recent
جديدنا

رواية احكي يا شهرزاد الفصل التاسع والعشرون

 احكي يا شهرزاد

بقلم أمل محمد الكاشف


في ليلة من ليالي الف ليله وليله و في نفس الموعد اقبلت شهرزاد كعادتها لتحكي لشهريار اجمل ما بجعبتها من حكايات قائلة

 " بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد أن أن الشاة شهريار ذهب لوالديها الكريمان وطلب منهما أن يسمحا له بدخول جنته للعيش بسعادة وهناء، وافقا الوالدين ليسعد الجميع بهذا الخبر الجميل لتعلو الزغاريد بكل مكان معلنين بداية الافراح والسرور.


لا زالت الفرحة تعم منزلهم بهذا الجمع الطيب،  خرجت أمال من المطبخ حاملة بيدها صينية معبئة بأطباق الحلوى المتنوعة لتخرج من خلفها شهرزاد وبيدها صينية كؤوس عصير المانجو ذو الرائحة الفواحة.


كان أمين بهذا الوقت يتحدث للبغدادي قائلا:

 " ورثت مصنع دباغة الجلود من أبي رحمة الله عليه كان صغير وبدائي إلى حد كبير ومع مرور السنين طورنا عملنا وادخلنا قسم الصباغة و قسم نسج و طرز و حياكة  الجلود بتصميمات مختلفة، رغم الصعوبات التي نواجهها امام تغير الأذواق والحداثة إلا أننا نحاول المحافظة على وضعنا بشكل ثابت بالسوق".

 

 رد بغدادي عليه:

" ماشاء الله بارك الله لك به".


تحدث والد سيف موجهًا سؤاله للبغدادي:

 " هل لك عمل خاص أم أنك اكتفيت بالتقاعد".


أجابه بغدادي بصدر رحب قائلا:

" لم اكتفي بالتقاعد المبكر حاولت بأكثر من اتجاه ولكني فشلت بجميعهم". 


وضحك ليكمل بعدها:

" الشكر لله لولا مشروعي الخاص بمزرعة الألبان والخضروات لكان الوضع مختلفًا، اعتقد أننا مشتركون بالمشاريع الصغيرة التي كبرت مع مرور السنوات، فأنا أيضا كنت شريك بمزرعة صغيرة، انضم لنا شركاء جدد واشترينا الأراضي المجاورة لنا وأصبحت المزرعة مزرعة إنتاج لحوم أبقار وجاموس، الشهادة لله الحاج فهمي أبو عويس هو القائم على إدارتها أنا فقط شريك على الورق تصلني نسبة الأرباح السنوية".


سأله أمين بفضول:

 "وبأي مكان تقع هذه المزرعة".


 _" طريق مصر إسماعيلية ولكنها أقرب لمحافظة الإسماعيلية".


تدخل والد سيف بالحديث قائلا:

" ممتاز أراضي اسماعيلية خصبة وتساعد على الزراعة والإنتاج".


أجابه أمين مؤكدًا على كلامه قائلا:

" ناجي محق بهذا فالإسماعيلية والشرقية مناخ جيد للزراعة وتربية الأبقار".


أجاب بغدادي برضا كبير:

" الحمدلله على عطاياه كنا من أوائل الشركاء والنصيب الأكبر بالأسهم لي أنا والحاج فهمي''.


نظرت زيزي لأمال متسائلة:

 " وأنتِ هل كان لديكِ عمل حكومي أو خاص أم انكِ ربة منزل فقط؟".


ضحكت مديحة لتلطف من سؤال زيزي قائلة:

" من الواضح أنها مثلي لا تحب أن تشغل رأسها بالأعمال الخارجية يكفينا عبئ منازلنا يا أختي".


ابتسمت أمال وقالت:

  " نعم والله يكفينا ما نحمله من أعباء منزلية، أنا لم أعين بوظيفة من قبل حتى أنني لم أسعى لهذا فضلت رعاية البنات منذ صغرهم".


تحدثت زيزي من جديد متسائلة:

" وماذا عن شهادتك هل اكملتي تعليمك أعني هل معك مؤهل عالي؟".


توتر شريف وهو ينظر لأمه كما سعلت مديحة وهي تنظر لزيزي التي لم تلاحظ تغيرهم أو  اقترافها لخطأ ما.


ردت أمال عليها قائلة:

 " أنا خريجة علوم جامعة عين شمس قسم الكيمياء،  أعلم أنكم ستتفاجئون بهذا لأن قسمي كان من الأقسام المميزة التي لا تقبل سوى العلامات العالية ولهذا كان قليل العدد كثير من ناحية فرص العمل ولكني كما اخبرتكم اهتميت بتربية بناتي وخاصة انه كان لدي ظروف خاصة بالإنجاب بأول العمر ومن بعد شهرزاد انقطع الأمل بالإنجاب نهائيًا لهذا كرست حياتي لأجل تربيتهم وتعليمهم والاستمتاع بكل لحظة نعيشها سويا كأول ضحكة وأول خطوة وأول حرف خطته أقلامهم الصغيرة".


رد ناجي: " ممتاز فاجئتيني بهذا".


 ونظر لبغدادي وهو يكمل:

 " لم يلفت انتباهي بسنوات دراستي كلها إلا محبي الكيمياء والفيزياء كنت اتعجب منهم واشعر أنهم ليسوا من جنسنا بل جنس مميز كالفلكيون ورواد الفضاء".


تحدثت شهرزاد مجيبة على والد سيف:

" كان جدي مدرس رياضيات وهو من حبب أمي بالمواد العلمية وبصراحة حاول معنا ولكنه لم يفلح بهذا".

 ضحكت ليضحك من أسرت قلبه قائلا:

" من حسن حظي انه لم يفلح وإلا ما كنا سنلتقي".


 خجلت من كلماته ونظراته أمام عائلاتهم، كما صمتت زيزي وهي تنظر لامال باستغراب فمن يرى طبيعتها وضحكها وبساطتها لا يفكر انها تحمل شهادة بهذا المستوى، و بفضول نظرت أمال لزيزي لتسألها نفس سؤالها:

 " وأنتِ؟، انتابني الفضول لمعرفة مجال دراستك".


توترت زيزي وهي تجيب قائلة:

 "معهد خدمة اجتماعية".


وبقلبها الكبير ردت أمال بحب:

 " جميل جدا والاجمل هو حبك للعمل والاجتهاد بالنجاح أنا أحب هذه النماذج الناجحة بحياتها العملية اشعر انها تعطيني أمل كبير بالمستقبل".



تحدث أمين لافتا انتباههم إليه قائلا:

 " أخذنا الحديث ونسينا أن نحدد موعد الخطوبة ما الوقت الذي يناسبكم، وهل هناك مكان محدد تريدون إقامتها به". 


تحدثت شهرزاد على استحياء قائلة:

" لا داعي لحفل كبير".


رفع بغدادي عن ابنته الحرج ليكمل قائلا:

" نعم لا داعي لحفل خطوبة كبير فلنفغل كما فعلنا مع اختها نكتفي بقراءة الفاتحة وتلبيس الخواتم هنا بالمنزل والحفل الكبير يقام مرة واحدة بالليلة الكبيرة".


ردت أمال مؤكدة على حديث زوجها وابنتها:

" نعم هذا ما نحبه فلا أحد يعلم ما يحدث بعد الخطوبة، هل يتفاهمان ويعتادان على طباع بعضهما أم لا،  ولهذا لا نفضل إقامة حفلات ومن ثم يأتي الانفصال ويحزنون ويتكرر الأمر وهذا بالنسبة للبنات غير مرغوب به،  فلتكن ليلة واحدة كبيرة  إن شاء الله ".


تحدث شريف قائلا لهم:

" نتفاهم جيدا لا تقلقي علينا".


ثم نظر لشهرزاد بقلق متسائلا:

" أليس كذلك ألم نتفاهم بشكل جيد".


