"إنها غيوم الحياة"
بقلم أمل محمد الكاشف
تعرض صادق لأزمة قلبية أشد قسوة مما سبقوها، وصل الخبر لنازلي التي اصدرت الأوامر بفحصه وتلقيه العلاج تحت ايدي واعين رجالهم، تم استدعاء طبيب الشركة الخاص بهم للمكان الذي خفي فيه عن الأعين ليضع له حبة أسفل لسانه كي يهدأ حالته حتى يستطيع فحصه، بالمدينة الجديدة أصر مصطفى على إخفاء مكان حياة وزواجها عن والدها محذرا أمه من جديد بعدم فتح هذا الحديث وإلا سيبرأ ذمته ويخبر أركان بيه عن مدى خطورة ما ستفعله، اتسعت عينيها "هل ستبيع امك يا مصطفى"
رد عليها بغضب
"سأفعلها، ان استمريتي بضغطك وتكرار فتح الموضوع كما تفعلين سأخبره حتى يكون باستقبال حماه المتوفي قبل سنوات، وايضا عليه أن يعلم ماذا سيفعل حين تحكي له ابنتك عن العملية وطفلتها التي أخذوها أخوتها الظالمين وألقوا بها في الشارع"
بكت حميدية بندم
"يا ليتنا لم نفعلها، أنظر لحالتنا، ذهبت راحتنا وأموالنا، لم نكسب من خلفها الا الكره والشتات والحزن"
نظر للطعام الشهي على مائدة الطعام قائلا
"ألم ترى عينك النعم التي اكتسبتيها، أم أن حميدية هانم اعتادت عليها حتى نسيت الملح والسكر التي كانت تبحث عنهم لتشبعنا بهم دون أن تجدهم"
استقل سالم مقعدا في اتوبيس سفر متوجه لانقرة وجلس عليه وهو يحارب ماضيه وذكريات ذنوبه المؤلمة.
في اسطنبول كانت الموازين قد انقلبت بشكل مخيف حين وصلت لهاشم رسالة تهديد مضمونها
"لتعلم جيدا مع من تلعب"
انتفض وهو يصرخ بقوته
"من يهدد هذا الهلفوت، هل صدق نفسه، هل كبر علينا حتى هانت عليه روحه"
فتح هاتفه وتحدث بالهاتف
"نفذ ما أمرتك به، ترقب الوضع وكن على استعداد للتنفيذ بأي لحظة"
أغلق الهاتف وهو يقسم على حرق روح أمه عليه حتى يكون عبرة لكل من تسول له نفسه بالوقوف أمام هاشم اوغلو.
عاد سراج للمنزل بعد يوم معبئ بالأعمال الكثيرة متعجبا من حالة الهدوء والسكون به، كان سيذهب لغرفته لولا اشتياقه لوردته وتفكيره بوضع حياة وما دار بينها وبين أخيها، تحرك متجه نحو غرفة الصغيرة متمنياً رؤيتها بالداخل ليتحدثا بمشكلتها، فتح الباب لتقف المربية وهي ترحب به دخل بوجهه المبتسم ناظرا لآيلا النائمة، أتت نارين للغرفة متفاجئ بوجود سراج الذي ألتفت نحوها قائلة "سراج بيه اهلا بك، جئت لأخبر السيدة فيفيان بتحضير طعامها، إن أردت تحضير الطعام.."
قاطعها متسائلا عن أمه وأخيه، اجابته
"أركان بيه في غرفة المكتب، بينما نازلي في غرفتها"
شكرها رافضا تناول طعامه بالوقت الحالي ثم نظر للمربية سامحاً لها بالذهاب والجلوس براحه هناك فهو يرغب ان يقضي وقتا كبيرا بحضن وردته التي اشتاق لها.
أستاذنا منه وخرجا مغلقين الباب خلفهم، تردد باتصاله الذي أجراه بالاخير وهو يبدأ حديثه
"اعتذر عن الاتصال بهذا الوقت المتأخر ولكني أردت أن اطمأن هل اخذتي الصور من اخيكِ، من المؤكد أنه أخبرك بتفاصيل جديدة تساعدك بالوصول لها"
صدم بنبرة صوتها ويأسها، لم يقبل هزيمتها من اول جولة حثها على الصمود والمثابرة من أجل ابنتها، بكت أكثر وهي تقطع قلبه بصوتها
"وكأني أصبحت فارساً بلا درع، أتلقى سهام الخيبة من أقرب الناس لي دون قدرة على الرد او التصدي لهم، اعتزلت الحياة والناس من زمن بعيد ولكنهم أبوا أن يتركوني وشأني، رغم لا فرق لدي بين وجودهم وعدمهم، فأنا غريبه في كلتا الحالتين، حتى أحلامي البسيطة جعلوها معقدة، ظلموني حينما حولوا آمالي إلى آلام، خدعوني حين قالوا لي " غداً تكبرين وتنتهي همومك" ، قابلت الحياة بأحلامي وآمالي لتقابلني هي بالخذلان".
