recent
جديدنا

احكي يا شهرزاد الفصل الرابع والثلانون

 احكي يا شهرزاد 

بقلم أمل محمد الكاشف



خجلت فاطمة من كلمات البدري، صمتت كي لا يأخذ حديثهما مجرى آخر، انتبه لما خرج من لسانه وقوله أنه راضي بكل ما سيأتي منها المهم ان ترضى عنهم، حاول تغيير الحديث بسرعة قائلا: 

" نسيت ان اخبرك بما فعلوه بي ليلة أمس، لا أعرف من أين أبدأ فلقد كانت ليلة عذاب في ظل محاولاتي مع أولادي كي ينام كلا منهما على فراشه، جلست معهم تحدثت واقنعت لساعات وبالأخير استيقظت لأجدها نائمه فوق بطني".


ذكرته فاطمة بكلامها المسبق له قائلة بجدية:

"أعلم أنه صعب ومع ذلك عليك أن تستمر بمحاولاتك حتى يعتادوا".



وافقها وأعطاها الحق قائلا:

" جميعكم محقين من الممكن أن يكون اهتمامي بهم زائد من وجهة نظركم التي لا اعترض عليها بل واصدقها، ولكنِ لي رأي آخر بهذا الامر أتمنى ان تقبليه ونتفق عليه كي لا نرهق بعضنا".


_"تفضل استمع لك، من الجيد تحدثنا بصراحة في هذه المرحلة الحساسة كي لا نرهق بعضنا كما قلت أنت".


انتبه إلى حديثها مسرعًا في توضيح ما تلفظ به قائلا بنبرة شاكيه حزينة:

" بقولي لا نرهق بعضنا لا تعني تحذير بل اعتبريه رجاء من رجل ثقل همه وعبئه و ابتلاءاته، رجل يريد أن يرتاح ولو قليلًا أنا لا أطمع أن يأتي من يحمل عني واجبي، أنا فقط أسعى أن أعيش بوسط عائلي هادئ يملؤه حب الأولاد لبعضهم وتعاونهم وشعورهم بالالفة، هل أقول لكِ على سر تأخر زواجي". 

 

تحركت لتغلق باب الغرفة عليها، متحدثه بصوتها الجميل متسائلة:

 " هل سر؟".


شرد بصوتها رافعًا كف يده ماسحًا جبهته المتعرقة وهو يتراجع بكلمته قائلا:

 " ليس بالمعنى الحرفي للسر خرجت مني بهذه الصيغة تعرفين أن زوجتي رحمة الله عليها توفت وهي تلد سلمى،  القدر والنصيب أرادوا لنا هذا الاختبار الكبير رغم أن الأمور كانت طبيعية ولا احد منا كان ينتظر خبر كهذا بالعكس تماما كنا نقف بالخارج نترقب البشارة وبلحظة توقف قلبها فجأة توقف دون سابق إنذار".

 

صمت البدري للحظات امتلكه حزنه مما يقوله، تحدثت بهم توته لتهون عليه قائلة: 

 " أتذكر جيدا ذلك اليوم الذي فجع مدحت بهذا الخبر، حزنا جميعا عليها ودعينا لها بالرحمة".

 

أومأ البدري رأسه بحزن الذكريات قائلا:

" وأي حزن؟، صُدمت يومها لدرجة أني شعرت للحظة انهم يكذبون عليّ أو أنه كابوس سأستيقظ منه لاجدها على قيد الحياة، عقلي لم يستوعب ما سمعته من الطبيب، لا اعرف هل استطعت أن اشرح لكِ شعوري بهذه اللحظة ام لا، كم كان صعبا عليّ، تبدلت الأحوال بيوم وليلة خسرت أمي قبل أشهر قليلة وبعدها خسرت زوجتي لأجد نفسي وحيدًا مع طفلة رضيعة وابن لم يكمل الأربع أو الخمس سنوات حينها".

 

راجع نفسه مكملا:

 " تذكرت كان عمر فارس حينها خمس سنوات، أن تساءلتي عن جميلة زوجة محسن فهي وقتها كانت عروس جديدة لم تكمل السنة و سيد أخي شاب لم يتزوج بعد، ان قلت لكِ أن دنياي اسودت وأظلمت بعيوني سأهدر حق ما كنت به، ألم وكسرة وأطفال بحاجة لي،  حتى لا زلت  اتذكر فارس كيف كان يتمسك بي ويقف أمام باب الحمام ينتظر خروجي  وعيونه على اخته خائف عليها، هو محق الطفل تأثر بفقدان جدته التي كانت أغلى من الجميع لديه وبعدها تفاجأ بترك أمه له خاف بعقله الصغير وقال أبي أيضا سيتركني".


تنهد  بحزن قائلا:

 " أيام يطول شرحها من بداية تعلمي كيف أهتم بسلمى الرضيعة التي لم تكمل ايام من عمرها  حتى أصبحت بالنسبة لهم كل شيء بحياتهم، رفضت الزواج كي لا انشغل عنهما أو  أهدر حقهما واهتم بغيرهما أو يأتي من يضغط عليهما ويزيد من وحدتهما ويتمهما".


زفر بحزن تحدث به:

 "  لا اعرف كيف وصل حديثنا لهذه النقطة أعتذر منكِ ان اثقلت عليكِ".

 

ردت عليه متأثرة مما سمعته قائلة:

" لا تعتذر بالعكس تماما يمكنني أن استمع لك بأي وقت أردته أنت".


