عروس بغداد
بقلم أمل محمد الكاشف
…………
جلس خليل في مطعم مجاور للمستشفى بعد ان عجز عقله عن التفكير واتخاذ القرارات، آلمه قلبه على من ملكت قلبه وعقله حتى توقف كلما تذكر وضعها بحضن من يقولون إنه زوجها بالإضافة لحديث طارق الذي لم يستوعبه حتى الان
"لقد تزوجت قبل أسبوع من دكتور تيّم ، جميعنا تفاجأنا مثلك تمامًا لذلك لا إجابة لدي لكل اسئلتك "
وضع يده على عينيه المغمضة بحزن وهو يرى يدها مزينة بخاتم الزواج ، تغيرت ملامح وجهه حين أتى بخياله صورة يد زوجها الذي لم تتوقف عن التحرك على ظهرها ورأسها، استقام خليل بجلسته وهو يحدث النادل
"قهوة سادة من فضلك"
ابتعد النادل ولا زالت عين خليل عليه وهو شارد بذلك الرجل ذو الوجه الضحوك
تغيرت ملامح وجهه وهو يسب تيّم قائلا
" .... كالأولاد الصغار لا يتحكم بتعابير وجهه يضحك وهي تتمزق بين بيده ما هذا السخف، مستحيل ان يكون طبيعي فرجل كهذا لا يدخل بعين شابة صغيرة كي يدخل بعين امرأة حكيمة رشيدة ذكية مثلها، ان كان شخص آخر ما كنت تحدثت ولكن هذا الضحوك لا. لا اعتقد أنه زواج حقيقي"
احترق قلبه غيرة وحقد على رؤيته لها بحضن غيره دون ان يتدخل حين منعه طارق وتصدى له قائلا
"يكفيها ما هي به فلنتركها كي لا تعاند معنا ان كان غير حقيقي سينتهي فور عودة والدها للعراق وحينها يمكنك التحدث معها"
قالها طارق مدافع عنها وهو يحاول ان يثبت لنفسه وفاءه لزوجته وعدم تفكيره في سلمى وهذا ما جعله عصبي دون سبب.
………
قبل ان تنتهي هذه الليلة استدارت سلمى على فراشها ناظره لزوجها متحدثه إليه
"كيف أتيت أنت ورجال الامن بهذه اللحظة، ام ان هند أو زملائك اخبروك.."
استدار ليصبح وجهتها مجيبًا عليها
" هل تعتقدين انني سأرسلك للمستشفى وحدك، اصريتي على الذهاب واحترمت انا رأيك ولكن هذا لا يعني أنني لن احتاط تحدثت مع زميل لي من الدراسة يعمل بالشرطة جاء هو واثنين آخرين انتظرنا وصول عائلتك المؤكد لندخل خلفهم بهدوء دون لفت الانتباه، والباقي كما قلت لكِ تركتك تتحدثين وتفرغين ما بداخلك كي يرتاح قلبك ولا تندمين بعدها"
نظرت له بعمق كبير مفرغة ما بقلبها
"شكرا لك على كل شيء لا اعرف ماذا سيكون مصيري ان لم تخرج امامي"
ابتسم وجهه بفرح
"لا يا سيدتي لن نقبل الشكر بالكلام فقط وكأنه خبز سادة دون طعم"
_ " وكيف تريد الشكر يا سيد تيّم؟"
ابتسم وجهه اكثر واضعًا يده اسفل رأسه
"امممم "
ابتسم اكثر وهو يفكر ضامم شفتيه داخل فمه متحدث بعدها
" لنؤجله لوقت آخر اشرح لكِ كيفية شكري"
تساءلت وهي تفهم ما فضحه وجهه به
" هل هو صعب وكبير لهذه الدرجة؟"
حك ذقنه
"لا ليس بصعب ولا كبير ولكنه ليس بوقته"
استدار ليهرب من سحر عيونها وسيطرتها على قلبه قائلا
"هيا نامي الآن تصبحين على خير، اللهم ثبت علينا عقولنا وتوفنا مسلمين"
ابتسمت بخبث رافضه ان تخوض بحروب الضغط عليه كي لا تندم بعدها.
مرت عدة أيام وأسابيع حاول تيّم كسب قلب زوجته بكلامه الجميل وقلبه الحنون وخفة ظله بكثرة ضحكه ومزاحه معها، يستيقظا بالصباح كي يفطرا سويا في الغرفة بشكل خاص ومن ثم يتأكد تيم من أداء زوجته ركعتي سنة للوقاية من مخارج السوء ويخرجا بعدها كل منهما بسيارته الخاصة متجها نحو عمله.
استيقظت في منتصف الليل لتلاحظ عدم وجوده تحركت وهي ترفع قامتها العلوية لتبحث عنه بالغرفة فوجدته يصلي بخشوع كبير شعرت بالغرابة فمن يرى ضحكه وحركاته وحياته لا يعتقد أنه سيقوم بجوف الليل لاجئًا لربه يطيل القيام والركوع والسجود، كانت هذه الحالة كفيلة بأن تشعرها بالراحة والأمان.
ايقظها ليأم بها صلاة الفجر، من الغريب انها تداعت نومها وهي مستمتعة بحديثه معها عن أهمية الصلاة وثواب الفجر واستحالة تركه لها دون ان تصلي، ظلت تعانده حتى رفع الغطاء من عليها ليُجبرها على القيام.
