recent
جديدنا

احكي يا شهرزاد الفصل الخامس والثلاثون

احكي يا شهرزاد

بقلم أمل محمد الكاشف 


فرح البغدادي لرؤية البدري مقدمًا عليه ليرحب به معقبًا على ما قاله:

 " هل أنت غريب كي تحتاج إلى إذن، بابنا مفتوح أمامك بكل وقت اردت ان تأتي به".


ركضت سلمى الصغيرة نحو باهي لتحتضنه بفرح، رحبت أمال بضيقهم مرحبة به مغلقة الباب من خلفه.


 تحدث شاكرًا لهم ترحيبهم المبهج مكررًا اعتذاره عن عدم اتصاله واستئذانه.

 

ابتسمت أمال للبدري ابتسامة كلاهما يعلم معناها قائلة:

 " اهلا بك يا بني فرحت كثيرًا بقدومك".


أومأ رأسه واضعًا يده على صدره احترامًا، قائلا بنبرة لا يفهمها سواهم:

  " حفزني شوقي لجمعتكم أن آتي دون أذن لا تؤاخذوني مرة أخرى".

 

ابتسمت لترد عليه بنفس التعابير المستترة:

" نعم عليك أن تشتاق فمن يستطيع أن يرانا و يخالطنا دون شوق لنا".


وقع عينه على وجه توته مقليًا عليها السلام بفرحة رؤيته لها، علا صوت الأذان في هذه اللحظة التي دنى من شريف ليسلم عليه ومن بعده الأولاد الذين فرحوا وانارت وجوههم بوصوله.


 تحركت توته قائلة:

" سأضع الطعام للأولاد داخل الغرفة كي يأكلوا على راحتهم".

 

طلب البدري منها أن يغسل يديه هو وأولاده، تقدمت بخطواتها البطيئة مشيرة له أن يتفضل معها حتى وصلا بمفرق الحمام والمطبخ.


استغل وجودهم وحدهم قائلا:

 " لا تتعبي نفسك سأضع سلمى على احدى ارجلي وفارس بالجانب الآخر لا داعي لافتراش مكان آخر لهم".


 

راجعته مستنكرة ما قاله:

 " وكيف تهنئ بفطورك بهذا الوضع،  كما أنهم سيسعدون ويشجعون بعضهم بتناول اطباقهم كاملة".


ابتسم لها قائلا:

 " افعلي ما تريديه من المؤكد أنهم سيسعدون".


اقتربت شهرزاد بسيرها نحو المطبخ قاطعة حديثهم دون قصد منها حين ذهبت لمساعدة اختها كي يبدأوا فطورهم.


  تحرك كل منهم لقبلته مجتمعين بعدها على المائدة الشهية  كي يبدأوا فطورهم بسعادة وحب، عزمت أمال على التقريب بين فاطمة والبدري وجعلهم يجلسون بجانب بعضهما على المائدة.


سعدت وارتاح قلبها لرؤيتها نظرات البدري واهتمامه بفاطمة، حيث اقتسم ورك البطة بينه وبينها قائلا: 

"يكفيني بهذا القدر".


رفضت فاطمة كما رفضت أمال مضيفة جزء من صدر الديك الرومي في طبقه.


تحدث لهم:  "من سيأكل كل هذا".


أعاد وضع جزء من لحم البط في طبق فاطمة قائلا: 

"لا تكسري خاطري يكفي ما تفعله صغيرتي بي".


قالها ناظرًا للباقية ليكمل:

"تنتظر توجيهي وطلبي منها كي تفعل عكسه تمامًا".


ابتسم شريف قائلا: 

"هن المؤنسات الغاليات فليتدللن  حتى يشبعن".


هز البدري رأسه مبتسم لابنته واضعًا الطعام بفمها برضا كبير، جاء باهي راكضًا لأمه قائلا:

"سقطت الشوربة على ملابسي".


تحدثت أمال مسرعة قبل قيام ابنتها:

"أكمل طعامك ومن ثم بدلهم، هيا أذهب وأترك امك لفطورها".


_" أمي وأنا أيضا أريد ان ااكل هنا معكم".


ردت فاطمة: 

" لا يوجد مكان لك، وأيضا هل ستترك فارس وحده".


ثبت نظر باهي نحو سلمى وهي تأكل من يد أبيها دون ان يتحرك.


انتبه بغدادي على حفيده قائلا:

"اقترب لتجلس على قدمي لناكل سويًا".


صادف لحظة تحدث البغدادي وضع البدري الطعام في فم باهي قائلا:

"وأنت أيضا عليك ان تأكل جيدا كي تكمل صيام رمضان".


صمت البغدادي وهو يراقب صراع سلمى وباهي في من سيأكل من يد البدري الأول.


امسكت فاطمة كتف ابنها قائلة له 

" عد بجانب  أخوك وابن عمك لتكمل طبقك".


رفض باهي مسرعًا بأخذ قطعة الدجاج من يد عمه قبل أن تأخذها سلمى، ضحك البدري بصوت عالي قائلا:

" اتركيهم حتى يشبعون بطونهم".


تحركت فاطمة لتجلب طبق باهي من الداخل قائلة:

"فليأكل من نصيبه أولًا".


أخذ البدري ملعقة مملوءة بالأرز والبسلة من داخل طبق طبق باهي ليضعها بفمه، سحبت سلمى يده كي تأكلها هي أولا ولكن باهي اقترب ليأكلها قبله.


مدت فاطمة ملعقة الطعام جهة باهي كي تطعمه عوضًا عن البدري ولكنه أراد أن يتناول من يد عمه متسابقًا مع سلمى بضحك.


