recent
جديدنا

احكي يا شهرزاد الفصل السادس والثلاثون

 احكي يا شهرزاد 

بقلم أمل محمد الكاشف 



نظرت توتة بعيون تحذيرية لعيون اولادها التي تعلقت على الكعكة الجميلة البيضاء والمزينة بالورود والتي تعتلي طاولة الصالون، قائلة لهم:

"هيا ادخلوا الغرفة ….


قاطع البدري تكملة حديثها طالبًا منها ان يبقوا الاطفال معهم.


تحدثت أمال عند ملاحظتها خجل توتة وتعلق جميع الأولاد بالكعكة المغرية قائلة:

" أنت محق فليبقوا بجانبنا حتى يأخذون نصيبهم لا احد غريب أصبحنا أهل".


ثم أشارت لشهرزاد قائلة: 

"افتحي يا بنتي النيش واخرجي منه الاطباق الصغيرة والمتوسطة، وأنتِ يا توته اجلبي سكين وشوك ومقطع".


جلس البغدادي على الأريكة قائلا للبدري:

"لا تؤاخذنا يا بني ما دمت اخترت أن تنضم لعائلتنا فلتعتاد على طبيعتنا".


_" العفو منك يا عمي بصراحه ما فعلتموه عين العقل، بالاصل كنت سأطلب ذلك لولا خوفي من العقاب عند رؤيتي لعيونها وهي تنتظر للاولاد".


ابتسمت خجلًا مما قال معقبة عليه:

" عليهم ان يتعلموا الصح من الخطأ، ليس من الضروري أن يتذوقوا من كل شيء أعجبوا به، فلولا احترامي لأمي والجمع ما كنت سمحت بذلك".


_" معكِ حق ولكننا أصبحنا أهل كما قال عمي الحاج بغدادي، فلا داعي للرسميات على أن يعتادوا جميعًا على ما قلتيه مع الاغراب".


ردت بحزم على نبرة حديثها من جديد:

" عليهم أن يعتادوا في المنزل وسط الأهل لكي يصبح الأمر سهلا بالخارج".



رفض الأولاد أخذ اطباق الكعكة من جدتهم التي تحدثت لابنتها بغضب:

" ما بكِ يا فاطمة كبرتي الأمر اتركيهم ياخذونها عافيه على قلوبهم".


نظر البدري بصمت تجاه أولاده ورفضهم أخذ الحلوى كما فعلوا اولاد عمهم ذاهبين خلفهم للغرفة.


تحدث البغدادي وهو يضع طبقة على الطاولة:

"وأنا أيضا لا أريد تناوله".


 أغلقت أمال علبة الكعكة قائلة:

"ومن سيأكل بدونهم".


راقب البدري حركت فاطمة واخذها للاطباق لتدخلها للاولاد الغرفة كي ياكلونها.


تحركت شهرزاد من خلفها حامله الاطباق الباقية ليأخذ الجميع حلوته.


تحدث البدري بصوت منخفض عند عودة شهرزاد، قائلا:

"الأولاد امانة لديك أخشى أن تعاقبهم بعد ذهابنا".


ضحكت أمال وهي تتناول قطعة من الكعكة قائلة:

" اقسم أنني خائفة مما تقول اكثر من الأولاد".


شارك بغدادي الضحك معقبًا على حديث زوجته:

"ما رأيك في أن نطلب منه البقاء معنا الليلة".


وقفت قطعت كيك بحلق أمال من شدة ضحكها على حديث زوجها، سعل البدري قائلا:

" ماذا تنتظرون مني بعد ما سمعته ورأيته".


تحدثت شهرزاد :

" إن كنت مكان بعد الشر عليّ طبعا، سأهرب دون النظر خلفي".

 

تفاجئ البدري بصمت الجميع واختفاء الضحك من على وجوههم فور خروج فاطمة للصالون، تحدث مجددًا لشهرزاد قائلا:

"هل المخرج متاح ام تم غلقه تلبية لنداء العقاب".


اسرع بتغيير حديثه قبل جلوسها بجانب والدها طالبًا منها ان تجلس بالمقعد المجاور له، نظرت توتة منصدمة من طلبه.


 أسرع البدري باستكمال حديثه:

" عدة دقائق فقط ومن بعدها يمكنك القيام والجلوس بالمكان الذي ترغبين به".


تحدثت أمال لتقلل من صدمة فاطمة قائلة:

"اجلسي يا بنتي بجانب خطيبك لتسمعي ما يريد قوله لكِ".


