"إنها غيوم الحياة"
بقلم أمل محمد الكاشف
اختنقت الأنفاس وزاد القلب من عُصرتهِ وألمه، فأي هموم تشبه همومها، وأي ثقل هذا الذي تعيشه تلك الأسيرة التي وهبتها عائلتها لسيدها الجديد، لا زالت صامتة، ساكنة، تصارع حروبها الداخلية دون أن يظهر عليها، فهل للعبد أن يرفض رغبات وأوامر سيده، هل له أن يتمنع عنه، ياله من عذاب فلم يكفيها ما عايشته حتى أتى انجبارها على قربه منها بعد وعده الكبير بحرق الوسط ليعيد لها ابنتها حبيبتها وغاليتها أمام تسليمها نفسها له، وضعت باختبارها الأصعب والأقسى على قلب أي فتاة رأت خيانتها بعينيها، تدمرت وانتهت تحت آمال عودة ابنتها فها هو صوته يهمس باذنيها
"لا تقلقي من الان وصاعدا سيصبح كل شيء كما تريدين، ستحملين طفلتك بين يديكِ، سنعيش حياتنا سويا دون تفريق، أعدكِ أن تنام بحضنك ولا يأخذها منك أحد قط، أقسم أنني سأداوي جراحك وانتقم مما فعله بكِ اخوتك"، تقرب منها أكثر ليقبلها
"لن اسمح لانسان أن يقترب منك أو يأذيكِ أنتِ واولادنا، لننجب الكثير من الأطفال، لنكبر عائلتنا، لنعيش حياة منعمة بضحكاتهم وركضهم الفرح"
نزلت دمعة حارقة من عينيها المغمضة تستغيث برحمة الله مما تشعر به في قلبها، فكيف ستسلم نفسها لخائن بل وكيف ستواجهه مع احتمالية خسارته وخسارة آمالها في عودة تلك المسكينة الصغيرة لحضنها، كان الاختبار قوي وصعب كلما اقترب وغاص بجمالها ومفاتنها، كلما ازدادت الحرب حنقة وشدة حتى وصلت ذروتها وأصبح لا فرار اما أن تسلم نفسها وهي أعلم بحاله وإما أن تنسى حلمها وتترك ابنتها دونها.
تحملت* آلام تماديه* بقربه كما تحملت ستة *سنوات من العذاب* والانتهاء *والضياع، كانت أنفاسه* القريبة *منها تنهي* ما تبقى* من روحها* وانسانيتها، تجرعت* الألم* والقهر *بدموعها التي *تسكب على* وجنتيها* وكأنها قطرات *زيت *مغلي* ، بل تجرعت الامها وقهرها* من *أنفاسها* التي أشبهت *الحمم *البركانية، تحرك بها جهة الفراش* ليعلن *امتلاكه لها *وحقيقة زواجهم *أمام نفسه راغبا *بتكبير عائلته وسعادته* بسلالة كبيرة *من الأطفال.
لم تستجب *بالحركة معه بعد أن* شلت* *اقدامها *و عجزت* عن* التحرك، حملها بين* ذراعيه وهو يرسم لها المستقبل السعيد، مزيدا من وعوده واحلامه التي كانت صادقة بهذه اللحظات التي توقف عقله عن التفكير بأي شيء غيرها، كادت أن تعود* للعمى* من *شدة *اغلاقها *لعينيها* الرافضة* لرؤيته بهذا القرب، طرق الباب باللحظة التي دفعته عنها *بقوة *الصراع* والحرب* التي تدور *داخلها، من تزامن* المشهدين وقوة* دفعها* لم* يلاحظ* أركان أو يسمع *طرقات الباب، عاد إليها وهو يزيد أكثر من *أحلامهم* الوردية *بعد أن *تصبح ملكة، لتزفر* بانفاسها* المختنقة* تسعل* بقوة* لتستطيع *التنفس، اقترب بصوته المعذب لفؤادها ليهمس مجددا
"أتركي نفسك وقلبك لي، ادخلي جنتي وتنعمي بخيرها دون حساب، اتركي نفسك لي حتى أتوجك ملكة ليست فقط على رأسي بل على عرش منزلنا واعمالنا، لننجب أطفالنا ونبني أسوار قلعتنا بهم، اتركي نفسك لي كي نبدأ من جديد حياة لا خوف ولا سواد ولا *مخاطر* بها، سأضع اموالي *وشركتي وحياتي* تحت أقدامك أنت وابنائي، كوني لي وحققي أحلامي ببناء عائلة كبيرة حتى أحقق أحلامك واجعلك ملكة اسطنبول"
لم تتحمل اقترابه* لتقبيلها، *دفعته *بقوة عجزها* بالتقاط* أنفاسها، شهقت* بقوة *جحظت *لها *عيونها* بعد أن أشبهت من أتاه ملك *الموت* ليسحب *روحه* منه تهتز* لها *أركان* الجسد، استغرب من *سوء* *حالتها* و وجهها الذي تعدى اللون *الأحمر* واقترب للأزرق* الكاحل.