علقت العيون على البدري وفاطمة الذين انفصلوا عنهم منشغلين بإطعام الأولاد والاهتمام بهم، بجانب حزن البغدادي على باهي الذي ظل بجانب عمه مستمتعًا باهتمامه وإطعامه له وكأنه أبيه الحقيقي يدافع عن حقه به.


 

وبعد أن أنهوا طعامهم أمَ بغدادي بشريف والبدري والأولاد من خلفهم.


خرج البنات من المطبخ حاملين الشاي والقهوة وحلوى الكنافة الشرقية، ازداد ألم رأس شريف من شدة ارهاقه، حزنت أمال قائلة:

 " حدث من عبء السفر يا حبيبي كان الله بعونك انتظر لدي مسكن قوي يريحك على الأخير".

 


 انتهت شهرزاد وتوته من أداء فريضة المغرب بشكل سريع ومتأخر ثم خرجا من الغرفة.



تحدثت أمال لابنتها قائلة:

 " احضري الماء لخطيبك ليتناول المسكن".

 

اقتربت توته جالسة على المقعد الوحيد الفارغ بجانب البدري الذي بدأ حديثه بصوت خصها به:

 " سلمت يداكم الأطعمة جميلة والحلوى تفوز ماشاءالله لم أتوقع إنكِ ماهرة لهذه الدرجة العالية، أستطيع أن اعطيكِ درجة محترف دون منازع".


أجابته بعينها المخفضة خجلا واخلاقا وصوتها الخاطف لقلبه قائلة:

" ليس لهذه الدرجة عافية لك".

 

ابتسم قلبه قائلا بحماسه:

 " ان شاء الله رمضان القادم بالسرايا، اقسم انهم سيفقدون عقلهم من جمال ما تحضريه، أعني الحلوى الخاصة بك".


 وصمت كي لا يزيد من أخطائه.

 

وقف شريف قائلا:

 " استأذن أنا، أخشى أن يزيد ألم رأسي أكثر".

 

رد بغدادي:

" شفاك الله وعفاك يا ابني اذنك معك اذهب وارتاح".


وقف البدري ليسلم عليه ويودعه، ليرد شريف عليه السلام قائلا بعده:

 " كان بودي ان نجلس مع بعضنا وقت كافي كي نتعرف بشكل أكبر".

 

تحدث البدري:

 " ألف سلامة عليك اذهب وارتاح ولا تحمل هم سنجلس ونتعرف إن أراد الله، حتى أننا ننتظر زيارتكم بالبلد لتزيدوا فضلا علينا".

 

رد شريف:

 "  الفضل كله من وإلى الله شكرًا على دعوتك الجميلة سهل الله أمورنا لنلبيها إن كان لنا نصيب".

 

اقترب هادي من شريف مسرعًا:

" عمي شريف، عمي شريف".


استدار شريف مبتسما بوجهه المتعب ليرفع هادي الورقة التي بيده قائلا:

 " كتبته كما قلت لي".

 

و وسط ترقب من عيون البدري مد شريف يده وأخذ  من هادي الورقة:

 " جميل، ممتاز، أحسنت يا بطل الابطال، ان استمريت لآخر الشهر ستكون لك مفاجئة كبيرة مني".

 

فرح هادي لتتحدث توته:

 " ولكن عليه أن يصلي لأجل الفوز برضى الله أولا".

 

فهم البدري محتوى الورقة ليتحدث هو أيضا قائلا:

" نعم يا أمه أنتِ محقة ولكن لا بأس بمفاجآت تحفيزية من عمه ومني انا أيضا".

 

قفز هادي من فرحته ليتذمر باهي قائلا:

 " وأنا صليت الظهر مع جدي بالمسجد".


ضحك البدري:

 " كتر الله خيرك يا ابني".


علا صوت ضحكات الجميع، استأذن منهم شريف مرة أخرى وخرج من المنزل  لتدخل شهرزاد غرفتها لتلقي بجسدها على الفراش قائلة:

" اه يا ظهري قسم ظهري والله".

 

دخلت امها الغرفة عليها قائلة:

" ماذا تفعلين ادخلي وافسحي لي وكأنكِ من قام بالطبخ وحدك".


 استلقت بجانب ابنتها وهي تحمد الله على تخلصها منهما مرة واحدة دون الإرهاق بإعادة الأمر أكثر من مرة.

 

ردت شهرزاد:

 " أتعلمين يا أمول رغم أني اتألم من عظامي عظمة عظمة و عضلة عضلة إلا أن فضولي اقترب من انهاء عقلي".

 

أجابتها أمها وهي تصغر عينيها الناظرة للأعلى:  " هل تفكرين بما افكر به".


 ضحكا وهما يتألما،  لتكمل أمال:

 " يا صبر أيوب لننتظر ونرى، أخشى أن تكون حقيبة خاصة بالأولاد او أوراق العمل".

 

ردت شهرزاد بضحك:

 " بصراحة بكل الأحوال سأحترمه يكفي الفطير البلدي اقسم انني انتظر هضم معدتي ما بها كي انهيه".

 

ضحكت أمال على ما تقوله ابنتها، قائلة:

" لولا العيب لكنت أكلت منه على الفطور".

 

تساءلت شهرزاد:

" يا ترى هل معه جبن قديم ليكتمل الأمر أم أنه أتى به وحده".

 

ردت أمها:

 " وحده ماذا!، ألم تري حجم الزيارة التي كانت بيده، ادخلنا نصفها والباقي تركته بجانب الباب خجلت أن أدخلها".

