،لترد الأم دون رضا "أنتِ من يتعب نفسك ما كان عليكِ ان تنشغلي بالوظيفة وتتركيني وحدي طوال اليوم"
صمتت حياة لتحرك الأم رأسها دون رضا "حسنا اتركك لتنامي وأنا أذهب لأرى اخوتك"
صعدت حياة على فراشها ليضيق صدر الأم أكثر مغلقة الباب بصوتها الغاضب "وكأنها تعيش بفندق وحدها"
شرب صادق ملعقة الشوربة التي بيده قائلا "أمي لا تبدئي من جديد ،اتركيها وشأنها يكفي انها بخير"
وبغصب القى مصطفى بمعلقته على سطح المائدة قائلا "وأين الخير انا لم أراه توقعنا تحسن حديثها بعد ان وافقنا على عملها فإذا بها تزداد *سوءا* حتى أصبحت *تصرخ* بوجهي وتعارضني على ايصالها لباب المدرسة"
رفع يده بوجه صادق قائلا "أنت السبب بكل ذلك ،انت من تدافع عنها وتدللها حتى رأت نفسها علينا"
وقف صادق مختنقا بحديثهم قائلا بصوت ضعيف "ما بكما *متحاملين* عليها وكأنها هي من *اذنبت *بحقنا ،وكأنها هي من أخذت فؤادنا *وباعه *بالرخيص*"
وبغضبه القوي وقف مصطفى متحدثا بصوته الذي خرج من بين أسنانه المغلقة "ماذا تقول أنت؟، ماذا تقول؟"
اقترب صادق وهو يضع وجهه أمام جبهة أخيه "أقول الحقيقة ،أريكم ما لم ترد عيونكم رؤيته، هل سألت نفسك أين الأموال الكثيرة التي اعميت عيني بها ،أين الثراء الذي أسرت قلبي به حتى اقحمتني *بذنبك* ،انظر حولك المال يتناثر ،المشاريع تخسر ،سهرك كل يوم ودورانك حول من افقدوك عقلك وما تملأ به جيوبك أول الليل وتعود باخره مصفراً، اقترب افلاسنا يا اخي ،اقترب زوال ما بعنا أختنا لأجله"
هم مصطفى ليلكم صادق بوجهه لولا تدخل امهم التي لم تكف عن محاولتها بقطع حديثهم كي لا يصل لاختهم.
دفعت مصطفى للوراء وعادت لتمسك بصادق الذي ثار وهم ليعلم أخيه كيف يتطاول برفع يده بوجهه.
في داخل صومعتها وعلى أصوات الراديو من جانبها كانت حياة تتحدث مع نجلاء قائلة "لم انتبه لقدومه متى أتى"
ضحكت نجلاء وقالت "نعم لم تنتبهي ،وكيف ستنتبهين وانتِ *غارقة* بضيفتك الجديدة"
ابتسمت حياة وقالت "ألم تري كم كانت جميلة وهادئة"
ردت نجلاء عليها "لم أحب هدوئها ودلالها الزائد أنا أحب الأطفال النشطة كحبيبتي لين"
رفعت حياة حاجبها وقالت بخجل "عاد حديثنا لنفس النقطة ،لين النشطة وخالها الوسيم صاحب العيون التي تتغير مع تغير ملابسه، هيا أخبريني ماذا حدث بلقائكم اليوم كي استطيع التخلص منك وانام"
ردت نجلاء عليها بقوة "نعم لا يمكنك النوم قبل أن احكي لكِ ،أتى واقترب من باب الفصل وهو يلوح للين وعيونه الجميلة تنظر لي''
قاطعتها نجلاء وقالت "نسيت أن أسألك عن أمر مهم ،هل راجعتي طبيب نفسي كما نصحتك"
زفرت نجلاء بغضبها قائلة "لا تجعليني أخرج لك من الهاتف، يكفي ما انا به"
وبفضول سألتها "خير ما بكِ"
ردت نجلاء بحزن "لا اعرف أصبحت اختنق كلما أتى وذهب دون أن يجد جديد ،كلها نظرات تشبه نظراته للجميع ،لا خصوصية ولا شيء يميزني عن غيري ،حتى بالمرة السابقة ترك الطفلة قبل ان يصل لباب الفصل واسرع بذهابه دون رؤيته لي ،وكأني لم انتظر كل اسبوع حتى نتقابل"
صمتت حياة دون أن تجيب لتسألها نجلاء عن صمتها وهل هو عائد لعدم رضاها ككل مرة أم هناك شيء آخر.
