recent
جديدنا

رواية حياتي الفصل السابع عشر

رواية حياتي 

بقلم أمل محمد الكاشف


نامت ياسمين بعد كثرة حديثها مع ابنة خالتها وهي على وعد باستكمال ما ترك منه ناقصًا في وقت آخر.


ظلت أوزجي تحترق بالذكريات لا تعرف هل تعتب على نفسها أم على زوجها أم على روحها التي تخشى وتخاف من تكرار الماضي.

 

تذكرت حزنه وهو يعد لنفسه القهوة مما جعلها تعتب على روحها حين عاندت قلبها رافضة مساعدته به.

اغمضت عينيها عازمة على النوم لولا رؤيتها لوضعه هو وسيما فور فتح الباب لها، لم تستطع تخطي حالة الموديل بهذا اليوم.

 

استقامت جالسة على الأريكة ناظرة جهة الباب قائلة: 

 " من المؤكد انه نام بعد شربهُ لها" ثم عادت لتنام بوجهها الحزين من جديد. 


لم يتعدى نومها عدة دقائق خرجت بعدهم من غرفتها بترقب وحذر تنظر نحو الاريكة لتتأكد من نومه.

 

تعجبت لعدم وجوده في الطابق كله، راودها التفكير بأنه في غرفة العمل بالأعلى صعدت الدرج بحذر خوفًا ان تصدر صوت يوقظ أحدهم متوجهة لغرفة العمل مندهشة من عدم وجوده بها، قائلة لنفسها " أين ذهب بهذا الوقت".

 

نظرت نحو غرفتهم التي يمكث بها والديها لتقول سريعًا:

 " ليس الى هذا الحد مستحيل، حتى وإن سمحت امي لا يمكن لأبي أن يسمح".

 

( عيب يا بنتي اينعم رهييف بس مش للدرجه ديه ده كان صالح قطعه ورماه للقطط😂😂) 


فكرت بعيونها الثابتة على باب غرفتهم قائلة:

" هل سمح له يا ترى".

 

نزلت الدرج بحيرة من أمرها تقترب من الصالون ناظرة نحو سفر الغارق بنومه العميق.


اقتربت اكثر لتجد هاتف عارف على الطاولة في منتصف الصالون ليبدأ الخوف التسلل لقلبها تحركت نحو باب الحديقة الزجاجي لتجده على حالته.


ذُعرت عند رؤيته نائم بهذه الحالة و وسط الثلوج أسرعت بأخذ وشاحًا من على المقعد الجانبي وخرجت بعدها للحديقة متوجهة نحوه وهي تلتف بالوشاح تسرع بخطواتها لتصل قبل أن تتبلل من كثرة هطول الثلوج والهواء العاصف.

 

اقتربت ونزلت تحت مظلة الأرجوحة،  تنادي عليه: " عارف عارف".


حزنت على وضعه ونومته التي تحكي مدى حزنه وتأثره ظنت أنها السبب الوحيد بتلك الملامح الحزينة التي رسمت على وجهه بكل وضوح بعد نومه. 

 

جلست بالقرب منه واضعه طرف الوشاح على أكتافه كي يتدفأ هو أيضا، تحرك وفتح عيونه مستيقظًا عليها عندما بيديها تلامس أكتافه.

 

ابتسمت عينيه بمجرد رؤيتها بجانبه، تحدثت قائلة له:

 " اعلم انك لم تستطع النوم بجانب سفر ولكن كيف لك أن تنام هنا بهذا الطقس البارد".


_" انا لم اشتكى لقد غلبني نومي فقط، لا تقلقي سأدخل لأنام بجانبه بقلب راضي".

 

حزنت أوزجي على ما قاله فهو كالعادة يظهر عكس ما بداخله لإرضاء الجميع.

 

تحدث عارف ليكمل قائلا:

" هيا لندخل كي لا تبردي أكثر فأنتِ لا تستطيعين تحمل هذا الطقس".

 

نظرت له باستغراب قائلة بعصبية:

 " ولماذا لا اتحمل؟ هل أنا ضعيفة لهذه الدرجة؟".


_" لا ليس ضعيفة ولكني أخاف على حوريتي الجميلة فلا يمكنني تحمل ان أكون سبب في مرضكِ معاذ الله".

 

تبسمت لتحيي قلبه الحزين قائلة:

" كلام مجرد كلام تتلفظ بهِ فقط ولكن..". صمتت وهي تنظر لعيونه القريبة منها.

 

ليكمل هو قائلا:

" أنتِ تعلمين قدركِ عندي لا يمكنكِ التفكير بي بهذا الشكل حتى وإن اردتي قلبكِ لا يسمح لكِ"؟


رفع يده ممسكًا طرف الوشاح الذي على اكتافه قائلا:

 " قلبكِ لم يستطع تركي وحيدًا بهذا الطقس".

  

اخفضت أوزجي نظرها وهي ترد بعنادها قائلة: " لا تكن واثقاً لهذه الدرجة ".

 

( حد يناوليني البنت ديه من شعرها. دنا لو فتحت الباب لبنات الجروب مش هتتهني بلحظة جنبه و له اقولك 😂😂 نروح بعيد ليه ياسمين موجودة هههههه).

 

تحركت لتدخل مرة أخرى ولكنه أمسكها من ذراعها قبل قيامها قائلا:

" بل اثق اكثر من هذه الدرجة، اثق لحد لا تتوقعيه". 


ثم حرك يده ليشير لقلبها وهو يكمل:

 " هذا القلب عائد لي انا فقط، لا يمكن لاحد التفريق بيننا حتى ولو كان هذا الشخص هو أنتِ".

 

نظرت لعيونه التي تحدثت بقوة وضيقه الذي ظهر بصوته باستغراب وكأنه يتحداها بقلبها.


 ردت عليه بغضب :

" حتى وإن كنت محق بما تقوله، حتى ولو ان قلبي ملكك لن اسمح لك بخيانتي، لن اسمح لك بجرحي وقطع هذا القلب وتركه حزينًا خلفك".

 

مرة أخرى تتهمه بالخيانة وهي اكثر من تعرف أثر هذه الكلمة عليه، حتى انها لم تلاحظ تلفظها بها حتى رأت اثرها بعينه، فلقد خرجت من قلب شديد الغيرة والحب والخوف من الفقد.


