recent
جديدنا

عروس بغداد الفصل الخامس والاربعون

عروس بغداد 

بقلم أمل محمد الكاشف



 مرت على الحادثة إحدى وعشرين يومًا قضاهم تيّم بحزن وعزلة وانهيار كبير، يُحدث ربه كل يوم:

 "هي بخير انا اؤمن بذلك لقد وضعتها بأمانتك، صلينا فجرنا سويًا كي نكون بمعيتك عادت بعد خروجها من الباب لتؤدي سنة الوقاية من مخارج السوء، لقد كانت بحفظك لماذا حرمتني منها بعد ان استجبت لي، لماذا جعلتني اشعر بحبها وقربها وانت تعلم برحيلها، لا والله إنها بخير أنت من اكرمتني بها وانت من سيعيدها لي".


انهار باكيًا في سجوده الطويل حتى أتى عمه ورفعه عن سجادة الصلاة ليأخذه بحضنه: 

"يكفيك حزنًا يا بني، البكاء لا يعيد الموتى".


تحدث بشهيق بكائه: 

"ان لم يعيدها فليذهبني لها، لا يمكنني العيش بدونها ذهبت بروحي وروح روحي ياعمي".


بكى عمه رغم قوته وصلابته:

 "ولمن تتركنا يا بني، لمن تترك امك واختك ، ماذا تنتظر لقد نقلت اختك بالأمس للمستشفى بعد ان  ساءت حالتها من حزنها عليك".


بكى تيّم في حضن عمه وهو يشتكي له:

 "روحي تحترق، لم اعد اتحمل، قلبي يؤلمني، أصبحت اشعر بما كانت تشعر به، أصبحت اعرف معنى دموعها وكسرتها، تذوق قلبي المعنى الحقيقي لألم القلب".


حدثه عمه بقوة كي يخرجه من حزنه ويعيده لحالته الأولى: 

" لا يمكنك ترك نفسك للمشاعر انت رجل عائلتك الوحيد وظهر وسند عمك قم واجمع شتات نفسك جميعنا بحاجة لك.. عملك ينتظرك".


وضع تيّم يده على قلبه

"قلبي يحترق… يؤلمني كلما سمعت صوتها بأذني، أصبحت اراها بكل مكان حولي".


ورغم حزنه عليه أصر عمه على إظهار الشدة والحزم كي يعيده للحياة التي قاطعها منذ وفاة زوجته. مذكره بأمه واخته وعمله وضرورة العودة لحياته.

……


استيقظت سلمى بيوم جديد ممسكة برأسها مستمعه لصوت الرجل وهو يحدثها بالإنجليزية:

"جاء موعد العلاج ".


تحركت لتدخل قسم كبير مليء بالمرضى ذوي الإصابات الخطيرة، بدأت بالفحص اليومي وعيونها تترقب الوجوه والتشابه بالقامة العريضة والاجساد المتينة بجانب الإصابات القاتلة.


كان يعمل معها بنفس القسم رجل كبير بالسن صامت يساعدها بمداواة المرضى دون ان يخرج منه صوت، تتعجب من تميزه ومهاراته الفائقة بإجراء العمليات الحرجة وهي تنظر لوجهه نظرات قوية متسائلة: 

"أين رأيت هذا الوجه من قبل".


لم تتقابل مع ابن عمتها منذ غيابها عن الوعي بليلة الاختطاف ولا تعلم أي شيء عن العالم الخارجي منذ وصولها لهذا المكان.


كل ما وصل لها انتهاء البحث عنها بعد العثور على الجثة وتسجيل الحادث ضد مجهول لعدم وصول الشرطة للجاني.


………….


نزل تيّم من منزله ليعود لعمله بوجه خالي من التعابير والدموية ، تمتلئ عيونه بالدموع كلما سمع صوت سندس تحدثه ، يتهرب مبتعد عنها كي يتخلص من صوت سلمى وهي تشعر بالغيرة عليه منها ، لم يتحمل ألم قلبه كلما تذكرها ليصبح الهروب أقوى دواء مسكن لألمه.


