recent
جديدنا

رواية قرة عيني الفصل الثالث

 رواية قرة عيني 

بقلم أمل محمد الكاشف 

مزجت بين السرد الفصحى والحوار بالعامية

قصة رومانسية اجتماعية دينية كوميدية

نام عمرو ليلته بجانب ابنته الصغيرة لأول مرة منذ زواجه معتقدًا ان تأتي زهرة له نادمة على ما قالته ، ولكنه لم يحدث حين سيطر الشيطان عليها لتزداد عنادا  وغضبا و رفضا للتنازل أمام   زوجها  حتى أنها توعدت ان ترفض صلحه إن عاد إليها معتذرا  .

اخرجت  هاتفها من حقيبتها  لتفتح صفحة الرسائل كاتبة 
" انا مخنوقة قوي يا سليم ياريتني ما روحت معاه وقعدت وضبت البيت " 

تركت هاتفها بعد أن اغلقته ليبدأ بكائها على ظلمه لها وشبابها الذي ضاع بين الروتين اليومي في العمل والمنزل عكس بنات خالتها اللواتي  يعشن حياتهم في السفر و الرحلات والمتعة  دون تفكير بأي شي 
…….
تفاجأت زينة بما فعله كريم توترت و خجلت رافضة تعديه الحدود بكل هذه الجرأة ، وقفت مسرعة لكي تعود لصديقاتها و لكنه اسرع و وقف أمامها متحدثا  
" زينه اسمعيني بجد بعتذر منك انا مش قصدي اضايقك بجد انا معرفش عملت كده ازاي ملقتش نفسي غير بتجذب ليكي من غير ما اشعر ، صدقيني مش بايدى حاجه غريبة شدتني وجذبتني  ليكي من اول نظره و دلوقتي واحنا مع بعض مقدرتش اقاوم الاحساس ده"
مع الاسف تخلت زينة عن غضبها وحدتها معه لتتغير نظراتها حين استطاع السيطرة عليها بكلامه المعسول 
…..
في منزل الحج جمال بساعة متأخرة نادت الام سمية على ابنتها قائلة 
" تعالي يا بنتي قيسي ليا الضغط شكله ارتفع" 

حزنت أميرة  و ذهبت إليها مسرعة ، اخرجت  جهاز قياس الضغط من الدرج ثم جلست بجانب امها لتبدأ بقياس ضغطها متفاجئة بارتفاعه 

حزنت  اميرة  عاتبه على والدتها  
" اهو ارتفع تاني هتستفيدي ايه اما تتعبي من جديد تلاقيهم مبسوطين دلوقتي مع بعضهم واحنا اللي قاعدين نحرق بدمنا " 

رد الحج جمال على بنته بحزن 
" مبسوط ايه كان الله بعونه ، وبعدين يا بنتي ما هو مش بإيدينا بكرا تجربي اما يبقى عندك ابن وتشوفي حزنه بعينيه كل يوم ومش قادرة تعملي حاجة " 

تحركت اميرة مقتربة من درج الأدوية لكي تخرج دواء  القلب الذي لا  يأخذ غير بالاوقات الطارئة وهي تقول
 " ياريتها ما جت ، اصلا كان واضح انها جايه غصب عنها ، بتتأفف و قاعدة مش عاجبها حاجة ربنا يعين اخويا وندى عليها " 

بحثت بعينيها عن العلبة في الدرج والدرج الذي اسفله متسائلة 
" ماما انتي غيرتي مكان العلبة الحمراء كانت هنا اخر مرة " 

ردت امها  عليها 
" لا انا مش بفتح الدرج ده كتير انتي الي حافظة الأدوية "

رد جمال على إبنته بخوف قائلا
 " استني يا بنتي انا شوفت العلبة ديه مع ندى بتلعب فيها من يومين وافتكرت انها فاضية" 

خافت اميرة  وقالت
 " حتى لو فاضية مش بسيبها معاها عشان متتعودش تلعب فيها "

 بحثت  اميرة  في الغرفة والصالون و بكل مكان على العلبة لتجدها بالاخير وسط ألعاب ندى ، ارتاحت  وهي تقول لنفسها 
" الحمدلله لاقيتها "

اخذتها وعادت لغرفة التلفاز وهي تفتحها لتتفاجأ بلعب ندى  في الدواء،  لونت بعضه و كسرت  منه الكثير ، قلق جمال على حفيدته لتتصل أميرة بأخيها لكي  تنبه عليه بضرورة مراقبة ابنته من أي أعراض تطرأ عليها .

وعند اتصالها وسؤالها عن صغيرتهم رد عمرو و طمئنها انها بخير و ليس بها  شي  وبدون أن  يسأل عن سبب خوفهم عليها انهى المكالمة وهو يعدها ان يكمل حديثه معها بالغد لانه متعب الآن.
 عادت لتوصيه على ندى قبل أن تنهي مكالمتهم السريعة وبداخلها عتاب ولوم على  سوء ظنها  باخيها فها هو حزين مثلهم على ما حدث  ، تذكرت المشكلة التي هم بها فلقد تأخر الوقت و هم بحاجة ملحة للدواء كي لا تسوء حالة امها بتأثر القلب من الضغط العالي مثلما حدث في المرة السابقة ، ارتدت أميرة اسدال الصلاة  وهي تقول لوالديها 
"انا هنزل ألحق الصيدلية قبل ما تقفل " 

قلق جمال قائلا لابنته
 " مش هتلاقي صيدلية بالوقت ده اكيد قفلوا  " 

ردت اميرة 
 " ما احنا لازم نتصرف ..  متقلقش هلاقيها فاتحة باذن الله " 