ردت حياة على صديقتها "أنتِ تعرفين مدى حبي لكِ وقربنا من بعضنا أخشى أن أحدثك بما أريد حتى لا *تحزني *مني"
استقامت نجلاء بجلستها على الفراش قائلة "لن *أحزن* تحدثي لربما ارتاح من الضيق الذي أشعر به"
تنهدت حياة قبل أن تبدأ حديثها الطويل قائلة "أنتِ تستحقين هذا الضيق، أخبرتك من قبل أنه لا يشعر بشيء تجاهك وإنكِ تعيشين *بأوهام* رسمتيها بخيالك كل ليلة حتى اصبحتي تطالبينه بما لا وجود له، الرجل يأتي بكامل هدوئه واحترامه يلقي على الجميع السلام وينشر البسمة بوجوه كل من يرى كعادته بعمله وعند تلقيه المرضى، لا تنسي انه تعلم كيفية التعامل مع المرضى قبل ان يتعلم فنون الطب ،برمجوا عقولهم على التبسم بوجه الجميع واشعارهم انهم ذوي قيمة وأهمية كبيرة لديهم دون النظر لسن أو جمال أو مال ،أنتِ من فسر ضحكته كإعجاب ،واهتمامه بمرضك كحب كبير ينشأ داخله دون أن يشعر ،بل وشعرتي باهميتك لديه حين عرض عليكِ المساعدة في تعليق لوح أعلى الباب تقديرا لكونك فتاة ولا يصح صعودك ونزولك أمامه دون تدخل منه ،استيقظي من غفلتك وابصري بعين العقل لا يوجد ما تفكرين به ،الحقيقة الوحيدة الملموسة هي انه يحترمك ويقدرك لأجل أخلاقه اولا وحب ابنة اخته لكِ وطبعا من المؤكد انها تتحدث عنكِ معه"
حزنت نجلاء وقالت "أعلم ما تقوليه ولكنني أحببته وتعلقت به ،بل وعشت أحلامي معه لا أعرف كيف أجعله يشعر بي"
ردت حياة وقالت "بالترك"
استغربت نجلاء من رد صديقتها لتسألها ماذا تعني بالترك لتجيبها حياة "أتركي التفكير به ،اخرجيه من أحلامك، لا تهتمي بقدومه أو ذهابه ،تعاملي معه كما تتعاملين مع باقي أولياء الأمور، ان شعر بالتغير أو أن شعر بشيء تجاهك سيسعى هو خلفك ويحاول لفت انتباهك له والفوز بكِ"
وبحزن ردت نجلاء "وماذا إن لم يشعر ولم يهتم"
حزنت حياة على حزنها وقالت "لترضي اذا بقضاء الله وقدره الذي كتبه لكِ ،لعله شر يصيبك أن اقترب ،لعل الله يحفظ لكِ من يقدر طيب اخلاقك يأتي اليكِ بقدميه يسعى خلفك دون ان يفوز بنظرة منك ،يحبو خلف رضاكِ عنه يحبك ويسعدك حالما بمشاركتك حياته برباط يرضي الله عنكم ،ألم تسألي نفسك ماذا سيحدث لو بادلك النظرات والاهتمام والأحاديث إن طال الوضع ،بأي وضع ستكونين هل حبيبة ام عشيقة أو نزوة وهفوه أتته بحقبة زمنية أنست فراغه العاطفي وذهبت ،سأعيد ما قلته لكِ من قبل لا سعادة ولا أمن ولا استقرار بل ولا حياة في حب لم يُنشأ برباط يرضي الله عنا هكذا كانت تعلمنا محفظتي بالسابق وهذا ما أؤمن به ،ارتقي وارفعي من سعرك لأجل ان تحظي بالسعادة الأبدية من يريدك فليأتي ويدفع من الأخلاق والاحترام والوعود ما يكفي لفوزه بك"
دخل أخ نجلاء عليها الغرفة ليسالها عن دفتر الرياضيات الخاص به ،اغلقت الهاتف مع صديقتها لتتحرك كي تأتي لأخيها بالدفتر من أعلى خزانتها كما رفعته بعيدا عن يد أطفال أخيها الأكبر.
