احكي يا شهرزاد
بقلم أمل محمد الكاشف
حزنت شهرزاد حتى كادت ان تذرف دموعها، أدارت رأسها خشية أن تنزل دموعها أمامه تحركت مبتعدة عنه متحدثه بصوتها المختنق قائلة:
" طريق السلامة اتمنى لك حياة سعيدة موفقة".
ثم خرجت مسرعة للخارج كي لا تفضح مشاعرها أمامه.
حزن شريف أكثر قائلا لنفسه:
" هذا أفضل للجميع، ليس هروبا بل راحة واستجماع لقوتي لاستطيع اكمال طريقي من جديد".
قادته قدميه للخارج كان يبحث عنها حتى وان خدع نفسه بأنه يستنشق الهواء الطلق.
لم يجدها في أماكنها المعتادة عليها اومأ رأسه وهو يحدث نفسه أنه فعل الأفضل وعليه أن يبدأ حياته من جديد.
اشترت شهرزاد زجاجة ماء وفتحتها لتشرب منها شيئا فشيئا محاولة استجماع نفسها لهضم ما دار بينهم، وصل بها الحال إلى ندمها على عودتها للجامعة وتحضيرها للماجستير تمنت ان لو استمرت بمنزلها دون أن تظهر أمامه من جديد، تحاول أن تفسر حزنها شفقة وعتاب على نفسها ولكنها فشلت حين صاح قلبها بحزنه على فراقه جاءها هاجس يحدثها:
" اذهبي إليه اطلبي منه ان يبقى، اخبريه انكِ لا تستطيعين اكمال السنة الدراسية و ستمتنعين عن الدراسة، اخبريه انكِ ستتزوجين قريبا و لهذا لن يصبح لديك وقت للدراسة".
ظل داخلها يحدثها ويحثها على الذهاب إليه بحجج مرفوضة بالنسبة لها حتى أتاها صوت من جانبها يقول لها: " هل يمكننا ان نتحدث قليلا؟".
استدارت شهرزاد لتجد زيزي الحلو تناديها
قائلة: " شهرزاد لحظة من فضلك".
أغلقت زجاجة الماء التي بيدها متحدثه بعدها:
" تفضلي كيف يمكنني مساعدتك؟".
ردت زيزي بثبات ظاهري قائلة:
" شكرا لكِ أتيت لرؤية شريف و عندما ركنت سيارتي بآخر الطريق رأيتك وأنتِ تشترين من الماركت وانتظرتك لاتحدث معك".
أومأت شهرزاد رأسها باحترام ثم تحدثت قائلة:
" تفضلي استمع لكِ ".
صمتت زيزي لحظات لترتب ما تريد قوله بطريقة لا تقلل من وضعها، تحركت شهرزاد من منتصف الطريق حين اقتربت سيارة عابرة منهما ومن خلفها تحركت زيزي وهي تحرص على نظافة حذائها الرياضي الأبيض آخر صيحات الموضة.
نظرت شهرزاد للحذاء ثم نظرت لاهتمام زيزي بخطواتها وصعودها فوق الرصيف حفاظا على طقمها الأبيض الرسمي.
بدأت زيزي حديثها الثقيل على قلبها:
" لعل القدر جمعنا هذه المرة لأفي لكِ حقك، أعلم أن آخر مقابلة لنا كانت سيئة لا أعلم كيف خرجت الأمور عن السيطرة حين اغضبتك دون أن أقصد كنت فقط أسال عن تواجدك بحسن نية فلم أكن على علم باكمالك للماجستير ولكن من الواضح أن ما احزنتك به سابقا جعلكِ تفهمين سؤالي على نحو آخر".
ردت شهرزاد باحترام وتفهم قائلة:
" لا عليكِ وأنا أيضا اعتذر لسوء فهمي وردي الغير مناسب بحقك تلك المرة".
اسرعت زيزي بردها:
" لا أنا لا أعاتبك على ذلك بالعكس تماما، حتى أنني رأيت أنه تصرف صحي و متوقع بعد ما حدث بيوم المنتدى".
تفاجأت شهرزاد بصراحة والدة شريف أرادت ان تهرب من المواجهة للحفاظ على ماء وجهها قائلة بنبرة مهذبة:
" لم يحدث شيء بذلك اليوم أتيتم مشكورين لدعمي ومساندتي هذا ما اتذكره ".
