recent
جديدنا

احكي يا شهرزاد الفصل الثاني والثلاثون

 احكي يا شهرزاد 

بقلم أمل محمد الكاشف


تحرك البدري ليقف ناظرًا أمامه بقوة تركيزه وتدويره لما قالته قبل قليل.


طال الصمت لتخجل توته هي طالبة الإذن بإنهاء المكالمة لوجوب نومها استعدادًا لسفرها.


رد عليها بعد أن ابتلع ريقه متسائلا:

 " هل أخذت ردي الآن على طلبي المعلق منذ عدة شهور ام اختلط علي الامر، لا تؤاخذيني اليوم كان ثقيل ولم أنم بشكل كافي منذ أمس لذلك عقلي توقف قليلا".


ورغم  خجلها واهتزاز جسدها من شدة توترها وفقدها السيطرة على أعصابها حتى ازداد الأمر سوءً عندما ارتجفت وجنتيها بشفتيها، إلا أنها أجابته بجدية قائلة:

 " فكرت عدة مرات بطلبك لا اكذب عليك انا غير مؤهلة لبدء حياة جديدة ومع ذلك قررت أن اقبله هذه المرة لأجل الأطفال، رؤيتي لسعادتهم وسط أهلهم هنا وتعلقهم بشكل خاص بحضرتك وفارس حتى أصبحوا لا يفرحون من قلوبهم أكثر مما يفرحون عند سماع اسمك او الذهاب إليكم، انا لا أقول أنهم تعساء بالقاهرة بالعكس تماما أرى أن مستقبلهم الجيد واستقراري النفسي سيكون هناك ومع ذلك لا اريد ان انكر حقيقة ارتياحهم وأنك سند قوي لهم بالمستقبل، أعتذر لصراحتي الزائدة عن المطلوب بتلك المواقف ولكننا بوضع لا يسمح بتزيين الكلام و إخفاء الحقائق فلا زال قلبي وعقلي معلق بالماضي وما زال جرحي ينبض ويتملكني كلما تذكرت او حلمت او رأيت ما يعيدني لأيامي الهادئة، اردت ان أكون صادقة بمشاعري كي لا اظلمك معي نعم قبلت عرضك بنصف عقل  والنصف الآخر لا زال معارض لوجود ناهدة وعودتي للعيش بالصعيد دون رجعة وتحملي مسؤولية حياة جديدة عليّ أن أعطي فيها ما امرنا الله به، ولهذا اطلب منك وقت إضافي نعتاد به على بعضنا واتقبل فكرة قبولي لهذا وأيضا كي أكون بجانب اختي واطمئن أولا على زواجها وحياتها ومن ثم إن أراد الله النصيب نحدد موعد زواجنا وانتقالنا".



صمتت فاطمة ليرد البدري قائلا:

" شكرا لصراحتك وتوضيحك لما تفكرين وتشعرين به رغم أنه لا داعي لإفصاحك عنه، أعلم حقيقة ما قلتيه أنتِ هناك قاسم مشترك بيننا جانب مني كان في البداية  لا يرغب أن يرتبط بهذه  الطريقة واخبرتك من قبل أنني حزنت لما وقعت به، كان حلمي ان اجد لي ونيسا اتقاسم معه همي و عبئي ومسؤولياتي، شخص يعلم عاداتنا ويقدسها لأُصبح انا واولادي همه واهتمامه لا أحب تحميل أحد عبئ أولادي فأنا كفيل بهم ولكن الوسط العائلي والارتباط الوجداني بين الأولاد ومن سيأتي لليعيش معهم  كان مهم بالنسبة لي، وهذا ما حدث حين وجدت ضالتي وراحتي أقصد راحتنا بالقرب منكم كما رأيتي حب الأولاد وتقاربهم وتقبلهم العيش معا بجانب ارتباطي انا أيضا بهم هذا كله لا يمكنني أن أجده مع غيركم وهنا يكمن جانبي الاخر، لهذا انا راضي بما تقوليه لا أحد منا يعلم ما تحمله الأقدار له سنترك اعتيادنا وتأقلمنا على وضعنا الجديد للأيام هي كفيلة بإصلاح ما تركه الزمان بقلوبنا وأنفسنا، ولكِ ما تريدين لتكن فترة تعارف نعتاد بها على فكر وعادات بعضنا ومن ثم نتوكل على الله بعد زواج اختك".


وبنبرة صوتها المنخفضة أجابته قائلة:

 " شكرا لتفهمك لوضعي".


وقبل أن تنتهي المكالمة سألها البدري:

  " متى ستتزوج اختك؟".


 وأكمل مبرر سؤاله:

" لأنك أخبرتني باقتراب الزفاف و وجوب سفرك لأجله".


ردت فاطمة عليه قائلة:

" هذا آخر ما وعدت خطيبها المتعجل به ولكن لا احد يعلم ما يدور برأسها فهي تريد النجاح بمشروعها أولا ومن ثم تتزوج".


وبفضول أكبر سألها:

 " وهل بدأوا فعليا بالعمل على المشروع".


ردت عليه بحزن:

" ليس بهذه السهولة لديهم عدة عقبات واختي تريد العمل كامل دون نقص ولديها عدة مخططات من الصعب الوصول لها بالبداية".


جاء ليرد عليها لولا بكاء سلمى وتحركه نحوها لتنهي توته المكالمة التي طالت أكثر مما توقعا لها، حمل البدري ابنته وهو يقول لنفسه:

" وقعنا بقبضة يدها اقسم انها ستؤجل عملها و زفافها كي لا يكتمل زواجنا".