تحرك جمال وهو يقول
 " انا هاجي معاكي اتسند عليكي نروح ونرجع سوى " 

رفضت اميرة خوفا على تعب ركبته الملتهبة قائلة " متقلقش هروح وارجع بسرعة "

وفعلا اخدت اميرة  مفتاح المنزل والمال ثم خرجت  من البيت وهي قلقة من تأخر الوقت وسكون المكان وفراغها كما أنها شخص غير معتاد على الخروج بمفردها بعد الساعة الثانية عشر ليلًا .
ذهبت للصيدلية القريبة من منزلهم لتجدها مغلقة  
فكرت و رأت أنه لا حل أمامها إلا للذهاب إلى الصيدلية الكبيرة في اخر الشارع ، نظرت لملابسها  و تذكرت انها ارتدت سيدال الصلاة مرت ثواني عليها وهي تفكر و تحدث نفسها في منتصف الطريق  لتقرر بعدها الذهاب إلى الصيدلية الكبيرة أيا كانت النتائج على ان تسرع بسيرها كي لا يقلق أهلها عليها .

كانت أشبه بمن يركض من شدة سرعتها تخطت الطريق منتقلة للجهة الاخرى ، دخلت الصيدلية واشترت الدواء على عجل لتخرج منها على نفس سرعتها وهي تتخطى الطريق من جديد ، و قبل أن تجتازه تفاجأت بصوت أتاها من الخلف 
" خير يا اميرة بتعملي ايه هنا بالوقت ده ، وايه اللي في ايدك ده "

التفتت اميرة لمصدر الصوت خلفها بذعر وخوف ظهر على عينيها وهي تضع  يديها على صدرها  قائلة 
" أستاذ مينا ، والله قلبي  كان هيوقف من الخضة " 

تحدث مينا باستغراب
 " مش قصدي اخوفك انا اسف، بس اتخضيت اما شوفتك بالوقت ده هنا خير كنتي بتعملي ايه "

رفعت أميرة كيس الدواء 
 " رحت اشتري الدوا لماما بس الحمدلله انك شفتني احسن كنت هموت من الخوف "

رد مينا وهو منزعج مما سمعه
 " وليه ما اتصلتي بمريم وانا اشتري ليكم الدوا ازاي تخرجي لوحدك وانتي عارفة المكان ملوش امان بالوقت ده "

اجابته وهي تتحرك بطريق عودتها
 " مافكرتش بصراحة، بس انا لازم ارجع بسرعة عشان متأخرش عليهم ويقلقوا "

تحرك مينا خلفها مبتعداً عنها خطوات 
 " طيب اسرعي انتي وانا وراكي اهو "

وعند عودتها وجدت والدها ينتظرها بشرفة الصالون قلقا عليها كما توقعت ، اشارت له بيدها ليطمئن وخاصة عند رؤيته لمينا من خلفها  قائلا لزوجته
 " اهي رجعت يا سمية ومينا كان معاها ماتقلقيش "

وقبل أن تدخل أميرة عمارتها رأت استاذ احمد يسير بالجهة المقابلة لها ارتبكت مستديرة للخلف كي تشكر مينا و من ثم تدخل بعدها بسرعة كبيرة 

كانت اعين احمد تراقب اميرة و مينا طوال سيره حتى ابتعد عن المكان ، وقبل أن يتخطى عمارتهم علا صوت مريم من الاعلى وهي تقول " لاقيته يا ماما اهو هقوله "

ونادت مريم على اخيها
 " يا مينا ماما بتقولك هات كيس عيش معاك وانت راجع ومتتاخرش زي كل يوم  "
……..
 
مرت هذه الليلة بسرعة كبيرة أشرقت شمس إسكندرية معلنة عن يوم جديد  ليكونوا الشباب شهداء على شروقها بشكل متفرق هذه المرة  بعد ان جلس كلا منهم مع رفيقته الجديدة.

لا زال الكلام بين مؤيد ونور بتحفظ و حدود رغم الضحك والقرب الذي  زاد مع زيادة ساعات الليل ، ولا زالت نسمة تضحك مع آدم وهي تحكي له عن مسابقة الأكل التي شاهدتها  الأسبوع الماضي  
أما أسماء فكانت مستمرة في محاولاتها بالتهوين  على أمجد الذي  اختار الصمت والعيش  داخل حزنه وحسرته على حبيبة فؤاده وحده .

و بمشهد غريب على علاقتهم التي لم تمر عليها بضعة ساعات كانت زينة تجلس بحضن كريم مستنده برأسها على صدره مستمتعه بكلامه وغزله المعسول.

وبنفس الوقت المبكر من الصباح و في حلمية الزيتون سمعت أميرة صوت يصدر من هاتفها فتحت عينيها وهي نائمة بفراشها ممسكة به لتفتحه قارئة 
" عايز اكلمك ضروري  هكون فاضي بعد الظهر اسمحي لي اتصل  في كلام مهم عايز اتكلم معاكي فيه " 

قلقت وتحيرت بقوله "ضروري و مهم"
 ليبدأ صراعها الداخلي من جديد جزء منها يريد أن يجيبه بالموافقة على اتصاله وجزء اخر يخشى أن يقترف ذنب جراء هذا الاتصال يغضب الله عليها. 
كانت تثق بأخلاقه وما يشيع عن سمعته الطيبة بالمكان ولكن هذا ايضا لم يشفع له أمام تخوفها من ربها  ، تذكرت صفحة الدكتورة هالة سمير على الفيس بوك  فكرت قليلاً لتقرر بعدها التواصل مع الدكتورة على الخاص وتسألها هل يجوز التحدث معه لأي سبب أم لا  وبالفعل فتحت هاتفها وأرسلت للدكتورة رسالة مضمونها " ارجوكي ردي عليا انا بحيرة من امري حصل معايا موقف ومش عارفة اعمل ايه ، بصراحة هو شخص محترم جدا وانا واثقة في أخلاقه وعارفة  انه مش هيلعب بيا، ولكن انا خايفة بس من زعل ربنا وكمان خايفة بابا وماما يعرفوا و اخسر ثقتهم فيا، ممكن تجاوبيني بسرعة عشان اقدر اتصرف " 

أغلقت  هاتفها وهي ترفع  نظرها  نحو ساعة الحائط ، فكرت بالقيام كي ترتب المنزل لتذهب بعده الى جارتها مريم بالطابق العلوي لربما يصلا لحل يريح قلبها وينجيها  من  حيرتها .

