recent
جديدنا

عروس بغداد الفصل الثالث والاربعون

 عروس بغداد 

بقلم أمل محمد الكاشف 



عادا للمنزل كي يستقبلا تهاني الهاشمي وتسنيم صفت سيارتها بمكانها المعتاد مقتربة له بجانب سيارته قائلة:

 "هل يمكنك حملي للأعلى".


نظر لقدمها:

 "هل عاد ألمها".


نفت بحركة راسها ليضحك قائلا:

 "هل يمكنك حملي للأعلى".


ضحكت على صوته الذي تغير ليظهر لها مدى إرهاقه:

  "اقترب نومي على الدرج وأنتِ تقولين احملني للأعلى".


زاد ضحكها حتى دفنت ملامح وجهها من شدته، صعدا بسعادة وبهجه كلا منهما يستند على الاخر هي تشعر بدوار وهو مرهق من عدم نومه ليومان متواصلان.

 

ركضت تسنيم لتقي بنفسها في حضن أخيها شوقا وفرحا برؤيته كما احتضنت تهاني سلمى ومن بعدها ابنها بحب كبير، تحرك الجميع ليجلس بالمجلس وهم يتبادلون السلام والشوق والمحبة، تساءل تيّم عن سمراء وابنتها لتخبره تهاني أنهما ذهبا لعائلتهم ليبقيا معهم ليومين و يعودان مجددًا.


لفت انتباه سلمى التغير الكبير بوجه تهاني الهاشمي دون أن تتحدث عن ذلك كي لا تحرجها، أخرجت عيوب عملية الشد وما كان يتوجب فعله بحسابات وخطوات لم تحسم بتميز، وهنا فهمت سبب طول الزيارة بصمت.


اخذت تهاني كيس المكسرات المملح من ابنتها لتضعه على الطاولة:

 "يكفي بهذا القدر".


_" امي ولكنه جميل".


تحدث تيّم:

 "كي لا يتعب كليتيكِ اتركيه الان على ان تكملي تناوله بالغد بشرط ان تكثري من شرب الماء".


اقتربت تسنيم ببراءتها الجميلة لتفتح الكيس الورقي قائلة:

 "لتكن اخر واحده".


ضحك اخيها مستجيب لها، لتتحدث تهاني:

 "بصراحة لديها حق بما تفعله كلما ذهابنا للشارقة اشترينا واكثرنا من تناول المكسرات المملحة".


 نظرت لسلمى مكملة:

 " يوجد مكان قديم مشهور بها لا يمكنك تناول اجمل منها في أي مكان اخر".


ابتلعت سلمى ريقها طالبه  تذوقها، رفضت تسنيم اخذه الكيس معها وهي ذاهبه لغرفتها، قائلة:        "انها لي وحدي".


ابتسمت تهاني:

 "الم اقل لكم من جماله لم تستطع تركه، ولكني اشتريت المزيد منه غدًا اخرجه لكِ لأنني لا اعرف بأي حقيبة وضع".


ابتسمت بخجلها:   " عافية على قلبها".


تحركت تهاني خلف ابنتها، نظر تيّم لزوجته بوجهه البشوش:

 " اريد ان انام اشعر وكأن جسدي ينتفض ويرتجف من قلة النوم".


_" معك حق تعمل ليومين متواصلين دون راحه".


ابتسم بحب وسعادة:

"ومن قال بدون راحة، ألم يهنئ قلبي بالراحة قبل …".


 لم يكمل كلماته حتى اصمتته بصدم وسادة الأريكة على كتفه بلطف: 

"اششش لا تكمل وقم لتنام قبل ان تسقط على الأريكة ولا احد يستطيع حملك".


ضحك بقوله:

 "لنبقى نصف ساعه على الأكثر لعلهم يعودون للتحدث معنا".


ردت وهي تبلع ريقها مجددًا: 

"لماذا لم تشتري لي من المكسرات المملحة ونحن هناك".


اسند راسه على ظهر المجلس بعينيه المغلقة مجيبًا عليها بوجهه البشوش:

"لنفعلها بالمرة المقبلة".


أرادت ان تطلب منه ان يذهب ليأتي لها من مكسرات اخته ولكنها خجلت من قولها، عادت تهاني لتعطي لسلمى عدة هدايا كريمات عناية بالبشرة و مشابك شعر ذهبية وبيجامتين للنوم.


شكرتها سلمى كما شكرها ابنها على الاطقم الجديدة التي اشترتها له.


ترقبت سلمى عودة تسنيم التي نامت فور دخولها الغرفة، وقف تيّم قائلا لأمه: 

"من الواضح انكم متعبتان، اترككما كي تنامان وغدا سنجلس مطولا لتحكيا  لنا عن رحلتكم بين الأهل والأصحاب".