خفضت عينيها بخجل ارتسم على وجنتيها قائلة بنبرة ابتسامتها الجميلة:

 " لا أعلم من أين أتيت بكل هذه الثقة؟"


علت ضحكة أمين وهو يقول لابنه:

 " تعجبني صراحتها وصدقها مع نفسها كأمك بالضبط، هنيئا لك يا بني".


فرحت زيزي من إطراء زوجها عليها دون أن تعلم لما يلمح أمين بحديثه.


أصرت زيزي على إقامة حفل خطوبة فهو ابنها الوحيد وتريد أن تفرح بهِ بشكل كامل دون أي نقص، ومع التفاوض بينهم اتفقوا على إقامة حفل خطوبة عائلي يقام بنادي النيل الرياضي لوجود عضوية خاصة بعائلة شريف به وسيتم دعوة الأقرباء من الدرجة الأولى والثانية وأقرب الأصدقاء والأحباب. 


تفاجأ الجميع بقول شريف:

" على بركة الله سأذهب صباح الغد لحجز الموعد ليوم الأربعاء أو الخميس"


وبسخرية مضحكة رد بغدادي قائلا:

 " وما مشكلتك مع الإثنين والثلاثاء حتى أقول لك إن وجدت غدًا الاحد موعد اتصل بنا لنلبس ونذهب على الفور".


ضحك الجميع على عريسهم المتعجل بأمر فرحته، تحدثت زيزي قائلة:

 " سأجهز عدة فساتين للسهرة بإطلالة مميزة لتختار منهم العروس".


ردت أمال قائلة:

 " فستان خطوبتها هدية من والدها ستذهب لتختار ما ترغب به أيا كان سعره مثلها مثل اختها".


ردت مديحة مستفسرة منها:

" ألم تقولوا أن أختها لم تقم حفل خطوبتها".


أجابت  أمال عليها بحزنها على ابنتها الكبيرة:

" نعم لم يكن حفل كبير، كان بمنزلنا وسط الأهل والأحباب ولكن هذا لا يمنع ارتدائها لفستان، انتظري لآتي إليكِ ببعض صور خطبتها".


تحركت أمال بحماس لتأتي لهم بعدة صور قد وجدتهم صباح اليوم بعلبة قديمة داخل أدراج غرفتها.


 انبهرت مديحة وزيزي من جمال توته أكثر من جمال فستانها ليلفظوا سويًا:

  " ماشاء الله عليها".


تعرقت شهرزاد وخاف قلبها من فتح الذكريات ورؤيتهم لها بفستانها الذي لا زال أهلها يسخرون منه كلما تذكروه، ولكنها لا تعلم حرص أمها على إخراج صور توته فقط كي لا تفشل الخطبة قبل إتمامها.

 

 ردت أمال بحزن عميق:

" كانت كالأميرات لو رأيتموها بزفافها وكأنها الأميرة ديانا بزمانها، ولكننا أخفينا الصور بعد ما حدث لزوجها، وجدتهم هؤلاء صدفة وسوف اخفيهم هم أيضا".


رد أمين موجها حديثه لبغدادي:

"عوضها الله بأولادها".


أجاب الجميع:  " أميييين".



وبينما كانوا يتحدثون بفرح، كان البدري يصادف حديث ناهدة وجميلة وهما تتحدثان عن خطوبة شهرزاد وعريسها الذي يعمل معها بالجامعة، لم يهتم لحديثهم واستمر بسماعه لسيد أخيه الذي يشرح له الشجار الذي نشب بين عائلتين مهمين بالبلد.


وبعد ذهاب أهل العريس أسرعت أمال بالاتصال بابنتها الكبيرة لتنقل لها ما حدث بالصوت والصورة حين كانت تقلد أصواتهم لتفرح توته كثيرا. 



وبعد أن أوصل العريس أهله لمنزلهم انطلق بسيارته لطريقه الغير معلوم أخبرهم أنه بحاجة  لشراء بعض المتطلبات ولكنه بالحقيقة لم يكن يعلم بأي طريق ذاهب فعقله المسلوب من فرحته جعله يضل قبلته ويحوم بأماكن غير مدرك لها.


عاد بعدها لمنزله دون شيء مما نواه دخل غرفته وفتح هاتفه ليكتب على تطبيقه الذي أصبح الأحب لقلبه عبارة غير متكلفة خرجت من قلبه بتلقائية شعوره السعيد:

" لم أرى ولم أسمع في عالم الخيال عن أي شهريار كان أسعد مني في هذه الليلة".


ابتسم وجهها عندما قرأت حالته فور نشرها لتتفاجأ باتصاله السريع، تحركت من مكانها وهي تخفض صوت هاتفها مغلقة بعده الباب عليها قائلة لنفسها:

" يا ليتني لم اقرأها، كيف سأرد عليه الآن، لا لن أرد وكأنني نائمة".


وضعت يدها على جبهتها قائلة لنفسها:

 " كيف نائمة وأنتِ شاهدتي حالته قبل ثواني، وكأنك تنتظرين نشره لها".


طرقت أمها باب الغرفة لتدخل مندهشة من وجود ابنتها خلفه وقبل أن تسألها عن حالتها أعاد هو الاتصال عليها تحدثت امها متسائلة قائلة: " لماذا لم تجيبي افتحي بسرعة". 


اجابتها بخجل:

" لا تأخر الوقت وكأنني نائمة نتحدث بالصباح كي لا يعتاد على هذا".


أمسكتها امها من ملابس كتفها ناظرة للهاتف:

 " أي وقت الذي تأخر لا زالت الساعة العاشرة والنصف أجيبي عليه وتحدثي كالعالم والناس لا تجعليه يهرب من أول يوم".


ابتسمت لأمها كي تغير الموضوع قائلة:

" وكيف يتحدث العالم والناس".


تكرر الاتصال لتحدثها امها بفرح:

" يكفي أن يكون كالفتيات هيا اجيبي لأفتح رأسك واخرج منه عنادك هذا".


أجابت شهرزاد بيدها المرتجفة وصوتها الخجل:

 " السلام عليكم".


رد شريف وهو يطفئ إضاءة غرفته مستلقيًا على فراشه رافعًا الغطاء عليه وهو يقول:

 " وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، اتصلت لأشكركم على حسن استقبالكم لنا".


اجابته بصوت كاد ان يسمع:

" العفو حتى أننا قصرنا بحقكم فأنتم تستحقون الأفضل".


 قالتها وهي تنظر لأمها التي كانت تضع أذنها بالقرب من الهاتف داعية ربها أن لا يفقد عقله وتفضح أمامها.


ابتسم شهريار قائلا:

"الأفضل هو ما فزتي به اليوم وأخيرًا تحقق حلمك و نلتي مرادك".


اتسعت عين أمال وهي تنظر لابنتها التي شحب لون وجهها واثلجت أطراف يدها من الصدمة،

وأمام صمتها أكمل شريف فقده عقله على التمام  قائلا: 

" هل تسمعيني أقول لكِ اليوم تحقق حلمنا، خطيت أول خطواتي بطريق جنتي وسعادتي ومن ستفعل كل ما بوسعها كي تجعلني شهريار هذا الزمان".


ابتلعت ريقها وهي لا تعرف بماذا ترد هل تستمع لعقلها وترد عليه بما يحرضها عليه، ام تتأنى وتنتظر عودة عقله لرأسه وإصلاح ما يقوله أمام أمها.


تحدث من جديد وهو يضحك قائلا:

" تمام وصلني الرد علي أن أغلق بسرعة قبل ان يقصفني مدفع حبي الذي أشعر بقرب انطلاقة، طبعا ليس خوفًا بل حفاظًا على جمال ذكرى هذا اليوم".


ظلت صامتة بوجهها الخجل لتنغزها امها وتشير لها برأسها وعينيها كي ترد عليه ولكنها رفضت، وأمام صمتها الذي طال عاد ليتحدث بنبرته الفرحة:

" هيا اغلقي أنتِ أولا كي يطمئن قلبي عليكِ". 


وبسرعة محفوفة بالخجل ردت عليه:

 " تمام سأغلق تصبح على خير".