أغلقت حياة الهاتف قائلة لنفسها "هل *احزنتها *يا ترى ،الله يعلم كم اتمنى لها الخير والسعادة"
انتبهت حياة للساعة تحركت لتمسك الراديو كي تغير محطة القرآن الكريم وتأتي ببرنامجها المحبب ،تحركت لتستلقي على الفراش وهي تستمع لفقرة الإعلانات التي تلتها بدأ البرنامج وتحدث سراج بصوته السالب لقلوبهم وعقولهم "أحبائي واخواتي مرحبا بكم بلقاء متجدد مع برنامجكم *على أوتار الحياة* ،أتيت إليكم الليلة كي أسألكم عن رأيكم بذلك الشعور الذي ينغز القلب فجأة دون سابق موعد ليخبره بأن شيئا ما قد حدث ،أريد أن أسألكم عن شعوركم بحقيقة التقاء الأرواح وتحدثها رغم المسافات ،أريد ان اعرف مدى حقيقة الشعور بلذة الصباحات المشرقة المنذرة بمولد بداية نكهة ذكرى جديدة لن تمحى من خواطرنا بسهولة"
ابتسم سراج لكثرة الاتصالات قائلا "اعتقد اننا بحاجة لبث مباشر طوال اليوم كي نتلقى جميع اتصالاتكم ولكن كما تعلمون لا وقت لدينا لذلك سنستقبل اتصالاتكم بشكل عشوائي هذه المرة آملين أن يحصل الجميع على فرصته بالمشاركة.
ومعنا اول مشاركة من ديمير الفون تفضل "انها البدايات التي تسبق قصص الحب *الفاشلة *المدمرة* للروح قبل الحياة"
ابتسم سراج من صدمته وقال "بشرك الله بكل خير"
نستقبل مكالمة أخرى من حسين ازار تفضل "سر الجمال يكمن في وضعهم ببداية العلاقة *أقنعة *ساحرة* منتظرين سقوطك* ببحورهم كي يرفعون هذه الأقنعة ليسدلوا الستار على حكايتكم كاتبين النهاية ولهذا البدايات أجمل بكثير من النهايات"
رد سراج وقال بنبره ساخره من وضعه "أنا مبهور بكم ما أجمل *سقوط *الشخص وسط كل هذه الروح الإيجابية"
ابتسم وجه حياة وهي تستمع للاتصال الأخير حين قال "سأكون أفضل ممن سبقوني وأخبرك بأنه إذا طافت رياح البدايات اسبح معها واستمتع بها دون التفكير بالنهاية فلعل نهاية عمرك تأتيك قبل النهاية التي تخشى الوصول لها''
وبنبرته المحبه للجميع رد المذيع "الجميع يمر بتجارب *صعبة* تؤثر على آرائه ونظراته بالحياة ،حتى يظهر أمامك شخص مختلف عن جميع ما رأيته من قبل ،حضوره ،وحديثه ،حتى عيونه ،كل شيء مختلف به حتى السعادة التي يمنحها لك تكون بطعم مختلف وجديد عليك، لا تيأسوا من الحياة بسبب تجارب فاشلة ،انتظروا الأجمل والأفضل دائما، تأملوا دائما و استبشروا بالخير لتجدوه وتصلوا إليه بنهاية المطاف"
وفي طريق عودته لمنزله تلقى هاشم خبر *وقوع *شحنته الجديدة بيد* الشرطة، تغيرت ملامح* وجهه وهو يتحدث بغضب* متسائلا عن كيفية معرفتها بتفاصيل الشحنة *السرية، *ظل *يصرخ *وهو يتحدث لرجاله عبر مكبر الصوت حتى احمر وجهه *مختنقا* بانفاسه* المحتبسة تشوشت* الرؤية أمام عينيه لينتهي به الأمر *للانحراف* على الجهة *الهاوية* من الطريق *منقلبا* بسيارته عدة مرات.