_" أنا لم أعتد على جرح أحد وإن حدث أذهب إليه وأعتذر منه، أعترف أنني مخطئة فكان من المفترض الأعتذار منكِ بوقتها ولكن عندما تملكني غضبي وضغط على وضع ابني وقعت بين نارين، لا تعتقدي أنني لم أحزن لأجل كسر خاطرك وخاصة بيوم نجاحك ومرضك".
قاطعتها شهرزاد كي لا تكمل حديثها المخجل قائلة:
" من بعد اذنك لا اريد التحدث عن هذا اليوم، كما أخبرتك لم يحدث شيء أنتم أتيتم لدعمي سأظل اتذكره دوما على هذا النحو".
أومأت زيزي رأسها قائلة:
" افهم من هذا انكِ سامحتيني بحقك".
ابتسمت شهرزاد ابتسامة لم تظهر بعينيها قائلة:
" على ماذا؟ لا يوجد شيء يدعو للمسامحة حتى انه وقع عليٌَ شكركم على دعم كريمكم لي في أشد وأصعب أيام حياتي التي مررت بها على الإطلاق ، كنت سأستسلم لمرضي وهو من وقف أمامي رافضا بقوة تراجعي عن حلمي ، وكنت سأتراجع وأعتذر عن مشاركتي بالمنتدى لولا تشجيعه ودعمه لي هو و باقي الأساتذة، حتى بالعملية التي نجوت منها بصعوبة كان هو لديه فضل كبير علي بعد الله حين وفر لي أكياس الدم وأنا أصارع الحياة تحت أيادي الأطباء د، لم يحظى الجميع كما حظيت دفعتنا على مصادفة استاذ بهذه الاخلاق وحب المساعدة والدعم الكبير لكل الطلبة وبالتأكيد ما يفعله عائد لنشأته والأيدي التي سعت دائما لكماله على أفضل وجه، لهذا شعرت أنني اخطأت بحقك في المرة السابقة فكيف بعد كل ما قدمه لي أستاذي نجلكم الكريم أتحدث أنا بالمقابل بهذا الشكل مع أحد والديه حقا أعتذر لما صدر عني وأتمنى أن تعتبريني بموضع ابنتك الصغيرة التي زل لسانها واخطأت دون قصد".
ردت زيزي عليها برضا وحب قائلة:
" نعم هو كذلك منذ صغره يحب مساعدة كل من حوله، دائما ما يسيطر عليه قلبه في علاقاته الاجتماعية ولهذا يحزن ويتأثر بشكل كبير إن أذاه أحد ولو بكلمة ولهذا أيضا أخاف عليه رغم سنه الكبير وحقيقة أنه لم يعد ذلك الطفل الذي تركض أمه خلفه حفاظا عليه من أن يحزنه أو يخدعه أي أحد، أعترف أنه كبر ونضج بشكل كافي وأصبح يُعتمد عليه ولكني لا زالتُ أراه طفلي الصغير الذي أخاف على قلبه الحنون من الانكسار، قد تكون ردة فعلي قوية ومنقوصة ببعض الأحيان ولكن هذا ما انتابني حين ….
صمتت زيزي وهي تنظر بعيونها المتسعة خلفها نحو ذلك الصوت العالي المفزع الذي نتج جراء مشاجرة عنيفة بين شابين.
انتظرا لتهدأ المشكلة و يصمتوا الرجال عن الصراخ والضرب ببعضهم ولكنهم تفاجأوا بانضمام آخرين ليشاركوا بالشجار الذي تحول لضرب بأسلحة بيضاء، تحركت شهرزاد للخلف وهي تسحب زيزي معها ليبتعدا عن المكان دخلا بأقرب مدخل عمارة ليسمعا صوت كبير أشبه بتكسير سيارات.
اخرجت زيزي هاتفها قائلة:
" سأتصل بشريف ليأتي إلينا".
رفضت شهرزاد واضعه يدها على الهاتف قائلة:
" ليس الآن إن علم إنكِ بالخارج سيركض دون تفكير ومن الممكن أن يتأذى، لن يفكر أحد هل هو ضدهم أم عابر طريق؟".
وافقتها الرأي خوفًا على ابنها قائلة:
" أنتِ محقة ولكني أخشى أن يزداد الأمر سوءً".
سمعا الأصوات تقترب منهم والناس تركض مبتعدين عن المكان نظرت شهرزاد لداخل العمارة قائلة: " هيا لنصعد للطابق الأول سيكون أأمن لنا".