حرك عارف رأسه لينظر للأمام قائلا:

" دائمًا تضعيني موضعه، وتقارنين بيننا،  أتساءل كثيرًا هل حبك له كبير لدرجة أنكِ…


قاطعته أوزجي قبل أن يكمل قائلة:

" لا ليس حب لقد اكتشف انه كان اكبر خدعة بحياتي انا لم أحبه من قبل كان اعتياد فقط، لا يمكنني وضعك بموضعه لا يمكن أن يتسع موضعه لقدرك بقلبي، ولكنك استحقيت هذا تقربك منها واهتمامك بها وبجمال جسدها حتى وجودك بجانبها بغرفة الفندق وانتـــ ".


لم تكمل أوزجي حديثها حتى قاطعتها قبلتهُ الجديدة لها، ما زالت تتدلل عليه حتى بعد هذه القبلة حاولت ان تتحرك لتبتعد عنه وتدخل المنزل ولكنه تمسك بها بقوه واضعًا رأسه على كتفها وكأنه يتمسك بأخر نفس له بالحياة. 


حدثها عن قدرها بقلبه الذي لا يتسع لأحد سواها وانها عائلته وحياته وكل ما يملك بهذه الحياة.


 

تغيرت نغمة صوت أوزجي لتصبح أكثر حنانًا وهيامًا بجانبه حتى كاد أن يفقد عقله من جديد تمسكت بحجابها بخجل هاربة من بين يديه مسرعة للداخل.

 

ركض خلفها تحت الثلوج المتساقطة ليمسك بها قبل دخولها المنزل وهو يضحك قائلا:

 " لا يمكنكِ الهروب مني".


حاولت الإفلات منه تنظر الى الداخل قائلة له:

 " سيرانا أحدهم، سيكون سيء ان استيقظ علينا سفر" 

 

ضحك عارف وينظر من زجاج النافذة للداخل قائلا:

" أنتِ محقة حتى انه سيكون اسوء من السيء وسيخرجه علي أيضا".


اقترب وقبل رأسها قبلة طويلة ثم وضع جبهته على جبهتها وهو مغمض عينيه قائلا:

" ليس بيدنا شيء فلنصبر للصباح".


جاء صوت رعدة قوية انتفضت أوزجي من صوتها اسرعا للداخل عندما زاد المطر، مفترقين بوداع مملوء بالأشواق فهم مجبرين على النوم بشكل منفصل بقلوب متلاصقة.

 

بدأ عارف بمعاناته بالنوم بجانب سفر حتى غلبته أحلامه الجميلة ليسقط غارقًا بنومه بوجهه المبتسم. 


هذا الوجه المبتسم الذي لم يتوقع استيقاظه صباحًا على صوت العم صالح وهو يقف فوق رأسهم قائلا:

 " ماذا تفعلون أنتم؟ استيقظوا، تفرقوا بسرعة".

  

فتح عارف وسفر أعينهم بوقت واحد ليتفاجأ الاثنان بأنفسهم بأحضان بعضهما لينتفضا مبتعدين بسرعة وهم يلقون بالغطاء بوجوه بعضهم البعض.


تحدث صالح وهو متأففًا:

" توبه توبه يا ربِ. سيجعلون مني قاتلا بهذا العمر".


 

صرخ سفر بعارف قائلا: 

" ماذا تفعل أنت امسكت بي وكأني…

 

نظر له عارف بعيون متسعة أجاب بها:

" ماذا تقول؟  أنت من كان متعلق بعنقي".


 ثم نظر لصالح الذي ما زال تحت تأثير الصدمة مما يقولون ليكمل قائلا:

" أقصد أننا فعلناها لصغر الأريكة". 

وصمت  امام حاجبيه المضمومين و وجهه الحاد.

 


ولكنهم اكتشفوا السبب وراء هذا الوجه الغاضب حين نظروا لموضع نظر صالح مندهشين من ازدياد حالة الطقس سوءً، غطى الثلج الطرق ليصبح السير عليه من المستحيلات، ولسوء الطقس والأوضاع صدر قرار بإعطاء إجازة رسمية للمصالح الحكومية والشركات لتفادي سقوط ضحايا وحدوث كوارث.


 كما تم تحذير الجميع من الخروج حتى انتهاء الرياح العاصفة لأنها اسوء من الثلوج بهذه الحالة.


ندم صالح وغضب على نفسه لعدم سفره بالأمس فهو بهذه الحالة علق عندهم لا يمكنه العودة. 


ليكون من نصيب عارف وسفر إخراج هذا الغضب بهم حين اخرجهم للحديقة بهذا الطقس كي يرفعوا الثلج من على الزهور و يضعوا الزهور الجديدة بمكانها.

 

كما جعلهم يضعون مظلات بلاستيكية للزهور كوضع استثنائي حتى ينتهي الثلج وأوصى عارف ان يفعلها كلما ساءت حالة الطقس.

 

بأول الوقت تحجج عارف بالبرودة قائلا

" سأتصل بأحدهم ليأتي كي يفعل ما تريد، هيا لنجلس نتناول فطورنا بشكل جميل".

 

رفض صالح الذي اعتاد على العمل بكل الأحوال الجوية مصرًا على إخراج غضبه بهم، اجبروا أمام وجهه الغاضب على الخروج للحديقة والعمل بأيديهم.


كان عارف يترك عمله ناقصًا ليأتي سفر ويوشي عليه مناديًا على عمه شاكيًا تقصير  عارف بعدم إكمال العمل.

  

وهنا يقف عارف أمام صالح ليشتكي أنه وضع الزهور بالمكان الخاطئ حين كان من المفروض وضعهم في الشمس.


 ارهقوا صالح من كثرة الكلام والشكاوى بأصواتهم العالية وعنادهم وكأنهم أطفال صغار.


انتهت المهمة بهرب عارف وسفر للصالون كي يحظون بقليل من الراحة. 


تناولوا الفطور بوسط عائلي مفعم بالسعادة، أتت اوزجي بالقهوة الجميلة ومن خلفها ياسمين حاملة صينية الحلوى.

 

لم تهنئ أوزجي وياسمين هم أيضا بجلستهم عندما نادت عليهم نعمة الله كي يساعدوها بأعداد فطائر اللحم لتقول بصوت عالي:

 " تأخرتم بالعودة لقد اتخذتم القهوة والحلوى مهرب لكم".

 

أسرعوا نحو المطبخ ليكملوا مساعدتهم للأم التي أصرت ان تصنع الفطائر المحببة لعارف. 


 خرج عارف وسفر مرغمين على العمل أمام مدخل المنزل ليرفعوا الثلوج  حول وأسفل السيارات وكأنهم ينهون عقوبة مع الأشغال الشاقة.