توضأت و وقفت بجانبه لتستمع له وهو يرفع يديه للسماء
"اللهم ألف بين قلوبنا واصلح ذات بيننا"
ابتسم وجهها بقولها "لا تدعي عبثًا"
بدأ صلاته بوجهه الفرح حتى أتمها على اكمل وجه، نظر لموضع ارجلها بالجلوس عدة ثواني تحرك بعدها ليفاجئها بوضعه رأسه عليهما وهو يقول
" آه آه رأسي يؤلمني لا اعرف ما بي"
فضحته تعابير وجهه الفرح، تسمرت بمكانها منصدمة من سرعته و وجوده بحضن ارجلها، لم تكن الأخيرة بعد هذا اليوم فلقد اعتاد على فعلها بعد كل صلاة تجمعهم حتى حفظت درسها وأصبحت تهرب منه قبل ان يفعلها، من يرى ضحكتها وهي تهرب يتأكد ان الدعاء والرجاء في الله لا يمكن أن يضيع وان طال تحقيقه.
وفي إحدى هذه الأيام الجميلة حالفه الحظ بفرصة إيصالها للمستشفى حتى تنتهي صيانة سيارتها ويأتون بها في منتصف اليوم.
شكرته هاربة من سيارته بعد أن قال
" كثر عدد الشكر .. كوني مترقبه كي تتمكني من رده بشكل عملي"
دخلت المستشفى بوجه مبتسم يحاول إخفاء ملامحة الجديدة على هيئته دون ان يستطيع، تعجب الزملاء من انطلاقها بطاقة وحيوية و وجه منير، فتحت باب غرفة مكتبها متفاجئة بباقة ورد يصل كبرها لمنتصف مكتبها تتدرج ألوانها بين الأبيض والزهري، اقتربت باستغراب كي تأخذ الكرت الموضوع بمنتصفها قارئه به
"اسال الله ان يجعل صباحك جميل كجمال الورود البيضاء التي تشبه بياضها بياض وجهك وزهرية بلونه حين يزداد جماله بحمرة ضيقه مني كما أراكِ الان، لا تنسي وضعها بقائمة الشكر المؤجل"
حركت راسها بعيونها المغلقة
"مجنون"
وضعت البطاقة في حقيبتها لترتدي البالطو الأبيض بفرحتها وخجلها، طرقت ندى الباب لتدخل عليها "صباح الخير يا دكتورة"
نظرت سلمى للورود وهي تسألها
"صباح النور، هل تعلمين من ادخل الورود الغرفة"
صمتت ندى لتبتسم سلمى
"حسنا وصلتني الإجابة هيا لنبدأ عملنا الان"
اقتربت من الباب وهي تضع سماعات الفحص الطبي حول رقبتها مستديره بقامتها العلوية لتنظر للورد مرة أخرى قائلة
"احضريه معنا كي ندخل السرور عليهم"
اقتربت ندى من المكتب بفرح حاملة الورود بحضنها وهي تغرز انفها منتصف الباقة مستنشقة عبقها داخلها بفرح وسعادة
"ما اجملهم لقد فرحت وتغير مزاجي بمجرد رؤيتي لهم"
ابتسمت لها بقلب أراد ان يفعل ما فعلته لولا خوفها الكبير من حدوث ما تخشاه، تحركت للخارج وهي تتحدث عن المرضى واحد تلو الاخر، كلما دخلت لمريض ابتسمت بوجهه مهدية له وردة من باقتها، نجحت بإدخال السرور على الجميع بل وحظت بدعاء الخير منهم .
انتهت من فحص الحالات المستقرة متوجهة بعدها لقسم العناية المركزة ممسكة بيدها اخر وردتين تبقوا معها.
انتظرت دخولها المصعد الكهربائي لتختلي بنفسها مقربه الوردتين لأنفها وهي تغمض عينيها مستنشقة عطرهم النادي داخلها..
تذكرت وجهه الجميل وهو يودعها امام المستشفى
"اامل ان يكون يومك بصفاء وجمال وجهك"
ضبطت نفسها وهي تستقيم بوقفتها مخبئة الورود داخل ملابسها اسفل البالطو الأبيض مستعدة للخروج بالطابق المراد.
كان اليوم ثقيل وممتلئ بالمرضى والكشوفات والمشادات التي أصبحت واضحة بقوة ليس بينها وبين دكتور سالم فقط بل اكثر من طبيب مسؤول في إدارة المستشفى .
ازداد خوف تيّم عليها من كثرة الحوادث المتتالية التي أصبحت تصادفها بشكل غريب، كاصطدامها بدراجة نارية أو سقوط كتلة حديدية كبيرة من اعلى مبنى بجانبها تماما فلولا لطف الله لكانت قضت عليها، بجانب اصطدام شخص مجنون بها ليسقطها من أعلى الدرج في المستشفى، والأخطر انفجار كبس الإضاءة الخاص بغرفة مكتبها بوجهها فور فتحها له، وغيرها من الأشياء الصغيرة الغريبة الغير مترابطة وهذا ما أثر على قدميها التي لم تشفى بشكل كامل من بعد حادثتي السطح والمصعد الكهربائي.
ذكرها بصلاة سنة لحفظها من السوء بكل مرة كانت تنجو بها حتى أصبحت هي حريصة على أدائها قبل خروجها من المنزل مما وجدته من أثر كبير بفضلها.
اجمع الأطباء على ضرورة تجبير قدمها اليسرى مع بقائها في المنزل دون حركة كثيرة او إجهاد لفترة تتناول بها العلاج بشكل منتظم ومن ثم يعيدون إجراء الأشعة والفحوصات كي يقرروا هل ستحتاج لتدخل جراحي لزرع قطع بلاتينية ام سيلتئم بشكل طبيعي وتعود لحياتها بشكل آمن دون عمليات.
رفضت سلمى التجبير على ان تأخذ إجازة عشرة أيام تريح قدمها بها وبعدها يقررون ما سيفعلون.
ارتاح قلب تيّم الذي ارهق من خوفه وكثرة اتصالاته بها للاطمئنان عليها، أوقف سيارته أمام منزله ناظرا لها بفرحة كبيرة وكأنه انتصر انتصارا لم ينتصره أحد قبله.