زادت طرقات الباب وعلا صوت منادات نازلي *بقوة
"أركان، أركان"
شعر لوهلة* انه* بحلم، بين أصوات أمه التي تصل له كصدى* صوت يتردد خلف *بعضه، وبين شهقات* واستياء* حالة زوجته و *سقوطها* على الفراش فاقدة* *الوعي، حركها ليهزها محاولا *اعادتها* لوعيها، اتسعت* عينيه حين شعر *ببرودة* جسدها، نهض وابتعد بقوة* ذعره* ذاهبا* نحو الصوت فاتحا للباب ليكون أول كلماته
"*ماتت*، خرجت *أنفاسها* *ماتت* يا أمي"
اتسعت* اعين *نازلي وكادت الصدمة أن *تسقطها* هي أيضا فكثرة الضربات *وازدياد* توترها* *وارتفاع* *ضغطها* بهذا العمر جعلها تدور بعالمها للحظات تغلق وتفتح عينيها تحاول* استيعاب* ما حولها وكأنها شعرت* بانتهاء *ملكها* وقرب *سقوطها، مد* يده *المرتجفة* ليمسك يد أمه* وعينيه تنظر نحو زوجته *الملقاة على *الفراش مكررا *ما قاله
"*ماتت* كسما، *وجهها* أزرق* مثلها، جسدها *بارد* مثلها، *ماتت* يا أمي"
لا زالت بمكانها رافضة النظر نحو من *ماتت*، صامتة* عن *الاستفسار، تخشى* من *رؤيتها* سابحة *بدمائها* او *مختنقة* من *قبضة* يده *على* *عنقها، جاءهم صوت سراج
"أين أنتم لماذا لم تجيبوا على اتصالاتي، هب *حريق* في المستودع* القديم* *وقضى* على ما *يحويه* من بضائع"
اقترب *متفاجأ* من حالتهم ونظرات أمه القوية* وكأنها* تقول له "ليس وقتك الآن"
حدثهم من جديد
"ما بكم متسمرين بإماكنكم هكذا، أقول لكم *احترق* المستودع، اتصلوا بي بعد أن *فشلوا* في الوصول إليكم"
أجابه أخيه *ليهز* *قلبه* وكيانه*
"*ماتت* حياة، *اختنقت* *وماتت* كما *ماتت* سما"
بهذه اللحظة حملت *المربية* آيلا وتحركت مسرعة* عائدة للغرفة لتغلق عليهم.
أشبه وجهه* وجوههم* الشاخصة*، أسرع للداخل *مقتربا من الفراش ليجدها ساقطة* عليه بجلستها، أخذها بين يديه واضعا السبابة على عرق* أسفل *اذنها *كي يطمئن على النبض، حرك قدميها ليرفعهم على الوسائد* بسرعة* البرق* أخذا زجاجة عطر من على المرآة ليضع بيده على انفها* بكثرة *جعلتها* تشهق* *أنفاسها *مجددا، عادت روحها كما عادت* دموعها* التي أقسمت* *فؤاده *وروحه*، فكيف لانسان أن يستطيع البكاء بحرقة* ونار* تصل لقلوب من حوله* بهذه السرعة* والقوة*، احترق* *قلبه ونسي* العالم* من حوله وهو ينظر نحو* قهرها* *وبكائها* الذي ازداد *ليحكي* حالها، كان يعيدها للحياة وهو لا يعلم *بأي* عطر* أعادها، عادت لذكرياتها الأليمة* وقبض* قلبها* وهي تتذكر* مأساة* يوم* بيعها *بسوق *العبيد *من قبل عائلتها.
(ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا من شر الأقدار)
ساءت حالة نازلي من زخم* *الأحداث *المتتالية* وضعت* يدها على رأسها ليقرب أركان مقعدا منها *وأجلسها* عليه، وضعت حياة يدها على شعرها لتخبئه من صوته* المسموع لها، اقترب أركان ليحدثها
"*مت* *خوفا *عليكِ، كيف *أصبحتي هل *تشعرين* *بسوء، هل نذهب للمشفى"
عاد سراج وهو مخفض الأعين ليعطي أخيه حجابها الذي وجده ملقى على الأرض، لم يهتم أركان بل ولم يفهم على أخيه تحرك وذهب بجانب أمه ليطمئن عليها
"ما بكِ أنتِ ايضا هل نذهب للمشفى ام نستدعي الطبيب ليأتي ويفحصكم"
اقترب سراج وعينيه على أمه ملقي بحجابها على يدها المحيطة برأسها دون النظر لها، أسرعت بستر شعرها مغلقة حجابها عليه وكأنها* تختبئ* به من *قهرها* وعذابها*.
تحدثت نازلي
"أنا بخير، دار رأسي *خوفا* على زوجتك، ولكني أصبحت بخير لا تقلق"
اقترب سراج منهم
"ماذا ستفعلون، *احترق* المستودع بكل *البضاعة*"
صُدم* أركان وكأنه لم يستمع للخبر سوى الان، وقفت نازلي وهي تمد يدها نحو ولديها
"سأذهب وأرى الوضع"
بحث أركان عن هاتفه لتخبره أمه أنه نسيه بمجلسهم، تحرك بجانب امه للخارج ليأتي به وهو يحدثها
"من المؤكد أنه *خلف* *الحريق، سأجعله* يندم* على ذلك"
وقف سراج بمكانه بعد أن عجز عن الاقتراب منها أو الخروج* من الغرفة *وتركها *تتعذب* ببكائها، أتت *آيلا *هاربة* من المربية* منادية *على معلمتها مناداة* ارعدت قلوبهم* *المكلومة *
"أمي، أمي، أمي"
صعدت الفراش* ملقية *بنفسها* داخل حضنها* لتداوي* *حروق* *قلبها* وكأنها *تعلم *وتشعر *بعذاب امها ببعدها.
أوقف سراج المربية* عن *التقدم* بحركة من *يده *وعينيه، ثم نظر نحو احتضانها لوردته *وتقبيلها* لها مشفقا على من كادت *تذوب* بين يديها، انتظر لثواني اطمئن بعدها على تقبل الطفلة لهذا *الحضن* *القوي* ومشاركتها به وكأنها تنتظره منذ سنوات.
خرج بحزنه *وألمه* مغلقا الباب واقفا خلفه ليخرج *أنفاسه *
"لا حول ولا قوة الا بالله، ما كل هذا *العذاب، كيف* يتحمل* قلبها كل هذا *الألم"
سخر من نفسه مكملا
"وانا من كان يعتقدها غيوما عابرة"
دخلا الشركة *بقوة* ارعبت *الموظفين، كان باستقبالهم لفيف من المحامين والمسؤولين عن إدارة وحماية المستودعات والمخازن، توجهوا لغرفة الاجتماعات لتلقي نازلي حقيبتها على الطاولة الكبيرة وبدأت *استجوابها *العنيف* للمسؤولين عن *الأمن *والحراسة*، تحدث أحد المحامين
"المشكلة* انه تم *الحرق *بيوم انتهاء تعاقدنا مع شركة التأمين، وتوجب تعاقدنا مع الشركة الجديدة بظهر اليوم، هؤلاء على علم بهذه التفاصيل وعملوا وفق ذلك"
نظرت نازلي لابنها نظرة *قوية *ثم نظرت للمحامين والقاعة من حولهم قائلة
"لا أعتقد أنها بفعل فاعل، علمت من التحريات الأولية أنه مس كهربائي طارئ، سأنتظر لأرى النتيجة الاخيرة ومن بعدها سأحاسب *بقوة* على أي تقصير"
