recent
جديدنا

احكي يا شهرزاد الفصل الثامن والثلاثون

احكي يا شهرزاد

بقلم أمل محمد الكاشف


انطوى الليل بسعادة وهناء ليأتي صباح أول يوم العيد الموافق يوم العرس، دخلت شهرزاد غرفتها مغلقة الباب خلفها جالسة على مكتبها فاتحه دفترها لتدون في صفحته البيضاء:

" اقترب موعد زفافي لم يتبق إلا ساعات قليلة لأرتدي فستاني الأبيض بجانب الإنسان الذي اخترته لأكمل معه نصف ديني، نعم اقترب موعد زفافي مع الرجل الذي اغرقني بحبه، تبقى القليل لأقف بجانب أمير قلبي، أحلم أن أكون أجمل عروس رآها في حياته و يزيد، كم أنا فرحة و متحمسة للبداية الجديدة، يسرع قلبي بدقاته كلما فكرت بأنني سأزف نهاية اليوم لعش زوجي ورفيق دربي لنبدأ حياتنا معا، أسأل الله ان يتمم علينا فرحتنا وإن يكتب لنا من الأقدار اجملها وأن يجعل المودة والرحمة رفيقة دربنا، والحب زينة حياتنا، اللهم سخر لنا من رحمتك وكرمك ما يغنينا عن سواك، الحمدلله الذي جعله من بين رجال العالمين نصيبي".


ارتعش قلبها من فرحته وتجمعت عدة دمعات بعينيها وهي تأمن على دعائها، فتحت هاتفها لتضع صورة فستان ابيض كاتبه فوقها:

" اللهم حياة بيضاء جميلة مشرقة لا عناء ولا شقاء بها".


محتفظة لما كتبته في دفترها لنفسها فقط.


اتصل سيف بابن عمته ليكون أول من يهنئه ويزف له كلمات عروسته بنبرته المازحة، ليطير من فرحته مسرعًا بقراءة ما كتبته.


فكر أن يكتب لها تعليقًا بسيطًا ببساطة وجمال صباحهم المنير، ليجد نفسه يكتب على الخاص بينهما:

 " وأخيرا جاء اليوم الذي حلمت به منذ اللحظة الأولى التي رأيتكِ بها، اليوم تذكرت بدايتنا وأول لقاء بينك وبين الشاه شهريار، كم كنت أحلم بهذه اللحظة، البارحة كنت أحدثك بثقة ان لا أحد منا يعلم ما يخبئه الله بأقداره له وانني سانتظر اليوم الذي أستمع فيه لعذب قصصك بجوف الليل دون ملل، وها أنا الليلة سأدخل جنتي كما حلمت وتمنيت ودعوت ربي، احمد الله الذي أنعم عليّ بعروس لا تشبه نساء العالمين ادعو الله ان يديمك عليّ نعمه ويحفظك لي طيلة العمر و يتقبل منك دعائك".


فرح العروسين بجمال تلك اللحظات التي تسطر بقلوبنا طيلة العمر، تتعاقب الأجيال جيلا بعد جيل وتتوالى العصور ولا ينتهي حديث الناس حول اسطورة ألف ليلة وليلة و الأمير شهريار الذي وقع بحب وغرام أميرته شهرزاد.


جاء موعد عقد القران  بمنتصف النهار،  تجمع الأحبة والأصدقاء ليهنئوا ويباركوا للعرسان،  وصل شريف وشهرزاد للنادي ومن خلفهم عائلتهم مرحبين بضيوفهم الذين وصلوا قبلهم معتذرين عن تأخيرهم.


كما اعتذر البغدادي لاقربائه عن التأخير و وضع الذنب على تجهيزات العروس والزفة التي بغير موعدها.


 اقتربت أمال من ابنتها فاطمة متسائلة:

 " أين البدري لماذا لم يصل حتى الآن". 


ردت توته بحيرة:

 " لا أعلم آخر مكالمة بيننا كانت بعد صلاة العيد وهو يعيد على الأولاد وعليكم". 


اومأت أمال رأسها قائلة بضيق:

 " إن لم يكن أتى لنفس المكان بيوم الخطوبة كنت ظننت أنه تائه في العنوان". 


بررت توته تأخره قائلة:

 " من الممكن انتظاره وصول عمه محمد وأولاده كي يدخلا سويًا بشكل جماعي فهم يحبون العزوة وما شابها من عادات". 


اقترب شريف من أميرته شهرزاد قائلا:

 " ما رأيك بأن نلغي فقرة الزفاف ونكتفي بكتب الكتاب، أقسم أن جمالك بالأبيض سيفقدني ما تبقى من عقلي".


ابتسمت مخفضة نظرها محركة اكمام فستانها الطويلة قائلة:

" لا تبدأ من غير شيء أخجل من نظرات الجميع نحوي". 


ضحك شهريار عصره وزمانه قائلا:

" أعطيهم الحق، ماذا يفعلون! هل يمكن أن يروا القمر دون النظر له!". 


وصل المأذون للمكان، استقبله أمين ورحب به مصطحبه نحو الطاولة الكبيرة المزينة بالورود. 


تحرك الجميع ليلتف حولهم، اقتربت أمال من ابنتها توته مجددًا قائلة:

 " اتصلي يا بنتي به لنرى أين تأخر ليس من عادته التأخير".


رفضت توته الاتصال بضيق ردت به على أمها: " ماذا سأقول له؟، تأخرت على كتب الكتاب، أم سأقول كان عليك أن تهتم بموعدك أكثر من ذلك، أم سأجبره على القدوم إن كان تراجع عن المجيء".


صمتت أمال أمام ضيق ونبرة ابنتها الحادة ناظرة نحو ضيوفها محاولة اظهار الابتسامة بوجوههم.