رفضت زيزي قائلة:
" أخشى أن يخرج منه ما لا ننتظره لا أحد منا يعلم ساكنيه، لننتظر هنا و نتخبئ جانبا حتى يهدأ الأمر اعتقد انه تبقى القليل لتأتي الشرطة".
ابتسمت شهرزاد بجوابها:
" لا زال أمامنا وقت كبير على وصولها، تنتظر قطع العروق وسيلان الدم حتى لا تأتي على فراغ".
ردت زيزي بخوف وقلق قائلة:
" أعوذ بالله معاذ الله، هل من الممكن أن يذبحوا بعضهم ".
ردت شهرزاد بنبرة ضحكة مخفية وهي تخرج رأسها من مدخل العمارة لرؤية الشجار قائلة:
" على حد علمي انه سينتهي بالذبح فلا توجد بهذه الأحياء تقنية إطلاق النيران و ما شابه".
وبوسط ذعرها سألتها زيزي مستفسرة:
" هل أنتِ مستمتعة بما يحدث أم أنني مخطئة بما أراه ".
اخرجت شهرزاد رأسها مرة أخرى لتنظر وهي تقول: " اوهاااا رفع الرجل بيد واحدة ".
اقتربت زيزي من شهرزاد خطوات صغيرة واضعة يدها على كتفها وهي تميل لتنظر نحو ما تنظر هي عليه لتنذعر وتتسع عينيها قائلة بخوف:
" رفعه من رقبته سيختنق ويموت".
أثر صوت زيزي على شهرزاد التي تسلل لقلبها نفس الخوف قائلة:
" نعم والله الشاب وجهه اكتظ من احمراره و تبقى القليل على خروج روحه ماذا سنفعل؟".
نظرت حولها نحو الأحجار بالأرض، لتسرع زيزي وتسحبها للخلف قائلة بنبرة تحذيرية حادة:
"هل جُننتي اياكِ أن تتهوري او تفكري بالتدخل".
نظرت شهرزاد لها قائلة بخوفها على الشاب:
" سيموت بين يديه أعلم أنه لا وقت للجنون سينهونني دون أي اعتبارات لكوني فتاة".
علا صوت سرينة الشرطة ليسرع الشباب ومن تجمع حولهم بالهروب، ليتفاجأوا بهم يقدمون نحوهم ليختبئوا بنفس المدخل، ازدادوا خوفا من أشكالهم وحالتهم النصف عارية بالإضافة لما بأيديهم من أسلحة بيضاء.
صرخت زيزي لتحاوطها شهرزاد وتسحبها للخارج راكضين لمكان آخر، لم يبتعدوا كثيرا حتى سيطرت الشرطة على المكان.
انحنت شهرزاد بظهرها قليلاً للأمام رافعة يدها لتضعها على جرحها جهة الشمال متألمة منه، اقتربت زيزي وسألتها :
" ما بكِ هل أصابك أذى؟".
استقامت بوقفتها لتجيبها قائلة:
" لا شيء أنا بخير".
قالتها وهي تنظر نحو الشرطة التي جمعت الشباب و وضعهم بسيارة كبيرة زرقاء مكملة:
" الطريق أصبح آمن يمكنكِ الذهاب للجامعة، علينا أن نسرع قبل أن تغادر الشرطة المكان هيا لاطمئن على وصولك قبل ذهابي".
تحركت بها نحو الجامعة لتسألها زيزي:
" وأنتِ إلى أين ستذهبين؟".
ردت شهرزاد قائلة:
" لا تقلقي سأستقل سيارة تاكسي وأعود لمنزلي".
فكرت زيزي للحظات ردت بعدها:
" غيرت رأيي لا داعي للذهاب للجامعة اليوم يكفي بهذا القدر هيا لاوصلك لأطمئن على وصولك بأمان ".
اجابتها شهرزاد قائلة:
" لا يمكن هذا شكرا لكِ لا تقلقي أنا معتادة على هذا ".
جاءت زيزي لتتحدث رافضة ذهابها وحدها لولا إن اقترب استاذ من شهرزاد قائلا:
" لماذا تقفين بالخارج هيا على المحاضرات؟".
ردت على استاذها:
" انهيت محاضراتي و سأعود لمنزلي".
وبقلق على طلابه رد استاذها عليها:
" بسرعة لا تقفي بهذا الشكل ألم تري الوضع".
حين رأت شهرزاد اقتراب أتوبيس النقل العام الخاص بمنطقها استأذنت بسرعة من زيزي وتحركت لتعبر الطريق ملوحة له كي يقف لتصعد به و هي ممسكة بجرحها الذي ألمها كثيرا.