لم تصدق توته ما فعلته طار النوم من عينيها المغلقة بعقل مستيقظ يفكر ويفكر، يندم تارة ويعطي لنفسه الحق تارة أخرى لتشرق شمس يوم جديد حضرت حقائبها بجانب باب المنزل.


ارتدت هي وأولادها استعدادا للرحيل، بكت فهمية وهي تحتضن احفادها وتحنو على ظهورهم بقلبها المتألم.


رن جرس المنزل أسرعت ميادة اخت مدحت لفتحه وهي حزينة على فراق الأولاد، تحدثت لها أمها متسائلة:     "هل وصل سيد".


لتجيبها ميادة:

"لا يا امي ليس سيد بل البدري ابن عمي".


نظر لها قائلا:

" كيف حالك يا ميادة هل كل شيء على ما يرام".


 _ " شكرا يا ابن عمي الحمدلله بخير".


أتت فهمية بوجهها المترقب من قدوم البدري بهذه الساعة المبكرة، رحبت به وادخلته وهي تسأله:

 " خير يا بني هل عمك واخوانك بخير، هل حدث شيء لناهدة".


قاطعها البدري:

" معاذ الله لم يحدث شيء جميعهم بخير".


 ونظر للحقائب مكملا:

" أتيت لاصطحاب الأولاد لأوصلهم للمطار عوضا عن سيد كي لا ينشغل عن عمله المهم".


ردت توته من الخلف قائلة:

" أخبرت أمي أن أذهب وحدي دون ان اشغل احد بي ولكنها أصرت على الاتصال بسيد".


تحرك مقتربًا من الحقائب قائلا:

 " مخطئة بالطبع ما كان عليها أن تتصل بسيد وانا موجود".


قالها لينادي على الأولاد بعدها:

 " لماذا تقفون بعيدًا هيا اقتربوا وساعدوني بنقل الحقائب الصغيرة".


نظرت فهمية لفاطمة ثم نظرت للبدري باستغراب مما قاله، خرجت خلفهم لتلمس تغير كبير بهما واهتمامه بفتح الباب لزوجة ابنها واغلاقه خلفها مشيرًا لها بوجهه السعيد لترفع يدها لترد عليه سلامه بصمت، راقبت ابتعاد سيارتهم عن المكان لتسأل نفسها:

" ما به وكأنه أصبح واليها، ومنذ متى يأتي بشكل خاص لإيصال أحد منا، هل قبلت طلبه وتم الأمر يا ترى!".


عاتب البدري على فاطمة فور صعوده السيارة عدم انتظاره واتصالهم بسيد فهو كان آتي إليهم بكل الأحوال، ردت عليه مبررة:

 " كنت سأذهب وحدي لا داعي لترك أعمالكم لأجلي، وأيضا من اين سأعلم بقدومك ان لم تخبرنا بهذا".


و باستغراب سألها: 

" ألم أتصل بكِ مرة أخرى وأخبرتك بهذا؟".


هزت رأسها بالنفي وهي تنظر للأمام نحوه:

 "هل اتصلت مرة أخرى لا لم يحدث".


صمت البدري وهو يتذكر حلمه  واتصاله بها ليخبرها بمجيئه لهم واصطحابهم ليفطروا سويا ومن ثم يودعهم وهو يعدهم بزيارتهم القريبة، نظر نحوها من المرآة الامامية وهو يتذكر وجهها الفرح بحلمه.


ابتسم بتحفظ تحدث به:

"الواضح أنني أصبحت اهلوس من وراء سلمى كنت أريد أن اخبرك بذلك لأكتفي بفعلها بحلمي".


وجهه حديثه للأولاد وهو ينظر لهم بحذر ترقبه للسيارات من حوله قائلا:

"أرأيت ما تفعله صغيرتنا بعمكم".


رد باهي بضحك ليهز قلوبهم ببراءته:

" يا ليتنا بقينا بالبلد مدة أطول كي ألعب معهم".


نظر البدري لفاطمة الناظرة له قائلا:

"قريبًا يا ولدي، قريبًا ستتمتع باللعب في أرضك ومع من تحب وقتما شئت".


وقف بجانب مخبز معجنات اشترى منه بشكل متنوع، ذاهبًا لبقالة صغيرة بجواره ليشتري حلوى وأنواع بسكوت مختلفة للأولاد.


شكرته فاطمة قبل دخولها بوابة المطار، حدثها بقلب راضي:

"في رعاية الله تصحبكم السلامة، أرى وجوهكم على خير قريبًا".


ردت عليه بخجل وارتباك:

"إن شاءالله السلام عليكم".


وبعد طريق متعب وصلت توته للقاهرة ليفرح أهلها بقدومها نام الأطفال بعد اخذهم لحمام دافئ أزال عنهم القليل من عبئ الطريق. 


رن هاتف توته لتفتحه مجيبة على المتصل:

" نعم وصلنا منذ ساعة على الأغلب".

 

_" الحمدلله على السلامة اترككِ لترتاحي من تعب الطريق ولكن لا تنسي أن ترسلي سلامي للحاج والسيدة أمال".


ردت عليه وهي تنظر لأختها:

 " شكرا لحضرتك أكيد سأبلغهم سلامك".


أغلقت الهاتف ووضعته جانبا قائلة:

" سأتحمم أنا أيضا لأنام بعدها".