نادتها زيزي كي تقترب منهم لبدء مراسم كتب الكتاب، ابتسمت مستجيبة لندائها وهي تسحب معها فاطمة قائلة لها:

 " لا تفوري دمي بكلامك هذا، سيأتي وإن تأخر بالاخير سيأتي انا واثقة بهذا". 


بدأ المأذون حديثه بالصلاة على النبي:

 " إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله

. وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ " 


ثم نظر للعروس قائلا:

 " أخبريني يا بنتي هل توافقين عليه لتكملي حياتك معه بكامل إرادتك ودون أي ضغوط".


 ردت شهرزاد من خلف والدها بصوتها الخجل  " نعم أوافق". 


نظر المأذون لمن ضحك وجهه وعينيه المعلقة على اميرته قائلا:

 " لا داعي لسؤالي لك فلقد أخذت إجابتي من عينيك".

 

ضحك المدعويين بفرح، تحدث البغدادي موجه حديثه الفرح للمأذون قائلا:

 " أنا لستُ خائفًا إلا من ضحكة عيونه هذه". 


ثم البغدادي إلى شريف وهو يكمل حديثه:

 "فكر يا ابني لا زال الوقت أمامك كي لا تعود وتشتكي حين لا ينفعك احد منا".


ضحك الاهل والاحباب من جديد لتتحدث العروس وهي ممسكة كتف أبيها قائلة:

" أبي هل أنا سيئة لهذا الحد!".


دمعت عيناي بغدادي من الفرحة، تحدث المأذون طالبًا من العريس ووالد العروسة أن يُشبكون أيديهم بوضع السلام واضعًا المنديل الأبيض فوقهم لتبدأ مراسم عقد قرانهم. 


وبهذه اللحظة ظهر البدري واخوته وهم يهرولون بسيرهم نحوهم، التفتت فاطمة بعينيها لترد عليه السلام وهي تستمع لحديثه المنخفض:

 " تأخرت عليكم كثيرًا اعتذر منكم". 


هزت رأسها بالنفي والصمت احترامًا لعقد القران، ضحك الجميع على حالة شريف الذي كاد ان يبصم باصابعه العشر على أوراق عقد القران، لم ينتبه البدري لثبات عينيه على جمال عروسته بالابيض.


علا صوت ترديد الجميع بعدها خلف المأذون:

 " بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في الخير". 


وقف شريف ليسلم على والده الذي كان يحتضنه من الخلف كما احتضن بغدادي ابنته بعينيه الدامعه داعيا الله ان يكرمها بالسعادة والهناء.


تحدث البدري داخل نفسه:

" ألم تجد غير هذا الفستان لترتديه، كان كان عليّ أن أوافق على فستان حفل زفاف ناهدة".


شرد متذكرًا رؤيتها كالملاك يوم الزفاف وسعيه للحاق بها دون ان ينجح بذلك.


نظر للعيون حوله محاولا إقناع قلبه بعدم رؤية أحد جمال ما يراه أمامه قائلا في نفسه مجددًا:

"وكأنها ملاك".


 أنهوا العروسين سلامهم واحتضانهم لوالديهم وأقاربهم، اقترب بعدها شريف من عروسته بوجهه الذي اخجلها و جعلها تخفض عينيها بتراجعها للوراء عدة خطوات.


مدت يدها لتسمح له بالسلام عليها، تفاجأت بسحبه لها مدخلها في حضنه مقبلا جبهتها قبلة طالت مع صوت الصفقات الفرحة من حولهم.


اقترب البدري بنظراته التي لا زالت ثابته على عروسته مستمتعًا بفرحتها وتصفيقها لاختها  قائلا بنبرة فرحته:

 " ألم يحن دورنا بعد؟".


رفعت توته نظرها عليه بقلق بدا على ملامح وجهها فور شعورها باقتراب زواجهما، أكمل:

" ما بكِ اختفت ملامح الفرح من على وجهك بسرعة لم اتوقعها منكِ". 


تحدثت بصوت مهزوز من خوفه:

" أخشى أن نكون قد تسرعنا بقرارنا".


ابتسم بوجهها مشيرًا للأمام نحو فرحة أبنائهم ولعبهم مع بعضهم قائلا:

 " انظري إليهم لتأخذي إجابتك".


ابتسمت فاطمة بعينيها الدامعة وهي تنظر نحو باهي وسلمى وهما يتشاجران على ألوان البلالين، حدثها البدري مازحًا:

 " لا  تنظري لهؤلاء كي لا نهرب سويًا منهما انظري للجهة الاخرى فهي أكثر سلامًا وابتهاجًا". 


ابتسم وجهها أكثر ليتجرأ البدري مقتربًا منها قائلا:

 " كما اخبرتك من قبل الحياة ليست الأطفال فقط، نعم فعلناها لأجلهم ولكن من المهم والمهم جدًا أيضا أن يكون لأجلنا، لأجل حياة جديدة كلا منا يستند على الآخر بها، اخترتك كي تكوني رفيقة وونيسة ما تبقى من عمري فإن قبلتي هذا فلا تترددي، وأن لم تقبلي ولم تشعري به فلا انصحك بالموافقة حتى ولو لأجل ابنائنا".


نادى عليه أخاه سيد الواقف بجانب الحاج بغدادي قائلا:

" هيا لماذا تقفون بعيدًا هكذا، اقتربوا لنفرح بكم أنتم ايضا". 


امسك محسن الأولاد واقترب بهم من الطاولة ليشهدوا على عقد قران والديهم، كما اقترب شريف ممن كانت تهرب منه متحججة باهتمامها بالضيوف، نظرت شهرزاد لعريسها لتجده يسحبها من يدها ملتف بذراعه خلف ظهرها ليقفا بجوار والديها مستمعين للمأذون وهو يعقد على أختها وعريسها.


 تحدثت شهرزاد بخجل طالبة منه أن ينزل يده من على ظهرها ولكنه رفض، قطع حديثهم بكاء البغدادي وقوله لعريس فاطمة:

" هي أمانة لديك الآن لا تحزنها ولا تضغط عليها".