لا زال قلبه لا يصدق حتى الآن القصص الوهمية حول انتحارها وعدم وجود احد خلف الحادث ، كلما تذكر صوتها وكيفية إغلاق المحادثة فجأة يرجح حديث الشرطة حول تصفيتها من قبل عصابات المافيا الكبيرة.


استمر بعمله لعدة أيام وأسابيع  رأى الجميع بهم وجهه الأحمر المحتقن بالألم والحزن بجانب عيونه المتحجرة بالصخور المتوهجة بالنيران.


أصيب العم حسين بجلطة في القلب بعد ان رفضت عيونه التوقف عن البكاء ليلا بالخفاء كي لا يراه أحد وكأن الحزن على فلذة الاكباد ضعف ونقصان، اشتد بكائه الخفي كلما تذكر ظلمه لها وأبعاده عنه، كان أكثر من تأثر بعشيرتها فحتى عماتها لم يبكين كسابق عهدهن حزن بأول أيام  وبعدها استمروا بحياتهم التي اعتادوا على عدم وجودها بها.


ألمته رأسه من كثرة التفكير وسماعه لصوتها بإذنه وهي تحدثه وتناديه بجوف الليل، تحرك مقترب من عمه في منتصف اليوم قائلا له ليصدمه بقوله:

 "هي لم تمت، سأذهب واطلب فتح تحقيق بالحادثة من جديد".


حزن عمه مجيبًا عليه بغضب:

 "وحد الله يا ابني وكأنك اخر رجل تموت زوجته، انه القدر استسلم لقدر الله انت مسلم موحد حافظ لكتاب الله". 


حرك راسه رافضًا لحقيقة موتها واضعا يده على قلبه:

 "لم تمت قلبي وعقلي يخبروني بذلك ، لقد وضعتها في أمانة الله.. كانت بمعية الله.  حتى الأذكار تشاركنا بقولها ونحن نتجهز للخروج، ان وعد الله حق لم تمت لن يأخذها الله مني بعد ان وهبني حبها".


بكى وهو يفاجئ عمه بقوله:

 "اصطدمت بها صدفة اثناء رحلتي بتركيا، وكأن القدر أراد ان يقول لي شيء لم اسمعه يومها".


عُدت لاصطدم بها في المشفى للمرة الثانية ، انقذتها من الانزلاق على الدرج وانا لا اعرف هويتها ، تفاجأت بإنقاذها لأختي حين قررت الانتحار.


جحظت عيون عمه مما يسمعه :

"هل أقدمت تسنيم على الانتحار!".


دفعتها تسنيم من فوق سطح المستشفى لم أجد نفسي إلا وانا اقفز خلفها ، اعتدل عمه على مقعده:

 "كيف قفزت خلفها! هل أنت مجنون!".


"تمسكت بواجهة المستشفى كي أصل لها وانقذها ، قلبي هو من أنقذها قبل ان استمع له ، ربي الذي وضعني بطريقها كي انقذها من انفجار كبس الإضاءة بوجهها واصطدامها بالدراجة النارية، اخذتها لصدري خوفًا عليها بعد أن غابت عن وعيها بحادثة انزلاق المصعد بنا ، جعلني الله منقذ لها بكل مرة ، لم يهبني ربي حبها بسهولة ولم انال الزواج منها بهذه السرعة إلا لحكمة هو وحده يعلمها. دعوته أن يرزقني بحبها ليتقبل مني  بزواج متفق عليه ليصبح بعدها وبوقت قصير زواج حقيقي  ، وهبني ربي روح الروح هو من جعلني اشعر بهذه الفرحة ، هل تصدق يا عمي انني دعوت أن يهبني حب روح قلبي لأجده يهبني حبها وروح من روحها ، كان سيكون لنا ابنة كانت حامل بروح روحي يا عمي كيف تريد بعد كل هذه المعجزات أن أصدق انها ذهبت وتركتني بهذه السهولة ، لم تمت لن يأخذها الله مني بعد أن أكرمني بها".