وعلى رأس مكتب أمه كان أركان يمسك بكأس الماء ليشرب على مضض ما أدمن عليه لشهور دون علم منه، دخلت أمه عليه الغرفة لتجلس أمامه قائلة
"حسناً لم اراجعك على ما فعلته، بل واعطيك الحق به فلا يمكننا تمرير جرمهم وتعديهم عليك بهذه السهولة، ولكن من الان وصاعدا علينا أن نفتح أعيننا وننتبه أكثر من السابق كما علينا أن نعجل بسفركم واخفائكم، تغيرت الخطة ستسافر وتختفي حتى يتم شفائك وتعود بعافيتك الكاملة ومن بعدها سنكمل حياتنا بشكل طبيعي دون هاشم الذي سأقضي عليه وعلى نسله بهذه الفترة القصيرة، لا داعي للتحجج بالأعمال والشركات"
رد أركان على أمه بغضب
"لن أذهب لأي مكان قبل أن أخلص حسابي بيدي، سأجعله يندم على ما فعله بي"
انهى كلامه شاردا قليلا بوجههُ الذي رٌسمت عليه ملامح الفرح المعاكسة لحالته قبل ثواني مكملاً
"رغم أنه لا يعلم ما قدمه لي من خير"
حزنت نازلي مما تراه أمامها، تحرك أركان من على مقعده ليذهب لزوجته وهو يقول
"لأنظر إليها من الجيد سماعها للكلام الحمام الدافئ سيهدي روحها، لنمسك بها قبل نومها لعلنا ننسى ما مررنا به"
ضحك واقترب من أمه بحالته المختلطة ليقبل وجنتها مكملاً
"من الواضح أنكِ ستحملين ولي العهد قريباً كوني مستعدة لذلك"
خرج من الغرفة لتغمض نازلي عينيها حزناً عليه مستمعة لصوت الأب داود وهو يقول لهم
"يجزى الإنسان بما كسبت يداه، ستدور الأيام ويسقى كل ساقي من دلوه، إياكم والمال الحرام فهو كالنار يأكل كل مثمر، تزرعون وتهتمون وتحاربون حتى تروا أجمل وأفضل ثمار تخرج لتزين الحياة من حولكم، تفرحون وتسعدون وتشعرون إنكم على الطريق الصحيح، وبعد أن يريكم الله العدل نتائج ونجاح سعيكم و حرثكم بالحياة يأتيكم بقصاصه ليكن من جنس عملكم أن كان خير فليصب عليكم بالخيرات والكرم، وان كان شر محرم فسترون احتراق الثمر واندلاع الحرائق بكل مكان جاهدتم بهِ لتقضي على عمر وسنوات مضت بكفاح وجد وقلق وخوف وظلم، تجدون أنفسكم تتمنون أن تعودوا للصفر دون أذى أو عقاب ولكن العدل يأبى ذلك، فبجانب حرق الثمار ستحرق الأرواح وتعذب بالاسقام والاقدار المؤلمة ليجعل الله أصحاب المال الحرام والطريق الحرام عبرة وعظة وآية كبرى من آيات القصاص والعدل، إياكِ يا ابنتي والطريق الحرام، إياكِ والمال الحرام، لا تجعلي نهايتك كنهاية والديكِ، فلتكتبي لنفسك بداية جديدة مليئة بالنقاء والعفة والطهر"
اختنقت نازلي وهي تتذكر أعمال والديها ونهايتهم المظلمة، اختنقت أكثر وهي تتذكر رعاية وتحذير سالم الدائم لها كي لا تسلك طريق والديها، وقفت وتحركت حاملة بقلبها ذكرياتها المؤلمة حين اصطحبها والدها لأرض جرداء بها غرفة حجرية قديمة شبه مهدمة بفجر ليلة شديدة الظلام، سحبها ليدخلها بها وهو يحثها على الشجاعة والقوة كي لا يقدر عليها أحد بهذه الحياة، فتح بوجهها غطاء ارضي دخلا عبره لغرفة أسفل حطام الغرفة العلوية، لتجد أمها تنتظرهم بالأسفل.
جلست نازلي على فراش غرفتها بصدرها المنقبض بماضيها وهي لا زالت تتذكر حديث أمها
"اقتربي يا زينب وانظري كم أنتِ ثرية"
اقتربت لتجد صندوق به بودرة بيضاء كالدقيقُ الفاخر، نظرت لأمها بعين تتسائل عن الأموال والذهب وما يعيه عقلها من مفهوم الثراء، تحدث ابيها
"هذا هو الثراء الذي لا يفنى، أنه كنزك الثمين الذي سيعلو بكِ دون الحاجة لأحد، كلما مر عليه الزمن كلما زادت قيمته والتهافت عليه، انه سرك الكبير من الان وصاعدا، لتحافظي عليه وتضعيه بعينك، اياكِ ان تظهريه أو تفشي بسره لأحد، سيضيع خيره وتنتهي حياتك بالسجون او الفقر"
ظلت صامتة تتذكر وصايا والديها وأسماء الرجال الكبار بعالم الأسود وهم يكرروهم على مسامعها كي لا تنساها، لم تكمل زينب عدة اسابيع قليلة بعد هذا اليوم الا وجائها خبر وفاة والديها بموتة بشعة مخيفة، يومها تكالب الضباع عليها ليصفوا بها خيانة والديها وسرقة بضاعتهم.