 لم يستطع البغدادي تكملة حديثه الذي اختلط بالبكاء، مسحت شهرزاد دموعها مقتربة من ابيها واختها لتحتضنهم من الخلف. 


رد البدري بصوت جاد رغم فرحته الكبيرة:

 " وانا قبلت أمانتك، لها ما لها من حقوق وواجبات الزوج للزوجة، حقًا عليّ أن احافظ عليها بما يرضي الله ورسوله". 


تم عقد القران، تحدثت شهرزاد محاولة إضحاك والدها قائلة:

 " علمت قدري بقلبك الان، كان ادائك اعلى معها على العكس كنت تحذره مني". 


احتضنها والدها مقبل رأسها وهو يتحدث بصوت بكائه من جديد:

" لاني لا أخاف عليكِ أعلم جيدًا انكِ ستأخذين حقك وزيادة أيضا" 


ضحك شريف على حديثه:

 " هل عليّ أن أخاف!".


 ضحك البغدادي قائلا:

 " لقد حذرتك ولم تستمع لي". 


اقتربت أمال منهم وهي تمسح دموعها متنهدة:

 " امتلأ داخلي يكفيكم بهذا القدر".


 احتضنت شهرزاد امها مجددًا لتعود أمال لبكائها وهروبها منهم فقلبها لم يتحمل فكرة ابتعاد ابنتيها عنها بيوم واحد.


اقترب سيد ومحسن ليسلما على الحاج بغدادي وهما يباركا له بعد أن طالت مباركتهم لأخيهم وعروسته والأولاد.


نظر الجميع نحو شريف بضحك حين احتضن عروسته ورفعها ليدور بها وهو يصرخ:

 " اووووو". 


نظر سيف لبطن زوجته المنتفخة قليلًا ثم تحرك ليحتضنها من الخلف ويدور بها هي أيضا.


 صرخت مديحة تخوفًا من سقوط زوجته الحامل أو تأذيها ولكنه لم يستمع لخوف أحد، حتى أنه تحرك بها مقتربا من العروسين قائلا لشريف:

 " انا ايضا لا زلت عريسًا".



 _" هل اشتم رائحة غيرة تفوح بالمكان".


قبل سيف رأس زوجته قائلا:

 " نعم هذا الدخان ينذر بنار قادمة عليك أن تهدئ كي لا تحرقنا". 


اقترب البدري من عروسته بعد أن أنهوا مباركة الضيوف رافعًا يده قليلا نحو ذراعها ليشبك يدها بذراعه، تحركت فاطمة بتلقائية متوجهة نحو والدتها لتتحدث معها دون الانتباه من اقترابه ولا يده الممدودة نحوها.


استحوذت جلسة التصوير الجماعي والفردي لشريف وشهرزاد على تفكيرها، كما تعمدت بانشغالها بهم كي لا تخجل أو تحزن.


طلبت شهرزاد من المصور أن يلتقط لاختها عدة صور بشكل خاص مع عريسها.


اعترضت توته قائلة:

 " تصورنا كثيرا مع الأولاد لا داعي للمزيد". 


أصرت شهرزاد بأن يتصوروا بشكل خاص طلب المصور أن يأتوا معه لعدة أماكن مختلفة بعيدة عن الجمع كي يستطيع تصويرهم. 


تحرك الأولاد خلفهم بفرح، أسرعت أمال وسيد بعرقة ذهابهم خلفهم محاولين اشغالهم بأي شيء آخر، رفض باهي مصرًا على أن يذهب خلف أمه ليتصور معها، بدأت سلمى بالبكاء ليسرع محسن بأخذها والابتعاد عن المكان قائلا:

 " هيا لنشتري حلويات جميلة ونعود لنتصور معهم جميعا". 


طلب المصور من العريس أن يقترب من عروسته ليقف امامها بزاوية مائلة ناظرًا لعينيها بثبات، ارتجفت جوارحها وهي ترفع نظرها لتثبته على عينيه كما طُلب منها ليبتهج قلب عريسها ضاحكًا وجهه فور تشابك عينيهم.



حرك يده ليضعها على خصرها بناء على طلب المصور، ارتعش قلبه فور لمسه لها ونظرتهما لبعضهما التي لا زالت مستمرة دون انقطاع، وبناء على طلب المصور منها رفعت توته يديها على استحياء لتضعهم على جانبي كتفه دون ان تلمسه خجلا منه.



توالت الصور بوضعيات مختلفة تعمدت توته أن تكون بشكل غير متقارب ليطلب المصور بالأخير منه أن يحتضن عريسها وجهها بكفيه ويقبل جبهتها.


تراجعت توته خجلًا مما سمعته ليقول البدري:

 " يكفي بهذا القدر".

 

اقترب سيد و الأولاد ومن بعده محسن الذي لم يستطع الابتعاد كثيرا بالصغيرة العنيدة،  فتحت سلمى ذراعيها لتحتضن والدها وتقبله واضعه رأسها على كتفه وكأنها تقول:

 " أنت لي وحدي".


ربت البدري على كتف ابنته وهو ينظر للمصور الذي التقط لهم عدة صور جمعته مع إخوته وعائلة زوجته والعروسين شهرزاد وشريف.


انتهت مراسم عقد القران ليتفرق الجميع على وعد باللقاء ليلا في قاعة الزفاف.


ذهبت شهرزاد مع شريف و زيزي و أمال كي يبدلوا الفستان الأبيض البسيط بفستان الزفاف الفضي المنيير بجماله، وارتداء شريف البدلة السوداء عوضًا عن البيضاء التي كان يرتديها  كي يكملوا جلسات التصوير بأكثر من مكان آخر.


نظرت توته لعريسها قائلة:

 " وأنا سأذهب معهم ومن ثم نتقابل بقاعة الزفاف".