و فور تحرك الاتوبيس ندمت شهرزاد على ما فعلته فكان من المقرر أن تستقل تاكسي خاص تجنبا من ازدياد تألمها ولكن هذا ما حدث حين رأت الاتوبيس وتوقف عقلها المبرمج عن التفكير ليصبح همها فقط اللحاق به كعادتها اليومية.
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
اشترت شهرزاد الحلوى لأولاد أختها الذين استقبلوها بحب وفرح عكس حالة أمها التي كانت تتحدث معهم بوجه حزين، سألتها ما بها لتتفاجأ أن توتة تريد أن تعود للصعيد رغم أنه لم يمر أسبوع كامل على عمليتها.
تحدثت شهرزاد لأختها قائلة:
" هل اشتقتي لأم زوجك أم لهواء الصعيد، ما بكِ وكأنكِ اصبحتي شخص آخر ستجعليني أندم على إقناعك بالذهاب الى هناك".
قالتها شهرزاد وهي تجلس بجوارها .
ردت توته عليها :
" لا أريد أن يتغيب هادي عن المدرسة أكثر من ذلك، وايضا مدحت مجبر على العودة لأجل الأراضي والعمال فإن عاد هو مع من سأعود أنا بعد أسبوع بالأخير سأعود واليوم أفضل من الغد وبصراحة الصعيد طقسها ادفى من القاهرة بكثير".
أرجعت شهرزاد رأسها للخلف متحدثة بدهشة:
" هل أصبحت القاهرة برد و الصعيد دفئ؟".
دخلت امها الغرفه قائلة:
" اتركيها على راحتها يا بنتي إن أرادت أن تذهب فلتذهب لنرى من سينفعها هناك".
حاولت أن تستغل الموقف وتضغط عليهما متحدثة بنبرة لؤم موجهة حديثها لتوتة:
" أم انكِ اشتقتي لأم زوجك واصبحتي لا تستطيعين الابتعاد عنها؟".
كانت تقولها بضحك دون أن تتوقع تصديق أمها للكلام و حزنها أكثر، راضتها توتة باعطائها وعد بأن تعود إليهم فور بدأ اجازة هادي لتبقى لديهم حتى يشبعوا منهم ويتمنون يوم عودتها للصعيد كي يخلصوا منها.
تحدثت أمال بحزم:
" عليكِ ان تريحي ظهرك طوال الشهر كي تستعيدي صحتك ويشتد بنيانك ليعينك على مسؤولياتك واي حمل جديد ، كما قلت لكِ سابقا ان وقعتي لن تجدي من يحنو عليكِ ستحافظين على نفسك لأجل ابنائك".
ردت توتة لتطمئن أمها قائلة:
" لا تقلقي أمي فهمية فعلا مختلفة تماما عن ما كنت أتخيله ، التحكمات والمفروضات التي كانت تفرضها علينا فور ذهابنا الصعيد وحتى عند زيارتها لنا بمنزلنا اختفت بشكل كبير، أهم شيء أن يكون ابنها بخير و الأولاد لا ينقصهم شيء وعند الحق اجدها تقف معي أمامهم وعندما أجهد معها بالمطبخ أو بالزيارات العائلية اجدها تشفق عليّ وترفض أن أكمل مساعدتها وتنادي على أخت مدحت لتكمل هي، حتى انها تناديني كلما دخلت غرفتي لاجلس معها لنتشارك الأحاديث ومشاهدة التلفاز لم أتوقع أبدا أنها ستتغير بهذا الشكل ".
ضحكت شهرزاد متسائلة بمزاح:
" من أنتِ هل اختطفوا أختي واستبدلوها بكِ أعترفي؟".
اتسعت عينيها وهي تضع يدها على جبهة توتة مكملة:
" أم أن حرارتك ارتفعت ونحن لا علم لنا؟".
أنزلت توتة يد اختها وضربتها عليها:
" أنا المخطئة لم أتحدث أمامك مرة أخرى".
تحدثت أمهم دون مقدمات قائلة:
" احسنت صنعًا استطاعت احتوائك وارضائك بل وكسب محبتك لها كي لا تسرعوا ببدأ البناء و اخذ ابنها من حضنها".
غمزت شهرزاد لأختها:
" اشتم رائحة دخان هل احترق أحدهم دون أن نعلم".
