رواية قرة عيني
بقلم أمل محمد الكاشف
مزجت بين السرد الفصحى والحوار بالعامية
قصة رومانسية اجتماعية دينية كوميدية
تدور احداثها بين حلمية الزيتون والصعيد اسوان بالتحديد
استيقظت الام سمية من النوم فرحة بوجود حسام بالمنزل ألقت عليه السلام وجلست بالصالون بوجه متعب ،تحركت اميرة واحضرت لها كوب ماء والدواء وهي قلقة عليها
تحدث حسام بوجهه البشوش وقلبه السعيد ليحكي لهم عن البلد والأراضي وما جعله ينشغل طوال الاربع سنوات عن قدومه إليهم
عادت اميرة للصالون وبيدها طبق الحلوى والشاي الخاص بأمها ،نظرت للطاولة الصغيرة وهي تفكر ان تعطي امها الطبق ومن ثم تذهب لتقربها منها .
لاحظ حسام نظراتها ليتحرك أخذ الطاولة من الجوار و وضعها امام الام سمية لتشكره أميرة على مساعدتها
تحدث الحاج جمال " أنت بكرا ان شاءالله هتتغدى عندنا اعمل حسابك على كده "
اعتذر حسام وقال" لنؤجلها ليوم تاني بصراحة بكرا هكون مشغول جدا ومقدرش اوعدكم ، وكمان انا مش ضيف هنتظر عزومة على الغدا وله ايه يا خال "
وبفرح اجابه جمال " طبعا مش ضيف انت ناسي انك كنت مقيم معانا ايام الدراسة تقعد طول اليوم وتروح عند ام سعاد بآخر الليل عشان تنام "
تدخلت أميرة بحديث ابيها " كانت ايام جميلة والله وخصوصا اما كنت استغل وجوده هو وعمرو عشان يخلصوا معايا الواجبات "
فرح حسام ولمعت عينيه وهو يرد عليها " فعلا جميلة لدرجة اننا كنا نهرب لبيت خالتي ام سعاد بوقت امتحاناتك "
ضحك الجميع على حديثهم ليعود جمال لدعوة حسام على مائدتهم قائلا " خلاص يا ابني خاليك على راحتك لو مكنش على وقت الغدا هنترك لك نصيبك لحد ما تخلص شغلك وتيجي تاكل عندنا "
ومن شدة فرحته بوجوده بينهم وافق دون اعتراض ،لتقول سمية " كنت ناوية اعمل مكرونة بالبشاميل ورقاق باللحمة عشان خاطر عمرو وندى بس مدام انت هتيجي هنغير ونعمل ملوخية وفراخ "
رد جمال على زوجته " اعمليهم كلهم يا سمية والي يفضل ناكله تاني يوم "
تدخل حسام " ليه كل ده هو انا ليا عزومة واحدة وبس " وضحك مكملا لزوجة خاله " لتبقى البشاميل والرقاق كما هي غدا و الملوخية والفراخ بيوم اخر "
رد جمال مازحا " من الواضح انك هتلزق عندنا "
علا صوت ضحكهم ورفرف قلبه فرحا اكثر وهو ينظر لخجل اميرة و وضعها يدها على فمها وهي تضحك دون صوت .
تحدثت سمية لتقول " اهلا بيك كل يوم ده احنا فرحنا انك وصلت القاهرة وهتقعد كام يوم ، والله ياحسام ما يغلا عليك نعمل اكتر من كدة كمان بس انا يا ابني تعبانة اليومين دول و اميرة هي الي بتعمل كل حاجة لوحدها "
ردت اميرة على امها " بسيطة يا ماما هبدأ بدري واخلصهم كلهم مرة واحدة "
تدخل حسام وقال " لا يبقى مش جاي "
هز جمال رأسه " حسام عنده حق هو مش غريب بكرا ياكل معانا مكرونة بالبشاميل والرقاق و يوم تاني نعمل له الملوخية حتى سمية تكون اتحسنت وتعملها هي بنفسها عشان تحب الملوخية ومتقطعهاش "
ردت اميرة على والدها مدافعة عن نفسها " مش ذنبي هي الي مش بترضى تظبط معايا "
كان يود أن يقول لها لا عليكِ سأتعلمها انا عوضا عنكِ أو حتى سأقطع وصالي بأكلها لأجلك .