ردت بتعجبها
"هل كل هذه الفرحة لأجل مرضيّ ما بك وأنا من كان يعتقد أنك ستحزن عليّ"
ضحك وجهه وهو يجيب
"ها أنا أفعل ما تقولين ألم تري كم انا حزين من أجلك"
_"نعم أرى ذلك جيدًا بدليل اسنانك البارزة من شدة حزنك"
خرجت منه ضحكه عالية
"لا تضغطي على حزني أكثر من ذلك"
_" تيّم هل انت مستوعب ما تفعله ، قدمي تؤلمني وانت سعيد وتضحك أيضا "
تحرك من السيارة لينزل متجه نحو بابها ليفتحه لها واضعا كيس الادوية داخل حقيبتها ليعلقها بعدها على ذراعه.
حدثته
"ماذا تفعل ليس لهذا الحد اعطني حقيبتي انا سأحملها"
انحنى ليحملها هي أيضا
" لا يمكنك فعلها كي لا تثقلي على قدمك"
_" ماذا تفعل يمكنني ان أسير وحدي ، تيّم حقًا ليس لهذه الدرجة "
قرب راسه من وجهها "اشششش اصمتي قليلًا، وتعودين لتقولين تحب الثرثرة انظري من منا يحبها اكثر"
صمتت ليس لأجل ما يقوله ولكن لأجل قرب وجهه الجميل منها، اخفضت عينيها مستسلمة لصعوده الدرج وهو يحملها على ذراعيه.
لم تكن امه او اخته في المنزل فالوقت ما زال مبكرًا على عودة اخته من المدرسة الخاصة وأمه من تجولها مع الأصدقاء وزيارات الأقارب كما تحب دوما.
اجلسها على أريكة المجلس الكبير الفاصل بين جناحي المنزل قائلا لها
"أخبريني بماذا يمكنني مساعدتك يا مولاتي"
_" يا له من عرض مغري، وهل ستفعل كل ما سأطلبه منك؟"
اسرع بجوابه
"طبعا يا مولاتي"
اجابته بابتسامتها المحببة لقلبه
"اعطني اللاب توب وما بجانبه من كتب ومن ثم اذهب لعملك ولا تأتي قبل موعد خروج تسنيم"
ضحك بصوت عالي
"هذا ليس بعدل يا مولاتي، وأيضا هل ستدرسين بهذه الحالة؟"
_" هيا أذهب لعملك سمعت حديثك مع عمك واعلم كم ضغط العمل بهذه الأيام لذلك اسرع كي لا تطرد منه"
وضع يده على فمه الضاحك
"والله صدقتي فتبقى القليل على طردي ، حسنا الأخت سمراء وابنتها سيساعدونك بأي شيء تحتاجين إليه وأنا سأحاول ان لا أتأخر، انتبهي على نفسك ولا تتحركي إلا بحذر"
_" لا تقلق أنا أكثر من يعلم حجم ما انا به"
خرج من المنزل بعد أن أوصى سمراء عليها، انشغلت سلمى طوال اليوم بدراستها دون انفصال تقوم للصلاة وتعود لتكمل.
فرح دكتور سالم بإبعادها عن طريقه قائلا بانتصار
"سيكون خروج بلا عودة في المرة القادمة انتظري عليّ"
اتصل تيّم بمنتصف اليوم كي يطمئن عليها معتذرًا عن انشغاله بالعمل ، فاجأته باستمرارية دراستها حتى الان ليجيبها
"الم تملي من دراستك كل هذه الساعات المتواصلة"
_" آمل! لا لم اشعر بملل على الاطلاق الموضوع شيق للغاية حتى انني لم اكتفي بقراءتي من الكتب بحثت في عدة مواقع و اكتشفت كم هائل من الأبحاث الطبية التي أجريت حديثا كما دخلت على روابط اليوتيوب واستمتعت برؤية تطبيق التجارب ومدى نجاحها استمتعت لدرجة لم انتبه على الوقت وكان الساعات تحولت لدقائق، عند عودتك يمكننا إعادة رؤية تطبيق التجارب ومدى نجاحها على المرضى أثناء العملية"
ابتسم وجهه وهو يجيبها بأعجاب وانبهار
"ما كل هذا الحب والسعادة لقد غار قلبي من دراستك أنتِ حقًا مختلفة و تستحقين ما يقال عنك"
ابتسم وجهها وهي تستمع لأخر كلماته
" اخشى ان يحسدوني على حبك يا حبيبي"
سمعت صوت بجانبه يطلب منه عينات الاقمشة الجديدة وهي تجيبه
" بدأنا .. تم تفعيل وضع الشاعر"
_" نعم تم تفعيلها ومنذ وقت بعيد أيضا ولكنك لا تؤمني بذلك"
تكرر الصوت لتسأله
" من بجانبك؟"
رد عليها دون اهتمام
" عميلة مهمة تستلم العينات الجديدة"
أومأت برأسها مستمعه لصوت عمه الذي تعمد ان يصل لها
"تعال يا تيّم كي تشرب الشاي من يد ابنتنا سندس فلا أحد يستطيع تظبيطه كما تفعل هي"
رد على عمه
"حسنا دقائق واتي إليكم"
تحدث بسرعة كي يغلق معها ليجدها تسأله عن تسنيم
"هل اتصلت بها ؟"
_" اتصل بها! ألا تعلمين وضع مصادراتهم للهواتف فور دخولهم للمدرسة"
ردت سلمى
"نعم تذكرت وأيضا لا يمكنك التواصل معها في منتصف اليوم كي لا تطلب العودة للمنزل، ولكني قلقت عليها لذلك تساءلت"
رد بقلق اكتسبه منها
" هل يوجد ما لا أعلمه؟"
هزت راسها وهي تجيب عليه
" لا . لا يوجد"
_" حسنا إذا سأغلق معك كي لا اضغط على عمي اكثر من ذلك"
استمعت لصوت سندس وهي تتحدث مع زوجها اثناء إغلاقه لهاتفه وهذا ما اشعرها بالضيق والاغتياظ قائلة لنفسها
"سأغلق سأغلق وكأني متلهفة على الحديث معه، وأيضا هل سيهرب العمل اقترب مبيته هناك من كثرة انشغاله به"
ضاق صدرها متذكره حديث تهاني الهاشمي عن الفتاة التي تولت أعمال أبيها وأصبحت بيوم وليلة من فتاة مدللة لفتاة قوية بقدر المسؤولية وأكثر تحب التجديد والتطوير ولا تقبل إلا بالأفضل.