هم البغدادي بالوقوف قائلا:

"ساتحضر لصلاة التروايح".


طلب من والدها البدري ان يبقى لعدة دقائق، وهنا شعرت فاطمة بجدية الامر، تحركت وجلست بالمقعد المتلاصق بمقعده في حين كان يمكنها أن تترك مقعد فارغ بينهما ولكن هذا ما حدث عندما توقف تفكيرها من شدة توترها وخجلها.


تحدث البدري من جديد قائلا:

 " لقد حدث طلب الزواج والموافقة عليه بشكل سريع ولم تتاح لنا الفرصة بالقيام ببعض الأعراف".

 


أخرج من جيبه علبة فتحها و وجهها نحو عروسته قائلا:

 " اتمنى ان ينال اختياري إعجابك".

 

نظرت توته نحو خاتم الزواج بالعلبة قائلة:

 '' لا داعي….


قاطعتها امها وهي تتحرك من مكانها جالسه بجانبهم قائلة لها:

" وهل ستتزوجون بدون خواتم".


 

ثم نظرت للبدري مكملة:

 " أعطني لأرى شكله".


اخذته من يده ونظرات الإعجاب تملئ عينيها متسائلة:

 " ولماذا اخترت الفضي".

 

تفاجأ البدري بسؤال أمال ناظرًا لفاطمة وهو يجيبها:

 " يمكننا تبديله هكذا اتفقت مع الصائغ".


اقتربت شهرزاد هي أيضا ناظرة للخاتم بعيون مندهشة قائلة لأختها:

 "كيف حدث ذلك، ستجعلوني افقد عقلي، ألم يعجبك هذا الخاتم باليوم الماضي".


سحبت العلبه لتقرأ اسم الصائغ ناظرة بعده للبدري قائلة:

"هل اتفقتم على شكل ومكان بيعه وجئتم تمثلون علينا".


نظر البدري لفاطمة ثم نظر لشهرزاد قائلا بجدية:

"ولماذا نحن مجبرين على التمثيل، أن حدث ما قلتيه كان الجميع سيعلم بهِ، حتى كانت جاءت هي لاختياره بنفسها فنحن لم نفعل شيء ليس من حقنا".


اعتذرت شهرزاد موضحة خروج كلماتها من داخلها بهذا الشكل بسبب مفاجأتها، دافعت توته عن أختها قائلة:

" لا تؤاخذها هي محقة في تعجبها، بالأمس القريب وقفت عند نفس الصائغ اقنعها بشراء نفس الخاتم مبديه إعجابي به، واليوم أنت أتيت به وحدك، لذلك..


فرح البدري قائلا قبل ان تنهي حديثها:

" هل ما تقولينه صحيح، أعني هل أعجبك لهذه الدرجة..".



تحدثت توته مجيبة على البدري:

 " اتعبت نفسك بدقة الاختيار شكرا لك".


أكملت شهرزاد حديثها بعد اختها ناظرة للبدري: " هو تمامًا ما اختارته كانوا جميعا صيحة جديدة من السوليتير، بحكم أنني اخترت شبكتي من السوليتير".

 

ردت أمال بغير رضا:

 " لا أعرف ما الموضة فيما اخترتيه جميعه رفيع وغالي، كلها شكليات لا يوجد أجمل وأفخم من الذهب الأصفر بتشكيلاته، كان يمكنكِ شراء ذهب أضعاف الأسلاك التي اشتريتها وبنفس السعر".

 

ضحكت شهرزاد وهي تنظر للبدري قائلة:

 " من الواضح أنك من سيحقق لأمي حلمها بعد ضياعه في شبكتي".

 

 ردت توته على أختها بضيق:

" أنا لا أريد شبكة يكفي بقدر هذا الخاتم".


انتظر البدري صمتهم ليرد على ما قالوه:

 " اعتذر منكِ يا حاجة لم أكن أعلم بمحبتك للذهب الأصفر، لقد اخترت الخاتم من السوليتير لإعجابي به بعد أن علق بذهني منذ فترة طويلة واخترته وفقا لهذا".

 

ابتسمت شهرزاد متحدثه بنبرة مزاح:

 " أصبحت أخاف من تأثير حماتي على العائلة هل تسحر لنا يا ترى".


اقتربت أمال و وضعت الخاتم بيد ابنتها لترى تناسب المقاس الذي كان وكأنه صنع لأجلها، علت صوت زغرودة من قلب أمها من جديد.