ظل صامتا يستمع لأحاديث خاله و زوجته وهو شارد بعالمه الجميل .
ومع ازدياد تألم الام سمية من رأسها وجميع جسدها تحرك واستأذن منهم ليتركهم على راحتهم ،وبالفعل بعد ذهابه تحركت سمية ودخلت غرفتها لتنام متأملة بالراحة والشفاء .
أنهت اميرة ترتيب المطبخ وتنظيف ما نتج عن تقديم الضيافة عائدة لغرفة والديها للاطمئنان على أمها التي وجدتها قد نامت هي و والدها ، تحركت ببطئ لتخرج من الغرفة مغلقة بابها خلفها الا قليل منه كي تستمع لصوتهم ان احتاج إليها و ذهبت لغرفتها بجسد منهك من العمل طوال اليوم
صعدت على فراشها رافعة عليها الغطاء مغمضة العينين بقلب يذكر الله ويتلو اية الكرسي وأذكار النوم من بعدها .
في منزل المهندس عمرو كانت زهرة اكثر حزنا وضيقا من زوجها الذي تركها لليوم الثاني ونام بجانب ابنته بعد أن قطع الحديث بينهم طوال اليوم حين أصرت زهرة على موقفها وانتظارها عودته لصلحها كما شجعها سليم وملأ رأسها
لتمر الليلة بحلوها ومرها مشرقة من بعدها شمس يوم جديد بدأ بعدة رسائل قد هلت على هاتف أميرة بشكل متتالي.
فتحته وهي على فراشها لتقرأ ما وصلها بفضول كبير لتجد أحمد كاتبا " انا هعمل نفسي مسمعتش حاجة منك لأننا مش بنعمل حاجة غلط بالاخير انا عايزك على سنة الله ورسوله، ولكن انا قولتلك ظروفي بالوقت الحالي، بجد انا مش عايز اشغل نفسي و ارتبط بخطوبة الشهرين تلاتة دول محتاج ارتب امور شغلي واهيء ماما للموضوع ده "
اغلقت ميرا الهاتف وهي تلتقط أنفاسها المتسارعة تشوش تفكيرها من جديد وكاد قلبها ان يسيطر على عقلها ،أتتها رسالة جديدة جعلتها تتوتر اكثر لدرجة رفعت حرارة وجهها ليصبح احمر مشتعل
فتحتها بيدها المرتجفه لتقرأ بها" اه صح انا مقولتش ليكي اصل ماما عايزاني اتجوز بنت طنط سهام قريبتها او بنت خالتي حسناء ، شوفتي الي انا فيه عشان تعرفي النعمة اللي بأيدك تتمناها بنات كتير هههههه بهزر معاكي طبعا لان قلبي اختار الي عايز يكمل معاها حياته "
كانت اميرة تقرأ وهي بوضع غريب لا تستطيع الضحك على مزاحه لان حزنها من نفسها وشعورها أنها تعصي الله وتقترف ذنبا بحق نفسها و والديها سيطر عليها وضيق صدرها ليصبح نفسها أقل من الطبيعي
شردت بضيقها لتأتيها رسالته الثالثة " انا مش منتظر منك رد يكفيني بالوقت الحالي اني اكون اول من يصبح عليكي ، هقوم اجهز عشان الشغل ومتقلقيش هفضل افكر فيكي طول الوقت زي منا متأكد و عارف انك كمان بتفكري فيا طول اليوم "
اختنقت أكثر وأكثر اطفئت هاتفها بشكل كامل وألقت بهِ على فراشها بضيق تحركت به للخارج كي تتوضأ وتصلي الضحى لعلها تجد بصلاتها ما يريح صدرها و فؤادها و يشعرها بالرضا على نفسها .