استيقظت نازلي في منتصف الليل على إتصال من ابنها يخبرها بمستجدات الأمور وهو قلق* حيال ضبط* الشرطة للبضاعة الجديدة ،جلست نازلي على فراشها وهي تتسائل عن كيفية معرفة الشرطة بأمر الشحنات *والامساك* بها بكل هذه السهولة ،سألها أركان هل لها يد بهذا العمل، اتسعت عينيها حين توقعت* ان يكون للعم بيراق يد بهذا لم يطل صمتها كثيرا حين تحركت و وقفت بمكانها من المفاجأة قائلة "هل مات؟"
رد أركان وهو ينظر خلفه نحو طاولة يارا قائلا "لا أحد يعلم بحالته *نقل للمشفى وعلمنا الخبر من صفحات المقربين له ،الأهم بالنسبة لي الآن أننا بعيدون عن هذا العمل"
أكدت نازلي انها بعيدة كل البعد عن *حادث* امساك* الشرطة للبضاعة *وحادث* هاشم الذي تبين وتأكد من قبل الشرطة والكاميرات أنه غير متعمد.
استمتع سراج بملكوته الجديد وهو يحتضن وردته لتنام بجواره كل ليلة مستمتعا بلطف وجمال مشاعرها وحنانها فرغم صغرها الا انها كانت تقبله وتربت على كتفه وتشدد من قبضة يدها لتتمسك به بقوة، هل كان من شدة حبها لعمها أم كان بسبب افتقادها لهذا الحنان الذي تحاول تعويضه وهي تمارسه على غيرها.
ظلت حياة لعدة أيام تحاول أن تتحدث مع سراج لتخبره بشعورها الكبير بلقائهم سابقا ومعرفتها له، ولكنها لم تستطع من شدة خجلها أمامه حتى تحدث هو وقال "سأترك عملي وأتي لأعمل معكم ،هل ستجدين لي مكان بينكما أم حتى هذا لم أستطيع الحصول عليه"
ابتسمت حياة وقالت "اعتذر منك أعلم ان الأمر صعب عليك ،فالذهاب والإياب ليس بسهل ،أخبرتك قبل يومين أن لا تأتي بمنتصف اليوم وإن حدث شيء سأتواصل معكم عبر الإدارة"
رد سراج وقال "ماذا افعل اشتاق إليها ،اتحجج لأتي واراها أم أن قدومي يزعجكم!"
هزت رأسها بالنفي قائلة "لا ولماذا يزعجنا، ولكنه يؤثر عليها من الأفضل أن تعتاد على البقاء طوال اليوم وحدها لتعتمد على نفسها وتتحرر من ارتباطها الكبير بكم"
اوما رأسه وقال "انتِ محقة حسنا سأحاول ان افعلها"
نظر سراج نحو التلاميذ بالداخل وهو يتحدث مع حياة "من الأفضل أن اهرب أثناء نومها " لم يتوقع ردها حين اتاه "كلما تحدثنا أشعر وكأني أعرفك من مكان ما، لا أعلم من أين أتاني هذا الشعور القوي ولكني حقا أشعر بمحادثتنا في مكان ما أو…."