أخرج البدري من جيبه الآخر علبة اكبر قائلا لعروسته بفرح:

 " وهذا ايضا لكِ اتمنى ان يعجبك".


وقبل أن تقترب أمال لتأخذه منه تحدث هو لخطيبته:

 " محبسه الأسوار صعب الإغلاق قليلا ان سمحتي لي يمكنني مساعدتك بوضعه في يدك".


نظرت توته لأمها التي اقتربت قائلة لها:

 " مدي يدكِ ليضعه لكِ".


مدت يدها نحوه بخجل، تحرك متقدمًا بجلسته على حافة مقعده فاتحًا طرفي الاسوارة مقتربًا منها كي يضعها في يدها بحذر دون أن يلمسها، اهتز قلبه فرحًا بخجلها وشدة حيائها من رفع نظرها عليه.


وبتلك اللحظة المتوترة ركضت سلمى لتقفز على والدها بضحك وغيرة مما جعله يختار سقوط الاسورة عن لمس يديها التي ابعدتها عنه سريعا.


انحنت شهرزاد ورفعت الاسورة من الأرض مقتربة من اختها لتضعها هي في يدها.


كما اخذت الام العقد و وضعته برقبه ابنتها اعلى حجابها، امسكت سلمى يد والدها مانعه تقربه من فاطمة وهي تقترب منها مشيرة بأطراف كف يدها الأخرى نحو أذنيها كي تريها حلقها الجديد.

 

ابتسمت توته لها قائلة:

 " ما أجمله".


 أضافت شهرزاد:

 " هل هو على شكل فراولة حمراء".

 

سحب البدري يده من يد ابنته ومن بعدها اخذ العلبة التي سقطت جانبه ليعطيها لفاطمة، عادت سلمى لمنع أبيها أن يفعل هذا أخذه هي العلبة واعطتها لها ثم عادت لتنظر لأبيها رافعة ذراعيها نحوه كي يحملها بجلسته.



 ضحك البدري وهو يجلس ابنته على أحد قدميه قائلا لهم:

 " من الواضح أن عملنا صعب مع صغيرتنا".


 

تحدثت شهرزاد متسائلة بضحك:

 " هل غار أحدهما ونحن لا علم لنا".

 

رد البدري:

 " نعم من الواضح حدوث هذا، رغم عدم إضاعتها لحقها وحق جميع من حولها".


فتحت شهرزاد هاتفها لتخرج صورة الشبكة الخاصة بها موجهة شاشة الهاتف للبدري قائلة:

"انظر اليها هل عرضها عليك واخبرك انهم افضل اثنان في التشكيلة الجديدة كي تختار منهما".


ابتسم وجهه:

" هذا يعني أنني علمت بما اعجبها وذهبت لشرائه كاملا".


كادت ان تدمع عيون أمال فرحا بعوض ابنتها، انتظرت فاطمة فراغ الصالون عليهم لتتحدث إليه وهي ترفع العقد من على حجابها قائلة:

" ما كان هناك داعي لكل هذا، تعبت روحك وأنت تبحث وتختار.. شكرا لك".


حدثها بنبرة كادت ان تفصح عن حبه الكبير:

" ماذا اريد اكثر من ذلك، كنت أتمنى أن يعجبك واكرمني الله انه من اختيارك".


سمع أمال تتحدث مع شهرزاد قائلة:

" لا فليسهل الله عليه، سنؤجلها ليومين يذهب هو لسفرته مع والدها وعند عودته ننهي ما نريد شراءه".


كان الصوت مرتفع بجانب الباب لدرجة كان واضح لمسامعهم.


تحدث لها بصوت منخفض:

" ساتي في الصبح كي اصطحبكم لتنهوا ما تريدون شراءه".


رفضت قائلة:

" لا تتعب نفسك لم يتبقى الكثير، بعض الأغراض الكبيرة سنتركها حتى عودته".


_"وهل ستذهبين معه وأنا موجود".


رفعت نظرها نحوه لتجده يكمل:

" لنذهب ونشتري ما ينقصكِ وينقص الأولاد فأنا بحاجة لشراء بعض الأغراض للاولاد ان سمحتي وتفضلتي بمساعدتك لي في اختيارهم".


_" لا ينقصني شيء ولكن ان كان على الأولاد يمكنني مساعدتك بالطبع اكتب لي ما تحتاج إليه وأنا ساشتريه".