 

وبضحك أعلاه الإرهاق تحدث شهرزاد:

" أحبك وأنتِ تتظاهرين بالأدب  يا أمول".

 

ضربتها أمها على بطنها لتتألم شهرزاد قائلة بضحك:

 " امزح معكِ يا امولتي لا تضيقي صدرك يكفي ما اشعر به".

 

تحرك البغدادي أيضا مستأذنا من البدري كي يتوضأ ويُحضر نفسه لصلاة التراويح.


ليبقيا وحدهما بالصالون، رفعت فاطمة نظرها نحوه متسائلة:

  " هل ستبقى بالقاهرة عدة أيام أم انك انهيت عملك وستعود بنفس اليوم كالعادة، لا تفهمني بشكل خاطئ سألت لأجل الأولاد اشفقت عليهم ياليتك تركتهم مع جميلة".

 

اجابها وهو ينظر لها:

" أتيت بهم كي يروا الأولاد ويلعبون معهم، هل حزنتي لأجل قدومنا".

 

ردت بسرعة مدافعة عن حديثها:

 " لا لم أحزن بالعكس فرحت بقدومهم وفرحة الأولاد ببعضهم، أنا فقط اشفقت عليهم من طول الطريق وخاصة أنك تأتي بسيارتك الخاصة وتعود بعد وقت قصير".

 

رد عليها بقوة نظراته وصوته الأجش:

 " لنطيل المدة إن كان يرضيكِ، القصد إن كان في مصلحة الأولاد".

 


تنحى جانبًا ليأخذ حقيبة ورقية من خلفه مستقيم بجلسته مرة أخرى وهو يمد يده بها نحوها قائلا:

" هذه لكِ اخترته على قدر خبرتي وبحثي، انا لست مواكب لكل جديد ابحث عنهم كلما لزم التغيير، أخبروني هناك أنه من أفضل الأجهزة التي صدرت حديثا".


 سألته عن ما بداخلها ليرفض الإجابة عليها قبل أن ترى بنفسها.


اخذتها من يده، فتحتها بفضول مخرجة من داخلها علبة مستطيلة نظرت نحوها ثم نظرت له قائلة:

 " اخجلتني الأن، ما الداعي له كنت سأشتري بنفسي لولا انشغالنا مع شهرزاد كل يوم نخرج من الصباح ونعود قرب المغرب أو ننزل بعد العصر ونعود بوقت متأخر نلتهي بالقائمة المكتوبة بالأوراق ننتهي نحن ولا تنتهي الطلبات كل يوم به جديد نقول آخر مرة ونعود لنكررها".

 

ابتسم فرحا وهو يبادلها الحديث:

 " تعلمين ليس لدي أخوات بنات لنشعر أو نرى ما تقوليه ولكني اسمع طبعا عن جهاز العروس كم هو متعب ويحتاج لوقت كبير". 

 

مدت يدها نحوه لتعيد له هديته قائلة:

" بالغت كثيرا باختياره أنا لست بحاجة لجهاز غالي لهذه الدرجة، سأذهب لأشتري ما يناسب احتياجي بأقرب وقت، شكرا لك لا يمكنني قبوله".

 

أسرع البدري برده قائلا:

 " سأحزن منكِ، اسحبي كلامك لا يوجد شيء يغلى عليكِ، يومين وانا ابحث عن الأنواع والاصدارات، اترك عملي لأذهب لأراهم واختار من بينهم كي تأتي بالأخير وتقولين لا يمكن قبوله،  احزنتيني والله احزنتيني".

 

تحدثت توته بخجل:

" اعتذر أنا لم اقصد أحزانك ولكنك بالغت بهديتك كثيرًا، وأيضا جاء بعد معرفتك بوضع هاتفي ولذلك لا يمكنني قبوله".

 

ضحك ليمازحها رافعًا الحرج عنها:

" ما بكِ هل استكثرتيه علينا فعلناها مرة من نفسنا، إياكِ أن تفكري بإعادتها أنه واحد للعمر كله".


ضحكت على استيحاء ليكمل وهو يخرج هاتفه من الجيب الداخلي لجاكيته الصوفي، قائلا:

" انظري اشتريت مثله لي كي نصبح متشابهين متعادلين".

 

خفضت نظرها من خجلها: 

" لا أعرف ما عليّ قوله، شكرا لك".

 

تحمس أمام ابتسامتها وخجلها قائلا بوجهه السعيد:

 " للتوضيح أنا لم أتي لأجل العمل أتيت لأبقى عدة أيام كي اساعدك بأي شيء تريدين شراؤه لا داعي للذهاب والإياب بمفردكم، وأيضا لأجل الأولاد يعني كي يجلسوا مع بعضهم و يندمجوا بوجودنا أكثر".

 

صمت البدري قليلا يفكر في صياغة ما يريد قوله بشكل صريح قائلا:

 " انظري يا بنت الناس انا لا افهم بالأحاديث المبطنة، ربيت وكبرت على قول ما أريده وافكر فيه بوضوح، لهذا توجب علي قول سبب زيارتي لأني وبدون مماطلة أتيت لأجلكِ كي نجلس ونتفاهم ونتحدث بشكل وافي قبل عقد القران، كما تعلمين أخذت موافقتي على طلبي عبر الهاتف ولم تتاح الفرصة لنجلس ونتحاور كما شرع الله لنا فأتيت ليتم الأمر".

 

خجلت مما قاله، ليكمل هو حديثه:

" لهذا أيضا أنا جاهز لأجيبك عن أي سؤال يتعلق بي وبحياتي، عملي، عائلتي، يكفي أن تسألي ما تريدين معرفته لأجيب بصدق وصراحة كبيرة دون نقص".