………..
دخلت رشيدة المجلس ويديها حاملة لصينية الفاكهة المتنوعة ، ابتسم وجهها وهي تنظر لابنها في حضن أبيه قائلة
" كيف حال عزيز عشيرته "
قبل خليل جبهة ابنه
"بخير لا تقلقي انخفضت حرارته، من الجيد نومه كي تقاوم مناعته المرض".
_" أنا لا أقلق ما دمت بجانبه ، ولكن عليك ان تنتبه المرة المقبلة تغيير الهواء من دافئ لبارد مضر جدا لهذا السن ، ان اردت ان تخرجه للحديقة بعد الفجر عليك ان تضع الطاقية على رأسه وتتأكد من احكام الغطاء حوله كي لا يتكرر إصابته بالبرد".
وافقها ما تقول
" حسنا حسنا لن اعيدها"
فتحت الموز وقطعته ومن بعده البرتقال والكيوي لتشعر بلعيان في معدتها، تغيرت ملامح وجهها واضعه يدها على فمها لشعورها بقرب التقيء.
وضعت الطبق بجانب زوجها واسرعت للحمام لتفرغ ما في معدتها الفارغة.
وضع خليل ابنه على الفراش رافعا عليه الغطاء ناظرًا لدخول رشيدة الغرفة ويدها ممسكة برأسها اقترب منها ليمسكها من ذراعها كي يضعها في فراشها أمرًا وداد ان تحضر لها مشروب اعشاب هادئ .
مسكت يده قبل أن يبتعد
"أبقى بجواري"
هز رأسه دون اهتمام
"حسنًا كما تريدين"
صعد على الفراش بجوارها لتدخل هي في حضنه مغمضة عينيها بحزن وغصة كبيرة، فلقد أصبحت تفعل كل شيء لأجل إرضائه ولكنها لم تنجح بكسب قلبه والشعور به مثل السابق ، استجابت لطلب رغبته في الإنجاب مجددًا لتصبح حامل وطفلها بعمر الشهور لعلها تنال محبته ولكنها لا زالت تشعر بالبرود في المشاعر المتبادلة بينهما حتى وان ضحك واهتم وحضن .
عاد لوضعه في المستشفى كطبيب بقسم المختبرات وفي العشيرة كأحد أهم أعضاء مجلس الكبراء، كان لديه الكثير من الخطط المستقبلية من أهمها كثرة الأبناء ليحملوا اسمه ويكملوا مسيرته في العشيرة والحياة.
يضيق صدره كلما تذكر سلمى وزواجها الذي لم يقتنع به قائلا داخله
"يا ليتك انتظرتي قدومي ما كنتِ اضطررتي للزواج من الغريب نعم غريب يظهر عليكم هذا بوضوح فانا اكثر من يعلمك ويشعر بحقيقة مشاعرك، فعلتيها حين خفتي مما ينتظرك ولكنك لو استمعتي لي ما كان حدث ذلك ، لن اتراجع حتى اعيدك لبلدك واحقق لكِ كل ما وعدتك به، سنحقق احلامنا سويا، سأجعل الجميع يتحدث عن نجاحك في عملك وابناءك الكُثر مني"
ضغط عليه مرور الأيام وخوفه من تقدمه بالسن دون تحقيق أحلامه معها ، تابع أخبارها عن طريق صفحات المستشفى على جوجل واليوتيوب ومنصة الفيس بوك منتظر أي خبر عن حياتها الشخصية دون ان يصل لشيء.
………
مر على زواجهم ما يقرب من الشهرين تقريبا صل تيّم فجره جماعة بصحبة زوجته كالعادة متأملا ان يألف ذلك بين قلوبهم، اسرع بارتداء ملابسه كي يذهب لعمله بعد الصلاة مباشرةً لاستقبال بضاعة مهمة، وقفت بجانبه في المطبخ حين اخبرها انه سيحضر له طعام سريع قبل ذهابه، تذكرت امر تحضير سندس للشاي قائلة له
"هل تجيد تحضير الشاي ام أتراجع عن طلبي"
ضحك وجهه
"وهل الشاي يحتاج لإجادة؟، سنغلي الماء ومن ثم نضع ظرف الشاي بالكوب ثم نسكبه عليه الماء المغلي، هيا حضري لي معك كي أكون شاهد على أول تجاربك"
رمقته بنظرة استنكار
"هل تعتقد انني جاهله في أمور المطبخ لهذه الدرجة، اعلم ما قولته ولكني اردت ان اشربه بطعم مميز هذا كل شيء"
_" بصراحه لا يوجد سوى هذا العرض السريع وخاصة بوضع استعجالي"
نظرت إلى قطع الطماطم التي يضعها داخل الخبز الفرنسي الطويل قائلة
"ضع لي رشة الفلفل الأسمر فوقها"
تعجب بسؤاله
" هل اضع الفلفل الأسود مع الجبن والطماطم!"
تحركت بضحكها لتستحوذ على عقله وقلبه مجيبه عليه
"نعم القليل منه هكذا أحبه"
نظر للخبز بيده ثم عاد ونظر إليها
"انتظري … انا لم احضرها لكِ … وأيضا ألم يجب عليكِ تحضير الإفطار لزوجك الحبيب بدلًا من وقوفك بعيدًا … لا وتطلبين أيضا الشاي المميز والشطيرة الغريبة"
اقتربت منه وهي تخرج طرف لسانها لتمسح شفتيها متحدثه بشراهة
"ستكون جميلة لا تقلق"
أخذت منه الخبز واضعه عليه الفلفل الأسمر ممسكة بسكين لتقسمه نصفين أخذت واحدًا لها وهي تنظر بعينها للطبق كي يمد يده ويأخذ القسم الاخر.