اتفقا على هذا لتعود تهاني لغرفتها بعد ان اجابت ابنها: 

"معك حق لنرتاح الان وغدا نجلس ونتحدث".


تحركت سلمى خلف زوجها وعقلها بالمكسرات، دخلت الغرفة متسائلة:

 "هل ستنام بدون ان تطمئن على اختك".


استدار لينظر لها متعجب من سؤالها لتكمل سلمى بخجل:

 "كي تقبلها قبل نومها".


رفض رافعا رأسه:

" لا يمكنني فعلها، أخشى ان تتمسك ببقائي بجانبها وأنا فارغ من الطاقة لنؤجلها للغد".


جلست على الفراش بتذمر تحدثت به:

"بصراحه اريد من المكسرات المملحة هيا لنذهب لشرائها هي والشكولاتة وأيضا الفراولة أشعر بطعمها في فمي".


تمدد على الفراش بوجهه البشوش: 

 "هذا الرقم مغلق او غير متاح الرجاء الاتصال بوقت لاحق".


ردت بدلع وجهها الجميل:       "تيّم لأجلي".


_" يا ربي كم اسمي جميل لم اكن اعلم انه بهذا الجمال حتى ناديتني به الان".

 قالها وهو مغمض العينين، وضعت يدها من ذراعه لتهزه بنومه ليجيب هو بعالم الاحلام، قائلا لها:

"انسي لا يمكنني الخروج اقسم انني فاقد القدرة على القيام من الفراش وليس الخروج فقط، تدللي بوقت اخر وانا افعل لكِ ما تريدين اما الان لا يمكنني الذهاب لأي مكان".


ابتسمت بقوله:  "حسنا لنذهب غدا لنتجول".


ابحر بنومه دون الرد عليها فهو حقا مجهد يغزوه النعاس بشكل كبير.


وقفت أمام المرآة تنظر نحو سترتها وبنطلونها الجينز  قائلة لنفسها: 

" من الواضح أن الوضع الجديد فتح شهيتي على الطعام، لنذهب نحن لنبحث عن ما يرضينا بقدر المتواجد لدينا".


دخلت المطبخ وعينيها تتحرك بكل مكان، فتحت البراد لتخرج علبة الجبن لتقربها لأنفها مستنكرة رائحتها مغلقة الغطاء لتعيدها مكانها، فعلت نفس الحركة مع علبه المربى والقشطة والزبادي حتى وصلت للحليب رافضة فتحه أصلا، كل ذلك وتهاني بالخلف تراقب ملامح وجه زوجة ابنها: 

" هل جاعت ابنتي؟".


أغلقت سلمى باب البراد بخجل تحدثت به: 

" يعني شيء من هذا القبيل، بحثت عن الزيتون الأسود ولم اجده".


ردت تهاني بخبث امرأة ناضجة:

 " زيتون!، دعك منه لأطلب لكِ وجبه كاملة تشبع بطنك".


_" لا معدتي تأثرت من اخر مرة اكلت بها من الخارج ، لذلك كنت أرغب بشيء مالح".


ثم ضحكت: 

"طلبت من تيّم قبل نومه ولكنه حقا متعب".


بحثت تهاني لها عن أي موالح ولم تجد فتحت هاتفها:

 "لأطلب لكِ موالح منوعة".


رفضت سلمى:   "لا ليس لهذه الدرجة".


فكرت تهاني قليلا:   " هل أتى لكِ بالمكسرات".


_" لا تجهدي نفسك لننام وغدا …".


قاطعتها تهاني:

 "ان ساعدتيني سنجده بسهولة".


تحركت سلمى لتدخل غرفة تهاني الهاشمي لأول مرة منبهره بجمالها واهتمامها بتفاصيلها. شاعره للحظة أنها هي العروس وليس هي.


فتحت تهاني الحقائب واحده تلو الأخرى لتجده أخيرا، أخرجته لتعطيه لها متعجبة من سرعة فتحها للكيس وتناولها منه.


تحدثت بخبث مجددًا: 

"اشتريت فواكه مجففة ان اردتي تذوقها".


ردت سلمى:

 "اشتهي الفراولة هل يوجد بهم الفراولة".


نظرت تهاني نحو عيونها قائلة:

 " لا اعرف انتظري لأبحث لك عنه انتظريني حتى أعود لكِ".


اختفت تهاني لعدة دقائق عائده بعدها وهي تساير زوجة ابنها بالأحاديث ناظرة لاندماجها بأكلها للمكسرات.


