احكي يا شهرزاد
بقلم أمل محمد الكاشف
ضحك الجميع على حديث البغدادي بتوريط شريف وموافقته السريعة عليه كي لا يهرب منهم.
حزنت شهرزاد وتذمرت كالصغار قائلة:
" أبي ماذا تقول".
قطع خطيبها ضحكه بصعوبة مجرد أن ناظرته متسائلة:
" هل لهذه الدرجة أعجبك ما قيل بحقي؟".
أكمل البغدادي المكالمة الهاتفية، وهو يستمع إلى رد البدري بوجهه الذي هدأت ملامحه المتشنجة قائلا:
" تقول إن طلبك غالي غلو الذهب والمرجان ولا يمكننا التفريط به بسهولة!، أنت محق بهذا لنعطي الغالي حقه إذا".
تحدث شريف في نفس اللحظة التي كان البدري يتحدث بها قائلا:
" انا اقبل بعروستي، أقسم أنها ستكون أجمل ورطة وقعت بها في حياتي، أكمل جميلك يا عمي و وافق على عقد قرآننا قبل رمضان".
رد بغدادي على البدري قائلا:
"عن أي حق تتحدث يا بني أنا لا اثمن بناتي لأني إن وضعت لهم سعرًا لا تستطيع انت او غيرك تسديد ثمنه، فقدرهم لدينا أغلى من كنوز الدنيا وما فيها".
أجابه البدري بذكاء ودهاء قائلا:
" تمام على بركة الله إذا، لنعقد قرآننا نحن ايضا قبل دخول رمضان ولتأتي معززة مكرمة لقضائه معنا ونعود بعده لحضور حفل زفاف أختها".
نظر البغدادي نحو شريف متحدثًا له هو والبدري قائلا:
" ما بكما تحالفتما عليّ اقسم انني بصدد التراجع عن اعطاء قرر عيني لكم، والله جعلتموني أخاف عليهما من الآن، لا يوجد زواج ولا عقد قرآن قبل أول يوم العيد قبلتما بهذا كان بها، إن لم تقبلا فلا بنات لدي للزواج ".
علت زغرودة طويلة خرجت من أمال لتجيب بها على زوجها قبل ان يجيبوا الاخرين عليه.
تحدث البدري بفرحة قلبه قائلا:
"تمام لا كلمة بعد كلمة الكبير لننتظر ليس لنا سبيل آخر".
تذمر شريف الذي لا زال يطالب عقد قرآنه قبل رمضان قائلا:
"أنت تظلمني كيف سأصبر كل ذلك في ظل تحفظات خطيبتي المصون".
ضحكت أمال قائلة:
" والله يا شريف في هذا الامر أنت محق، كيف تتحمل حدتها بالحديث معك وكأنها لا زالت تتحدث مع استاذها"
رد البغدادي على شريف متسائلا:
" هل ستقبل أم لديك قرار آخر".
علت ضحكة البدري قائلا:
" الحمدلله قبلنا دون تذمر، والآن عليّ ان أغلق في رعاية الله".
فرح باهي حين علم بعودتهم للصعيد مرة أخرى والعيش بسرايا عمهم البدري أما هادي كان بوضع مختلف ضحك بعينيه الدامعة دون كلام وظل على صمته حتى تفاجأت شهرزاد ببكائه وهو نائم ليلا.
ايقظته وهي تحن على رأسه وتحمله بحضنها لتخرج من الغرفة قبل أن تستيقظ أمه عليه.
سألته ما به؟، كررت سؤالها حتى انفجر طالبًا عودة والده ليعيش معهم كالسابق، ضمته بحضنها بقوة وهي تشاركه بكائه قائلة:
" لا تفعل هذا كي لا تحزنه هو بالجنة الآن سعيد وفرح".
بكى هادي قائلا:
" لا أريده بالجنة أريده معنا".
ربتت على كتفه وهي تحنو على رأسه قائلة:
" هل ترفض زواج أمك من عمك البدري؟، هل لأجل هذا أنت تبكي وتريد رجوع والدك؟، هل تخاف من العيش بالسرايا معه؟".
هز الطفل رأسه نافيا ما تقوله خالته، قائلا:
" لا أخاف منه هو يحبني".
_"لماذا إذا البكاء؟، هل تعلم ان من الممكن ان يكون والدك سعيد الآن بزواج أمك من عمك فبهذا القرار سيرتاح قلبه ويطمئن عليكم وانتم بوسط عائلتكم وبجانب جدتكم وفي حماية كبير العائلة"؟
غيرت شهرزاد نبرة صوتها لتصبح مضحكة وهي تسأله:
"أريد أن تجيبني على سؤالي الذي شغل تفكيري ولا تخف سيكون سرا بيننا".
مسح هادي دموعه متسائلا عن مقصدها، لتكمل شهرزاد حديثها بصوتها المضحك:
" أريد أن أعرف هل لا زال الناس بالصعيد يخافون ويطيعون كبير العائلة كما نشاهد بالمسلسلات أم يضحكون علينا".
اومأ رأسه ورفع يديه قائلا:
" نعم لا يستطيع أحد رفع رأسه بوجه عمي البدري وخاصة وهو غاضب إلا سلمى و ببعض الاحيان كان باهي يشتكي منا ويسرع عمي محسن بقوله ابتعد عنه الان كي لا يخرج غضبه عليك ولكن عمي البدري اقترب من باهي واستمع له".
_"غريبة كيف استمع له في حين يخشى الكبار الاقتراب منه وهو بهذه الحالة"
رد باهي وهو يمسح ما تبقى من دموعه:
"لأنه يحبنا كأبنائه، يرفض أن يحزننا أحد أو يبعدنا عنه أثناء عمله، يضغط عليه باهي وسلمى ولكنه يقول لاعمامي اتركوهم وشانهم هل سنخرج غضبنا عليهم وهم بهذا العمر".
وبذكائها المعهود سايرته شهرزاد بالحديث متسائلة:
" اممممم احكي لي عن السرايا هل تشبه ما نراها بالتلفاز".
ابتسم وجه هادي قائلا:
"لا أعرف التي بالتلفاز ولكننا نحبها نصعد للأعلى لنلعب براحتنا ويأتي عمي ويجلس وسطنا هو وسلمى لنبدأ بترتيب المكعبات الملونة ورسم البيوت والجبال والأشجار ونشاهد الأفلام، تذكرت لديهم شاشة كبيرة كبيرة كبيرة على شكل نصف دائرة نجلس أمامها وكأننا داخل الفيلم وليس خارجه".
ردت شهرزاد لتجيب بنبرة حماسه:
" أعجبني جميل وماذا هناك أيضا احكي لي تشوقت لمعرفة المزيد عن تلك السرايا الممتعة".
تحمس هادي قائلا لخالته:
" نعم ممتعة وكبيرة، عمي اخبرنا انه سيشتري ألعاب كبيرة مثل التي في الملاهي والنوادي كي يضعها بالحديقة لنلعب بها عند زيارتهم".
وبفضول سألته شهرزاد:
" جميل وهل جميلة زوجة عمك تحبكم طبعا لن أسألك عن عمتك فهي بالتأكيد تحبك".
ابتسم هادي مجيبًا برضا ظهر على عينيه:
" جميعهم يحبوننا كحبهم لفارس وسلمى ونحن نحبهم حتى باهي كان يحلم ان يعيش هناك وينام بجانب فارس وعمي البدري ولو ليلة واحدة وأمي كانت ترفض".