ضحك قلبه رغم عنه حاملا الغلاية الكهربائية ليصب له الشاي متفاجئ بأخذها الكوب بسرعة قولها
"لا داعي للسكر احبه سادة"
رفع حاجبه مستمتع بتناولها الخبز بالشاي ، اخذ كوب اخر وسكب به الشاي ليبدأ تناول نصف شطيرته قائلا
" لا بأس به"
_" كنت متأكدة انها ستعجبك"
ضحك واضعًا يده على فمه ليسعل قبل دخول الطعام بالقصبة الهوائية
"احييكِ على ثقتك العمياء بي"
_" يا لك من مغرور ليس بك بل من ذوقي الرفيع بالتذوق "
ترك كوب الشاي مصفق لها
" عجز لساني عن الرد ، ماذا افعل بالأخير علي ان أستسلم أمام نابغتي الجميلة "
جاءه اتصال جعله يسرع في ابتلاع طعامه وإنهاء اخر ما تبقى في كوب الشاي
"أخذنا الكلام ونسيت عملي مجددًا"
اسرعت بردها "ألن تحضر لي واحد اخر"
اقترب ليقبل جبهتها بقوة مسرعًا بعدها نحو الخارج ، ظلت ثابته بمكانها تحاول استيعاب حركته الأخيرة بقلب اصبح ينبض بشكل مختلف كلما اقترب منها.
جاءتها رساله على الهاتف بواسطة تطبيق الواتس اب فتحتها لتقرأ بها
"انتظري حتى أعود واحضر لكِ الاجمل منه"
ابتسم وجهها وهي تجلس على المقعد المجاور لطاولة المطبخ الرخامية قائلة
"أين ذهب تذمرك بتحضريه؟"
فكرت قليلًا لتكتب مجيبة على رسالته
" ولكنها ستكون بالجبن والزيتون الأسود… نعم تذكرت لا تنسى ان تخرج النواة أولا كي لا تتأذى اسناني …"
أغلقت الهاتف وأكملت تناول شطيرتها وهي تحدث نفسها
"سأجعلك تندم على اقترابك مني انتظر"
ضحك وجهها لترفع الهاتف كاتبة رسالة أخرى
"ولا تنسى النسكافية اريده برغوة كثيفة"
وُرَدّ وجهها بضحكتها منتظرة صدمته التي لم تأتيها حين انشغل ولم ينتبه للرسائل.
عاد بهذا اليوم في ساعة متأخرة من الليل كان منهك متعب تناول طعامه واخذ حمام سريع لينام بعده مباشرةً ، كانت تتظاهر بنومها قبل وصوله للمنزل منتظره منه ان يوقظها متحدثا معها والأكثر انتظارها ان يبرر عدم اتصاله بها طوال اليوم ولكنه لم يفعل ، جاءه اتصال أجاب عليه
" شكرا لحضرتك، نعم وصلت للمنزل قبل قليل لا اعرف ما عليّ قوله اعتقد كان يتوجب الاتصال والاطمئنان على وصولك"
صمت قليلا مستمع
"نعم كما تقولين لقد انهكت على الأخير اليوم واحلم باللحظة التي سأنام بها"
أنهى الاتصال بضحك وهما يتواعدان على اللقاء غدا بيوم عمل جديد، نام بعدها بجانبها فور خروجه من الحمام لتضم هي وزتها بحضنها اكتر مستسلمة للنوم بوجه حزين وقلب تسلل له شعور الوحدة من جديد.
……….
بدأ يوم جديد غريب من جهة سلمى التي كانت وكأنها أقسمت على اختلاق المشاجرات برفع صوتها وغضبها الغير مبرر.
اتصلت به سندس ولكنه لم يجيب عليها متجاهل اتصالها ليدخل الحمام كي يتحضر للخروج، حاول فهم حالة زوجته واحتواءها وتجنب غضبها الغريب متحدث لأخته
"هيا اذهبي لتأتي بحقيبتك كي لا تتأخري على الاتوبيس"
اسرعت تسنيم بأخذ حقيبتها من غرفتها لتبدأ بالخروج من الغرفة ومن خلفها سمراء لتطمئن على ركوبها وذهابها بأمان.
نظر لزوجته قائلا
" وانا أيضا سأذهب لعملي هل تريدين شيء مني قبل خروجي"
_" هل تراني ضعيفة وعاجزة لدرجة انني اطلب ما اريد من غيري، لا تقلق ان اردت شيء سأقوم به بنفسي"
تفاجأ بردها الحاد الغير لائق امام امه نظر لها نظرة عتاب صامتة متحركًا بعدها وهو يقول
" اراكم على خير"
تحدثت تهاني وهي غير راضية عن رد سلمى على ابنها وكسره بهذا الشكل
" بني سأذهب مع أصدقائي للفطور بمركز تجاري تم افتتاحه قبل أيام"
أومأ تيّم برأسه متحدث بصوته الذي يدل على حزنه وكسره
" حسنا افعلي ما تشائين المهم ان تنتبهي على نفسك ، ان اردتي شي…؟"
قاطعته امه
"بارك الله فيك يا بني سلمت وسلم قلبك الكبير لا غنى عنك ان اردت شيء سأتصل بك على الفور يا عين امك"
فهمت سلمى الرسالة المبطنة التي وصلتها من امه صمتت منتظرة خروجه ومن بعدها استأذنت أمه وذهابها لغرفتها دون التحدث معها عن ما حدث كما توقعت ليزيد هذا من شعورها بحجم ما اقترفته فلم تنتبه سلمى لنبرة صوتها العالي ولا حدتها طوال فطورهم حتى انفجرت بالأخير بدون وجه حق.