وبطريق عودته لأنقرة بعد أن وضع العجوزين بأمانة الجيران، كان هو أيضا يتذكر ماضيه وكيف وجد زينب بوجهها الخائف المذكور وسط جموع الرجال منهم من يريد اصطفاءها لنفسه، ومنهم من يريد قتلها، ومنهم من يريد تعذيبها حتى الإدلاء بمكان البضائع، انقذها ونسبها لوالده الكبير بالقدر والقيمة حتى أصبح الجميع يخشى الاقتراب منها، تألم عندما تذكر رفض والدها زواجه منها وهو يقول
"النبات السيء سيعود لسوئه نحن لم نرى صدق توبتها ونواياها حتى الآن لا يمكن ائتمانها على نسلنا، توليت حمايتها ولكني لا أقبل بزواجك منها وبقلبي العديد من علامات الاستفهام التي تحيطها، قلبي غير مرتاح يا بني سامحني لا أستطيع تخطي قلبي والسماح لك بالزواج منها، اخرجها من قلبك يا بني هي لا تليق بك، هي أخت لك تساعدها وتعينها فقط، عدني يا بني على ذلك"
أخذ سالم نفسا قويا متذكرا موت أبيه بعد معاناته مع المرض وما تلى الوفاة من استياء نفسيته حزنا عليه، ليسرع بتنفيذ وصيته في الزواج السريع وتكوين أسرة من بعده، اختار أحد الجيران له عروس أرملة تدعى حميدية توفى زوجها بصباح عرسهم تاركها حاملة برحمها ولد من صلبه، وافق سالم على زواجه دون أن يراها او يتحدث معها فكان القلب لا يرى سوى زينب بتلك الفترة، والزواج مجرد تنفيذ للوصية فقط.
وبينما كان سالم يتذكر وهو على طريق العودة لأنقرة كانت نازلي هي أيضا تتذكر على فراشها يوم وقفت بوجهه رافضة قرار زواجه من حميدية عارضة نفسها عليه ليتزوج منها لينشئا عائلة جميلة كما كان يحلم الأب داود تألمت حين تذكرت كسره لها برفضه الغير مبرر، بكت وتوسلت له أن لا يتركها وحيدة بهذه الغابة المخيفة، وعدته ان تكون ملك يديه تطيعه وتسعى معه بالعمل والجد حتى يحقق ما يُريد وأكثر، ولكنه رفضها وهو يرى دموعها وكسرتها أمامه، كادت نازلي أن تبكي وهي تحدثه بنفسها
"لماذا تركتني، ماذا كان سيحدث من سوء أكثر مما نحن به، أنت رحلت وانا هنا احارب الضباع وحدي"
تألمت حين تذكرت قسمها على انهائه كي لا تهنأ زوجته به فرغم انتقالها قبل عدة ايام من زواجه إلا أنها كانت تتردد عليه بالخفاء لتدعمه بالمال وهي تخبره عن عملها الجديد، فعلت به ما فعله هاشم بابنها حين سلطت رجل عليه كي يتقرب منه ويدعمه بالاموال حتى أصبح منقادا له لا يرفض له طلبا، اغواه بطريق الشرب والادمان حتى انقلب الحال وأصبح ذليلا ينقاد خلف المال ليحصل جرعته اليومية، كان الوضع مرضيا بالنسبة لها في أول الطريق وهي تتلذذ بلجوئه وحاجته لها لتمده بالمزيد من الأموال والمواد التي يدمنها بحجة أنه لا يهون عليها، كان بمثابة درع حامي لها من الماضي الذي تهربت وتخفت عنه ومحته من حياتها حتى أصبح سالم عبئ على حياتها الجديدة التي رسمتها مع زوجها رجل الأعمال الثري.