خرجت  من غرفتها وهي تسمع صوت والدها يقول لها " صباح الخير للمرة التانية ، خير يا بنتي اول مرة ترجعي تنامي بعد الفطار وتطولي بنومك كمان " 

ابتسمت اميرة وهي ترد على والدها
 " الواضح إن تأثير المحشي كان قوي " 

تركها والدها ودخل الحمام بضحك متفاخرا بالمحشي الخاص به  ، لتقترب هي من أمها قائلة "  ماما هو انا ينفع اخلص البيت والمطبخ مكان الفطار و اطلع اقعد مع مريم شوية  مش هتأخر متقلاقيش ، وكمان الاكل موجود اما انزل هسخن المحشي ونتغدى " 

ردت سمية عليها  
 " خدي راحتك يا بنتي لسة بدري على الغدى خلينا نتأخر شوية اصل عمرو اتصل وقال انه اخد اجازة النهاردة و هيجي هو وندى يقعد معانا  نبقى نتغدى وقت ما يجي عشان خاطر ندى حبيبتي والمخسي بتاعها " 

ضحكت اميرة 
 " انا كنت هحضر ليهم طبق عشان لو حبت تتعشى، بس نسيت بعد اللي حصل "

عاد الحاج جمال من الحمام وهو ينظر لتغير وجه سمية بعد تذكرها ما حدث من زهرة وردها عليهم ، تحدث  وهو ينظر  لأبنته 
 " يلا يا بنتي خلصي الي وراكي بسرعة وطلعي لصحبتك عشان تلحقي تقعدي و ماترجعيش تقولي اتصلتوا بيا بسرعة "

وبفرح أنهت اميرة ما عليها و صعدت  لمريم  صديقتها وجارتها التي فرحت بمجرد رؤيتها لها احتضنتها و رحبت بها وهي تقول
 " إيه النور ده كله يا  مرمر رضيتي علينا اخيرا ، والله اشتاقتلكم بس ولادة كارولين و بنتها اللي مش بتسكت صبح وليل هي اللي منعتني عنكم "

ضحكت أميرة على كلام أم مريم  
 " اه والله يا يا مرمر ميغركيش السكوت والهدوء اللي انتي شايفاه ، دول لسة نايمين من شوية صغيرين اصلهم كان عندهم وصلة عياط وغيار و رضاعة وطول الليل ، ههههه انا حاسة اني كبرت مية سنة في الأسبوعين دول "

ردت اميرة لتراجع ام صديقتها بضحك
 " أسبوعين ايه يا طنط دول قربوا على شهر" 

سحبتها مريم ودخلت بها غرفتها مغلقة عليهم بابها بعد أن أستاذنا من ام مريم وهي تقول 
" مدام جيتي بالوقت ده يبقى في حاجة مهمة  قولي بسرعة قبل ما امك تتصل وتستعجلك "

ابتسمت اميرة وهي تصعد فوق الفراش الجانبي قائلة " اخ منك ديما فهماني قبل ما اتكلم  "

في حلمية الزيتون  حزنت مريم من صديقتها  وعاتبت عليها 
" اخص عليكي بقى  كل ده يحصل وانا اخر من يعلم "

رجعت اميرة تبرر لها انشغالها بالتنظيف والترتيب خلاف المطبخ والاكل بالإضافة لحيرتها وتخبطتها الداخلي 
ردت مريم عليها 
" طب قوليلي  دلوقتي انتي هتعملي ايه قررتي يعني تردي وتقولي ايه "

صمتت أميرة بضيق لتكمل مريم كلامها 
" بصي يا مراميرو انا حاسه بيكي لانك لو تفتكري حصل معايا نفس الموقف وايامها انتي رفضتي وقولتي اوعي تكلميه  وبعدها اتضح انه ميستهلش وأن ربنا نجاني و فرقنا من قبل ما يجمعنا" 

ردت اميرة عليها " لا بس المرة ديه غير انتي عارفة أن أستاذ احمد كويس ومش هيلعب بيا عكس علاء الي كان بيكلم الكل ويخدعهم انه عايز يتجوزهم "

راقبت مريم  وجه اميرة وهي تشرح لها عن   حيرتها 
 " يا مريم افهميني انا خايفة ربنا يغضب علي ، وكمان لو ماما وبابا عرفوا مش هقدر ارفع عيني بعينهم ابدا" 

ردت مريم بحيرة انتقلت لها من صديقتها قائلة
 " انا معاكي استاذ احمد مختلف واحنا عارفينه من زمان ، وكمان انا شاهدة على نظراته باللقاءات اليومية بجد الراجل ده غرقان بحبك " 

خجلت اميرة و ضربتها على قدمها قائلة
 " هو انتي لسه بتقفي ورا الشباك وبترقبينا وبعدين تعالي هنا مفيش لقاءات كنت بقف بالصدفة مش مقصودة والله هي جت بدون ترتيب  "