تحدثت سلمى وهي تنظر داخل كيس المكسرات:

" عليكِ ان تغيري الدكتور الخاص بالجراحة في المرة المقبلة، يمكنني مساعدتك بتوجيهك لشخص مميز في هذا المجال، كما يمكنك معالجة امر شد الجهة اليمنى والتي تؤثر على الشفاه من هذه الجهة ان اسرعتي باستشارة الطبيب".


 رفعت سلمى نظرها على ام زوجها:

 "اريني ما كتبه لكِ".


_" لم يكتب لي أي شيء".


تعجبت سلمى:

 " كما توقعت سأعطي لكِ اسم طبيب مميز تذهبين إليه وهو سينفعك بشكل كبير، انتظري حتى اتصل به واحجز لك موعد كي تذهبي له بأقرب وقت".


ردت تهاني:

 "لا اريد ان يعلم …".


_ " وكأننا لم نتحدث بشيء، بشرط ان تأتي إلي ان احتجتي أي شيء من هذا القبيل".


فرحت تهاني مؤكدة لها أنها لن تذهب لأي طبيب حتى تعود لها، أخرجت كيس الفواكه المجففة تفتحه بوجهها.


جاء اتصال هاتفي تحركت تهاني على اثره لخارج الغرفة:

 "دقائق واعود لكِ".


تركت سلمى كيس الفواكه المجففة التي لم تثير شهيتها وتحركت لتذهب لغرفتها حين تأخرت تهاني بعودتها.


رأتها وهي تخرج من المطبخ حاملة بيدها طبق الفراولة والتوت البري، اهتزت سلمى من فرحتها كطفلة صغيرة كادت ان تصفق للطبق: 

"هل طلبتيها لأجلي".


احتضنتها تهاني بذراعها الأيمن مقبلة وجنتها القريبة منها:

 "ألستِ عروسة ابنتي وغاليتنا".


شكرتها سلمى مستجيبة لنصيحتها في ان تذهب لغرفتها لتأكلها بجانب زوجها.


دعت تهاني ربها ان يكون مثلما شعرت، فرح تيّم مما فعلته أمه مع زوجته انهى صلاة الفجر ذاهبا لغرفتها كي يشكرها راويا لها مدى فرحة سلمى بتقديرها لها.


حضرت أمه الفطور بعناية كبيرة محاولة كسب رضا ابنها ومحبة زوجته التي لم تستطع الانضمام إليهم حين تعكر صفو معدتها من رائحة البيض المقلي، ذهبت لعملها عازمة على تركه بأقرب وقت فلم تعد تتحمل الإدارة أكثر من ذلك.


من الغريب أنها وجدت على مكتبها لافتة مربعة تحمل شكل سطح الكرة الأرضية مكتوب داخلها:

" هناك أشخاص فوق الجميع لا يمكنهم مشاركة تميزهم مع احد، يقودون ولا ينقادون".


تعجبت مما قرأت دون فهم ما المراد من كلماتها، تساءلت عن صاحب اللافتة دون اهتمام لعله أعجب بقيمتها العلمية من جهة مريض ما.


شعرت بخوف وقلق حيال عدة ملاحظات صغيرة تتبعها بكل مكان مكتوب داخلها

 " نحن نستحق الأفضل"، " لا احد يعلم قدر التميز غيرنا بهذا العالم"، "انت تستحقين القيادة المطلقة"، "نحن قادة العالم"، "نحن نقود لا نقتاد".


جمعتهم لتشارك زوجها بوضعهم المقلق، استغرب هو أيضا معطيها الحق في قلقها، كانت تريد ان تخبره  بشعورها بتعقب شخص ما لها. 


ولكنها صمتت خوفًا من تحميله عبء فوق عبء عمله الكثير، أصبحت تتلفت حولها ودقق بكل ما يحيطها بقلق كبير، فكرت ان تذهب للشرطة ولكنها تراجعت لعدم وجود دليل مادي على ما تشعر به.

  

رأت أبو بكر بنفس المكان المتواجدة به لمرتين متقاربتين أرادت أن تذهب إليه لتواجهه ولكنه كان يهرب بكل مرة يكتشف رؤيتها له، فكرت ان تتصل بعمتها لكي تحذرها وتهددها اما ان يبتعد عنها واما أن تذهب وتحكي للشرطة كل شيء، من الغريب انها وضعت يدها على بطنها قائلة لعمتها:

"اتركوني لأعيش فرحتي بحملي وقرب استقبال اول طفل لي".


أغلقت الهاتف دون ان تعطي لعمتها فرصة للمباركة والتهنئة ناظرة ليدها التي على بطنها قائلة لنفسها:

 "هل تكذبين الكذبة وتصدقينها".