ضحك وهو أعلم بحالتها التي مرت عليه كثيرا قائلا "هذا يعني أن صوتي أصبح علامة مميزة لدى الجميع ،كنت أتوقع *هروب* الناس من كثرة* ثقل *البرنامج الذي اقترب على *انهائه* لأنفاسي، ولكني اتفاجأ بكثرة المتابعين والمعجبين *بظلام* وغيوم* أوتار الحياة"
اتسعت عينيها بفمها المفتوح قائلة "الإعلامي سراج اوزدمير"
نظرت خلفها نحو الطفلة ثم عادت لتنظر له قائلة "كيف لم اربط كنيتها بك ،نعم أنت هو لهذا أشعر بأنني اعرفك من مكان اخر"
ضحكت وأدارت رأسها متعجبة وهي تحدث نفسها "شعرت بهذا في الأمس، ولكني *كذبت* شعوري ،أقسم أنني لمست تشابه أصواتكم وضحكت على صدفة تشابه الأسماء ليتضح أنني محقة"
صادف بهذا الوقت اقتراب نجلاء منهما وهي تتعجب من حالة صديقتها وضحكها وحديثها بهذا الشكل على غير العادة، تحدثت حياة باندهاشها ومفاجأتها قائلة "لن تصدقي ما سمعته"
اقتربت نجلاء ملقية السلام على سراج وهي تستمع لصديقتها قائلة "تتذكرين برنامج على أوتار الحياة"
ابتسمت نجلاء وقالت بعفويتها وتلقائيتها المعهودة "نعم وهل تسمحين لي أن انسى سراجك اليومي على أوتار *النكد *والحزن* نعيش حياتنا"
نغزتها بذراعها ناظرة لها بقوة لتسألها نجلاء بعينيها "ما الأمر"
تحدث سراج قائلا "من الواضح أنني كان عليٌ التعريف عن نفسي من أول يوم"
نظرت له نجلاء مستمعة لتكملته لحديثه "أعرفكم على نفسي ،أنا سراج اوزدمير مذيع ومقدم برنامج على أوتار الحياة ،وصاحب باب لمسة صباحية بصحيفة اناضولو وقت"
خجلت نجلاء وابتلعت ريقها وهي تقول محاولة تحسين ما *وقع* منها "اعتذر منك انا لم اقصد ما قلته ولكني كنت اتحدث عن حياة وحبها *للنكد* والحزن* كعينيها، هل تعلم حين ينتهي كل ما يشعرها *بالحزن* والبكاء* تظل تسترجع ذكرياتها حتى *تبكي* وترتاح ،أشعر أن قنواتها الدمعية ستجف *وتهرب* منها يوما ما مما تفعله بها"
نظر سراج لعيني حياة الغائمة قائلا "لم أتعجب حتى اقترب *هروبي*شخصيا من متابعي البرنامج"
تحرك سراج بضحكه المشترك معهم ناظرا للأمام متفاجأ بوصول أخيه أركان، لم يستوعب رؤيته له للحظات توقع انه شخص يشبهه ،وما لبث الا ورفع يده مشيرا له كي يأتي إليهم قائلا "متى عدت من كندا" تبادلوا السلام والاحضان.
لينظر سراج بعدها نحو حياة قائلا لأخيه "لأعرفك، أستاذة حياة معلمة آيلا"
تحدث أركان بلباقة و شياكة "سررت بمعرفتك اهلا بك"
وحرك نظره نحو الفصل باحثا عن ابنته ،اصطحبه سراج للداخل كي يريه ابنته النائمة بالوقت الذي يفترض أن تلعب مع الأطفال بألعاب الذكاء وتنمية المهارات.