ابتسمت شهرزاد وهي تضع يدها اسفل وسادتها مخرجة علبة شيكولاتة مغلفة:
" ما رأيك بأن نحضر مشروب الشوكولاتة الساخنة لنستمتع بطعمه الشهي ونحن نكمل حديثنا فأنا لا أرغب بالنوم الان".
حك هادي عينه موافقًا على ما قالته خالته التي تحركت من على فراشها قائلة:
"انتظرني إذا حتى أعود".
خرجت متجهة للمطبخ وبعد دقائق قليلة عادت لتأخذ علبة شيكولاته أخرى متفاجئة بنوم الصغير مكانها.
نظرت إلى الشكولاطة بيدها قائلة:
" من الجيد انه نام ليس وقتك الآن".
وتحركت لتطفئ الإضاءة نائمة بجانب الصغير وهي تحتضنه مقبلة رأسه بحزن كبير:
" حبيب خالته صبركم الله على فراقه يا قلبي".
ضمته اكثر لحضنها مغلقه عينيها التي فرت منها الدموع، قائلة:
" رحمة الله عليك يا مدحت كيف ذهبت من وسطنا بهذه السرعة لا إله إلا الله احفظ عقلنا يارب وصبر قلب أختي على هذا القدر".
استيقظت توتة لتصلي فجرها باحثة عن ابنها الكبير، تحركت للحمام معتقدة انه يقضي حاجته ومن ثم للصالون حتى لمحته بحضن خالته لا يظهر منه سوى فروة شعره الخلفية.
سعدت لرؤيتهم بهذه الحالة تحركت لتتوضأ وتصلي داعية الله أن يهديها سبل الرشاد، شكت لله ضعفها وقلة حيلتها أمام حزنها ودموعها التي تسيطر عليها وتضعفها أمام الجميع.
اهتزت يديها المرتفعة صوب السماء وهي تدعي الله أن يزيل نار وحرقة قلبها ويثلج صدرها فلا طاقة لها لتحمل المزيد.
بكت اكثر وهي تحدق بعينيها للأعلى مناجية ربها بكفوفها المرفوعة قائلة:
" أنت ترى وتعلم حالي يا الله، اللهم ارشدني للصواب ولا تحملني ما لا طاقة لي به، إن كان زواجي سيزيد همي ويحملني ما لا استطيع تحمله فاصرفه عني واصرفني أنا وأولادي عنه، يارب العالمين يارب أنا خائفة لا اعرف ما عليّ فعله وقوله وعمله، يارب فوضت أمري إليك ليس لي سواك يارب ليس لي سواك لا تتركني لنار قلبي، ابعد عني شر الأقدار فأنا لا طاقة لي بالمزيد، سامحنا يالله اغفر لنا وله واكتبه من أهل الجنة، حرم جسده عن النار يارب كما كان يرحمنا ويحسن معاملتنا، ارحمه واحسن مثواه يارب العالمين".
علا صوت المنبهات لتنهي دعائها بالصلاة على الحبيب ثم مسحت دموعها تخوفا من رؤية والديها لها وهي بهذه الحالة، تحركت لتنام بجانب ابنها وهي تردد أذكارها.
مرت عدة أيام أخرى استيقظت شهرزاد بصباح يوم جديد على صوت أمها وهي تخبرها بذهابها للخياط كي ترى ماذا فعل بستائر الغرف.
ردت شهرزاد على أمها قائلة
" انتظري أفطر واتي معكِ لأراهم أنا أيضا".
_" لن انتظرك حتى تفطري وترتدي ثيابك سأذهب أنا وأولاد اختك حتى أنني أفكر بمروري على خالتك ام ايمن في طريق عودتي ليس أكيدا ولكني انويها ، ساعدي اختك بترتيب الغرف وتنظيف المنزل أقسم إن عدت ووجدته على حالته ".
جلست شهرزاد على فراشها قائلة:
" تمام وعدتك أمس أنني سأنظفه وامسح أرضية الحمام والمطبخ أيضا لا داعي لأن تقسمي وتضايقي نفسك".
_" سنرى هل تصدقين هذه المرة، أقسم إن عدت ورأيتهم على حالهم سافضحك أمام خطيبك ليرى حقيقة من طار عقله بها، لا اعرف هل عمى بعينه أم سحرتي له الرجل كان عاقل وراكز".
ابتسمت شهرزاد على أمها قائلة:
" بركة دعائك يا أمول ألم تدعي أن يعمى عينيه كي لا يرى غيري ويطيعني بكل شيء".
ردت امها بوجه مبتسم:
" نعم ويشرب الحليب وينام مبكرًا، حسبي الله جعلتينا نظلم أولاد الناس معنا هيا تحركي يكفيكِ كسل".
اقتربت أمال من الباب اغلقته وعادت لتجلس بجانبها على الفراش قائلة:
" هل حدثتي اختك بما تحدثنا به".
ردت شهرزاد وعيونها على الباب قائلة:
" لا لم يتجرأ لساني على قولها، أخاف أن تنفجر بوجهي نحن نعلم تصمت تصمت وتنفجر ببكاءها الذي من الممكن عدم انقطاعه طوال اليوم".
تحدثت امها بضيق:
" وكيف ستتزوج بدونهم سنفضح، والله نفضح امامه، الرجل كبير عائلته والأعين عليه كما انه لن يتزوجها ليزهد بها".
تحدثت شهرزاد بقلق:
"اعلم ما تقولين ولكن لا زال أمامنا وقت لا تقلقي، ولكني اتسائل هل ستنتقل للصعيد بعد عقد قرانهما مباشرةً".
ردت أمال بحيرتها الكبيرة:
"لا أعلم هي تقول لنعتاد على بعضنا أولا والكلام الذي سمعتيه معي ولكني لا أعتقد أنه سيتركها مدة طويلة بعد أن تصبح زوجته، لهذا أريد أن اشتري لها ملابسها وما ستحتاج إليه هناك وخاصة أنها ستعيش مع اخوته وهنا يستوجب عليها ارتداء حجابها اكثر من الطبيعي بخلاف طبعا ملابس النوم".
ردت شهرزاد باستغراب:
" نوم ؟، والله أنهم مكملات وشكليات زائفة استمعي لي ولا تشغلي بالك بنا".
نظرت لإبنتها بضيق تحدثت به:
" مكملات وشكليات زائفة! حسبي الله. والله أنني أشفق على زوجك من الآن".
ضحكت شهرزاد بخجل، لتكمل أمها قائلة:
"من الجيد اننا أجلنا شرائهم لكِ سنذهب سويا وهناك ساضعها أمام الأمر الواقع واشتري لها مثل ما نشتريه لكِ، اخبريني هل اتصلت الفتاة بكِ".
ردت شهرزاد بخجل اكبر على أمها:
" ستأتي البضاعة الجديدة بعد عشرة أيام تأخرت بالجمارك هكذا قالت".
_" تأتي براحتها المهم أن تكون شبيهة للصور ومستوردة لا نريد أن نفضح أمام الرجال وأهلهم من قبلهم".
احمر وجهها وهي تجيب أمها:
" بصراحة لم يعجبني أمر هذه الفتاة، رأيت متجر بشارع متفرع من عباس العقاد العرض الخاص به يدل على جودة وجمال الخامات ولكني أخشى أن تصدمنا الأسعار".