استمر وضعها على هذا النحو حتى رأت لافتة مكتوب عليها نفس العبارات حاملة نفس الألوان علت  عدة جدران وأسوار منشآت ومباني تمر من جانبها كل يوم أثناء ذهابها للعمل، أوقفت سيارتها للحظات رافعه بعدها الهاتف لتلتقط صور للكلام المكتوب.


أصر تيّم على الذهاب للشرطة كي يقدم بلاغ: 

بمخاوفهم وشكوكهم، اهتمت الشرطة كون سلمى شخصية لا يستهان بها مصدرين أوامر ببدء البحث فيما ابلغوهم عنه.


لم يمر يومين حتى اتصل الضابط العام بسلمى ليخبرها عن استمرارهم بالبحث بجدية كبيرة ، طمئنها من جهة اللافتات قائلا:

 "انها شعارات جمعية جديدة مناصرة لحماية البيئة والعالم ومن الفيروسات والتلوث الضوضائي، ومع ذلك نحن مستمرون بالبحث لمعرفة من وضع لك هذه اللافتات بحقائبك الخاصة وغرف العناية المركزة ومكتب العمل".


سألته سلمى:

 "وماذا عن من يلحقون بي، الامر ليس بهاجس اشعر به وفقط لا زال ابن عمتي يتابعني ولا زلت أشعر بغرابة حولي".


طمئنها الشرطي ان كل شيء تحت السيطرة وانها بمأمن ، تحدثت سلمى وهي تضع يدها على بطنها:

 " اريد ان اطلب حماية خاصة لعدة شهور هل يمكنني العثور على هذه الميزة لديكم".


تولى الشرطي امر طلبها على ان يختار لها الأفضل من حيث الأمان والمرونة ويتصل بها كي يخبرها عنه.


مرة أخرى وجدت سلمى يدها معلقه على بطنها اختنقت بأنفاسها:

 "ماذا لو لم يحدث".


مسحت أولى دموعها:

 "كيف اصدق حملي، وكأنه حقيقي كل شيء داخلي يحدثني به أخشى أن أوهم نفسي بكذبتي".


استيقظت بيوم الاجازة لتصلي بجانب زوجها مستنده براسها على كتفه وهي تحتضن ذراعه المجاور لها:

 "اريد ان ااكل بقلاوة".


ضحك وجهه:

 "أخشى ان أعجز عن حملك من بعد الان، ما بكِ اصبحتي لا تفكرين إلا بالاكل بالأمس سمك المسكوف والبقلاوة واليوم…. انتظري ألم تنهي علبة البقلاوة وحدك بالأمس".


رفعت اكتافها:

 "لا اعرف ولكني اشتهيتها مجددا أشعر بطعمها في فمي، كما اريد ان ااكل سلطة الباذنجان بالرمان والكليجة".


ضحك تيّم بقوله:

 " وكأنك تتوحمين كالحوامل، أتساءل ما وضع علبة الايس كريم بالفراولة متى ستأتي دورها، والحلوى التي ملأت الادراج كلها بالفراولة، لقد جعلتي الغرفة برائحة الفراولة".


قاطعته:

 " لا الرائحة عائدة لعطر الغرفة الجديد ألم يعجبك!".


رد بعيونه اللامعة:

 " أنتِ حامل أليس كذلك؟".


كادت ان تناسق خلف مشاعرها وتجيبه بنعم لولا تخوفها من عدم حدوثه، هزت رأسها:

 "لم يثبت شيء كهذا، حتى انني شعرت بمغص اسفل بطني قبل ان انام من الواضح انها تخبرني بقرب مجيئها كي لا أحلم كثيرا".


قبل رأسها بقوله:

 "سيأتي يوم ونفرح بروح روحي".


ابتسمت وهي تستمع لاستكمال حديثه: 

" ستكون روح من روحك وروحي بداخلك، تكبر وتكبر حتى تأتي واحملها بين يدي، تخيلي ان احمل روح من روحك بين يدي".


دمعت عينيها  وهي تستمع لحلمه، ضمها مقبل راسها:

 "لننام ساعتين على الأكثر ومن ثم اذهب لأشتري لكِ ما تريدين واكثر، لن اتركك حتى تشبعين من التجول وما تشتهين، ولكنك مجبره على ….".


وضعت يدها على فمه بخجل:

 "اششش ستسمعك ابنتي".


 ليضع تيم يده على بطنها:

 "حسنا لنحافظ على أخلاق ابنتنا".


وبلحظة انقلبت وجوههم كالذي أصابه صاعقة كهربائية نظرا لبعضهما:

 "هل بدأ الحلم".


قالها تيم ناظرا ليد زوجته على بطنها، هزت وجهها:

 " سيحدث بأذن الله ولكن علينا ان نصبر، وأيضا لا مانع ان تشاركنا بالأحلام المستقبلية أليس كذلك".