نام الجميع ليلتهم بفرحة وجود توته بالمنزل، لتمر عدة أيام لاحظت عائلتها تكرار اتصال البدري الذي أصبح شبه يومي، كل صباح ومساء يتصل ليطمئن على الأولاد والوضع ويغلق دون أن يتم الخمس دقائق على الأكثر لتمزح شهرزاد قائلة:

" الساعة العاشرة صباحًا والتاسعة مساءً أعجبني بدقته والتزامه يمكننا ضبط ساعتنا عليه".


رد البغدادي قائلا:

 "ليسلم وسط انشغاله إلا انه مهتم بأولاد أخيه مثل اهتمامه بأولاده يتصل كل صباح ومساء يشكر على ما يفعله".


اومأت أمال رأسها وهي تؤكد على كلام زوجها:

"أنت محق الرجل لم يقصر".


نظرت توته نحو غرفة أولادها والصوت العالي الذي يخرج من وراء مشاهدتهم لفيلم كارتوني قائلة:

 " حدثت عدة أمور قبل عودتي من الصعيد ولم يتسنى لي اخباركم بها".


نظروا نحوها منصتين باهتمام لتكمل هي:

" ازداد تعلق الأولاد بعمهم وحبهم البقاء مع جدتهم واللعب بالمزارع ومتعتهم بإطعام الدواجن والابقار وغيرها".


قاطعتها أمها قائلة:

" لا يوجد أجمل من الخضار والطبيعة".


أكملت توته حديثها تحت ترقب عميق من والدها واختها الذين استشفوا ما تريد الوصول إليه بقولها:

 " نعم ولهذا هي أقرب للأولاد من حياة المنازل المغلقة، إن رأيتم كم كانوا سعداء وفرحين وهم يركضون ويلعبون في كل مكان حتى ان عمهم أخذهم معه عدة مرات ليريهم أراضيهم ومزارعهم البعيدة".


رد والدها عليها قائلا: " فليرضى الله عنه".


وأمام صمت الجميع وانتظارهم تكملة حديثها المتقطع  فاجأتهم بقرارها وحديثها للبدري.


رد بغدادي بقلق:

 " أنتِ متأكدة يا فاطمة مما تقولينه قرار كهذا مع شخص كالبدري ليس بلعبة كان عليكِ أن تفكري جيدا وتشاركينا رأيك نتناقش وندرسه جيدا ومن ثم أبلغه أنا به".


ردت أمال قائلة:

" بصراحة أنا لم اصدق هل تكذبين علينا لتري ردة فعلنا".


 شاركت شهرزاد بالحديث قائلة:

 " وما الجديد هذا هو طبعها وطبيعتها، التفكير دون تأني وسرعة الحكم واتخاذ القرارات ومن ثم يعود إليها عقلها ويذهب حماسها لتعود عن تلك القرارات بمجرد لمعان بريق جديد بحياتها وهكذا".


حزنت توته قائلة:

" هل أنا ضعيفة بنظركم لهذه الدرجة".


رد والدها بحزن:

"لا لست ضعيفة ولكنك لم تعتادي على حمل مسؤولية قراراتك، وبصراحة أختك محقة اذكري لنا قرار اتخذتيه واكملتي به غير زواجك من مدحت، حتى اسامي أولادك أردتي تغيرها حين اعجبتي بأسماء توأم بفيلم هندي رغم أننا جميعنا شهدنا اصرارك على اختيارك الأسماء ورفضك أن يسمي الرجل على إسم أبيه وجده".


دافعت أمال عن ابنتها قائلة:

 " استهدي بالله يا حاج هي فقط رهيفة المشاعر وتحب التجديد ودائما تسعى للأفضل لا أكثر ولكنها قوية وبقدر المسؤولية".


امتلأت عينيها بالدموع التي أبت أن تذرفها أمامهم كي لا تلصق حقيقة ضعفها بها، بررت لوالدها انها فعلتها لأجل باهي وهادي وتعلقهم بالبدري وأولاده وسعادتهم بجانبه وانها أصبحت لا تريد بهذه الحياة سوى سعادتهم.


تدخلت شهرزاد لتتحدث بحذر خوفا من جرحها وبكائها الذي أصبح ملموسا قائلة:

 " يا أختي افهمي علينا لا أحد منا يريد احزانك اعطيكِ الحق بإرضاء أولادك والسعي لإسعادهم ولكن بالعقل بالتأني والحكمة، يا حبيبتي سعادة أولادك من سعادتك فلا تقنعي نفسك وتقنعينا  أنكِ ستتزوجي من رجل لا تشعرين تجاهه بشيء وتذهبي للصعيد لتكملي حياتك بها بالإضافة لوجود ناهد، ليس بنفس المحافظة فقط بل نفس المنزل هل فكرتي بهذا؟، ناهدة التي تسبح بإغضابك واحزانك ستصبح ضيف دائم على مجلسك و مائدتك، تسمم قلبك بكلامها الثقيل، تعتقدين أن الحياة انتهت بوفاة زوجك اعطيكِ بهذا أيضا الحق ولكنها لن تستمر بهذا الظلام لابد ان تشرق شمس دنياكِ من جديد تنجحين بحياتك ومساندة أولادك ربما، ربما يخرج بوجهك رجل اكثر تناسبا مع فكرك يحافظ عليكِ ويسعدك تبدئين معه حياتك من جديد".


قاطعتها فاطمة وهي تتحرك من مكانها قائلة:

" لا أريد حياة جديدة ولن يسعدني أحد غيره، لن أنتظر أن يأتي أحد ليأخذ مكانه داخلي سأعيش لأجل اولادي وسيكون وجودي هنا كوجودي هناك سأعيش لإسعادهم ونجاحهم لا اريد شيء لي لا تعليم ولا نجاح ولا شيء".