تنهد من جديد ليخرج حزنه ويبدله بسعادة سماعه لصوتها الذي كان كفيلا أن يشعره ان زواجهما لأجله هو وليس حكم من عائلته، وكيف لا يغير صوتها حالته وهي أول شيء شعر انه ملك خاص له بعد اعتياده أن يفعل ويفكر وينفذ ما يصلح للعائلة عامة، بل و يعطي و يهتم دون أن ينتظر من أحد مقابل وكأنه آلة كهربائية تعمل بدون حقوق.

 

تحدث براحه كبيرة قائلا:

 " أخذني الحديث ونسيت أن أخبرك بما نويت عليه، طبعا هذه المرة سيكون سرًا حقيقيًا فلا يمكن لأحد معرفة أن كبير عائلته سيتخلص من أثاث غرفته ويتركها دون حتى سجادة صغيرة داخلها كي لا يجبروه أولاده على نومهم بجانبه". 


أكمل بنبرة صوته الذي خالطه الحزن والفرح قائلا:

  " ماذا أفعل  تضيع الهيبة أمام عناد تلك الصغيرة".

 

ابتسمت توته مجيبة عليه:

 " أامل أن تنجح بهذا وتحفظ هيبتك".

أجابها بضحكة عالية خرجت من أعماق قلبه:

" لا تقلقي عليّ حتى اقول لكِ ان لزم الأمر سأتخلص من المجلس الكبير وكل ما يصلح النوم عليه لتضطر وتعتاد على النوم بغرفتها هي وفارس، أرأيتي كم أنا جاد وكلمتي لا يمكن لأحد كسرها".

 

حدثته بصوتها الجميل المنخفض:

  " نعم رأينا كم عملك صعب ومرهق كان الله بعونك".

 

راجعها بحديثها قائلا:

  " تقصدين بعوننا، غيرت رأيي وقررت أن اشارككِ بعنادها قليلا ما رأيك لا تخافي أنا لا أحمل أحد مسؤولية أولادي فقط مشاركة بسيطة لتكوني شاهدة على ما يحدث بي".

 


وقبل أن ترد عليه دخلت اختها عليها الغرفة لتخبرها بقدوم شريف إليهم حتى انه تبقى دقائق ويصل ليوصلهم بسيارته بدلا من اجهادهم بالذهاب والعودة



ضحكا سويا مازحين كعادتهم لتنادي أمال على شهرزاد كي تلحق بها بسرعة، تفرقا ليذهب هو لشراء العصائر والبسكويت المغلف ويعود ينتظرهم في السيارة ليتناولوا مع بعضهم عند عودتهم.

 

أعجبت شهرزاد بالبيجامات حتى قررت شراء أربعة باشكال والوان مختلفة جميعهم مما يفضلهم اميرها فبرغم عنادها وقولها سأختار مما أحب إلا أنها بالأخير حكمت قلبها واشترت ما يسلب عقله وقلبه.


نظرت أمال لفاطمة رافعة بوجهها ثوب نوم أبيض قائلة:

 " أنظر إلى جماله وكأني اراكِ به".


اقتربت أمال منها فور رفضها بقوة قائلة:

 " كيف لا؟، ألستِ عروس؟، ألم توافقي عليه بمحض إرادتك؟".

 

تحركت توته مبتعدة عن أمها، قائلة:

 " ليس الآن لننهي تجهيز شهرزاد ونفكر بعدها بي لا زال الوقت معنا".


حملت الحقائب وخرجت من المتجر وهي تكمل حديثها:

" سأضعهم بالسيارة وأريح قدماي حتى تدفعوا ثمن البقية وتأتون من خلفي".


ترقبت امها خروجها لتبدأ اختيارها لبيجامات و  اثواب نوم متعددة الأشكال والألوان لم تختار كثيرا حتى لا يتأخروا على شريف.


وبعد وقت قصير من الراحة وشرب العصير عادوا لاستكمال رحلتهم في منطقة أخرى، اتصل أحد العاملين من منزل العروسين طالبًا من شريف بعض المستلزمات الناقصة عليهم ليضطر أن يتركهم ويذهب لهم.

 

تركت أمال الحقائب بسيارته واستودعته لله واكملوا هم حتى بريت اقدامهم وعادوا لمنزلهم وهم يتألمون منها ومن ألم ثقل ما حملوه بيدهم.

 

تفاجأوا بتحضير البغدادي المعكرونة الحمراء باللحمة المفرومة فرحوا وأكلوا وهم يغلقون أعينهم من شدة تعبهم حتى ان أمال نامت على مقعدها وهي تنتظر انهاء الأولاد لغسيل يديهم لتدخل بعدهم.

 

اتصل البدري على الساعة العاشرة ليلا ليكمل حديثه الذي أسعد قلبه بانسجامهما  ليتفاجأ بصوتها المتعب النعس، تحدث:

" اعتذر منك لم أتوقع نومك بهذه الساعة".


 

لم تعرف توته بماذا إجابته وكأنها كانت تهلوس بحلمها حتى أنها أغلقت قبل إغلاقه المكالمة، حك فروة رأسه قائلا:

" وهم أيضا عليهم أن يناموا مبكرًا جميعنا سننام بوقت باكر لأجل صحتهم نعم لأجل صحتهم طبعا".

 

أغلق التلفزيون معلنًا حلول وقت النوم،  تذمر الأولاد وبكت سلمى حتى نامت على بكائها أما  فارس فكان قد استسلم حين رأى استسلام اخته العنيدة.

 

لم تخلو الليلة من تنازل البدري أمام ابنته المدللة يحملها لتنام على يده مستيقظًا لأكثر من مرة ليلا كي يعيدها لنومها بفراشها و ينام قليلا بجوارها ليفيق بعدها ذاهبا للنوم بالمجلس من جديد قائلا لنفسه:

 " عليهم أن يعتادوا قبل مجيئها كي لا يشعروا أنها من اخذني منهم أو حرضني أحد على البعد عنهم".