اخذها بحضنه:

 "لننام قليلا كي نتمكن من تحقيق تلك الأحلام..".


 صدمته على صدره وهي بداخل حضنه:

 "لا لن اتركك حتى نُسمع لبعضنا الجزء الجديد ".


تذمر تيّم:

 " ألم أخبرك باخر مرة انني لن أُسمع لكِ".


_"لنفعلها كي يحافظ الله علينا بحفظ كتابة بقلوبنا".


ضحك بقوله:

 " لا داعي صدقيني لقد اصبت بعقد نفسيه من وراء اخر جلستين معك، ماشاءالله تحفظين رقم الصفحة والسطر وموضع الكلمة والتشكيل والسورة و التفسير وسبب النزول، لا مشكلة لدي بكل هذا فأنا أيضا استطيع فعلها ولكن بهذه السرعة والدقة وعدم اختلاطهم ببعضهم لم أرى من قبل".


_" قل أعوذ برب الفلق".


ضحك اكثر:

 "من حقك فمن يرى اتقانك وحفظك لكتاب الله يعلم جيدا مدى قدرتك الخارقة، انا لم أتوقع كل ذلك".


_" كانت امي تعلم هذه النعمة الربانية التي وهبني الله إياها، عاشت عمرها وهي تخبئ سري عن العشيرة كي لا تصبني العين، كنت استمع لها وهي تحدثهم عن دراستي و اهتمامي ورغبتي الكبيرة بالخروج الأولى وانا اندهش منها فأي سهر واي تعب وانا لم افعل سوى قراءة الدروس بعد عودتي للمنزل".


انبهر بما تقول:

 " رأيت ذلك بأم عيني أكثر من مرة ماشاء الله يكفي ان تنظري بالورقة لتحفظي وتفهمي ما بها، انتِ تستحقين لقب بروفيسورة وبطلاقة".


ابتسمت بفرح:

 "سيتم منحي إياه بمطلع الشهر المقبل كم أنا متحمسة لذلك".


اهتزت داخل حضنه ليحيبها بأذنها: 

"ولكني أعطيته لكِ من اول نظرة، بروفيسورة قلبي وعمري وحياتي".


قبلت وجنته القريبة منها:

 " انت عوض الله لي، انت من كانت تدعو امي به".


ضحك بسعادته:

 "هل دعت امك ان تتزوجي برجل وسيم، اجتماعي، مقنع، مهذب، ذو دين وخلق، كريم، رحيم، طيب القلب يحب المرأة ويقدرها".


رفعت حاجبها باندهاش:

 "وماذا أيضا؟".


" ثري من أثرياء العالم تتوافد وتتزاحم النساء عليه".


صدمته مرة أخرى بغيرتها:

 "تييييييم".


_" حسنًا ساكتفي بكِ بجانب حور العين".


تدللت اكث:

 "تيييم ".


_" لايمكنك حرماني من حور العين!".


تحركت لتبتعد عنه ولكنه رفض:

"ادعو الله ان تكوني سيدة نساء قصري بالجنة لا ترى عيني أجمل منك".


 فتحت ذراعيها لتستقبل اقترابه من حضنها مغلقة عليه وهي تغمض عيونها بخوف ورعب مما يطرأ على حسها بهذه الأيام.


 "وانا سأدعو الله ان تكون رفيقي بالجنة".


خرجا ليتجولا طوال النهار مشبع معدتها واحلامها وقلوبهم بكل ما يمناه كل زوجين ببداية حياتهم. طارت من الفرح قافزه بحضنه وهي تتعلق برقبته:

 "كنت أعلم أنك لن تكسرني".


انحنى تيم وهو يهتم على جانبيه محاولا ان لا يسقط من كثرة اهتزازها وحركتها داخله، انتظر حتى هدأت قليلا قائلا:

"ولكن بشروطي".


_" حسنا حسنا لأجل أبنائنا وان يربطنا شيء مشترك، لن تأخذ أي ربح قبل ان تعيد كل المبالغ المنصوص عليها بالشراكة".


رد متسائلا:

 "هل وافق طارق على الانتقال للعمل معك".


فاجأته بجوابها:

 "وهل له خيار اخر، هو مجبر على دعمي".


_" لا تثيري غيرتي وتعودين لتحزني مني".


اسرعت بحوابها:

 "لا اريد ان احزن وخاصة الليلة، تمام لنتحدث بشكل جدي وافق على عرضي له وهو مشاركتنا في إدارة المستشفيات وتولي إدارة قسم الجهاز الهضمي بالمستشفى الرئيسية ، كما ستنتقل رانيا وهند و أسامة ، بجانب عدة دكاترة مميزين أرسلت لهم ايميلات بالعرض وانتظر ردهم".


