"إنها غيوم الحياة"
بقلم أمل محمد الكاشف
حالة من الهلع والفزع اصابت منزل اوزدمير، ازدحم الوسط بسيارات الشرطة وأفراد الأمن المنتشرة بالمكان لرفع البصمات واخذ الأقوال والبحث عن أي ثغرة تركت خلف الجناة، تعجبت الشرطة من خلو الأدلة وعدم وجود اي تكسير أو إصابات جراء الهجوم، عُطلت جميع الكاميرات ما عدا التي على رأس البوابة الداخلية للمنزل وكأن من قام بالاختطاف كان يريد أن يوثق تلك اللحظات بدخولهم وهم مسلحون وخروجهم بالطفلة النائمة على كتف القائد معلنا عن أخذها معهم.
خرج سراج عن كونه طبيب راقي هادئ أو إعلامي واصبح يصرخ ويهدد بقوة شابهت قوة أخيه ونازلي بالسابق، بخلاف حياة التي كانت تعيش نفس الشعور من جديد وكأن الزمان يعود بها لأكثر من خمسة سنوات حين اختطف اخوتها روحها من بين ايديها، غرقت بدموعها وضيق صدرها وانقباض قلبها وعقلها الذي لا يصدق كيف اخذوها من حضنها دون ان تشعر بهم.
وجد أحد أفراد الشرطة قصاصة صغيرة مكتوب بها
" لقد عدت لأخذ انتقامي، فليعلم الجميع أنها البداية فقط"
وبهذه اللحظة اتهم سراج هاشم بسرقة إبنة اخيه، دافعت الشرطة ومحامي هاشم عنه فلماذا سيختطفها ومعه قرار محكمة بأحقية حضانتها بشكل رسمي، زاد الأمر تعقيدا بتقديم هاشم شكوى قضائية لمحاكمة سراج على اهماله لحفيدته محملا سراج مسؤولية سلامتها.
استجوبته الشرطة لمعرفة أعدائهم بالعمل او بالحياة عموما ليؤكد سراج على عدم وجود مشاكل بينه وبين أي شخص وأنه بعيد عن أعمال الشركات وإدارة الأملاك بعد أن فوض السيد اسماعيل والسيد راجح بهذا، كما أكد بقوة على شكوكه حيال هاشم الذي طلب منه المنتجع السياحي مقابل حضانة ابنة أخيه فلربما فعلها ليضغط عليه كي يوافق على هذه المقايضة الرخيصة، لم يتوقف سراج عند إدلائه بهذه التصريحات بل ذهب لمنزل هاشم و وقف أمامه قائلا
"أوافق على إعطائك المنتجع مقابل آيلا، اعدها الي وانا ساتنازل عن المحضر وعن المنتجع وأي شيء تطلبه"
انصدم هاشم مما قيل له، أكمل سراج حديثه القوي
"اخرج الطفلة من حساباتك الرخيصة، أنت تعلم حالتها النفسية وعدم استطاعتها تخطي شيء كهذا، اعطيني اياها وسأعطيك ما تريده وأكثر"
أكد هاشم على عدم اختطافه لحفيدته ليتهور سراج ويهم لامساكه من ياقة قميصه ولكنه لم ينجح حين تدخل رجل الحراسة الخاصة، ذهب سراج بعد أن احرق الوسط بصوته العالي وتهديده لهاشم ان يجعله يندم على كل لحظة يعيشها والصغيرة بعيدة عن حضنه.
وبعد ذهابه نظر هاشم لراجح الذي كان يخرج من خلف ساتر كبير تخبئ ورائه قائلا
"ان لم يكن نحن فمن يا ترى، من المستفيد باختفاء الطفلة"
رد راجح بحزن كبير
"لديه الحق بتهديده وتخبطه حتى انا حزنت وغضبت كثيرا على اختطافها، كيف ستتحمل الطفلة هذا الوضع"
رد هاشم بقوة وتلقائية
"فلتذهب للجحيم"
صمت هاشم وهو منصدم بما خرج منه أمام راجح لعدم توقعه معرفته أنها ليست حفيدته، استغل راجح الوضع وظل يحدثه عن الصغيرة التي لا ذنب لها بوفاة امها.