ورغم اجاهده طوال الليل إلا أنه استيقظ باكرًا ذاهبًا لعمله منتظر وصول الساعة للعاشرة صباحا كي يتصل بها.


حاولت فتح هاتفها دون ان تنجح بذلك، لاحظ ابيها وضع توقف اعدادات شاشة هاتفها قائلا:

" اغلقيه وافتحيه مجددًا لعلها تعود للعمل".


وبالفعل فعلت ما قاله أبيها ليعود الهاتف للعمل بشكل مقبول، رد باهي على عتاب جده:

"لم ألعب عليه سوى لعبة واحدة".


نادت أمال على توته من المطبخ، وهذا ما جعلها تترك هاتفها مسرعة لتبية نداء أمها.


اسرع باهي بأخذ هاتف أمه بوجه مبتسم، أحبط جده محاولة هربه أخذًا منه الهاتف وهو يقول:

"انتظر حتى تشتري جهاز جديد ومن بعدها أفعل به ما تريد"


أتصل البدري بهذه اللحظة ليكون من حظ البغدادي فتح الهاتف قائلا:

" السلام عليكم كيف حالك يا أبني".


استقام البدري بجلسته:

" وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بخير الحمدلله وأنتم كيف حالكم أسأل الله أن تكونوا بخير".


تحدث البغدادي قائلا:

"كنت اود ان اخبرك انني بخير ولكن مع الأسف في ظل انشغال الجميع بتجهيزات العرس وتورطي بالأولاد كل يوم لا تنتظر مني جواب كهذا".


قطع الأب حديثه مع البدري قائلا لهادي:

"أذهب وأخبر أمك عنه كي تخرج عينه من مكانها".


ضحك البدري قائلا:

" هلى وصلت لاخراج العين من مكانها".


أجابه البغدادي بنبرته المازحة:

"خرب هاتف أمه وجاء الدور على هاتف خالته، نبهت عليه أكثر من مرة ولكنه لم يستجيب لها ينتظر انشغالهم عن هواتفهم حتى يتسحب ويلعب عليهم".


رد البدري:

" جميعهم يحبون اللعب على الإنترنت"


_"ولكن أمهم تمنعهم عن ذلك حفاظًا على عيونهم وعقولهم، اضطرت قبل قليل ان تغلق هاتفه بشكل كامل بعد ان توقفت اعداداته ورفض فتح الإتصال"


خرجت أمال من المطبخ وهي تتحدث بصوت عالي:

"لماذا لعبت بها كيف ساعيدها في مكانها".


نادى البغدادي على ابنته فاطمة كي تأتي لتكمل المكالمة مع البدري قائلا له:

" ضاق صدري من المنزل، ساخذهم للحديقة يخرجوا طاقتهم بها ونعود بعد صلاة الظهر".


لم يتسنى للبدري الرد عليه حين اعطى الاب الهاتف لابنته وهو ينادي على احفاده:

"هيا لنذهب للحديقة كي تلعبوا مع خالد وعثمان".


تساءل هادي هل سمحت أمهم بنزولهم، رد جده عليه قائلا:

"انا من يقول هيا سنذهب ارتدوا أحذيتكم".


دخلت فاطمة الغرفة بعيدًا عن الأصوات العالية مغلقة الباب قائلة:

"اعتذر عن ما حدث، اضطراب نظام المنزل بانشغالنا في تجهيزات العرس التي جعلت الأمور تخرج عن السيطرة".


تحدث لها:

"العفو منك أنا من عليه الاعتذار فوق ما أنتم به أتيت أنا باتصالي واثقلت عليكم".


جلست على الفراش واضعه يدها على راسها:

" ليس لك ذنب تعلم وضع باهي إذا في الأماكن الواسعة كان يهلككم فما بالك بمنزل كمنزلنا".


رد عليها برضا:

"تبقى القليل ليأتي ويلعب كما يريد".


_"هل تعتقد أنه بهذه السهولة وخاصة عند انضمامه مع سلمى".


ضحك البدري ساخرًا من وضعه:

"وأنا من أتصل لينسى ليلته، لا أعرف من أين أتت بصلابة عقلها هذا، هربت منها عدة مرات حتى اقترب فقداني للوعي من كثرة انهاكي وبالأخير استيقظت لاجدها بحضني بالمجلس الكبير".


ضحكت توته قائلة له:

"من الواضح انك لم تكتفي بالاستغناء عن الغرفة فقط وستتخلى عن المجلس قريبًا كما قلت بالأمس".


استمتع بصوتها الجميل، قائلا لها:

"وماذا ان علم أحد بسر استغنائي عنهم".


نسيت نفسها وهي تجيبه:

"لا تخف أنت الكبير لا يمكن لأحد أن يتوقع صغيرة كسلمى تفعل بك كل ذلك".


ضحك قائلا:

"طمئنك الله الآن تأكدت الهيبة ذهبت من وراء الصغيرة".


صمتت فاطمة ليكمل البدري:

" هل تبقى الكثير على تجهيزات العروس؟".


_"لا زال أمامنا الكثير، تقطعت أقدامنا من كثرة خروجنا وتجولنا من منطقة إلى اخرى نحمل الكثير من الحقائب حتى نفقد الشعور بأيدينا".


تدخل عارضًا عليها مساعدته:

"ما رأيك أن آتي بسيارتي كي اهون عليكم التنقل وحمل الحقائب".