 

اومأت رأسها وهي تفكر لثواني تحدثت بعدها متسائلة:

 " وأنت هل يوجد لديك ما تريد معرفته عني؟ بما أنك أتيت للتعارف فمن المؤكد أنك فكرت ببعض الأشياء الخاصة بي".

 

أطال نظره لعينيها ليشبع قلبه منهما قائلا بعدها: "نعم في الطبيعي كان يجب تحضير عدة أسئلة وليس سؤالا واحد فقط، هكذا كنت أجهز نفسي وارتب أفكاري عندما عقدت النية في الزواج بعد المرحومة حتى جلست مرة بمكتبي وحدي  وكتبت عدة أسئلة وصلت للاثني عشر سؤالا على ما أتذكر وتركت البقية يأتون ارتجالي وقت تحدثي معهن".

 

ردت بحزن:

" نعم أتذكر شيء من هذا القبيل سمعت عن حماسك و رغبتك بالارتباط من تلك الفتاة أعتقد كان إسمها مها، اعتذر منك من المؤكد انه بعد ما حدث وما فرضته العائلة عليك اضطررت التراجع عن ارتباطك بها واستسلامك لما فُرض عليك".

 

أجابها بقوة مقاطعًا حديثها الذي رفض سماع بقيته قائلا بصوت نابع من قلبه:

 " انا لم أضطر لعمل شيء لا أرغب به وإلا ما الذي يجبرني على المجيئ كل هذه المسافة وترك أعمالي ومسؤولياتي للبقاء بجانبكم لعدة أيام، الزواج قرار مهم بالنسبة لي لا يمكن إتمامه بالغصب والاضطرار وهذا ما أخبرتك به بأول زيارة وهذا أيضا ما جعلني انتظر تلك المدة الطويلة كي اخذ ردي على طلبي بقبول و تأني ورضا".

 

اومأت رأسها متسائلة:

 " وما هي تلك الأسئلة التي كنت تحضرها لها انتابني الفضول لمعرفتها والإجابة عليها".

 

ابتسم ليهدأ نفسه أخذًا نفسًا عميقًا قائلا بعده:

 " أعلم أنكِ لن تصدقيني ان قلت لكِ لا اتذكرها، ولكنها كانت بالعموم مثلا هل تحبين الأولاد؟، هل أنتِ عصبية؟ ما الذي لا تحبيه؟ وأشياء مضحكة من هذا القبيل، حتى من المضحك أنه كان من بينهم  سؤال عن موعد الاستيقاظ والنوم وكأننا بلقاء عمل وليس زواج".

 

ردت بوجهها المبتسم المعاكس لنبرة صوتها الجادة:

" نعم عصبية وأغضب بسرعة حتى وإن لم يكن معي الحق".

 

اجابها بضحك ليقلل من حدة ما قالته:

 " علمنا بهذا فمن المؤكد التعذيب والتعليق لم يأتوا هباءً".

 

ابتسمت فاطمة بخجل ليقطع حديثهم صوت أذان العشاء، صمت البدري ليردد خلفه:

 " الله أكبر الله أكبر".


 خرج بغدادي من غرفته وهو يضع المناديل الورقية والهاتف بجيوبه، وقف ضيفه قائلا:

" سأجدد وضوئي وآتي معك".


 

ثم نظر لتوتة متسائلا:

 " هل يمكن بقاء الأولاد بجانب بعضهما حتى أعود".


 قاطعه الأب وابنته مجيبين في نفس واحد:

 " طبعا يمكنك ذلك".

 

رد البدري ناظرًا لوالد توته:

" سألت لان ابنتي سلمى".

 

اجابه البغدادي قبل أن يعطيه فرصة بالشرح:

 " فلتبكي قليلًا ماذا سيحدث حتى انها فرصة لتعتاد على ابنتي".

 

نظر البدري لتوتة التي بدأت حديثها:

 " لا تقلق أذهب أنت دون أن تراك لعلها لا تلاحظ غيابك حتى تعود".

 

تحرك البغدادي تجاه الباب قائلا:

" إذا عليك أن تتوضأ بالجامع هيا لنجد مكان لنا".

 

أغلقت توته الباب خلفهم متفاجئة بأمها واختها يخرجون بسرعة من الغرفة ليروا الهاتف الجديد.


 ابتسمت حين أمسكت أمها الحقيبة الورقية معجبة بلونها، ناظرة داخلها لتجد اكسسوارات مختلفة للهاتف.


 أخرجتهم أمال وهي تحدث نفسها دون صوت:

 " هل كان علي أن أريك عيني الحمراء لتأتي".


ورغم خجل توته وقولها غالي ولا أريد قبول هدية بهذا القدر إلا ان عيونها علقت على اكسسوارات الهاتف التي تم اختيارها بعناية. 


فرح البدري عند عودته بعدم سماعه بكاء ابنته بل وعدم ملاحظتها غيابه وهي تلعب مع الأولاد.


تحدث للأم قائلا:

" إن جاء لي أحدهم من قبل وقال ستترك ابنتك في منزل غريب عنها لتذهب وتعود دون أن تبكي لن اصدقه".


ابتسمت الأم مجيبة بصوت منخفض:

" لا تتعجب هذا ما يحدث حين يشعر الطفل بالأمان والمحبة".