_" لنذهب ونراه تعلمين رأيي بهذا علينا أن نهتم بجمالهم ونعومة ملمسهم بجانب تميزهم، الماركات الكبيرة فنانة بقص الموديلات بشكل خيالي تشتري الثوب من المتاجر العادية جميل وكل شيء ولكنه غير مميز بخلاف شرائك له من ماركات ذو خبرة، عندها سترين جمال ما تفننوا برسمه وابرازه خلاف جودة وملمس الأقمشة تشعرين وكأنكِ أميرة حقا".
وبابتسامة خجولة ردت شهرزاد على أمها غامزة لها:
" كان الله بعون أبي".
ضربتها على ركبتها بضحكة خجلة ايضا:
"طال لسانك هيا تحركي تأخرت بسببك".
_" توقظيني وتكثرين من كلامك وتخرجيني المخطئة بالأخير لا اعرف ما افعله لارضيكم".
وبلمسه جميله اقتربت من امها لتقبل رأسها قائلة:
" لا تقلقي سنجد لها حل لا داعي أن نضغط عليها من الآن، أمامنا شهر ونصف والله عليم كم ستبقى معكم بعد عقد قرانها، فلا تقلقي حتى ان اضطرينا لشرائهم و وضعها أمام الأمر الواقع تتفاجئ بهم يوم انتقالها سنفعل هذا".
وبراحة كبيرة ردت أمال على ابنتها:
" فليرضى الله عنك ارحتي قلبي لا اعرف ماذا سأفعل وحدي بعد زواجكم وابتعادكم عني".
تفاجأت شهرزاد ببكاء امها، اقتربت منها اكثر محتضنه ظهرها واضعة رأسها على كتفها:
"ما بكِ اصبحتي تحبين البكاء لن نبعد عنكِ ولن تتخلصي مني بسهولة أخبرتك أنني سأكون ضيف دائم على مائدتك حتى تسئمين مني وترفضي فتح الباب لي".
ردت امها وهي تمسح دموعها لتمازحها:
"هل سنضطر يومها لفتح الباب لأجل خاطر زوجك".
_"أي زوج؟ هل سيأتي معي أيضا؟ ألم يكفي تحملي له بمنزلنا والجامعة؟، فليذهب كلا لأهله يتناول طعامه ويفرغ رأسه ونعود من جديد لمنزلنا، خلاف هذا لا تنتظري مني وعد بإطالة ابتعادي عن غرفتي وفراشي".
ضحكت الأم من قلبها وتحركت لتخرج من الغرفة قبل أن يرفع ضغطها كما قالت لابنتها.
ذهبت شهرزاد للحمام بعد أن ودعت امها والأولاد، غسلت وجهها وتوضأت لتجد اختها حضرت لها سندويشات للفطور.
نظرت لملابس توتة متسائلة:
" وأنتِ إلى أين ستذهبين".
ردت توته بصوت جميل قائلة:
" لا تقلقي لن أتأخر عليكِ سأذهب لياسمين وندى وصلت الطلبية الجديدة ساستلمها واشتري لهادي دفتر تلوين جديد بدل الذي قطعه باهي له و أعود بعدها على الفور".
تحركت توته لتخرج هي ايضا تاركة اختها تفكر بما حدث مع هادي قبل يومين.
دخلت المطبخ لتستبدل السندويتشات بقطعة كيك عادت لتبدأ فطورها وهي تسمع علو صوت رنين هاتف توته متسائلة:
" هل تركته خلفها؟".
بحثت عنه لتجده بجانب التلفاز فتحت لتجيب على البدري:
" وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الأولاد بخير، توته اقصد فاطمة ذهبت لشراء بعض الطلبات وستعود، نصف ساعة على الأكثر وستكون متاحة".
رد البدري قائلا:
" اردت ان اطمئن على الأولاد هل هم متاحين لأتحدث معهم ام انهم ذهبوا مع أمهم".
اجابته بابتسامة لئيمة:
" لا هم أيضا غير موجودين خرجوا مع جدتهم وابي أيضا خرج قبلهم على ما أظن، لسوء حظك لا يوجد غيري بالمنزل".
ابتسم البدري متسائلا:
" ولماذا سوء حظ جميعكم على رؤوسنا".
شكرته شهرزاد قائلة:
" شكرا لك، اتسائل ان كان لديك وقت لاتحدث معك عن أمر ما بشرط أن يبقى بيننا".
أجابها البدري بجدية واهتمام:
"طبعا تفضلي استمع لكِ تستطيعين قول ما تريديه وسيبقى بيننا ما دمتي رغبتي بهذا، أعلم إنكِ معترضة على زواجي من اختك واعطيكِ بعض الحق بهذا".
تحدثت شهرزاد لتراجعه:
"لا ليس لدي مشكلة خاصة بك، نحن نعلم طبيعة فاطمة المختلفة قليلا عنا، لا اعرف كيف اشرح لك ولكنها لديها طباع خاصة بها لهذا تجدنا جميعا نخاف عليها ونهتم بمشاعرها، لا يحق لي من بعد الآن الرفض او الايجاب فلقد تم الأمر بسرعة لم يتوقعها أحد منا، وايضا بعد الذي حدث قبل أيام".
رد البدري بنفس نبرته الجادة قائلا:
" لا تقلقوا ليكن خير بإذن الله".
اجابته موضحة ما أرادت شرحه ولم يصل له قائلة:
" لم اقصد تحديد موعد عقد القران، حدث شيء آخر وأريد التحدث معك به فكرت بالاتصال بك ولكني ترددت أكثر من مرة، لن اطيل كي انهي ما أريد قوله قبل عودة أختي لأني وعدت الطفل أن يبقى سرًا بيننا".
استقام البدري بجلسته قائلا:
" خير يا أستاذة قلقت مما ستقوليه".
تحدثت شهرزاد بحزن:
" بيوم تحديد موعد عقد القران وبعد نوم الجميع سمعت صوت غريب، نظرت لغرفة توته لأتفاجأ بهادي يبكي في نومه''.
وبقلق سألها البدري:
" ولماذا كان يبكي بنومه هل رأى والده بحلمه".
اجابته وهي تكمل ما ترويه:
" نعم رآه وطلب منه أن يعود ليعيشوا سويا كالسابق، لا اكذب عليك بأول الأمر توقعت رفضه للزواج وتعبيره عن رأيه بهذا الشكل، كنت سأقف أمامكم لتأجلوا أي إجراء حتى تقنعوا الطفل بفكرة زواجكما، ولكن بعد تحدثي معه اكتشفت مدى حبه وتعلقه بك وبفارس وسلمى حكى لي كم لعبتم وتسليتم معًا كما رأيت بعينه حبه لك وهذا ما جعلني أؤمن ولو بجزء بسيط بصحيح ما قررته أختي".
تنهدت بضيق أكملت به:
" تألم قلبي عليه لا زال صغير على عيش هذا الإحساس المختلط، جزء منه يريد أباه والجزء الآخر متحمس لحياته الجديدة معك متأملا أن يجد بك ما يعوضه فقدانه لأبيه، ومن المؤكد أن فرحة باهي وما بداخله لا تختلف عن أخيه هم يرون بك محبة والدهم وحنانه عليهم، ولا أحد منا ينكر هذا ولكن أختي يعني توته لا زالت مكلومة اعتذر مما سأقوله ولكن علاقتها بمدحت كانت..".
قاطعها البدري هاربًا من باقي حديثها قائلا:
" أتفهم ما تريدين قوله لا تقلقي نحن تخطينا حماس الشباب والتسرع بسيرنا، لقد أعطيتها وعد أن لا أضغط عليها ولا اجبرها على نسيان ذكرياتها، حزنها وما تشعر به حيال الماضي ملك لها لن امنعها عنه بل سأحترمه واحاول ان لا اقترب منه".