ردت لتضيق صدره بقولها:

" لا تترك عملك لأجلنا وأيضا شريف لم يتركنا بأغلب الأوقات، المسكين رغم تجهيزات منزله والعمال إلا أنه يحرص على ايصالنا بقدر الإمكان".


نظر للساعة متذكر أمر موعد مهم، رد عليها:

" انا مضطر على إنهاء المكالمة الان على ان نكمل عند عودتي".


_"اعتذر منك اطلت الحديث دون ان انتبه".


حزن مما قالت:

" ليس ذنبك أنا من نسي الموعد لا اعرف كيف سأصل للمكتب كي ألحق قبل مجيء الرجل".


أغلق الهاتف بسرعة خرج من السرايا بها.


بقيت توته جالسة مكانها شاردة بحالتها وما دار بينهما من أحاديث.


مر مزيد من الوقت، جاء شريف بعد صلاة الظهر حاملا بيده كتالوجات الأثاث والديكور والمفروشات ليشاهدوها سويًا.


اخذت توته كتالوج المفروشات لترى تفاصيل فرش المنازل والمطابخ وترتيب قطع الأثاث.


لم يكتفوا برؤية الكتالوج ارتدوا وذهبوا معه ليشتروا بعض الكماليات التي اتفقا عليها.


ناما الأولاد بعد أن صلوا العشاء مع جدهم في الجامع، تحدث البغدادي قائلا:

" سأدخل لانام المني راسي من ضوضاء الأولاد بالحديقة طول النهار".


ذهب كل منهم إلى غرفته مكتفيين بهذا القدر من الإرهاق.


انتظرت توته اتصال البدري رافضة أن تتمدد على الفراش كي لا يظهر صوت نومها أمامه.


ولكنه تأخر عن موعده اليومي لتتحرك بالاخير مستسلمة لنومها باسترخاء.


كان يود الاتصال بها ولكنه كان منشغلا بحل مشكلة كبيرة بين مجموعة من رجال العائلة تدخلت الشرطة وألقت القبض على أصحاب العراك.


لم يعد للمنزل حتى تم حل المشكلة والمصالحة مع الشرطة، أخذ ابنته من جميلة صاعدا للأعلى وهو يتحدث مع فارس: 

"لماذا لم تنم ما دمت تشعر بالنعاس لهذا الحد".


_"كيف سأترك سلمى وانام".


رد ابيه عليه:

"فليرضى الله عنك يا بني".


صمت قائلا بداخله:

"لعل زواجنا يرفع من عليك هذا الحمل".


كان يتمنى الاتصال بها كنوع من الاعتياد ورغبة في زيادة الود والتواصل بينهما ولكنه تراجع لأجل تأخر الوقت و وضع نومها المبكر.


لم تسمح له ظروفه وكثرة مسؤولياته واعماله ان يتصل بها منقطعًا عنها لمدة أربعة أيام متواصلة كان يحزن كل ليلة لتأخر الوقت وعدم استطاعته سماع صوتها والاطمئنان على الاولاد.



مرت أيام مرهقة على البدري الذي رغم انشغاله إلا أنه تخلص من غرفة نومه بشكل كامل وافرغها من الأثاث استعدادا لاستقبال غرفة العروس الجديدة.

 

التي تعمد تأخير اختيارها ليضطر الأولاد بالاعتياد على غرفهم، كما أصبح ينام وحده بالمجلس الخارجي رافضًا لأي منهم أن ينام بجانبه.


وبعد أسبوع من العناء أصبح الأولاد أكثر هدوءً و اعتيادا على مكانهم و فراشهم.

 

غار قلب ناهدة وهي تترقب التجديدات والتغيرات والديكورات الجديدة التي طلبها البدري بطابقه العلوي، وقفت أمامه تمانع إغلاقه جانبي الدرج العلوي بساتر خشبي على طراز الأرابيسك  متحججة بإفساد شكل وجمال السرايا من الداخل.


رد عليها دون اهتمام:

" ثقي بي سأجعلهم يصممون الساتر بشكل يضفي جمالا على السرايا كلها".

 

حملت غيرتها بقلبها صامته مترقبة كل جديد يدخل السرايا.


استيقظ البدري صباح يوم الجمعة قبل ابنائه مسرعًا باتصاله الذي تأخر لأيام، رد هادي على عمه قائلا: 

"السلام عليكم يا عمي".


ابتسم البدري برضا قائلا:

"كان ينقصني سماع صوتك والان اكتمل الأمر وأصبحت بخير".


ابتسمت أمال لسماعها حديثهما المفعم بحب واهتمام البدري بهادي ومن بعده باهي الذي طلب التحدث مع سلمى وفارس كالعادة.


حزن البغدادي وهو يستمع لحفيده الذي قال:

" هل يمكنني النوم بجانبك حين ننتقل للعيش في السرايا كما يفعل فارس".


رد البدري عليه بحب:

" بالطبع يمكنك النوم بحضني أيضا ولكن سيكون هذا على فراشك في غرفتك الجديدة".


فرح باهي قائلا:

" هل ستكون لي غرفة جديدة".


_" نعم اوصيت لك على فراش بشكل سيارة والخزانة والمرآة والمكتب كل شيء بها على شكل سيارات كما تحب أنت وهادي".


قفز باهي مكانه من شدة فرحته، اخذت أمال الهاتف من حفيدها كي تتحدث مع البدري.


أسرع بإلقاء السلام والاطمئنان عليها، لم تزيد الأم حديثها معه وهي تخبره بخروج فاطمة مع شهرزاد وشريف.