بالجانب الآخر على الطريق السريع كان سالم يتذكر استقرار حياته الزوجية بأول ايامها وإن كانت خالية من المشاعر حتى أتته زينب لتخرب حياته و القضاء عليه بالادمان، حدث نفسه بحزن كبير
"أنت محق يا والدي، يا ليتني لم أتي بها لمنزلنا، استغفر الله العظيم واتوب إليه"
في غرفتها كانت حياة تحاول مع زوجها لتستخرج منه أي معلومات جديدة عن طفلتها ولكنه لم يتجاوب معها كل ما كان يفعله ويتملك تفكيره كيفية جعلها تستجيب له وتملكه من نفسها برضاها، لم تكن بهذه السهولة فقلبها يحترق من غليان البركان بداخله من الحقائق التي ضربت بها حين اكتشفت جرم عائلتها وتكالبهم عليها لينسفوا باحلامها البريئة ويقصفوا قلبها بعاطفة الأمومة التي حرمت منها، كانت تتذكر أحاديث أمها عن الأطفال ومحبتهم وكيف يصبحون روح لا تتجزأ منها وهي تقول لزوجها
"كيف هان عليها تعذيبي بهذه القسوة، كيف ظلتمني وعلقتني بها وهي تعلم حقيقة عدم بقائها معي، يا ليتها ماتت برحمي حتى لا اتعذب بنارها"
تلفظ قلب أركان متحدثا
"حفظها الله من السوء"
صدمت يدها على صدرها بعيونها الباكية
"هنا يحترق نار مشتعلة، ليس مجازا أقسم أنني أشعر بها تحرق روحي وقلبي"
اقترب منها وهو يحنو على ظهرها هامسا بأذنها
"اتركي نفسك لي وانا سأهدئ نارك، أنا الوحيد الذي يستطيع تهدئة هذه النار فقط اتركي نفسك لي"
رفضت مبتعدة عنه
"بماذا تتحدث أنت، أقول لك أنني احترق وأنت تريد أن أترك..."
سحبها نحوه بقوة
"لا تكوني عنيدة، سنستمتع سوياً لننسى همومنا"
أفلتت يدها من يده قائلة بحزنها
"أتركني لا تقترب مني، لن اسلمك نفسي و حياتي حتى تفي بوعودك، عليٌ ان أأمن على نفسي معك اعد لي أبنتي وأنا لن أسلمك نفسي فقط بل سأسلمك روحي وكل ما أملك بهذه الحياة، سأفعل ما تريده دون كلام او معارضة"
همَ بها بعد أن سيطر عليه ما يدمنه و اعمى عينيه، بكت قهرا وهي تدفعه عن روحها المحترقة
"لا استطيع يضيق صدري من قربك، اقسم لك أنني أحترق، أتركني، أركان نفسي يختنق، أركان أتركني لاتنفس"
تهربت بوجهها وجسدها حتى وصلت لحافة الفراش ودفعته بقوة اسقطته بها أرضا، نظر إليها بعيون تشع بالشر والغضب الذي صاح به
"ماذا تظنين نفسك، هااا ماذا تظنين نفسك"
قام من الأرض ليصدم كتفها بقوة هزتها واسقطتها للوراء بقوة مكرراً
"ماذا تظنين نفسك"
نظر لها بازدراء مكملاً بغضبه
"في حين تتهافت علي الجميلات الحسناوات الفاتنات متمنين أن أنظر لهم بطرف عيني تأتين أنتِ.." وحرك السبابة عليها كما يحرك عينيه المقللة من قدرها "وترفضين النعمه وتزيدين عليها بالشروط"
حسن ملابسه بوجهه المقتضب وتحرك نحو المرآة ليمشط شعره أخذا زجاجة عطره القديم ليغرق نفسه بها وهو يتوعد لها بغضب
"سأجعلك تندمين على تمنعك هذا، تذكري حديثي جيداً كي تعلمين من المذنب حين تندمين، بالرغم إنكِ بكل الحالات كنتِ ستندمين، فلا تعتقدي بعقلك الصغير إنكِ بهذه الحالة المبتذلة ستكفين أركان اوزدمير الكبير، انظري للصور التي تحتفظين بها لتعلمي القدر الذي يتوجب عليكِ الوصول له حتى تحظين بالتفاتي لكِ"
تحركت ببكائها وقهرها والنار التي تأكل روحها واقفة بوجهه
"لا يمكنك الخروج، لن اسمح لك بخيانتي أمام عيناي وأنا صامتة، لا لن اسمح لك بأهانتي"
تعذب فؤادها برائحة عطره التي ضربت الماضي المرير بوجهها لتزداد سوءا صارخة بوجهة
"لماذا تزوجتني، لماذا أتيت بالمبتذلة وجعلتها زوجه لك، ما الذي أجبرك على الزواج مني"
امسكها من كتفيها ليرجها بقوة
"ابتعدي عن طريقي حتى لا أرتكب جريمة الان"
ألقى بها جانبا لتسرع وتقف أمامه من جديد
