recent
جديدنا

"ومَا مَلَكَت أَيمَانُهُم" الفصل الرابع

"ومَا مَلَكَت أَيمَانُهُم"

بقلم أمل محمد الكاشف 



مرت الأيام بسعادة كبيرة حتى اصبح يستمع لصوت ضحكاتها ليبتهج وجهه لنجاحه في اخراجها من حالتها الأولى.
أصبح يَؤم بها في كل مكان يذهبان اليه مستمتعين بالتدبر في خلق الرحمن.اقترب نحوها ليبهرها بكلماته التي داعبت أُذنها بصوته العذب من خلفها وهو يشاركها النظر في ملكوت اللوحة الربانية الساحرة قائلا:"ما أجمل سيد الفصول حين يشرق علينا ليزين الطبيعة بردائها الأخضر الزاهي، تتفتح الأزهار والورود المرصعة بالفرشات الملونة الخاطفة للقلب قبل العين معلنة عن بدأ المرح والسرور".

استدارت لتنظر له مبهرة لما تسمعه وهو يكمل:
"بهِ يتغير الطقس ليصبح أكثر حنانًا ودفئًا وأقل قسوة، تستسلم الغيوم وتنقشع أجلالًا لقدومه وتسكن العواصف لتبتسم السماء خجلًا من إفساد هذه اللوحة رائعة الجمال معلنة مشاركتها بفتح ذراعيها معلنة عن إشراقة شمسها لنشر الدفء بكل مكان، تسترسل بضخ أشعتها الذهبية الحنونة باحثة عن الزهور والورود المتفتحة لتستقر عليها بعد طول غياب، وهنا تعلو زقزقة العصافير بكل مكان كي تسمعها باقي الحيوانات ملبية نداء الطبيعة وهي تتحرر من بياتها الشتوي معلنة عن بدأ المتعة والنشاط لتكتمل هذه اللوحة الجميلة التي ترينها الآن …".

رفعت يديها تصفق له بحرارة كبيرة لمعت عيناه فرحًا لرؤية تجاوبها معه، صمت أمام صفقات كفيها الفرحة مكملًا داخله:
"ترينها بسحر عينيكِ الخلاب وكأنكِ جزء من هذه اللوحة المخضرة بالسحر والجمال".

قطعت فرحتها الكبيرة حين سقطت عينيها على حبات الفراولة المعلقة على فروعها القصيرة شردت بجمالها، هرولت بفرح نحوها لتقطف منها واحدة آثرته بها أولًا ومن ثم اقتطفت الأخرى لتأكلها بسعادة أضفت على روحه البهجة والسرور.

ظل ينظر لفرحتها وتلون شفتيها بلون الفراولة وهو منذهل بعفويتها وروحها متأملًا في تفاصيل وجهها الذي كان يزدهر ويُخضر كلما تحررت من ماضيها ليرى ملامحها تتزين بعطر وسحر الربيع بأبها حلته، لم تلبث كثيرًا حتى تتلون وتتغير ملامحها لتصبح صيف جاف بحدة ملامحها تارة وخريف بتعكر صفائها الناتج عن غضبها عليه خوفًا من أذية نفسه، بخلاف العواصف الشتوية الغير ثابتة تأتي وتذهب دون موعد.


(لوهلة شعرت أنه بيوصف روح عشماوي عندنا هههههه🤣 وخصوصا اما الهرمونات تتلخبط ههه استرها علينا يارب)

اعتاد على صحبتها فأصبح لا يخطو خطوة حتى يأخذها معه كي يتجولا معًا دون معاناة أو مشقة كل ما يفكران به كيف سيقضيان يومهما وما المغامرات التي تنتظرهم هذه المرة.
وبأحد الأيام فاجأته بطلبها أن يسابقها بالركض ليروا من يصل لنهاية الزهور الحمراء قبل الآخر، نظر لجسدها الممتلئ مازحًا معها:
"هل رغبتي بتجربة روح الخسارة".
ضحكت على استحياء:
"لنتسابق أولًا ومن ثم نقرر على من ستسقط الخسارة".

أكمل بمزاحه ونظراته لجسدها الممتلئ:
"أنتِ على الفرس وانا على قدماي أليس كذلك؟".

تحركت لتعتدل بوجهتها منحنية قليلًا للأمام قائلة:
''هيا لنرى من منا سيحضر الطعام اليوم".

ابتسم لسماعه ما قالته تحرك بفرح:
"لنتعب قليلًا إذا كي نرتاح عند عودتنا".