خرجت أمال من غرفة شهرزاد متحدثه مباشرةً دون مقدمات:

" ماذا ستشتري؟".


جاءت فاطمة لتجيب على أمها لولا مبادرة البدري بحديثه:

"كنت أقول لو نذهب غدا لشراء بعض الأغراض ولو هناك أعراض تخص جهاز العروس….


أسرعت أمال بردها :

"رضي الله عنك فلتأتي ان كنت متاح".


حاولت فاطمة مراجعة أمها بعينيها ولكن أمال نجحت في توريطها.


وبناء عليه وصل البدري اسفل بناية عروسته على تمام الساعة العاشرة صباحا، صعد فارس للأعلى كي يبقى مع الأولاد بينما رفضت سلمى أن تترك والدها.


انشغلت أمال بشراء المفروشات الناقصة بالوقت الذي انشغل البدري وفاطمة في المتجر المجاور بشراء ملابس الأولاد.


خرج حاملا الحقائب في يديه ووضعها بصندوق السيارة الخلفي، ناظرًا لوقوفها بجانب سلمى بجوار السيارة قائلا:

" يكفي بهذا القدر للاولاد".


نظرت لمتجر المفروشات قائل:

" سأذهب لاراهم لماذا تأخروا".


تحدث بسرعة:

"اتركيهم براحتهم سأذهب للمتجر المجاور كي اشتري بعض الأغراض لي".


اومأت برأسها قائلة:

"كن على راحتك" 


وتحركت لتذهب لوالدتها، تمنى ان يطلب منها مساعدته في شراء ملابسه ولكنه استحى من ذلك ولم يتجرأ عليه.


امسك يد ابنته وتحرك بخيبة أمل، نظر لواجهة 

 المتجر دون رغبه في الشراء ما لبث دقائق حتى عادت توتة تطلب منه مفتاح السيارة كي يدخلوا بها الاغراض.


ابتهج وجهه من جديد بمجرد رؤيتها مما أثر بقلبها المظلم هذا التغيير المفاجئ والابتسامة التي رسمت وخرجت بنبرة حديثه مسرعًا في حمل الصناديق الكرتونية الكبيرة عوضًا عن أمال ومن بعدها شهرزاد واضعهم في سيارته.


سألته أمال هل اخترت ما تريد شراءه ام تحتاج لمساعدتنا كما فعلنا مع شريف.


_"لا اريد ارهاقكم…


ردت الأم بحب:

"لا يوجد ارهاق هيا لنختار لعمك بغدادي أيضا".


فرح قلبه وهو يسير بجانبها رافعًا ابنته ليسير بها واضعها على أقرب مقعد داخل المتجر.


لم تسكن سلمى في مكانها ظلت تلعب وتلهو دون ثبات تنادي والدها وتدور بالأرض حتى استنفذت كل صبره مسرعًا نحوها كي ينهرها بعد ان نفذت كل أساليب الترهيب والتحذير.


فتحت توتة ذراعها مخبئة الصغيرة خلفها وهي تقول:

" بهدوء الناس تنظر نحونا".


_" ألم تري ما تفعله".


نظرت إلى الطفلة خلفها ناظرة إليه من بعدها قائلة: 

" أنا سأتولى أمرها أعطني المفتاح كي ننتظركم بالسيارة".


_" لا عليكي انا ساخرج بها".


رفضت مصرة ان يكمل الشراء ودفع ثمن ما تم اختياره ذاهبة هي للسيارة.


كاد أن يترك كل ما اختاره من ضيقه، اقتربت أمال من البدري بعد ان شعرت بضيقه و حزنه من خروج فاطمة، قائلة:

" تعال معي لاريك قمص جميل".


تحرك بجانبها وهو يستمع لحديثها الذي خرج من قلب أم حنونه:

"لا تحزن يا بني هي بحاجة للوقت فقط ومن ثم ستجدها على طبيعتها حتى ستتمنى تعود لهذا الوضع من كثرة طلباتها واحاديثها".


نفى بحركة رأسه قائلا:

"لا يوجد حزن بارك الله فيكم".


دفع ثمن المشتريات منتظر انتهاء ما اختاروه للبغدادي دافعًا حسابه هو ايضا بإصرار رجل صعيدي يرفض كسر ما قرره.


خرجا من المتجر متفاجئين بنوم سلمى وفاطمة على المقعد الأمامي بالسيارة.