"ارتكب لأرى هيا انهي حياتي لارتاح، هيا خذ روحي حتى أرتاح مما أنا به، هيا ارجوك افعلها ولا تتردد هيا"
ألقى بها جانبا مجدداً وفتح الباب ليخرج، أسرعت بأخذ حجابها الملقى على المقعد و وضعته على رأسها عشوائيا بلمح البصر لتعود إليه واقفة أمامه
"أنت مثلهم، أنت أيضا خدعتني بوعودك، انت تشبههم بكل شيء"
غضب أكثر مقتربا من وجهها بوجه المخيف قائلا
"لأنكِ غبية، يحدث هذا بكِ لأنكِ غبية"
صرخت بكل ما أوتيت من قوة
"لستُ غبية بل أنتم المخادعين، أنتم السيئون، الضعفاء، الكاذبون"
رفع أركان يده ليصفعها على وجهها لولا خروج سراج من غرفة آيلا باخر لحظة ممسكا بيد أخيه الذي ثار على زوجته أكثر
"أنتِ حمقاء غبية تستحقين ان يأخذ منكِ ابنتك وروحك دون مقابل لا مادي ولا روحي"
صدمها بكتفها بقوة ادمانه و فقدانه لعقله على الأخير لتسقط للوراء على أثرها مصطدمة برأسها على الحائط، وقف سراج أمامه وهو يصرخ بوجهه ليعيده لعقله، ركلها بقدمه و همَ ليزيد عليها بضربه رغم صراخ اخيه وامساكه له، أسرعت مهرولة بملابس نومها خالعة حاجب الضوء من على عينيها المذعورة وهي تستمع لابنها يقول
" انتِ لا تستحقينها، لتتعذبي بقربها وبعدها، حياتها وعدمها، تعذبي، موتي، موتي بعذاب فقدانك لها وهي بين يديكِ"
تراجعت نازلي خطوات لتتصل براجح مخفضة صوتها وهي تآمره بسرعة قدومه
"سنبدأ ما اتفقنا عليه فورا هيا أسرع، احضر من يساعدك على التنفيذ الإجباري"
لم يكتفي أركان بذلك فأصبح يضرب أخوه حتى يتركه ليخلص على زوجته العنيدة المذبوحة التي قامت واقتربت منه لتصدمه بضربها وهي تصرخ به
"كيف بعيدة وقريبة، أين ابنتي، قل لي أين ابنتي"
نطحها بوجهها ليصيب انفها وهي تصرخ بوجهه، صرخت بتألمها ليصدمه سراج بالحائط محاولا السيطرة عليه وهو أشد غضبا، توعده أركان بحرق روحها بخيانتها التي ستصبح تحت أعين الجميع كل ليلة.
عادت بنزيف انفها لتنهال عليه بالضرب والصراخ والبكاء
"لن اسمح لك، لن اسمح لك"
تفاقم المشهد حين دفع أركان أخيه عنه شاهرا بوجههم السلاح، اتسعت عين نازلي حتى كادت أن تفقد الوعي مما تراه أمامها، وقفت أمام أركان ممسكة بسراج في حضنها
"اذهب أينما شئت لن يمنعك أحد"
تحدث أركان بعد أن سيطرت عليه المادة المضروبة التي تناولها
"ليس قبل أن أخلص عليه وعليها، ليعلموا ان لا أحد يمكنه الوقوف أمامي"
أسرعت نازلي بإمساك السلاح المصوب على سراج من يده لتخرج منه رصاصة طائشة لم تأتي بأحد، صرخت حياة واضعة رأسها بين يديها وهي تقترب من سراج واقفة خلفه لتحتمي به.
تحدث سراج لأخيه وهو يضع أمه بجانب حياة خلفه وهو يصيح بوجهه وفمه المتسع
"عد لعقلك ماذا ستفعل هل ستطلق علينا الرصاص"
عَمَرَ سلاحهُ من جديد مصوبه على سراج الذي كان يثق من عدم استطاعته الضرب عليه قائلا له
"وسافعل أكثر من ذلك"
أسرعت نازلي لتلقي طلقات النار واحدة بكتفها والأخرى بمنتصف ظهرها والاخيرة بقدمها حين أطلقها وهو هارباً من المنزل لتسقط بين يدي سراج تعالت صرخات حياة على صوت نازلي وهي تقول لابنها
"لا تترك أخوك، لا تتركه، أذهب خلفه، لا تتركه ضحية…" فقدت وعيها
أنهى استنجاده بالإسعاف ليمددها بعده أرضا على بطنها سحب بيده المرتجفة مفرش من أعلى طاولة تزين بجانبهم و وضعها على الجرح بظهرها
"لا تتحدثي، ستكونين بخير لا تتحدثي"
أما حياة فكادت ان تفقد عقلها مما رأته أمامها، لولا سماعها بكاء الصغيرة وهي تقترب منها بخوف وذعر مستنجدة بحضنها الذي غلفها وخبئها من ثقل المشهد الذي هم به، صاح سراج مناديا على الخدم المختبئ من خوفه دون أن يجيبوه.