تسمرت حياة بمكانها لا تعرف ما حدث لها وكأن ضغطها انخفض فجأة، ظلت تنظر نحو أركان والطفلة التي فرحت بوالدها وعادت *الدموية* لوجهها من بعيد دون اقتراب.
أخذ أركان ابنته وعاد هو وأخيه للمنزل مستمعا لحديث سراج المطول عن المعلمة ومدى اهتمامها وحبها للأطفال، اجتمعت العائلة على مائدة العشاء وهم يستمعون لسراج الذي استكمل حديثه عن المعلمة راوياً لهم تفاجئها عند معرفتها انه المذيع المفضل لها، ظل أركان يتابع حالة أخيه باستغراب فلم يمر إلا عدة أيام على ذهاب ابنته للمدرسة.
تم تغير مجرى أحاديثهم عندما وصل خبر دخول هاشم بغيبوبة جديدة بعد تحسن حالته لعدة ساعات قليلة ،ليسرع الأطباء بإعادته للعناية المركزة.
*حزن* سراج واقترح أن يذهبوا للمشفى كي يقفوا بجانبهم في هذا الموقف *الصعب*.
وافقته نازلي قائلة بصوت *قوي* "نعم أنت محق يا بني ،لتذهبوا وتأدوا واجب السؤال وتمني إتمام الشفاء بالاخير كان بيننا نسب"
تحدث سراج باستغراب وقال "*وفاة* سما *وعدائه* معنا لا يلغي حقيقة صلته بوردتنا وانه جد ايلا"
اخفض أركان نظره نحو الطعام متناولا قطعة لحم صغيرة بشوكته ليضعها بفمه دون كلام ،ليصبح الرد واجبا على نازلي التي قالت "نعم وهذا أيضا موجود"
انتظرا انتهاء طعام العشاء وذهاب سراج لغرفته حتى تحدثت نازلي غامزة لابنها "كيف كان سفرك"
ضحك أركان واستند على ظهر المقعد قائلا "اشتقت لابنتي كثيرا من الجيد أن *حادث* هاشم أتى بوقت قريب"
ردت نازلي على ابنها "فليحصد نتيجة *حقده* وظلمه* لنا ،اتركنا منه لا اريد التحدث بوضعه يكفي أن الجميع أخذه ايقونة للنشر والتعليق ،اتسائل عن يارا كيف كان سفرك معها ،لا اعرف مدى التفاهم والتواصل بينكم ولكني أراها حصن جديد وجبهة *قوية* بل ومنصة راقية ستساعدك كثيرا في مشوارك العملي"
تحدث أركان بعد تفكير دام لثواني قليلة "نعم هي كما تقولين وجهة *قوية* ،منصة راقية ،جميلة ،مثقفة ،ذات أفكار متحررة دون قيود ،تمتلك روح فكاهية يرتاح ويسعد الشخص بجانبها ،لا اعرف ما ستحمله الأيام لنا ،ولكني في ظل كل ما سبق أريد أم لابنتي وهذا ما سأبحث عنه دون تهاون به ،يكفينا ما *أصابنا* من وراء *جحود* سما وعدم تقبلها للطفلة"
ابتسمت نازلي وقالت بثقة "وستجد بيارا كل ما تبحث عنه ،تحتاجون لمزيد من الوقت لتتعرفوا على بعضكما بشكل أكبر وأوسع وحينها تتحدث معها…"
قاطع حديثها صوت رنين هاتفها ،تحركت وهي تقول لابنها "هيا اذهب لغرفتك ونام بجانب ابنتك لتزيل تعب السفر ،لنكمل حديثنا بالغد افضل"
سألها أركان عن المتصل لتقول له "أنت تعلم أنني لن اجيبك على هذه الأسئلة وان كان شخص غير مهم ،اعتاد على عدم التدخل فيما لا يعنيك"
تحدث أركان *باستنكار* وقال "كيف لا يعنيني ،أمي نحن بمرحلة *حساسة *وعلينا أن ندرس خطواتنا جيدا قبل أن نفكر بتخطيها"