نظر البدري لشهرزاد ثم نظر إليهم في السيارة قائلا:

"إن كان هناك بعض الاغراض ترغبون في شرائها يمكنكم فعل ذلك لا زال لدينا الوقت الكافي لتشتروا ما يريدون".


تحدثت أمال:

" حسنا سأذهب لارى المتاجر في الجهة الاخرى لن اتاخر".


رفضت شهرزاد وهي تحدث أمها بصوت منخفض:

"كيف ستتركيها معه بمفردها، ستفتح النار علينا وعليه ان استيقظت و وجدت نفسها بجانبهم في السيارة دون أحد منا".


_"تحركي بصمت أقسم انني اصبحت اشفق على الرجل منكم، ما بكم أشبهتما الرجال بحدتكم وغلاظتكم، الرجل أتى من مكان بعيد كي بجلس معها يتحاورون ويتفاهمون يذهبون لشراء ما ينقصهم كأي اثنين مقبلين على الزواج وماذا فعلت هي.. فعلت وضع الصامت الحاد الغليظ".


حزنت شهرزاد قائلة:

"بصراحة حتى انا اشفقت عليه يظل ينظر لها ويتحدث معها دون تجاوب وان تجاوبت تقصف جبهته بردها".


_" ولكن الحق يقال الرجل حكيم وعاقل لم اكن اعلم بأن الوضع بينهما بهذا الشكل".


تساءلت شهرزاد وهي تدنو من أمها قائلة:

"هل تتوقعين وقوع الضوء الشارد بالحب، أشعر ببعض الأوقات وكأنه اختار الارتباط بها بعد قصة حب كبيرة".


دمعت عيون أمال وهي تجيبها:

" أسأل الله أن يستجيب لي ويجعلها قرة عين وقلب زوجها يتحملها ويراعي نفسيتها ويداوي جرحها حتى تعبر ما هي به بسلام".


ربت شهرزاد على ذراع أمها بعيون متأثرة بدموعها.


رفع البدري الهاتف بعد تردد طال كثيرًا كي يلتقط لابنته النائمة في حضن فاطمة عدة صور من زواية مختلفة.


لا زال واقفًا في مكانه ينظر إليهم بسعادة كبيرة دون حركة. 


اتصلت أمال بزوجها قائلة:

"تبقى القليل على عودتنا أنهينا شراء كل ما يلزمنا، لا تقلق سأبدأ شوي الدجاج فور عودتي وفاطمة ستطهي بجانبها رز طويل الحبة، وشهرزاد وعدتني ان تتولى امر المقبلات".



وبالفعل حضروا المائدة من جديد ليتفاجأ وينبهر البدري مرة أخرى بجمال الدجاج المشوي والرز الاصفر طويل الحبة.


لا زالت فاطمة على وضعها تلين وتعود لحدتها في الأربع أيام التي قضاها البدري ضيفا على مائدتهم بالقاهرة، يأتي إليهم قبل أذان المغرب بساعتين ويعود لمنزله هو وأولاده بعد صلاة التراويح بساعتين في محاولة منه أن يعتاد هو وهي على بعضهم وتقلل من حدتها ونمطها الرسمي معه.


جاء موعد عودته للصعيد سألها عن رغبتها في اختيار غرفة أولادها وغرفتها الجديدة.


تركت الأمر له رافضة أن تشاركه به، اختار الأولاد غرفهم و بقي امر اختيار غرفتهم الخاصة والمجالس الخارجية عليه وحده.



صمت بضيق دون أن يراجعها وخاصة انها تحججت بمساعدة امها وابتعدت ذاهبة للمطبخ.

 

استغلت شهرزاد ابتعاد اختها لتتحدث أخذه منه الكتالوج ناظرة إليه مرة اخرى قائلة:

 " بيوم من الأيام عدت من الجامعة لأجد توته محتلة غرفة التلفزيون كعادتها السابقة معلنة عن نومها لدينا، رضيت بالأمر الواقع وجلست معها منتظرة نومها هي والأولاد حتى ابدأ بمذاكرة موادي الدراسية، بهذا اليوم اتذكر حفظها لصورة جميلة على هاتفها تمنت يومها أن يتحقق حلمها ويكون لديها شبيهة لها".