 

مر اليوم الجميل بسعادة ومرح صعد صالح للأعلى كي ينام مرة أخرى حتى موعد العشاء 

ليفرح عارف ويشكر الله قائلا بداخله:

 " الشكر لله كان عليك أن تنام منذ وقت طويل ولكن نحمد الله أنه أتى الوقت قبل أن تنتهي صحتي عمري".


دخل سفر الغرفة الجانبية للمطبخ كي ينام هو أيضا ليستعد للسفر بأي وقت يفتح به الطرق. 


اقترب عارف من أوزجي بالمطبخ وهو فرح واخير سيجد وقت ليتحدث مع حوريته. 


 ما زالت تتدلل وهي تمثل عدم التحدث معه، مبتعدة عنه بوجهها المبتسم  قائلة:

" لا تقترب مني وإلا سيعلو صوتي واشتكيك لهم".

 

اقترب أكثر و كأنها لم تحذره، تراجعت أوزجي للوراء قائلة:

 " أقول لك لا تقترب سيسوء الوضع".


_" ولماذا يسوء ألم نتحدث بالأمس وتصافينا حين أبى قلبكِ الكبير ان يتركني فريسة للبرد القارص".

 

غضبت عليه قائلة:

" وهذا أيضا موجود لذلك أنت معاقب كيف خرجت لتجلس بالطقس البارد".


ضحك فور فوزه باحتضانها الذي صادف لحظة دخول ياسمين  المطبخ وهي تنظر لهم مبتسمة.

 

خجلت من نظراتهم نحوها قائلة:

" أتيت لأخذ إبريق الماء " وتناولته من على طاولة المطبخ وتحركت لتخرج.

 

أوقفها عارف معتذرا لها عن عدم استطاعته الخروج بهم في جولة ترفيهية بأرجاء إسطنبول لأجل الأطفال وأيضا لأنها اول مرة تأتي إليها.


 ابتسمت مجيبة عليه:

 "هذه قسمتنا، لتكن بالمرة القادمة ".


تدخلت أوزجي بالحديث  لتحكي لياسمين عن جمال المناطق الأثرية في إسطنبول متأملة ان يذهبا سويًا بالمرة القادمة.

 

تمنى عارف لو يقبل العم صالح أن يبقى يوما إضافيًا كي يتحسن الوضع ويتجولون. 


 قطعت ياسمين أي أمل يحلمون به قائلة:

 " لا يمكن حدوث هذا فلقد أصبحت اعرفه جيدًا وأيضا لدي نسخة مصغرة بالمنزل، فالعمل لديهم بالمرتبة الأولى".


ردت أوزجي قائلة:

" أنتِ محقة بهذا، ليفتحها الله عليهم دائمًا".

 

ضحك عارف معقبًا وأنا أيضا لدي نسخة منه وعقد حاجبيه مكملًا:

" عصبية وغضب سريع يجعل الشخص منا يفكر ألف مرة قبل أحزانها"


ضحكت ياسمين مجيبة: "نساء البحر الأسود لا يشبهوا غيرهم من النساء"


وبينما كان عارف يعيش أجمل اللحظات السعيدة بوسط دافئ محب جديد عليه كانت دفنة تغضب

على فاتح لعدم مجيئه لمنزلهم بالأمس كي يقضي اجازته معهم كما وعدها.


شهد والديها سوء حالتها الصحية التي لم يصبح الحمل سببًا بها أكثر من غضبها وحزنها وشعورها أنها أقحمت نفسها في مسؤولية طفل وحدها .

 

غضب غافر على زوج ابنته معاتبًا عليه عدم مجيئه لزوجته والاهتمام بها،   تحجج فاتح وبرر عدم مجيئه لسوء حالة الطقس وانه أيضا حزين على وجوده وحيدًا حبيسًا بالمنزل ولكنه  سيأتي لهم حتى وإن لم يتحسن الوضع سيفعل أي شيء ليصل إليهم.

 

رد غافر عليه بقوة قائلا:

 " نعم ستحاول وستأتي وستهتم لا اريد ان اراها حزينة وغاضبة لهذه الدرجة مرة أخرى" وأغلق الهاتف دون انتظار الرد منه.

 

أغلق فاتح الهاتف وهو ينظر نحو اوزلام قائلا:

 "أرأيتي لا يتركون الشخص يعيش متعته بسلام وراحه".

 

أقترب منها على الفراش أكثر قائلا:

"ولكني معذور فهل يمكنني مقاومة هذه السعادة والذهاب إليهم".

 

انحنى عليها ليقبلها رافعًا رأسه ليكمل حديثه قائلا:

 " عليّ ان أشكر هذه اللحظة التي جعلتني اصطدم بأجمل وامتع واحلى حلوى بدنياي".  


ضحكت اوزلام بهيام تحدثت به :

" لا تتحدث كثيرًا فللحظة ظننت أنك تغازلني وأننا كالعشاق".


انحنى فاتح مرة أخرى ليقبلها وهو يصدمها بحديثه قائلا:

 " نعم أصبحت عاشقًا لهذا الجمال، هل يمكنني رؤية هذه السعادة دون أن أسقط غارقًا بعشقكِ حتى كلمة عاشق قليلة على ما أشعر به".

 

تهربت اوزلام من كلامه المعسول وكثرة التقارب الذي اصبح شبه دائم حتى سقطت بالأخير كالفريسة الضعيفة بشباكه.


اتفقا ان تكون متعة وقتيه  دون وعود او قيود وكأنهم أصدقاء مقربين ولكنهم بهذا سطروا اسوء معاني للرذيلة و الانحطاط.


أنهى فاتح اخر لحظات متعته مع اوزلام ليسرع بعدها ذاهبًا لزوجته كي يمثل عليها دور المحب المضحي.

 

 لم يلقى فاتح الترحيب الكبير كالعادة بالعكس كان الجميع يلومه ويذمه حتى امه ثريا فعلت ذلك، جراء دفنة وتدهور وضعها النفسي بسبب إهماله لها.


رأى فاتح وجه عمه الغاضب الحاد لأول مرة في حياته، حاول السيطرة عليه بإعطائه وعود جديدة جميعها كاذبة.


بهذه اللحظات انتهى طعام العشاء المتوج بالفطائر الخاصة بالأم نعمة الله ، كانت الأجواء مريحة وهادئة يغلب عليها جو من السعادة.



شعر صالح بالأمان والراحة في منزل عارف ليبدأ حديثه الهادئ وهو يقص عليهم مشوار حياته وكيف بدأ عمله وحارب الصعوبات حتى أصبح لديه مركب واثنان.