استطاع سالم أن يغلق فجوة الهجر بينه وبين ابنه صادق بتلك الشهور التي قضوها سويا كلا منهما يروي للاخر المه وندمه وحزنه، لجآ لربهم بالصلاة والدعاء سويا كي يخرجا من هذا المنفى لينقذا حياة من العصابة التي أحرقت روحها.
دخل أركان بواسطة أحد الرجال غرفة أمه المهيئة بشكل كامل لعلاجها ورعايتها، رفع يده ليوقف الرجل المقعد المتحرك ويخرج بعدها مغلقا الباب خلفه، بدأ حديثه مع أمه
"تناولت طعامها ونامت بسلام، من الجيد عدم شعورها بما حدث معها حتى لا تذعر، أعلم ما تريدين السؤال عنه، مع الأسف لا أعلم شيء عنه انقطعت أخباره عند رفع الأجهزة من المنزل ولكنه ليس بخير، من المؤكد انه احرق الوسط على رأس هاشم"
ابتسم بحزن قائلا
"وكيف لا يحرق ويحطم ألا تعلمين حبه لها"
حزن اكثر وهو يكمل
"أتألم كلما تذكرت بكائه وحزنه علي، كيف تذكر طفولتنا وكيف دافع عني أمام زوجتي" تنهد بضيقه
"يا ليتني لم افعلها يا أمي"
رفع عينيه عليها محدثها
"لماذا يا أمي، لماذا غرقتي بهذا الطريق واغرقتيني معكِ، ولماذا أنا وليس هو"
ابتلع ريقه الحزين مكملا
"كيف دخلتي لهذا الطريق المظلم، ومتى وصلتي لهذه القوة"
هز رأسه بحسرة
"يا ليتك تركتيني لأكمل حياتي بعيدا عن ظلامك وحساباتك، انظري لحالتنا كم سنبقى ونتحمل"
عاد سراج للمنزل وهو يخطو داخله بخطوات قوية غاضبة من يراه يعتقد أنه ذاهب ليعارك أحدهم بالداخل، هرولت حياة نحوه مقتربة منه وهي تسأله ماذا فعل وما رد هاشم بالمقايضة، لم يرد عليها توجه لغرفة مكتب نازلي ومن خلفه حياة ليبحث عن أي ورقة او مستند يصل به للجاني، فإن لم يفعلها هاشم لاجل المنتجع فمن المؤكد ان هناك غيره وهو لا يعلم.
فتح الادراج و الخزانات مخرجا منهم المستندات، وبحنكتها وذكائها كانت تبحث حياة عن أماكن سرية خلف إطارات الصور على الحائط وداخل القطع الأثرية المزين بها ارجاء المكتب، لم يجدا شيء واضح بالمكتب لذلك تحرك ليذهب لغرفة أمه وهو يصيح بغضبه
"من يجرؤ على فعلها، ماذا يريدون من طفلة صغيرة، ان أرادوا شيئا فليأتوا ويطالبوني به"
دخل الغرفة ناظرا للمرآة وما عليها من عطور و مستحضرات طبية تجميلية ثم نظر للخزانة وتوجه نحوها ليفتحها ويخرج ما بها واحدة واحدة، تحركت حياة وبدأت تساعده بفتح حقائب نازلي للتفتش بها عن أي معلومة صغيرة تفيدهم، لا يعلمان على ماذا يبحثان لذلك كان بحثهم عشوائي مضطرب بحزنهم وخوفهم.