ذهبت للحمام هاربة منهم لتسرع أمها خلفها قائلة:

 " اخرجي يا ابنتي لا تبكي بالحمام اخرجي يا توته برضاي عليكِ اخرجي".


لم يصل أمها سوى صوت بكائها الذي قهر قلبها وجعلها تغضب على زوجها وابنتها لضغطهم عليها.


صمتا أمام غضب أمال وبكاء توتة دخل بغدادي غرفته متحججا بنومه وشهرزاد لغرفتها وهي تمسك هاتفها قائلة:

 " أنا سأصلح ما فعلتيه سأتصل به وأخبره أنه حدث بسبب الأولاد وأنها بحالة لا تصلح لبداية جديدة نعم سأتحدث معه وهو سيتفهم مني".


جلست على فراشها تراجع نفسها قائلة:

" ماذا أقول أنا سيقتلني أبي دون رجعة هذه المرة".


اتصل بها شريف لترد بضيقها:

" نعم بخير شكرا لك".


سألها عن حالها لترد:

 " لا شيء أنا بخير استأذنك مشغولة قليلا نتحدث بوقت لاحق".


تركها شريف خاصة أنه حاول تفهم حالتها التي لم تسمح له باستكمال مكالمته القصيرة، انهيا الاتصال لتزداد غضبا على نفسها أغلقت إضاءة غرفتها ثم دخلت لفراشها ساحبة غطاءها بعصبية وشدة جالسة مستندة بظهرها على وسادتها فاتحة هاتفها لتتصل بمن احزنته وأنهت اتصالها معه قائلة:

" هل تصدق أنها قبلت الزواج من البدري، اتخذت القرار وهي تحدثه لتفاجئ الرجل به وتعود لتصدمنا لا اعرف بأي عقل فكرت وتحدثت ودون شروط وسط تهميش كبير لرأي والدي".


رد شريف قائلا:

" توقعت أن الأمر متعلق بأختك، ولكني لم أتوقع ما قلتيه أنت ِ".


وبضيق أجابت شهرزاد:

" أرأيت حتى أنت تفاجأت كيف تفكر بأمر مصيري بهذه السطحية والسرعة دون أن نتحدث ونتشاور لم يضغط عليها أحد إن وقفت أمامنا واصرت على قبولها كنا ساعدناها ودرسنا الوضع وكيفية اخبار الرجل على أسس وشروط وأيضا وأيضا كيف ستعيش مع ناهدة بمنزل واحد أنت لا تعرف هذه المخلوقة أقسم أنني حلمت بصفعها قبل ثلاثة أيام، انهارت وبكت طبعا كانت تتوقع أن الأمر بسيط وصدمت بحديثنا".


رد شريف عليها:

"بصراحة معك حق بكل ما تقولينه ولكن لكل مشكلة حل وهي لا زالت على البر تستطيع التراجع يمكن لوالدك أن يتصل به ويخبره أنه حدث بلحظة ضيق أو ضعف من وضعها الجديد وبعد أن جلست مع نفسها وفكرت وجدت انها تسرعت بهذا".


وبقوة أجابته لتصدمه قائلة:

" نعم هذا ما قلته حتى أني فكرت بالاتصال به والتحدث معه فتحت هاتفي واغلقته كي لا أتسرع".



_" تتصلين بمن هل فقدتي عقلك!، وأين ذهب والدك لتتصلي أنتِ أمر كهذا لا يتحدث بها إلا أولي الأمر، سيكون عيب بحق والدك  وأيضا ماذا ان قال لكِ نحن اتفقنا ولا دخل لكِ بنا او أخبرك انه سيتحدث مع اختك، ولكن الأمر مختلف مع والدك ستكون كلمته واحدة لا تراجع بها، لا تضعي نفسك بوضع لا يليق بكم وخاصة أنه المسؤول عن الأولاد وارثهم كما اخبرتيني".



اومأت شهرزاد رأسها قائلة: 

 " أنت محق غدا سأتحدث مع أبي وننهي ما اوقعتنا به حتى سأخذها ونخرج لنتجول ونتناول طعامنا سويا بالخارج".


_" أحسنتي هي فعلا بحاجة لهذا اذهبوا لمكان جديد ليس مغلق، هل  انصحك بشيء ستسخرين مني ولكنه مفيد جدا لراحة النفس". 


ردت متسائلة بصوت آثار شفقته عليها:

" ولماذا أسخر منك هل ترى أنني بحال يسمح بهذا".


_" اركبوا مركب بالنيل وتجولوا وحدكم وسط الهواء والماء سيهدئ منها وترتاح على الأخير، حتى انها ستتقبل منك أي حديث، مع أني أنصحك بعدم التحدث والرشد بهذه المرحلة فلتهدأ أولا وهي ستأتي بمفردها طالبة منك المشورة والنصح".


أعجبت شهرزاد بفكرة شريف وهي تعده انها ستنفذها بالغد، أراد أن يضحك وجهها قبل انهائه للمكالمة متسائلا:

 " ما رأيك باصطحابي كمرشد سياحي والله أنجح بلا منازع".


ابتسمت لترد بما سلبه عقله:

 " نعم انا بحاجة لهذا المرشد كي لا افقد عقلي مما يجري حولي".


 نامت فاطمة بوسط أبنيها واضعة كلا منهما على ذراع وهي تضمهم لصدرها بقلب مشتعل بناره.