اقتربت أمال مجيبة على ابنتها بسرعة مفاجئتها بما سمعت:

 " أين ستذهبين و من سيهتم بالاولاد ابقي أنتِ معهم وأنا سأذهب مع شهرزاد كما تعلمين لم يتبقى الكثير ستبدل فستانها بالفندق ومن بعدها تلتقط به عدة صور وتبدأ الزفة الكبيرة".


تفاجأ بغدادي باستئذان سيد ومحسن للعودة للبلد رفض طالبًا منهما البقاء معهم ليحضروا زفاف شهرزاد.


رد محسن قائلا:

 " كما تعلم الدنيا عيد وعلينا أن نعود لأجل أهلنا وعمي محمد الذي أخبرتني  جميلة بمرضه المفاجئ". 


تساءل البغدادي عن حالة عمهم وما به ليجيب سيد:

" لا نعلم سنذهب ونرى، لا تؤاخذنا سنعوضعها لكم بالمرات المقبلة وايضا سنترك لكم كبيرنا هو سيسد فراغنا".


أومأ البدري رأسه قائلا للبغدادي بضيق:

  " اتركهم على راحتهم حاولت من قبلك ولم يستمعوا لي".


تحدث سيد لأخيه قائلا:

 " لا تعد بسيارتك حتى وإن تصلحت ها انا انبه عليك اتركها بالقاهرة، حتى اقول لك سأبحث لها عن مشتري فور وصولي البلد".


رد محسن:

 " صدقت يا سيد لا نريدها من بعد الآن". 


أومأ البدري رأسه بضيق من سفرهم وعدم الاهتمام بالبقاء بجانبه في يوم كهذا قائلا:

  " كما تريدون لنؤجل حديثنا هذا الآن".


سلما على الاولاد و ودعا الجميع، تسائل بغدادي بعد أن ابتعدوا عن قصة السيارة، اقتربت فاطمة وهي تستمع لجواب البدري:

 " لم يسألني أحد عن سبب تأخرنا بالمجيء؟".


رد البغدادي:

 " هل تعطلت منكم أثناء قدومكم لعقد القران". 


زفر البدري أنفاسه بضيق:

 " يا ليته بهذا القدر لولا لطف الله علينا لكنا الآن في عالم آخر، ظهرت عدة مشاكل حاولت السيطرة عليها حتى وصلنا بسلام، اعتقدنا انها ستكمل معنا حتى ننهي كتب الكتاب وبعدها يأخذها سيد لشركة التوكيل ولكنها توقفت بشكل كامل على مدخل القاهرة،  اضطررنا لنقلها للتوكيل وتأجير بديل لها كي تكون معي أثناء تنقلي بالقاهرة".



تحدث البغدادي بخوف:

 " يا ستار يارب قدر ولطف يا ابني الحمدلله الذي أتم عليكم نعمة السلامة". 


أمنت توته على دعاء والدها،  تحركوا بعدها كي يذهبوا هم ايضا بعد ان فرغ المكان من الضيوف.


 صعدا السيارة ليركب البغدادي بالمقعد الامامي بعد أن رفضت توته جلوسه بالخلف مع الاولاد، اقترح البدري وأصر على أن يذهبوا لتناول وجبة خفيفة قبل العودة للمنزل متحججًا بالأولاد كي لا يرهقوهم بجوعهم، ولكنه بالأصل كان خائفا على عروسته وانخفاض ضغطها فأراد أن تأكل بشكل جيد لتتحمل طول الليلة السعيدة.



توقفت سيارته أمام مطعم للوجبات الجاهزة متحدثًا للحاج بغدادي:

 " سأشتري للأولاد سندوتشات سريعة لأنهم يحبونها ونحن سنذهب لمطعم آخر لطلب الشواء". 


ردت توته عليه:

  " ليس هناك داعي لذهابنا إلى مكان آخر، كما ليس لدينا وقت كافي علينا أن نتجهز لأجل اللحاق بالزفة".


 أكد بغدادي على ما قالته ابنته ليوافقهم البدري الرأي.


طلب باهي ان ينزلوا ليأكلوا بالمطعم وهم يلعبون بالألعاب،  لم يرفض البدري طلبه نزل الجميع ودخلوا المطعم الكبير المزود بالألعاب.


نظر بغدادي لابنته وهو ينبه عليها ان تنهي طعامها والعصير الطبيعي الخاص بها.


مضى الوقت باهتمامهم بالأولاد وتبديل ملابسهم فور عودتهم، تحدث البغدادي لزوج ابنته:

 " ان اردت يمكنك الدخول في غرفة شهرزاد لتبدل ملابسك". 


رفض البدري قائلا:

 " شكرا لك يا عمي فلتبقى كما هي".


دارت سلمى بفستانها الأبيض المنفوخ عدة مرات من سعادتها به، كما ارتدى الأولاد بناطيل جينز سوداء اعتلاها قمصان بيضاء وجواكيت مطعمة باللون السكري.


ضحك البدري من فرحته قائلا:

 " كان عليّ أن أترك أمر طقمي لتختاريه أنتِ". 


نظرت نحوه بابتسامة خجلة تحدثت بها:

 " بالعكس مناسب وجميل". 


نظر لطقمه الأسود الرسمي ثم نظر للأولاد قائلا:

 " ماذا نفعل اعتدنا أن يرتدي العريس اللون الأسود بالزفاف، ولكن إن كنت رأيت خاصتهم كان من الممكن تغيير رأيي".


ردت فاطمة عليه:

 " لدينا وقت يمكننا شراء ما تريده قبل بدأ الزفة". 


ضحك بجوابه:

 " ليس لهذه الدرجة امزح معكِ، فقط أردت أن أعلم رأيك بطقمي، لم اخذ علاماتي كاملة ولكن هذا القدر يكفيني الآن". 