لم تجد شهرزاد أمها إلا وهي تغضب عليها كي تتحرك لتحضر لهم النسكافية الذي طلبوه منها منذ أكثر من ساعة، تحركت للمطبخ قائلة وهي تضحك:
" ما بكِ هل ستخرجين همك بي؟".
رفعت أمال وسادة الفراش لتلقيها بظهرها لتركض شهرزاد هاربة منها.
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
تحدث سيف لابن خاله عبر الهاتف قائلا:
" بما أنك اتخذت قرارك فعليك ابلاغهم به".
_" نعم ساخبرهم بالوقت المناسب لا زال لدي وقت كافي لاخبارهم وأيضا كي لا تحزن أمي وتعتبر أن القرار مرتبط بشهرزاد وضغطها علي".
رد سيف متسائلا:
" أليس مرتبطا بما ذكرته، انتظر لا تجيب وتبرر وتخلق حجج فارغة انت تهرب من مواجهة أمك ولكن هروبك هذه المرة مختلف ومفاجئ ادهشتني آخر ما كنت اتوقعه هو انسحابك وابتعادك".
_" ألا يحق لي أن أختار الأفضل لأجل حياتي؟".
اومأ سيف رأسه وهو يجيبه:
" أمممم الأفضل لحياتك، لا زلت تكذب على نفسك وتبرر سفرك أنه فرصة لاكتساب خبرة وشهادات و كل هذه الأقاويل التي لم تدخل لعقلي ، كلانا يعلم سبب سفرك لم أقل لك شهرزاد كي لا تغضب عليّ، أصدقك أن هذه المرة وهذا القرار الكبير لا يتوقف على شخص تركك أو شخص إمكانية وصولك له أصبحت مستحيلة، أعلم أن الإجابة عمتي كانت و لا زالت الإجابة هي ".
تنهد شريف قائلا:
" استمع لي ولا تسخر مما سأقوله أنا لم أغير مبادئي وخاصة من جهة أمي وأبي لأني أعلم جيدا أن ما يفعلوه و خاصة أمي هو نتاج حبهم الزائد لي وخوفهم الدائم لخسارتي، يريدان أن يحققا كل أحلامهم بأبن واحد لهذا لا يريدون لوحيدهم الخسارة أو الحزن أو خوض أي معركة من الممكن أن تقلل من شأنه أو لا تضيف له جديد فيحزن، حين ترى ما أقوله من بعيد تعتقد انه تحكم وتقييد و لكنك إن اقتربت ستجده حب وخوف كبير من مستقبل غامض".
حدثه سيف متسائلا:
" وما العمل هل ستظل صامتا كي ترضيهم ككل مرة، اعتقد انه حان الوقت لتقف أمام أمك وترفض تصرفاتها أما أن تغيير طريقتها أم إنك تبتعد وتريحها منك بصراحة يكفي بهذا الحد تنازلت كثيرا من قبل و لم يعد الأمر يطاق".
رد شريف مدافعا عن أمه:
" توقف ماذا تقول، ليس لهذا الحد وعن أي تنازلات تتحدث لا يمكنني أن أقف أمامها واخيرها بين بقائي وسفري، في حين أفكر كيف أخبرهم دون أن اشعرهم بالذنب تقول أنت أن أقوم بمساوامتها، لا يمكنني فعل هذا بها أو بهم بعد هذا العمر الذي افنوه وهم يحلمون أن أكبر وأصبح ذا شأن و قيمة بالمجتمع".
_ " أنت لست آخر شخص أبويه يحبونه ويخافون عليه ولكن من الحب ما قتل، أنظر لحالتك وما كنت عليه بالأمس دعك من هذا انظر لقرارك انت ستتركهم بشكل كامل وتذهب بعيدا دون أن تفكر ماذا ان مرض إحداهما ماذا أن أكلهم حزنهم وشوقهم لك ".
رد شريف ليغير الموضوع قائلا:
" اتركنا من هذا الان وأخبرني كيف حال ريم هل الامور لا زالت متوترة بينكما ".
رد سيف بسرعة:
" لا تفتح هذا الموضوع واهتم بنفسك سأتركك الآن وأتواصل معك بالغد ولكن عليك أن تفكر جيدا بما أخبرتك به ".
و قبل ان ينهي سيف المكالمة اسرع شريف بالرد قائلا:
" انتظر لا تغلق تحدث ما بك أحكي لا يمكنك أن تصمت وتحزن نفسك".