……..
دخلت غرفتها وهي تتأجج بمشاعر مضطربة لا تعلم سببها ، نظرت للهاتف كي ترى التاريخ وهي تقول لنفسها
" نعم وماذا غيرك استغفر الله العظيم ماذا يحدث لي هل سألقي الذنب على الهرمونات"
وضعت يدها على صدرها مختنقة بالضيق الذي تشعر به
"ماذا أقول انا وكأني لست بامرأة طبيعية، هل سأحرم علي ما يحدث للنساء كافة".
دخلت فراشها كي تنام وهي محتضنة وزتها متأملة ان تُحسن حالتها ولكنها لم تستطع النوم حين راودها حلم غريب رأت فيه نفسها وهي تصرخ بوجه خليل
" انا أيضا زوجتك لا يمكنك تجاهلي "
استدارت بنومها محاولة الهروب من وجه خليل منغمسة بحلم اخر وهي بنفس الغضب تصرخ به
"أنت من فعل بي ذلك انت من ألقى بي في سلة المجهول دون ان تفكر إلا بنفسك وزوجتك أنت من اختار طريقه وانت من سيدفع ثمن هذا"
دمعت عينيها وهي تتقلب على فراشها كالذي يتقلب على نار هادئة.
تحررت من الفراش ملتجئه للحمام جالسة أسفل صنبور الماء متذكره خوف تيّم عليها ومحاولته إخراجها من حزنها بإضافة الشامبو على شعرها والتحلي بالضحك وروح الطفولة التي بقلبه، ارتجفت ملامح وجهها كطفلة صغيرة تشفق على نفسها متمنية ان يعود أباها ليداعبها ويضحكها مخرجها من بئر حزنها العميق.
………..
أما هو فكان غاضب مشتت لا يستطيع إدارة عمله بشكل جيد، يتذكر حالتها باستغراب كبير فتح الواتس اب بالصدفة متفاجئ برسائلها ابتسم وجهه رغما عنه ولكنه عاد ليحد من فرحته "لا يمكنها فعل ذلك وخاصة امام امي، اتفقنا على الاحترام وعدم رفع الصوت وانا جاد بهذا الامر لن أقبله حتى وان امتلكتِ قلبي وروحي"
خرجت سلمى من الحمام بصمتها وحزنها فتحت خزانتها لتخرج الملابس دون ان تجد البنطلون الجينز التي تحبه نظيف أخذته ووضعته بمكان الملابس المتسخة عائدة للخزانة وهي تنظر للبيجامات متذكره فرحته بهم.
أخرجت البيضاء الممزوجة بالأسود رغم وجود البديل الذي يمكنها ارتداءه حتى يقوموا بغسل ما تريد، وكأنها ارادت ان تصالحه دون اعتذار.
ارتدتها جالسة على فراشها لتمشط شعرها وهي شاردها بحزنها، بهذا الوقت عاد تيّم ليأخذ بعض الأوراق المهمة ليست مهمة بشكل كبير ولكنه تحجج بأهميتها هاربًا من عمه وضغط العمل هناك.
دخل غرفته عازمًا على إيضاح حزنه وتغييره كي تعرف حجم ما فعلته ولا تكرره مرة أخرى، طرق الباب ودخل مباشرةً منصدم من حالتها تسارعت ضربات قلبه مؤثره على انخفاض أنفاسه وهو يقاوم جمال ومرونة ملمس ملابسها ، ابتلع ريقه مُبعد نظره عنها نادمًا على شرائها لها فرغم أنها لا تشف ولا تصف ولا تكشف أي مفاتن منها إلا ان جمال لونها وما اعطته من بريق لصاحبتها جعله كشخص يصعق بمس كهربائي دون ان يهتز جسده.
فتح ادراج المنظمات الخشبية على جانبي الفراش متجه للخزانة ليفتحها باحثا داخلها عن ما لا يعرفه.
اقتربت منه متسائلة
" على ماذا تبحث أخبرني كي اساعدك؟"
لم يجيبها تحرك مبتعد عنها محاول إقباض تعابير وجهه بشكل أكبر كي يحافظ على ثباته وقوته أمامها، اقترب من المرآة باحثا في أدراجها دون ان يخرج منها شيء.
تحدثت مرة أخرى بنبرة منخفضة
"اعلم انني تجاوزت حدودي بنبرة صوتي وغضبي وما اتفقنا عليه ولكنك …."
لم يصغي لها اعتقدت ان حالته وابتعاده عنها لأنه غاضب منها ، عادت لتحدثه بالقرب منه لتهز جدران قلبه بشكل أكبر
"لا تغير ملامح وجهك لأجلي، لا احد يستحق ان تجعله بهذا…"
خجلت من استكمال حديثها صمتت رافعه يدها نحو ياقة قميصه كي تحسن وضعها، ابتعد عنها بقوة سرعة نبضه لتخفض هي يديها وعينيها
"كنت فقط اريد ان احسن من وضع الياقة"
خرج من الغرفة زافرًا أنفاسه بقوة صعود وهبوط القفص الصدري، مسح يديه المبللة بملابسه رافعها نحو وجهه ليمسح عرق جبينه عاتبا على نفسه
" ما الذي يحدث لي وكأني مراهق لا يستطيع التحكم بنفسه"
ذهب للحمام الرئيسي ليغسل وجهه ويديه ناظرا للياقة بالمرآة نادما على ابتعاده عنها، رفع ياقة قميصه للأعلى ليخرب من حالة جانبيها.