 

نظر البدري بعيونه المتسائلة منتظرًا اكتمال حديثها الذي من المؤكد خروج مغزى مهم ورائه، لتكمل شهرزاد:

" كانت غرفة بيضاء لامعة مزينة بمقابض ذهبية ومرآة بيضاء بإطار ابيض ناصع وفراش كبير بيضاوي ينسدل عليه ستائر بيضاء من الجانبين تغطية لاوسطه، كانت الصورة جميلة حتى اسطح الغرفة كانت ناعمة ملساء بنعومة وبياض الغرفة، تفترش الأسطح قطع كبيرة من فرو أشبه لفرو الأرانب البيضاء بصراحة كانت كما وصفتها خيال واحلام".

 

أغلقت الكتالوج ناظرة له وهي تكمل:

 " جميع ما به ذو رقي وجمال لا فرق أو اختلاف بينهم تستطيع اختيار ما تريد وحدك كما قالت توته لك".

 

أومأ البدري رأسه قائلا:

 " شكرا لكِ نتمنى أن تحققي أنتِ ايضا أحلامك".


ابتسمت شهرزاد قائلة:

 " اخترت خاصتي شبيهة للصورة التي حدثتك عنها ولكنها مزينة بالفضي بعد أن رفضت أن اختارها كما رغبت اختي وحاولت اقناعي بجمال اللون الذهبي منها".

 

سعل داخل كف يده متحدثا بعدها:

 " اثارني الفضول لمعرفة من أين اخترتي أثاث غرفتك".

 

ابتسمت شهرزاد بذكاء كان متبادلا بينهما:

 " سأرسل لك الرابط والعنوان لتستمتع وتختار ما تريد".


أومأ رأسه قائلا:

 " افهم من هذا أنه توجب علينا اختيار قطع المجلس الذي ساضعه امام التلفاز من نفس لون الغرفة، أم أنه سيكون شبيه بمجلس الصالون بالخارج، فهناك مجلس صغير أريكة بمقعدين صغيرين بغرفتي بخلاف المجلس الكبير بالخارج".


نظرت شهرزاد حولها لتتحدث وهي تفتح هاتفها لتقلب بالصور بسرعة، قائلة:

" كان هناك صالون غضبت علي حين رفضت اختياره باللون الأبيض، يمكنك أن تختار قطع منه للغرفة، أما الصالون الكامل فهناك واحد آخر انتظر لأجد صورته حتى ان لونه يناسب وجود الأولاد".

 

سألته وهي تبحث عن الصور:

 " هل تريده كبيرا أو صغيرا يعني المساحة الخاصة بالصالون".

 

_ " كبيرا حتى سأشتري اثنان واضعهم أمام بعضهم على جانبي الدرج".


تقدمت بجلستها على المقعد قليلا قائلة وهي توجه شاشة هاتفها نحوه:

 " في هذه الحالة عليك أن تختارهم على نهج الشطرنج الأبيض والأسود أي لونين مختلفين متناسقين أو سادة والمنقوش أيا كان النقش ورود ام خطوط ".


واشارت له على عدة صور كانوا من اختيار اختها طلب منها إرسال الصور له لتسرع هي بإرسالها له ، تحدثت شهرزاد وهي تراقب جهة المطبخ قائلة بصوت يخالط فيه الحزن والحنين: " هي مختلفة تمامًا عن ظاهرها تحاول أن تظهر قوية، بالماضي كانت تسهر وتقضي وقتها بمتعة كبيرة، يثير انتباهها كل ما هو جميل وجديد، أما الان عليك ان تتحملها حتى تعود لوضعها السابق فما مرت به ليس سهلا على شخص مثلها، كما أنها تحاول أن تخفي ضعفها أمام الجميع صدقني هي فقط تحتاج للوقت ليداوي ما بداخلها".

 

رد عليها بحزن قائلا:

 " أعلم ما تقوليه بل ولمسته بها فرغم انها تظهر قوتها إلا أنها لا تنجح بها، ففطرتها وما بداخلها يطغى على ملامح وجهها، لا تقلقي ادعي لنا بهذه الايام المباركة أن يصلح الأحوال و يسهل أمورنا".

 

دعت شهرزاد أن يكرمهم بالسعادة والراحة والتوفيق لأجل الأولاد ليعيد هو شكره الكبير لها متمنيًا لها ايضا السعادة والهناء.

 

وبعد سفر البدري بيومين قرر شريف إتمام العمل الذي أجله كثيرًا ليتصل بخطيبته ويبلغها أنه سيفرغ نفسه بصباح الغد ليذهبوا لإنهاء ما منعهم انشغال شريف من انهائه ببداية رمضان.


أتى إليهم بأول ساعات الصباح كي يأخذهم بسيارته لمتجر كبير لبيع السلع الغذائية.