خفضت عينيها مجيبة:

" ان تم رفع الكرافت سيكون لائق بشكل أكبر"


أخرج الكرافت من عنقه قائلا:

" أنتِ محقة، بالاصل لم ارغب بها ولكن جميلة وناهدة أصروا عليها وبهذا اللون أيضا"


رفع نظره بها متسائلا على استحياء:

" هل اصبح كل شيء على ما يرام".


خجلت منه كما أراد عدم الرد عليه مكتفية بحركة الرأس بالإيجاب لولا شكل ياقة قميصة التي أصبحت غير مناسبة أبدا قائلة بصوت كاد أن لا يسمع من خجله:

" نسيت فتح زر الياقة".


ضحك البدري على نفسه مجييًا:

" نسيت أمرهم وكأني ذاهب للمدرسه".


فتح الزر مستقيم بوقفته أمامها متسائلا:

" والان! هل تم؟".


أومأت برأسها مجيبة بخجل:

" نعم تم، ولكني أرغب بشيء ولكن لا اريد ان تفهمني بشكل خاطئ".


انصت لها باهتمام وجدية، لتكمل توته بتوتر وارتباك:

" أريد تبديل الفستان، لا شيء،  أعني ليس لأجل… يعني كي تتميز هي وحدها بالابيض، أنها ليلتها الأولى ولا أريد أن أشاركها بها أعجب المدعويين بالفستان واطرأوا عليه في حفل كتب الكتاب. يكفي بهذا القدر، كما انني اخجل من كثرة الخرز به، ولكن إن كنت ترى انه مناسب ولا داعي لتغييره سابقى به".


نظر نحو غرفة والدها مقتربًا منها، مجيبًا عليها بصوت منخفض:

" أقسم أنني أردت قول ما خرج منكِ لولا خوفي من ان افهم بشكل خاطئ".


اسرعت بتبرير ارتدائها له:

"اعلم انه زائد عن الحد وخاصة بوضعنا، قلت لك هذا ولكنك اصريت على ارتداء ما اختارته امي حتى وان كان زائد".


_" وما به وضعها!، قلتها لأجل عدم تحملي تعلق العيون عليكِ الجميع ينظر نحوك وخاصة بالمطعم، لقد جعلوني أندم على الفكرة، ما كان عليكي ان تتفنني بمنافسة العروس لحد الحد الذي جعلك كملاك يبهر كل من ينظر إليه".


صدمت مما قال، ازدادت خجلا عندما اكمل كلماته:

" كنت ارغب بتحريم الحجاب الأبيض عليكي لتأتي أنتِ وتقصفي قلعتي بفستانك هذا".


ردت بوجهها الذي اصبح ينافس الفراولة بحمرته قائلة:

" سابدله على الفور كي لا نتأخر".


_" على شرط ان لا تعودي للاسود، اختاري شيء لا يظلم فرحتنا الليلة".


اومأت براسها وعيونها المخفضة داخله الغرفة داعيه الله ان لا تسقط قبل الوصول إليها من شدة خجلها.


خرج البغدادي قائلا:

"لا اعرف كيف تربط هذه حاولت لاكثر من مرة دون فائدة".


نظر البدري على الكرافت قائلا:

" يمكنني مساعدتك".


اقترب ممسك بطرفي الكرافت مغلقها على عنق حماه بسرعة واحترافية، شكره البغدادي ثم سأله عن فاطمة، ليجيبه:

" لم يتبقى الكثير دقائق ونخرج على الطريق".



وبالفعل لم تمر دقائق حتى انبهروا بفستان فاطمة الذهبي وحجابها الكريمي.


خرج والدها من المنزل وهو يتحدث في هاتفه:

" ها نحن في الطريق اليكم".


أسرع جميع الأولاد خلف جدهم بناء على توجيه فاطمة لهم.


انتظر خروج الجميع ليتحدث لها:

" يا ليتني رفضت الفكرة كي لا يحدث ما أره، هل ترغبين في التغيب عن حضور الحفل لهذه الدرجة".


نظرت إلى فستانها متسائلة:

" هل سيء لهذه الدرجة، اعلم أنه بسيط ولا يوجد فيه الكثير من….


أجابها ليخجلها أكثر:

" اخشى ان اطلب تغيير كي لا انصدم بجمال من يخلفهم وكأنك من عالم الخيال كما تقول أختك عنك".


ابتسمت بخجلها:

"انصحك بعدم الجلوس مع شريف أكثر من ذلك، هيا تأخرنا على حفل الأمراء".


تحركت لتخرج منتظرة خروجه هو ايضا لتغلق الباب بالمفتاح جيدًا.


بدأت الزفة المبهجة بأصوات زمامير السيارات وتسارعها وتزاحمها بجانب بعضها البعض حتى وصلت للقاعة الكبيرة حيث كان ينتظرهم بالخارج عربة شبيهة بعربة الاميرات مزودة بخيول أمامية سارت بهم نحو قاعة الفندق الكبير بمجرد صعودهم لعالم الخيال.


 فرحت شهرزاد بمفاجأة عريسها لها وخاصة عند سماعها لصوت موسيقى معزوفة شهرزاد العالمية تعلو بمجرد اقترابهم من بوابة مبنى الفندق الكبيرة.


دمعت عينيها من الفرحة، نزل اميرها من العربة أولا ثم استدار ليمد يده نحوها ليساعدها بنزولها، تعسرت وتزاحمت مع فستانها الكبير المنفوخ المزود بالخرز واللولي ليقترب حاملها بين ذراعيه لتسقط بحضنه قبل لمس اقدامها الأرض. 


احتضنها بقوة فرحته وسعادته التي لا زالت تتراقص على تلك الموسيقى التي اسرت قلوبهم من اول لقاء.