سمعت شهرزاد صوت فتح باب المنزل قائلة:
" من الواضح أنها عادت سأغلق بسرعة وامسح الرقم وكأننا لم نتكلم".
أغلقت الهاتف ومسحت الرقم بسرعة ثم وضعته اسفل مفرش التلفاز وخرجت لتجد والدها بوجهها.
انزل البدري هاتفه وهو ينظر له محدثا نفسه:
" ما بكم تقولون حساسة وتنكسر بسرعة، وبلحظة تتبخر هذه الصفات أمام خوفكم منها هل تعلق اختها أيضا من رموشها".
ابتسم واضعًا يده على عينه داعيًا ربه:
" حفظنا الله من عقاب كهذا".
تغيرت نبرة صوته لتميل للحزن المختلط بالفرح حين قال:
" حبيبي يا ابني لا زلت صغيرًا على هذا الشوق الذي لن يبرده او يملئه بشر مهما ارتفعت مكانته بقلبك، رحمة الله عليك يا أخي ذهبت وتركتنا مكلومين خلفك".
وبعد تحديد موعد العرس بشكل نهائي اشترت زيزي ومديحة عدة هدايا للعروس كعادتهم بالعائلة، اتصلوا بأمال ليحددوا موعد يأتون لزيارتهم به.
عادت توته منصدمة بخبر زيارة أهل شريف لهم تحركت شهرزاد وقالت:
" هيا لنسرع رتبي أنتِ الغرف وأنا سادخل للمطبخ والحمام".
ردت أختها قائلة:
" علي أن اهتم بكِ اولا بالتأكيد سيرون شعرك الليلة لأول مرة".
وبقوة رافضة تحدثت شهرزاد:
" ومن سيسمح بهذا لا دخل لهم بشعري".
حدثتها اختها بقوة أكبر:
" سأموت منكِ أكيد تمزحين فاختي حبيبتي من المستحيل أن تفكر باستقبالهم بالحجاب، سيقولون ان شعرك سيء وتخبئينه عنهم".
وبغضب ردت شهرزاد:
" و كيف سمحت لهم امي ان يأتوا اليوم دون الرجوع لنا".
ابتسمت توته بجوابها:
" اهدئي ولا تتوتري سنحل الأمر بالبداية ستدخلين لتتحممي بماء ساخن واستخدمي الكريم العطري الجديد بعد تجفيف جسمك، ثم اخرجي لاصفف شعرك واضع لكِ قناع الوجه الذهبي على وجهك الحمدلله أتى بوقته، ومن ثم ننهي عملنا بالمنزل ونعود لنضع قناع الخضار قبل مجيئهم وطبعا ساجمل وجهك بالاحمر و الاخضر والفوشيا".
ضحكت شهرزاد قائلة:
" اخشى أن يسقطوا من جمال ما سيرون".
بادلتها اختها الضحك:
"انتظري تذكرت أمر ماسك الشعر أتى هو ايضا الحمدلله انهم اتوا اليوم، لنضعه قبل حمامك سيعطي لشعرك نعومة ولمعان وبعدها تدخلين لتتحممي وتضعين كريم الجسم ونبدأ التصفيف".
ردت شهرزاد:
" تحممي تحممي وكأني لم استحم السنة الماضية".
ضحكت توته على مزحة اختها لتفتح كيس الطلبية الجديدة مخرجة منه الكريمات والماسكات لتضعهم على المرآة بغرفة شهرزاد قائلة:
" هيا بسرعة كي نكسب مزيد من الوقت".
تحركت شهرزاد لتأخذ طبق الكيك من الصالون وتعود لأختها كي تجلس على المقعد أمام المرآة وهي تستمع لما يقال لها من قبل توته: "المفروض تهيئي نفسك لتكوني مستعدة من الآن".
سألتها باستغراب:
" أهيئ نفسي؟".
تحركت توتة بمكانها و هي تنظر لشهرزاد بالمرآة:
" لحفل الزفاف يا عروسة هل نيسيتي اننا على موعد قريب لطرق طبول الفرح والسعادة بزفاف أجمل عروسين الامير شهريار على الأميرة شهرزاد".
صمتت توته لتضع الماسك على شعر اختها بعناية كي لا يتساقط على ملابسها وارضية الغرفة.
وضعت شهرزاد يدها على جبهتها متألمة من شد اختها لخصلات شعرها:
" سأفقد عقلي من وراء ذلك الزواج الذي لم يصبح غيره على ألسنتكم".
ضحكت توته قائلة بصوتها الجميل الهادئ:
"احمدي ربك على النعم، هل كنتِ تحلمين بعريس كشريف محترم و ذوق و دين ولديه نكهة كوميدية لا يستطيع أحد الصمود أمامها أشعر وكأننا ظلمناه بموافقتنا عليه".
أنزلت يدها من على جبهتها لتنظر لأختها بالمرآة قائلة:
" خطرت لي فكرة جهنمية الآن، ما رأيك أن نبدل الادوار تأخذين أنتِ ذلك المظلوم واعطيني أنا بطل الضوء الشارد على الأقل سأجد من أخرج به غضبي، حتى اعدك أن اجعل ناهدة تحضر لي الفطور كل يوم وتنتظرني بجانب الفراش كل صباح لتأخذ رضاي".
ردت توته بسرعة قائلة:
" هل ستستغنين عن الأمير شهريار بهذه السرعة!".
رفعت شهرزاد يدها وهي تجيب اختها:
" والله ما هو راجع، وسأعطيكِ عليه خادمة هدية تمسح و تطبخ وتعمل لكِ كل ما تريديه واكتر، وسأحكي لكما الحكايات عبر الإنترنت فهو لن ينام ويعتقك إلا بهذه الحالة".
ردت بصوتها الجميل:
" سيحزن شهريار إن سمع ما تقولينه".
مدت شهرزاد يدها لتأخذ قطعة كيك من الطبق الذي أمامها لتأكلها دفعة واحدة مشيرة بيدها الاخرى على شعرها متسائلة:
" متى ستنتهين من العجن الذي تفعليه بشعري اقترب غضبي أن يخرج رغما عني ها أنا أحذرك".
ضربتها توته على كتفها قائلة بغضب:
" ما الذي تفعليه أوقفي الأكل قليلا، وايضا كيف تأكلين وتتحدثين معا من يراكي سيأخذ فكرة سيئة عنكِ، العروسة الجميلة أميرة أحلام عريسها عليها أن تستخدم الشوكة وتقطع بها قطعة صغيرة من الكيك وبدلع ودلال تدخلها بفمها و تغلق عليها ولا تفتحه حتى تنهيها".
قاطعتها شهرزاد ضاحكة:
" ولماذا بدلع ودلال واغلق عليها حتى انهيها هل عليها ثأر ودخلت لتختبئ بفمي".
ضحكت توته قائلة:
" اسمه أتيكيت من المفترض ان يكون لديك ذوقيات بطريقة الأكل والكلام و الارتداء، آن الأوان يا حبيبتي لتغيري من طريقتك لن أظلمك وأهدر حقك لقد تحسن أدائك كثيرا عن أيام الجامعة ولكن مع ظهور شخص كزيزي الحلو بحياتك أصبح عليكِ أن تحسني وترتقي اكثر بأدائك".