انطلق أركان بسيارته بقوة كبيرة متوعدا بإنهاء الجميع وهو لا يعلم بمن كان يتربص له متواعدا بانهائه، ليحدث ما كان يأمر بتنفيذه للخلاص من كل شخص يرفع صوته عليه، اجتمعت سيارات كبيرة حوله لتجبره على خفض السرعة التي لم تنخفض بتعطل المكابح، حاول ايقاف سيارته اكثر من مرة دون استطاعة فهم الوضع فهو أشد من يحكم هذه الخطط وينفذها بنجاح كبير، صرخ بقوة "خيانة"
رفع هاتفه ليتصل براجح الذي كان شاهدا ومصدوما مما يحدث معه، وبلحظة والأخرى سقطت سيارة أركان من أعلى الطريق الذي أجبر على السير منه، كان صوت تخبط سيارته وتطاير القطع المعدنية منها بل وانفجارها القوي فور وصولها للاسفل محط أنظار وكاميرات المحيطين منهم ليبرد بهذا نار كل مظلوم دعا على ظالمه، كانت الحادثة غريبة من نوعها كونها بالطريق العام المعبئ بالكاميرات على غير العادة بهذه الجرائم فمن الواضح أن هاشم أقسم على سرعة انهائه ليعلم نازلي درسا كبيرا، استغنى عن عدة رجال للوصول لهدفه الذي تفاجأ بعده بخبر نقل نازلي للمشفى وهي بحالة خطيرة، لم تترك حياة الطفلة خلفها اخذت غطاء كبير وخبئتها تحته وهي تضمها بصدرها مسرعة خلف سراج الذي
نظر نحوها والدماء تلطخ ملابسه ويديه
"ابقى هنا لا يمكنكم بهذه الحالة"
اجابته بعينيها الخائفة ونبرتها المهتزة من ذعرها
"لا تتركنا استحلفك بالله لا تتركنا خلفك"
لم يستطع معارضتها اسرع بفتح باب سيارته ليدخلها أخذا من احد الخدم جاكيت فرو كبير وطويل خاص بها و صعد بجانبهم واضعه على قدميها ليقود سيارته بسرعة خلف سيارة الإسعاف دون صوت لا منهم ولا من الصغيرة التي سقطت بخوفها وذعرها من جديد.
وصلا للمشفى وهم يرون المسعفين يسرعون بنازلي للداخل، اقترب منها ليأخذ آيلا المخبئة بالغطاء وبدون كلام اخذت منه معطفها وارتدته سريعا مغلقة حاجبها بشكل أفضل مقتربة منه بسيره لتأخذ الصغيرة رافضة ابتعادها عن حضنها، اوقفهم مراسلوا الصحف والاعلام ليسألوا سراج عن كيفية إصابة نازلي هانم وهل كانت مع أركان لحظة سقوط سيارته أم تصادف قدرهم بنفس الوقت.
صدموا مما سمعوه ليتسألوا سوياً في نفس واحد "كيف سقطت سيارته"
فتح هاتفه وهو يحاوط حياة بذراعه مسرعا للداخل، لا أحد فيهم يشعر بتلامسهم وتخبطهم بذعرهم وما هم به من أهوال.
وصل سالم لأنقرة يخطو بالطرق بخطواته المتثاقلة بذنوبه الماضية، استقبله صديق الصغر بمنزله وهو لا يصدق رؤيته مجدداً قائلا بنبرة فرحته "لم أتعرف عليك بالبداية كيف تغيرت بهذا الشكل، حمدا لله على السلامة يا أخي، صدق المعلم بيراق رحمة الله عليه وهو يؤكد على عودتك التي انتظرها كثيرا ولم تكن من نصيبه"
رد سالم بحزن
"هل مات بيراق على ما هو عليه؟"
استغرب صديقه متسائل
"كيف على ما هو عليه؟"
حزن سالم أكثر داعيا له بالرحمة، حدثه الرجل عن أمانة لديه من المعلم بيراق عليه أن يعطيها له كي يرتاح قلبه بتنفيذ وعده للرجل الطيب الذي رعاه طوال عمره.
سأله سالم
"هل لا زلت تعمل بتجارتك"
ضحك صديقه
"هل اشتاقت روحك لرائحة تجارتنا"
تلفظ سالم
"أعوذ بالله لقد تاب الله عليّ من هذا الطريق لم أعد اشرب أو اتاجر به، أكرمكم الله بتوبة لا عودة بعدها أبداً"
قام صديقه ليذهب لغرفته عائدا بلفافة من الجلد القديم وأعطاه إياها وهو يرد عليه
"مشكلتك إنك تذوقت من السم الذي تبيعه، لهذا سقطت وانتهيت به"
أخذ سالم اللفافة وهو يدعو الرجل للكف عن تجارته بالمحرمات وأن يكفي الناس شر هذا السم، ويعود لله بتوبة نصوحة تريح صدره وترضي ربه عليه.