فاجأ العريس الجميع بترتيبه زفافًا ملكيًا بكل ما تحمله الكلمة شكلا ومضمونا، من مراسم دخول العروسين القاعة حتى تقديم الحلويات وكعكة العرس جميعهم كانوا بطعم بالأساطير الملكية.


 زادت رقصة العروسين الهادئة الزفاف جمالًا حين كانت على نفس الموسيقى التي ملكت قلوبهم فإن كان الأمر بيد شريف لكانت استمرت الموسيقى طيلة الزفاف دون انقطاع.


هربا العروسين لعشهم السعيد بعد أن قضيا أجمل الساعات التي جمعتهما مع الاهل والاحباب.


دخلت العروس منزلها بخجل كبير، اغلق عريسها باب عشهما السعيد عليها عائدا لأصدقائه بالأسفل كي يراودهم راجيًا أن يتركوه بحاله ويذهبون، كان الضحك العالي سيد المشهد دافع سيف عن صديقه مُخلصًا إياه من قبضتهم دون وعود.


هرب شهريار عصره و زمانه لقصر جنته وسعادته مغلقًا الباب خلفه وهو يبحث عنها بالغرف ولم يجدها.


دخل المطبخ بوجهه الفرح متفاجئ بتناولها من عشاء العروسين وحدها، كانت تأكل بسرعة جوعها وارهاقها الشديد وايضا قبل عودة سلطان قلبها وإمساكه لها.


انتفضت حين تفاجأت برأسه تقترب منها ليأكل قطعة اللحم التي بيدها، ضحكا سويا لتمد يدها كي تطعمه لأول مرة بخجل قربه منها، ثم وضعت الشوكة جانبًا قائلة:

 " سابدل ملابسي واعود لاحضر المائدة ونأكل سويًا، اشعر ان طاقتي منتهية لدرجة لا تتخيلها".


ابتسم عريسها مجيبًا عليها:

 " تمام بدلي ملابسك وانا بانتظار تكرمك علينا وإطعامي".


نظرت شهرزاد للطعام ثم نظرت له قائلة:

 " هل سيكون عيبا عليّ إن تناولت قبل تبديلي لملابسي، لا حيل لدي للحركة وكأني سيغمى عليّ".

 

ابتسمت مائلة برأسها لتسحره بصوت وعيون أرادت بهم استعطاف قلبه قائلة:

 " تخيل أنني لم أتناول منذ الصباح سوى قطعة بسكوت، حتى العصير الذي شربته بالحفل كان يترجمه داخلي للجوع". 


اقترب ليضمها ويقبلها أول قبلة بجنة قلبه العاشق، خجلت وارتبكت خجلا منه.


تحدث لها بصوت عاشق قائلا:

 " إذًا لنأكل أولا، ولكن عليّ أن أخلع الجاكيت واغسل يداي و وجهي ومن ثم أتي لأساعدك".

 

وقبل أن يخرج نظر لفستانها وحجابها للحظات ذهب بعدها للحمام ليعود إليها مسرعًا كي يجهزا طعامهما سويًا بعد أن أشفق على تقيدها بفستانها وجوعها مبتسمًا بفرحة رؤيته لحالتها.


سألها هل نمد الطعام على سفرة الصالون ام نكتفي بهذه الطاولة، نظرت شهرزاد لطاولة المطبخ ذات السطح الزجاجي والاطلالة الجميلة لموقعها أسفل النافذة الكبيرة قائلة:

 " إن أردت فلنأكل عليها".


تحركا سويا ليضعا الأطباق ويتشاركا بأجمل وأسعد حفل عشاء تراقصت قلبيهما على انغامه.


صمت عن كلامه الذي كان بنبرة ضحكه وسعادته قائلا:

 " جاء وقت الصلاة لنصلي فرضنا ومن بعدها ركعتين قدوة برسول الله عليه افضل الصلاة والسلام، اريد ان نبدأ حياتنا برضا الله لتستمر سعادتنا". 


أومأت برأسها قليلا وهي ترد عليه:

 " سابدل ملابسي وأتوضأ".



أجابها بلطف:

" كوني على راحتك وأنا سأبدل ملابسي بالغرفة الأخرى".



جلست أمال على مقعد الصالون على استحياء من ضيفهم، داخلها يصرخ من ألم قدميها وظاهرها مضطرة لأظاهر ابتسامتها التي تحدث بها للبدري قائلة:

 " ابقى يا بني لدينا هذه الليلة لا داعي لذهابك وايابك بالصباح، نامت الصغيرة و فارس مستمتع مع الأولاد بالداخل".


رد البدري بنبرة حاول ان تخلو من مشاعر صدمته وضيقه قائلا:

 " شكرًا لكِ كونوا على راحتكم المكان ليس ببعيد والطرق ليلًا هادئة وغير متعبة سنصل بغضون دقائق ان شاء الله". 


حزنت أمال ناظرة نحو غرفة فاطمة قائلة بصوت خفض قليلا من نبرته:

" كما تريد تستمر برفض ما أقوله و تأتي بالأخير تستنجد بي".


ابتسم البدري متسائلا:

 " هل استنجد بكِ!، أعتذر سألتها فقط من مفاجئتي، طبعا نحن لا نستغني عن تاج رؤوسنا ادامك الله لنا".


ردت عليه بوجهها الغير راضي قائلة بعيونها المعلقة على باب غرفة ابنتها:

 " تمام كن على راحتك لنرى كم يوم او شهر ستصمد دون مساعدتي".


نظر هو أيضا نحو أبواب الغرف متحدثًا بنبرة مازحة:

 "  هل هو صعب لهذه الدرجة". 


_" لا اعرف صعب أم لا، ولكني أرى أنك وافقت على حديثها و اصرارها على تعرفكم أولا". 