في مصلحة حكومية للمعاملات العقارية كانت زهرة تجلس بجانب نرمين زميلتها بالعمل وهي تبكي وتشتكي لها من عمرو زوجها و حياتها قائلة " بقى انا بعد ما تحملت كل القرف ده طول اليوم عشان خاطره، وكمان والله متحملة كل حاجه شغل وبيت وقرف يجي هو في الاخر يزعق ويسبني وينام جنب بنته "
زاد بكاء زهرة عندما تذكرت تركه لها ليومين كاملين دون كلام معها نائما بجانب ابنته تنهدت نرمين قائلة بحزن " استعيذي بالله من الشيطان الرجيم عين وصابتكم والله انا مش هقول هو غلطان او مش غلطان زي كل مرة ، ولكن انتي يا زهرة بقيتي عصبية جامد ومش بتتحملي حاجة ليه يا بنتي عاملة في نفسك كده اللي يشوفك يقول كبرتي مية سنة وله عندك هموم كبيرة احمدي ربنا يا زهرة ده جوزك بيحبك "
زادت عصبية زهرة قائلة لزميلتها " هو انتي كمان هتقوليلي احمدي ربنا هو انتوا شايفني ايه ياجماعة "
ربتت نرمين على ظهرها وهي تقول لها " يا بنتي انا يمكن كلامي ما يعجبكيش بس انا اكبر منك و شوفت من الدنيا كتير بجد مش مستاهلة تضيعوا شبابكم وحياتكم بالخناق والغضب "
ردت زهرة وقالت " الي يسمعك كده يقول انا الي غضبت عليه و رحت نمت جنب بنتي"
حركت نرمين يدها على ظهر زهرة وهي تقولها بضحك " طب والله انتي كمان بتحبيه وبتموتي فيه ده انتي مش شايفة نفسك بتتكلمي ازاي نسيتي كل حاجة ومش فاكرة غير انه سابك ونام جنب ندى "
بكت زهرة من جديد لتكمل نرمين كلامها وهي تقول بصوت حنون " هارجع اقولك انتي غلطانة انك سبتيه نايم بعيد عنك لو انتي شاطرة كنتي لبستي احمر ولا اخضر و روحتي جنبه تطمني على ندى و تبوسي راسها وله تقيسي ليها الحرارة وحياتك خمس دقايق وهتلاقيه جاي وراكي بيجري "
ابتسمت زهرة وهي تمسح دموعها لتكمل نرمين وتقول " وله انتي معندكيش احمر واخضر متتكسفيش لو معندكيش اسلفك "
استطاعت نرمين بكلامها ان تلين قلب زهرة واضحاكها واقناعها بمبادرتها بإصلاح ما بينها وبين زوجها معطية لعمرو الحق ككل مرة مبررة مواقفه وحبه لها وانه لا يستحق منها ما تفعله
حتى أنها أصرت عليها أن تخرج من العمل مبكراً
و تذهب لتشتري ثوب نوم جميل وملفت ترتديه ليلا لتصالحه به.
دخل المهندس أمين غرفة المكتب عليهم وهو يسأل عن المهندس سليم ، مالت زهرة برأسها للأسفل وكأنها تتناول شيئاً من الأرض كي لا يرى امين دموعها وعيونها المنتفخة لترد نرمين عليه وهي تقول " اخد اجازة النهاردة ابنه رجليه وقع عليها بليل و الدكتور جبسها "
زعل أمين وقال " ماكنتش اعرف والله كويس اني سألت عشان اتصل و اطمن على ابنه"
سألته نرمين " ايه اخبار المكتب عندك في شغل، حد سأل عليا "
رد أمين عليها " متقلقيش هنادي عليكي لو في حاجة خليكم براحتكم " وذهب وهو يفتح هاتفه ليتحدث مع سليم
استقامت زهرة وهي تسمع نرمين قائلة " والله امين ده خسارة في فوزية الملوية ، سبحان الله الدنيا حظوظ ده انا لو عندي زيه كنت عملتله البحر طحينة "
ردت زهرة عليها " ربنا يكرمك بأحسن منه انتي تستاهلي كل خير "
ضحكت نرمين وهي تسخر من قدرها " بعد ما شاب ودوه الكتاب خلاص راحت علينا كلها سنة وندخل منتصف الاربعين ونبدأ ندعي بحسن الختام "
حزنت زهرة وقالت لها " لا ماتقوليش كده والله ربنا هيكرمك بس اصبري هو حد يطول ادبك واخلاقك وبعدين انتي لسة صغيرة متزعلنيش منك "