ضحك بقوله:

  "رانيا من مصر ، هند من الجزائر ، فارس من تونس ، آمال من ليبيا ، جمال من المغرب ، طارق من العراق وتيّم من الأردن".


شاركته الضحك:

 "سلمى أيضا من العراق وسناء من الشام".


رد:

 "وهناك الكثيرون من السودان وفلسطين هل سنفتتح مشفى ام جامعة للدول العربية".


ضحكت وهي تستمع لاستكمال حديثه:

"ولكنه جميل اعجبني، وانا أيضا أرسلت لعدة زملاء ماهرين  ومهتمين جدا بعملهم .. ولكن كل ذلك لا يغني عن استعانتنا بشركات توظيف تختار باقي الموظفين على المستوى الذي نريده".


قاطعته:

 "طبعا وهل يوجد كلام في هذا، سأستعين بكل من له خبرة وباع كبير بمجاله كي نخرج بأفضل صورة نهائية".


طال حديثهم واتفاقهم وتشاورهم بل وقراراتهم المشتركة حتى انتهت الليلة وبدا يوم جديد عادت به  لعملها مستقبله أسبوعا جديدا بطاقة متجددة تُرى بعينيها اللامعة و وجهها المنشرح.


أصبحت تتذكر حديث والدة تيّم عن احتمالية كونها حامل كلما زاد دوران رأسها، كما زاد  الشك والاستغراب بقلب سلمى من حالتها وهذا ما جعلها تستشير طبيبة النساء باليوم التالي.


لم تعطيها سناء أي تشخيص دون ان تفحصها بإشاعة السونار قائلة: 

"رغم إنك تستطيعين معرفة صحة شكوكك بطريقة بسيطة وسهلة ولكني اقدر مخاوفك، بكل الأحوال سيحدث القي حملك على الله، لنفحص وضع المبيض والرحم حتى نرى ما الذي يمكننا اتباعه ليتم الحمل في الشهر المقبل".


أومأت سلمى براسها:

 "وهذا ما جعلني اتي لكِ، بكل الأحوال اريد ان احقق حلمي بالأمومة بأقرب وقت أما عن طريق الفيتامينات المحفزة للهرمونات وتنشيط التبويض واما ان نقوم بعملية حقن مجهرية".


_"أليس مبكر على الحديث بذلك".


_" لا داعي للانتظار، وأيضا لدي عدة خطط مستقبلية عليّ البدء بها بجانب أسباب خاصة تجعلني ارغب بالحمل والانجاب خلال سنتين او ثلاث ان أراد الله تعالى ذلك، سأنجب طفل او طفلين ومن ثم ابدأ بمشاريعي المستقبلية".


ابتسمت سناء بقولها:

 "أعلم ان وضعك مختلف ، ولكني سأنصحك بنصيحة مهمة إياك ان تنشغلي عن أطفالك  لأجل تحقيق احلامك العلمية".


وضعت سلمى يدها على كتف صديقتها:

"هل يستطيع المرء أن ينشغل عن روحه".


تحركت خلف الطبيبة كي تجري الفحص وهي تحدث نفسها:

 "كيف أُحرم نفسي من دفئ قربهم وانا من عاش حياته يبحث عن  دفء العائلة بعيون جميع من حوله".


نظرت سناء لها ثم عادت لتنظر للجهاز متسائلة منذ متى وأنتِ بهذه الحالة.


اجابتها سلمى: 

"خمسة عشر يوما تقريبا".


تحدثت سناء بوجه فرح:

 " نعم ولهذا أرى بداية تكوين كتكوت صغير بالرحم".


تفاجأت الطبيبة بسرعة تساقط دموعها الفرحة من عيون سلمى، تحدثت لتجبر خاطرها: 

"الف مبروك يا دكتورة ستصبحين أمًا قريبا".


حدثتها بصوتها المهزوز: 

" لا اعرف مع اني شعرت به بل وتمنيته إلا انني تفاجأت وخفت الان".


نظرت سناء للجهاز قائلة: 

"الوضع جيد جدا ولا يوجد مشاكل".


جلست سلمى على الفراش الطبي وهي تعدل ملابسها واضعه يدها على وجهها:

"الحمدلله رب العالمين".


شكرتها  عائده لعملها وهي تفكر كيف ستخبر مجنونها بهذا الخبر.


لم تترك الضحكة والفرحة وجهها الجميل طوال اليوم، انتظرت عودتها للمنزل وتناولهم العشاء بجانب العائلة حتى انفرادها به في غرفتها لتجلس على الأريكة قائلة له: 

"تيّم اريد ان اخبرك بشيئ مهم جدا".