تحركت لتخرج من قاعة الاجتماع تاركة خلفها المحامين والمسؤولين بحالة ذهول فحديثها مختلف تماما عن *غضبها* بأول الامر، ظلت صامتة متماسكة بالشركة حتى أنها ذهبت لموقع *الحريق *بهذا الصمت لعدم ضمانها خلو الاماكن من الأذان المتصنتة، كانت *تحذر* ابنها بعينيها *الغاضبة* كي لا يعطي خصمهم أي خبر عنهم، تحركا بسياراتهما ليقفوا أمام الساحل تركت حقيبتها وهاتفها مشيرة له أن يترك هو ايضا ساعته وهاتفه بها وخرجا ليجلسا على أحد مقاعده
"ماذا سنفعل يا أمي هل سنتخفى كلما أردنا التحدث، حتى هواتفنا لم نعد نثق بها"
ردت نازلي
"لا يمكننا *فضح *اكتشافنا لهم وخاصة بهذا الوقت الراهن، هاشم فقد ضبط اعداداته، اقتربت *نهايته* كثيرا، علمت موطنه الجديد رجالنا يراقبون المكان من منطقة الصفر، ينتظرون اوامري *بإنهاء *حياته"
قاطعها ابنها
"فلتأمري إذا، يكفينا ما حدث اليوم، هل تعلمين قدر *الخسائر *جراء هذا المستودع، *تدمر* مخزوننا السنوي كله"
ابتسمت نازلي وقالت
"وهل انا صغيرة *وضعيفة *لدرجة ترك مخزوننا السنوي تحت أعين *أعدائنا *دون خطط بديلة، بأي عقل توقعت تركي بضاعة عمر كامل عُرضة لمخططاته وحلمه في *كسرنا *وانهائنا *بهذه السهولة"
بدت الفرحة على وجه أركان
"أنت رائعة يا أمي، أنتِ لا مثيل لكِ"
ردت أمه بقوة
"وانت متى ستكون رائع ولا مثيل لك، وايضا ما هذه الحالة التي وجدتك بها، ما بها زوجتك كانت جيدة ما الذي جد عليها ام انها حامل حقاً"
ضحك أركان
"ولما لا، لربما حامل بأسد اوزدمير هذه المرة"
نظرت له بسخرية
"ما هذه الراحة، حسنا بضاعتنا بخير، ولكن ما بالمستودع من بضائع باهظة الثمن لا عوض عنها ليس بخير يتخطى"
رد على أمه
"كل شيء معوض بعد الذي انقذتيه، ألستِ من قال وعلمني هذا المبدأ بالحياة"
حركت فمها دون رضا
"وياليتك تتعلم، من يرى *قوتك *مع رجالك لا يرى ما يكنه قلبك، هل لديك *انفصام* تعيش به، من أين ورثت كل هذا الاستهتار والسذاجة"
*غضب *وقطب *وجهه
"عدنا لهذه النبرة، *استهتار*، *ساذج، *غبي*"
اخذت نازلي نفسا عميقا تريح به *غضبها* قائلة
"اتركنا من كل ذلك، الان ستتركني وتعود للشركة بوجه *حزين *غاضب *على الجميع، تنتظر قدوم يارا لك كي تهدئك وتنسيك همك، ستتحدث وأنت جالس على مكتبك عن كم *الخسائر* الكبيرة، ومدى تأثير *الحريق* على وضعنا المادي وأنه من أكبر *الحوادث* التي *قسمت *ظهر شركتنا واسمنا، ستكبر شأن الحدث وتظهر مدى *حزنك *جرائه امامها، إياك أن تنساق إليها وتخبرها بأي شيء"
تغيرت نظراته وهو يقول لأمه
"هل تشكين بها"
*غضبت* عليه بقوة كزت بها على أسنانها
"ومن غيرها، رأيتها بعيني وهي تتسحب من الحفل لتضعه، الشكر لله نجحت ليس فقط بوضعه في مكتبي وغرفتك وغرفة المعيشة بل ونجحت باستدراجك نحو غرفتي الخاصة لتفعلا بها ما فعلتماه"
اتسعت عينيه من الحقائق التي *ضربتها* أمه بوجهه، ابتلع ريقه
"هل هي من كانت.."