بادلها الابتسامة قائلا بنبرة مشابهه لنبرتها:

" شكرًا لكِ كما وجب عليّ الاعتذار، قصرنا بحقكم ولكن يعلم الله وحده ما علينا من مسؤوليات والتزامات ومتطلبات تجعل العقل يتوقف عن تأدية عمله بشكل كامل، ينتهى الوقت واليوم ولم نستطيع إنهاء ما علينا".


_"كان الله بعونك، ولكن نفسك وحياتك عليك حقك، العمر يذهب والالتزامات والأعمال لا تنتهي، استمتع بشبابك واولادك….


ابتسمت أمال باخر كلماتها:

"وحياتك الجديدة كي لا تعود وتحزن ان العمر مر دون سعادة حقيقية…


رد عليها بقلب فرح:

" السعادة الحقيقية بدأت فور دخولي منزلكم ومعرفتي بناس طيبين مثلكم".


تورد وجه أمال بالفرحة التي ارتسمت عليه وهي تجيبه قائلة:

 "اسعدكم الله وجعلكم جبرًا وعوضًا لبعضكم البعض".


خرجت فاطمة من المطبخ حاملة صينية أكواب النسكافية، ومن خلفها شهرزاد التي قطعت الحلوى و وضعتها بالأطباق.


اكتفى البدري بشرب النسكافيه قائلا لعروسته:

"اعتذر لا يوجد مكان للحلوى سأشرب النسكافية فقط لأجل مجهودك الواضح بشكله ورائحته".


شكرته توته جالسة على المقعد الملتصق بمقعده دون أن تنتبه لفراغ المقاعد من حولها.


فرح قلبه ولمعت عينيه لجلوسها بجانبه، أشارت الأم بعينها جهة ابنتها وهي تحدث البدري بثقة كبيرة:

"انصحك تجربة ما بذل فيه جهد أكبر، لن تندم".


نظر البدري للجاتو قائلا لفاطمة بدهشة علت تعابير وجهه:

"هل أنتِ من صنعه؟".


فرحت أمال لفهمه ما أرادت شرحه قائلة بتباهي:

"هذا أقل شيء أمام موهبتها ومهارتها".


مد يده ليأخذ الطبق قائلا لعروسته:

"انتابني الفضول حول طعمه".


تحركت أمال لتدخل غرفتها قائلة:

"سأدخل كي اصلي التراويح".


وبالفعل دخلت الغرفة مغلقة الباب رافضة خروج زوجها منها.


اغمض البدري عينيه وهو يبتلع ما بفمه قائلا:

" مستحيل أن أصدق ما تقولون، كيف فعلتيها".


فتح عينيه ناظرًا بوجهها الخجل قائلا داخله:

"وكأنك عوض ودعاء ورزق حياتي كلها".


طال صمته بنظره الذي علق عليها، أخذ قطعة أخرى قائلا بصوت لا يسمعه غيرها:

" وكأني لم ااكل حلوى قبله قط".


_" أعلم أنها جميلة، ولكنك بالغت برأيك بها".


تحدث بعمق ما يشعر به من أحاسيس ومشاعر جديدة على قلبه قائلا:

" اخذتي علامتك كاملة من أول قطعة، بجانب جمال طاجن البامية، أمي.. رحمة الله على أمي.. يعني…..

اخذ قطعة وراء قطعة حتى انهاها قائلا:

"سلمت يداكِ…".


خجلت من أن تسأله ماذا كان يقصد بقول أمي، صمتت ناظرة لاستمتاعه الكبيرة اثناء تناوله الحلوى قائلة بفضول كبير:

"كنت تريد قول شيء عن والدتك".


صفن بوجهها لثواني وضع بعدها طبق الحلوى الفارغ على الطاولة التي بجواره قائلا:

" سلمت يداكِ رائع بشكل لا يصدق".


ظلت صامتة تنتظر رده بعيون انتبهت لتعابير وجهه وصوته الذي تغير عند بدأ حديثه:

" لا أعرف كيف اشرحها لكِ ولكن حين تذوقت طاجن البامية الخاص بكِ شعرت وكأن العمر يعود بي لذكرى حياة أمي ليس بالطعم….


صمت من جديد عاجزًا عن وصف مشاعره ناظرًا لها من جديد قائلا:

" لا أعرف تذكرت أمي وشعرت بالحنين لها، للحظة تمنيت وجودها بجانبي كي تشاركني ما أنا……


ابتلع ريقه ناظرًا للساعة قائلا:

"تأخر الوقت وتوجب ذهابي كي لا أثقل عليكم اكثر من ذلك".



أجابته على استحياء:

"لا يوجد ثقل بالعكس ان توجب ذلك سيكون لأجل حاجتك للراحة".


رد على كلماته بتلقائية فقدانه صواب تفكيره أمام جمال ما يعيشه  بجانبها قائلا: 

"ان كانت على راحتي سأبقى عمري كله على هذا المقعد يكفي أنها نسيت امري وحررت رقبتي مقابل لعبها مع الأولاد، ولكن مع الأسف عليّ أن أذهب حفاظًا على هيبتي".


ابتسمت على ما قاله:

"كان الله بعونك".


استأذنها ان تنادي له على الأولاد، تحركت مقتربة من باب الغرفة منصدمة بما رأته.


نظرت له ثم عادت لتنظر داخل الغرفة بعيون متأثره بجمالهم.


أشارت له بيدها كي يأتي هو أيضا ليرى ما شغل تفكيره، انصدم البدري بنوم أولاده بجانب باهي وهادي كي لا يجبرون على تركهم.


طلب البغدادي منه ان يتركهم، كما اشفقت أمال على حالتهم طالبه منه هي أيضا ان يتركهم.