تحرك البدري و وقف ليقترب من مقعد أمال جالسًا بجانبها متحدثًا بضيق صدره:

 " بصراحة صمت من صدمتي، لم ارد احزانها ولكني لست راضي عن طلبها هذا، كيف سأعود للبلد دونها بعد أن أصبحت زوجتي وايضا فكرت ببعد المسافات كيف سأحقق لها ما تريد ونعتاد على بعضنا وكلاً منا في بلد مختلفة، والأولاد يعني مدارس الأولاد لم يتبقى عليها سوى عدة أسابيع كنت أتوقع أنهم سيكملون مدارسهم بالصعيد يعني انا لم افكر ابدا انها ستطلب او تفكر بأمر كهذا والاغرب انها تفاجأت بسؤالي عن موعد عودتنا و وضعت الخطأ عليّ بأني لم أتحدث معها عن عودتها المباشرة معي، عقلي لم يستوعب احكمي أنتِ بيننا هل كان علي أن أحدد زمن عودتنا سويًا بشكل صريح وكأني أخذ موعد بدأ العمل، اعتقدت تجهيزاتي بالسرايا وتحدثي معها عن سرعة انتهائي منها قبل العيد حتى قلت لها أنني انهي اكبر قدر من عملي حتى أتفرغ بعد رمضان لهم واقضي أكبر وقت ممكن معهم". 


تحدثت أمها قائلة:

 " أنت محق كان واضحًا من كلامك و زيارتك الاخيرة لنا ولكني شعرت أنها خائفة من الإقدام والبدء بتلك الخطوة".


رد البدري باستغراب:

" هل خوف، ممن تخاف هل تقصدين…. 


قاطعته قائلة:

" ليس خوف بالمعنى الذي فهمته يمكنك أن تقول قلق و خجل و تخبط داخلي، بجانب خوف من الفشل والندم، وايضا ساقولها بصراحة هي لم تصرح بها ولكني انا واختها شعرنا بها، لاتنسى يا بني انها ذاهبة للمكان التي كانت تذهب له من قبل وهي يعني وهي على… 


أومأ البدري رأسه قائلا:

" اخبرتها من قبل أنني احترم ماضيها ولن اضغط عليها به".



_" ليس كما فهمت، هي تستحي من ظهورها أمام ناهدة وفهمية وأهل البلد على اساس انها زوجة لشخص آخر غير المرحوم وكأنها نسيته وانتقلت لغيره، لا تحزن مني يا بني اعلم أن الوقت غير مناسب للتحدث فيما مضى ولكني ايضا اريد مساعدتك، الله وحده اعلم بقدرك أنت وشريف الذي أصبح بيوم وليلة بقلبي وقلوبنا جميعًا".


قاطعها البدري:

 " بارك الله فيكم وأنتم أيضا بهذا القدر".


_" اعتبرني بمقام امك رحمة الله عليها واستمع لي جيدًا فأنا أعلم بابنتي اكثر من اي احد اخر، هي فقط تحتاج للتخلي عن قلقها وخوفها لتستطيع خوض حياتها الجديدة وانا ساساعدك بهذا حتى تأخذها بيدك وأنت عائد للبلد، فإن كنت أرى بقائها بفائدة او أنها ستتخلى عن شعورها هذا لوافقتها رأيها و وقفت معها بها، ولكن طول المدة وبعد المكان في حالتكم هذه لن يولد سوى المزيد من الفرقة، خير البر عاجله فلتذهب معك و تعتادوا سويًا على حياتكم الجديدة". 


أومأ برأسه من جديد قائلا:

 " وأنا تحت أمرك بأي شيء المهم لدي ان تأتي معي دون ضغط او غصب، أريدها بإرادتها الكاملة". 


عادت أمال لضيقها قائلة:

 " لا تعصبني….

 ان انتظرت إرادتها فلن تراها بسرايتك أبدًا خذها مني كلمة".


رد متفاجئًا:

" يا ستار يارب هل لهذه الدرجة".


اغمضت أمال عينيها من تعبها وهي تجيبه:

 " اقول لك البنت خائفة و قلقة،  عليك أن تبقى لعدة أيام في القاهرة تتحدثون وتجلسون حتى يمكنكم النوم معًا بغرفتها الكبيرة وبوسطكم الأولاد،  كما يمكنك أخذها والتجول بها حتى يلين عقلها ويزول الخوف والرهبة من قلبها ومن ثم تأخذها معك، اسبوع زمن لن يقصر معك بشيء لقد قلت انك ليس لدي عمل يجبرك على العودة السريعة".


رد البدري وهو ينظر للحاج بغدادي الذي كان يقترب منهم، قائلا:

 " ليس لدي مشكلة ان كان هذا ما يرضيها سأفعله".


جلس بغدادي على الاريكة أمامهم وهو متعب، خرجت توتة من الغرفة ناظرة نحو عائلتها بصمت قاطعته امها بسؤالها:

 " هل بدلوا ملابسهم وتناولوا طعامهم". 


جلست توته هي ايضا مجيبة بوجهها المتعب:

 " نام فارس بجانب أخته قبل أن ينهي طعامه". 


ثم نظرت للبدري لتكمل حديثها له:

 " جميعهم ناموا بجانب بعضهم كي لا يذهبوا معك هكذا سمعت باهي يقول لفارس ولم اتوقع انهم سينفذون ما قالوا بهذه السرعة، اعتقد تعبهم وركضهم طوال اليوم هو ما جعلهم ينجحون به".

 


ردت امها عليها:

 " جميل جهزي غرفة شهرزاد لينام البدري بها هذه الليلة". 


اعترض رافضًا ان ينام لديهم لولا نظرات أمال له وتحدث توته طالبة منه البقاء لأجل فرحة الأولاد بنومهم بجانب بعضهم.


وافق أخيرًا على طلبهم بشرط أن تنام سلمى معه، وقف بغدادي بصعوبة وألم رأسه قائلا:

 " إذن فليذهب كل منا لغرفته اعذروني فرغت طاقتي ولا استطيع المقاومة اكثر من هذا لنكمل بالصباح". 