مضت الليلة بما تحمل من آلام وأحزان توقع الجميع تراجع فاطمة وسماعها لنصيحة والدها واختها وهذا ما كان ظاهرًا من عدم إجابتها على اتصاله الصباحي ولا حتى المسائي ليبدأ الشك بالتسلل لقلبه متخوفًا من تراجعها بل بدأ يراجع نفسه ويحاسبها بأي خطأ وقع معها.


باليوم التالي عادت شهرزاد لمنزل والدها وهي محبطة لقرارها هي وخطيبها بتأجيل مشروع افتتاح الدار للسنة المقبلة كي يكونوا مستعدين بشكل أكبر له، كان قرارهم نابعا من استشارتهم لعديد من الأدباء والعاملين بهذا المجال لينصحهم الجميع بصعود الدرج خطوة خطوة وإن الأحلام الكبيرة لا يمكنها أن تتحقق لتواجد الجانب المادي فقط عليهم أن يكتسبوا خبرة وعلاقات أوسع ودراسة أشمل وارتباط الدار بأسماء كبيرة ترفعها وترتقي بها وهذا من الصعب الحصول عليه دون اختلاط وخبرة وبحث جيد لهذا تم تأجيل حلمهم وما عملوا عليه حتى يأتي الوقت المناسب له.


تحججت فاطمة بحاجتها لبعض المشتريات ارتدت ملابسها وتركت أولادها بأمانة أمها لتذهب وحدها، ورغم ضيق صدر شهرزاد إلا أنها عرضت عليها الخروج سويا ولكنها رفضت مجددا واخبرتها انها لن تتأخر، سألتها أمها 

" هل بمنطقتنا أم ستذهبين لمكان آخر".



رد بغدادي قائلا:

" ان لم تجد حاجتها بمنطقتنا ستذهب لشرائها من منطقة أخرى اتركيها براحتها".

 قالها لينظر بعدها لزوجته ليصمتها عن الكلام.


تحركت توته لتخرج من المنزل هاربة بضيق صدرها و حزنها وبكاءها الذي خبأته بصدرها طوال اليوم.


راجعت أمال زوجها قائلة:

" كيف تركتها وحدها كنت اصريت ان تذهب اختها معها".


اخفض صوته لأجل الأولاد قائلا:

" اتركيها لتخرج ما بداخلها وتعود بحال افضل".


وبالطريق أشارت فاطمة لسيارة أجرة استقلتها وهي لا تدري لأي مكان تذهب وعندما سألها السائق " أين ستذهبين".


اجابته: " جسر السويس شارع الخمسيني".


 وعند وصولها للمكان لم تتجرأ على اكمال سيرها لقبلتها نظرت حولها لتختنق وتبتعد عن الشارع بخوف من ازدياد سوئها، فإن كانت اقتربت من منزلها القديم لاحترق فؤادها وهي بهذه الحالة.


 أرادت أن تذهب لتلقي بنفسها في أحضان الماضي ولكنها تراجعت خوفا من انهيارها المدوي لتختار السير على الأقدام بشكل عشوائي تمسح دموعها المتوهجة من نار صدرها باحثة عن مكان فارغ من البشر تجلس وحدها تصرخ وتبكي بصوت عالي.


حدثت نفسها بدموعها:

" أنا لستُ ضعيفة، أنا لا أريد البدأ بحياة جديدة كما يحلمون هم، لا يمكنني نسيانه وإن مرت السنين، كان لأجلهم".


 بكت اكثر وهي تتذكر تعلق أولادها بالبدري وعيونهم التي تتعلق عليه كلما حدث أولاده او احتضنهم.

 

اجتمعت ذكريات رحلتها عليها لتؤكد لنفسها انها فعلتها لأجل أن تراهم بهذه السعادة دائما، لأجل أن يكبروا بكفن عائلتهم يتعلمون ويخطئون ويصيبون ويتنعمون بخير والدهم.


مر الوقت لتجف الدموع ويهدأ الصدر بتخلل نسيم الهواء الطلق به اشترت لنفسها العصير وفطيرة كريب محشي بالدجاج جالسة بالمطعم لتأكله كي تستعيد قواها ونبرة صوتها الطبيعية قبل عودتها لمنزل والدها.


فتحت هاتفها الصامت لتنظر للاتصالات المتوالية لتقرر أن تتصل هي به، همت على فعلها ولكنها تراجعت حين عجزت عن تبرير سبب عدم ردها عليه وخجلها من مبادرتها بالاتصال برجل لا زال غريبًا عنها لا تعرف وقت تفرغه من انشغاله.


أغلقت هاتفها و وضعته جانبا شاكرة النادل على الطعام أمسكت كأس العصير لتشربه على مهل، لم تتوقع اتصاله بهذا الوقت ترددت بالرد عليه ولكنها فتحت هاتفها بالأخير وهي تستمع له:

"قلقت عليكم هل أنتم بخير والأولاد كيف هم". 


وبصوتها الذي تأثر بحالتها اجابته:

" نحن بخير الحمدلله لا يوجد شيء يدعو للقلق".


_" كيف لا يوجد شيء يكفي نبرة صوتك هذه لتؤكد ما أقوله".


حدثته بجدية قائلة:

" حقا انا بخير حتى أنني بالخارج اشرب العصير بإحدى المطاعم".


زادت اجابتها من شكه ليقول محاولا إطالة المكالمة قليلا:

 " اردت ان نتحدث بأمر المشروع انا لا اعرف من أين سنبدأ، هل اختار عدة أماكن وارسلهم لكِ لتقرري أيهم أفضل".