_" لا تقلق يا أخي أنا لا أحزن نفسي لأجل من لا يستحق، أعلم جيدا متى أحزن ومتى اغضب ومتى أنزع الجذر الفاسد من تربتي، فلا تنشغل بي وفكر جيدا بقرارك وكيفية إخبار والديك به وإن أردت أن أكون موجودا لدعمك تعلم أنني سأتي دون تردد".
رد شريف قائلا بامتنان:
" سلمت يا أخي أتركه علي كما تعلم لا أحب ان أدخل أحد بيننا سأتصرف أنا وأجد مدخل لاخبارهم بهذا و بالنسبة لريم لم ينتهي حديثنا سأتي لك بالغد لنكمل حديثنا وجها لوجه".
ردا أمين بصوت منخفض:
" هذا ما حدث ألم تضغط علي كي أذهب و اعتذر، ها أنا اعتذرت منها و دون سابق موعد إن فكرت مائة مرة لن أتخيل أنه سيكون بهذه الصدفة ودون ترتيب، أراها واذهب لجانبها طالبة منها الاعتذار لتفاجئني هي بموقفها وردها ثم حدث ما حدث بعدها ".
_" نعم حتى أنا اندهشت من هذا بالأمس تغضبين وتقولين لن أعتذر واليوم ذهبتي واعتذرتي، ولكن هل اخبرك بشيء أبهرتني الفتاة بردها عليكِ لم اكذب توقعت انها بهذه اللحظة ستخرج منكِ حقها أو تتحدث بشكل جارح بطريقة مبطنة أما اعتذارها منكِ بل و شكرها لكِ لم أتوقعه أبدا".
ضحك أمين مكملًا:
" بدون غضب أعجبت باحترامها العالي و تصرفها معك وخوفها عليكِ كنت واثق بإختيار شهرياري اتضح انه يعيد شباب أبيه".
ردت زيزي قائلة بدهشة:
" شباب أبيه ، هل اشتقت لشبابك يا أمين!".
_ " لا شباب ولا عجز اهدئي يكفي ما نمر به من أجواء والله اشتقت لايامنا الهادئة أصبحت أعود للمنزل وأنا أحمل هم رؤية وجهه الحزين، وهو محق لقد زاد الأمر عن المحتمل عليكِ أن تراجعي نفسك بهذا أعلم أن كلامي مكرر و لكن ما دمتي فتحتي الموضوع علي أن أخبرك بخطر فقدانك له أنتِ تقطعين الوصال والحب الذي بينكما لا تندمي إن تغير فجأة وعلا صوته ورفض كل ما يأتي من اتجاهك ".
قاطعته زوجته:
" توقف عن قول هذا ابني مختلف لا يمكنه معارضتي وإعلاء صوته علي".
وبقوة اجابها أمين
" نعم مختلف ولكنه رجل وزين الرجال، تعلمين جيدا ما فعلته لأجل أن يصبح كما ترين وأخبرتك اكثر من مرة ان صمته ومحاولته لارضائك ليس ضعفا منه بل حباً و ولاءً أنا من كان يحثه دائما على ارضائك لأجل الله ولأجل أنه دنياكِ ولكن جميع ما ذكرناه لا ينكر أننا على حافة خسرانه، ألم تري انه كان زائدا هذه المرة ".
ردت على زوجها
" تحدثت وتحدثت وعدت إلي بالأخير ''
_" لأنها الحقيقة التي لا تريدين رؤيتها ، ترفضين لأي شخص أن يفرض نفسه عليه أو يجبره على فعل ما لا يريده وبالمقابل لا تري ما تفعليه أنتِ معه من ضغوط على مر سنوات ، لا أنكر أنها كانت جميعها لأجله فهاهو تفوق بدراسته و حصل على مجموع كبير جعله يختار ما يريده دون خسارة، حفظ قرآن ربه كاملا دون تقصير منه بوقتها حتى كنتِ تشددين بشكل ضاق صدري له ولكنه الحمد لله حفظه بشكل كامل قبل أن يتم الرابعة عشر من عمره، مهارات و تعلم ، دورات والتحق بالعديد، فنون تشكيلية و رحلات وسفريات لخارج البلاد و فعلتي كنتِ دائما تسعي ليكون مميزا ذو شخصية بناءة يعلم ما يريده و يختار على أسس تجاربه العملية نعم نجحتي بكل هذا ولأجل ما فعلتيه تخليت عن حلمي بأن يلتحق بجامعة هندسة طبية رغم انه تخصص جديد ومطلوب إلا إني اقتنعت بحديثك و تركه لما يحب ويستطيع التمييز به وعندما أردت حقي بأن يعمل معي ويحمل عني حملي عدتي لتقفي امامي وتوعديني انه سيأتي هذا اليوم بالمستقبل و لكن علينا أن نعطيه وقته لتحقيق حلمه ، هل تعلمين كلما تذكرت و تحدثت كلما صعب علي فهمك وترجمة ما أنتِ به الآن ".