استهزأ بالبدأ معها وتمهل حتى سبقته عدة أمتار ندم بعدهم حين رأى ما لم يخطر له فقد كانت ماهرة سريعة بركضها وكأنها فهد منطلق نحو فريسته،  هزم هزيمة ساحقه أمامها ظلت تضحك وتسخر من ثقته طوال طريق عودتهم وبدئه بطبخ الدجاج المشوي، طلب منها غسل الخضروات وتقطيعها
لتقايضه:
 " وما المقابل".
مسح جبهته بظهر كف يده اليمنى ثم مسح عينيه بالكف اليسرى:
"إن علم السلطان نجم الدين ما تفعليه مع ولي عهد مملكته سيعاقبك اشد عقاب بل سينفيكِ".

ضحكت بلطف وهي تقترب على استحياء لتأخذ منه السكين والبصل قائلة بصوت خافت:
 "نعم عليك ان تفكر جيدًا بالعقاب الذي سيسقط عليك ان علم باختطافك لأبنته واجبارها على تحضير الطعام والركض خلفك طوال النهار، ألم تؤلمك قدميك من التجوال بكل يوم دون كلل او ملل".
لامس يدها بالخطأ لتتراجع هي منتظرة تاركة للسكين، نظر لوجهها قائلا:
"ألا زلتي تخجلين! لقد مر أربعة وخمسون يومًا ونحن لم نرى سوى وجوه بعضنا".

صمتت ليتنحى تاركًا موقعه لها:
"لم أرفض مساعدتك أعلم إنكِ خشيتِ عقاب السلطان لهذا قررت ان أرأف بحالك واسمح لكِ بمساعدتي".

نظرت له بتعجب:
"أتعلم! يأتي علي بعض الوقت وأصدق حقًا أنك ولي العهد، وخاصة حين يأتي الحرس الملكي كي يمدونك بالطعام والمؤونة".

رد عليها وهو يجلس على فراشه:
"بل أتعلمين أنتِ؟ يأتي علي بعض الوقت أحدث نفسي متعجبًا أن كنتِ ابنة السلطان حقًا فلماذا لم تستنجدي بالحرس وكان أمامك أكثر من فرصة للقيام بذلك".

صمتت حتى أنهت تقطيع البصل و وضعه داخل القدر أعلى مشعل الحطب ومن بعده وضعت الدجاج المتبل مغلقة عليهم.

لتغسل يدها بعدها اتجهت لفراشه لتجلس بجانبه وهي تدير وجهتها قبلته:
"هل تذهب للمملكة ام علاقتك تنحصر بقدوم الحرس إليك لحمايتك وتلبية طلباتك".

ابتسم من قربها وحديثها بصوت منخفض رافعا احد قدميه ليضعها اسفل جلسته ليكون بوجهتها وهو يحدثها بنفس نبرتها المنخفضة:
"نعم اذهب للمملكة بين الحين والاخر كما انهم يدعونني لحضور الحفلات الخاصة، علاوة على فصل الشتاء لدي جناح خاص هناك اتنعم به حين تقسو الثلوج على الطبيعة ويسودها بردائه الأبيض".

عقدت فمها مصغرة عينيها تعبيرًا منها على عدم تصديقه، ليكمل هو:
"السلطان نجم الدين من أطيب الشخصيات التي يمكنك رؤيتها، هيبته وسُلطانه يهدر فور غضبه من والدته السلطانة رفيدة، يريد أن يتنعم بما مَلَكَت يَميِنٌه كما يحلو له والسلطانة تريد منه ان يتعفف عنهم بالزواج من ابنة عمومتها فتاة جميلة بمطلع عقدها الثاني".

حزنت مقاطعة حديثه:
"هل نسى السلطان زوجته السلطانة صوفيا رحمة الله عليها".

تعجب من حزنها مجيب على سؤالها بسؤال اخر:
"ومن أين تعلمين بأمر السلطانة صوفيا ولما كل هذا الحزن الذي خيم على وجهك".

اجابته:
"ان اردت إجابة حقيقية عليك ان تكون صادق معي فإن علمت انك تكذب وتخدعني بهذه القصص س…."
صمتت ليسألها "ماذا ستفعلين؟".

تحدثت بضعف وحزن:
 "اعلم انه لا يحق لي فعل شيء فبالاخير انت سيدي ومالكي ولكن سيحزن منك داخلي هذا ما أستطيع فعله وان كان لا قدر له".
ابتسم وجهه:
"حسنًا أعدك ان نتحدث بصدق، احكي لي لما كل هذا الحزن، ام انه خيب أملك في الوفاء لزوجته".