ظل عمه صامت مصدوم ملجم بلسانه وعيونه الثابتة على ابن أخيه لا يصدق ما يسمعه من حقائق لم تدخل بعقل عاقل.


 ذهب للنائب العام كي يطلب فتح التحقيق بالحادثة ، كما ذهب لأمريكا لتقديم بلاغ للنائب العام هناك كونها تحمل الجنسية الامريكية الشرفية بجانب جواز سفر يمنحها دخول كل الدول الأوروبية ودول تحالف النيتو  بدون تأشيرة و هذه المميزات لم تعطى سوى لأصحاب المكانات الرفيعة المستوى ، انهى زيارته السريعة بأمريكا ذاهبا لتركيا لعمل نفس الشيء مطالبا الدولة بالبحث عنها وعن الجاني كونها مواطنة تركية.


تفاقمت القضية وتم تداولها بالمحطات التلفزيونية وأصبحت الأكثر شهرة بالإعلام . بدأ المحللون السياسيون بتناولها وشرح ملابساتها وتحليل اخر مكالمة بين الدكتورة والزوج ليتسلل الشك بقلوب وعقول كل من يستمع لكلامهم.


استطاعت سلمى بهذا الوقت ان تخترق شبكة البث التلفزيوني لدولة بوليفيا المجاورة لأمريكا الشمالية بمساعدة مهندس تقني برسالة محتواها:

"انا هنا نحن هنا".


كانت هذه الأحرف المتاح استخدامها لكونها المفتاح السري للرمز المشفر والتي لم تكفي إلا لكتابة هذه الجملة .


تعجب العالم أجمع من هذه الرسالة التي كانت تصل لهم من مكان لم يستطيعوا التوصل له.


لتأتي نفس الرسالة على شبكة تلفزيون دولة جورجيا الجنوبية و جيبوتي بمحتوى مختلف 

"لم نمت s" ، "نحن لم نمت s"


من الغريب الأكيد تشابه الرسائل و وضع حرف:

‏ " s" اللاتيني باخر الجملة، حلل المهندسون ان تشابه الجمل يأتي من قلة الأحرف المتاحة بجانب قلة خبرة مخترق الشبكات اللاسلكية وعدم معرفته كيفية ادخال احرف زيادة تساعده في إيصال رسالته ، اجمع الجميع على انها رسائل استغاثة من شخص غير متمكن بالعلوم الهندسية اللاسلكية.

…..


نعته الأهل والأصدقاء بالمجنون ليس لكبر لحيته بشكل مختلف عن المتعارف عليه وقوله ان زوجته لم تمت وأنها تأتيه بأحلامه يراها و تحدثه كسابق عهدهم بل نعتوه هذه المرة بالمجنون لأنه قدم بلاغ جديد لكل الجهات المعنية بقضية زوجته أن هذه الرسائل هي رسائل استغاثة من زوجته.


كان يجاهد ما يشعر به داخله يقول الشيء وضده بنفس الوقت حتى كاد أن يفقد عقله حقا لولا تمسكه بالصلاة والذكر ومناجاة الله في ظلمات الليل حين اغرق سجادة الصلاة من كثرة بكائه في سجوده.


عملت الجهات الأمنية الكبرى بشكل سري منفرد ومشترك دون ان يعلم احد بوضعهم ، يصرحون ان هذه الرسائل من شباب طائشين يقومون بلفت الأنظار إليهم وبنفس الوقت أصبحوا يقتربون من الموقع الذي خرجت منه الإشارات الثلاث منصدمين بحقيقة اكتشاف مدينة صغيرة تحت الأرض بأمريكا الشمالية يُحتجز بها العديد من المسؤولين والسياسيين والمهندسين والأطباء النوابغ الذين تم اعلان فقدهم وموتهم بحوادث مختلفة ، يجمعهم ويسيطر عليهم شخص ذو سلطة بالكونجرس الأمريكي بهدف الاستيلاء على العالم.