ضحكت نرمين وقالت ليها" سيبك مني، المهم دلوقتي اما تشتري المنور صوريه ليا عشان اقولك هيجيب نتيجة وله لا ، احسن انا ليا نظرة بالحاجات ديه واعرف ايه اللي يجيبه لحد رجلك راكع يطلب السماح "
ردت عليها زهرة " لا مش هشتري عندي جديد كتير بس هو اللي مش بيحافظ على النعم الي عنده عايز ياخد بس من غير ما يتنازل ويعطي "
في طريق رجعتها لمنزلها بحلمية الزيتون دخلت نور عمارتها ، رآها استاذ احمد و هو نازل على الدرج رد عليها السلام وقال " السلام عليكم ، حمدلله على السلامة يا نور"
نظرت نور لاحمد وقالت بهدوء " الله يسلمك يا استاذ احمد "
ابتسم احمد وقال " قوليلي امتى رجعتي وجو اسكندرية عامل ايه اتمنى تكوني انبسطتي برحلتك "
بادلته نور نفس الابتسامة وقالت " لسه راجعة امبارح الحمدلله كانت رحلة جميلة وسريعة شكرا لسؤالك "
سمع أحمد صوت إقامة أذان العصر بالجامع القريب من منزلهم ، تحرك وهو يقول " حمدلله على السلامة مرة تانية، استأذن انا بقى عشان الحق الصلاة "
صعدت نور إلى منزلها بالطابق الثالث استقبلتها امها وهي تقول " اتاخرتي ليه يا نور قولتي هتحضري محاضرة وترجعي بسرعة "
ردت على امها بصوت متعب قائلة " هحكي ليكم كل حاجة بس ادخل الحمام الاول واكل لاني هموت من الجوع "
تحركت للحمام ولكنها وقفت ملتفتة لامها واختها لتسألهم باستغراب " هو منين عرف استاذ احمد اني كنت برحلة للاسكندرية "
ضحكت امها وهي سعيدة متسائلة " ايه يا نور هو اتصل بيكي وانتي في الرحلة "
استغربت نور من كلام والدتها لترد بسرعة وهي تنفي وتستنكر ما سمعته قائلة " لا طبعا هو يتجرأ يعملها انا بس استغربت"
وأكملت نور طريقها للحمام بسرعة بدون أن تنتظر رد من والدتها
تحركت اخت نور الكبيرة وجلست على الفراش وابنها بحضنها قائلة بصوت يصل لنور بالحمام " ما هو انتي طول ما مركبة الوش الخشب ده وبتصدي بيه الناس عمرنا ما هنجوزك ، امك قاعدة تروح وتيجي و تتكلم قدامه عليكي عشان تيجي بالاخير وتقولي هو يتجرأ" قالتها اختها وهي تحرك راسها وتقلدها بحديثها
ردت ام نور بصوت منخفض و هي تنظر لإبنتها " معلش خليها تدلع براحتها ، بس لازم نعلمها ازاي تعمل المقلوبة قريب عشان منتفضحش انا قولت لأم احمد انها شاطرة فيها "
ردت اخت نور على امها وهي تضحك" هو انتي قولتي انها شاطرة فيها "
هزت الأم رأسها وقالت بصوت منخفض " اه وربنا قولت و مش عارفة طلعت ازاي مني الكلام جاب بعضه واتفتحت سيرة المقلوبة وان احمد بيحبها و انا اخدني الحماس قدام الواد وقولتلهم انها شاطرة فيها ولازم ينادوا عليها يوم ما يعملوها عشان تساعدهم فيها "
حركت اخت نور فمها بغير رضا وقالت " يبقى هننفضح ان شاء الله ، احب اقولك وابشرك ان العريس من قبل ما يجي طار لان بنتك ديه عايزة سنة كاملة لحد ماتتعلم بس تقطع الخضار ازاي مش تطبخه "
مر الوقت وخيم الظلام المكان عاد عمرو لمنزله بعد ان تناول طعامه هو وابنته بمنزل والده وأبى للمرة الثانية أن يبقى لأجل استقبال حسام والجلوس معه متحججا بابنته وارهاقه ، هذه المرة حزنت سمية بشكل كبير على ابنها وحياته الغير مريحة
وبعد أن وضع ابنته النائمة على فراشها تحرك لكي يجلس بصالون منزله المميز بطرازه و نقشته الفريدة ليصبح شبيه بالذي موجود بفيلا بنت خالة زوجته .