وبغضب رفع ضغطها وزاد من ألم رأسها
"أصبر حتى اتخلص منها ومن رأس الافعى وبعدها سيكون لنا كلام آخر نضع به النقاط على الحروف كي لا أحرقك"
زفر باندهاشه
"كيف تحرقينني"
صدمته بقولها
"لا تنتظر مني أن أقف صامتة وأنا أشاهدك *تنهي* كل ما بنيته منذ سنين، إن لم تنتبه على نفسك وتعود لوعيك وتقف بظهري *وحش *قوي *يعتمد عليه *سأنهيك *وانفيك *قبل أن تنهينا"
وقفت دون أن تنتظر رد منه او وعود ككل مرة مكملة
"لا تنسى أمر محاسبتي لك على *خيانة *زوجتك اكتبها بدفاترك وانتظر ذلك اليوم حتى وإن تأخر"
تحركت نحو السيارة متعجبا من حالتها واهتمامها بخيانته لزوجته وهي من كانت تحضه على فعلها وتحلي الفتيات بعينه بزواجه الأول، صعد سيارته ناظرا لها بوجه مبتسم
"اتتذكرين حفل رأس السنة الميلادي بالشركة، وتلك الفرقة اللامعة التي أتت من بريطانيا لإحياء الحفل"
ضحك أكثر
"من المؤكد انكِ تذكرتي صاحبة الشعر الأصفر والعيون الزرقاء، والاخرى الفاتنة رغم بشرتها البرونزية وشعرها المجعد"
قاطعته بقوتها المعهودة حتى كادت أن *تصفعه *على وجهه لولا *خوفها *من ردة فعله التي لا مكانها أو وقتها
"كل ذلك كان بالسابق، لن اسمح لك *بخيانة *ام ابنتك أو أبنائك كما تقول، إن أردت عيش حياة كريمة فلتفعلها بارادتك وإن لم ترد سأجبرك عليها كي لا تندم بالمستقبل، بناء عائلة قوية متماسكة من اهم واقوى أسباب النجاح والفلاح والسلام النفسي والعقلي في عالمنا *المظلم*"
انتبهت نازلي لحديثها داخل السيارة قطمت كلماتها وبدأت بقيادتها وهي تحتقن بذكريات ماضيها المرير.
⛈️الحلقة الثالثة عشر⛈️القسم الثاني⛈️
عاد أركان للشركة وهو يتذكر خطته التي وضعها مع أمه، دخل المكتب ليتصل بها فور ترأسه عليه
"أين انتِ تعالي على الفور احتاج إليكِ"
لم يمر دقائق حتى وصلت يارا المكتب بقلبها الذي احبه وفرح بطلبه لها بصدق، ابتسم وجهها وهي تراه يقترب منها ويلقي بنفسه في أحضانها
"كم كنت احتاج لهذا الحضن منذ البارحة"
تدللت عليه لتسلب عقله وقلبه الذي احبها هو أيضا بصدق
"ولماذا لم تأتي أم أن البقاء بجانب زوجتك أعجبك"
دافع عن نفسه مبررا خروجه معها لأجل ابنته، وظل يحكي لها عن سعادة ايلا حتى أدخل الشك بقلبها لتسأله
"ألم تحزن على الحريق، سمعت فور وصولي للشركة وحزنت كثيرا لأجلك"
وهنا تذكر أركان الحريق وحقيقة خداعها وخيانتها له، ضمها وهو داخل حضنها
"لا أريد تذكره، اتركيني استجم بحضنك لانسى به العالم كله، اختنقت وتأججت بغضبي منذ الصباح، هل استكثرتي علي راحتي بحضنك"
ضمته مهتزة بفرحتها مقبلة وجنته القريبة منها
"إذا كنت تريد الفرح فلدي ما ينسيك همك وحزنك ويجعلك طائر بالسماء من فرحتك"
خرج من حضنها بعينيه المتسائلة عن هذا الخبر، أخرجت أنفاسها الفرحة متحدثة بحماس كبير
"أنا حامل….."
تسمر بمكانه دون أي ردة فعل، لا يستطيع مسايرتها أو ردها.