استغرب متسائلا:

"هل بهذه الساعة، لا اقصد شيء تعجبت فقط من خروجهم في يوم الجمعة في هذه الساعة"


ردت أمال بسعادة:

"أراد مجنون ليلى أن يفطر بالحسين ملتقطين بعض الصور لهما هناك، عادة جديدة للمخطوبين، ومن ثم يذهبان لرؤية منزلهم لمعرفة ما ينقصنا بجانب ستذهب شهرزاد بعدها لشراء بعض الأغراض الثقيلة كي يضعونها في المنزل قبل مجيئهم".


أومأ رأسه داعيًا لهم بالسعادة.


اغلق الهاتف مختنقًا بعدم تواصله معها عاتبًا على نسيانها لهاتفها.


انتظر مرور عدة ساعات مضت بصعوبة تفكيره بها متصلا من جديد ليجيبه باهي انها لم تعد، عاد ليتصل بعد المغرب وقد استحوذت على فكره طوال اليوم ليخبره هادي أنها أتت قبل قليل وذهبت لتتوضأ كي تصلي فرضها.


طلبت منها أمها الاتصال بالرجل فحالته تؤكد حاجته لشيء مهم لا يستطيع أخبار أحد غيرها به.


ردت فاطمة على أمها بضيق:

"لا تقلقي لا يوجد بيننا شيء مهم لهذه الدرجة".


حزنت الأم على ما قالته فاطمة، تحركت لتدخل غرفتها قائلة:

"أنتِ أدرى بحالك".


انشغلت فاطمة بالاهتمام بأولادها، حضرت لهم شعرية بالحليب والسكر أطعمتهم بحزن كبير عميق، استشفته امها من عينيها الذابلة و وجهها الشاحب وهي تحرك يدها على رؤوس ابنائها.


نظرت الأم لزوجها بحزنها ناظرة لحالة ابنتها بصمت كبير.



طلب فارس من أبيه غرفة جديدة كغرفة باهي و هادي الذي نوى شرائها لهم، رد والده عليه:

 " لا زالت خاصتك جديدة لم ينم بها أحد طوال السنتين واكثر".


 

و بشخصيته الهادئة حدث فارس والده:

 " اريدها على اشكال سيارات مثلهم".


ابتسم البدري لابنه أخذه بحضنه قائلا له:

  " لتكن مثلهم اؤمر يا فارس بيه ونحن ننفذ على الفور".

 

رد فارس على أبيه:

 " أريد أيضا أن أنام معهم بغرفتهم".

 

فكر لدقائق قليلة قائلا بعدها:

 " ليحدث ما تريده ولكن عليك أن تفكر بسلمى كيف ستنام وحدها".

 

اجابه فارس ليصدمه:

" كيف وحدها لتنام هي بجانبك وانام أنا وباهي وهادي بالغرفة الجديدة".


رد البدري باستنكار:

 " استهدي بالله يا أبني أين ستنام اختك، لا يمكن أن تعود للنوم بجانبي مستحيل أن اهدر تعب كل تلك الليالي".


سأله فارس بتلقائية وبراءة قائلا:

" ولماذا لن تنام بجوارك وهي لا زالت صغيرة، خالتي فاطمة تنام بجانب باهي بغرفتنا القديمة وأنت مع سلمى بغرفتك، وأنا مع هادي بغرفة وحدنا".

 

ضحك البدري قائلا:

 " تم الأمر أكلنا الهواء".


 سأله ابنه:

 " أنا لم أفهم كيف أكلناه".

 

رد البدري بضحك على ابنه:

 " أقول ممتاز حسبت حسبتك وقسمت الميراث مهدرًا حق والدك، أتسائل ألم تشفق على والدك من نوم سلمى بجانبه، هل ارتاح ضميرك بما فعلته الآن".


ضحك فارس ليجدها البدري فرصة ليتحدث معه عن الوضع الجديد بعد زواجه شرحًا له وضع الزوجين بقدر عقله الصغير وخصوصية خالته فاطمة وعدم دخوله عليها غرفتها دون إذن.


حتى وصل به لحقيقة نومهما معا في غرفته وحدهما مثلهما مثل عمه سيد و زوجته و عمه محسن وزوجته.


 سأله البدري بعقلانية:

 " هل تدخل غرفة عمك دون إذن".


 نفى فارس فعل هذا،  اثنى والده عليه قائلا:

" تكون زوجة عمك أو خالتك فاطمة بوضع أو ملابس لا يصح رؤيتك لها، لهذا يتوجب الأذن قبل دخولك".


 لم يتوقع البدري أن يفهمه فارس ويتجاوب معه متحمسًا للوضع الجديد حين وعده أباه أن تنام سلمى وباهي بالغرفة وحدهما بعد أن يشتري لهم اثاث جديد.

 

وبنفس الحماس اتصل فارس باخوته ليسألهم عن رأيهم باختيار لون غرفهم والأشكال الكارتونية المحببة لهم ليختاروا سويا ما يحلمون به.


تحدثت توته للبدري قائلة:

 " لا داعي لكل هذا رأيت الغرفة الخاصة بالأولاد كانت جميلة وكافية لتبقى على حالتها".


 تذمر الأولاد طالبين أن تكون على شكل سيارات كما قال عمهم لهم.


 

أخذت الهاتف من الأولاد لتكمل المكالمة بعيدا عنهم وهي تقول:

 "السلام عليكم، اامل ان لا تستمع لهم سأقنعهم بذلك لا داعي لتغيير شيء لأجلهم".


تحدث بحذر أمام حدة نبرتها قائلا:

"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، اتصلت اكثر من مرة اليوم لاطمئن عليكم، هل أنتم بخير".