 كانت هناك ايادي خفية للموساد في إنجاح هذه الخطة كي ينقلبوا على هذا الرجل ويحظون هم بالسيطرة على العالم بالأجهزة والعقاقير والأفكار المرعبة.


طالبوهم بصنع فيروسات مميتة تقضي على اكبر عدد من البشرية، كما طالبوهم بتحطيم •الجبال الثلجية بخطط مدروسة تظهر للعالم على أنها ظواهر طبيعية، التلاعب بالمناخ لينقلب الحال والأوضاع بالعالم، تحفيز المناطق البركانية الخامدة على تهيجها لينهي البقاع المجاورة له دون  تدخل من أحد، والأخطر تنشيط مناطق الزلازل ببث موجات معينة تنشطها لتنهار المساكن ويموت الناس بأعداد هائلة مما يؤثر على المنشآت الحيوية والأمنية ويتوقف النشاط بها، كل هذه الخطط وغيرها من اغتيالات القادة عبر اشعة تسلط عليهم واطعمه مشعة يتناولونها على المدى الطويل. 


كانت كفيلة لتحقيق أحلامهم على المدى البعيد ، افتعلوا المشاكل السياسية وأشعلوا فتيلة الحرب العالمية الثالثة ليصلوا لمرادهم.


 تم اقتحام المكان والقبض على القائمين عليه عن طريق تنويمهم جميعا بروائح أطلقت في المكان حولهم كي يحافظوا على المحتجزين وأيضا كي يتجنبوا خطورة اي قرار تهوري يؤذي المنطقة وليس المكان فقط.


………..


خرج بيان رسمي من رئيس الوزراء الأميركي يشرح به تفاصيل الحدث والنوايا الخطيرة التي كانت تنتظر العالم من ورائه كما صرح بأسماء الشخصيات المرموقة التي ذيع عن موتها بأعوام مختلفة تصل لخمسة عشر عاما تم ايجادها محتجزة هناك .


أضاء وجهه مجددًا وهو يسمع اسمها بين قائمة المختطفين خر ساجدا لربه حامدا شاكرا حفظها وعودتها له ، لم يصدق احد ثبوت صدق أحاديثه وحدسه تناولت وسائل الاعلام  عن وجود النابغة البروفيسورة سلمى الأكرم بين المحتجزين بخبر محتواه


صدق زوجها عادت نابغة العراق لحضن زوجها الذي نعته الكثيرون بمجنون ليلى نسبة للقصة الأسطورية القديمة.


اسرع والدها بجانب أخيه مجدي بحجز رحلة طيران، ذهب الأحباب والزملاء والأهل ينتظرون العائدين من رحلتهم الطويلة.


تم تصوير نابغة العراق وهي تنزل من الطائرة الخاصة واضعه يدها اسفل بطنها المرتفعة، بكى تيّم وعيونه لا تصدق انها لا زالت حامل بحلمهم سجد مجددا شاكرا ربه على كرمه.

 

سُلطت الكاميرات عليه وهو يقوم من سجوده ناظرا نحوها بعيون باكية. اعتقد انها ستذهب لتلقي نفسها بحضن والدها الذي وقف أمام الكاميرات فاتحًا ذراعيه متمتم بصوت دموعه: "ابنتي .. سلمى .. ".


 لم ترى عينيها غير وجه الصوت الذي كانت تستمع له طوال محنتها هناك ، توجهت نحوه بوجهها الفرح مما جعله يركض جهتها بسعادته البالغة ، رفعت كف يديها بواجهته تحذره من اصطدامه بها ليبطئ هو من اقترابه متفحص كل جزء بها ليتأكد من سلامتها قائلا بصوته المرتجف:

"أنتِ على قيد الحياة أنتِ أنتِ أنتِ".