هم ليقول لا يوجد خير أكثر مما أنا به أو أنه يتدلل عليها بقوله هل ستغلقين وتتركيني وحدي، ولكنه لم يلحق قول هذا أو ذاك حين أغلقت فور إنهائها جملتها الأخيرة.


ابتسم وجهه اكثر محدث نفسه:

" أعلم أن عملنا صعب ولكنكِ تستحقين".


ضربتها أمها على كتفها من جديد لتضع شهرزاد  يدها مكان الضربة قائلة بصوت طفلة حزينة:

"أرى أن يدك اعتادت على ضربي، ماذا فعلت أنا لكل هذا".


قبلتها أمال وقالت

 " لأجل ما لم تفعليه لماذا صمتي الرجل يضحك معك ويحاول أن يأخذ الكلام من فمك المغلق".


ردت شهرزاد ممثله ضيقها:

" ماذا أقول، لا يمكنني مسايرته ألستُ محقة يا أمول أم ستبيعي مبادئك لأجله".


تغيرت ملامح وجه أمها وهي تجيبها:

" استغفر الله العظيم نعم محقة يا روح وقلب ومرارة أمول،  سأصلي وادعي ربي أن يعمي عيونه عن غيرك وأن يترجم قلبه أفعالك لرومانسية وحب".


ضحكت شهرزاد بجوابها:

 " وأن يسمع كلامي ولا يطيل بأحاديثه".


بادلتها أمال الضحك قائلة:

 " وأن يشرب الحليب وينام باكرا".


دخلت بحضن أمها قائلة بحب:

"جميل ليستجيب الله منك يا أحن أم في الدنيا".


وبفرحتها بابنتها تساءلت أمال:

 " أقول لنفسي ماذا إن أيقظك في منتصف الليل راغبا بعروسته تجلس معه وتحدثه و تدلِله".



ردت شهرزاد بقوتها التي ظهرت لتخفي خجلها قائلة:

"سأكسر يده ورأسه، وما دخله بنومي لماذا أستيقظ في منتصف الليل لأحدث و أدلل، أقول لكِ من الآن لو فعلها سأختار البقاء معكم".


وبضحكة خرجت من قلب أمال الفرح أجابت على ابنتها:

"وما ذنبنا نحن هل ستعاقبينا معه، وأيضا نحن لا نسترد البضاعة المباعة ولا نستبدلها حتى أقول لكِ لا نحب أن نراها مجددًا".

 

احتضنتها ابنتها وهي تدعو لها أن يهدئ سرها هي واختها ويكرمهم الله بالسعادة والهناء طيلة حياتهم.


وبعد خروج أمها من الغرفة عادت لتكرر رؤيتها لحالته ليأتي على خاطرها فكرة لطيفة حين اختارت صور عريس رافع يديه يقرأ سورة الفاتحة ومن الداخل عروسته تقف جانبًا تشاركة القراءة وعيونهم تنظر لبعضهم كاتبة أعلاها:

" اوقدوا الشموع وانثروا الزهور ودقوا على الدفوف فاليوم قُرءت فاتحتي".


لم يصدق ما رآه أرسل لها رسالة كاتبًا:

 " اوقدتها فرحتي، و نثرتهم روحي، ودق عليهم قلبي بفرحته".


ردت على رسالته برسالة أخرى كاتبة:

" تتعمد إحراجي ومن ثم تنتظر ردي".


كتب شريف:

" تقولين عليك ان تتحكم بنفسك كي أرد عليك".


اجابته كاتبة:

" نعم تحكم بنفسك لقد فضحت قبل قليل وأمي تسمع ما قلته".

 

جلس على فراشه كاتبًا:

 " هل سمعت أمك ما قلته لكِ؟".

 

وبخجل كتبت شهرزاد:

" أعتذر منك كانت بجانبي وصوت الهاتف كان يصل لاذنها".


ضحك شريف كاتبًا لها

" ياليتني كنت اعلم بهذا حتى أحسن من أدائي أكثر مما خرج لترى كم أنا سعيد بابنتها".


طال جوابها ليتصل بها قائلا فور فتحها الاتصال:

" تمام لن أتحدث بهذا الشكل ولكن عديني انكِ ستجيبي على سؤالي".


_" أي سؤال؟"


رد عليها: " هل أنتِ سعيدة بخطوبتنا؟".


 خجلت من سؤاله، ليتحدث من جديد متسائلا:

 " ما به سؤالي هل هو صعب لهذه الدرجة!".

 

أجابته بصوت منخفض:

 " عليّ استرجاع ما درسته كله لأتذكر الإجابة".


_" تقولين لا إجابة لك عندي".


ابتسمت بردها:

 " نعم لأنه عليك أن ترى وتلمس الإجابة بنفسك فهناك أشياء لا يستطيع اللسان وصفها، وإن فقدت بين الطرفين لا يمكن لأي قاموس ايجادها وشرحها".


رد بتعجب:

" هل تفوق التلميذ على أستاذه يا ترى".

  

صمتت مبتسمة ليكمل شريف:

" طبعا شعرت ورأيت وسمعتها بنبرة صوتك ووجهك وأنتِ تتحدثين اليوم، الحمدلله الذي أكرمني بكِ، أعدكِ أنني لن اجعلكِ تندمين على هذا اليوم قط، حتى ستحتفلين به كل عام  كأسعد يوم مر عليكِ".


_"أنا اثق بهذا وأنا أيضا أعدك أن أكون بالقدر الذي يرضيك أن خفضت سقف أحلامك طبعا".


ضحك متسائلا:

 " هل سقف أحلامي؟ ماذا تقصدين بهذا إياك والاقتراب من قسم الاساطير والروايات".


_" هنا مربط الفرس، أقول لنفسي ماذا ان فشلت شهرزاد بإسعاد شهريار بعالم الأحلام الذي يتمناه".


أوقفها سريعا قائلا:

 " بإسعاد من؟، كرري ما قلتيه".


_"شريف لا تجعلني أندم على تحدثي".


طار قلبه قائلا:

 " انتظري بالراحة علي واحدة واحدة سيتوقف قلبي أنا لم أسمع إسمي بهذا الجمال من قبل".


خجلت أكثر ليطلب منها أن تناديه مرة أخرى قبل أن ينهي مكالمته، أنقذتها زيزي حين نادت عليه واضطروا لأغلاق المكالمة بسرعة.



بهذه الليلة الجميلة وضعت شهرزاد هاتفها بحضنها ونامت بهذه السعادة الكبيرة التي جعلت توته تطالب بالعودة للقاهرة كي تكون بجانب اختها وامها أثناء تحضيرات الخطوبة.

 

حزنت فهمية التي لم تشبع من أولاد ابنها، وعدتها توته بزيارتهم بأقرب وقت.


عادت توته للقاهرة صباح اليوم التالي وكأنها وجدت حجتها لتهرب من الذكريات التي أكلت قلبها.


و بعد يومين اتصلت زيزي بهم لتطلب منهم أن يأتوا لزيارة متجرها لعل العروس تجد لديها ما تحلم به.


فاجأتها شهرزاد باختيارها للموديل وذهابهم غدا لإحدى فروع معروضات المصنع ليروا الموديل على أرض الواقع.


سألتها عن اسم المصنع وشكل الموديل لترسل عروستهم الرابط الخاص بصفحة إحدى مشاهير الانستقرام مشيرة لها على الفستان الذهبي به، ورغم اعجاب زيزي بموديل الفستان وطرازه إلا أنها غارت من ذهابهم لمصنع غريب عنهم فحين ينتظر الجميع ما سترتديه عروسة زيزي الحلو صاحبة الذوق الراقي وسط الطبقة المخملية تذهب عروستهم لترتدي من ماركة مختلفة ترفع من شأنها و اسمها بهذه الأجواء التي أصرت زيزي أن تدعو بها صفوة الأصدقاء والمعارف.


وهذا ما جعلها تصر على أن يأتوا إلى متجرها ليروا موديلات أخرى، وبصوت ادهش امها واختها تحدثت شهرزاد قائلة:

 " لا مشكلة لدي ما دمتي ترين هذا مناسب فلنأتي، لربما نرى الأفضل".