شكرته أنها بخير ومعيدة تكرار حديثها بعدم أهمية تغيير شيء في السرايا لأجلهم، رد عليها ليخبرها بتغيير غرفته هو أيضا كما قام بتجديدات في الطابق العلوي كله.


شرح لها نيته في ضم الشرفة الكبيرة داخل غرفتهم  ليضيف بهذه المساحة الجديدة مجلس صغير يقابله شاشة تلفزيون.


قاطعت حديثه رافضة ما يقوله:

 " كما تريد ولكني لا اسمح لأولادي بالسهر في غرفتي ومشاهدة التلفاز لوقت طويل، أولا أنا لا أحب السهر، ثانيا إن أرادوا مشاهدة الأفلام الكرتونية ستكون بوقت مبكر وبالصالون وليس الغرفة إن لم يكن لديك مانع بهذا".

 

أجابها بسرعة كبيرة:

 " هل فهمتي انها لأجل الأولاد؟،  لا لقد اسأتِ الفهم بالأساس سأتزوج خصيصا لاهرب من سهرهم، فعلتها لأجلنا نحن".

 

تراجع أمام صمتها قائلا:

" إن أردت مشاهدة شيء قبل نومي يعني لأجل هذا أم أنكِ ستحرمين السهر عليّ أيضا".


ردت بضيق شعرت به لأيام متواصلة قائلة:

"العفو منك افعل ما تريد دون ان يلاحظ الأولاد أو يشاركونك به".


حاول مسايرتها وفتح الأحاديث معها لعلها تلين ولكنها تمسكت بحدتها وشدتها حتى أنهى حديثه مستسلمًا لرغبتها.


توالت أيام أخرى زادت من الفجوة والبعد في التواصل بين البدري وفاطمة.


 

فرح الجميع بحلول شهر البركة والخير حدّثَ البدري أمال بشكل خاص ليهنئها بالشهر الكريم ليجدها تجيبه:

 " يا ليتك بجانبنا كنت أتيت وتناولت فطورك أنت ايضا مع شريف، سيأتي إلينا يوم الأربعاء بعد عودته من سفره ليفطر معنا لأول مرة بشهر الله المبارك''.

 

ضحك البدري مازحًا بسؤاله:

 " وهل هناك مغريات تحفزني على قطع كل هذه المسافة والمجيئ إليكم".

 

وبصوتها المنخفض وعيونها التي تراقب باب الغرفة أجابته أمال بغضبها وضيقها التي حملته أسبوعين في قلبها:

" إن كنت تتحدث عن الطعام فلا يمكننا أن نصل لكرم ضيافتكم، أما إن كنت تتحدث عن أشياء أخرى فأنت أعلم بما يحفزك أكثر منا''.


استقام بوقفته ليرد عليها:

 " لا تقولي هذا العفو منكم أنتم أهل كرم وخير ولا شك في ذلك".


لم يكمل كلمته الاخيرة  حتى جاءه صوتها المنخفض من جديد قائلة له:

 " أنت لست بحاجة لمن يخبرك عن ما يحفزك ويجعلك تتحمل لأجله عناء الطريق، فإن لم تراه بعين عقلك وقلبك فلا داعي لتعبك وقدومك كل هذه المسافة كان الله بعونك نعلم مسؤولياتك وما تحمله من عبئ كبير الذي يمنعك عن الاتصال والاهتمام اليومي، لعله خير أفعل ما يرضيك يا بني  لنراك في العيد ان سمحت لك أعمالك وتفضلت علينا بحضورك زفاف شهرزاد".

 

همَ ليرد عليها مكملاً جوابه الأول  لتسرع هي برفع صوتها قائلة:

  " هل احترق !؟".


  ثم وجهت حديثها له قائلة:

 " من بعد أذنك يا بني مضطرة أن انهي حديثنا  شكرا على اتصالك و معايدتك". 


قالتها أمال وأغلقت الهاتف بسرعة وضيق أكبر.

 


اختنق البدري من إنهاء المكالمة قبل أن يرد على والدة فاطمة قائلا لنفسه:

 " لو انتظرتي قليلا كنت سأقبل دعوتك، ضيقتي صدرك واغلقتي سريعًا، ماذا سيحدث إن تدللت عليكم لو كان شريف هو من قالها لكان الرد أصبح مختلفا دون هرب وكأن الكون يدور حوله هو فقط ".

 

تحرك بمكانه وهو يكمل لنفسه:


" من الواضح أن عدم ذهابي كل هذه الفترة وتقطعي بالاتصال ملأ قلب أمها، ماذا افعل المكان بعيد ولا أريد أن أضغط عليهم من غير شيء قبلوا طلبي بصعوبة، وأيضا لم اجد وقت بيومي وكان الجميع يتحالف كي لا اتفرغ إلا بعد نومها، ما علينا لعله خير حظنا وأصبحنا متصاحبين معه".


فكر في  آخر كلماتها له، قائلا:

"كيف اتفضل عليهم بذهابي للزفاف؟، وماذا عن عقد زواجنا نحن ايضا؟، هل تم تأجيله دون اخباري؟".


تحرك ليخرج ويباشر العمل بالحقل وهو يكمل حديثه مع نفسه دون رضا:

 " ينتظرونه ليعود من السفر وكأنهم اشتاقوا له ولم يروه منذ زمن طويل، اجده بمنزلهم أو يتصلون به أو يتحدثون عنه كلما اتصلت بهم، ينقصه فقط أن يضع جناحين وينزل عليهم من السماء استغفر الله العظيم".

 

دخل بغدادي على أمال غرفة شهرزاد قائلا: بخوف:

" ما الذي احترق  يا أمال ركضت للمطبخ ولم أجد شيئًا به".