أسقط سراج جميع الملابس والاغراض أرضا وكأنه يخلص غضبه عليهم، تساءلت حياة
"كيف لا يوجد أوراق او خزائن بغرفتها الخاصة كنت أظن أن رجال الأعمال يحتفظون باسرارهم بخزائن غرفهم"
فتح سراج الهاتف ليتحدث مع إسماعيل قائلا
"ألم تصل لشيء، هل سألت بالبنوك عن ودائع ورقية أو وصية وما شابه"
تحدث اسماعيل
"مع الاسف لم نصل لشيء جميع البنوك التي نتعامل معهم رفضوا الإدلاء بأي معلومات بشكل غير رسمي"
سأله بغضب " وكيف نخاطبهم رسمياً"
طمئنه اسماعيل انه قدم طلب للشرطة كي يتحدثوا بصفة رسمية مع البنوك لربما يفيدهم هذا بشيء، وقبل ان يغلق الهاتف حثه على استمرارية مراقبة هاتفه لربما يتواصلون معه لطلب فدية كبيرة فهو لا يتوقع ان الصغيرة خطفت لأسباب تتعلق بشركاء العمل، فكما قال راجح والشرطة من قبل هذه الورقة تركت لتشوش اذهاننا وتبعدنا عن الفاعل.
أغلق سراج واضعا يده على جبهته قائلا
"لابد من وجود أثر يصل بنا للفاعل"
عاد لينظر لخزانة امه والادراج المفرغة ارضا وهو يحاول ان يخرج ما يريد من بينهم، شدت حياة طرف حقيبة صغيرة فارغة عالقة بداخل الخزانة دون ان تستطيع سحبها من بين الرفوف الخشبية، دخلت بنصف قامتها العلوي في الخزانة كي تنظر داخلها مرة أخرى لربما تجد شيء قائلة
" لا يوجد داخلها شيء ولكني سأتاكد أكثر"
اوقفها باقترابه ومد يده نحو الداخل لتبتعد وتتنحى للوراء ناظرة الى قوته وهو يسحب الحقيبة التي لم يتعدى حجمها كف اليد متفاجئين بفتح مربع خشبي أمامهم مفصحا عن وجود خزنة خلفه، تحمس سراج وشعر انه اقترب كثيرا.
تحدثت حياة بفرح
" ألم أقل لك، كنت متأكدة من وجود شيء كهذا"
حدثها سراج وكيف سنفتحها الآن لتجيبه
"نحن بحاجة لمساعدة خبراء لنوفر وقتنا فمن المستحيل فتحها وهي بهذا الشكل الفولاذي الصلب، كما أنها لا تشبه الخزائن المتعارف عليها التي تحل شفرتها بالأرقام او حتى المفتاح، انظر إليها لا يوجد مكان للفتح لربما تعمل بالبصمة أو الصوت"
اقترب سراج بوجهه من الخزانة ليستمع لصوت يخرج منها" تم التعرف على بصمة العينين يرجى الانتظار"
تسمر مكانه متفاجأ بما يحدث معه، سمع صوت جديد يصدر من الخزانة" حدث خطأ، يرجى اعادة المحاولة باقتراب الوجه وتثبيت النظر"
تذكر سراج ما كان يبحث عن تفسير له حين استدعته امه هو وأخيه لتأخذ بصمة عينه وصوته حين ارادت وضع المنزل بنظام أمني احترافي دون ان تفعل.
اقترب متحدثاً "أنه أنا أفتح الان"
ثبت عينيه بالمنتصف كما كان يقول له الخبير مكرر قول" أنه أنا أفتح الآن"
لم تصدق حياة صوت الصفير والانوار التي اضيئت بوجههم لتفتح بعدها الخزانة المعبئة بالاوراق الرسمية لاصول ممتلكاتهم و الأموال والمجوهرات، اخرج ما بها ليضعها على الرف الخشبي المقابل لها سحب المستندات واحدا تلو الاخر، لتبدأ حياة هي ايضا بفتح علب المجوهرات والبحث داخلها بشكل جيد وكأنها تعمل مع الشرطة من قبل، وجد سراج ظرف غريب الشكل سحبه ليفتحه بصمته مخرجا منه ما صدمهم.