بمكان بعيد نزل مصطفى من سيارته ليسلم على رجل بالاحضان
"واخيرا رأيتك، كيف الحال هل كل شيء على ما يرام"
رد جهاد عليه
"بخير بخير سلمت يا صديق هيا ادخل لأضايفك"
اجابه مصطفى بصوته المرتفع قليلا من فرحته
"لا اريد ازعاجك شكرا لك، يكفيني ان اخذ البضاعة واذهب"
نظر بعينيه للحسناء التي كانت تمشي على استحياء وانوثة عالية مقتربة من منزل جهاد لتدخله دون استئذان أو طرق، أعاد جهاد ترحيبه
"لا يصح اشرب كأس شاي واذهب بعده"
فُتحت نافذة المنزل المجاور ليخرج منها شيخ جليل بعمامة ولحية بيضاء ينظر نحو الضيف الذي يدخل منزل الجار، رفع جهاد يده ''سلام الله عليك شيخنا الكريم"
أوما برأسه "وعليك السلام يا بني"
دخل وأغلق النافذة قبل أن يستدير مصطفى لينظر نحو الصوت بلهفة وخوف، سأل صاحبه من صاحب هذا الصوت ليجيبه
"إنه شيخنا الجليل ياليتك فزت بسلامك عليه حتى تتبعك بركته التي أحلت عليه من كثرة بقائه في الجامع بالليل و بالنهار، دوما تجده ساجد راكع ويرفع يديه ليدعو ربه بقلب خاشع وعيون *باكية*، يأتي فقط لتناول طعامه وقضاء حاجته والاهتمام بوالديه المسنين ويعود من جديد"
سأله مصطفى بفضول كبير طرق بقلبه
"هل له أولاد وعائلة"
اجلسه جهاد ونادى على أهل منزله ليحضروا ضيافة ضيفه
"لا ليس له أحد سوى والديه يكفلهم بهذا المنزل يأتي لهم بالطعام والشراب والدواء ليأخذ ثوابهم"
اخذ جهاد من اخته الحسناء صينية الضيافة لتعود هي دون رفع عينيها، خفق قلبه لها بشعور لم يضربه من قبل توتر وتعرق من ارتباكه وتوتره، اقترب جهاد وقدم الشاي له متحدثا عن عملهم والبضاعة التي كانت عبارة عن بطاريات واطارات سيارات مستعملة.
لازال الشيخ على حالته وصدمته لم يتحرك بقي خلف النافذة المغلقة، امتلأ وجهه *بالبكاء* والحسرة *والندم *وهو يستمع *لتألم* زوجته من *ضربه *المبرح* وتوسلها بتركه، *آلمه* قلبه *وارعد *جسده *بذنب* ابنته التي كانت تصرخ
"لا أرى شيء، أمي لا أرى أمامي شيء، لم أعد أرى شيء"
زاد *بكائه *وتألمه* وكسره* دون أن يتحرك خطوة واحدة منتظرًا خروج مصطفى ليعاود النظر له من خلف النافذة دون الإفصاح عن نفسه، وقف الاخر لينظر نحو مصدر الصوت الذي لمس قلبه لثواني صعد بعدها سيارته وابتعد بها عن المكان.
خرج الشيخ الجليل ليسأل جاره الشاب عن أحواله ليستدرجه بالحديث حتى علم طبيعة عمله الجديد مع صاحبه.
تساءل عن عائلته ومسكنه من باب الاطمئنان على من يعمل معهم جهاد *خوفا* عليه من الصحبة الضارة.
لم يعد أركان للمنزل حتى الان، إتصلت أمه به كي تسأله عن موعد عودته ليجيبها
"سأتاخر اليوم لا تنتظروني على العشاء"
نظرت نازلي نحو ابنته التي تلعب بحضن زوجته متسائلة بصوت منخفض *غاضب*
"ولماذا ستتأخر إياك أن…"
قاطعها أركان
"أمي لا تبدئي لدي بعض الأعمال وسأعود متأخرا، بالنسبة لحياة لا تقلقي اتصلت بها وأخبرتها أنني سأتأخر بعملي وهي تقبلت ذلك"
أغلق الهاتف قائلا بصوت عالي
"ما هذا وكأنني طفل صغير اغلقتي عليه المنزل اختنقت منكِ، انتِ تستحقين ما يحدث لكِ"
فرحت يارا بسماعها ما دار بينه وبين أمه، كانت تتجهز للسهر والاحتفال بخبر طفلهم الأول بسعادة واحلام كبيرة.