ردت عليه بحزنها قائلة:

 " لا أريد بالوقت الحالي أجلته قليلا".


ضحك بغرض أن يخرجها مما هي فيه:

" هل خاف قلبك من الخسارة أم أنه حماس وقتي وذهب مع مرور الوقت".


لم يتوقع ردها عليه بنبرة صوتها الباكية:

" وأنت أيضا تفكر مثلهم جميعكم يتعامل معي وكأني طفلة صغيرة اتعلق بلعبة واتحمس لها وعند شعوري بالملل منها اتركها وارى غيرها، أنا لست ضعيفة".


 صمتت لتمسح دموعها وهي تستمع بحديثه:

" من أين أتى البكاء الآن أنا لم أقل أنكِ ضعيفة هل تظنين أنني سأدخل مشروع مع شريك ضعيف؟، لا فهمتي العكس انا لا ادفع مالي بمكان إلا وأنا متأكد من عودته أضعاف هل ستخذليني بعد أن تحمست وحلمت".


_"أنت لست بحاجة لحلم صغير كهذا، ان كنت ستفعلها فمن المؤكد أنك ستفعلها لأجلي".


أومأ رأسه قائلا:

 " ولما الكذب نعم لأجلك رأيت انه مشروع ناجح وتستحقين الدعم به".


 قطع كلامه معها ليحدث أبنته بجانبه قائلا:

 " ارفعي الألعاب من الأرض وضعيها على المكتب واتركي المخلوقة وأعتقيها حبا في الله، هيا اقتربي هيا اقتربي لتتحدثي مع خالتك".


اقتربت سلمى من والدها الذي حرر القطة من يدها ويرفعها ليجلسها على إحدى قدميه قائلا لفاطمة:   " سلمى تريد أن تسلم عليكِ".


 ثم قال لابنته:   "هيا قولي لها مرحبا".


ردت سلمى قائلة:   "أين باهي".


 قالتها بلسانها الصغير لترد توته عليها:

 " هل اشتقتي للعب مع باهي".


اومأت الطفلة رأسها دون رد، ليقول والدها:

"ردت عليكِ نعم برأسها".


نزلت سلمى من جديد راكضة خلف القطة التي هربت خارج المكتب ليضحك البدري قائلا:

 " تبقى القليل على انتحار القطة او فرارها من المنطقة كلها، من حسن الحظ أن باهي غير موجود وإلا لوجدناها تنطق صارخة هاربة من كلاهما".


ابتسمت توته أخيرًا قائلا:

" نعم اشفق على قطة أمي فهميه مما يفعله بها".



_" أحسنتي اضحكي هكذا دائما ولا تتركي نفسك للشيطان لم يخلق الله ضعيفًا وقوي، الإنسان هو من يختار وهو من بيده التغيير، وهناك أوقات يستحسن الضعف بها عن القوة فلا تحزني نفسك".


صدمته بحديثها قائلة:

" أخبرت أهلي بما دار بيننا بآخر مكالمة قبل عودتي للقاهرة غضبوا ولاموني على سرعة قراري واخبارك به، يقولون أنني لم أفكر بشكل جيد وأنني تسرعت كما اتسرع بكل قرارات حياتي".


 وعادت لتتغير نبرة صوتها للبكاء قائلة:

" أخبروني أنني ضعيفة الإرادة لا أعرف ما أريده".


_" قد يكونون محقين بشعورهم انكِ تسرعتي بحكمك وقرارك رغم أن تسع أشهر ليست بمدة قصيرة ولكن دعينا نقول انكِ تسرعتي".


قاطعته قائلة:

 " وأنت أيضا تفكر مثلهم هل ترى اني تسرعت  بإجابتي على طلبك؟".


_" انتظري يا بنت الناس واستمعي لباقي حديثي أنا افترض أحقيتهم بخوفهم عليكِ لأنك قررتي واجبتي بنفس المكالمة هذا ما استشعرته من كلامك الآن أليس كذلك".


ردت بصوتها المنخفض:

" رغم تفكيري المسبق إلا أنه كان قرار لحظي خرج مني دون أن أرتب له".


_"أفضل قرارات حياتي وانجحهم بعملي من حسمت أمرها بشكل سريع دون تردد لأنجح بسرعة التنفيذ والفوز بأولوية النجاح، ومن جهة العائلة السرعة باتخاذ القرارات كان الحل الأمثل لقطع دبر أي مشكلة قبل تفاقمها، ومع هذا انا معهم بتخوفهم فقرار حساس وخاص يمثل مستقبل واستقرار أولادك واولادي ليس بسهل،  ان قررنا ان نخرج سويا للطريق من الصعب الرجوع منه ستكون العواقب ليست حميدة لا للأولاد ولا للعائلة ولا حتى لأنفسنا، انا شخص احب الاستقرار والهدوء العائلي أعود لمنزلي لألقي بأعبائي اليومية وارتاح من همومي لا طاقة لدي لأكمل حربي و مجاهدتي بعمل اخر عند عودتي".


أنزلت كأس العصير دون أن تشرب منه قائلة بقلق:

 " ومن منا لا يحب هذا ولكني أتساءل ماذا عن ناهدة هل ستسمح لنا بهذا؟".


رد بهدوء:

" بيدك ان تجعليها تسمح او لا تسمح، ان اعطيتي قيمة لما تفعله وتقوله ستستمر بضغطها عليكِ دون توقف والعكس إن شعرتي أنه لا فائدة مما تفعله ستتوقف وتستسلم، لا تظنين أنني سأعادي زوجة أخي وادخل معها بحروب القيل والقال انا لا عقل ولا وقت لدي للفصل بهذه المهاترات".