أغلقت شهرزاد الهاتف وهي تنظر لمن تسمروا أمامها بأفواههم المفتوحة قائلة:

 " قلتها كي لا اكسرها بأول طلب لها، يعني لأجل هذا وافقت".


اومأت توته رأسها وهي تحرك شفتها بيدها:

 " أمممم جميل بداية مشرقة استمري بهذا".


أكدت أمال على ما قالته توته:

"مشرقة ومشرفة عجبتيني يا شوشو استمري بهذا".


قاطع حديث أمها صوت رنين هاتفها من قبل إتصال شريف ليقتربا منها وهما يقولان لها:

" افتحي أجيبي عليه".


تحركت شهرزاد وهي ترد عليهم:

" سأجيب طبعا ولكني سأذهب لأشرب الماء أولا".


وضعت أمال يدها على كتف ابنتها لتجلسها مكانها قائلة:

 " أجيبي أولا ومن ثم سنعطيكِ خزان ماء كامل".


جلست توته بجانبها قائلة:

" ها هو يتصل من جديد أجيبي بسرعة".


فتحت شهرزاد الهاتف ليميلا عليها مستمعين لشريف وهو يقول:

" انا بالطريق إليكم أمامي نصف ساعة على الأكثر".


وبصوت مفاجأتها أجابت شهرزاد:

" ولماذا ستأتي؟".


 لكمتها امها بكتفها لتنظر نحوها بتذمر، أتاها صوته من جديد قائلا:

 " أخبرتني أمي بذهابكم لمتجرها وأنا سآتي لاصطحابكم إليه".


تحدثت لعريسها:

 "شكرا لك سنذهب وحدنا".


 قاطع حديثها صوت أمها حين تحدثت:

 " رضي الله عنك يا ابني سنتجهز بسرعة وننتظرك بالأسفل".


ابتسم شريف قائلا:

" لا كونوا على راحتكم سأتصل بكم فور وصولي".


أغلقت شهرزاد معاتبة امها:

" لماذا ضربتيني، وايضا كنا سنذهب بمفردنا لا داعي بقدومه".


ردت توته قائلة:

 " بغض النظر عن اعتراضي على ما قالته أمول بانتظارها في الأسفل وهذا حلم لم أحققه لرجل قط، إلا أنها محقة إن كنا سنذهب فليأتي ليأخذنا حتى أعتاب المتجر ويهتم بنا هناك ويعود بنا بعد ان ننتهي".


ردت أمال على توته قائلة:

" خرجت مني دون قصد أشفقت عليه بهذا الزحام، الطقس المشمس بزيادة ولكن عليكِ يا شهرزاد أن تستمعي لما تقوله أختك لكِ، تعززي و تدللي عليه كي لا يعتاد أن تفعلي كل شيء بمفردك وتعودي تشتكي من ثقل حملك وحمل ما سيحملهُ لكِ".


تحركا ليرتدوا ملابسهم بسرعة، طلبت أمال من بغدادي أن يذهب ليأتي بالأولاد من المدارس ومن ثم يسخن لهم صينية المكرونة بالبشاميل ويطعمهم إن تأخروا بعودتهم فهي تفكر أن تتجول بمتاجر منطقة مصر الجديدة و روكسي لتشتري بعض النواقص. 


أخرجت توته حجاب حريري بلون الكريمة وأعطته لأختها قائلة سيكون لائقا على ما نويتي ارتدائه.


 نظرت شهرزاد لها قائلة:

 " تمام سأرتدي ما اخترتي ولكن ألم يأن وقت تبديل الأسود، أنتِ وعدتيني بهذا".


ردت توته وهي تتهرب منها قائلة:

 " سأبدله لا محال، لا تستبقي الوقت كله بمعاده سيأتي".


_" هل تعديني أن يكون بحفل خطوبتي، على الأقل ابدئي يومها ومن ثم واحدة بواحدة ستعتادين على العودة للألوان، كما قلت لكِ إن لم يكن لأجلك فعلى الأقل ليكن لأجل الأولاد".


ردت توتة عليها:

" اتركيها على الله لا أحد منا يعلم ما سيرتديه سنذهب أنا وأمي بعد ان ننهي أمر فستانك لنختار لنا ما نرتديه".


وصل شهريار عصره وزمانه طائرا من فرحته كي يصطحب أميرته التي خجلت أن تصعد بجانبه في المقعد الأمامي ليصبح من بعدها حظا لأمال التي لم تصمت طوال الطريق.


استقبلتهم زيزي بالترحيب الكبير و اجلستهم بمكتبها العلوي لتضايفهم واجبهم أولا،  ومن ثم فتحت أمامهم أبواب أحدث الموديلات التي أشبهت ما اختارته عروستهم وأفضل منهم ليطير عقلها بفستان زيتوني اللون.


اعترضت توته على درجة اللون وخاصة أنها غير ناصعة بجانب بساطة الفستان لدرجة لا يوحي بحفل خطوبة.


 تحدثت زيزي لتختار لها فستان من اجمل ما يكون انبهرت شهرزاد بلونه البنفسجي وتفصيلته البسيطة وطرازه الراقي على الأكتاف والخصر وأطراف الذيل الطويل.

 

مالت توته عليها لتهمس لها:

 " فقدتي عقلك كيف سترتديه وسط العالم والناس انظري لضيقه وإبرازه للمفاتن ستصبحين وكأنك لا ترتدي شيء".


نظرت شهرزاد لضيق الفستان وتفنن صانعه بتحديد موضع الصدر بخيوط من نفس لون الفستان بجانب  إبراز جمال الخصر بالطرز حوله بشكل رائع.


اقتربت زيزي قائلة:

 " أعتقد أننا نتقارب بالأذواق أرأيتي كم هو جميل".


أنهى شريف مكالمته مقتربا من أمه وعروسته 

متسائلا:

" هل ثبت رأيكم على تصميم معين؟".

 

ردت زيزي على ابنها بفرح:

" اخترت لها واحد لا يمكنها رفضه، ستنطق الصورة من جماله على الموديل".


مد بصره نحو الكتالوج الذي بيد شهرزاد متعجبًا من إغلاقها الفوري لصفحاته.


تحركت زيزي وهي تستجيب لنداء إحدى الموظفات لديها، وهنا استغلت توته ابتعادها قائلة لأختها:

" لم تسمحي له أن يراه على الموديل بهذا الضيق وكأنه مطلي عليها، فكيف كنتِ ستسمحين للجميع أن يراه عليكِ وكأنكِ..".


صمتت توته خجله من شريف الذي فرح من غيرة خطيبته عليه، ردت العروسة على أخته قائلة: " سأطلب مقاس أكبر منه".


نظرت توته لشريف قائلة:

" أنا لا أحب الفساتين الضيقة والمرسومة على الجسم كأن الفتاة تعرض نفسها لتخترقها نظرات كل من دب وهب بالحفل".


صمت شريف ناظرًا لشهرزاد التي فتحت الكتالوج لتنظر للفستان من جديد قائلة:

" ولكنه جميل".


رد عليها ليتأكد مما فهمه منذ قليل قائلا:

" هل لهذه الدرجة، انتابني الفضول دعيني أراه لأقول لكِ رأيي بجماله".


 وبدون رد عادت لتغلق ما بيدها معبرة عن رفضها الصامت،  لتزيدها توته خجلا بقولها: "سأشتريه لكِ لترتديه بمنزلك حتى سأطلب أن يكون قصيرًا ومفتوحًا من الأعلى أتتذكرين فعلناها بالسابق  وسنكررها معك".


داعب شهريار أنفه  بطرف يده وهو يسترق النظرات لمن غرقت بخجلها منه،  تحركت توته هي أيضا لترى طقم اختارته امها لها.