ضاق صدر زيزي بما سمعت لتقول بنبرة عتاب:
" هل كل هذا لأنني رفضت شهرزاد ، هل من خلق شهرزاد لم يخلق مثلها؟".
_ " ألم تفهمي من كل هذا الكلام إلا رفضك لشهرزاد، هل تحدثت كل ما تحدثت به لأجل الرفض، يا زيزي المسألة ليست شهرزاد بل أنتِ ولأجل ما أراه على مدار شهور أقول لكِ أنتِ على حافة خسرانك لابنك فكثرة الضغوط ستخرج ما يفاجئك وتندمين عليه، ومن الممكن ان عدتي لتقبلي بالفتاة يرفض هو فما رأيته بالأمس لم يكن غضب من رفض فتاة أو إلقاء قميص بالقمامة بل هو غضب متراكم لسنوات وأصبح لا يحتمل قلبه و طاقته تقبله أكثر، ابنك أصبح رجلا كبيرا لم يعد الطفل الذي عليكِ مراعاته والخوف عليه و التخطيط له والتدخل بأموره ".
تحرك أمين و رفع رجله أعلى الفراش ليستلقي ويرفع غطائه عليه وهو يكمل:
" تأخر الوقت اغلقي الإضاءة أو خففي منها علي أن أستيقظ باكرا لدي طلبيات ستسلم بالصباح الباكر".
أطفأت الإضاءة وخرجت من الغرفة دون أن ترد عليه متوجهة لغرفة ابنها فلم تجده ، استغربت عدم وجوده خرجت للصالون باحثة عنه لتجده بالشرفة الكبيرة منتصبا بشموخ واضعا يديه بجيوب بنطلونه و اعينه تنظر للسماء وقفت تراقبه لدقائق قليلة تحركت بعدها للصالون الداخلي بحزن .
شعر شريف بوجودها استدار لينظر خلفه نحو أمه بصمت لم يطل حين تحرك وذهب إليها ليقول فور دخوله للصالون:
" هل ذهب نومك واشتقتي لسهرات الأفلام المترجمة ؟".
أخفضت زيزي صوت شاشة التلفزيون وهي تبتسم بخمول:
" نعم من الواضح انه حدث هذا، لم أتذكر متى آخر مرة جلسنا وتابعنا فيلم جديد ".
تحدث شريف:
" أعلم أنه بسببي حدث الكثير من الامور ، انا لم أرد احزانكم ولكني لم استطع ارضائكم لهذا أتيت لاخبرك بشيء مهم فقد اتخذت قرارا أرى انه جيد بالنسبة لنا ".
أغلقت زيزي شاشة التلفزيون و وقفت قائلة:
" نسيت شيء مهم علي القيام به لنتحدث بالغد".
وقف شريف والغضب يتملكه:
" على الأقل استمعي لي هل أصبحت بلا قيمة لهذه الدرجة ؟".
تفاجأت بما قاله لترد بسرعة:
" و من قال هذا هل تشعر أنك بلا قيمة لدينا ؟".
خرجت منه كلمة:
" نعم ….
لتقاطعه أمه من جديد قائلة:
" بالعكس أنت لا تعلم شيء".
تحدث لها بضيق:
" وهنا مربط الفرس، انا لا أعلم شيء وأنتم تعلمون كل شيء ، لا زالت نظرتكم لهذا الطفل الذي تخشون عليه من السقوط بسيره ".
تحركت زيزي لتخرج هاربة من مواجهته وما نبأها أمين به قائلة:
" سأعود إليك انتظرني سأنهي اتصال مهم وأعود إليك، او دعك مني نام ونكمل بالصباح حتى تكون اهدأ ".
و بنبرة خرجت من صدر مختنق:
" هل هذا الاتصال أهم مني ؟".
استدارت لتنظر له نظره عميقة مفعمة بالتفكير فهي لا تريد أن تنصدم بقراراته وخاصة وهو غاضب وبنفس الوقت لا يمكنها تركه، لا زال ينتظر ردها ولا زالت هي تنظر له بصمت ليقطع هو هذة اللحظات الصامته قائلا:
" تمام وصلني ردي إذا سأتركك لاتصالك المهم".