دمعت عيونها وهي تجيبه:

 "نعم انا وهي كلانا على قيد الحياة".


تحركت سلمى بجانب زوجها دون النظر جهة والدها صاعده سيارة مؤمنه كانت تنتظرها دخلت ليدخل بعدها تيّم مغلق الباب وعيونه لا ترى غيرها.


تشابهت فرحتها فرحة جميع من عاد احبابهم من اكذوبة خبر موتهم.


طار عقل تيّم بعودتها حتى أصبح كالطفل الصغير يدور حولها ليلتقط لها الصور برفقته هو وعائلته .


رن جرس الباب تحركت سمراء لتعتذر من جميع الزوار كما امروها فلا طاقة للدكتورة او زوجها لاستقبال أي احد، ولكن هذه المرة الضيف مختلف انه عم تيّم.


فتحت الباب على مصرعيه ليدخل العم الكبير ومن خلفه كبراء العائلة، خرج تيّم من غرفته مرحب بعمه ومن بصحبته شاكرا لهم مجيئهم.


تحدث عمه:

 "أين نابغة العراق ألن تأتي للسلام  والتعرف علينا".


تحدث تيّم للإعتذار بالنيابة عنها:

"انها متعبه كان الوضع صعب عليها ولكني اعدك سآتي بها في أقرب وقت كي …".


قاطع حديثه ترحيب سلمى بعمه والاقتراب بخطوات متعبه ملقية السلام على الجميع.


رد عمه بوجه رحب: 

"حمدلله على السلامه يا ابنتي، لقد عادت الروح لجسد ابننا من جديد".


أخفض نظره نحو بطنها مكملا:

"هل اقترب قدوم حفيدي".


ابتسمت سلمى:

 "نعم اقترب كثيرا".


_" ليكن خير ان شاء الله ، اريد الكثير من الاحفاد".


ابتسمت مجددا متحدثه قبل زوجها:

"فلندعو الله أن يرزقنا بالنعم".


استأذن العم بعد عدة دقائق دون قبول الجلوس أو الضيافة قائلا:

"ستأتون لمنزلنا بعطلة نهاية الأسبوع ، نويت أن أذبح العجول لأجل سلامتها وعودة روح الروح لابننا المجنون ، سندعو العائلة كلها ليأكلون على شرف هذه المناسبة السعيدة".


ردت سلمى قائلة:

 " ان شاء الله ".


نظر لإجابتها وموافقتها على عمه بقلب فرح ، ودع عمه مغلق الباب قائلا :

"هيا لتنامي من المؤكد انك اشتقتي لفراشك".


ـ "نعم اشتقت لغرفتي".


سحبها لغرفتهم لينيمها على الفراش بحضنه بوجه فرح مليء بالدموع الغزيرة.


سمع تيٌم صوت اخته وهي تناديه، ظل مبحر بالأحلام يحتضن زوجته مستمتع بوجودها في حضنه، ولكن صوت تسنيم لم يتركه، سحبت الدمى من حضنه وهي تهزه:

 "اخي عليك ان تستيقظ وصلت سلمى وروح الروح ، اخي استيقظ".


كان يريد ان يقبل بطن زوجته ليشعر بكبر حجم روح الروح بها ولكنه لم يفعلها حين نجحت تسنيم في إيقاظه من كابوس ثقيل انتهى بفرحة عارمة ، مسح وجهه المبلل بالدموع ثم حك عينيه بيديه قائلا:

 "ما بكِ لماذا أيقظتني ألم انهيكِ عن ذلك من قبل".


ردت اخته بحماس:

 "عادت سلمى أغلقت الباب من الداخل كي لا تدخل بسرعة".