ضحكت مريم وهي ترد عليها 
" اراقب مين دنا يا بنتي  قاطعت المسلسلات و ادمنتكم انتوا  حتى بقيت ادعي ترفعي عينيكي وتبصي للغلبان ولو لمرة  بس مفيش فايدة عاملة فيها مكسوفة "

ردت مرمر بخجل 
" والله يامريم مابقدر ارفع عيني  وكأني هموت لو عملتها "

 صمتت  مريم عن ضحكها قائلة
 " صح افتكرت حاجة مهمة كل ما أجي اقولها لك انسى البنت نظمية المفترية اخدت بالها من نظرات احمد ليكي و وجودك بالبلكون كل يوم بالوقت ده ، بالاول كنت بفتكر انها صدفة ولكن اخر مره لقيتها بتبص في الساعة و واقفة تراقب من ورا الستارة زي مانا بعمل  ، طبعا من حظها السيء اني اخدت بالي منها "

حزنت أميرة وخافت على سمعتها و انتشار كلام سيء عليها وسط الجيران مما زاد هذا  من توترها  وتخوفها 

رجعت كررت سؤالها لمريم
 " شوفتي ده اللي خايفة منه  انتي لازم تقوليلي اعمل ايه دلوقتي ؟ و اتصرف ازاي معاه ؟ انا راسي وجعتني ومش قادرة اتلم على روحي ، حتى بقيت حاسة ان اهلي بدأوا يشكوا فيا "

ردت مريم عليها بصوت منخفض
 " هقولك بس متزعليش مني ، اول حاجة انا وانتي عارفين ان الموضوع ده غلط و عيب وكمان لو اهلينا  عرفوا حاجة زي ديه هيقطعونا  وانتي قبل كدة قولتيلي ربنا نهى عن الحاجات ديه ولازم البنت تحافظ على نفسها عشان جوزها والكلام الي ماما بتغنيه لينا طول اليوم ، انا عارفه ان احمد كويس ومحترم ومش هيأذيكي بس لو عايز يتعرف عليكي يجي ويخطبك وتتكلموا قصاد اهلك ولو محصلش نصيب افترقوا ، امال هما عملوا الخطوبة ليه مش عشان نتعرف على بعض قبل الجواز ، يعني لو قصده شريف زي ما بيقول يجيي البيت من بابه ملهاش لازمة اللف والدوران وتزيين الغلط بالكلام الجميل ، اسفة يا اميرة انا عارفة ان قلبك الجميل اول مرة يحب واول مرة يتعلق بحد  وعشان كده مش عايزاكي تتكسري وتحزني بعد كده ، لو هو بجد قصده شريف يجي زي باقي الرجالة من الباب والكل هيرحب بيه و لكن كلام في التليفون بالاول تعارف و بعدها نحنحة وبحبك و معرفش ايه لا عيب احنا متربناش على ده "

ردت اميرة بسرعة وهي تدافع عن نفسها 
" مستحيل اقبل بالكلام ده  ازاي تفكري فيا كدة"

ردت مريم عليها 
" صدقيني لو سمحتي انه يكلمك هيفضل يجرك خطوة بخطوة لحد ما تلاقي نفسك مش عارفة تمنعيه ولا تمنعي روحك اللي اتعلقت بيه ، واحنا يا اختي مش حمل الكلام الكبير ده و معندناش غير سمعتنا واخلاقنا بالمنطقة ، عشان كدة بقولك ابعدي يا اميرة  حتى وقفي خروجك بالبلكون وسبيه يقرر لو عايزك هيجي لبابك ولو بيلعب يبقى ربنا معاه "

اقتنعت اميرة بكلام صديقتها عادت لمنزلها وهي ترتب كلامها الذي ستجيب به على أحمد عند  اتصاله .
و بنفس الوقت فتحت اميرة الفيس بوك  لترى  رسالة جديدة من الدكتورة هالة فرحت وفتحت لتقرأ مضمونها الكتابي
 " انا حابة اشكرك على احساسك الجميل ده وانك خايفة من ربنا وخايفة تعملي حاجة غلط ، بصي يا بنتي ربنا اما قال بكتابه الكريم 
" وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ " ماقالهاش عشان يقيدنا او يعمل حاجة تضايقنا ولكنه قالها عشان يحافظ علينا وتكوني جوهوة محدش يقرب منها ولا ياخدها بالرخيص ربنا ياحبيبتي قيمك و جعلك جوهرة ثمينة لا تشترى الا بالحلال والعلن ، و كمان رسولنا الكريم اما جه يوصي علينا قال لاصحابه" رفقاً بالقوارير" والقارورة هي اخف واسهل حاجة تتكسر بسرعة فعشان كده كان خايف رسولنا الحبيب من كسرنا فأنا بنصحك يا جوهرة عيلتك الثمينة انك تعفي نفسك وتحافظي على قلبك ولو الراجل كويس زي ما قولتي هيجي ويتعرف عليكي وسط اهلك وناسك بارك الله فيكي يا بنتي واكرمك بالخير"

تنهدت اميرة وهي تغلق  هاتفها قائلة لنفسها
 " هو ده الصح ماينفعش اللي انا بعمله ده " 

 اتصل احمد بعد وقت قصير لترد عليه اميرة  بكل ثقة كي تخبره بقرارها القطعي على طلبها و قبل ان تتحدث تفاجأت بحديثه القوي 
" اول حاجة انا عايز تفسير على وجودك خارج البيت مع مينا بساعة زي دي ، ومتقوليش اخويا بصراحة كان شكلكم وحش جدا وانا اتضايقت من الوضع الي كنتم عليه " 

استغربت مبررة  اضطرارها على النزول لأجل دواء امها واستاذ مينا ساعدها بطريق العودة 