اقترب شريف من عروسته قائلا:

" هي محقة لا اريد لاحد ان يرى جماله عليكِ فليبقى لي وحدي، لا تقلقي أنا اثق بذوقك أن اعجبتي به لهذه الدرجة فمن المؤكد أنه مميز ولا شبيه له".


 وأشار على نفسه ليكمل:

 " أصبحنا نعلم ذوقك بقوة اختياراتك". 


ابتسمت وهي تدير رأسها فاتحة ما بيدها تقلب بصفحاته تحرك و وقف خلف مقعدها لينظر معها محاولًا مساعدتها في الاختيار الذي لم يتم، فرغم جمال الموديلات إلا أنها لم تناسب حجابها و تحفظها الكبير.


 وصلت طلبية جديدة للمتجر قرب خروجهم وحزن زيزي على عدم تحقيق أمنيتها، لفتت انتباه توته بوجود فستان باللون البنفسجي الذي أعجبت به أختها وسط الطلبية الجديدة،  لتشير لها قائلة:

 " انظري أنه يشبه ما أعجبك بالأعلى". 


اقتربت شهرزاد من استاند التعليق ومدت يدها داخل الغطاء البلاستيكِي قائلة:

 " نعم  لونه مماثل له ولكن ملمسه اجمل واجمل".


راقبت توته التهاء الجميع باستقبال البضاعة الجديدة لتقترب من أختها قائلة:

 " ارفعي غطائه لنراه بسرعة ونغلقه من جديد".


رفعت شهرزاد الغطاء البلاستيكِي لتنبهر أكثر بجماله، تحدثت توته من خلفها:

 " ما هذا الذي أراه والله ما توقعت أن يكون فستان متكامل بهذا الشكل، انظري لجماله أنا لم أرى مثله من قبل".


نظرت شهرزاد بعين اتسعت عند قراءة سعره لتقترب توته منها شاهقة:  " هااااااااا".


وبسرعة تركته شهرزاد وانزلت الغطاء عليه "والله ان علم أبي بسعره سيلغي الزيجة كلها".


استدارت لتجد عريسها أمامها يسألها:

" هل أعجبك أحدهم ؟".


ردت توته وشهرزاد بنفس واحد:

" لا لم يعجبنا"

 أكملت توته: "كان مجرد فضول لأجل لونه".


 اجابهم شريف وهو ينظر خلفهم:

" نعم لونه شبيه بلون ما اعجبت به في الأعلى".


ردوا الإثنان من جديد: " لااااا مختلفون".


استغرب من حالتهم و ردودهم المتشابهة اقترب من الفستان ليجد الغطاء عالقا على ورقة السعر لينظر إليها قائلا:

 " ما هذا هل يمزحون مع الزبائن؟".


 وأخفض صوته وهو ينظر نحو أمه قائلا:

  " أم يحتالون عليهم".


أقتربت زيزي منهم قائلة:

 " لاحظت إعجابكم بأحدهم".


رد شريف عليها بردود من سبقوه قائلا:

" لا لم يعجبنا أنهم مختلفون".


ضحكت توته وشهرزاد لتقترب زيزي لتريهم الموديلات الجديدة، مالت توته على أمها التي اقتربت منهم قائلة:

" هيا لنسرع بخروجنا كي نضمن المبيت بمنزلنا الليلة".


 وخفضت صوتها أكثر وهي تبلغها سعر ما رأوه، وضعت أمال يدها على بطنها قائلة:

 " اه ألمني بطني هيا لنعود ونكمل بيوم آخر".


تحدث شريف لأمه قائلا:

 " أتساءل من أين تجدين زبائنك؟".


ردت مبتسمة بثقتها:

" لنقل أصبحنا ذو ثقل وثقة بالسوق".


_" الواضح أنني سأستقيل من الجامعة واعمل لديكِ من بعد الآن".


أمسكت زيزي ورقة السعر ناظرة إليها وهي تقول لإحدى العاملين:

 " سمر هل أتى من موديل مائة وخمسون ألف مقاس ثمانية وثلاثون أو أربعين كلاهما يصلح".


رد شريف متسائل:

 "هل كان رقم الموديل؟".


 ضحك بصوت عالي قائلا:

 " وأنا من طمع بثروتك".


ضحك الجميع على قوله، تشجعت شهرزاد بقياس الفستان الذي سلب عقلها ورفض الجميع أن يريه لمن تذمر واعترض على حرمانه مما سماه حقه الشرعي.


اهتمت زيزي بأدق وأصغر التفاصيل دون معارضة من عروستهم التي أعجبت باختيارها ونصائحها واقتراحاتها.


تعجبت امها واختها من اسدهم الذي تحول بيوم وليلة لقطة مسالمة.


اعتاد شريف على زيارتهم بآخر أيام تفصلهم عن موعد الخطوبة وهو يتحجج بأقل شيء ليأتي إليهم، زف لهم موعد جلسة التصوير الخاصة صباح يوم الخطبة، رفضت شهرزاد الذهاب لعدم قبولها التصوير بوضعيات خاصة معه قبل عقد قرانهما، اقترحت توته تأجيلها بعد عقد زواجهما ولكنه رفض واصر على ذهابهم وهو يعدها أن لا يضغط عليها بأي وضعية غير مناسبة،  سيتصورون دون أن يقتربا بشكل زائد أو يمسك يدها.


وبهذا الوعد استيقظوا صباحا لترتدي فستانها الجميلة، اهتمت اختها بلف حجابها على رأسها بعناية كبيرة وهي تنظر للفيديو أمامها كي تخرج مماثلة له.


نزلت الأميرة من منزلها وسط زغاريد الجيران ومباركتهم لها، تفاجأت شهرزاد من جمال سيارته المزينة بورود البنفسج والحرير.


  فتح لها الباب الأمامي لتجلس به، تحركت توته لتجلس بالخلف وحدها دون أولادها بعد أن تركتهم مع امهم ليس فقط الأولاد بل وتركت الهاتف بالخطأ حين اسرعت كي لا يتأخروا، ليكون من حظ بغدادي الرد على البدري ومعرفته بوجوده في القاهرة ليصر عليه حضوره الخطوبة.


شكره البدري بأول الأمر معتذرًا لأجل وجود الأولاد معه و ضرورة رجوعه للبلد.


رد بغدادي عليه قائلا:

" تمنيت أن تحضر معنا والأولاد يسعدوا مع بعضهم كعائلة واحدة، لا أحب أن أضغط عليك وسط اشغالك الكثيرة كان الله بعونك كن على راحتك".


شكره البدري واغلق الهاتف بصدر ضاق مما حدث، كان يريد أن يوافق ويرافقهم الحفل معاتبًا على نفسه رفضه بهذه السرعة.



نظر لأطفاله النائمين بالخلف وهو أكثر ضيقًا فقد أتى بهم كل هذا الطريق ورفض أن يحضر سائق معه كي يذهب لزيارة منزل الحاج بغدادي ويحظى ببعض الوقت بينهم.



ظل يحدث نفسه بهذا الضيق والتخبط الذي بداخله، بالأصل لم يكن هناك أهمية للسفر كان من الممكن ان ينتهى الامر وهو بالصعيد، ولكنه تحجج أمام نفسه بأهمية سفره للقاهرة، بالإضافة الى جزء منه يتحجج بوجوب اطمئنانه على الأولاد وزيارتهم، وبين هذا وذاك حقيقة مخفية داخله بمكان بعيد يشعر بها ولكنه لا يريد ان يراها أو يصدق وجودها.


ووسط أجواء مليئة بالحب والسعادة كان الأميران يستمتعان بالتقاط عدسة المصور عدة صور رائعة تخللها الضحك الهستيري الذي كان ينبع من أعماق قلوبهم الفرحة. 


طالت الجلسة وكثرت الصور ليتوجب عودتهم ليتحضروا لذهابهم للقاعة.


وعند عودتهم وتحجج شهريار بالصعود معهم ليشرب قهوة من يد أمال تفاجأوا بوجود البدري في المنزل، وقف بغدادي ليعرف شريف على البدري قائلا:

" البدري إبن عم المرحوم مدحت".