مدت شهرزاد يدها وأخذت قطعة أخرى أكبر قليلاً من التي سبقتها متحدثة بصوت غليظ يغلب عليه مضغ الكيك بفمها:
" لا إلى هنا وحسب، ما بها طريقة أكلي وكلامي وارتدائي، حزنت منك والله حزن قلبي حتى إني سأقوم لأغسل سلطة الخضروات التي تفركين شعري بها منذ الصباح و قلبتي معدتي من رائحتها".
امسكتها من اكتافها وهي تحذرها بعينها:
" إلى أين لا يمكنك التحرك قبل نصف ساعة كي يقوم الماسك بمفعوله".
رفعت شهرزاد يديها للسماء قائلة بضحك:
" منك لله يا فاطمة يا ابنة بغدادي".
نظرت توته لأختها بعيون غاضبة:
" فاطمة؟ هل أصبحت فاطمة الآن".
انحنت شهرزاد للأسفل قليلا لترفع قدميها ممسكة بطرف جواربها تعدل من وضعه مكملة: " ذكريني أن أشتري طقمي جوارب بألوان مختلفة، رأيت صفحة على النت تعرض مجموعة جميلة بالوان مبهجة كما انهم ذو ملمس ناعم هكذا كان مكتوب، أريد أن اشتري منهم تشكيلة مختلفة لارتديهم بالمنزل كي لا تقولي أنني غير مهتمة".
حدقت توته بعينيها متسائلة بوجه كاد ان يبكي:
" شهرزاد اياكِ أن تقولي أنكِ سترتدين الجوارب مع فساتين النوم".
وبدون تردد ردت على اختها بجدية:
" إلا الجوارب، سمعت كلامك بأمور كثيرة وغيرت منها ولكن عندما يصل الأمر لجواربي لا وألف لا أموت ولا اتخلى عنهم".
اغمضت توته عينيها وهي تحاول تهدئة نفسها:
" جميل سنفضح اقسم اننا سنفضح، ان لم تفكري بالفضيحة فعليكِ أن تفكري بصدمة ذلك المسكين بيوم فرحتة، تخيلي عندما تسقط عينيه على قدميكِ، حتما سيتوقف قلبه حينها من المفاجئة و لا تقولي أنني لم احذرك".
ضحكت شهرزاد على حالة أختها قائلة:
" ليطمئن قلبك اخترته ابيض سادة وعلى طرفه خيوط فضية وسأضع على جانبيه وردة صغيرة جميلة ليكتمل الأمر لا تقلقي نحن ايضا لدينا لفتتنا الخاصة بنا سابهرك اصبري عليّ".
كادت توته أن تبكي مما سمعته ضمت حاجبيها متسائلة:
" وردة فضية؟ على جانبي جواربك بأول يوم زفاف".
ضحكت شهرزاد مجيبة بثقة:
" اتركي الأمر لي ستعجبين بها ومن المحتمل أن تفعليها أنتِ أيضا مع ضوئك الشارد".
أستنشقت توته كم كبير من الهواء البارد لتطفئ به غضبها ثم زفرته بهدوء متحسرة على زهرة شبابها التي ستفنى بسبب ما تفعله أختها بها قائلة:
" فهمت عليكِ يجب أن اتحلى بالصبر كي لا اشيخ قبل زفافك، حبيبة أختها، تؤام روحي وحياتي كلها، يا من أشعر بجانبها بجمال الكون".
قاطعتها شهرزاد:
"نعم يا روح قلب أختها".
_" تمام، لنبدأ من جديد عليكِ أن تستمعي لما أقوله لكِ".
ردت شهرزاد بسرعة:
" كله إلا جواربي".
ردت توته باسمة:
" اغمضي عينيكِ سأضع الماسك على وجهك".
سألت شهرزاد أختها:
" ولماذا اغمض عيناي وأنتِ تضعين الماسك على وجهي أنا أيضا لدي خبرة بهذا واعلم أن منطقة العينين لا يوضع عليها شيء".
نفذ صبر توته قائلة:
" اصمتي قليلا كان الله بعونه، اغمضي عينيك واحلمي معي اياكِ أن تفتحيها".
_" ألهمني الصبر يارب".
اغمضت شهرزاد عينيها مكملة: " تفضلي استمع لكِ".
حكت لها توته بصوتها الناعم:
" تخيلي معي أنكِ بغرفة كبيرة لامعة مضيئة تجلسين على مقعد صغير بدون ظهر أمام مرآتك الكبيرة المحاطة بالإطار الذهبي".
راجعتها شهرزاد:
" إطار غرفتي لونه فضي".
صدمتها بيدها على كتفها:
" اغمضي عيناكِ ولا تتحدثي".
أكملت توته من جديد:
" بإطارها الفضي تنظرين لفستانك الابيض حريري الملمس ترفعين أحد ارجلك لتسنديها على الاخرى بدلع ورقة لتبدئين بتزينها بخلخال فضي وأنتِ تستمتعين بملمسها الكريمي وطلاء أظافرها الشفاف اللامع".
فتحت عينيها باندهاش ظهر على وجهها وفمها المفتوح:
" كريم وطلاء اظافر؟، هل قصرت الجوارب معك لتتغلبي بطلاء أظافر قدميكِ، حتى انها تحافظ عليها نظيفة وناعمة بدون كريم او الذي تقولينه، ولكن عليكِ أن تبدليه كي لا تزعجك رائحته وتضعي الحق عليه".
عضت توته على يدها من غيظها، لتغلق شهرزاد عيونها بسرعة:
" أنا أرى جميع ما وصفتيه أمامي اكملي".
أكملت توته بضيق:
" تخيلي معي فستان جميل يتحرك ويتطاير كلما تحركتي، خلخال بقدمك يزينها ويضفي عليها جمالًا جذابًا، تسيرين على الأسطح الباردة حافية القدمين تتمايلين بخفة وجمال حتى تصلي لحافة فراشك وأنتِ ترمقيه بطرف عينيكِ الساحرة و ابتسامتك الخجلة ليـ ".
فتحت شهرزاد عينها وهي تقاطعها:
" وكأني بفيلم ملكي، ادفع عمري كله لأعرف كيف أنجبت أمي طرازك الملكي هذا".
وبغضب أكثر تحدثت توته:
" أتصدقين أنتِ الكلام معك خسارة ، وسأتركك ترتدين جواربك حتى اقول لكِ لا تتركي بيجاماتك خلفك لتكتمل الصورة كما يمكنك استعارة بعض من بيجامات أبي الكستور معكِ كي لا تتأخري هناك وتعودي بيوم صباحيتك، أمك بحاجة لمساعدة ولن تجد افضل منكِ لنضع زيتنا في دقيقنا ونستر عليكِ".
ضحكت شهرزاد وأخذت آخر قطعة من الكيك لتضعها بفمها، وقبل أن توصلها لفمها مدت توته يدها بسرعة وأخذتها من يدها لتعيدها للطبق وهي تخرج غضبها عليها:
" اضبطي نفسك وكفي عن الأكل وجعني بطني من كثرة ما تتناولينه، في هذه الحالة الفستان لن يغلق عليكِ وستفضحين أمام والدة عريسك".
_" لا تقلقي أنا محافظة جدًا في هذه الأيام وأيضا أنا لم أفطر جيدا".
ضحكت توته وهي تقبلها من كتفها:
" أختي الشاطرة اجمل عروسة، اعلم أن والدته شددت على امتلاء عودك لعدة كيلوهات قبل يوم الزفاف كي لا نضطر لملأ الفوارغ بالاسفنج".
ضحكت مكملة:
" انتهى عقابك تستطيعين أن تخرجي لتغسلي شعرك وتدعي لي".