 

ردت أمال على زوجها بضيق:

 " صدري يحترق أشعر بحموضة عالية به لا تقلق سأكون بخير".


رد البغدادي بضيق:

" استغفر الله العظيم. هل تصرخين بهذا الشكل لأجل الحموضة؟، تستحقين الاحتراق لأنكم لم تسمعوا الكلام قلت لكم لا تكثروا من المربى والمقليات  بالسحور وانتم تصرون عليها".

 

فتحت أمال هاتفها قائلة:

 " سيهدأ الآن عندما اطمئن على حبيبي الذي يبرد عليّ جفاء صدري وكلامك الثقيل هذا، اشتكي لك لاجدك مستمتع بألمي دون رحمة".

 

اتصلت بشريف وهي تستمع لما يقوله بغدادي قبل ذهابه لغرفته:

 " وكأنه مبرد للألم، سآخذ قيلولتي  ساعة على الأكثر إن تأخرت ادخلي و ايقظيني لا تتركيني لأنام أكثر".

 

أومأت برأسها لتجيبه دون صوت منتظرة أن يجيبها من نعتته بحبيبي، قائلة:

 " أهلا يا ابني طمني هل وصلت بالسلامة أم أنك لا زلت بالطريق؟".

 

رد شريف على أم عروسته قائلا:

" تبقى القليل لأصل لا تقلقي سأتصل بكِ واطمنك فور وصولي".

 

_" نعم اتصل وطمني فليرضى الله عنك يا روحي".

 

أجابها شريف بفرحته باهتمامها به، قائلا:

"  ربنا لا يحرمني من جمال دعائك".

 


_" اعاننا الله على اليومين المتبقين ماذا سنفعل اعتدنا عليك".

 

ضحك وهو يرد بفرح:

 " وأنا أيضا سأشتاق إليكم لا تقلقي سأحاول أن أنهي المأمورية مع أبي سريعًا وأعود إليكم".

 

دعت له من جديد بتيسير الأمر والسلامة به، أغلق شريف هاتفه ليبدأ أمين حديثه:

" ماذا كان هذا الآن؟ هل تحدثت مع حماتك ام خطيبتك؟، اقسم إن سمعت امك المكالمة ستقلب عليك وعليّ، والله إني غرت منكما فما بالك بأمك التي تغار من هوائها".

 

ضحك شريف قائلا بغرور:

" ماذا افعل كان عليكم أن تفكروا أكثر من مرة قبل أن تنجبوا ابن محبوب للجميع مثلي".

 

ضحك أمين على كلام ابنه قائلا:

 " بهدوء لا اعرف إن كنت أتيت معي بإبرة إفراغ الهواء أم لا".


رد شريف متسائلا:

" هل تنكر ألستُ محبوبا لدى الجميع؟".

 

ضحك أمين وهو ينظر للهاتف الذي ظهر عليه اسم زوجته قائلا:

 " هيا لنرى اجابة سؤالك بشكل عملي،  خذ رد أنت عليها أريد نفس الكفاءة التي ابديتها مع حماتك وإلا سأفضح سرك الخيار لك".

 

فتح شريف الهاتف ليجيب على امه قائلا: 

" وأخيرا تفضلت علينا مولاتي واتصلت لتطمئن على الامراء".

 

ضحك أمين قائلا بصوت منخفض مسموع:

  " لا أعرف من أين ظهر العيب؟، أتذكر أنني سلمتك لهم بعقل كامل ماذا فعلت بك ابنة البغدادي؟".


 

وبينما كانوا يضحكون بطريق السفر، كانت  أمال تدخل غرفتها لتجد زوجها جالسًا على فراشه يرتب درج الدواء، سألته:

" لماذا لم تنم".


 

أجابها:

" ذهب نومي، اخبريني هل اطمأننتي على حبيبك".


 

ضحكت أمال قائلة:

" نعم حبيبي الرجل كحب السكر يحلي اللسان والقلب، كان الله بعون توتة نصيبها أتى بشكل آخر كيف ستتحمل حدة وجفاء أهل الصعيد".

 


رد عليها بغدادي بضيق 

" وما به نصيب توته الرجل محترم وإبن أصول يهتم بها ويتصل كلما تفرغ ليطمئن على احوالها".

 

أجابته أمال بغير رضا قائلة:

" وكأنه يؤدي مأمورية اهلا كيف حالك وحال الأولاد والسلام ختام".

 

رد بغدادي عليها:

 " يا أمال لا تظلمي الرجل انظري لأصابع يدك الواحدة ستجديهم غير متشابهة، ومع هذا الاختلاف لا نشعر بالفرق بينهم ما داموا جميعهم  يقومون بعملهم دون تقصير، وايضا لا تقارني بين شريف ورجل مسؤول عن عائلة، تربى على قوة أهل الصعيد كما أنها تجربتهم الثانية بعد فقد كسر أفئدتهم، الوضع مختلف بينهما فلا تأتي وتقارني بينه وبين من فقد عقله حتى الشباب الذين مثله محتفظين بعقلهم قليلا عنه".


 

تحدثت أمال مدافعة عن شريف:

 " لا تتحدث عنه بهذا الشكل ماشاء الله عليه رجل وسيد الرجال هو فقط يحب الضحك وإسعاد ابنتك إن كان يعامل الناس كما يضحك ويتعامل معنا كنت اعطيتك الحق ولكنه جاد بالخارج لدرجة أننا رأينا ماذا فعل بتلك الطالبة التي قللت احترامها معه".