( كان كابوسًا ثقيلًا على قلبه انتهى بفرحة كبيرة ، جاء هذا من وراء أحاديث زوجته عن العالم الموازي والأيدي الخفية التي تخطط وتدبر لامتلاك العالم أجمع ، كثيرا ما حدثته عن أناس يعملون لنشر الفيروسات القاتلة للتخلص من سكان العالم ، وكثيرا ما حدثته عن وصول العلماء لنظريات كفيلة ان تكون سببا قويا بتغيير مناخ العالم مما يؤثر ذلك على انهيار العديد من الدول ، خاف قلبه من تتبعها لهؤلاء الذين يطورون من أبحاثهم لأجل ان يحدثوا الزلازل والأعاصير لتحقيق أهدافهم المرعبة ، نهاها كثيرا عن ترك كل ما تقول ولكنها لم تستمع له حتى جاءه كابوسه الذي ولد من محض حقيقة موجودة بيننا شئنا او ابينا صدقناها أم لم نصدقها).


هدأ قلب تيّم وضحك وجهه وهو يتحرك خلف أخته التي اسرعت أمامه وكأنها صاحبة المفاجئة.


فتحت لها الباب بفرح احتضنتها به:

 "حمدالله على السلامه".


 فرحت سلمى مقبله وجه تسنيم بقولها:

 "هل كل هذه الفرحة لأجل وصولي".


همَ تيّم ليجيب بنعم لولا قول اخته:

 "لا لأجل روح الروح".


ضحكا عليها بسعادة بهجتها ، امسكت تسنيم يد سلمى قائلة:

 "اغمضي عينيكِ وتعالي معي".


رد تيّم:

 "اضعتي حقي من جديد".


اقتربت تهاني منهما حين سمعت صوت ضحكهم لتأخذ ابنتها:

 " لنتركهم الان ثم نعود إليهم حين ينادينا اخيكِ ، تعالي معي لاريكِ ماذا اشتريت من تطبيق الانترنت".


رفضت تنسيم ناظره لأخيها بحزن ، اقترب من اخته وهو يحدث امه:

 "اتركيها براحتها ".


رفعت سلمى يدها على راسها متحدثه:

 "ما بكم وكأن بكم شيء غريب".


رد تيّم:

 "تسنيم حضرت لكِ مفاجأة جميلة وتريد الان اصطحابك لتريك إياها ".


_" لست وحدي انا وانت وامي جميعنا حضرناها لروح الروح".


اغمضت سلمى عينيها قائلة:

 " هيا وروح الروح مشتاقة لرؤيتها".


اقترب زوجها ليأخذ الحقيبة الورقية التي بيدها ولكنها رفضت ان تعطيها له .


تحركت بواسطة تسنيم  نحو الغرفة بعد ان همس لها زوجها بأذنها ليعرفها وجهتها ، فتحت عينيها مبهورة بالتغيرات الكبيرة نظرت له: 

"متى فعلت كل ذلك؟".


_" نحن جميعنا تعاونا بترتيبها ".


قبلت تسنيم وهي تضمها بحضنها:

 "تعالي لأضمك كي تشعر روح الروح بفرحتك".


تحمست تسنيم وارتمت بحضنها بقوة كبيرة وكأنها بالفعل ستحتضن الطفلة، اقتربت تهاني كي تمسك ابنتها لولا رؤيتها يد سلمى وهي تهمس لها:

 "اتركيها لم يحدث شيء".


اخفضت تسنيم قامتها حتى وصلت لبطن سلمى قائلة:

 "هل اعجبك فراشك و العابك الجديدة ".


رد تيّم بصوت الأطفال:

 "فرحت كثيرا بها شكرا لك يا اجمل عمة بالكون ، وانا أيضا سأشتري لك الكثير من الهدايا عند مجيئي".


فرحت تسنيم مسرعة نحو أخيها ملقية نفسها بحضنه بقوة ارجعته للخلف عدة خطوات مما جعله يميل بها للأمام كي لا يسقطا.


تأثرت تهاني بفرحة ابنتها وحنو ابنها عليها مسحت عيونها المرغرغة بالدموع:  

"حفظك الله لنا ".