نظر لها باهتمام:

 "تفضلي خير هل حدث امر معاكس معك، وجدتي لافتات جديدة ام ان  دكتور سالم…".


قاطعته وهي تغمض عينيها لوهلة قائلة بعدها: 

"لا لا ليس كذلك ، كل شيء على ما يرام حتى أخبرني الضابط ان الحراسة الخاصة تتولى أمر تأميني بشكل سري، ما اردت ان اخبرك عنه .. يعني أمر غريب .. لا اعرف كيف اقولها .. لم اصدق حين علمت بذلك … القدر.. نعم القدر كان اقوى من الجميع .. ".


_" هدئي من نفسك ما بكِ احمر وجهك وتوترتي لهذه الدرجة؟ ، ان كنتي غير مهيئه للحديث لنؤجلة بوقت اخر".


ردت عليه بصوتها المرتجف وعيونها الدامعة:

 "عليك أن تعلم به".


امسكها من يدها ليقربها بجانبه:

" اهدئي ومن بعدها نتحدث انا بجانبك لن اتركك حتى تقولين ما تريدينه بهدوء .. لا شيء يستحق  الخوف والقلق".


ابتلعت ريقها مذرفة أول دمعه من دموع عينيها: 

"كنت اشك بشيء، شعرت بأعراض غريبة عليّ … لم اصدق ما شعر به قلبي … ولكني عندما قمت بإجراء التحليل اقصد الفحص تأكدت".


قاطعها خوفًا من سماع ما ستقوله:

" لا تفكري بشيء جميعها محلول باذن الله".


تعجبت من حالته متسائلة: 

" ألم تسألني عن نتيجة الفحص".


_" ما بكِ يا سلمى علقتي على كلمة فحص فحص بسيطة جميع الأمراض لها علاج إن أراد المريض ذلك…".


قاطعته بقولها:

 " أي مرض هل تظن انني مريضة بمرض كبير".


حدثها بنبرة خوفه وقلقه الذي ظهر على وجهه: 

" أليس كذلك؟".


نفت بحركة راسها متفاجئة باهتزازه من فرحته وقوله:

 "انا ارضى بجميع  ما يأتي بعد ذلك اخبريني وانا معك بكل شيء".


_" انا حامل ".


لم يستوعب ما تقوله:

 " استمع لكِ هيا قولي".


_"انا حامل ، قمت بإجراء الفحص واتضح اني حامل ".


لم يستوعب عقله لما يسمعه:

 " لا تمزحي معي ، ان كان هناك….".


_"منذ متى وانا امزح معك بهذه الأمور، انا حامل".


رد بنبرة مفاجئته وتوقف عقله:

_"ممّنْ!".


صُدمت من سؤاله مجيبه بسخرية:

 "ممن سيكون؟".


حرك راسه على جانبيه تعبيرًا عن عدم معرفته ، ألقت به الوسادة التي تحتضنها قائلة: 

"من زوجي .. ألم تعلم أنني متزوجة .. ان كنت لا تعلم احب ان اعلمك بذلك .. تزوجت من عدة أشهر بطبيب صيدلي نسي جميع ما تعلمه  ولم يتذكر إلا طفولته المتشردة".


ضحك برده :

 " طفولته المتشردة! وما الذي يجبرك على البقاء مع ذلك المتشرد؟ ام انك احببتي هذا الطفل؟".


ابتسم وجهها بقولها:

" معاذ الله ان احب هذا المجنون".

 

وضعت يدها على بطنها:

" ولكني سأفعلها بفترة حملي كي لا يخرج ابني كأبيه، فلا يمكنني تحمل الأب وابنه بنفس العينة".


ضحك قائلا:

" سيأتي اليوم الذي تقفين أمامي به لتخبريني بحملك بطفلي وانتِ سعيدة وفرحة متمنية ان يخرج شبهي بكل شيء حتى بطفولتي".


_" ولكني خائفة لهذا كنت أرغب بشدة ولكني الان أشعر برهبة وكأني غير مستعدة لخوض تجربة الحمل والأمومة…. اخشى ان لا اكون بحجم المسؤولية".


توقفت عقارب الساعة ليتوقف عقله عن فهم وترجمة ما يقال له متسائلا:

 "ان كنتِ ترغبين بالأمومة لهذه الدرجة يمكننا ان ..".

 

قاطعته لتصدمه:

 "ما بك أقول لك انا حامل تقول لي ان كنت ترغبين بالأمومة".


_"كيف انتِ حامل !"


سألته بضحك مفاجأتها بالسؤال:

"وكيف المرأة تحمل ".