نظر لعارف قائلا بنبرة أب ناصح:

" علينا متابعة عملنا بأنفسنا وبأيدنا وبأنظارنا، لا نتركه لاحد آخر إن لم  يأخذه ينقصه، اعتادوا دائمًا على انهاء اعمالكم في وقت مبكر وأن يكون لديكم حلول وخطط مستقبلية كي لا تسقطوا عند اول خطأ أو  مأزق،  فأنتم اكثر حظًا منا لديكم الإمكانيات وسبل التواصل السريع وما توصل له العلم والصناعة من تطور مما يزيد من فرص النجاح أمامكم  فقط اذا اجتهدتم"

 

انهى الجميع طعامهم جالسين بعده بالصالون لاحتساء الشاي، لا زال سفر وعارف  مستمتعين بأحاديث صالح ونصائحه لهم.

 

ليسبح صالح بأحاديثه حيث قص عليهم حكاية صديق قديم ضاق بهِ المطاف ليقع بمأزق تلو الاخر ليس مأزق طبيعي بل بفخ يليه الآخر، فكلما تصدى ونجح بإفشال مخطط يأتيه الآخر حتى تفاجئ بيوم ان عدوه الذي يحاربه هو نفسه شريكه بالعمل، أراد أن يفشل عمله كي يحظى هو بالشركة لنفسه.


تمعن عارف بحديث صالح شاعرًا إنها رسالة مبطنة له، تحدث ليجاريه بالحديث متسائلا:

 " انا لم افهم كيف سيستفيد هذا الشريك من وراء خسارة شركة هو شريك بها، أليست أمواله هو أيضا".


ضحك صالح ناظرًا بعيون عارف قارئًا ما بداخله مجيبًا عليه

"هنا مربط الفرس سأشرح لك".


تحرك على مقعده ليرفع إحدى أرجله لأعلى كي يرتاح اكثر بجلسته مكملا حديثه الذي وجهه صوب عيون عارف قائلا:

 " لا قواعد في دنيا الأعمال وخاصة لأصحاب النفوس الطامعة، عندما يجدون أناس ناجحين يكتسبون شهرة واسم كبير يصبح هدفهم أخذ كل هذا النجاح لأنفسهم وحدهم، طمعهم يجعلهم يتحملون خسارة قريبة لمكسب بعيد بعدما يستقلوا بالشركة وحدهم يهتموا بها ويعيدوا نجاحها وصعودها ليصبحوا هم مُلاكها والمستفيدين الوحيد بها ".


تحرك عارف بمكانه باهتمام متسائلا مرة أخرى قائلا:

" وهل نجح شريكة بهذا. هل بالفعل استطاع افشال هذا الرجل واخذ الشركة منه".

 

تحدث سفر بغضب قائلا:

" ان صمت واعطيت لعمي الفرصة بالحديث سنعلم جميعنا نجح أم لا".


( عادا توم و جيري من جديد🤦‍♀️).


رد عارف بنفس نبرة صوت سفر الغاضبة قائلا:

" وما دخلك انت هل وجهت لك الحديث".

 

تدخل صالح باحاديثهم ضامم حاجبيه بعد ان انتفخ داخله من صراعهم ومناقرتهم طول اليوم قائلا:

" الشيطان يقول لي أن أخرجكم للخارج كي ترفعوا ما تراكم من الثلوج مرة أخرى".

 

تحدثوا بنفس واحد قائلين:

" لاااااا سنصمت".


( شاااابوااا عمو صالح مينفعش فيهم غير كده😂).


حتى تحرك سفر وقبل رأس عارف  الذي احتضنه وصدم يديه بشكل متتالي بقوة على ظهر سفر حتى آلامه وهو يقول لصالح:

 " لقد تصافينا لن نكررها مرة أخرى المهم ان لا تحزن او تغضب علينا ".


 تحدث سفر لعارف بصوت منخفض قائلا:

 "سأحاسبك على ما فعلته بظهري انتظر لترى". 


تظاهر عارف عدم سماعه لما قاله سفر ليكمل صالح حديثة بعد أن ترجوه باستكمال القصة مقابل  بقائهم صامتين هادئين دون مشاكل.

 

بدأ صالح حديثه:

" كان صديقي صاحب عقل سديد ونظرة مستقبلية استشعر الأمر وخطر المؤامرة على اسمه واسم الشركة الذي بالفعل أصبح مهزوزًا بعد آخر مشاكل أسقطوه بها مع العلم انه انتصر عليها كما قلت لكم، ولكن أراد باخر مرة أن يلقنه درس حياته فقرر أن يأكل نفسه بنفسه قبل أن يأكله".


قاطعه عارف من جديد متسائلا:

 "كيف يأكل نفسه بنفسه".

 

نظر نحو سفر مشيرًا على فمه وكأنه يقفله بسحاب.


ليكمل صالح حكايته قائلا لعارف:

" انشأ صديقي شركة جديدة تعمل في نفس المجال وبدأ بتكبيرها و إنجاحها من الباطن دون إظهار هذا للعلن،  كان يعمل لها دعاية على حساب الشركة القديمة، ستتساءلون كيف سأقول لكم دون تشويق  مثل صديقي على شريكه سقوطه في فخاخه المتتالية وأنه بالفعل نجح بإسقاطه وإفشال الشركة وانتهائها، كل ذلك في ظل ارتقاء الشركة الجديدة وإثبات نفسها بدنيا الصناعة حتى أصبح اسمها يعلو ويعلو أمام سقوط القديمة التي انتهت بشكل كامل"


رد سفر ببلاهة وتلقائية:

 "ما هذا الغباء هل أفشل شركته بيده"


بينما ظل عارف صامتًا ينظر جهة صالح باهتمام وتركيز كبير، بادله الأب نظراته وهو يكمل حديثه: 

" أعتقد الشريك انه نجح وإن الفرصة قد أتت لتحميله الخسارة واخذ الشركة منه كي يبدأ بإدارتها من جديد لتجلب له الذهب وكل ثمين،  

وبالفعل اشتراها من صديقه الذي قبل سعر بخث مقابل إنهاء جميع الأوراق الرسمية"


ابتسم صالح بوجه عارف ليتعجب الجميع من اهتمامه به وحده حتى أن ابنته غارت من زوجها، ولكنهم لا يعلمون السبب الرئيسي وراء زيارة صالح وموافقته على البقاء ينتظر اللحظة التي يوصل له الرسالة التي أراد توضيحها أمامه دون مواجهة او مصارحته بحقائق عائلته.


 أكمل صالح حديثه بهذه الفرحة التي ظهرت على وجهه قائلا:

"تفاجئ الجميع بعد أسابيع بخبر شراء صديقي شركة جديدة كبيرة ناجحة تعمل في نفس مجاله  كانت ملك زوج ابنته، ليصبح بعدها الشريك الأول والوحيد لشركة زاد نجاحها بمجرد انتشار اسم مالكها الجديد".