فاجأها من جديد برده عليها
 " وليه متصلتيش بيا كنت أنا اشتريته لك ازاي تخاطري بنفسك وتنزلي بالوقت ده انتي متعرفيش قد ايه انا بخاف عليكي وله ايه  "

خجلت اميرة قائلة
 "  كنت مجبرة على النزول عشان كده .. " 

لم يعطيها فرصة لتكمل ما تبرره  تحدث هو مرة ثانية و قال 
" انا اتكلمت مع ماما امبارح وقولتلها اني عايز اخطب ، بس انا هفتح الموضوع تاني واقولها اني اختارت عروستي ، عشان نيجي ونخطبك بعد ما نخلص السنة الدراسية "

استغربت مرمر متسائلة
 " اشمعنا السنة الدراسية " 

رد احمد عليها شارحا لها وضعه وانشغاله بالمدرسة والدروس الخاصة  وتأخره بالعودة للمنزل وأنه ليس لديه وقت  نهائي للخطبة والإجراءات الخاصة بها ، وايضا يريد  ان يكون جاهزا بشكل كامل لكي يخطبها بأول الاجازة ويتزوجا  قبل بدء العام الدراسي 

كانت أميرة  تستمع له وقلبها غير راضي عما تفعله ارادت ان تنهي المكالمة أكثر من مرة فهي تعلم أن ما تفعله غير صحيح ولا يرضي الله ، وبنفس الوقت تريد ان تسمع كلامه وتفسيره  ظلت  تستمع منتظرة اللحظة التي ستخبره بها على قرارها دون أن تجرحه .

تحدث أحمد  مكملاً 
" طبعا هتسألي ليه خطوبة تلات شهور واحنا عارفين بعض ، هقولك اننا لازم نتعرف على بعض اكتر بعد الخطوبة لأني مش عايز تظهر مشاكل بعد الجواز "

ردت اميرة بثقة 
" حتى ولو اتفقنا وتفهمنا على كل حاجة لازم بعد الجواز تظهر حاجات جديدة نتجاوزها بعقلنا و حكمتنا " 

ضحك احمد وهو يرد عليها 
" عقل ايه ده انتوا بتتغيروا بعد الجواز ، بس بجد انا شايف انك مختلفة وعاقلة واننا هنرتاح مع بعضنا جدا ، بس اهم حاجة كل واحد فينا  يعرف اللي بيريح التاني ويمشي عليه وبكده محدش هيضايق  من التاني "

اختنقت اميرة اكتر فشعور انها مذنبة وتختبئ من اهلها أوجعها كثيراً بجانب أن طريقته بالحديث ازعجتها  وكأنه جائزة من  المفروض أن تسعى وتنجح بالامتحان لتكسبها ، ردت عليه بقوة وثبات
 " بعتذر منك انا مش هقدر اتكلم معاك مرة تانية ،  وبعدين اطمن لو كنا من نصيب بعض عمر ما حاجة هتفرقنا  بعتذر مرة تانية  مقدرتش اغضب ربنا مني واخيب ثقة اهلي فيا  "

أنهت اميرة كلماتها الاخيرة واعتذارها واغلقت الهاتف بسرعة دون انتظار رده ماسحة من على وجهها اول دمعاتها حزنا على قرارها و تحركت من مكانها بسرعة وهي تمسح دموعها رافضة ترك نفسها للحزن والبكاء ، دخلت الحمام وغسلت ايديها و وجهها و بدون ان تشعر وجدت نفسها تتوضأ.
سمعت صوت ندى الصغيرة وهي تنادي عليها، جففت يديها و وخرجت من الحمام راسمه الضحكة على وجهها لتتخلص من الضيق الذي بصدرها ، ألقت ندى نفسها بحضن عمتها بفرح كبير ، نادت سمية على إبنتها من المطبخ و قالت " يلا يا اميرة  عشان نغرف الغدا، ابوكي جعان و انا اتأخرت على معاد الدوا"

تحركت اميرة للمطبخ بسرعة وهي رافضة مساعدة والدتها لها تخوفا من إنخفاض ضغطها أو عودة ازدياد ضربات قلبها المفاجئة
……….
في مدينة الإسكندرية أراد  الشباب ترتيب يوم مميز لتوديع المكان تجمعوا مع بعضهم امام  غرفة البنات وهم يطرحون الاراء على  بعض 

انسحب امجد و هو يقول لهم
 " أنا تعبان  شوية اسف مش هقدر اشاركم "

وتركهم وذهب  لغرفتهم ، غمز كريم لزينة  وهو يحدث الشباب 
" بصوا اتفقوا انتوا على المكان وانا معاكم بس بالاول هنزل اجيب وجبتي من مطعم الفندق عشان انا هموت من الجوع " 

تحركت زينة وقالت
 " وانا كمان هاجي معاك " 

و نظرت  للبنات متحدثه لهم
 " اتفقوا انتوا لحد ما اجيب ليكم الاكل "

و ذهبت خلف كريم الذي أمسك يدها فور ابتعادهم عن الجمع قائلا
 " وحشتيني"  خجلت زينة وهي ترد عليه
 " وانت كمان وحشتني " 

اقترح عليها أن يخرجا وحدهما ليأخذا راحتهم لتوافقه الرأي قائلة بسرعة 
" بس هنتخلص منهم ازاي" 

ضحك متحدثا بثقة كبيرة 
" خليها عليا بس المهم دلوقتي خلينا نخرج بسرعة وبعد ساعة نقولهم ان بطنك وجعاكي و انا خفت عليكي ورحنا المستشفى" 