ردت مدافعة عن نفسها:

 " هي تخطئ وأنت تضع عليّ الحق بعدم تحملي".


تحدث البدري قائلا:

 " حمدا لله على السلامة أين تأخرت قلقت عليك".


قالها لمحسن أخيه مكملا حديثه بعدها:

 " لدي عمل الآن نكمل لاحقا هيا عودي كي لا تتأخري على الأولاد".


وبقوتها اجابته قائلة:

 " لا تفكر بعودتي عمل موفق السلام عليكم". 


اغلق الهاتف وهو ينظر لأخيه الذي بدأ حديثه متسائلا:

 " مع من كنت تتحدث هل كانت فاطمة بنت الحاج بغدادي".


_" أين تأخرت النقود جاهزة على الاستلام والتسليم".


رد محسن قائلا:

" نعم اعطيتهم الأوراق واستلمت النقود و وضعتها بالبنك وها هو الايصال، مررت على جميلة بطريقي اخذتها لتنهي حاجتها واعدتها للسرايا مرة أخرى".

 

رد البدري عليه:

 " بارك الله فيك من الجيد قدومك كنت انتظرك لأذهب لعمي محمد بدأ الشهر الجديد وعلينا أن ننهي حساباته".


رد محسن قائلا:

"تمام اذهب وانا هنا لن اذهب لمكان حتى عودتك".


وقف البدري يحسن من ملابسه ووضع حزام البنطلون مقتربا من العباءة المعلقة ليضعها على يده ممسكا عكازه من اوسطه قائلا:

 " سأترك سلمى وفارس يكملون لعبهم اوصيت سالم عليهم وأنت أيضا تابعهم من الحين للأخر".


وبدون رضا أجاب محسن:

 " سأفعل، ولكن لا تجعل ابنتك تراك وأنت خارج وإلا ستضطر لأخذها معك لا طاقة لي ببكائها".


خرج من المكتب مناديا على أولاده ليأخذهم معه، رفضت سلمى أن تنزل مع اخيها بالسرايا تاركة ابيها يعود لعمله وحده، أعطاها لجميلة وخرج بسرعة هاربا من بكائها قائلا:

" ماذا سنفعل معك يكفيكِ عناد".


عادت توته لمنزل والدها حاملة بيدها الفواكه والحلوى المغلفة لأبنائها، لم يحدثها أحد بهذا اليوم الجميع تركها على راحتها حتى البدري لم يتصل بها كي لا يكون ورقة ضغط عليها إيمانا منه بأن هذا القرار يجب أن ينبع من داخلها باقتناع تام لا رجعة به.


وهذا ما فعله شريف أيضا حين أجل حديثه بتحديد موعد الزفاف حتى تعبر خطيبته أزمة تعثر مشروعها.


وبعد مرور يومين صدمته شهرزاد  بقولها:

"لن اتزوج ما داموا ينتظرون زواجي ليتزوجوا بعدي فلن افعلها ليبقوا كما هم عليه".


ابتسم شريف قائلا:

" وما دخلي انا هل ستعاقبيني معهم تحملت وتراجعت لأجل تحقيق ما تحلمين به ولكن من بعد الآن لا حجة لكِ أنهينا تجهيزات المنزل وأنتِ لا ينقصك شيء كما قالت أمك فلما التأخير".



تململت شهرزاد قائلة:

" بصراحة يا شريف أنا غير مستعدة تبقى شهر على استقبال رمضان ومن بعده موسم  الشتاء كيف سنخرج ونسافر كما نحلم وبصراحة أيضا أنا أتعذب كثيرا بالبرد يثلج قلبي منه أحب أن أراه من بعيد دون أن أسير اسفل المطر ولا اشرب قهوتي على إضاءة برقه و رعده نؤجله للربيع حتى نحقق ما نتمناه من سفر وخروج و سباحة و "


_"وأنا ليس لدي قلب يتحمل ما تقوليه أنسي أن أصبر للربيع سنتزوج ونقضي رمضاننا الأول بمنزلنا ليكون ذكرى جميلة لنا". 


عارضته بشدة فشهر مدة لا تكفيها لتحضير نفسها وافقتها أمال كما تحدثت زيزي معه قائلة:

" هل فقدت عقلك لتقضي اول أيام زواجك برمضان مستحيل ان اقبل هذا".


رد أمين على زوجته قائلا:

" أصبحت أشك بقدراته العقلية وال ".


 ضحك شريف مقاطع والده:

 " ليس لهذه الدرجة لقد كبرتم الأمر عن حجمه الطبيعي، ومع هذا سأقبل مدامه أصبح مطلب جماهيري بشرط أن يكون زفافنا أول أيام العيد".


تسألت أمال عن يوم الحنة ليتم الاتفاق على ثالث أيام عيد الفطر المبارك موعد زفاف الأمير شهريار على اميرته شهرزاد.


تضايق البدري قائلا لفاطمة:

 " وماذا سيحدث إن تزوجوا قبل رمضان لقد كبرتم الأمر واطلتموه".


ردت عليه بتلقائية قائلة:

" كي يستمتعوا بشهر العسل والتنزه والسفر إن أرادوا رمضان سيقيدهم".


أجابها قائلا:

" ولكنه لن يقيدنا لنتم نحن عقد القران قبلهم وتأتي إلينا لنقضي رمضان والعيد سويا طبعا لأجل الأولاد".