 

بدأت توته و شهرزاد بجمع أكياس البقوليات والدقيق والأرز والصلصة المعبئة واللحوم التي تكفي مائة عائلة كل على حسب عدد ومحتوى القائمة الورقية التي بيده كل هذا بقيادة شريف الذي كان يتابع الإعداد و حصر الأولويات واختيار الأفضل.

 

انتهوا من جمع ما ارادوا و وقفوا بجانب أربع عربات تسوق مملؤة كي يراجعوا النقص والاعداد.


 تحرك شريف وأتى بعربة اخرى فارغة واضعا بها الاكياس الكبيرة الفارغة فاتحا واحد واحد وهو يأخذ بيده ليضع داخلها:

 " واحد فول، واحد عدس، واحد أرز، اثنان مكرونه، اثنان صلصة، دجاجة، واحد لحم مفروم، واحد سكر، واحد زيت" اغلق الكيس و وضعه جانبا.

 

تحركت شهرزاد واختها ليفعلوا ما فعله هو أخذوا الاكياس وبدأوا يقسمون المنتجات داخلهم كما فعل شريف أمامهم حتى انتهوا من تجميعهم واغلاق الاكياس ومن ثم وضعهم بالسيارة بشكل متزاحم.


 تحدث شريف وهو ينظر لفاتورة المشتريات قائلا:

 " تبقى معنا ألفين جنيه من المجموع الكلي".



نظرت شهرزاد داخل السيارة قائلة:

" رغم عددهم الكبير إلا أنني توقعت ان نجمع عدد أكثر من هذا".


ردت توته عليها:

 " نعم لو كنا بالسنة الماضية لكان الآن معنا أربعمائة كيس".


_"معكم حق لم اتوقع ارتفاع الأسعار بهذه الدرجة كان الله بعون الناس، السنة الماضية تم توزيع ثلاثمائة وثلاثون بمبلغ أقل من هذا كان النصف تقريبا".

 

نظرت شهرزاد لخطيبها قائلة:

" جزاك الله كل خير انت لا تعلم قدر السعادة التي ستدخلها على هذه العائلات".

 

_" بل أنتِ التي لم تشعر بالسعادة الحقيقية التي تكمن في رؤية سعادة ودعاء هذه العائلات لنا، حقا بكل سنة أشعر وكأنني ولدت من جديد".



وبصوت اعجاب شديد تحدثت توته:

 " شكرا لانك شاركتنا بهذا الثواب الكبير كنا بالسابق نخرج الاموال لبعض العائلات حولنا ولكني سررت بهذه الطريقة".

 

تحرك شريف وهو يرد عليها:

" لنكمل حديثنا على الطريق كي لا نهدر المزيد من الوقت و ننهي عملنا قبل اذان المغرب".


تساءلت شهرزاد:

 " ماذا ستفعل بالمال المتبقي هل نشتري عدد آخر من الأكياس ونزيد به عدد العائلات ".


 

تحدث شريف قائلا:

 " اود ان اشتري كنافة وتمر بهم ونوزعهم باكياس جانبية مع الطعام".

 

رن هاتف توته لتتحرك جانبا مجيبة عليه وهي تضع يدها على اذنها محاولة لقط صوت البدري وسط علو صوت السيارت الكبيرة التي كانت تسير بجانبهم.

 

فرحت شهرزاد بفكرته قائلة له بتلقائية فرحها:

" حلى الله فمك بكل ما تحب وتشتهي، هم ايضا يحق لهم أن يسعدوا بالحلويات".


نظر لها بوجهه المبتسم قائلا:

 " اللهم اني صائم، اتم نعمة الصيام والعقل علينا يا الله، اللهم أني امرئً صائم طائع ولكنهم هم من أخروا الزواج".

 

ابتسمت خجلا وهي تتحرك جانبا مقتربة من اختها:

  " استغفر الله العظيم سنخسر ثواب العمل المبارك وبنهار رمضان أيضا".


رد شريف بوجهه الباسم:

 " اذا عليكِ ان تفكري بما تقوليه قبل خروجه وخاصة هذه الايام وقربي من نسياني لاسمي، انا انبهك كي لا تحزني وتضعي علي الذنب، صيامي أمانة بعنقك لا اريد ان اخسره بهذا العمر الكبير".


اقتربت توته قائلة:

 " ماذا تقولون هل اتفقتما على شيء".