ألقت بنفسها على فراشها بوجه حزين محدثه نفسها
"هذا انا اؤذي من حولي وأبدل حالهم بمجرد دخولي لحياتهم حذرتك اكثر من مرة ان تبتعد عني ولكنك اصريت حتى تغيرت ملامح وجهك لهذا الحد القاسي الحاد حتى يوم مرض امك لم اراك بهذا الوجه"
فتح تيّم باب غرفته دون طرق، أغلقت عينيها بسرعة مستمعه لغلقه الباب وخطواتها التي تقترب من الفراش، فتحت عينيها لتجده يقف بجانبها تحركت لتجلس وانزلت ارجلها ارضا لتقف بعدها امامه كي تبدأ حديثها دون ان تنتظره منه
"اعلم انني مخطئة و وجب علي الاعتذار ولكنك أيضا مخطئ ويجب عليك الاعتذار مثلي تمامًا انت من ضغط عليّ فلتتحمل جزء من خطئي"
أشار بأصبع السبابة اليمنى نحو ياقته
" كانوا يريدون الضبط والتحسين"
ارجعت رأسها للخلف من دهشتها وهي تنظر لملامح وجهه الحادة متسائلة
" وما الذي جعلها بهذا الوضع كانت قبل قليل"
_" لا دخل لكِ بها حسني من وضعها فقط".
شعرت بضحكته المستترة اسفل وجهه الحاد، ابتسمت بقولها "وإن لم افعل!"
_"انا لا امزح معك، كانوا بحاجه للضبط قبل قليل هذا كل شيء"
اجابته بعيونها الراجية
"لا تحزن مني انت اخر شيء اريد كسره أو احزانه بهذه الفترة، لا تسمح لي بتغيير ملامح وجهك الجميل. لا تقترب مني كي لا يؤذيك قدري"
سحبها مستسلم لأمر قلبه ورغبته الكبيرة باحتضانها، ضمت ذراعيها على صدرها مغمضة عينيها مستسلمة لشعور دخولها لحضنه الحنون مستندة على صدره برأسها.
اغمض عينه مخفض رأسه كي يستنشق عبقها المنعش لقلبه المسكين.
صمتا كليهما متنعمين بهذا الحضن دون حركه، تعجب من سكونها وهدوئها داخله مما اشرح وجهه وأبهج صدره، من يراهما يعتقد أنهما نائمان بعمق كبير، كانت سلمى بحاجة لحضن حنون يهدئها ويحتويها ويطمئنها ويداوي جرحها ويعوضها عن مرارة الوحدة والخذلان أما هو فكان وضعه هذا الأكثر حبًا لقلبه العاشق العطش.
فُتح باب غرفتهم بصوت تسنيم
"اخي انظر لهدية مُدرستي لي بعد ان خرجت الأولى على صفي"
فتح عينيه دون حركة منتظر ابتعادها وخجلها من اخته ولكنها لم تفعل ذلك، اخفض عينيه لينظر لوجهها وسكونها باستغراب اقتربت تسنيم لتري أخيها هديتها.
تحدث لها
"هل طرقتي الباب دون ان استمع ام انك.."
_" اعتذر دخلت دون ان أطرق الباب ولكني من فرحتي"
ابتسم بوجهها "ولكنها جميلة حقًا"
نظرت تسنيم لسكون ونوم سلمى بحضن اخيها مقتربة منه لترفع يده داخله بجانب زوجته وهي تحدثها "انظري لهديتي"
لا زالت عيونه تراقب حالتها وهي تفتح عينيها بوجه بدأ يبتسم
"جميلة يا روحي"
تحركت بخجل لتخرج من حضنه دون ان ترفع عينيه عليه، ابتلع ريقه المتلعثم به وهو يجاري اخته بالحديث ناظرًا لساعة هاتفه قائلا
"تأخرت على عملي"
نظر لعيونها الهاربة منه مكملًا
"لن أتأخر لترى عينات المنتجات المصنوعة وتختار العدد وما شابه ومن ثم أعود إليكم"
_" حسنا كن على راحتك".
هز صوتها الهادئ الخجل قلبه من جديد وكأنه يراها ويتعرف عليها لأول مرة، من يرى عينيه الثابتة عليها وفرحته المتراقصة بداخله يعلم جيدا انه شعر ببدأ تحقيق حلمه وتجاوب روحه معه.
خرج من الغرفة على مضض مجبورًا على الذهاب وكل جزء به يريد البقاء والتنعم بنسيم البدايات….
تحركت سلمى تجاه خزانة الملابس لتخرج الوزة البيضاء خاصتها من جديد، ابتسمت تسنيم بوجهها
"وانا سأحضر خاصتي"
اردات ان ترفض عودتها لرغبتها بالبقاء بمفردها ولكن سرعة تسنيم بالخروج جعلتها تصمت متمنية ان تنشغل بأي شيء دون العودة لها، احتضنت وزتها مستلقية بها على الفراش بوجه تبسم بهدوء وراحة.
عادت تسنيم بسرعة كبيرة صاعدة بها على الفراش لتحتضن سلمى من ظهرها جاعله الوزة بمنتصفهم، استدارات سلمى لتضمها بحضنها رافعة الغطاء عليهما لتنام براحة وسلام دام لعدة ساعات ليعود تيّم كما وعدهم فرحا بوضعهم.
بدل ملابسه وأراد ان يصعد ليشاركهم النوم، نظر جهة تسنيم وهو يقول
"ستغضب امي عليّ"
ثم نظر جهة زوجته انه مقنع اكثر ما دخلي حدث بسبب اختي وعدم توفر مكان آخر لي.
شعرت سلمى باقترابه منها دون لمسها فتحت عينيها لتجد تسنيم بحضنها تأكدت وقتها من وجوده خلفها .
انتابها ذلك الشعور الجديد عليها ، توردت وجنتيها باللون الزهري الجميل مغمضة عينيها لتكمل نومها بثبات وتوتر وخجل من اصدار أي حركه تزيد من خجلها.