ردت عليه:
"نعم هذا ما حدث اشعر بخيبة امل وكأنه حدث معي وليس مع السلطانة، ألم يكن عاشق للتراب التي تسير عليه، ألم يتأثر ويحزن ويتبعثر بعدها، ألم يبكيها بجانب المقبرة دون ان يكترث لوجود عامة الشعب حوله، لقد أقام لها جنازة شعبية كبيرة لم تعهدها المملكة من قبل، رفض الزواج من بعدها، اعتزل النساء قائلا عبارته المشهورة 'لقد شبع القلب من متاع الدنيا و اشتاقت النفس للقاء الروح".

اجابها بصوت تغير نبرته قليلًا:
"بالأخير هو السلطان وما يفعله من ضمن حقه الذي أعطاه الله له".

قاطعته بضيق:
"السلطانة محقة فليتزوج ويكتفي بواحدة".

سألها بفضول:
 "أليس حقه؟ ألم يشرع الله ان يتمتع بحلاله بهم؟ أم إنكِ لا تعلمين ذلك".
اجابته بحزن:
"وكيف لا أعلم وأنا من عاشت سنوات حياتها تترقب لحظة بيعها و ذهابها لمالكها الجديد كي تكمل حياتها معه أيا كانت تحمل تلك الحياة من مذلة وهوان وسلب للحريات والحقوق".

لم يسرع باجابتها خوفًا من جرحها صمت قليلًا لتكمل هي:
"روى لي جدي عن السلطانة صوفيا كثيرًا كم كانت حنونة محبة للجميع، تعلق الشعب بها و بعطائها السخي لهم، تنعم الفقراء بخيرات المملكة، خلى الحرملك من الجواري لكثرة إعتاقها لهم وتزويجهم من عامة الشعب لينجبوا بنات وبنين ويسعدون بدفء العائلة، كانت تقوم بحفل زفاف جماعي لهم وتعطيهم ما يكفيهم لبدء حياة كريمة، حدثني جدي عن حب السلطان نجم الدين لزوجته صوفيا وكم كان ينفذ لها ما تحب وتحلم حتى أنه هجر كل النساء لأجلها، هل تعلم أن أمي سمتني صوفيا على اسم السلطانة من شدة حبها لها، واصبح جدي يروي لي الكثير من القصص لها هي والسلطان نجم الدين و والدته القوية".

صمتت أمام تعابير وجهه ليسألها بفرحة كبيرة:
"هل اسمك صوفيا حقًا".

اومأت رأسها مخبئة نظراته عنه:
 "نعم هذا ما حدث".
ضحك:
 "وانا من كان ينوي تسليمك للسلطان نجم الدين كي اتقرب واتودد له أكثر وأكثر".
ضحكت على استحياء:
"هذا يعني أنك لم ترى الاميرة حفصة من قبل".

ابتسم مسرعًا نحو قدر الطعام:
"لنراها قبل أن يحترق ونحن منشغلين بالأحاديث الملكية".

تحركت من خلفه:
"امرك يا سيدي لأقطع الخضروات لاضعها بجانب الطعام كما تحب".

فاجأها بسؤاله دون النظر لها:
"هل ترغبين في رؤية القصر الملكي عن قرب".

وبضيق من كذبه وعدم تصريحه بشخصه أمامها اجابته:
"شكرًا لا اريد".

وضع قدر الطعام على المفرش الجلدي في المنتصف جالسًا بجانبه:
"بما أنكِ لم تمانعي الفكرة فعليكِ تحضير نفسك من الان غدًا صباحًا سنذهب للقصر الملكي للمشاركة في الحفل السنوي لاندماج الأمراء مع الشعب".

حدثته ساخرة مما يقول:
"تصحيح عليك قول اندماج الأمراء مع صفوة الشعب، ومع ذلك وأيًا كان صدق أو كذب ما تقوله انا لن اذهب لأي مكان وخاصة بهذه الملابس، لتذهب انت أينما شئت وتعود وقتما شئت".

اخذ قطعة من لحم الدجاج ليأكلها وهو يستمتع بطعمها قائلا:
"ممتاز يناسبني هذا، لنذهب ونشبع فضولك عن القصر والسلطنة لديهم علم بحضورك معي سيتم تجهيز ملابسك وفقًا لذلك لا تقلقي".

ردت بسخرية:
"نعم ممتاز بما انك مُصر اخبرهم أنني لن انزع حجابي ان أرادوا فليصمموا فستان خاص باللون الزهري المكلل بالورود البيضاء".

وضعت في فمها قطعة دجاج أكملت بعد مضغها وابتلاعها:
 "نعم لا تنسى أمر التاج".
ابتسم مجيبًا عليها:
"هذا يعني انكِ تريدين منافسة الاميرات على جذب انظار ولي العهد لهم والفوز بالرقص معه".