انتظروا البنات عودة زينة و كريم بدون فائدة ليتفاجاؤا بمرض زينة وذهابهم للمشفى  ، قلقوا و خافوا   عليها حتى انهم ارادوا الذهاب لها ولكن بعد الرسالة التي تلقتها نسمة من زينة لتشرح لها التمثلية الكاذبة غيرت  رأيها و اقنعت البنات ان ينتظروهم بالفندق 

فكرت نسمة قليلا لتتحجج بعدها انها اشتهت البسبوسة من البائع القريب منهم فتحت هاتفها و اتصلت بآدم كي يرافقها للذهاب إليه وتناول أكبر قدر قبل سفرهم 

ليكون من نصيب نور وأسماء  الجلوس بالفندق هذا اليوم ومشاركة باقي بنات الغرف الأخرى الضحك والرقص والحوارات الجميلة 

حقق كريم مراده و انفرد بزينة ليستمتع بتقبيلها بالزاوية واحتضانها والانطلاق بها في شوارع الإسكندرية ، بنفس الوقت كان هناك تقارب بين نسمة  و آدم الذين لم يكن يشكل الحب لهم اكثر من استمتاع كلا منهم مع الآخر فكان آدم صريحا معها منذ البداية و وضح لها انه لا يميل ولا يصدق قصص الحب وهذا ما جعل نسمة أكثر راحة و اندماجا معه دون خوف منه،  كان من المفترض أن تكون علاقتهم باطار التسلية والصداقة كما اتفقا ولكنها تعدت هذا حين زاد تقربهم وتشابك أيديهم ووضع آدم يده على ظهرها بحجة حمايتها وهي تعبر الطرق والمواصلات العامة
............

في منزل العمة ام سعاد كان حسام يتجهز  لموعد مهم وهو يقول لها  " ادعيلي يا خالتي ربنا يوفقني واقدر اشتري المحل ده "

ردت عليه خالته ام سعاد 
" ربنا يفتحها بوشك يا بني يارب"

ضحك حسام وبنبرة فكاهية كعادته ردًا عليها 
" ايه يا خالتي بقولك ادعيلي مش تدعي عليا اتفتح بوشي هههههه"

ضحكت خالته " يخيبك يا حسام هو انت لسه بتقفش الكلام وتحوره "

قرب منها و قبل رأسها قائلا
 " يارب يجعلها  فتحة خير ، ولو مفيش نصيب هاجي افتح قصاد البيت هنا ونقعد نتسلى سوى " 

ردت خالته وقالت 
" وليه تتعب نفسك  قدام البيت ما تيجي تفتح بالشقة و اهو اسمنا مش هننزل ونطلع  ، هناكل ونام وننبسط "

اخذ مفاتيح سيارته و هاتفه وودعها وهو يرد بضحكه
 " شكلي هعمل كده و رزقنا على الله " 

 اوقف ضحكه وسألها قبل خروجه من المنزل 
" مش عايزة حاجة اجيبهالك معايا وانا راجع "

ردت بسرعة وقالت " شكرا يا حبيبي تيجي بالسلامة انت واللب  و العصير الاخضر بتاعك انا من زمان مشربتهوش "

ضحك حسام من تاني وقالها 
" عيوني ماتخافيش ، ومش هنسى كمان البقلاوة والبسبوسة للسهرة ، بس عشان خاطري دوري على مسلسلات  جديدة بدل المقرر عليا من عشر سنين والله يا خالتي لو امتحنوني فيهم لاطلع الأول على الجمهورية "

خرج حسام من المنزل  وهو يلوح لخالته ويودعها  مغلقًا الباب خلفه معتقدا ان كلامهم انتهى ، ليتفاجأ فور اقترابه من سيارته بسماع صوتها العالي وهي تنادي عليه قائلة 
" يا حسام متنساش تروح لخالك تسلم عليه "

رفع يده لها وبدون صوت أومأ برأسه ، ولكنها لم تكتفي بجوابه الصامت  لتتحدث مرة أخرى  

 " خد معاك بسبوسة و بقلاوة عشان خالك كمان بيحبهم" 

التفت حسام على الجيران بالشرفة الواقعة أسفل شرفة  خالته ثم عاد لينظر  لها وهو يرفع هاتفه ويقول " هكلمك تليفون "

وبالفعل صعد سيارته الحديثة وفتح الايفون الخاص به متصلا بخالته وهو يدير محرك سيارته . 
ليدور بهذا الوقت  حوار صغير بين الأم وابنتها  في شرفة  الجيران  بدأته الأم بقولها 
" شوفتي يا بنت يا سمر الواد كبر واحلو ازاي" 

ردت سمر على امها وهي شاردة بعينيها التي كانت ستخرج من شدة إعجابها بسيارة حسام 
" اه وربنا ياماما ده بقى مز بجد ، انا مش مصدقة ان ده حسام اللي كان قصير و مدهول، بس اقولك ملامحه متغيرتش كتير هو اللبس الغالي نضفه وخلاه يلمع زيادة " 

ضحكت الام وهي تمضغ اللبان بصوت عالي
 " مدهول ايه ده انتي اللي مدهولة ومعرفتيش توقعيه كان زمانك متهنية بالعز ده بدل قعدتك جمبي، بس عندك حق كنا هنعرف ازاي انه هيبقى بالعز ده "

ردت سمر بسرعة  على والدتها  
" حتى ولو كنا نعرف هوقعه إزاى وهو  كان من الجامع للمذاكرة للجامعة فكرتيني و طلعتيني من مودي ياماما "

شربت الأم القليل من كوب الشاي وهي تقول
 " عندك حق اللي كان يشوفه زمان ميشفهوش دلوقتي وهو لابس و مرسوم و راكب عربية أطول منه "