استيقظت تسنيم بعد وقت قصير ذاهبه لأمها لتزداد سلمى خجلا وتوترا وثباتا ، تحرك تيّم ليقترب منها دون لمسها لعلها تشعر به وتستيقظ دون ان يحدث.
جاءه اتصال هاتفي غضب وجهه متحركا ليجيب عليه
"لا لن اعود، حسنا تصرف انت وحل هذا الامر حتى آتي إليكم صباح الغد"
اغلق الهاتف وهو ينظر لجلوسها على الفراش باستحياء كبير، ابتسم وجهه لجمالها تحرك ليجلس على الفراش قائلا
"ألم أقل لكِ ضعيها بالخزانة ولا ترتديها"
خجلت مدافعة عن نفسها
"كانت ملابسي بحاجة للغسيل، وأيضا كنت اعتقد انهم لي اعتذر منك"
سألها باستغراب
"تحتاج ملابسك للغسيل، ألم نجلب حقيبتين بقدر الباب من منزلك"
_" نعم ولكني لم أرغب الارتداء منهم، سأذهب لنفس المتجر واشتري لك غيرها"
صدمها بموافقته لتسأله بفضول
"لمن تريدها؟، هل كانت لأجل تسنيم وأنا.."
نفى بحركة رأسه
"لا انها غير لائقة على سن اختي، كنت اريدها لحبيبتي اقصد زوجتي .."
وقفت مبتعدة عن الفراش
" سندس.."
ضحك وجهه وهو يقف مقترب منها لتنظر له بضيق كبير تحدثت به
"اعتذر مرة أخرى سأعالج خطئي"
عرقل حركتها بوقوفه السريع امامها لتقف ممسكة بذراعه كي لا تسقط
"ماذا تفعل انسيت وضع قدمي، نعم ولما لا كان الله بعونك ضغط العمل وكثرة اضطرارك لشرب الشاي بجانبها جعلتك تنسى الدنيا"
ضحك من جديد
"هل تتحدثين من عقلك؟ أعني هل تصدقين ما تقولين!"
وضع يده على قلبه قائلا
"لا يوجد به غيرك ولا أتأمل ان يكون غيرك، أنتِ فقط .. سأظل أدعو الله ليل ونهار حتى يستجيب لي"
اجابته بضيق غيرتها
"أرى ذلك بوضوح كلما تقلبت بمنتصف الليل اجدك رافعًا يداك للسماء، ولكني اقولها لك من الان لا تحلم وتتأمل عبثًا لقد شاخ قلبي ولم يعد قادرًا على النبض من جديد…"
وجد الوقت المناسب ليحدثها
" اسمحي لي ان اداوي قلبك، اتركي نفسك لي وانا اعدك.."
قاطعته بغضب وحدة
"لا انتظر من احد وعود وأحلام، انا قادره على تحقيق احلامي بنفسي"
حاول تهدئة غضبها •بقوله
"اطلقي سراح شعرك لماذا اصبحتي تعقديه خلف ظهرك بهذا الوضع القاسي لجماله"
رفضت سلمى
"لا دخل لك به"
تحرك ليخرج من درج المرآة علبه صغيره بجانبها ورقة في يده خلف ظهره متقدمًا نحوها بوجهه الفرح قائلا
"لدي بعض الكلمات اريد ان ابوح بهم أمام عينيكِ"
ضمت حاجبيها بابتسامه طريقة عَمّت وجهها المنير مستفسرة منه
"تبوح بهم أمام عيني!"
ابتلع ريقه المفعم بحماسه ثم استقام بوقفته ليفصح عن يد دون أخرى رافعها أمامها
"هل تسمح من سكنت قلبي وروحي وفؤادي منذ النظرة الأولى؟"
قاطعته بضحكتها قائلة
"الاصطدام الأول تقصد"
ابتهج وجهه أمام ضحكتها قائلا
"لا تقاطعيني من فضلك"
مسح جبهته المتعرقة بذراعه وعاد ليضع العلبة امام وجهها ليبدأ كلامه
"هل تسمح من ملكت قلبي وروحي"
قاطعته مرة أخرى بضحك
"ألم تكن سكنت، لا يجدي الأمر نفعًا بهذا الشكل عليك أن تركز أكثر من ذلك"
تحدث بحماس مشاركتها حديثه وتفاعلها معه بضحك قائلا
"هل تسمحي لي على منهج الحب في شريعة الله، وعلى الوثاق المقدس بيننا، ان تروي قلبي بترياق العشق ليرتوي وينتعش ويأنس بدفء قربك وصفاء قلبك ولمعان عيونك التي تلمع ببريق الأمل والحياة بوجهي كلما نظرتي لي"
صمت للحظات محاولًا استكمال ما نساه، استدار ليعطيها ظهره وهو يفتح الورقة التي باليد الأخرى ليقرأ الكلمات التي دونها داخلها.
ضحك وجهها اكثر وهي تنظر بالمرآة المقابلة ، عاد ليقف أمامها قائلا
"بروح عاشق لا يعرف النفاق والكذب وبروح تائه يبحث عن مرسى يكمل حياته بها هل تقبلين بي زوجًا لكِ"
هزت رأسها بالرفض قائلة
"لا اعتقد انك اتقنت حفظك"
وبخفه تحركت خلفه لتسحب الورقة قائلة
"انتظر حتى اقرئها واعطيك علاماتك بالحفظ"
سحبها منها ملقيها على الفراش بجانبهم رافعا خاتم بالدهب الأبيض بوجهها قائلا
"هل تسمحي لنا ان نكمل حياتنا سويًا كزوج وزوجة طبيعيين ، لن اطمع بأي شيء يكفي ان تتركي نفسك دون ضوابط او بنود متفق عليها ، تقبلي وضعنا لنكمل كما نحن حتى تجدين نفسك مهيئة لتصبحين زوجتي وأم أبنائي"
………….
احلى عرض زواج دا وله ايه🙈
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.
منها "رواية حياتي"
رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..