أما شهرزاد صمتت ناظرة لاحتضانهم لبعضهم قائلة بصوت مسموع:

"سبحان من ألف بين قلوبهم، والله إنها إرادة الله وحكمته في شؤون عباده".


هز راسه متأثرًا بكلماتها ناظرًا لفاطمة بقلب راضي، تدخلت أمال واجبرته على البقاء لوقت إضافي كي ينتظر استيقاظ أبنائه.



كانوا يعتقدون أنه جلس مضطرًا على البقاء دون أن يعلموا فرحته بفوزه بالتنعم بوقت إضافي مع من ملكت قلبه بصوتها الجميل.


 كانت الجلسة عائلية تحدثوا عن عادات الصعيد والاختلاف بينها وبين أهل القاهرة.


لمح البدري فارس يخرج من الغرفة باحثًا عن أبيه ليقف قائلا له:

" هل هلالنا هيا بنا لقد اخذنا حقنا وحق غيرنا لشهور اعتذر ان ارهقتكم معنا".


حمل ابنته التي ركضت نحوه ممسك بيد فارس ليخرج من المنزل مكرر اعتذاره عن تأخيره.


 

نامت فاطمة وجميع من في المنزل بعد خروج البدري بنصف ساعة على الأكثر، استيقظت في جوف الليل كي تصلي ركعتين قيام داعية الله ان يلهمها الرشد والصواب وأن يأتي لها بكل خير يناسب حياتها هي والأولاد.


تحركت لتحضر السحور بجانب أمها التي سألتها:

"بأي ساعة سيأتي البدري غدًا؟".


ردت فاطمة على سؤال أمها بسؤال آخر:

"هل سيأتي إلينا؟".


تحدثت أمال باستغراب:

"ألم يخبرك ببقائه هذا الأسبوع في القاهرة".


حملت شهرزاد صينية كؤوس الشاي متوجهه لباب المطبخ كي تخرج وراء أختها وأمها قائلة:

" تركت أمول أذنها بجانبكم قبل دخولها الغرفة".


وضعت فاطمة الاطباق على مائدة الطعام لتضع أمال الاطباق التي بيدها من بعدها لاطمه شهرزاد على كتفها قائلة:

" هل تتهميني بهتانًا و زورًا".


_"ومن أين علمتي ببقائه أسبوعا كاملًا".


ضحك البغدادي قائلا:

"قلب الأم هو من أعلامها".


تشاركوا الضحك على أمال التي اسرعت بدفاعها عن نفسها:

"ومن يخالط بناتي دون أن يفكر بالجلوس بجانبهم أسبوع وراء أسبوع حتى يصب للعمر كله".


تحدثت شهرزاد:

 "ولكني خارج الخطة لا تنسوا وضع الجامعة والمحاضرات".


تحدث البغدادي:

" سأتصل به كي ندعوه للفطور معنا حتى لا يكون عيب علينا".


ردت فاطمة:

" لا أحد يتصل إن أراد فليأتي أو يتصل ليطلب القدوم وإن لم يفعلها لن نبادر نحن بها".


تحدثت الأم بقلق:

" لا يا توته الرجل ضيفنا، جاء لأجلنا ودعوته أقل شيء يتوجب علينا فعله".


شاركتهم شهرزاد بحكمتها:

" انتظروا لمنتصف اليوم لعله يتصل وهنا تقوم  فاطمة أو أبي بدعوته".


رفضت فاطمة بسرعة:

"لا أنا لم أدعوه للمجيء وكأنـ..


قاطعتها أمها قبل استكمالها لحديثها:

" اتركيها لوقتها نصلي فجرنا ومن ثم نعود لنومنا….


أكملت شهرزاد حديث أمها:

" ومن ثم نستيقظ لتذهب شهرزاد للجامعة هاربة من أي دخول للمطبخ اليوم".


وقف البغدادي حامد ربه على نعمه متوجه للحمام كي يتوضأ ويصلي ركعتين قبل أن يؤذن المؤذن للفجر.


رفعوا السحور ثم نظفوا مكانه متوليه فاطمة أمر تنظيف المطبخ وترتيب الأواني النظيفة كلا في مكانه داخل دواليبه محاولة بذلك تشتيت ذهنها الذي أرهقا من كثرة قلقه وتخوفه.


صلت أمال ركعتين الضحى داعيه الله ان يكتب لابنتها فاطمة الخير، ان كان البدري خير لها ولأبنائها فليأتي ويتقرب وتسير الأمور كما يشاء الله على أكمل وجه، وإن لم يكن كذلك فليعود لبلده مبتعد عنهم دون مشاكل أو أذى.


مر الوقت دون أي إتصال أو تواصل من جهته لتحزن أمال مبررة أمام زوجه وابنتها دون أن يطلب أحد منها التبرير قائلة:

" من المؤكد انه خجل بعد مجيئه في الأمس دون دعوة، الرجل قال لنفسه كيف أذهب ليومين متتاليين دون ان يدعوني أحد منهم".


خلع البغدادي نظارة القراءة قائلا:

" أنتِ محقة ومع ذلك فلنتركه لبعد صلاة العصر إن لم يتصل سأتصل انا به  كي اطمئن على أحواله وادعوه دون ان اتمسك به كي لا ترهقوا أنفسكم بالمطبخ، ومن ثم نحضر انفسنا غدا او بعد الغد لاستقباله وبهذا نكون قد تخطينا أي تقصير بحقه".



مرت ساعات النهار بهدوء وسكون، دخل البغدادي وزوجته كي يناما قليلا قبل موعد صلاة العصر حتى يتسنى لهما إستكمال صيام اليوم دون تعب.