ردت سمر وهي تسأل والدتها 
" إلا بالحق يا ماما هو وصل لده كله ازاي ، كسب في اليانصيب وله اتفتحتله طاقة القدر "

وضعت الأم كوب الشاي على سور الشرفة وهي تقول " ملناش دعوة جابهم منين المهم دلوقتي عايزين نعمل حلويات ونطلع نصالح ام سعاد و نسهر معاها وانتي شوفيلك حاجة عدلة البسيها و واياكي اشوف الموبايل بإيدك واحنا متجمعين تركزي على كلامك معاه عايزين نفرح بيكي ونغيظ ابوكي"

ضحكت سمر وقالت
 " تصدقي انا لو عملتها هعملها عشان اغيظه هو ومراته المفترية دي "

ردت الأم بغضب
 " مين ديه المفترية، على نفسها يا ماما انا الي يقرب نحيتي هقطعه ، ميغركيش امك ساكتة انا بس ارتحت من طلباته و سيباه ليها ياكشي يشبع و يبطل بصبصة على الخلق "

( بالتأكيد انصدمتم من الحوار الذي  دار بين الام و بنتها ولكن مع الاسف هذه النماذج  موجودة فعليا بكل المجتمعات العربية والغربية وهنا نتذكر صدق مقولة الأم مدرسة اذا اعدتها اعدت شعب طيب الأخلاق  )

مضى الوقت و خيم الظلام وأصبح على عمرو العودة لمنزله ، و برغم انه لا يريد هذا  إلا انه مضطر بالاخير وخصوصا عندما رددت ندى سؤالها عن أمها أكثر من مرة ليتحرك مستأذنا منهم  ، طلب منه والده أن ينتظر حسام ابن خالته حتى يأتي ليسلم عليه.

فكر عمرو قليلاً وهو ينظر لأبنته التي كانت تحك عينيها من نعاسها قائلا لوالده
 " معلش يا بابا مرة تانية بقى عشان ندى قربت تنام  بس متقلقش هتصل بيه و نشوف نتقابل ازاي قبل سفره " 

اقترب عمرو من إبنته التي لم تكمل اربع سنين و مد  يده ليمسك يدها وهو يقول لها 
" ياله يا بابا عشان هنروح"

فرحت ندى و قفزت قفزتين  بمكانها وهي تقول " اروح لماما اروح لماما " 

تنهد عمرو بحزن وتحرك بها ليخرج من منزل والده الذي كان يشعر بوجعه وحزنه ، حاله حال  سمية الحزينة على ابنها .

وبعد وقت قصير طرق باب منزلهم من جديد تحدث والدها ليقول لها 
" ده اكيد حسام ابن عمتك ، انا هفتح له وانتي ادخلي البسي براحتك " 

 تحركت وهي تبحث عن الاسدال ، خرجت من الغرفة قائلة لوالدها بصوت منخفض
 " استنى يا بابا متفتحش غير اما اخد الاسدال من الغرفة التانية " 

لم يستجيب لها قائلا وهو يقترب من الباب 
" إسدال ايه ؟ هتقبلي الضيوف بالاسدال يا اميرة؟ " 

استغربت اميرة من كلام والدها  و وصفه حسام بالضيف ، تحركت لغرفتها مرة ثانية وهي تعاتب نفسها قائلة 
" انا ازاي كنت هلبس الاسدال وكأني هفتح لحد من الجيران " 

فتحت خزانتها وهي تقول لنفسها
 " يعني انا هلبس ايه دلوقتي " 
 أخرجت طقم جميل باللون الزيتوني وارتدته بسرعة  خرجت بها بعد  تكرر مناداة  والدها لها " يا اميره ، يا اميره فينك يا بنتي" 

خرجت للصالون وهي تسمع والدها يقول لحسام " انا اللي غلطان كانت هتلبس الاسدال بسرعة ، بس انا قولتلها تغير هدومها لتستقبل الضيوف بالي يليق بيهم " 

رد حسام على خاله وهو يعتب عليه
 " الله يسمحك ياخالي هو انا ضيف برضوا " 

خجلت اميرة واخفضت عينيها  ليغرق حسام بجمالها و خجلها،  بلع ريقه و هو يبعد عينيه  عنها لكي لا تفصح عن  ما بداخل قلبه وما يخبئه  عن الدنيا كلها منذ سنوات  ، فما لا يعرفه أحد أن أميرة حلم حياة ابن عمتها وكل أمله بالدنيا ان تكون من نصيبه وقدره ، كان يكفيه ان يسمع اسمها او اي خبر عنها ليفرح ويسعد قلبه  ، رفع عينيه ونظر لها مرة ثانية بخجل احترامه وحبه الكبير قائلا 
" ازيك يا مرمر اسف جدا اقصد ازيك يا اميرة عاملة ايه" 

ابتسمت أميرة بخجل 
" انا كويسه شكرا ليك" 
ضحك الحج جمال  
" ليك حق يا ابني انت بقالك أربع سنين لا جيت القاهرة ولا حد شافك .. افتكر من بعد امتحانات الجامعة مرجعتش للقاهرة حتى الشهادة عمرو بعتهالك بريد " 

رد حسام على خاله وقال 
" فعلا يا خالي هو ده اللي حصل، اللي يسمع اربع سنين يقول كتير ولكنهم مروا عليا وانا مش عارف ازاي وكأنهم كانوا بيجروا، انشغالي بالمزرعة و العمال و المحلات كان واخد كل وقتي "

تحركت اميرة على خجل وجلست على طرف  مقعد الصالون ، مستمعه لحديث ابن عمتها عن وضع العمل و المشاقة الكبيرة بمتابعته.
نظر  الحاج جمال لاميرة وهو يقول باستغراب 
 " انتي قعدتي ليه يا بنتي ! فين ضيافة حسام وله مش ناوية تضايفيه حاجه "