استطاعت تهاني ان تغري ابنتها بالذهاب معها لغرفتها، ليقترب تيم من زوجته:

 "ضاع حقي مجددا ولكني لم استطع كسر فرحتها ، أرأيتي كم هي سعيدة ومتشوقة بقدومها".


أخرجت سلمى من الحقيبة  علبة كرتونية مدتها له:

 "وانا أيضا كنت احضر لك هدية ولكنها ليست بقدر ما حضرت ، ما هذا وكأننا سنستقبل مولودنا غدا وأيضا كيف تختار كل شيء باللون الزهري دون ان نتأكد من جنس الطفل".


اخرج الكوب الحراري من العلبة الكرتونية قارئا عليه:

 " روح الروح حبيبة أبيها".


ابتسم مجيبا عليها بسؤاله:

 "كيف تختارينه باللون الزهري قبل ان نعلم جنس المولود؟".


ضحكت:

 "اشفق على طفلي ان جاء ذكر انظر إلينا كلانا فقد عقله رغبة بطفلة".


شاركها ضحكها متحدثًا بصوت شخصيات الكرتون:

"سأحرمه من الميراث كيف يأتي قبل اخته هل يعاند رغبة والده".


دخلت بحضنه وعيونها الفرحة تدور بالغرفة، اغمض عينيه مستنشق نفس عميق متذكرا به كابوسه الثقيل وهذا ما جعله يضمها داخله بقوة:

 "حفظك الله لنا ، اللهم اني أحببت عبدا من عبادك وانت من اكرمني به ، اللهم لا ترني بها بأس يحزنني ويشقيني".


ردت عليه من داخل حضنه:

 "هناك خطأ بسيط اعتقد انه حدث من حماسك".


 اشارت نحو الفراش مكملة:

 "كان عليك ان تضعه بالجهة الأخرى من الفراش كي تكون بجانبي ، بسيطة بكل الأحوال علينا أن نضعه بزاوية الغرفة هناك بعيدا عن حركتنا كي لا نزحم المكان من الان".


رفض تيّم صادمها بقوله:

"لم نخطأ بل هو في مكانه الصحيح ، ستكون بجانب ابيها تطعميها وتعيدينها لمكانها مرة أخرى لن اسمح لكِ بغير ذلك".


ضحكت قائلة:

 " يناسبني كثيرا ، عليّ اطعامها وانت رعايتها وتنويمها".


رفع يده ليحك شعره:

"اشعر وكأنك انتصرتي علي من جديد ، هل ورطت نفسي ".


أومأت براسها:

 "وأي ورطة ، لن احكي لك حتى ترى بنفسك حجم خطأك و ورطتك ".


قرب راسه من وجهها ليقبل وجنتها قائلا:

 "لا يوجد تراجع عن الخطأ".


نفت بهز راسه:

 "لا يوجد وخاصة انه يناسبني بوسط اعمالي ودراستي التي لا تنتهي ".


ضمها اكثر لينسى معها كابوسه المزعج ولكنها هربت منه مقتربة لباب الغرفة لفتحه وهي تقول:

 " اريد ان اشبع روح الروح ومن بعدها انام على الفور".


تحرك خلفها:

 "لنشبع ابنتي أولا ومن ثم نرى كيف تتجرئين وتهربين من حب حياتك".


استدارت لتنظر له باندهاش:       " حب حياتي".


أومأ رأسه بقوة:

 "ألست حب حياتك!".


ابتسم وجهها بقولها:

 "لن اجيب ، تعذب قليلا حتى ااكل و اساومك على الإجابة ".


_" لا يوجد مساومة لن اقبل بانتصارك علي، لنؤجل الجواب لا مانع لدي بالأصل عيونك و وجهك اجابوني دون صوت".


رأت سمراء وهي تحضر مائدة الطعام فرحت عينيها بقول:

 "هل اشتريت لي سمك المسكوف".


_" علينا ان نشبعك منه كي لا تلدي ابنتي بشامة سمكية".