 ثم نظر للبدري قائلا:

" ابني شريف عريس شهرزاد".


سلم البدري عليه وبارك له خطبتهم، ثم نظر لشهرزاد وبارك لها معتذرًا من الجميع مجيئه بوقت غير مناسب ولكنه لم يرد كسر فارس الذي أصر على شراء الهدايا لأولاد عمه ورؤيتهم قبل عودته للبلد.


صمت لوهلة أكمل بعدها بخجل قائلا:

 " لم أكن أعلم بموعد الخطبة، وحين اخبرني الحاج بغدادي قلت لنفسي سنذهب لنرى الأولاد بسرعة ونعود على عجل، بالأذن منكم أعلم أنه لا وقت لديكم أتمنى لكم السعادة".


وصلت توته للمنزل بعد أن اشترت الحلوى التي سيأكلونها مع القهوة متفاجئة هي أيضا بوجود البدري،  وبهذا الوقت أيضا خرجت أمال من المطبخ قائلة لهم:

 " لن يذهب أحد منكم قبل أن يأكل معنا وضعت مكرونة بشكل زائد وعليكم انهائها".


رد بغدادي بضحك:

 " وما ذنبنا نحن نشفت معدتي من وراء المكرونة، هذا ما حدث لأجل أسبوع الخطبة فماذا ستفعلون بنا وقت الزفاف".


ضحك شريف مجيبًا عليه:

" لا تقلق يا عمي لن أجعلك تفكر بالأمر كثيرًا تبقى أسابيع لترى بعينك ماذا سيفعلون".


زادت نبرة ضحك بغدادي وهو يقول للبدري:

 " هل رأيت ما يفعله الجميع بي، وكأنه ينقصنا هذا الإصدار المتعجل لتكتمل عائلتنا".


 ضحك البدري لتأتي أمال بأطباق المكرونة بشكل مزدوج، اخذت توته نصيب الأولاد ووضعته لهم في الغرفة ليأكلوا مع بعضهم، نادى البدري على سلمى ليأكلها بنفسه كي لا تشارك ملابسها بالطعام.


انهوا الطعام العائلي الهادئ ليشربوا القهوة بعدها، تذكر بغدادي صلاة العصر وضع فنجان القهوة جانبًا واسرع بأدائها، كما  تحركت شهرزاد لغرفتها ليطلب شريف أن يدخل الحمام، تحدثت توته بهذا الوقت قائلة للبدري:

  " لا أعرف إن دعاك والدي للحفل أم لا، أن اردت فليأتوا معنا للحفل سيفرحون بالألعاب هناك فالمكان جميل و واسع القاعة وسط الأشجار وبجانبها حديقة خاصة بألعاب الأطفال".


عاد البغدادي من جديد وهو يستغفر بعد صلاته قائلا:

 " اتركيه يا بنتي بالأصل عرضت عليه ولكن ظروفه لم تسمح له كان الله بعونه رغم إني أشفق على الأولاد من عبئ السفر هذا، فطريق الصعيد ليس بهين".


 رد البدري على البغدادي قائلا:

" أنت محق وأنا أيضا اشفقت عليهم لهذا قررت أن أبقى اليوم بالقاهرة لأجل راحتهم، و غدًا بعد صلاة الفجر أستعد للعودة".


صادف كلامه خروج شهرزاد من غرفتها معقبة على حديثه قائلة:

 " لم أكن أعلم إنني بهذا القدر الذي يجعلك تؤجل سفرك لأجل حضور خطبتي".


ضحك البدري وهو يرد دون رفع بصره عليها:

" هذا ما ظهر فقط ". 


كانت الأجواء مبهجة حقًا، استأذن شريف ليذهب لاستكمال التحضيرات، كما ذهبت أمال لتبدأ هي والبغدادي بارتداء اطقم الحفل قبل أن يأتوا أولاد عم البغدادي وعائلتهم ليذهبوا مع بعضهم كما اتفقوا.


 استأذن البدري منها كي يذهب ليحضر نفسه هو والأولاد، تحدثت توته لتخبره أنها اشترت طقمين لهادي بنفس الشكل مع اختلاف اللون ليرتدوا مثل بعضهما.


لم تنتظر رفضه الذي كان واضحًا مناديه على هادي ليجلب طقمه الثاني طالبه من ان يعطيه لابن عمه.


تحدث البدري لفاطمة قائلا:

 " لا اعرف ماذا أقول الشكر لكِ سلمتي لأجل طقم هادي ولكني سأذهب لتبديل ملابسي وأيضا سلمى لا يمكنها البقاء بهذا الحال فلكل مقام مقال".


اومأت رأسها مجيبة عليه:

 " الحق معك كما تريد اعتذر ان تدخلت بأول الامر أنا فقط اردت رد شيء ولو صغير مما تفعله أنت معنا ومساعدتك كما تساعدنا دائما".

 

جاء ليرد عليها دون أن يبدأ حين علا صوت أمال المنادي عليها، استأذن منها وأخذ أولاده وخرج من المنزل لينزل الدرج وهو يقول لفارس:

 " لا تحزن سنعود إليهم لتلعب وتسهر كما تريد ولكن أنت تعلم أختك لم تصمت عن طلبها لك وبكاءها عليك،  لهذا رفضت بقائك معهم".


اسرع الوقت بالمرور شوقا لهذه اللحظات التي ازدادت سعادة بوصول العروسين لقاعة الحفل بشكل غير ملتصق يسيرون بجانب بعضهم يرحبون بالضيوف يلوحون لهم بفرحة كبيرة.


 

اجلسها شريف أولا ومن فرحته ظل مكانه ينظر لها مطولا، أنهت توته تعديل فستان العروس وترتيبه حولها ناظرة للعريس قائلة:

 " ليس وقته الآن أجلس بجانبها".


 ضحك شهريار وتحرك ليجلس بجانب عروسته التي خجلت من حالته وحديثه وهو يرد على أختها: 

" وكيف سأجلس بجانب القمر سأحترق بضوئه الساطع الآن".


ردت عليه شهرزاد بخجلها قائلة:

" الشمس من تحرق وليس القمر".


تحدثت فاطمة بحزم يخالطه الضحك:

"اجلس يا شريف الناس تنظر نحوك" 


ضحك وجهه جلسًا بجانب عروسته وهو يقول لها " الآن اكتملنا".


قالها ليسبحا بسعادتهم وفرحته تاركين من سقطت الكلمة بقلبها كجمر مشتعل ألهب النيران التي حاولت إخمادها لأجل إظهار عكس ما تشعر به أمام الجميع. 


تحكمت بدموعها وظلت تهتم بضيوفهم وترحب بهم بجانب والديها وكلمة شريف تدوي بأذنها، ليس بصوته ولكنها دوت بصوت رفيق دربها

 " اكتملت الآن".


تحركت لتذهب للجهة الجانبية من القاعة للاطمئنان على أولادها، في نفس اللحظة ترك البدري أولاده في الألعاب و وعدهم أن يعود إليهم بسرعة بعد ان يهنئ ويبارك للعروسين.


 أوصى البدري فارس وهادي على سلمى وتحرك بخطوات سريعة  ليؤدي الواجب ويعود إليهم بعد أن أبت صغيرته ترك الألعاب والذهاب معه. 


وفي مكان يتوسط منطقة الألعاب وقاعة الحفل  اختل توازن فاطمة لتشعر بدوران شديد، اغمضت عينيها عندما رأت جميع ما حولها يدور معاها، رفعت يدها على رأسها محاولة عدم فقد وعيها الذي بات مرئيا رؤى العين.


 تسارعت خفقات قلبها بالتزامن مع وصول صوت البدري إليها وهو يسألها عن ما هي فيه، مدت يدها اليمنى نحوه محاولة الاستغاثة به، تفاجأ مما فعلته نظر ليدها بعين متسعة ويد اسرعت لإمساكها من معصمها لتضع هي يدها اليسرى على معصم يده.