ضحك وجهه بحذر خوفه من تصديق ما سمع: 

" لا اعرف".


قامت لتجلب ورقة اشعة السونار من حقيبتها لتفتحها وبوجهه: 

"هل استصعب عليك فهم ما أقول ام انك لا ترغب بالأطفال الان".


رد بصدمة نظره لورقة الأشعة: 

" انتِ حامل!''.


ضحكت مجددا:

 "نعم انا حامل، و ماذا أقول أنا منذ الصباح!!".


_"الطفل مني أليس كذلك؟".


ضحكت اكثر وهي تجيبه: 

"لا ليس منك بل هو من زوجي الحالي".


رد عليها بوجه ضاحك:

"كنت اعتقد انه مني سامحك الله تحمست دون فائدة".


حركت يدها لتهز كتفه باستغراب: 

"تيّم ما بك أقول لك انني حامل، اتتذكر تلك الليلة اقصد ما وجدنا عليه انفسنا بالصباح، أعني ما يحدث بيننا، استغفر الله العظيم ما بك هل سأفسر لك كيف حملت منك".

  

قاطعها بسؤاله:

 "أنت حامل مني يعني الطفل .. انا والد الطفل".


صدمته بالوسادة مرة أخرى: 

"يا مثبت العقل والدين ، ما بك هل توقف عقلك عند نفس النقطة؟ ممن سيكون الطفل هل تشك بي! هل لي زوج غيرك!". 


هز راسه بعيونه الدامعة وصوته المهزوز:

" سأكون اب ومنك أيضا انا وانتِ سنكون اب وام".


ابتسم وجهها بعيونها الدامعة: 

"مع الأسف الشديد سيكون هذا المجنون والد ابنائي".


سحبها بقوة فرحته ليدخلها بحضنه مغلق ذراعيه عليها بقوة:

 " كم انت كبير وكريم يارب كم انت عظيم يارب دعوتك واكرمتني رجوتك واعطيتني اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك اللهم…".

 

تركها ليسجد أرضا مكرر شكره لله على استجابته لدعوته، سألته وهي تمسح دموع فرحتها:      "هل دعوت الله ان يرزقنا بأطفال".


وقف ساحبها بحضنه مجددا:

" نعم ومن اليوم الأول أيضا، دعوته ورجوته ان يرزقني بأطفال منك وانت راضية دون ان تحزني او اضرك بشيء".

 

نزلت دموعها وهي تسأله: 

"ولماذا … لماذا كنت تتمسك بي لهذه الدرجة".


ضمها بقوة فرحته: 

" لأني لم احب احد مثلما احببتك أنتِ، لأنك روحي و لا يمكنني العيش بدون روحي ".


مسحت شلال دموع وجهها الفرح: 

"انا لم يتمسك بي احد في حياتي مثلما تتمسك بي انت اخشى عليك من ضريبة قربك لي".

 

نظر لبطنها بحماس: 

"اجمل ضريبة هي ان يرزقني الله منك بروح الروح، اريدها فتاة جميلة مثل أبيها". 


صدمته بيدها على صدره متدللة عليه ، ليكمل:

" نعم وهل هناك اجمل من جمال ابيها".


اجابته بمكر:

"انا راضية بكل شيء الا انها تخرج بالسمات الوراثية الخاصة بـ أبيها …".


_" لن استطيع ان اعدك بشي لتأتي روح الروح أولا ومن ثم نرى لمن ستخرج وتحب اكثر".


_"لا زلت ترغب بفتاة!".


ضحك بفرحة قلبه:

 "نعم اريدهم جميعا من المؤنثات لنكرمهن ونحقق وصية رسولنا الكريم بهن،  لا تَكْرَهُوا الْبَنَاتِ، فَإِنَّهُنَّ الْمُؤْنِسَاتُ الْغَالِيَاتُ".


وانا اشهد انك صدقت وصية رسول الله:

"اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا" فنعم انت من استوصى وحافظ".


…….


قال رسول الله صل الله عليه وسلم:

"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي، ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم".


يا ليت حسين الاكرم استمع لهذه الكلمات وعمل بها ما كانت ابنته عاشت ما عاشته من ظلم وقهر وتشتت وانهيار ما كانت اضطرت لمحاربة ومجاهدة الحياة بهذه الدرجة.


اكرم الله سلمى بصلاح أمها وبدعوة قلبها الخائف على ابنتها وضعتها بأمانة طارق ومن قبله بأمانة الله الذي أكرمها وحفظها وجبر خاطرها بزوج صالح ذو دين وخلق وهذا ما يجب ان تنكح المرأة له.

................


يتبع ..


إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا. 




منها "رواية حياتي" 



رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..



google-playkhamsatmostaqltradent