لم يشاركهم باقي العائلة الطعام حين طلبوا لأنفسهم همبرجر اللحم ، اطعمها زوجها السمك بيده كلما شبعت ارغمها على تناول المزيد لأجل طفلتها ، اشترى لها البقلاوة المحببة لقلبها بجانب حلوى فطائر الكريب بالفراولة .


غمرتهم السعادة والفرحة حتى أنستهم ما عاشوه من قبل ، دفعت سلمى ثمن كثرة تناولها من السمك والحلوى من بعده عندما الامتها معدتها طوال الليل ، تذهب للحمام كي تتقيأ وتعود منهكة متألمة لفراشها رفضت ان يذهب ليشتري لها أي عقاقير تحسن من وضعها.


أجاب على رفضها: 

"سامحك الله جعلتيني اخشى تناول المسكنات بعد ان كنت اتعامل معها وكأنها حلوى البونبون ".


ردت وهي مغمضة الأعين:

" رغم انك طبيب وتعلم حجم وأثر الأدوية على الكبد والكلى لم ولن يدخل دواء بالجسد إلا وترك اثرا بداخله".


اغلق عينيه مثلها:

 "مع الأسف انها حقيقة مرعبة، نحتاج إليه ونلجأ له ونحن نعلم ضرره".


_" ليس لهذه الدرجة لن يموت الشخص دون عمره ولكني اخشى على طفلتي علي ان احافظ على نفسي لأجلها ".


اقترب منها بنومه:

 "إلى أين وصلتي في أبحاثك".


ضحكت لتخبره بأمر العبارات العائدة لجمعية جديدة يبحثون عن كل ما هو مميز ومشهور للانضمام لهم ولكنهم فشلوا قبل بدء التأسيس حين كثرت الشكاوي عليهم .


تذكر كابوسه متسائلا بخوف:

 "هل لا زالتي مصرة على استكمال بحثك الأخير".


ردت بجدية:

 "نعم ، علينا ان نكشف هؤلاء المجرمين ونقف أمامهم لأجل حماية البيئة والناس منهم".


_" أخشى عليكِ".


صمت حين تحركت لتتقيء مجددا ، أسرع خلفها ليمسكها خوفا من سقوطها حين تهتز بقوة محاولة إخراج المزيد دون ان تستطيع.


فلقد هاجت معدتها على الأخير ولم تعد تتقبل حتى المشروبات الدافئة لتضطر ان تذهب للمشفى بعد صلاة الفجر كي تأخذ حقن عضلي يهدأ من هيجان المعدة و القيء . لأجل ان تستطيع حضور حفل وضع حجر الأساس كبداية في إنشاء المستشفى ، عاد بها للمنزل وهو يحملها على ذراعه واضعها في الفراش لتنام بهدوء وسكون.


لم تستطع تناول فطورها  مكتفية بالأعشاب الطبيعية ، تجهزا ليخرجا بجانب بعضهما البعض مستقلين السيارة الفاخرة الجديدة أثناء ذهابهم للحفل ، اطمئن قلب تيّم حين رأى سيارة رجال الأمن خلفهم .


كان كابوسه المزعج يراوده ويضغط عليه حتى اصبح يتلفت حولها طوال الاحتفال الذي لم يطل بقاءهم به كثيرا بعد ان استأذنت نابغة العراق عائدة لمنزلها بتعب وإرهاق شديد .


 دار راسها من قلة الاكل غصب عليها ان تأكل المخبوزات المحمصة مع الشاي كي تتمكن من فتح عينيها.


تحدثت تهاني الهاشمي:

 "سبحان الله الحمل مشقة  'حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ ' لا فرق بين عالم وجاهل ، صغير او كبير ، فقير او غني، يريد الله ان يشعرنا بقيمة ما بداخلنا حتى نحافظ عليه حين يصبح بين يدينا".


يتبع ..

إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا. 



منها "رواية حياتي" 


رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..
google-playkhamsatmostaqltradent