نظر للصور بيده ثم نظر لحياة بجواره، اقتربت لتنظر لما صدمه وغير ملامح وجهه لتتفاجأ بصورها مع ابنتها، تسارعت ضربات القلب وهاجت أنفاسها بسباقها ليرتفع الصدر وينخفض باضطرابه قائلة بنبرة قهرها وظلمها وحنينها وانهيارها "ابــ أبــ نتي، ابـ نتي"
لاحظ سراج كتابة داخل الظرف حاول أن يتأكد مما رآه ليقطع الظرف وفتحه على مصرعيه قرأ ما كتب بخط رفيع صغير مخفي
"ها هي ابنتك، التقطت صورها واحتفظت بها لاجل ان تسامحيني بحقك، هي الآن تعيش منعمة مرفهة بحضن اكبر عائلة في تركيا ثراءاً، لديها ما يكفيها وأكثر، اصبحت ابنتك وريثة شركات اوزدمير الكبيرة"
اهتز صوته من المفاجأة واتسعت عينيه وهو يكمل "اعطيتها لهم كي يضحك بوجهنا القدر وتتفتح الزهور بحياتنا، كان علي ان انقذ مصطفى من السجن، وأن أؤمن مستقبلكم بعيدا عن الفقر، حتى وان طالت السنين وكبرت حفيدتي وتزوجت وهي بعيدة عنكِ سيآتي يوم ما و تفتحي هذا الظرف لتعرفي الحقيقة وتعيديها واموالها لقلبك، حينها سأكون قد فارقت الحياة سامحيني واطلبي منها ان تسامحني فانا لم ارد غير الخير لكم ولاخوتك"
نظر سراج نحو صور وردته مع أمه على الحائط قائلا
"هل كانت ابنتك"
نظرت للصور بيده ثم نظرت للتشابه و التطابق بينها وبين صورة الحائط ضامة الصور بداخلها وهي تسقط جالسة مكانها أرضا بعد أن أبت أقدامها المرتجفة على حملها أكثر من ذلك، تلجمت بارتجاف جسدها ويديها ليصبح اللسان عاجز عن النطق بشكل صحيح،يتأتأ بكلماتها الغير مفهومة محاولة التحدث، ليسرع سراج بفهم الوضع حاملها بين يديه ليضعها على الفراش قائلا
" اهدئي، ستضرين نفسك بهذا الشكل"
فتح هاتفه ليستدعي الإسعاف
"اريد سيارة إسعاف بشكل عاجل زوجة اخي تتعرض لجلطة ارجو الإسراع"
تركها ليتوجه نحو الخزانة كي يضع داخلها ما اخرجوه بشكل عشوائي مغلقا الباب عليهم مستمعا لصوت
"ادخل بصمة العين لتأكيد الاغلاق"
فعل ما قيل مسرعا بعدها بحمل حياة من جديد ليخرج بها من غرفة أمه ليضعها على الاريكة الخارجية وهو يحثها على الكف عن البكاء.