 

رد شريف عليها بعد ان تنهد:

 " كنا نقول لو نذهب سريعا لشراء الكنافة والتمر والشاي ايضا لاني نسيته و نسرع بتوزيعه قبل أذان المغرب ".


اومأت توته برأسها:

 " فكرة جيدة هيا بنا".


و تحركوا ليدخلوا المتجر من جديد، تعمدت شهرزاد بابتعادها عن من حذرها بفقدانه لعقله وصيامه مقتربة من اختها وهي ملتزمة الصمت داعية الله أن يكمل صيامهم على خير و رضا.

 

صدق شريف حين اخبرهم بذلك الشعور الذي لا يضاهيه أي شعور آخر وهم يوزعون الأكياس ويستمعون للأدعية فرحين بالسعادة التي أضافوها على تلك البيوت.


عادوا لمنزل بغدادي بطاقة إيجابية كبيرة وكأنهم اليوم ولدوا من جديد، لم يقطع حديث الاختين عن ما فعلوه طوال تناولهم الفطور، لا يختلف الوضع كثيرا على مائدة فطور أمين الحلو وهو يراجع مع ابنه العائلات التي يعرفونها منذ زمن قديم، تحدثت زيزي لتخبر ابنها بتحويل أصدقائها مبالغ أخرى على حسابها اليوم ليرد امين:

 " ممتاز وانا ايضا أتى إلي مبلغ آخر من صاحب شركة حكيم واولاده دعونا ننتظر لاواخر رمضان حتى نجمع اكبر قدر من الصدقات ونزيد عليهم لنخرج بهم عدد آخر من الأكياس الرمضانية ".


 وافق شريف وامه على ما قاله أمين،

تحدث شريف من جديد ليخبرهم أنه لن يفطر معهم غدا لأنه سيكون ضيف على مائدة سيف ابن خاله ليطمئن على معدة صاحبه هل تطعمه زوجته جيدا ام يتم الضحك عليه.



اقترحت زيزي ان يأخذ خطيبته معه ليخبرها عدم سماح عائلتها بهذا وأنهم سيضطرون لاخذ فاطمة والاولاد فلا داعي لكل هذا سيذهب وحده ملبيا الدعوة والمغريات المشهية له.


لم تعجب زيزي بذهابه وحده كانت ترغب باخذ خطيبته لخلق وسط عائلي جميل لتقرر هي ومديحة ان يجعلوه فطورا عاما حين تفاجأ سيف و شريف برنين جرس الباب قبل الأذان بدقائق قليلة متفاجئين بزيزي وأمين وبصحبتهم شهرزاد قد قدموا إليهم.


 فرح وجه شريف برؤية خطيبته لم ينتهي سيف من ترحيبه بعمته وضيوفه حتى تفاجأ بأمه وابيه يدخلون عليه وبأيديهم صواني الطعام.

 

حمل من يديهم الصواني و وضعهم على المائدة وهو ينظر خلفهم نحو الباب مازحا:

 " هل نغلقه ام لا زال هناك مفاجآت اخرى".


رد ناجي:

 " لا أخوك لم يأتي معنا أخذها حجة وذهب ليفطر مع اصحاب السوء".


ضحكت زوجة سيف:

 " أنت تظلمه".

 

ليرد ناجي من جديد:

" نعم اظلمه دعينا نظلمه قليلا لنقتص مما يفعله بنا وكأن العالم كله يدور حوله".


ردت من جديد مدافعة عنه:

 " هكذا هو الشباب فليفعل ما يريد".


اقت

author-img
أمل محمد الكاشف

تعليقات

5 تعليقات
إرسال تعليق
  • غير معرف19 نوفمبر 2024 في 8:36 م

    رائعة سلمت اناملك

    حذف التعليق
    • غير معرف19 نوفمبر 2024 في 10:25 م

      جميلة جدا وجذابة

      حذف التعليق
      • غير معرف19 نوفمبر 2024 في 11:07 م

        جميل جدا تسلم ايدك حبيبتي

        حذف التعليق
        • Rim kalfaoui photo
          Rim kalfaoui20 نوفمبر 2024 في 1:33 ص

          ما أجمل هذه الحلقات الأجواء العائلية رائع
          بس ياحسرة على البدري هتتعبه الست توته ههههههه

          حذف التعليق
          • غير معرف20 نوفمبر 2024 في 10:55 ص

            😍😍😍😍😍😍

            حذف التعليق
            google-playkhamsatmostaqltradent