وبهذه الاثناء أغلق هاشم التسجيل قائلا لرجاله بدهاء كبير
"تم اكتشاف أمرها"
سأله رجل منهم "كيف تم اكتشافها وهو *يغضب* على أمه لأجلها"
نظر هاشم للأمام بقوة
"ردات افعالهم وصمتهم الكبير دون توعد أو محادثات كالسابق، بجانب امتصاصهم *لكارثة* كبيرة كهذه دون *انهيار *والسقوط *بأخطاء* أو لجوء لدعم كبير يدل على اكتشاف نازلي لنا، وإلا أين ذهبت احاديثهم وخططهم عني"
رد رجل آخر
"أؤمرني هاشم بيه"
هز قدميه ورأسه بشرود تفكيره العميق
"عدة ايام ونعيد يارا لمكانها الأول، لتتحجج بسفرية خاصة بعائلتها وتذهب وتذوب دون عودة"
تساءل الرجل الأول
"وماذا عن حملها"
ابتسم هاشم
"سيكون بمثابة ورقة الجوكر لنا، هو من سيعود ليكش جميع ما على الطاولة"
وضع أركان من عطره المميز لديه ثم خرج من الشركة وهو يغازلها بالهاتف ذاهبا لها ليلعب عليها كما تفعل هي به متوقعا ان مسايرتها ستجبر كسره وضعفه أمام أمه بسببها، عاد سراج للمنزل ملقي السلام على الجميع جالسا بمقعد قريب من أمه
"ما الأخبار هل استطعتم تخطي الوضع"
اومات أمه براسها
"لا تقلق كله يسير بشكل جيدا، فرغم تعطل العمل إلا أن شركة التأمين وعدتنا بتعويض كبير"
نظر لحياة بجانب وردته وهو يرد
"جميل نحمد الله أنه كان خالي من العاملين"
نظرت نازلي صوب نظره متحدثة بدون رضا
"نعم وهذا ايضا موجود الشكر لله"
ضاق صدرها واختنقت من حربها بين الضعف والقوة التي لا حق لها بها، تحركت ممسكة بيد آيلا
متحدثة لهم
"تأخرت بنومها، سأذهب لتنويمها وأعود"
ردت نازلي عليها
"لا داعي لعودتك أنتِ متعبة كوني على راحتك"
اختنقت اكثر لعدم رغبة أحد بها، ابتلعت ريقها المحتقن وشكرتها متحركة وهي ترد على ما قاله سراج لها
"ولك ايضا ليلة سعيدة"
وقفت من بعد خروجها
"سأذهب انا ايضا للنوم كان اليوم مجهد وثقيل"
تساءل سراج عن أخيه لتجيبه انه باجتماع مهم وسيعود بعده.
وخرجت متوجة لغرفتها وهي تتأجج من *غضبها*
"ماذا تفعل بعقلك الصغير، هل وجدت انها فرصة لتكمل استمتاعك قبل التخلص منها، ما هذا* السفه، *بأي عقل تسير انت، أقسم ان نهايتنا اقتربت من وراء أفعالك هذه"
مر الوقت وتأخر أركان بعودته، ارتدت حجابها على بيجامتها وفتحت باب الشرفة لتخرج بها مطلقة العنان لأنفاسها *المحتبسة*، لا زالت رائحة عطرة على ارنبة انفها تضغط عليها وتضيق من أنفاسها، فتحت هاتفها لتنظر *بحرقة* ونار* نحو خيانته *لها متسائلة
"لماذا تزوجتني إذاً؟، ما الذي جعلك تتزوج من فتاة مختلفة عن وسطك وحياتك بجانب رضائك بظروف لا يقبلها أصحاب الطبقات الرفيعة مثلك"
نظرت نحو واجهة المنزل الفخم والسيارات المصفوفه رهن الاشارة متعجبة مما هي به قائلة
"ان كان حباً، كيف خان من يحبه بليلة زفافه، لا لم يكن حباً، سهر بكل ليلة، زهد بي طوال الفترة السابقة كلها دون اقتراب او أي شيء"
تذكرت ما دار بينهم صباح اليوم لتكمل حديثها
"هل تشاجرا أو انفصلا"
اغمضت عينيها "كيف صحي ضمير مصطفى ونبض بذنبه حتى افصح لشخص لا يعرفه عن ذنبهم الكبير، اين ذهب خوفه من الفضيحة"
قطبت حواجبها بقلبها الذي أسرع بضرباته
"هل ضحى مصطفى بعريس ذو مال وجاه لأجل تخيره بمساعدتي أو رفضه، مستحيل، الموت أهون عليه من خسارة الأموال، أين هم لماذا لم يتصلوا أو يأتي لزيارتي، أم أنهم أخذوا مقابل ذلك"
رأت سيارته تدخل من البوابة الكبيرة، نظرت لنزوله من السيارة وهي تتذكر احاديثه التي لم تنساها منذ اللحظة الأولى التي أخبرها بها عن تفاصيل جديدة لا تعلمها من قبل، ربطت حديث مصطفى لها وعكسه مما يقوله أركان لتزداد استغراب ودهشة حين لمست منطقية وصدق مايقوله زوجها عن اخيها.