حاول أخذ الصور أو الرسالة من حضنها دون ان ينجح، أجرى لها بعض الاسعافات الأولية لانقاذها، وصلت الإسعاف وتدخل المسعفين بسرعة بنقلها للمشفى وتخديرها كي يستطيعوا إيقاف دموعها، تذكر سراج نظرات سما له وحزنها الكبير الذي أصابها بعد قدوم آيلا لهم، جلس بجانب غرفة الرعاية المركزة وهو يتذكر صراخها بوجه الطفلة ونفورها منها، حدث نفسه "كيف لم يخطر هذا الاحتمال بذهني، كيف فعلها أخي"
اتسعت عينه وهو يتذكر كلمات أخيه
"لأجل وردتك، ساتزوجها لأجلها"
خالط صوت حياة صوت اركان ليأتيه ببعض الكلمات
"أخي لا تحزن نحن اتفقنا على كل شيء"، "وعدني ان يساعدني بعودة ابنتي"، "ألم ترى تحسن وردتك وهي بجانبها"، "هو يعلم بمكانها صمت وتحملت حتى اعلم منه مكانها او اي تفاصيل تقودني إليها"، "لم أعلم باعجابك بها والا ما كنت اقتربت منها، حدث صدفة انسجمنا وشعرنا اننا نستطيع بناء عائلة جميلة سويا"،" لم ارد الزواج حتى أجدها حتى أنني قررت أن لا اتزوج قط لاجل تعويضها عن بعدي ولكنه أتى وطلب مني الزواج بوعد كبير بايجادها و إعادتها لحضني لتعيش مع ابنائه"
ساءت حالة سراج أكثر بعد أن تبينت و وضحت الصورة أمامه، فلا مجال للتشكيك والدفاع والنفي بعد أن كشفت المخططات وفهم ما كان يدهشه دوما.
تذكر حديثه مع أمه حين سألها عن جد وجدة آيلا وكيف تركوها دون سؤال وكأنها ليست بابنة ابنتهم الوحيدة.
حزن على سما وما فرض عليها ليسيء من حالتها ويقودها بعدها للانتحار.
اتسعت عينيه متذكرا مساومة هاشم له ليؤكد معرفته بعدم انتساب الطفلة لابنته، وقف قائلا لنفسه
"كيف اتفقوا جميعا على هذا السوء!!؟"
شعر هاشم بشيء غريب مريب يحدث حوله، وكأن هناك أيادي خفية تلعب من بعيد لتخرب عمله وخططه، لم يكن خبر امساك الشرطة للبضاعة الاخيرة هينا عليه شك براجح ليتوعد بنهايته ان كان يلعب معه، اتاه اتصاله المنتظر فتح الهاتف قائلا "ماذا تبين معك"
وقف هاشم بقوة صدمته
"لم أفهم عليك، هل تأكدت بنفسك"
رد الرجل عليه
"نعم كما اقول لك، امرأة عجوز غائبة عن الوعي بداخل غرفة عناية مركزة تحمل اسم وكنية نازلي اوزدمير ولكنها ليست هي، حتى أنني سأرسل لك الصور كي تتأكد بنفسك"
أعاد هاشم عليه السؤال
"أأنت متأكد مما تقوله"
رد الرجل بثقة
"وهل له ان يكذب بعد ما فعلناه به واخذناه منه مستحيل، اصبحت حياته وحياة عائلته بين يدينا، تم تبديل نازلي اوزدمير واختفائها تماما"
أصدر هاشم الأوامر المشددة بتتبع خطوات واتصالات راجح كما أمرهم بالبحث عن مكان نازلي ومعرفة إلى اي مدى وصلت حالتها، أغلق الهاتف متذكرًا الخدعة التي قام بها ومكوثه لشهور يمثل المرض بعد شفائه، غضب اكثر على نفسه متواعدا اكثر لراجح.
تسمرت عينيه بثباتها" هي من اختطفت حفيدتها لتأمنها من حضانتي، نعم علمت بمساومتي لابنها على المنتجع وقرب موافقته لهذا اختطفتها"
تذكر ملابسات الخطف وتوقف الكاميرا وعدم سرقة الأموال او التهديد باي شيء مما جعل الشرطة تتعجب بسهولة دخولهم وسرعة الاختطاف والخروج.
في المزرعة البعيدة تحدث أركان لأحد رجاله قائلا
" اريد زرع أجهزة تصنت جديدة عوضا عن التي رفعناها قبل عملية الاختطاف"
تحدث الرجل بقلق
"أليس مبكرا على هذه الخطوة، أخشى أن..."