ارتدت زهرة ثوبها الجديد و وضعت عطرها المميز من ديور وهي تنظر لنفسها بالمرآة ، وصلت لهاتفها رسالة جديدة من سليم لم تهتم بفتحها خرجت من غرفتها عازمة على صلح زوجها الذي وصل لأنفه رائحتها الجميلة قبل وصولها و اقترابها منه لتجلس بجانبه
أمام الشاشة الجديدة و الكبيرة وهي تشاهد معه متوقعة أن ينظر لها ولكنه أصر على عدم التفاته لها رغم قلبه و جوارحه وكل ما فيه ذهب وداب بها
طلبت منه ان يبدل القناة ويختار شيء يشاهدونه سويا، تحرك عمرو ليقف قائلا " انا نعسان ومش هقدر اسهر تصبحي على خير"
امسكته من يده التي مدت لها بجهاز التحكم و وتحركت لتقف امامه تحدثه وهي تنظر لعينيه " هيطوعك قلبك تسبني النهاردة كمان"
اغمض عمرو عينيه التي لم تستطع النظر لعيونها الغارقة بدموعها التي كانت سبب لتحرك قلبه ومسامحته لها على ما بدر منها ،بعد ان عاتبها على حديثها الحاد امام والده
وبصوت اشبه بصوت ابنتها عاتبته هي على تركه لها ونومه بجانب ابنتها ليحكي لها عن ضيقه وعدم استطاعته النوم بدونها ، طالت احاديثهم وعتابهم حتى استطاع كل منهما إفراغ ما بداخله وإصلاح الاخر والاعتذار منه
وبعد مرور أكثر من ساعة تقريبا كان هاتف عمرو يرن وحده في الصالون دون ان يسمعه احد فوجودهم بالغرفة المغلقة و نومهم جعلهم بعالم اخر .
انزلت اميرة هاتفها وهي تبكي قائلة " مالك يا ماما فيكي ايه ، يا ماما ردي عليا فيكي ايه " وصلت سيارة الإسعاف بسرعة و تم نقل الأم سمية للمستشفى
صعدت اميرة والحاج جمال في سيارة حسام وعيونهم معلقة على سيارة الإسعاف التي كانت تسرع أمامهم
اقتربت اميرة من الخلف وهي تبكي وتضع يدها على والدها لتهدئ منه ، كان حسام يحاول ان يلحق سيارة الإسعاف و هو يقول لهم " تلاقي ضغطها ارتفع تاني ومحدش اخد باله منها اول ما توصل هيظبطوا الضغط وكله هيبقى تمام ان شاءالله "
وصلوا للمشفى نزلت اميرة بسرعة من السيارة وهي تركض وراء المسعفين الذين كانوا يدخلون بسرعة لإنقاذ المريضة وبعد نصف ساعة قضتها العائلة بقلق و خوف خرج الطبيب ليخبرهم انهم سيطروا على حالتها التي كانت بسبب ارتفاع السكر الذي تسبب بدخول المريضة في شبه غيبوبة
ردت اميرة على الدكتور وهي تقول " ولكن ماما معندهاش سكر يا دكتور "
هز الدكتور رأسه وقال " ده اللي انتوا بتعتقدوه ولكن المريضه جت عندنا و سكرها مرتفع جدا واكيد ده بسبب عدم علمها و مفيش دواء ولا تنظيم بالاكل "
وأكمل الدكتور وهو يسألهم " هي اكلت ايه النهارده "
رد الحاج جمال وقال " مفيش حاجة غريبة يا بني ده هو طبق مكرونه بالبشاميل و كام قطعة رقاق وحوادق وبعدها شربت الشاي مع البقسماط بس كده "
تحدثت اميرة وقالت بحزن " لا واكلت كمان بسبوسة و شاي "