بادلتها ضحكتها:
" فلتسلمي يا قلبي لا اعرف ماذا كنت سأفعل من دونك".
ضحكت توته قائلة:
"كنتِ سترتدين جواربك طبعا".
قالتها لتتحرك بعدها بخفة، أخذت طبق الماسك لتخرج من الغرفة وعيون أختها تتبعها قائلة:
" و الله لولا أنكِ أختي لقلت أنكِ هاربة من مدينة ديزني".
عادت شهرزاد لتنظر لنفسها في المرآة:
" لماذا اشك بوضع الاخوة بيننا، هل يعقل أن قطعة الملبن الذي خرج قبل قليل من نسلنا، يعني أنا و امي و ابي ذو كوكتيل قريب من بعضه، اما هذا الملبن الافرنجي الخاص كيف خرج من رحم أمول لا أعلم".
اختفت ابتسامتها حين وقع نظرها على طبق الكيك مجددًا، استدارت لتنظر نحو الباب لتتأكد أنها وحدها وعادت لتنظر للكيك ممسكة قطعة بيدها، فكرت لثواني تركتها بعدها من يدها ممسكة الشوكة لتأخذ قطعة منه:
" هي محقة بهذا يعني لا يصح أن أأكل بيدي علي أن أتدرب".
قطعت بالشوكة قطعة صغيرة و وضعتها بفمها دون رضا واضعة الشوكة بعدها بالطبق.
ثم تحركت لتحضر ملابسها وخرجت لتلج الحمام، اقتربت توته من جديد قائلة:
" اتركي وجهك وشعرك اغلسيهم آخر شيء ابدئي بدعك جسمك ورقبتك جيدا و ضعي الصابون بكثرة واتركيه عليكِ ليمتص جسدك رائحته وبعدها تحممي وضعي الكريم".
_ " تمام سأسرع لأساعدك بالترتيب وتنظيف المطبخ".
أغلقت باب الحمام خلفها لتذهب توته كي تكمل عملها وبعد ربع ساعة من دخول شهرزاد عادت توته لتطرق باب الحمام قائلة لها:
" شريف يتصل بماذا أجيبه".
لم تنهي ما قالته حتى تفاجأت بوجه اختها يظهر من جانب الباب:
" الحقيني يا توته انقطع الماء".
اتسعت عين توته متسائلة:
" كيف انقطع ليس وقت مزاحك الآن؟".
وبصوت اقترب بكاءه تحدثت شهرزاد:
" ماذا سأفعل الآن ارتجف قلبي من البرد".
سألتها توته:
" هل سمعتي كلامي وبدأتي بجسمك".
ردت شهرزاد بنفس نبرة صوتها:
" سمعت من سوء حظي أنني سمعت، منك لله يا توته أنتِ وماسكاتك وخضارك".
_" شريف يتصل من جديد".
اجابتها:
"سابكي وأموت من بردي وأنتِ منشغلة باتصال شريف اتركينا منه وانقذيني".
اسرعت توته بتسخين المياه لأختها كي تكمل حمامها، عادت أمال لتساعد بناتها في التنظيف والترتيب داعية ربها أن تعود المياه قبل قدوم ضيوفهم ولكن ليس كل الأماني تتحقق.
طرق باب المنزل لتسرع توته بفتحه مرحبة بزيزي و مديحة و أقرب صديقة لهما كما قالوا، تحرك شريف ليدخل من بعدهم ليجد توته تقف امامه قائلة: " أبي ينتظرك بالحديقة".
نظر للداخل ثم نظر لتوتة متسائلا:
" تقولون اتركنا براحتنا تمام سألقي السلام عليها اولا كي لا يكون عيبًا بحقنا وبعدها اذهب لاجلس مع حمايا العزيز".
هزت توته رأسها بوجهها المبتسم:
" مستحيل ليس الان، تزينت عروستنا وحضرت نفسها لتستقبل ضيوفها بدون حجاب".
تحمس شريف قائلا:
" ماذا تطلبين ليتغير المستحيل للمسموح".
ابتسمت توته وهي تفكر قائلة:
" امممممم عرض مغري أن طلبنا ثروتك كلها ستعطيها لي دون تفكير".
أومأ شريف برأسه:
" لكِ ما تريدين مقابل نظرة واحدة".
أكملت توته بوجهها الفرح:
" جميل لنطلب إذا أن تصبر شهر و خمسة عشر يومًا".
سمع شريف صوت مديحة وأمه وهم يقولون:
" بسم الله ما شاء الله أين كنتِ تخبئين كل هذا الجمال يا قلبي".
تذمر شريف قائلا:
" لا أعرف ما مشكلتكم مع زواجي قبل رمضان أنا حر بما أريد".
نادتها امها لتتحرك توته قائلة:
" مع الأسف مضطرة لأدخل واتركك تعيش أحزانك وحدك".
رد بوجهه المتذمر:
" والله سأبكي الآن هل تستمتعون باحزاني".
اغلقت توته الباب بوجهها المبستم لينزل شريف ذاهبًا للحديقة القريبة من المنزل وهو يكتب لعروسته رسالة محتواها:
" التقطي لنفسك عدة صور كي استمتع بها بعد شهر وخمسة عشر يوما وعشر ساعات"
لم ترى رسالته من انشغالها بالضيوف ليضطر هو بالاكتفاء بجلوسه مع البغدادي والأولاد.
ذهب البدري لزيارة الحاجة فهمية بعد تأجيل دام أسبوع كامل بسبب انهاء التسليمات والحصاد والحسابات ليبلغها خبر موافقة والد فاطمة على زواجهم الذي سيبدأ بعقد قرانهم أول أيام العيد.
حاولت ان تمنع دموعها التي سقطت منها رغمًا عنها قائلة:
" فليبارك الله لك ويحفظك لنا جميعا أعلم أنك فعلتها لأجل الأولاد".
بكت فهمية اكثر وهي توصيه:
" أمانة عليك يا ابني، أمانة عليك لا تحزنهم ولا تغضب عليهم ولا تكسرهم، أعلم ستمر الأيام وتتوالى سيكبرون ويزيد همهم وحملهم الذي يستصعب الآباء بحمله، استحلفك بالله أن تصبر على صغرهم وصباهم وشبابهم وأنا سأساعدك بهذا ما دمت حية أرزق، حتى أني أطلب منك إقناع أمهم بتركهم لي كي أكبرهم كما كبرت والدهم، يبقون لدي ويذهبون لزيارة أمهم كل ساعة وكل حين ويعودون لي".
تحدث البدري بحذر وبصوت لا يريد كسرها وحزنها قائلا:
" هم وأولادي لكِ وقتما اردتيهم ستجدينهم أمامك وبجانبك، ولكن دوام بقائهم لا أعدك به، أنتِ تعلمين ارتباطهم بأمهم اكثر مني وايضا كيف تطلبين مني المحافظة عليهم وهم بعيدين عني، عليهم أن يبقوا معنا ليعتادوا على العيش بوسط عائلي، يتأقلمون مع الأولاد وينشأون سويا ليصبحوا سندا لبعضهم البعض في المستقبل، ولكن استطيع ان اعدك ان تجديهم أمامك وقتما شئتي، حتى يمكنك الانتقال للسرايا بعد زواج ميادة وذهابها لعزبة أولاد صقر".
ردت فهمية بقلبها المكلوم قائلة:
" لا تذكرني بزواجها كيف بعقلها هذا ستتزوج وتذهب بعيدا".