 

_" ما بكِ يا أمال هل دعس أحد على طرفك اليوم، مزحنا كما نمزح كل يوم أعلم أن حبيبك لا مثيل له رجل بكل ما تحمله الكلمة، بجانب انه يحب ابنتك ويسعدها ويتمنى لها الرضا لترضى عليه، اتركيني بحالي لأكمل صيامي على خير لا زلنا بأول اليوم، ياليتك ذهبتي مع بناتك لتفرغي طاقتك بالمشتريات".

 

تحركت أمال لتذهب للمطبخ وهي ترد عليه:

 '' وإن ذهبت أنا من سيحضر لك الفطور وصينية الكنافة التي خرجت لنا باليانصيب اليوم".


تحدث بغدادي بصوت منخفض:

 " عليّ أن أتوضأ وأخرج لأنتظر أذان الظهر بالجامع".

 

 

عاد شريف بعد عدة أيام من سفره ذاهبًا لهم عصر الأربعاء وفاءً بوعده لحماته المحبة له، لم تطل سفرته يومين وعدة ساعات أشعرهم أنه ذاهب بهم لما وراء المريخ.



حضرت أمال أصناف مختلفة من الأطعمة والمقبلات والحلوى، سعد قلبها  برؤيتها لفرحة ابنتها بخطيبها وضحك الأولاد ولعبهم مع شريف.


نظرت بحزن نحو توته قائلة داخلها:

 " حبيبة قلب امها  نصيبك ان تحرمي من الاهتمام والفرحة بهذا السن الصغير هل تعجلنا يا ترى و وافقنا على تحملك فوق طاقتك، اه يا ابنتي الجميلة كيف ستتحملين حياة مختلفة عنك".


 

شردت أمال بنظراتها الثابتة على ابنتها لتعلوا الأصوات حولها:

 " أمي، أمال،  خير يا أمي، أمي أمال هل بكِ شيء".

 

اقترب بغدادي منها بخوف قائلا من حوله:

 " هل أغشي عليها بأعين مفتوحة".

 

ذعرت أمال فور اقتراب زوجها منها ورجها بقوة، قائلة:

 " خير يا حاج ما بك!".

 

التقطوا أنفاسهم ليسألوها:

 "  بل أنتِ ما بكِ؟".


ظلوا يسألونها هل هي بخير ام تشعر بتعب، استغربت حالتهم وما حدث لها فهي حقا انفصلت عن عالمها المحيط بها للحظات شردت بحزنها على ابنتها.

 

رفض بناتها تحرك أمهم من مكانها و توجهوا هم للمطبخ كي يسخنوا الأطعمة و يسكبوها بالاطباق لتجهيز المائدة استعدادا لأذان المغرب الذي اقترب كثيرا.

 

تحرك شريف قائلا:

 "وانا سأسكب العصير بالأكواب".


 منعه البغدادي وأصر أن يرتاح وخاصة أنه وصل من السفر قبل وقت قصير.

 

تجمعوا على المائدة نادت توته أولادها بضيق من كثرة بقائهم أمام شاشة التلفاز:

 " لا يوجد صيام بالغد أخذتموه حجة لاستباحة الممنوعات كلها".

 

سحبت كبل الكهرباء مغلقة التلفاز أمامهم، تحركوا ليخرجوا من الغرفة وهم يستمعون لصوت جرس الباب.

 

لم يتحركوا من فقدان طاقتهم ليتحرك جدهم الأقرب للباب قائلا:

 " أنتِ محقة لا يوجد لهم صيام مرة أخرى سينتهون على اخر الشهر".

 

تحركت أمال لتسبق زوجها بفتح الباب قائلة:

 " من المؤكد انها ام عصام".

 

تحدثت شهرزاد لخطيبها متسائلة:

 " هل لديكم عادات تبادل الأطباق برمضان".

 

لم يرد شريف عليها حين نظر متفاجئ بالضيف حاله حالة بقية أهل المنزل كله حين تفاجؤوا بالبدري الذي تحدث بوجهه الفرح وصوته الأجش فور فتح الباب له:

" السلام عليكم كل سنة وانتم طيبون اعتذر لقدومي دون إذن مسبق".


author-img
أمل محمد الكاشف

تعليقات

5 تعليقات
إرسال تعليق
  • غير معرف18 نوفمبر 2024 في 10:12 م

    تسلم ايدك حبيبتي

    حذف التعليق
    • Rim kalfaoui photo
      Rim kalfaoui19 نوفمبر 2024 في 1:04 ص

      يا عيني عليك يا البدري سلمي مسيطرة عليك هههههه بس نعمل ايه الظن غالي
      اما شريف يختي من شريف والا امال أصبح حبيبها وابنها اللي ما خلفتوش طبعا البدري جاء مش على هواها الست امال 😂😂😂

      حذف التعليق
      • غير معرف20 نوفمبر 2024 في 2:40 ص

        الحلقة جميلة حبيبتي لولو تسلم ايدك 😍😍😍

        حذف التعليق
        • Amany Ahmed photo
          Amany Ahmed25 نوفمبر 2024 في 3:26 ص

          والله مافى احلى من المفاجات وزيارة البدرى فجاة كده على غفلة
          والحمد لله انهم فى رمضان يعنى الخير موجود وبزيادة زكمان وجود شريف يعنى الحريم مستور يبقى اهلا وسهلا ورمضان كريم هاهاهاهاها

          حذف التعليق
          • Amany Ahmed photo
            Amany Ahmed25 نوفمبر 2024 في 3:29 ص

            البدرى غار من شريف المتواجد كل يوم معهم بالبيت او بالخارح معهم او عالتليفون وكانه طبق رئيسى على سفرة رمضان
            وكانه تمر قبل الافطار هاهاهاها

            حذف التعليق
            google-playkhamsatmostaqltradent