رد عليهم الدكتور وقال " وده اللي توقعته اكلت نشويات و سكريات بنسبة عالية وممكن تكون زعلت او اتضايقت من حاجة وصلتها للحالة دي ولكنها بخير دلوقتي شوية و تقدروا تدخلوا تطمنوا عليها ، هنكتب لها بعض الأدوية المؤقتة ولكن لازم تتابع مع دكتور متخصص يظبط لها السكر بالدم "
تركهم الدكتور مستأذناً منهم ، تحرك الحاج جمال وهو يقول " لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم قدر الله وما شاء فعل الحمد لله انها جت لحد كده " ونظر لهم مكملا " انا اعصابي باظت هروح الحمام وارجع لكم "
تحرك حسام معه وقال " انا هاجي معاك اساعدك "
رفض جمال وشاور بيده ناحية الحمام وقال " مش بعيد يا بني اقعد انت جنب اميرة وخد بالك عليها "
تحرك بخطواته البطيئة مبتعداً عنهم حتى وصل إلى الحمام ودخل بالمكان الذي خصص له
جلس حسام بجوار اميرة وهو يميل للأمام ليستطيع أن ينظر لوجهها بجلسته المنحنية قائلا بصوت حنون " الحمدلله انها بخير واذا كان على السكر فده مرض العصر يعني أصبح في الاطفال دلوقتي مريضة بيه ، متزعليش نفسك مع العلاج ان شاءالله تتحسن وكمان ممكن متحتاجش لدواء بس تحرص على أكلها "
ردت عليه اميرة وهي تمسح دموعها " يارب يارب "
حاول حسام ان يخرجها من حالتها تحدث و هو يقول بضحك " اوعي يا اميرة تكوني حاطة حاجة بالاكل انا بطني بدأت توجعني "
ابتسمت لثواني رجعت بعدها لحالتها الحزينة قائلة " تصدق انا افتكرت انها اكلت كنافة كمان قالتلي انها كانت حلوة وطلبت تاكل منها عشان تشاركك بليل بدل ما تاكل لوحدك ، يا ريتها ما عملتها اكيد هي الي تعبتها بالشكل ده اخر مرة اعمل كنافة تاني "
رد عليها بسرعة " طب وانا ايه ذنبي اتحرم من الكنافة اللي بحبها "
ابتسمت من جديد ليبتسم قلبه وفؤاده وحياته كلها ليأتيها رده عليها " ايوة كدة اضحكي ربنا يبارك فيكي ويحفظك بعقلك الحزن والعياط مش لايقين عليكي "
نظرت اميرة له و لطريقة تحدثه ليكمل حسام كلامه وهو يقول " انتي تعرفي ليه انا جيت القاهرة و قررت افتح فرع جديد لسلسلة محلاتي " ارتبك وتراجع عن حديثه حين نظر لعينيها التي كانت منتظرة معرفة السبب ليكمل هو قائلا بصوت ملغم بالارتباك " بصراحه عشان أكل كنافة "
ضحكت اميرة ليضحك حسام على جنونه وما قاله لها بعد أن لم يجد سوا هذا المبرر ليقوله امامها دون ان يتعدى حدوده ويصارحها بمجيئه لأجل أن يحقق حلمه ببقائه بجانبها في دنيا رسم ونسج خيوطها منذ عدة أعوام سابقة
الحب الصادق في القلب الطاهر كزهرة في فصل الربيع لا يأتيها الصيف القاتل ولا يخدشها البرد القارص ولا يقصفها الخريف المدمر ، الحب الصادق ليس بكلمة ينطقها المحب انما هو رحمة وعطف ومشاعر واحساس صادق يسكن قلب المحب وهو ايضا ليس طقوساً كما زعم عبدة الشياطين ، الحب نقاء وصفاء وشفاء ،الحب كيان يحيا ويموت مثل الانسان لا بد أن نسقيه لنحييه بالحلال و رضا الرحمن.