استرسل صالح موجه حديثه للجميع  طالبًا منهم ان  يكونوا أقوياء دائمًا، لا يقدر عليهم أي ظالم، لا يقبلون الهزيمة ولا التنازل ما داموا أصحاب حق. 


 جعله الله صالح سببًا لإنارة طريق عارف بعد أن ارتفع قدره بقلبه حتى أصبح يخاف عليه وينصحه هو وسفر كي يكونوا جدار صلب بوجه الرياح العكسية العاصفة.

 

لم يكتفي صالح بهذه الحكاية فقط ظل يتحدث عن القوة ومجابهة الحياة والمثابرة والجهاد لإثبات الذات والنفس والنجاح،  فالضعفاء ليس لهم مكان بدنياهم.

 

استمتع الجميع بهذه الجلسة الجميلة وكلام الأب الحنون ونصائحه الثمينة بكيفية الخوض والنجاح بالحياة ليقف صالح بعد تأخر الوقت ليصعد للأعلى كي ينام.


وقفت نعمة الله قائلة لزوجها:

 :"نعم هيا لننام كي نكون مستعدين لطريق السفر". 


وقف عارف معقبًا على حديثهم:

 " لن استطيع الضغط عليكم اكثر من هذا لقد أعطيت عمي وعد أن لا أتحدث بعد ليلة أمس ليكرمني الله بليلة أخرى الحمدلله". 


ابتسمت نعمة الله وهي تدعوا لعارف وأوزجي أن يديم سعادتهم وراحتهم وان يبعد عنهم كل شر.

 

تحدث سفر بتذمر:

 " والله بالله هذا كثير عليّ، أصبح هو المدلل بيومين فقط وسفر خرج من الحسبان حتى الدعاء المبروك حُرمنا منه".


ضحكت الأم قائلة:

" لا يمكننا هذا أنت تعلم جيدًا قدرك عند الجميع".


ضحك سفر وهو يقترب من عارف صادمًا يده على ظهره بقوة قائلا: 

 " العفو منك هو البركة أيضا ".

 

ابتعد عارف عنه وهو يتألم من صدمات سفر القوية لتضحك ياسمين وأوزجي عليهما، فهما حقًا كالأطفال الصغار يلعبون ويضحكون ولكن سرعان ما يتعاركون.


استمرت السهرة بعد صعود صالح ونعمة الله التي أصبحت ضحك ولعب واسترجاع الذكريات الدراسية المضحكة.

 

على عكس ما يحدث في مكتب غافر الغاضب على زوج ابنته الذي أقسم له أنه لم يقصد أحزانها و وعده أن لن يجعلها تحزن مجددًا، سيكون بجانبها وبجوارها اكثر من السابق.


مع الأسف كل هذه المحاولات كانت تمثيلية جديدة  لإرضاء دفنة التي شعرت بالخيانة التي لم تتوقعها ولكن الفجوة التي أصبحت بينهم جعلتها تشعر بمشاعر مضطربة مختلفة لا تفهمها.


انتهت الليلة ليبدأ يوم جديد يضيء بأشعة الشمس الخافتة، ذابت الثلوج لتفتح الطرق على إثرها ، ودع عارف وأوزجي ضيوفهم بوجوه فرحه تتمنى قرب اللقاء.

 

أوصت ياسمين بنت خالتها على عارف قائلة:

 " أصبحت في صفه من بعد الان، احذريني لا يمكنكِ أحزانه من بعد الأن"

 

احتضن سفر عارف بحب ظهر بعينيه:

 " لا اعرف لماذا سأشتاق إليك ولكن مع الأسف سيحدث هذا".

 

ضحك عارف وبادله الحضن مجيبًا عليه:

"حقا سأشتاق إليكم كثيرًا".


تحرك عارف وقبل يد نعمة الله ومن ثم راسها قائلا بلسان قلبه:

" زادت بركة منزلنا بحضوركم، لا تحرميه و تحرمينا من بركة مباركتكم الدائمة".

 

تم وضع الصناديق والهدايا التي لم يقصر عارف في حجزها وطلبها قبل موعد سفرهم في السيارة التي امتلأت من جديد.


جاء موعد توديع صالح لزوج أبنته على غير المنتظر حين أقترب الأب منه واضعًا يده على كتفه قائلا:

"لا تترك نفسك دون بوصلة واضحة تهديك للصواب"


علقت عيني عارف على الأب شاعرًا بضغط يده على كتفه وهو يكمل توديعه له:

"انتبه على الأشجار المميزة جيدًا أزرع وأحصد في حديقتك بيدك لا تنتظر ان يشاركك او يساعدك أحد بها".


أومأ رأسه مجيبًا بصوت جاد:

" لا تقلق سأضع جميع نصائحك صوب عيناي"


صعد صالح السيارة غالقًا بابه قائلا لسفر:

" هيا توكل على الله يا بني".

 

رفع عارف يده لأعلى ملوحًا لهما بحب ووجه سعيد، خلاف أوزجي التي دمعت عيناها حزنًا لفراقهم.


مد يده ليمسح دموعها وهو يعدها ان لا يطول اشتياقها لهم وأنهم سيذهبون إليهم وقتما شاءت، ردت بصوتها الحزين قائلة:

" ولكني اشتقت من الان".


ضحك عارف تحرك بها ليدخلا المنزل وهو يجيبها قائلا: 

 " انا من اشتاق وليس أنتِ". 


نظرت لغلق الباب متسائلة:

 " وانت أيضا ماذا؟ هل اشتقت إليهم بهذه السرعة؟ ".


أومأ رأسه بعيونه الضاحكة مجيبًا:

 " وكثيرًا أيضًا، كلما تذكرت حالتنا في غرفة الفندق كيف أصبحنا ….


لم تعطيه فرصة لاستكمال حديثه حين فهمت عليه، اسرعت بحركتها صاعدة الدرج دون رد، ضحك عارف مسرعًا خلفها راغبًا في الإمساك بها ولكنه لم يستطع عندما وصلت قبله مغلقة الباب والمفتاح .


( عيب ياولاد يعني مجريني وراكم وانتوا متخاصمين وانتوا متصالحين🤦‍♀️هخس من غير رجيم و ربنا 😂😂قولوا امين هههههه).


وقف خلف الباب يحدثها ويستعطف قلبها حتى انه بدأ بإلقاء الأشعار عليها.