انصدم البدري بحقيقة سقوطها مسرعًا بمد يده الأخرى كي يمسكها من أعلى ذراعها الأيسر مانعا سقوطها، كان من الأولى ضمها إليه ليحملها ويتحرك بها لأقرب مقعد أو أنه غير موضع يديه واضعا واحدة خلف ظهرها والأخرى على وجهها ليعيدها لوعيها، ولكنه ظل على حالته التي أشبهت صاحبي الصدمات الكهربائية ينظر بهلع وانفاس تتسارع مع ضربات قلبه على من سيفقده عقله أولا.


تسمر دون حركة أو نطق حتى و لو حرفا واحدا، لم يتعدى الإغماء والإيفاق الدقيقتين عادت فاطمة لوعيها فاتحة عينيها المتعبتين ناظرة لقربه بصفن وجسد يحاول استعادة وعيه وإدراكه لما هو به.


جاء منقذ من الخلف بمقعد خشبي وضعه بجانب توته قائلا للبدري:  "اجلسها عليه".


تحرك ليجلسها على المقعد وهو يخفض قامته ليصبح بامتداد عينيها، وقبل ان يخرج البدري من حالته الصامتة  تحدث الرجل لفاطمة قائلا:

 " ما به القمر هل أرهقته إضاءة المكان حوله".


تحولت نظرات عيونه بسرعة كبيرة مما افزع الرجل وأخافه معتذرًا منه:

  " أعتذر أنا امزح فقط لا أعلم أنها تخصك".


و بصوته الاجش اقترب من الرجل قائلا:

"وهل نحن بوقت يتطلب المزاح".


غضب الرجل رافعًا صوته بوجهه:

" ما بك ومن أين أعلم أنها  تخصك وأنت كنت تخاف من لمسها، إن كنت مكانك لأغتنمت الفرصة أيا كانت صلتي بها".


لم ينهي الرجل كلمته حتى صدمه البدري بقوة يديه على صدره ليلقي به أرضا قائلا بنخوة الرجولة و روح رجل صعيدي أصيل:

 " والله إنك عديم التربية وحلال ما سأفعله بك"


وهم مشمرًا يداه لينقض عليه كي يعلمه أدبه واحترامه لحرمات الغير، تحركت فاطمة بسرعة لتمسك معصمه من جديد قائلة بعين مغمضة:

 " لا تفعل، أتركه يذهب".


نظر لها بسرعة برق قلبه، هرب الرجل بهذه اللحظة خوفا منه. 


تركته وعادت لتجلس على المقعد واضعه يدها على رأسها، اقترب منها متسائلا:

" هل اصبحتي أفضل الآن".


عاتبته بصوتها الذي سحره مجددا رغم تعبه:

 " كيف وضعت عقلك بعقل شخص كهذا؟". 


والتقطت نفسها مكملة:

 " ماذا إن تفاقم الوضع و ورطت نفسك بمشكلة كبيرة؟".


_" اتركينا منه سيفكر مئة مرة قبل رجوعه وإن فعلها سأكسر قدمه".


نظرت توته جهة الألعاب قائلة:

 " أصبحت بخير سأذهب لأطمئن عليهم".


و بصوت حنون فقد سيطرته على نفسه تحدث البدري قائلا لها:

" إلى أين ستذهبين بهذه الحالة انهم بخير لا تقلقي  أتيت قبل قليل من عندهم وتفاجأت بحالتك، هل انتِ متأكدة أنكِ اصبحتي بخير؟".

 

امتلأت عينيها بالدموع وهي ترد عليه:

 " أحاول على قدر المستطاع أن أكون كذلك ولكني فشلت مجددا".


استقام بوقفته وابتعد خطوتين متهربا من دموعها التي سقطت منها وبدأت بتجفيفها بسرعة.


تحدث وهو ينظر حوله:

 " سأشتري الماء وأعود إليكِ".


ابتعد عنها ليعطيها الفرصة بالبكاء وإخراج ما بداخلها عائدا بعدها وخلفه ثلاث أشخاص اثنان منهم يحملون طاولة ومقعد والثالث يحمل صينية كبيرة ممتلئة بالأطعمة وضعوها بجانب فاطمة وهم يقولون للبدري:

" دقائق وباقي الطلبية ستأتي لحضرتك".


تحركوا ليعودا من حيث أتوا، نظرت توتة للأطعمة وهي تقول:

" أنا لست جائعة أكلت معكم".

 

جلس على المقعد المقابل لها، فاتحًا زجاجة الماء ووضعها أمامها ومن ثم فتح الأطباق ليضعها أمامها أيضا قائلا:

" نعم تناولتي بدليل أنكِ اخذتي طبقك وذهبتي لغرفة الأولاد ومن ثم عدتي به فارغًا".


صمتت خجلة متفاجئة من قوة ملاحظته وحديثه لها عن أهمية تناولها طعامها بانتظام لأجل عائلتها وأولادها وصحتها.


رآهم باهي ليعود سريعا لأخوته كي يفتن عليهم ويأتي بهم متسللين بجانب الأشجار راكضين نحوهم وهم يصرخون: 

" أمسكنا بكم".


 ضحكوا على ضحكهم ممثل البدري مفاجأته بهم، تناولوا طعامهم بشكل خاص كعائلة واحدة لأول مرة، وصل النادل بسندوتشات الشاورما وزعها البدري على الأولاد الفرحين.

 

تحدثت توته وهي تمسح فمها بالمنديل قائلة:  "عليّ أن أعود للحفل تأخرت عليهم".


وقف البدري وهو يبتلع ما بفمه ويمسحه بسرعة قائلا: " معك حق عيب بحقنا وكأننا نسينا أمر الحفل هيا لنذهب معا كي نقوم بواجبنا".

 

نظر للأولاد قائلا لهم:

 " انتظرونا حتى نعود".


تفاجأت توته بحالته وحديثه وتحركه بجانبها وهو يقول لها: " هيا بنا".


صمتت وسارت معه بشكل متباعد ليدخلا سويا القاعة فرحين بالعريس الذي كان يرقص مع ابن  خاله وأصدقائه، وفور رؤية بغدادي لهم أخذ البدري بجانبه كي يعرفه على العائلة والأصدقاء حتى أنه ذهب لأمين وناجي ليعرفه عليهم.


وصل الأطفال للحفل فرحين بالأجواء أخذ فارس اخته من يدها واقترب بها من توته قائلا:

 " لم أجد أبي وهي لا تريد البقاء هادئة بجانبي".

 

نظرت توته بعينها لتبحث عن البدري دون أن تجده مالت على سلمى لتحملها على يدها قائلة لفارس:

 " اذهب أنت والعب مع الأطفال وأنا سأهتم بها" 


تردد فارس لتصر عليه وتطمئنه أنها لن تتركها وحدها،  ذهب الطفل فرحا ينادي على هادي ليركضا خلف بعضهم، لم تكثر سلمى محاولاتها النزول من على يد توته حتى نامت على كتفها، اقتربت توته من شهرزاد التي قبلت الطفلة وهي تعاتب اختها على تركها لها.


حكت توته لها عن انخفاض ضغطها وإصرار البدري على تناولها الطعام مع الأولاد.


 سألتها شهرزاد قائلة:

" هل اشترى لكِ الأطعمة ؟".

 

ردت توته بخجل:  " لأجل الأولاد".


_" وأين نصيبي فرغ داخلي وتورمت رجلي وأنا أدور حول المدعوين، الحمد لله وصل سيف بالوقت المناسب  وحررني من قبضته".


ضحكت توته وهي تنظر لشريف الذي اقترب منهم هاربًا من أصدقائه الذين أتوا من خلفه بسرعة ليرفعوه و يقذفوه للأعلى فرحين صارخين مرددين الأغاني. 


مالت توته على شهرزاد قائلة لها بضحك:

 " ذهبت الهيبة أشفقت عليه".


ردت شهرزاد على أختها لتشاركها الضحك كي تستمتع بحالتها: 

" لا تشفقي عليه هو استحقها عندما أصر على إقامة حفل كبير فليشعر قليلا بما أشعر أنا به سأصرخ بعد قليل من ألم رجلي".