وقفت أمال هي ايضا وتحركت عمدًا خلف زوجها قائلة لابنتها:

 " تولي أنتِ أمر زوجك تصبحون على خير".


ثم دخلت بنفس سرعتها وهروبها للغرفة مغلقة الباب خلفها، نظر البدري لعينيها الخجولة قائلا: " هل يمكنني أن آخذها".


 رفعت فاطمة نظرها وهي لا تفهم عليه من شدة خجلها ليشير نحو باب غرفتها:

 " سأدخل لاحمل سلمى كي تنام بجانبي وأنتِ ايضا عليكِ ان تنامي يكفي اليوم بهذا القدر". 


تحركت لتدخل الغرفة وهو من خلفها، ابتسم وجهه حين رأى ابنه يحتضن اخته بنومه، اقترب من الفراش ومال عليه ليقبله ساحبًا سلمى من بين يديه مستقيمًا بها كي يخرج من الغرفة دون أن يضغط على عروسته التي أسرعت إلى غرفة شهرزاد قائلة:

 " انتظر قليلا حتى أبدل المفرش".


حدثها طالبًا منها أن تضعه بشكل عشوائي أعلى من سبقه ومد يده ليساعدها به.


_" أامل أن يسعكم عرضه".


 ضحك البدي بإجابته عليها:

 " لا تقلقي فهو أكبر من المقعد الصغير خاصتنا".


ابتسمت توته قائلة بحنين:

 " ليس لهذه الدرجة كنت انام بالسابق عليه انا وشهرزاد ونستيقظ لنجد باهي بوسطنا وهادي اسفل أرجلنا". 


تحمس فور رؤيته لوجهها الفرح قائلا:

 " ان سمحتي لنا فلنجرب معًا لنرى مدى اتساعه".


خجلت وارتبكت ليرفع هو الحرج عنها:

 "أمزح معك هيا اذهبي لغرفتك تصبحين على خير".


خرجت بسرعة ليحزن بوجهه الغير راضي واضعًا ابنته على الفراش لينام بجانبها.


مرت عدة ساعات كان شريف عريس الليلة وزينة شباب عائلته يتقلب على فراشه الملكي متنعمًا بجنته التي تمنى العيش بها بجانب شهرزاد قلبه فتح عينه ناظرًا لعينيها بوجه رُسمت السعادة ملامحه.


عاد للوراء قليلا ليستند بظهره على وسادته رافعًا الغطاء عليه وهو يداعب أطراف شعرها المتناثر على وسادتها البيضاء، اقسم قلبه أن اجتمع فنانين العالم أجمع لرسم هذه اللوحة الفنية الرائعة ما استطاعوا أن يرسموها بهذا الجمال.


مال عليها ليقبلها اعلى جبهتها حيث انسدال الشعر الجميل عليها تحركت بنومتها لتزيد قلبه نبضًا واستغاثة.


 فتحت عينيها منصدمة بعينيه القريبتين منها، خجلت وتراجعت رافعة الغطاء عليها.


 ضحك وجهه قائلا:

 " ألا يزال الوقت مبكرا على شروق الشمس".


خجلت شهرزاد اكثر من حالته وقربه وعيونه التي كانت تحدثها دون توقف، سألته بصوتها الذي خرج بنبرة خجلها وحيائها عن الساعة وهل تأخرت بنومها فأجابها أن الوقت لا زال مبكرا ولم يصيح الديك بعد حتى ان شهريار قلبها مستعد لسماع المزيد من قصصها الجميلة، قالها وهو يحرك خصلات شعرها و يعيدها للخلف بشكل منتظم بجانب البقية.


 اغمضت عينها بصمت هاربة من عينيه دون ان تتوقع ما سيحدث بها حين ترجم عقل شهريار هروبها للاستسلام والخضوع لأمر قلبه وحبه وشوقه، لم يُسمع لها صوت لا ضحك ولا اعتراض ولا حتى أنفاس عالية كان الصمت وعنصر المفاجأة والخجل والصدمة بالنسبة لها هو سيد المشهد بهذا اليوم. 

يتبع....

الى حين نشر الفصل الجديد ندعوكم أيضًا لاستكشاف مدونتنا التي تضم مجموعة مميزة من الروايات الحصرية بالإضافة إلى روايات مكتملة تأخذكم إلى عوالم خيالية وإبداعية لا مثيل لها. تابعوا جديدنا وعيشوا متعة القراءة بأسلوب مختلف


author-img
أمل محمد الكاشف

تعليقات

5 تعليقات
إرسال تعليق
  • Sahar A tiya photo
    Sahar A tiya21 نوفمبر 2024 في 6:07 م

    البدرى ضاع ياولاد

    حذف التعليق
    • غير معرف21 نوفمبر 2024 في 7:18 م

      روعه تسلم ايدك حبيبتي

      حذف التعليق
      • Rim kalfaoui photo
        Rim kalfaoui23 نوفمبر 2024 في 1:18 ص

        ما احلى واجمل وارق هذه الاحتفال الرائع من كل النواحي أحببت الأجواء السعيدة واتمام الزواج على خير وسعادة

        حذف التعليق
        • غير معرف24 نوفمبر 2024 في 11:36 م

          الحلقة رائعة حبيبتي لولو تسلم ايدك ❤️❤️❤️❤️

          حذف التعليق
          • Amany Ahmed photo
            Amany Ahmed29 نوفمبر 2024 في 12:37 ص

            فاطمة خايفة من اهل مدحت وخصوصا ناهدة اذا كان لسانها طويل وبتتعمد احزان فاطمة وحرق دمها بكلامها السم فما بالكم بعد زواج فاطمة من البدرى وكمان اقامة فاطمة معها بالمنزل فماذا سيحدث

            حذف التعليق
            google-playkhamsatmostaqltradent