تدللت برفضها فتح الباب ليتحرك هو قائلا بنبرة جادة:  " تمام لن اضغط عليكِ سأجعلك براحتك سأنام في الغرفة الصغيرة بالأسفل وعند استيقاظي سنتحدث سويًا بهدوء".


تحرك بخطوات واضحة من حيث صوتها واقفًا  عند اول درجتين يحرك عليهم أقدامه ليصدر صوت نزوله للأسفل، ثم عاد بخفه ليقف بالصالون العلوي متخفي وراء الصالون مترقب خروجها والحماس يغلبه.

 

 اعتقد عارف انه بهذه الكلمات سيجعلها تفتح وتخرج إليه مباشرة وقف كثيرا دون جدوى حتى بدأت ملامحه تتغير خوفًا من عدم خروجها.


فكرت أوزجي بأي حجة وبأي وجه ستنزل للأسفل،  ظلت تفكر لتقرر بعدها نزولها بحجة شرب الماء.


لازالت مرتدية حجابها دون ان تعي ذلك فهذا ما حدث حين اشغلها تفكيرها وحيرتها عن تبديل ملابسها .


فتحت الباب خارجه من غرفتها وهي تسير على أطراف أقدامها، نظرت نحو غرفة العمل لتجدها فارغة اقتربت من الدرج وهي تبحث عنه بالأسفل منتفضة ذعرًا من احتضانه لها من الخلف فلم يخطر على عقلها اختبائه خلفها. 

 

حاولت التهرب منه ولكن هذه المرة لا يمكنها فعلها فالقلوب اشتاقت حقًا لبعضها.


نتج عن هذا الاشتياق وهذا الحب أول تقارب حقيقي بكامل وعيهم وإرادتهم وفرحتهم.

 

في هذا اليوم أعلن عارف انها ملكهُ وحقه وروحه وحياته و حوريته، اليوم أعلن عارف تعافيه وتركه للماضي،  اليوم تحرر عارف من عقد وشبح التقارب والحب الذي كان يخاف ويتهرب سابقًا منه ، من بعد هذا اليوم بل الأيام التي تبعته كان عارف يثبت لنفسه تعافيه وتمسكه بها وبحبها وبقربها واستمتاعه بجوارها.


 

ليس في منزلهم فقط بل زاد ارتباطهم وألفتهم بالشركة وهم يعملون بجانب بعضهما وكأنهم جسد واحد وروح واحدة.

 

حاول عارف الوصول للموديل سيما ومحاسبتها على ما فعلته ولكنه لم يستطع فلقد انتهى دورها واختفت بمهارة بعدها.


ليترك هذا أثر سيء بداخل عارف على عدم الإمساك بها ومحاسبتها هي ومن خلفها.


تجمعت الخيوط والمعطيات مشيرة بقوة نحو تورط فاتح وغافر بالفخ وهذا ما زاد الأمر سوءً.


ضغط غافر على جوتشي بالشركة يتخذ مواعيد قريبة دون تحضير لها، يتحكم في مجلس الإدارة والإنتاج وصالات العرض بشكل يفقد عارف عقله فهو حقًا يسعى لإسقاطه.


 

ليأتي الأسوأ حين عيّن غافر زوج ابنته مديرًا لإدارة الشركة خلفًا له هو ودفنة المريضة وهذا ما افقد عارف صوابه حقًا.

 

........... 


عاد لمنزله بعقل شارد يفكر بما يحدث حوله، اقتربت أوزجي وصعدت الفراش بجانبه متعجبة من عدم انتباهه لما ترتديه رغم جماله و قربها منه، لتتحدث إليه باستغراب متسائلة:

" ما بك؟، في ماذا أنت شارد لهذه الدرجة؟".


تحدث بشرود وثبات العيون للأعلى قائلا:

 " حان الوقت الأن، الأن حان وقت الانفصال".

  

لم تفهم أوزجي عليه لترد باستغراب أكثر قائلة:

 " الوقت لماذا؟ ما هو الشيء الذي جاء وقته؟ ماذا تقصد بالانفصال". 


حرك رأسه ناظرًا لوجهها قائلا:


 " سنأكل أنفسنا بأنفسنا".

 

تذكرت أوزجي حديث أبيها وهي تستمع لبدأ شرح زوجها للفكرة صَدمها بأول كلماته قائلا: 

" انتهى عملك معنا بالشركة، الى هنا وحسب، ستقدمين استقالتكِ بعد عراك كبير سيحدث بيننا ينتهي بخروجكِ من الشركة، بعد تقديمك الاستقالة وموافقتي السريعة عليها كقرار  متهور تم بلحظة غضب دون تفكير، سأعلن بعدها للشركة عن انفصالك عنا، سنمثل غضبنا بالتعامل مع بعضنا البعض أمام الجميع".


_ " ولماذا نحن مجبرين على هذا؟". 


ابتسم عارف قائلا:

 "ما بكِ هل وقفت اعدادات عقلك، سيكون لكِ شركتكِ وماركتكِ الخاصة سنسعى بتكبيرها والاهتمام بها ونجاحها من الباطن، ولكن في الظاهر أمام الجميع أنتِ ستصبحين منافسة قوية لنا، سأعمل جاهدًا كي اجعلكِ تربحين بهذه المنافسة لأكثر من مرة حتى يشيد الجميع بالماركة الجديدة،  سيعتقد الجميع اننا بنهاية الطريق ومسألة انفصالنا باتت قريبة وهنا سأبدأ أنا بالقسم الثاني من الخطة ".



هزت أوزجي راسها متسائلة دون صوت ليكمل عارف حديثه قائلا:

" سأجعلهم يهزموننا ويسقطون اسم الشركة بأيديهم حتى يظنوا أنهم نجحوا بذلك".



ابتسمت أوزجي قائلة:

" ومن ثم نعلو بشركتنا الجديدة لتكون بالمقدمة".



أجابها بضحكته:

" وأخيرا عاد عقلك لعمله، نعم هذا ما سيحدث ستكون بداية جديدة حقيقية بكل شيء".


 

ردت أوزجي  بحماس قائلة:

" اوزجوتش ".



ضحك عارف وهو يحتضنها قائلا:

" علينا أن ننجح أولا ومن ثم نختار الاسم كما نريد".



 ردت عليه بثقة:  

 "سننجح أنا واثقة من ذلك فأنت تستحق النجاح دومًا ".



فرح عارف بمجرد اتفاقهم على الخطة وكأنه نزع حملًا ثقيلًا من على كتفيه وتخلص منه بمجرد تفكيره بهذا.