من الغريب نوم الولدان بجانب أمهما حين شعرا بسكون المنزل وهدوئه.


سبحان من مرر عليهم ساعتين من النوم والسكون دون أن يشعروا بشيء لا صوت مؤذن المسجد القريب، ولا صوت قدوم شهرزاد من الجامعة ولا أي شيء.


بدلت شهرزاد ملابسها بحذر شديد صاعدة على فراشها لتنام هي أيضا متمنية ان تستيقظ على أذان المغرب من كثرة ارهاقها.


استيقظ بغدادي على رنين جرس الباب، فتح عينيه ناظرًا لساعة الهاتف بعيون فزعت ولسان تحدث بسرعة اثناء قيامه:

" كيف نمت كل هذا الوقت".


تحرك جهة الباب وهي يستمع بزوجته التي جلست على الفراش متسائلة عن الساعة فازعة هي أيضا من مكانها قائلة:

" المغرب، الفطور، لم أصلي العصر".


تفاجئ البغدادي بوجود ضيفهم أمامه يعتذر من جديد لقدومه دون موعد سابق.


سحبه ليدخله اثناء سلامه عليه قائلا:

" كفاك اعتذارات ألم نصبح أهل، وأيضا نحن من علينا الاعتذار منك".


خرجت أمال من الغرفة وهي تغلق حجاب سيدال الصلاة قائلة:

"نعم نحن من توجب عليه الاعتذار اليوم، قررنا ان ندعوك للفطور معنا ولكن لا اعرف كيف نمنا كل هذا الوقت".


لاحظ البدري خروج الأولاد من الغرفة وهم يحكون عيونهم قائلا:

" من الواضح أنني أيقظتكم".


تحدث البغدادي بسرعة:

"تفضل اجلس حتى أتوضأ للعصر قبل ان يضيع عليّ".


أسرعت أمال خلفه قائلة:

"وانا سأتوضأ بالمطبخ".


خرجت فاطمة من غرفتها عاقده حجاب سيدال الصلاة الزهري قائلة بوجهها الذي أشبه البدر المضيء وصوت نومها:

"السلام عليكم، اهلا بكم مجددًا".


ابتسم بانبهار مجيب عليها السلام، ثم أخفض من نبرة صوته قائلا بخجل:

"الان علمت سبب عدم ردكم على هواتفكم، ما كان عليّ أاتي لا أعرف من أين جئت بهذه القوة ولكني فعلتها وأخذت ذنب ايقاظكم بهذا الشكل".


أشارت له كي يجلس على مقعد الصالون قائلة بعيونها التي تابعت خروج أمها من جهة المطبخ ذاهبة للغرفة كي تصلي:

" ليس ذنبك كان أبي ينوي الاتصال بك بعد صلاة العصر، الذنب علينا نحن كيف نمنا كل هذا الوقت دون ان نشعر بشيء حولنا".


خرجت أمال من الطبخ معتذرة منه بوجه خجل، كما أسرع البغدادي بخروجه من الغرفة وهو يستأذن منه كي ينزل ويعود قبل أذان المغرب الذي لم يتبقى عليه سوى نصف ساعة.


لاحظ البدري دخول وخروج بغدادي وحديث أمال معه ليفهم سبب نزوله، وقف قائلا:

" سأفطر مما ستفطرون به لا داعي لشراء شيء إضافي".


تحدث البغدادي:

"مستحيل اتركني لن أتأخر عشر دقائق على الأكثر".


وقف مقابل الباب قائلا:

"ما بكم جعلتموني أخجل حقًا اعلم أن ما فعلته عيبًا ولكنكم اشعرتموني بالذنب اكثر، وأيضا أتيت لأكمل ما تبقى من طاجن البامية أم أن هناك من انهاه على السحور".


تحدثت شهرزاد:

" بامية وعلى السحور. نحن بريؤون مما تقول".


ثم نظرت لوالديها قائلة:

" الرجل محق ما بكم جعلتموه غريب حقًا، لدينا ما يكفي لفطور أسبوع كامل فليتعاقب معنا ويأكل مما سنأكل ليفكر أكثر من مرة قبل أن يأتي فجأة هكذا".


ضحك الجميع على ما قالته، ليتحدث البغدادي:

" بكل الأحوال سعدنا بمجيئك اهلا بك يا بني".


تحركت فاطمة قائلة:

"لنحضر الفطور إذا".


دخلت المطبخ كي تبدأ تسخين الطعام بمساعدة أختها وأمها.


كما دخل البغدادي ليجلب هاتفه من الغرفة بعد ان نسي أمره وسط ما جرى.


سأل فارس باهي :

"لماذا لم تصم مثلنا ألستَ رجلًا كبيرًا؟".


رد باهي بقوة:

" لا دخل لك بي، أمي أيضا أفطرت وهي كبيرة".


اتسعت اعين البدري منصدم بحديث باهي وخاصة حين اسرع هادي قائلا:

"أمي لم تفطر ان تكذب".


وقف البدري مسرعًا بذهابه للحمام دون ان يستأذن أحد خاصة حين تمادى الأولاد بردهم وقول باهي:

" سمعت جدتي وهي تقول سأبقى مع الأولاد وادخلي أنت المطبخ لتكسري صيامك".


تفاجأت فاطمة بأحاديث الأولاد باحثة عن البدري بعينيها دون ان تجده، سحبت والديها للغرفة مغلقة عليهم ليكون أول سؤال منها:

"هل سمع عمكم ما قلتم".