استهزأ بكلامه وأصبح يضحك ويمازح واضعا له أشهى الاطعمة أمامه، شكره سالم وتحرك مستاذنا منه ليذهب لمنزله القديم، وبفضول سأله صديقه
"ألن تفتح الأمانة"
نظر سالم للفافة بيده ثم رفع نظره نحوه
"لا طاقة لي الان ارهقني الطريق الطويل ساستريح ومن بعدها افتحها على مهل"
عرض عليه صديقه أن ينام بمنزله حتى يأمر بتنظيف منزل الأب داود القديم، ليرفض سالم أي مساعدة منه وتحرك ليخرج من المنزل وبقلبه العديد من الأسئلة التي لم يعد يتحمل الصمت عنها، استدار متسائلا عن عائلته زوجته وابنته و ولديه أين هم وكيف أصبحوا، حزن صديقه وهو يقول
"لا نعلم عنهم شيء استيقظنا بيوم ولم نجدهم بيننا، مصطفى لا يشبهك، خرج من البلد وابتعد دون سلام عكس صادق الذي كان ينعته المعلم بيراق بالحاج داود رغم اختلافهم طبعا، ولكنه كان يقول دوما أنه يحمل قلب جده"
شكره سالم واكمل سيره بحزن أكبر على ما افنى شبابه به، أخرج مفتاح قديم فتح به منزل أوشك على السقوط لم يستطع أن يخطو عدة خطوات بداخله من شدة الأتربة وظلمة المكان، جلس بباحته المسورة بجدار متهالك فاتحاً اللفافة بيده قارئاً بها ما أعاده لماضيه وما اقترفه من ذنوب، كان هناك العديد من الأسرار والخبايا على رجال ونساء يدفعون الاتاوة شهريا لعدم فضحهم، وهناك حقائق تخرب بيوت وتميت قلوب، كان يتألم مما يقرأه مستغفرا ربه له ولهم حتى وصل لاوراق تخص زينب داود استقام بجلسته وهو يقرأ سوئها وكم تجبرت وتملكت بدنياهم، كتب له عن هاشم وتجارتها ومخازنها السرية التي لا يعلمها غيره حتى وصل لزواج ابنته حياة من ابنها الأكبر بعد تعرفهم عليها بمدرسة لتعليم الأطفال، كان بيراق قويا ماكرا لا يعمل مع أحد دون أن يترك أي تفاصيل ولو صغيرة عنه وعن عائلته، استغرب سالم من كتابة بيراق "لم ارد التدخل وإيضاح العلاقة بين عروستهم وبينك، أنت ابعدتها عن حياتك وعائلتك من اول يوم وانا حافظت على هذه الرغبة بغيابك، لا أحد يعلم ما أخبرتهم به ابنتك فلتعيش سعيدة منعمة بخيرهم"
صُدم بخبر سجن صادق ورعايته له بالداخل، حزن بشدة قائلا لنفسه
"ان لم يعلموا أولادي بأمرها، فهي تعلم جيدا بأمرهم، لقد وضعتهم أمانه بيدها، هل زوجتها أبنها لأجل المحافظة على امانتها"
اغمض عينيه مكملا حديثه مع نفسه "وهل يؤمن الخائن، رحمة الله عليك يا والدي"
تحرك ليجمع أغصان الشجر والاخشاب ليشعل بهم ويتدفئ، أخذ وقتا ليس بقليل حتى نجح بجمعهم واشعالهم ملقيا بداخلهم جميع ما أتى باللفافة قائلا
"عفى الله عما سلف ليجعلها الله هداية لهم"
احتفظ بالجزء الخاص بنازلي وتراجع عن إلقائه بأخر لحظة لحاجته لعناوين وتفاصيل قد تفيده بجمع شتات عائلته.
اقترب الطبيب من سراج هو يسأله بشكل سريع عن حالته الصحية والامراض التي يحملها، أكد سراج أنه بحالة صحية جيدة تمكنه من التبرع بالدم إن كانوا بحاجة لذلك، وبالفعل تحركا ليذهبا للقسم الخاص بالدم وقفت حياة واسرعت خلفهم بخوف لينتظرها سراج وهو يحاوطهم بذراعه دون لمسها، ناظرا للتي دفنت راسها بصدر مأمنها بحزن كبير، وصل راجح للمكان ليقترب سراج منه متسائلا بسرعة كبيرة عن وضع أخيه ليخبره بعدم وجود أخبار جديدة عنه، أمره سراج بالعودة لمكان الحادث وعدم التحرك منه حتى يطمئن على انتشال السيارة وإخراج أخيه منها، كان يتحدث بقوة وهو يشدد على تكثيف الجهود لإخراج أخيه من حطام السيارة
لإنقاذه قبل فوات الأوان
لبى راجح الأوامر وتركهم ليخرج على عجل من المشفى مجرياً عدة اتصالات بوجه غريب وعيون تتلفت يمينا ويسارا.
طلبت حياة أن تتبرع هي أيضا ليتم أخذ عينات منهما وجعلهم ينتظرون بالخارج بعدها، مد سراج يده ليأخذ وردته من حضن حياة قائلا بصوته الحزين و وجهه الذي كان يصف هول ما هم به
"اذهبي للحمام اغسلي وجهك وحسني من وضع حجابك"
تشبثت الطفلة بحضن عمها مشددة بقبضة يديها عليه ليحنو على رأسها ويقبلها وهو يحدثها بصوت هادئ منخفض بجانب اذنها
"أنتِ معي لا تخافي، هيا افتحي عينيكِ واشربي الحليب"
وضع يده بجيب معطفه ليخرج منه علبة حليب صغيرة فتحها وهو يقربها من فمها مكملا حديثه لها
"لا تفتحي عينيكِ افتحي فمك فقط واشربي"
اقتربت حياة بجلستها قليلا
"هيا يا أمي افتحي فمك يا حبيبتي" حركت يدها على رأسها لتحنو عليها وتهدئ خوفها وهي بحضن عمها الذي كان ينظر لحديثها ونعتها بابنتي وأمي.