لم تمنع الخطة عارف من انبهاره  بزوجته والاستمتاع بجمالها، أغلق الإضاءة كي يبحر بأحلامه السعيدة مع حورية البحر الأسود.



بدأت الخطة حينما لاحظ الجميع التوتر وحالة الغضب التي ظهرت على أوزجي وعارف في الشركة، أصبحت أوزجي تقف وتعارض عارف وتنتقده بشكل سيء خلال الاجتماعات وأمام العاملين بالشركة دون أي اعتبارات لا عملية ولا عائلية.


انصدم العاملين بحالتهم والتغيير الذي طرأ عليهم، كانوا يخشون من ان ينكشف كل شيء بحال ضحكهم المفاجئ وهم يمثلون الغضب على بعضهم وسط العاملين.


استمر الوضع وتفاقم حين بدأ عارف بمعاقبة أوزجي ومجازاتها بالعمل على ما تفعله و وقوفها ضده دائما.


فرح كلا من فاتح لما يراه بالشركة، تحدث غافر معقبًا على الأخبار قائلا:

" من الان فصاعدًا لن تحتاج لأي خطط  سنتركهم ليصلون لنهاية الطريق بأيديهم".

 

حزنت أسماء على ما وصل إليه حبيب قلبها وأخباره السيئة التي تصل لها بوجوه فرحه شامته.


حاولت أكثر من مرة التحدث معه بالهاتف بشكل متخفي بأقصى مكان في الشرفة العلوية:

"عد عن ما تفعله المرأة جيده تمسك بها لا تخسرها بهذه السهولة"



مَثَلَ عارف عليها في كل مرة معارضته وعدم تحمله لزوجته، مغلق الهاتف محدثها في نفسه بعدها:

" اعتذر منكِ لا يمكنني الوفاء بوعدي لكِ سوى بهذه الطريقة حينها سأكون سندكِ وقوتكِ في هذه الحياة".

 

كان عارف محق في عدم إخبار أسماء بالقصة فها هو غافر يتحرك بصعوبة خلفها ليشهد على هذه المكالمات مبتهجًا بفرحته وتأكده من جدية الوضع.


لم يستطع أحد فهم ما يدور بعقل غافر فبرغم مرضه الشديد وبرغم استيائه من فاتح وبرغم إنقاذه لعارف من فخ سيما بالفندق عن طريق إرساله الرسائل لاوزجي إلا أنه لا زال يسعى ويستمتع بكسره وانهائه وتدميره بشكل مخيف.



جاء الوقت المتفق عليه، زاد عارف بضغطه على أوزجي  في العمل بشكل حاد، لتغضب هي وتقرر تقديم استقالتها منتظرة بدأ اجتماع مجلس.


اقتحمت المكان واضعه الاستقالة بوجههُ وهي تنظر له بقوة وتحدي، وبينما كان عارف غاضبًا على اقتحام أوزجي لغرفة الاجتماعات بوجهها الغاضب.


كان غافر وفاتح ينظرون لإلقائها الاستقالة على   الطاولة بجانب جوتشي  قائلة:

" أنا غير مجبرة على تحمل العمل بجانبك أكثر من هذا، استقيل من عملي كي أحفظ كرامتي من غرور النجاح الذي تملكك". 


وقف عارف مبتسمًا في وجهها الغاضب ليظهر للجميع كم هو هادئ وثابت كعادته قائلا:

 " أهذا اخر قرار عندكِ".


هزت أوزجي رأسه بغضب توهج بعينيها قائلة:

 " نعم وسأكون فرحة عند قبولك هذا الطلب". 


( استهدوا بالله يا أولاد مش كده حرام عليكم احنا أصحاب مرض هنفرفر بين أيديكم 🥺🥺) 


تحرك غافر ليقف بصعوبة مرضه ممثلًا دور المصلح المهدئ بينهم، ولكنه تفاجأ بسرعة توقيع جوتشي على طلب الاستقالة بقوة  علت عليها تعابير وجهه المبتسم قائلا:

" تفضلي لقد حدث ما اردتيه أنتِ الان حره، ولكن اعلمي جيدًا من يستقيل من المستحيل إعادتها مرة أخرى".


أخذت أوزجي ورقة الاستقالة ناظرة لجوتشي قائلة بقوة :

" سأجعلك تأتي الي تطلب العمل لدي وأنا من سيرفض طلبك "  


خرجت ضحكة عالية من عارف وغافر وجميع من في غرفة الاجتماع تعقيبًا على أحلام أوزجي.



ورغم معرفتها بحقيقة ما هم به إلا أن عيون دمعت على هذه الضحكة الساخرة، خرجت من غرفة الاجتماعات متوجهه لمخرج الشركة بخطوات قوية غاضبة تتحدث بصوت عالي أمام العاملين وهي تذم في الشركة ونجاحها متواعده بالعمل على إنهاء هذا النجاح المزيف قريبًا.



خرج عارف خلفها بقوة وانتصار واقفًا في  منتصف الشركة طالبًا من جميع الموظفين الاقتراب منه حتى اجتماعا حوله.


وأمام  ترقب وجوههم وهواتفهم التي رفعت لتوثق هذه اللحظات الحاسمة، أعلن عارف انفصال أوزجي عن الشركة نهائياً وعدم السماح لها بدخول اعتابها مرة أخرى لأي سببًا كان.

 


صمت للحظات رافعًا رأسه شامخًا بانتصاراته ونجاحاته قائلا 

" أعلن أنا جوتشي الكبير عن اقتراب انفصالي الشخصي من أوزجي ياغيز، فلقد جاء الوقت لتصحيح المسار لنستطيع التقدم والارتقاء في نجاحنا المستمر، فلم يخلق حتى الان من يقف أمام نجاح شركة جوتشي".


 

صفق الجميع لجوتشي الواقف صامدًا قويًا بوجه المبتسم ينظر لعدسات الهواتف بثبات كبير.



فرح غافر بل يطير من فرحته لتحقق أول الحلم.


شاهدت أسماء الفيديوهات بعيون حزينة على روح قلبها الذي وقف وسط الجميع يتحدث بقوة وحسم، أغلقت الهاتف بقلب يعتصر حزناً على انتصارهم عليه، وخسارته لزوجته مرة أخرى فهي شخص يعلم جيدًا معنى الخسارة والترك بالنسبة لعارف حتى ولو مَثَلَ على الجميع القوة.


ظلت تفتح الهاتف لتشاهد الفيديوهات وتغلقه متمنية بكل مرة تتمنى أن يكون هذا الوجه غير حقيقي.