رد أركان وقال
"ادفع لها ضعف ما اعطيتها بآخر مرة وهي ستفعل كل ما تريده منها، علي أن اعلم ما يحدث بالمنزل، لن أستطيع البقاء بعيدا دون معرفة ما يجري هناك"
رد الرجل
" ان كنت تتحدث عن زواج سراج بيه وحياة هانم فلا اعتقد ان هذا الاحتمال لا زال قائم، كانا سيفعلان ذلك لاجل الطفلة والان لا يوجد شيء يجبرهما على ذلك، حتى أنه... "
صمت الرجل ليسأله اركان
" انه ماذا تحدث"
وبحزن أجاب الرجل
" حياة هانم تعرضت لجلطة بسيطة نقلت على اثرها للمشفى، لم يتحمل قلبها اختطاف الصغيرة"
غضب أركان عليه
" ولماذا لم تخبرني بهذا"
رد الرجل عليه
" لا تقلق انها بخير سيتم حجزها الليلة وغدا ستخرج، لا شيء كبير تم تقديم الدعم الطبي الكامل وبقائها فقط للاطمئنان"
أخفى الرجل عن أركان تفتيش سراج لغرفة امه والمكتب لشعوره أنه خبر لا أهمية له.
اتصل أركان براجح عن طريق الرقم السري والألغاز التي بينهم ليأمره بإنهاء حياة هاشم بغضون يومين على الأكثر.
ذعر راجح من قرار وأمر أركان حاول ان يعيده عنه فالخلاص من هاشم ليس بهذه السهولة، رفض أركان التخفي أكثر من ذلك وأكد عليه انهاء أمره لتعود أمه للمشفى ويظهر هو وكأنه أصيب بفقدان ذاكرة لوقت قصير ثم عاد ليتذكر من جديد.
لم يعلم هاشم ما تم الاتفاق عليه حين اقترح راجح أن تكون وفاته طبيعية أمام الجميع كي لا يفتحوا النار عليهم ويزيدوا من اعدائهم وهم بهذه الحالة.
ولا يعلم راجح وأركان ما خطط له هاشم بنفس الوقت لحرق شركة اوزدمير ونازلي حين تم التبليغ عن الشاحنات الجديدة والمخازن السرية ليس هذا وحسب فلم يترك هاشم عمله ناقصا هذه المرة حين وضع أوراق وتسجيلات تورط وتدين نازلي وأركان بخزينة مكتبها في الشركة.
رغم المهدئات والمنومات الا ان عيونها لم تكف عن البكاء قهرا وحزنا على ابنتها التي كانت بحضنها ولا تعلم بها شيء، وعدها سراج أن يجدها ويعيدها إليها وهو لا يصدق ما يحدث حوله فهو أيضا بحال مزري لا يصدق ما فعله اخوه وأمه التي ليست بأمه.
لم ينتظر راجح انقضاء اليومين لتنفيذ الأوامر عندما وجد حفل العشاء فرصة جيدة للقضاء على هاشم الذي كان فرحا بتحرك قوات الأمن للقبض على اكبر شحنات ممنوعة بداخل مخازن نازلي السرية والغير سرية، فبينما كانت الشرطة تقتحم المخازن والفنادق والشركات والمنزل والمنتجع الخاص بعائلة أوزدمير كان هاشم يتجرع كأس السم وهو ينظر لراجح فرحا بتجرعه نفس الكأس وكأن الله أراد بهذا المشهد أن يجعل نهايتهم من جنس اعمالهم.
تدهورت حالتهما واختنقا دون أن يجدا من ينقذهما فكلا منهم كان يُصر ويعمل بجد كي يستمتع وحده برؤية الآخر وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، في اول الامر ضحك هاشم بمجرد بدأ مفعول السم مع راجح معلنا له عن نهايته، ليسعل راجح من اختناقه وضيق صدره متلفظ آخر كلماته "ليس وحدي من سأذهب، لن اتركك خلفي يا هاشم"، ازداد راجح سوءا واختناقا لتسوء حالة هاشم وتبدأ أعراضه التي ضربته بقوة منهية حياته دون السماح له بأن يستنجد بأحد.
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.