ضحكت توته معقبة على شكواها:

 " أختي حبيبتي صاحبة القلب الكبير لا أحد غصب عليكِ ارتداء حذاء أقل من مقاس قدمك ناهيكِ عن طول كعبه الرفيع لا أعرف أين كان عقلك حين انقلبتي لقطة مسالمة توافق على كل ما يقال لها".


ردت شهرزاد بأسى على حالها:

" المرأة محقة بكلامها وأيضا خجلت منها حين قالت من المؤكد أن مقاسك ثمانية وثلاثون، ماذا أقول صمت وتقبلت ولكنها كانت جيدة بأول الحفل"


اقترب البدري منهم وهو يعتذر من فاطمة:

"لم أنتبه على نومها، أعطيها لي سأتولى أمرها".


تحدثت له قائلة:

" ابقى أنت بجانب الرجال وأنا سأتولى امرها".


رفض قائلا: 

" لا اريد ان اثقل عليكِ بحملها".


راقبت شهرزاد رد اختها باستغراب:

" ليست ثقيلة اذهب ولا تترك ابي وحده".


تفاجأت توته بما خرج منها، فهم البدري سبب تغير ملامحها ليهرب بسرعة قائلا:

" حسنًا كما تريدين".


كان يذهب بجانب البغدادي وهو يتذكر أحاديث مدحت عن تباهي والد زوجته به و وقوفه بجانبه في المناسبات كي لا يبقى بمفرده.


أكثرت شهرزاد من أحاديثها بضحك كي لا تسقط اختها في حزنها فهي تعلم كيف خرجت هذه الكلمات من بحور ماضيها.

 

وبحركة غير مدروسة من الأصدقاء كاد شريف أن يسقط من يديهم لتسرع شهرزاد بخطواتها نحوهم ممدة يدها قائلة بصوت أشبه الصراخ: 

" انتبهوااااا".


مرت على خير حين تكاتف الشباب للحاق بشريف كي لا يسقط  أرضا، اقتربت منه لتطمئن عليه بقلق وضيق مما حدث.


انتهى الحفل بهذه الصور والفيديوهات التي التقطتها العدسات المختلفة للعروسة وهي مادة يدها بوجهها الخائف على شهريار زمانها  من السقوط.


وبعد الانتهاء من الحفل وتوديع الأهل والأحباب تحدث أمين لبغدادي كي يدعوه لطعام العشاء بأحد المطاعم القريبة.


رفض هو ومن ثم أمال التي قالت:

 " لا يوجد عشاء ولا فطور ستجهزون بطونكم الفارغة لما حضرته لطعام الغد".


رفضت زيزي وشكرتها هي وأمين لتصر أمال عليهم بشدة حتى أنها دعت مديحه وناجي بينما هرب سيف هذه الدعوة لأجل سفره هو وزوجته للساحل الشمالي.


 ومع إصرار أمال وترحيب شهريار وافق الجميع واتفقوا على الالتقاء بالغد.


وصلت سيارة العروسين اسفل بناية منزل بغدادي لتصل بعدها سيارة البدري نزل الجميع حتى الأولاد الذين كانوا يضغطون على عمهم كي يسمح لفارس المبيت لديهم ليوم واحد.


نظر شريف للأولاد قائلا:

" هل فارس فقط وأنا أين ذهبت ألن أجد من يطلب مني البقاء".


ضحك الجميع ليرد بغدادي قائلا:

"ولا حتى لشرب القهوة سنصعد لننام على الفور إذا لم نغفو على الدرج"

 

ضحك البدري مستأذنا منهم بعد أن رفض تأجيل سفره استحياءً من قبوله.


لم يتوقع شريف صدق ما قاله بغدادي حين ناموا فعليا فور صعودهم ولم يجد من يشاهد حالاته ولا يرد على اتصالاته.


لينام هو أيضا ناظرًا للهاتف منتظرًا رؤيتها للحالات التي لم تنشر سوى لها بشكل خاص. 


وبهذا الوضع نام الجميع إلا من طار النوم من عينه وقرر أن يستغل وقت السفر بنوم الأولاد وسكونهم بالمقعد الخلفي ليشرد بهذا السكون الليلي بوجهها الذي كان بالقرب منه.


نظر لمعصمه وهو ويشعر بلحظة امساكها واستنجادها به، نظر للمرآة الخلفية ومن ثم نظر لأولاده وهو يشرد بضحكها وحديثها مع اختها.



ظل يتذكر وقوفها وتحركها وأحاديثها وكأن عينيه وُجدت لتتبع هواها بهذه الليلة، غضب عندما تذكر عديم الشرف الذي غازلها بهذه الحالة ليحدث نفسه بصوت شبه مسموع:

 " ما كان عليها أن ترتدي حجابها باللون الأبيض ألم تجد سواه بين الألوان لتكسر حدادها به ".


أخذه الحماس والغيرة أكثر قائلا:

 " لو كان بيدي لحرمت عليها هذا اللون". 


صمت ليستمع لسؤال قلبه:

 " أمن الممكن أن يكون اقلهم جمالا عليها".

 

ابتلع ريقه وهو لا يزال يراها امامه بفستانها الأسود اللامع وحجابها الذي أشبه بمصباح يضيء كل مكان تذهب إليه.

 

ظل على حالته هذه حتى وصل صباحًا للسرايا حاملا ابنته على كتفه وابنه يسير بجانبه صاعدًا الدرج بسرعة قبل أن يتقابل مع أحد من أهله. 


عاد فارس لنومه على الفراش المريح ليأخذ البدري ابنته التي اقترب استيقاظها بحضنه وهو يهز ناظرا لمعصمه الذي لم يتجرأ على مسكه إلا بعد نومه واستيقاظ ابنته ونزولها واخيها بالأسفل تاركينه خلفهم واضعا يده على موضع يدها أعلى معصمه.


فهل سقط  القلب وسلم بحقيقة تعلقه وحبه لمن خفق ودق وأسر بذلك اليوم الذي مكروا لها به ولكن الله كان خير الماكرين.


يتجدد يقيننا بأن أقدار الله كلها خير ولا يخطو الإنسان خطوة إلا بقدر مكتوب يزيد منه أو ينقص لأجل تعليمه وارضائه واكرامه ورفع السوء عنه فسبحان من سوانا فأحسن صنعنا.


سأغلق الفصل هذه المرة وانا اشفق على حالتكم ممن حرمتم من اكماله فالأحداث تتوالى وتتصاعد بشكل يخطف القلوب.

 انتظرونا بأحداث غير متوقعة  تسلب العقل والخيال من سرعتها.

يتبع .. إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا. منها "رواية حياتي" رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..


author-img
أمل محمد الكاشف

تعليقات

4 تعليقات
إرسال تعليق
  • غير معرف12 نوفمبر 2024 في 6:24 م

    روعه تسلم ايدك حبيبتي ابدعتي

    حذف التعليق
    • Rim kalfaoui photo
      Rim kalfaoui12 نوفمبر 2024 في 7:06 م

      واو واو حلقة جميلة وراقية جدا ومبهجة للقلب لا احلى من هيك أحداث كم جميلا ان يلتقون الأحبه بكل سرور وحب وجمال كان احتفال رائع والا حوراتهم من أجمل ما يكون خاصة شريف اخر شخص معروض بالسوق ههههههههه والا امال فصلتني عنجد فعلا أجواء جميلة وحلوة
      اما البدري خلاص هو كان شادد في تكه وأصبح متيم على الآخر 😂😂👌👏👌👏👏👌👏👌🌺🌺🌺🌺

      حذف التعليق
      • غير معرف13 نوفمبر 2024 في 10:52 ص

        روعة تسلم ايدك حبيبتى

        حذف التعليق
        • غير معرف13 نوفمبر 2024 في 10:50 م

          لا شريف خلاص كان فى شوية عقل الحمد لله بعد الخطوبة أكيد ذهبت مع الريح ههههههه

          حذف التعليق
          google-playkhamsatmostaqltradent