تتمنى لو لم يحدث بهذا الشكل السيء فهو رغم السوء الذي حدث من ابنتها في زواجه الأول إلا أنه لم يفعل كما فعل في أوزجي .


تخفت دفنة في غرفتها كي تشاهد الفيديوهات التي احزنت أمها لهذه الدرجة منصدمة لما وصل عارف إليه من حال، كانت وكأنها ترى شخص اخر أمامها فعارف الذي كبرت معه وعاشرته لسنوات لا يستطيع جرح واذية أحد،    حدثت نفسها بحزن قائلة:

 " أنا السبب في تغيرك، تفعل هذا لتنتقم مني في الجميع، انا لم اعلم قيمتك وأنت بين يدي كان عليّ أن أكتفي بهذا الاحترام والتقدير الذي تنعمت به في ظلك، كنت تفعل كل شيء لإرضائي حتى ولو كان قلبك لا يرضى عنه".

 

صمتت دفنة بحزن لتفكر قائلة لنفسها من جديد:

" هل كان يحبني وأنا لم أشعر به، هل كان ينتظر مني اهتمام وصبر أكثر من ذلك، هل فعلها لأجل عدم تحمله البقاء بعيدًا عني، أم انه علم بالمشاكل التي بيني وبين فاتح وأراد".


لمعت عينيها وهي تقول أخر كلماتها:

" نعم علم حالنا ومشاكلنا وشجارنا المستمر من أمي وأراد…….


………


يتبع ..

إلى حين نشر فصل جديد لا تنسى قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا .

منها رواية حياتي 

رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..

 



رابط كل الفصول المنشورة سابقا

author-img
أمل محمد الكاشف

تعليقات

26 تعليقًا
إرسال تعليق
  • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 12:00 م

    ,,🥹🥹🥹🥹

    حذف التعليق
    • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 12:03 م

      الكلام ده بجد ولا حق وحقيقى وبعدين فين الفصل السادس عشر

      حذف التعليق
      • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 12:25 م

        بألانتظار حبيبتي

        حذف التعليق
        • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 12:32 م

          🥺🥺🥺🥺

          حذف التعليق
          • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 3:22 م

            روعه بالانتظار غاليتى وفقك الله لما يحب ويرضى

            حذف التعليق
            • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 5:33 م

              ايه ده مين قلب دنيتهم كده واذاي تستقيل وعارف اذاي يوافق في ايه بيحصل
              هناء رحال

              حذف التعليق
              • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 6:19 م

                روحي يالولو ربنا يسامحك مش هأقوب أكتر من كده 🤣🤣🤣🤣🤣

                حذف التعليق
                • Basma Fakhri photo
                  Basma Fakhri3 نوفمبر 2024 في 7:44 م

                  روعه أحسنتي

                  حذف التعليق
                  • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 7:53 م

                    جميلة جدا وجذابة

                    حذف التعليق
                    • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 8:25 م

                      الحمدلله لي كان في دماغنا وكنا مصدومييين من الإعلان صار اتفاق بين عارف و اوزجي شكرا للعم صالح على أقيم نصائح لي كانت سبب الآن في خطة عارف ويخرييب بيت دفنة وتفكيرها العفن متلها.

                      حذف التعليق
                      • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 8:29 م

                        روعة حبيبتي تسلم ايدك 👏👏❤️❤️❤️❤️

                        حذف التعليق
                        • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 9:15 م

                          لأ فاجأتينى يالولو الإعلان طلع فخ والحلقة جميلة

                          حذف التعليق
                          • Amany Ahmed photo
                            Amany Ahmed3 نوفمبر 2024 في 10:01 م

                            منتظرة ايه با دفنة فكرااه ان عارف بيحبك وترك اوزجى علشانك عفوا لا تنتظرى هذا
                            دى مجرد احلام منك على اوهام انت متخبلاها بعد اكتشافك لحقيقة غافر الخاين

                            حذف التعليق
                            • Saga Emam✨ photo
                              Saga Emam✨3 نوفمبر 2024 في 10:17 م

                              🥰🥰🥰🥰🥰🥰

                              حذف التعليق
                              • Saga Emam✨ photo
                                Saga Emam✨3 نوفمبر 2024 في 10:18 م

                                حلقة رائعه جميلة جدااااااااا🤭

                                حذف التعليق
                                • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 10:18 م

                                  ربنا يسامحك يالولو

                                  حذف التعليق
                                  • Saga Emam✨ photo
                                    Saga Emam✨3 نوفمبر 2024 في 10:20 م

                                    مشاهد توم و جيري اعجبتني 🤣🤣🤣

                                    حذف التعليق
                                    • منال محمد3 نوفمبر 2024 في 10:31 م

                                      اه لو تدري كم اثلجتي قلوبنا علي عارف واوزجي وعلي بدايه الطريق الصحيح الذي سوف يتخذه عارف مصباح يمشي عاي نوره ابدعتي لولو

                                      حذف التعليق
                                      • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 10:44 م

                                        البنت دفنه حد يجرها من شعرها ويطالعها من الروايه ههههه

                                        حذف التعليق
                                        • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 11:18 م

                                          روووووووعه
                                          اكتر من روووووووعه

                                          حذف التعليق
                                          • غير معرف3 نوفمبر 2024 في 11:52 م

                                            روعه تسلم ايدك حبيبتي المهم طلع اتفاق

                                            حذف التعليق
                                            • Rim kalfaoui photo
                                              Rim kalfaoui3 نوفمبر 2024 في 11:55 م

                                              حلقة جميلة وراقية جدا ومبهجة للقلب خاصة مناقارات عارف وسفر ههههههه يشبهون الأطفال
                                              ولكن الأهم كلام العم صالح فعلا كلام يستاهل السمع والطاعة واحببت انه نور بصيرة عارف والاعتناء به ونصحه

                                              حذف التعليق
                                              • غير معرف4 نوفمبر 2024 في 1:23 ص

                                                تخفة سلمت اناملك انا توقعت انها خطة بس بردك اوزجى صعب عليها نفسها ودفنة بتخلن تعوض اللى فات

                                                حذف التعليق
                                                • غير معرف4 نوفمبر 2024 في 3:05 ص

                                                  روووووووعه

                                                  حذف التعليق
                                                  • غير معرف5 نوفمبر 2024 في 2:17 ص

                                                    روعه روعه يالولو ❤️

                                                    حذف التعليق
                                                    • Amany Ahmed photo
                                                      Amany Ahmed12 نوفمبر 2024 في 11:48 م

                                                      مش فاهمة دفنة جايبة الثقة دى منيييين

                                                      حذف التعليق
                                                      google-playkhamsatmostaqltradent