_" لا تقلقي لا بعيد ولا شيء، وايضا أهل زوجها طيبين وعلى فطرتهم الأولى بحثت وتقصيت عنهم وقلت داخلي قُبلت دعوة زوجة عمي واكرمهم بزوج يشبه ابنتها".
تنهدت فهمية بنارها قائلة:
" فليرضى الله عنك يا بني، صاحب واجب ولا تقصر بشيء اسعدك الله واكرمك ويسر لك أمورك كلها".
انتهت زيارة عائلة شريف لمنزل البغدادي بكل حب وسعادة، حاولت شهرزاد اخفاءها لملامح فرحتها بالهدايا القيمة أمام أهلها إلا أن عيونها اللامعة كانت تفضحها.
أمسكت امها الفساتين لتقرأ إسم العلامة التجارية كي تبحث عنها ويروا باقي موديلاتها على الإنترنت.
مسحت توته بيدها اعلا المفرش الكريمي اللون قائلة: " خطف قلبي ما أجمله".
نظرت امها للمفرش الكبير الذي كان هدية خاصة فاخرة من زيزي قائلة:
" أنتِ محقة أخذ قلبي أنا أيضا، قبل عدة أسابيع رأيته معروض وقلت لنفسي كل يوم يخرجون اشكال أجمل من اليوم الذي سبقه".
ردت توته على أمها:
" نعم تتذكرين مفرش زفافي كان قريبا من جماله".
اجابتها شهرزاد على حذر:
" نعم كان فريدا ومميزا بقي لسنوات مكتسح السوق بلا منازع، لم أرى عروس تزوجت إلا وكان هو من أساسيات جهازها".
نظرت أمال لابنتها متسائلة:
" ما رأيك ان اشتري لكِ مثله باللون الأبيض أعلم انكِ تحبين الابيض".
ردت توته على أمها:
" لا داعي لشرائه وايضا الأولاد لن يتركوه بحاله".
نادى باهي عليها لتخرج ملبية النداء:
" من المؤكد انه يريد دخول الحمام".
ردت شهرزاد:
"عليه أن يستيقظ كأخيه ويذهب للحمام وحده".
تحدثت أمال بصوت منخفض:
" اتركيه يا شوشو كان يفعلها من قبل ومن المؤكد أنه سيعود ليذهب وحده ستعلمهم الايام كل شيء الله يعينهم ويعين أمهم على حملهم".
تحدثت شهرزاد بصوت منخفض:
"ما رأيك ان نشتري واحد مثله لتوته، لن يهنئ قلبي به حتى اشتري لها مثله، فرحت كثيرا أنها أعجبت بشيء".
اومأت أمال برأسها قائلة وهي تراقب الباب:
" نعم سأشتري لها وأخفيه عنها لتتفاجئ به يوم انتقالها ولكني أخشى أن يفاجئنا زوجها ويرفض حمل جهازها وهو محق أي سيارة ستحمل جهاز كامل".
فكرت شهرزاد قليلا مقتربة من امها بصوت منخفض:
" تحدثي معه وأخبريه بأمر جهاز العروس ومن المؤكد أنه سيحل الموضوع، أنه ليس بأمر صعب حتى وان استوجب ذهاب أبي بسيارة خاصة ليوصله للسرايا".
تحدثت أمال وعينيها تراقب الباب:
" من أين خرج أمر ذهاب والدها الآن هل يستوجب علينا الذهاب والاطمئنان عليها هناك".
صمتت شهرزاد لتفكر وهي تنظر للباب قائلة بعد ثواني قليلة:
" أعتقد انه سيحدث بهذا الشكل، حتى ابقوا يومين هناك ليهدأ داخلها وتطمئن لوجودكم معها".
_"أنتِ محقة اعجبتني الفكرة سأتحدث مع بغدادي بها وإن وافقنا الرأي اتصل واخبر البدري بهذا حتى لا يفكر لأنها ارملة سنتركها هكذا وكأنها بدون أهل ".
………
بهذه الليلة قرر البدري أن ينام أولاده منفصلين عنه كلا منهما على فراشه متحدثًا معهم عن كبر سنهم، وكلا منهما أصبح عليه الانفراد بفراش وحده، كما أخبرهما عن قدوم باهي وهادي ونومهم بالغرفة الأخرى وحدهما دون أمهم، ساءلهم هل هم أفضل وأكبر منكم، لم يكن الأمر سهل حين اضطر البقاء معهم طوال اليوم ليشعرهم بوجوده كي لا يذهبوا إليه بغرفته.
أرهق كثيرا من سهره على المقعد الجانبي لفراش سلمى التي كانت تجاهد للنوم بحضن والدها دون أن يسمح لها.
ليستيقظ بالصباح واجدًا نفسه نائمًا على فراشها الصغير وهي نائمة أعلاه، تحرك متألما من عضلات ظهره المتشنجة واضعا الطفلة جانبا ليجلس بألمه:
" كيف ستعتاد هذه العنيدة".
تحرك ليخرج من الغرفة مغلق الباب خلفه مقتربًا من الدرج بعدها باحثًا عن إحدى الخادمات اللواتي أصبح لا يعرف اسمهن من كثرة تغيرهن.
نادى على أحدهم قائلا:
" أنتِ اصعدي لأقول لكِ على بعض الاشياء".
هرولت صاعدة الدرج:
" أمرك يا بدري بيه".
وقف البدري على باب غرفته مشيرا نحو الخزانة قائلا:
" انقلي ملابس الأولاد وضعيها بخزانتهم ومعها الالعاب وكل ما يخصهم".
_" أمرك يا بيه".
نظر للغرفة والفراش متسائلا:
" ما إسمك؟".
ردت بخوف:
" سمر نصر أيوب يا بيه".
_" جميل انتظري يا سمر خروجي ومن بعدها استيقاظ الأولاد لتفعلي ما قلته لكِ".
ردت بنفس خوفها وانخفاض نظرها:
" تحت أمرك يا بيه".
أمرها بالعودة لعملها ودخل غرفته متعجبًا من خوفها الزائد وكأنه طول اليوم يصرخ ويغضب عليهم.
جلس على فراشه وهو يضع يده على غطائه وفرشته الاسفنجية مختبرًا قوتها:
" يكفيكِ ما قمتي به من واجب معنا، أصبح علينا اراحتك من صراع الأولاد فوقك وشراء غيرك".
ثم نظر للخزانة والمرآة بجانبه ودار بنظره في الغرفة دون رضا عنها لتأتيه فكرته الغريبة.
فتح هاتفه ليتصل بفاطمة دون أن ترد عليه، اغلقه و وضعه جانبه كي يذهب للحمام غسل وجهه وتوضأ وخرج على صوت رنين هاتفه.
اسرع بفتحه ملقيًا السلام عليها، ليأتيه الإجابة بصوت باهي الصغير:
" أين فارس".
ضحك وجهه جالسًا على الفراش:
" وهل يرد على السلام بأين فارس".
تحدث هادي على خجل من جانب أخيه:
"وعليكم السلام".
ضحك البدري قائلا:
" هذا هو لتتعلم يا باهي من أخيك، وايضا هل اشتقت لأخيك فارس لهذه الدرجة".
صمت الأولاد ليخبرهم أن أولاده لا زالوا نائمين وقبل ان يغلقوا سألهم عن امهم ليرد باهي:
" أنها تعذب خالتي فى المطبخ".
علا صوت ضحك الأولاد، تحدث البدري بصوت منخفض:
" هل وصلت للعذاب حفظنا الله وكأننا مقبلين على فيلم رعب".