فتحت آيلا فمها لتشرب القليل القليل حتى توقفت دون أن تكمل، لم يرد سراج الضغط عليها بل لم يعد لديه طاقة او حيل لفعلها، كان وجهه المفعم بتعابير الصدمة واعينه الحمراء المقطرة بالدموع التي تسيل منها رغما عنه خير شارحا و وافيا لحبه لأخيه وأمه وخوفه عليهم، لم يستوعب وفاة أخيه بل ولم يرد عقله تصديق ما يشاع بالاخبار متأملا انتشال سيارته وانقاذه.
أتاه الطبيب وهو يسأل عن أقاربهم من جهة أمه لحاجتهم العاجلة للدم، فالحالة خطرة وانتظار وصول الدعم من قسم الدم الرئيسي سيستغرق وقت ليس بصالحهم.
وقف بسرعة محتضن من ارتعب قلبها وتمسكت بحضنه أكثر قائلا
"سأتبرع أكثر من مرة حتى تكتفوا، عمري و صحتي يسمحون لي بذلك"
تحدث الطبيب ليصدم سراج
"مع الأسف زمرة دم المريضة لا تقبل التوافق مع زمرتك، علينا أن نحصل على متبرع من نفس الزمرة، نحتاج لاقاربها بالدم"
رد سراج بعقله الغير مستوعب
"وهل تريد أقرب من ولدها، يستحيل أن تتعارض زمرتنا"
نظر الطبيب لحياة قائلا
"يمكننا أخذ كمية اضافية منكِ ان كنتِ تشعرين بحالة صحية جيدة، لا تقلقي سيتم دعمك بجلوكوز طبي على الفور كي لا تتأثري"
اقترب سراج من الطبيب واضعا يده على ظهر الصغيرة بحضنه
"هل توافق معها ولم يتوافق مع ابنها"
تحدث الطبيب له
"أعتذر وبشدة اعلم انه ليس مكانه او وقته لاخبارك شيء كهذا، ولكن ما رأيناه ينفي صحة ما تقوله، يعني كيف سأخبرك... "
صمت الطبيب ليتسائل سراج عن نوع زمرة أمه منصدما من الإجابة، فتح فمه متحدثا بصوته المختنق
"هل تلعب معي، هل ترى انه وقت لهذا الهراء"
أسرعت حياة لأخذ الطفلة من حضنه ليكمل هو غضبه على الطبيب الذي رفض تمادي سراج عليه محذرا من تخطيه حدود الاحترام وتعديه عليه وهو يؤدي عمله.
رد سراج بغضبه
"أمي تصارع الموت بالداخل وانت تمزح معي هنا، أذهب وتأكد من زمرتها مرة أخرى كي تقوم بعملك جيدا والا سأجعلك تندم على اليوم الذي أصبحت به طبيبا"
غضب الطبيب عليه
"من تكون لتجعلني اندم على مهنتي، أنا الذي سيجعلك تندم على التحدث معي بهذه الطريقة"
نادى الطبيب على الأمن ليصرخ سراج وهو يهدده بسلطته ونفوذه وكأنه اشبه بأخيه في هذه اللحظة، تدخل عدة أطباء ليهدؤوا الوضع، تم فصلهم عن بعضهم ليقترب طبيب أكبر واعلى بالتخصص متحدثا مع سراج بجدية كبيرة
"لا داعي للغضب نحن نؤدي عملنا ونحاول إنقاذ المريضة بأسرع وقت، أكياس الدم بالطريق إلينا أردنا دعما منكم حتى موعد وصول الفريق الطبي ولكن لا عليكم اجلسوا أنتم ونحن سنهتم بالوضع"
غضب سراج أكثر متحدثا بصوت مرتفع
"وكأنكم تقولون أمك ليست بأمك وعليك أن تهدئ وتصدق ما نقول مكذبا عمرا كاملا"
تحدث الطبيب بحزن وعدم رضا
"نعم ليست أمك، مع الأسف هذه حقيقة لا يستطيع أحد تغييرها، أعدنا إجراء فحص نوع الزمرة عدة مرات وعدنا للمريضة وتأكدنا من زمرتها قبل التحدث معكم، أراد الطبيب الذي سبقني ان يهون عليك هذه الحقيقة التي من الواضح لنا انك لم تعلم بها إلا الآن، أن لم تصدقنا يمكنك التواصل مع طبيب ليؤكد لك ما نقوله، والآن من فضلك ان استطعت مدنا بمتبرعين من نسلها أو اقربائها بالدم بشكل عاجل سيكون هذا أفضل لأجل انقاذها فالحالة سيئة ومن الصعب تحملها حتى وصول الفريق الطبي".
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.