_" لا يمكن بهذه السرعة لا زال أبي صامتا لم يتحدث بهذا كما أننا اتفقنا ان كان هناك نصيب سننتظر زواج أختي أولا واعتيادنا على بعضنا البعض".


رد عليها قائلا:

 " إذا اسمحي لي ان اتصل واتحدث انا معه مجددا، مر أسبوع على عودتك كان يتوجب عليّ الاتصال قبل أيام ولكن ما يحدث بأول كل شهر جعلني انشغل عن واجبي".



صمتت دون أن توافقه او تراجعه فبرغم اتصاله كل اليوم خلال الأسبوع إلا أنهم لا زالوا متحفظين بشكل كبير تبدأ المكالمة وتنتهي بحد لا يتجاوز دقائق محدودة  الا بالمرة الأولى يوم المطعم والمرة الأخيرة حين أتاها سؤاله عن موعد زفاف اختها لتخبره عن اتفاق العائلتين الذي لم يمر عليه عدة ساعات فقط.


وباليوم التالي اتصل البدري بوالد فاطمة الذي رحب به واطمئن عليه وعلى الحاجة فهمية ليجيبه البدري:

 " جميعنا بخير ولا ينقصنا سوى رضاك عنا".


رد البغدادي وهو ينظر لشريف بجواره قائلا:

 " رضي الله عنك يا بني وأعانك على حملك".


تحدث البدري قائلا:

" اتصلت لأتحدث معك بخصوص طلبي السابق منك".


أومأ بغدادي رأسه قائلا:

" أنت محق يا بني لقد طالت اجابتنا لا تؤاخذنا، ولكن ابنتي لا زالت تمر بأوقاتها الصعبة واخشى أن تكون غير جاهزة لتحمل مسؤولية قرارها".


جاء صوت أمال وهي تخرج من المطبخ قائلة بضحك:

" أنت متأكد يا شريف من قرارك شهر زمن لا يكفيها لتتعلم تحضير المشروبات فما بالك بالطبخ وما يتبعه".


رد شريف: " لا تشغلي بالك سنتعلم سويا".

 


ابتسم وجه شهرزاد لتقول شهرزاد على استيحاء:

" هو راضي اخرجوا منها أنتم".


نظر بغدادي لهم وهو يشير للهاتف بيده كي يصمتوا، تحركوا وجلسوا حوله وهم يستمعون لرده:

" لا تخلط الأوراق ببعضها كيف لا اثق بك ولا استأمنك، جوهر الموضوع يكمن بابنتي أخشى أن تخرج من أزمة الحادث لتدخل بأزمة انفصال ينتج عن قرارها السريع بالموافقة كما أن حالتها التي لا زالت على وضعها تجعلني أتردد".


تحدث البدري بجدية وضيق:

 " اعطيك الحق ولكني أيضا محق قدمت طلبي منذ عدة شهور طويلة اقتربنا على السنة وانتم مترددون وهذا يعني بالنسبة لي أنكم لا تثقون بي".


نظر بغدادي لخروج توته من غرفة الأولاد وانضمامها لهم وهي لا تفهم الوضع قائلا:

  " لماذا تضعها في هذه الخانة لا دخل للثقة بالرفض أو القبول".


سأله البدري قائلا:

 " حين طلب شريف طلبه منك وقبله مدحت إبن عمي هل استوجب كل هذا الوقت ليأخذوا اجابتهم منك، لا لم يستغرق سوى عدة أيام وثقت بهم و وافقت أن تسلم امانتك لهم والآن حين يصل إلي الأمر وصاحبة الأمر غير معترضة يأتي التردد والقلق".


تضايق بغدادي من وصول الحديث بينهم لهذه الدرجة وخاصة أن الرجل محق بما قاله، حاول ان يجد مخرج يمتص ضيقه ولا يخسره به، أجاب عليه مشيرًا لمن بجواره قائلا:

" هل تقارن نفسك بشريف والله انه اصبح يستحق الشفقة لا الغيرة منه، أتركه عدة شهور ليندم على عجلته وبصراحه يا ابني أخشى أن أطلت الأمر أن يطير لعش آخر لهذا اسرعنا نحن أيضا بتوريطه".

يتبع .. إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا. منها "رواية حياتي" رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..
author-img
أمل محمد الكاشف

تعليقات

3 تعليقات
إرسال تعليق
  • Rim kalfaoui photo
    Rim kalfaoui15 نوفمبر 2024 في 11:55 م

    حلقة رائعة جدا بس توته قلبتها علينا وكمان ردت فعلا البغدادي وشهرزاد قاسي حبه جعلوها تحزن وترجع للماضي للأسف انا خايفة من مجنونه ناهد لا تعمل فيها حاجة من غيرتها

    حذف التعليق
    • غير معرف16 نوفمبر 2024 في 1:30 ص

      روعه تسلم ايدك حبيبتي

      حذف التعليق
      • Amany Ahmed photo
        Amany Ahmed24 نوفمبر 2024 في 1:49 ص

        الصراحة الصراحة حاسة ان زواج فاطمة من البدرى مشكلة كبيرة ولا لها حل فى الاول توريطة من العائلة بسبب قرار الحاجة فهمية ولبخ البلاء ناهدة وخوف فاطمة وتسرعها رغم مرور 9 اشهر وخوف اهل فاطمة
        ودلوقتى تشجيع البدرى لفاطمة ومحاولتة لاخذ موافقة الحج بغدادى وعائلتة
        ولسة بعد الزواج كيد ناهدة وشيطانها حسبنا الله ونعم الوكيل

        حذف التعليق
        google-playkhamsatmostaqltradent