دخل غرفته وهو متعب وقفت بصمود أمامه، ابتسم وجهه
"لم أتوقع رؤيتك مستيقظة حتى الان، طمئنيني عليكِ كيف حالك؟"
اقترب ليقبل وجنتها طامعا أن يكمل متعته معها، خرجت عن الصمت لاول مرة متحدثة بنبرتها الجديدة عليه
"أين كنت كل ذلك، ولا تقل لي عمل"
ضحك "ما بكِ هل اشتقتي لي؟"
اعادت سؤالها *بغضب*
"أين كنت حتى الان؟"
واقتربت منه لتدهشه أكثر، ابتسم مستعدا لهضم وجبته الاضافية، مدت يدها نحو ياقته "ما هذه الحالة الاحمرار الذي على قميصك"
اسرع بوضع يده على ياقته "أي احمر"
وذهب للمرآة منصدما ببيع يارا له بعد وضعها لاحمر الشفاه على ياقته متعمدة الإفصاح عن نفسها.
تحدثت حياة بضيقها
"انتظر جوابك"
تحدث مبررا لها
"لجأت لذلك، كي اتركك على راحتك دون ان اضغط عليكِ"
ادهشته بقوتها أكثر رافعة حاجبها بها
"فاجأتني كثيراً، هل *تخونني* لأجل عدم الضغط علي!؟"
رفع يده ليضعها على رأسه
"هل بدأنا التحقيق، تصمتين وتصمتين وفور تحدثك تبدأين بالاستجواب"
ردت بضيق وعدم تقبلها *الخيانة*
"هل ترى *خيانتك *لي…."
اصمتها بيده التي وضعت على فمها
"لم أرى شيء اريد ان انام وغدا نكمل استجوابنا"
وقفت أمامه معرقلة حركته
"ستجيبني الآن، لماذا تزوجت بي، ما الذي *يجبرك* على الارتباط بشخص مثلي، ولا تقل لي لأجل ابنتي"
ارتفع صوتها *بنار* اختناقها *ببرودة واستهانته *بخيانتها*
"هيا أجبني لماذا تزوجتني وانت على علاقة بغيري، ما الذي أجبرك على الارتباط بي وأنت تعيش مع غيري…"
صمتت وتحركت لتجلب هاتفها فاتحة الاستديو لتضع الصور بوجهه
"بماذا تفسر خيانتك بليلة زواجنا"
*غضب* أركان عند رؤيته للصور امسك ذراعها
"هل فتحتي هاتفي من خلفي وفتشتي به"
وبقوة غير معهودة رؤيته عليها
"كيف تعطي الطفلة هاتفك مع احتمالية رؤيتك بهذه الصور *المخزية*، كيف تسمح لنفسك ان ترى ابنتك قدوتها بحضن امرأة غريبة عن عائلتها، هي من رأتك وشهدت على *خيانتك*"
وضع يده على رأسه
"اتركيها لي، بالأصل هي معتادة عليها وكأنها شخص من العائلة، كنت سأتزوج منها ولهذا كانت…"
قاطعته
"عدنا لسؤالي، لماذا تزوجتني؟"
نظر لعينيها مطولا وهو يستمع لتكرار سؤالها *بعصبية **وغضب*
"لماذا تزوجت بي، أجبني"
رد عليها بنبرة أعلى منها
"تزوجتك لأجل ابنتك………….."
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.