اجابت بسرعة:
"حاشى لله ان افعل هذا، انا اعلم حدود الله ولا ارفع عيني بغير المحارم وأيضا…".

قاطعها قبل ان تكمل:
"اعتق رقبتك غدا واتنازل عن ملكيتك لي في حالة واحدة فقط ان فزتي بجذب انتباه الأمير لكِ وكنتِ أنتِ صاحبة الرقصة الأولى".

ردت ساخرة مما تسمعه غير مهتمة بجديته:
"تصحيح تقصد بفضيحتي الأولى، تخيل معي فستان زهري منفوخ من بداية الخصر حتى نهاية القدمين التي تتزين بحذاء زجاجي مرتفع الكعب يعلو رأسي حجاب ابيض وتاج مفضض مرصع بالكرستال ليس كبير وضخم ولكنه بسيط ورقيق اتحرك ليتحرك معي فستاني وترفرف الورود من أعلاه القاعة كبيرة ومتسعة ومليئة بالقناديل الذهبية الضخمة، الخدم يسيرون بكل اتجاه وهم يحملون ما لا عين رأت ولا اذن سمعت يأتي الأمير منبهر بوردات فستاني الجميل المنفوخ يسحبني من يدي لاجد نفسي ارقص معه بمنتصف القاعة يتنحى الجميع للوراء منبهر بي وبجمال رقصي مع الأمير يقف السلطان مصفقًا معلنا انه سيزوج ابنه من هذه الاميرة، وحينها وحينها تدق الساعة وتتذكر الاميرة أمر السحر لتسرع بركضها خارج القاعة كي لا تفضح سيدها قبل ان تفضح هي".

ضحك على ضحكها وسخريتها من المشهد حين اعادت تخيله قائلة:
"انتظر ام انها ستسقط بمجرد سحبه لها ولم تستطع التحرك بحذائها الزجاجي".

اجابها بضحك:
"هل يتوجب بهذه الحالة ان يحملها الأمير ويرقص بها وهي بين احضانه".

ابتسمت بخجل:
"وكيف سيحمل فتاة بحجمي".

ضحك:
"كما أحملك انا لرفعك على الحصان، لا اعلم كيف افعلها ولكنك رغم وزنك الزائد الا انكِ بقدر قطة صغيرة في ثقلها".

انهى طعامه و وقف بحماس منحني نحوها قليلا وهو يضع ذراعه خلف ظهره والأخر ممدود اتجاهها:
"هل تسمح مولاتي الاميرة بهذه الرقصة".

ادارت وجهها:
"كذب الكذبة وصدقها، توبة استغفر الله".

امسك يدها عنوة وسحبها ليوقفها بجانبها لتجد نفسها بين ذراعيه يعلمها أصول الرقص مع الأمراء وكيفية التعامل وبماذا تجيب وكيف تحييهم وتأكل امامهم، كان يتحرك بها وهو يصف لها طرق القصر والغرف والقاعة الكبيرة التي سيقام بها الحفل، اندمج بحديثه وحركاته ودورانه بها وإصلاح خطوات سيرها دون ان ينتبه لشرودها بحالته الجديدة وخفقان قلبها وهي كلما ارتطمت به اثناء جذبه لها كلما اقترب سقوطها، ارتبكت وارتجف داخلها بمجرد شعورها انه من الممكن تغير نظراته و وعده لها ويرغب بامتلاك يمينه في هذه الليلة.

ظلت صامتة شاردة متوترة حتى رفع يده الممسكة بيدها للأعلى مطلق العنان لدورانها كالفراشة امامه وهو سعيد بالنتيجة والتحرر والفرحة التي وصلت لها، دون أن يتوقع اختلال توازنها وسقوطها بين يديه في لحظة كانت بداية لولادة المشاعر..... 

يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا. 



author-img
أمل محمد الكاشف

تعليقات

3 تعليقات
إرسال تعليق
  • غير معرف20 نوفمبر 2024 في 12:48 م

    جميلة تسلم ايدك حبيبتى

    حذف التعليق
    • غير معرف20 نوفمبر 2024 في 3:32 م

      روعه تسلم ايدك حبيبتي

      حذف التعليق
      • Rim kalfaoui photo
        Rim kalfaoui21 نوفمبر 2024 في 7:41 م

        يا حلاوة بدايه المشاعر الجميلة هتبدأ وعندنا حفلة ملكيه يلا بنا 👌👌👌👌💃💃💃💃💃💞💞💞💞💞💞

        حذف التعليق
        google-playkhamsatmostaqltradent