شعرت أميرة  انها ستسقط من شدة خجلها وقفت مبررة " مش قصدي والله  "
 ثم نظرت  لحسام بنفس خجلها  واكملت
 " احضر لحضرتك الشاي ولا القهوة الأول " 

لم يصدق عقله انها امامه وتحدثه بنفسها ، حاول أن يتمالك نفسه ويخبئ ما يشعر به مدير  رأسه لينظر لخاله جمال وهو يجيب
 " مع اني رافض تصنيفي على اني ضيف بس بردوا ده ميمنعش اني اشرب كوباية شاي لو مفيهاش تعب طبعا " 

رد خاله عليه  " تعب ايه يا ابني" اشار الحاج جمال نحو علب الحلويات التي تعلو المقعد المجاور لباب المنزل  قائلا 
 " أهو انت اللي عامل نفسك ضيف وجايب معك زيارة وانت جاي " 

نظر حسام للعلب ورجع ينظر لخاله مدافعًا عن نفسه 
" لا انت فهمت غلط ديه مش زيارة، ديه تعليمات خالتي ام سعاد البسبوسة والبقلاوة اللي بتحبها ، اما الشنطة التانية دية من ماما كانت جهزتها ليكم "

ضحك الحاج جمال وقال
  " إذا كان بسبوسة وبقلاوة يبقى ربنا يخليلنا ام سعاد و ام حسام عشان متزعلش " 

ضحك حسام لينظر الحاج جمال لبنته مكملا 
" سيبك من الكنافة اللي انتي عملتيها بغير موعدها دي وحطي لينا بسبوسة مع الشاي "

ردت اميرة وهي تبتسم على خجل قائلة
 " خلاص بعد كده مش هعملها غير برمضان حرمت " و تحركت لتأخذ العلب من جانب الباب 

وبضحك سأل جمال ابن أخته 
" هو في يا حسام يا ابني كنافة تتاكل بغير رمضان ده حتى مش هيبقى اسمها كنافة " 

رد حسام وهو يحاول يسرع بحديثه قبل دخول اميرة المطبخ قائلا 
" ده عشان انت يا خال بتحب البسبوسة، ولكن انا بحب اكل الكنافة طول السنة وبصراحة اشتقت جدا للكنافه بتاعتكم  "

ضحك جمال وقال 
" اه اعترف بقى انك جاي عشان الكنافة  عندها حق اميرة اما قالت انك بتحب الكنافة و هتفرح بيها اكتر من اي حاجة تانية ، ديه حتى حضرتها من بدري قوي وحشتها بالمانجا زي ما انت كنت بتحبها من ايديها " 

فرح حسام بشكل كبير لدرجة ان عيونه كانت تشع فرح وحب ، حاول اخفاء فرحته وضحكته التي ملئت وجهه وافصحت عن نواجذه حتى اصبحت لها صوت بسيط نابع من سرعة و سعادة قلبه الراقص

قاطع فرحته سماعهم لصوت صراخ  آتاهم من المطبخ مصاحبًا لصوت كسر زجاج ، ذعر جمال بينما تحرك حسام بسرعة نحو المطبخ وهو يقول لخاله "  انا هشوف حصل ايه" 

دخل المطبخ وهو مذعور يسألها بقلق
 " خير حصل لك ايه " 

نظر فوق الرخامة ليفهم الوضع ، ردت ميرا وقالت " معلش وقع مني بالغلط واتخضيت " 

ابتسم وهو ينظر لها شاردا بجمال صوتها وعيونها التي سحرت عيونه من سنين

 ظل  شاردا و مبتسم حتى سمع صوت خاله جمال وهو يسأل 
" في ايه يا اولاد مالكم ساكتين طمنوني" 

ردت اميرة على والدها 
 " مفيش حاجه يا بابا الطبق وقع مني بالغلط " 

ضحك الحاج جمال وقال بسخرية
 " يلا اهو حصل غيره اللي كانوا بالغلط بردوا" 

وضحك اكثر وهو يكمل
 " قربتي تخلصي عليهم بالغلط" 

خجلت اميرة وقالت لحسام 
" بجد انزلق من أيدي معرفش ازاي "

ابتسم حسام مجيب عليها
" ولا يهمك فداكي الاطباق كلها "

 وتحرك ليخرج من المطبخ وهو يستأذنها 
" ان امكن ينفع تزودي الشاي شوية لبن "

ردت على استحياء وهي تخبيء عيونها من حسام 
" ياااه انت لسه فاكر "

فرح حسام و رد عليها
 " طبعا فاكر حتى اقولك على سر انا كمان بقيت ماكلش الكنافة غير بالشاي بلبن ، والصبح لازم يكون الشاي بلبن على الفطار ، اه وطبعا بليل لازم القراقيش مع كوباية الشاي بلبن برضو" 

استغربت أميرة من كلامه متسائلة 
" ازاي حصل ده؟ مين اللي قدر يحببك بالشاي بلبن للدرجة ديه؟ ده انت وعمرو مكنتوش ترحموني من التريقة بسببه "

لم يجب حسام عليها بلسانه فكانت عيونه و شروده بها وهي تتحدث معه على استحياء دون النظر له ، أفضل من مائة رد وتوضيح لحالته فهذا ما يفعله القلب حين يتعلق ويحلم و يدوب بحبه الراقي والسامي ، فالحب ليس عيباً وليس محرما وتبادل المشاعر ليس بذنب نقترفه  ولكن متى وكيف وأين نحب و نتبادل المشاعر هذا ما يحدد حلاله من حرامه.


google-playkhamsatmostaqltradent