بدأت حديثها الذي صدمه بدايته حين قالت له:
" نعم مهم حتى كان علي أن أجريه فور عودتي ولكني لم افعل بسبب زوجة خالك ، هل تصدق أنني لم أستطع التواصل معها منذ مجيئي وكأنها أصبحت وزيرة وليس لدي علم ".
وبملامحه الحزينة صمت نظر لها دون رد لتكمل هي:
" كان علي أن اطمئن على المخلوقة بعد أن حمتني وانقذتني من خطر محتمل ظهر اليوم ".
تغيرت ملامحه متسائلا:
" من انقذك، خير ماذا حدث معك؟".
و بملامح كادت أن تبكي على خوفه و قلقه عليها تحدثت زيزي بدلال غلبه الحزن:
" أنت لا تفكر بي كل همك هو إخراجي مخطئة".
رد شريف بضيق:
" هل عدنا لهذه النقطة من جديد".
تحدثت لتدخل بالموضوع قائلة:
" كنت بجانب الجامعة وقررت ان ادخل لاخطفك لنتناول طعامنا بالخارج، ركنت السيارة ونزلت منها متوجة لبوابة الجامعة وقع شجار كبير بين شباب لا اعرف كيف تجمعوا بهذه السرعة بل وكيف تفاقم الوضع وساء في دقائق معدودة حتى أنهم كادوا أن يقتلوا بعضهم هناك".
_" لا أصدق ما أسمعه هل كنتي بالخارج وقت حدوث تلك الفوضى، ماذا فعلتي، و لماذا لم تتصلي بي؟".
ردت أمه بسرعة:
" أهدأ ها أنا أمامك لم يحدث لي شيء ، وايضا كنت سأتصل لولا أن منعتني هي من الاتصال بك".
و باستغراب وضيق تساءل:
" من هذه وكيف تسمعين كلامها وتعرضين نفسك للخطر كان هناك أسلحة بيضاء وسمعت انهم وجدوا مع أحدهم سلاح ناري نحمد الله انه لم يتهور باستخدامه".
ردت أمه عليه بمكر:
" ليس ذنبي بالأصل هي من تصرفت وسحبتني داخل عمارة كبيرة ورفضت بعدها أن اتصل بك
خوفا عليك من أن يعتبرك احدهم خصم له و يدخلوك في العراك دون ذنب و بصراحة اقتنعت بهذا وتراجعت عن الاتصال بك".
زفر شريف بغضب متحدثا بصوت لم يعلو كثيرا:
" وما دخلها هي هل سقط ذنبنا عليها كان عليكِ أن تتصلي بي دون أن تستمعي لها، لا أصدق انكِ كنتي بوسط كل هذا وأنا على بعد أمتار منك دون أن أدري بحالتك".
ردت امه لتهدأ منهب:
" أقول لم يحدث لي شيء أنا بخير حتى هي لم يصبها شيء تألمت من جانبها الأيمن و بوسط حديثنا استقلت أتوبيس عام وعادت لمنزلها، أردت أن أتواصل بزوجة خالك كي اخذ رقمها منها كي اشكرها واطمئن على صحتها ولكني حتى الآن لم أنجح بهذا لقد اختارت مديحة الوقت المناسب لتنشغل به".
و بفضول كبير سأل أمه:
" من هذه الفتاة وما علاقتها بزوجة خالي؟".
صمت لوهلة مكملا بعدها بضيق:
" فهمت قدمتي إلي وبيدك عروسة جديدة وهذه المرة كانت من معارف زوجة خالي".
قاطعته زيزي قائلة:
" لا ليس كذلك أتيت وحدي دون أحد، وأيضا هي ليست من معارفنا كانت مديحة قد أخبرتني أنها أحبت أمها بيوم المنتدى وتبادلوا أرقام هواتفهم لهذا كنت اتصل بها لآخذ الرقم واطمئن على الفتاة من أمها تعلم لقد أصبح واجب علينا بعد ما فعلته معي هناك ".
( و هنا يا سادة وقف الشيطان الرجيم بهمزاته ووسوسته يصفق باكيا متحسرا على نفسه قائلا يا بنت اللعيبة عملتيه ازاي دي 🤣🤣🤣🤣 ).
و عند هذه الصدمة والدهشة نترككم يا سادة.
يتبع .. إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا. منها "رواية حياتي" رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..