ردت أمه بقوة "هذا ما أفعله ثق بي واذهب للنوم هيا لا تكثر بالكلام"
انتظرت نازلي ابتعاد ابنها لتفتح هاتفها متحدثة "هل تم الأمر"
فرح وجهها عندما أخذت بشارتها قائلة "جميل هذا يعني أن الشحنات التي أمسكت بها الشرطة قانونية تماما"
رد المعلم بيراق وقال "عيب عليكِ وهل لا زلتي تسألين"
فرحت نازلي بنجاح خطتها بطريقة لم تتوقعها ،ففي حين أنها خططت *بسرقة* المواد* المخدرة* من المخازن قبل تحميلها ونقلها لتصفع جبهة هاشم، لم تتوقع تخطيط المعلم بشكل أكبر حين غير سائق الشحنة بآخر لحظات قبل خروجها أخذا المواد المطلوبة واضعا بدلا منها بضاعة مرخصة مسموح بها ليبلغ الشرطة بعدها كي يقحم هاشم *بمشاكل *وضجيج* على سمعته ولا يمكنه معرفة *السارق* والخائن* بهذه اللعبة.
فرحت نازلي لانتصارها وتحالف القدر معها لتزداد* قوة* *وجبروت*وفي صباح جديد قررت نازلي أن تذهب للشركة كي تترأس اجتماع مهم في ظل غياب هاشم ،تم تجهيز لقاء صحفي لتعرب نازلي فيه عن *حزنها* هي والشركاء على حالة السيد هاشم متمنية له الشفاء والعودة على رأس اعماله قريبا ،سألها احد الصحفين عن الشحنات التي امسكتها الشرطة وهل هناك شك بنشاط السيد هاشم من جهة الشرطة، تحدثت نازلي *بقوة* مدافعة عن هاشم وأعمالهم البعيدة عن *الشبهات* وأكدت نقاء وبياض يد جميع شركائهم مستدلة باعتذار الشرطة وإخراج بيان ببراءة السيد هاشم مما ادعي بحقه.
انتهى اللقاء الصحفي بأفضل مما يتوقعون لتشكرهم نازلي وتتحرك لتخرج من القاعة ثم من الشركة وهي تحدث ابنها على الهاتف بفرح وانتصار.
تحدث أركان وقال لها "الكل يتحدث عن مساندتك لهاشم في حين انكِ كنتِ تكتبين نهايته"
ضحكت نازلي وهي تقول لابنها "لتتعلم إذن اريد منك نفس الأداء والحكمة في المستقبل"
استرسل أركان بمدح أمه *وصعوبة* وصول أحد *لدهائها وحكمتها، أخبرته أنها ستذهب لرؤية حفيدتها وأخذها من المدرسة حتى ترى من *سيطرت* على عقل وتفكير سراج وأصبح لا يتحدث إلا عنها.
ضحك أركان وقال لأمه "ليست *بسيئة* بل تناسبه كثيرا"
أغلقت أمه الهاتف معه كي تكمل قيادة سيارتها التي لا تسمح لأحد قيادتها لعدم ائتمانها على نفسها أو أسرار خطواتها.
توقفت السيارة بإشارة مرور نظرت نازلي بجانبها متفاجأة برؤية مصطفى بالسيارة المجاورة مندمجا بحديثه مع أخيه ادارت رأسها بسرعة رافعة زجاجها كي لا يراها قائلة بصوت *غاضب* "كيف حدث ذلك!، منذ متى وانتم باسطنبول ،كيف تجرؤون على تغيير محل إقامتكم دون اخباري"
اتسعت عينيها وهي تقول "أم انكم تريدون اللعب معي ،اقسم أنني ساجعلكم تندمون على انفاسكم التي خالفت أوامري، ستدفعون ثمن اللعب من خلف ظهري ،ستدفع انت وامك *الخرقاء* ثمن هذا"
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.