نفى باهي كما لم يؤكد هادي لعدم رؤيته لعمه عند خروج أمه للصالون، تواعدت لباهي مؤكده عليه الصمت وعدم التحدث عن ما قاله نافية ما فهم:

" أرادت جدتك ان اكسر صيامي كي لا ينخفض ضغط الدم ولكني لم افعلها هل انا صغيرة كي أفطر في نهار رمضان".


أذن المؤذن لتخرج من الغرفة ناظرة نحو البظري لتجده منشغل بالكتابة على الهاتف، توجهت للمطبخ بسرعة كي تغرف الطعام وتساعد بترتيبه على السفرة.


اقترب البدري ليستأذن منها كي يضع ابنته النائمة على الفراش، تحركت بخجل مشيرة له جهة الغرفة قائلة تفضل.


اسرعت برفع الغطاء معتذرة من حالة الغرفة، وضع ابنته بهدوء ثم استقام ليتحدث معها بصوت منخفض:

" لن تصدقيني لو أخبرتك أنها في أفضل حالتها بالنسبة لي، فما الفائدة من منازل مرتبة ينقصها الالفة والمحبة وضوضاء العائلة".


ناداه بغدادي من الخارج، اسرعا بخروجهما وبدأ فطورهما بجانب العائلة.


تعجبت أمال من جلوس فاطمة بجانب البدري بعد انشغالها بوضع الطعام في أطباق الأولاد المحيطين بهم والملاحقة على طلباتهم.


لم تنتبه فاطمة من شدة مغص بطنها واهتمامها بوضع الطعام للأولاد، صادمة البدري صدمته الثانية حين وضعت طبق طاجن البامية باللحم أمامه.


راقبت شهرزاد تناوله من البامية دون رفض واضعًا لفاطمة قطعة لحم قاسمًا بالله أن لا يأكل قطعته ان لم تأكلها هي.


اخذ البغدادي ورك رومي و وضعه أمامه قائلا:

"حسنا لتأكل هي اللحم ولكنك ستأكل هذا الورك كاملا".


اعتذر البدري قائلا:

"لا أريد تغيير طعم البامية في فمي، أقسم أنني تمنيتها في السحور لولا العيبة لاتصلت كي لا ينهيها أحد قبلي".


ابتلع ما في فمه ليكمل حديثه الذي زاد من خجل فاطمة:

" أتساءل ماذا لو الحاجة فايزة لا زالت على قيد الحياة وتذوقت طاجن اللحم من يدك.. أقسم إنها ستُحرم عليكي عمل أي شيء غيره".



فرحت أمال ناظرة لخجل ابنتها بصمت، أخرج البدري قطعة لحم أخرى من طبق البامية و وضعها بطبق فاطمة التي لم تعترض من شدة خجلها.


تحدث البغدادي قائلا:

"رحمة الله عليها تعيش وتفتكر يا أبني، فاطمة ابنتي تذكرني بأمي بمهاراتها في الطبخ والحلويات".


ردت أمال بوجه استصعب تخبئة ضحكته أكثر من ذلك قائلة بنبرة أضحكت الجميع:

"الطبخ والحلويات ؟! في رمضان يا حاج، تتذكر وتحكي في رمضان".


يتبع .. إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.


author-img
أمل محمد الكاشف

تعليقات

10 تعليقات
إرسال تعليق
  • غير معرف18 نوفمبر 2024 في 10:39 م

    جميل جدا تسلم ايدك حبيبتي

    حذف التعليق
    • غير معرف19 نوفمبر 2024 في 12:00 ص

      روعة يالولو سلمت اناملك حبيبتي

      حذف التعليق
      • salwanader19 نوفمبر 2024 في 12:05 ص

        ابله ابله انا عايزه من طاجن الباميه ده

        حذف التعليق
        • salwanader19 نوفمبر 2024 في 12:06 ص

          ايوه واخيرا جيتي لاحلي المشاهد البدري بدار وتوتا ياناس عسل بحب خجلها بس باهي الله يسامحه فضحها

          حذف التعليق
          • Rim kalfaoui photo
            Rim kalfaoui19 نوفمبر 2024 في 3:16 ص

            حلقة جميلة وفيها كثير أكل وخاصة تأمين الباميه ده هو ايه بالضبط جعل لعابي يسيل هههههههههههههه البدري ده حكاية
            أحببت الأجواء الرمضانيه الرائعة والأجواء العائلية بروح واحدة كلها حب ومودة

            حذف التعليق
            • غير معرف19 نوفمبر 2024 في 5:39 ص

              أنا شايفة البدرى إتجرأ اوى النهاردة

              حذف التعليق
              • غير معرف19 نوفمبر 2024 في 11:49 م

                حكمت وذكاء الام أدخل الفرحة لقلب ضعيف ذى توتا العسل والضوء الشارد

                حذف التعليق
                • غير معرف20 نوفمبر 2024 في 3:11 ص

                  ❤️❤️❤️❤️❤️❤️

                  حذف التعليق
                  • Amany Ahmed photo
                    Amany Ahmed27 نوفمبر 2024 في 3:01 ص

                    هو فى اغلى من لمة العائلة والهيصة والكل بياكل وبيتكلم ياريتها تدوم الايام الحلوة دى

                    حذف التعليق
                    • Amany Ahmed photo
                      Amany Ahmed27 نوفمبر 2024 في 3:03 ص

                      الحلقة عائلية جمالها فى الفاء واللمة والحكايات مع بعض ومن خلال الحوارات تعارف وتقارب البدرى وفاطمة من غير ما يشعروا

                      حذف التعليق
                      google-playkhamsatmostaqltradent