ذهب هادي وأخيه لأمهم بالمطبخ وهم يضحكون لتسألهم عن حالتهم، اخبرها هادي قائلا:
"خاف عمي منك".
رد باهي بضحك:
" هرب واغلق الهاتف".
نظرت شهرزاد بوجهها المبتسم متسائلة:
" ولماذا سيخاف من أمكم".
رد هادي وهو يميل من ضحكه على اخيه الضاحك:
" قال له باهي أن أمي تعذبك في المطبخ".
ضحكت أمال من خلفهم على جواب شهرزاد:
" فضحت أمام الرجل ذهبت الهيبة من وراء المطبخ".
تحدثت أمال وسألتهم:
"هل كان يريد امكم؟".
أجابها هادي بفرح:
" باهي من أتصل به".
نظرت توته لابنها بغضب، نهتها أمها وهي تحذرها بعينها، قائلة لحفيدها:
" ولماذا اتصلت به هل اردت التحدث معه؟، اشتقت أم ماذا؟".
برر الطفل مجيبًا عليهم:
" كنت أريد التحدث مع فارس واحكي له عن فوزي باللعبة".
ابتسمت أمال بوجه حفيدها وسايرته بالحديث حتى وصلت به للصالون بجانب جده ومن خلفهم هادي الصامت.
تحدثت شهرزاد بعد خروج الأولاد قائلة لأختها:
" ما بكِ هل فقدتي عقلك كي تغضبي على الطفل، هذا بدلا من تحفيزه على الاقتراب من عمهم وتقبله في حياتهم الجديدة".
بررت توته بحزن قائلة:
" حدث فجأة دون قصد أخبرتهم أن لا يلمسوا الهاتف بعد أن أصبحت الشاشة لا تستجيب بسهولة بسبب لعبهم عليه".
رن هاتف شهرزاد لتخرجه من جيبها وهي تقول:
" جاء الفرج اعتذر منكِ سأترككِ لتكملين فكما تعلمين لا يمكنني ترك خطيبي على الهاتف كثيرا".
وقبل ان تعطي توته أي ردة فعل فتحت شهرزاد هاتفها هاربة من المطبخ وهي تقول:
"جئت بوقتك حتى إنك تأخرت لماذا لم تتصل بي قبل هذا الوقت، من الان وصاعد عليك أن تتصل كل ساعة وكل دقيقة".
رد شريف بحب:
" ما أحلى صباحي الذي بدأ بتلك الكلمات، هل رضيت مولاتي عني وارادت ان تخبرني عن مدى شوقها لي".
ضحكت شهرزاد دون صوت قائلة:
" وأي اشتياق كنت انظر للسماء وأدعو أن تتصل كي تخلصني من تجبر توته عليّ، ما هذا الوجه أعوذ بالله جعلتني اشفق على ضوئها الشارد منها".
ضحك شريف معقبًا على حديثها:
" غار داخلي الآن لا يمكن لقلبك أن يشفق على غيري ها أنا احذركِ".
_" ألمني ظهري ويداي وهي تعلمني تنظيف الدجاج وتقطيعه، إياك أن تعتقد ان التقطيع والتنظيف العادي المتعارف عليه، آه يا ظهري وكأني سأعمل بمطعم أو شركة إخلاء وتعبئة الدجاج، ان رأيت كيف كانت تعذب الدجاجة المسكينة وتخرج عظامها منها ستشفق علي وعلى من غار قلبك منه".
ضحك شريف قائلا لها:
" لا داعي لهذا سنشتريه مقطع وجاهز على الطبخ حتى أنه أصبح يباع متبل بالبهارات".
ضحك اكثر من فرحته ليخبرها أنه ذهب باليوم السابق لمتجر كبير متوجها لقسم الخضراوات و الأطعمة المبردة ليرى ما يباع بالأسواق، وجد الكوسا والباذنجان منظفين وتم افراغهم من الداخل، كما رأى بازلاء مفصصة والفاصوليا الخضراء مقطعة لقطع صغيرة جاهزة للطبخ، واللحوم كلا منهم مقطع ومتبل بطرق مختلفة ما عليها سوى فتح الأطباق و وضعهم للتسوية على نار الموقد، واسترسل بوصف اطباق الدجاج المقطع لشرائح ومكعبات وغيره.
ردت شهرزاد براحة وسعادة قائلة:
" الله يا شريف اطمئن قلبي الآن، الحمدلله استجاب الله لأمي الحمد والشكر له اتضح انها مباركة ونحن لا علم لنا".
ضحك شريف قائلا:
" أعلم إني دعوة أمك لكِ وأنتِ ايضا رضى والدي عليّ".
خجلت مما قال، مجيبة على استحياء:
"ليحفظ الله دعوة امي لي".
أجابها بسعادته الكبيرة:
" ويبارك لي في رضا والدي".
أنهت توته تنظيف الدجاج والمطبخ من خلفها ذاهبه لغرفتها باحثة عن هاتفها كي تتصل بالبدري معتذرة منه على ازعج الأولاد له منذ بداية الصباح.
راجعها بحديثها كما راجعتها اختها ونهتها امها قائلا:
" هل تعتذرين بدلا من تشجيعهم على الاتصال بي والاعتياد عليّ".
بررت موقفها بخجل:
" أعلم أنك منشغل بعملك لأجل هذا اعتذرت".
قاطعها بجوابه:
" وهل هناك أغلى من الأبناء، أنا أعمل بملكي لا حكم لأحد عليّ، فليتصلوا وقتما أرادوا".
ردت بصوتها الخجول ساحرة قلبه به، قائلة:
" رأيت اتصالك قبل اتصالهم أليس صحيحا أم الهاتف خربت اعداداته من جديد".
_"لا لم يخرب، أنا اتصلت بكِ لأشكوا لكِ ما فعلوه بي الأولاد".
ابتسمت متسائلة:
" ماذا فعلوا بك".
ضحك بسعادة قلبه قائلا:
" ولكنِ تراجعت، خاف قلبي من عقابك لا زالوا صغارًا على التعليق والتعذيب".
خرجت منها ضحكة ناعمة تحدثت بها:
" أنا لا أضرب اولادي قط، أحب أن أسير بنهج الثواب والعقاب".
ضحك البدري مجددًا من فرحته بحديثهم قائلا:
" حفظنا الله من عقابك، من كثرة سماعنا عنه أصبحنا نخاف منه، واليوم أضفنا العذاب عليه وتأتين لتقولين لا أضرب، أقول لنفسي ماذا أن ضربتي؟".
ردت بصوتها الجميل:
" لا يوجد عذاب كنت اعلمها كيف تقطع الدجاج وتحضر التتبيلة الخاصة به وتجهيزه للطبخ ومن كثرة تذمر أختي بقول عذاب عذاب رددوها الأولاد وضحكوا بها".
أخرج طرف لسانه ليمسح به شفتيه قائلا:
" هذا يعني أنكِ ماهرة بالطعام أيضا، اعتقدنا أن اهتمامك بالحلويات أثر على طبخك".
ردت عليه بخجل:
" يعني ليس لدرجة ماهرة ولكن لا بأس بطعامي هكذا يقولون".
أجاب عليها بضحكه وفرحه كبيرة ليزيد خجلها، قائلا:
" نحن راضين بجميع ما يأتي منكِ يكفي أن ترضي أنتِ علينا بدون عقاب".
..........
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.
منها "رواية حياتي"
رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..