في منزل المهندس عمرو تحركت زهرة من على فراشها بعد ما قبلت جبهة زوجها وهي فرحة تحركت متوجهة للحمام لتتحمم ومن ثم تحضر الفطور لزوجها وهي تدندن اجمل اغاني الحب
فتح عمرو عينيه على صوت هاتف زهرة يرن جانبه نظر له ليجده قد صمت ، تحرك و جلس على فراشه وهو يحك عينيه ليسمع صوت هاتفها من جديد ولكن هذه المرة كانت رسائل فقط
ولأنه شخص غير فضولي لم يهتم بالأمر معتقدا أنها رسائل من أصحابها بالعمل ، كانت عينه تبحث عن هاتفه حوله تحرك لينزل من فراشه بوجهه الذي فرح بمجرد سماعه لصوت عصفورته و زهرته وهي تزقزق بأجمل الاغاني
دخل المطبخ بعيونه اللامعة مقترب من اطباق الفطور ليأكل قطعة جبنة مطبوخ تحركت زهرة لتنقل الاطباق وهي تقول له " تأخرنا على الشغل يلا ادخل خد حمام بسرعة قبل ما ندى تصحى وتلزق فيك "
حاول مساومتها على قبله قبل الحمام ولكنها رفضت بحزم و بدأت تحركه بيدها وهي تدفعه للامام لتخرجه من المطبخ وتدخله الحمام غصباً
وقبل أن تقفل باب الحمام عليه اخرج راسه قليلا وهو يقول لها " طب استني اخد البشكير بتاعي الاول "
ضحكت قائلة " متتعبش نفسك انا هجبهولك اضمن "
ضحك عمرو و رد عليها " طيب يا ستي يعني انتي بتقولي مفيش فايدة "
تدللت عليه وهي تقول " خلينا نروح الشغل واما نرجع نفكر في الكلام الي بتقوله "
فرح عمرو وخصوصا ان زوجته وحبيبته عادت لطبيعتها وضحكها و دلعها معه بجانب سماعه لتكملة كلامها وهي عائدة للمطبخ " انا طلعت الجمبري عشان اطبخه ليك النهاردة زي ما بتحب "
و بعد وقت صغير قضته زهره وهي تحضر الفطار و وترتيبه على السفرة سمعت عمرو وهو ينادي عليها كي تعطيه المنشفة الكبيرة الخاصة به ركضت بسرعة للغرفة وهي بتقول " معلش نسيت والله"
عادت للحمام بسرعة ومدت يدها لتعطيه لمن ضحك و قال " اللي اخد عقلك يتهنى بيه"
ردت زهره عليه " خلص بسرعه اتاخرنا ولسه ندى مصحيتش مستنية تلبس عشان اصحيها"
عادت للسفره وهي تسمع صوت وصول عدة رسائل لهاتفها وقبل أن تذهب لتجلبه سمعت صوت ابنتها تنادي عليها ، ابتسم وجهها وتحركت نحوها وهي تقول " حبيبة مامتها صحيت " وقفت ندى و نطت على امها لتتعلق برقبتها
في المستشفى كانت اميرة قد ارتاحت وهدأ خوفها على امها بعد استقرار حالتها وسماح الدكتور لهم بالخروج مع الانتباه عليها و تشديده على المتابعة مع طبيب مختص بمرض السكري
تعب الحج جمال من السهر و جلوسه في المستشفى برغم ان حسام عرض عليه اكتر من مره انه يوصله للمنزل ويتركه هو واميرة بجانب الام سمية ولكنه رفض واختار ان يبقى معهم ليطمئن قلبه
في حلمية الزيتون
سأل عمرو زهرة على هاتفه ، لتقول له انها لا تعلم مكانه بحثت عنه بعينها و لكن دون فائدة تحركت و اخذت هاتفها و فتحته لتتفاجا بعشرين رسالة من سليم ابتلعت ريقها و اتصلت بسرعة على هاتف زوجها وهي تقول " اكيد واقع تحت حاجة وانت منتبهتش عليه او سيبته على سرير ندى وانت بتنيمها "
اتى صوته الضعيف من الصالون ليرد عمرو عليها " اهو ظهر مكانه ، افتكرت كان جنبي وانا بتفرج على الاخبار"
رفع المساند الفاخرة المزين به الصالون واخذه من اسفل احدهما وهو يقول " كويس انه مفضيش شحنه و إلا كان زمنا بنلف عليه ومش لاقينه "
لم يكمل كلامه حتى انصدم باتصالات أباه وأخته وابن خالته الكثيرة
اتصل بسرعة وخوف ليرد اباه عليه " فينك يا ابني دنا غلبت طول الليل وانا بتصل بيك "
حزن عمرو و عاتب نفسه عندما علم وضع امه ، ارتدى ملابسه سريعا وذهب هو وعائلته على عجل ليكون باستقبال أمه في منزلها كما قال له والده وأخبره أنهم في طريقهم للعودة
خافت زهرة على حماتها و ظلت تدعي لها و هي تجهز ابنتها و تحضر شنطتها و من كثر قلقها نسيت هاتفها خلفها لولا ان عمرو عاد ليأخذ محفظته وهاتفه ليأخذه هو أيضا حين اكتشف نسيانها له .
و برغم ان منزل والده ليس بعيدا عنهم نظرا لوجودهم بنفس المنطقة إلا أن عمرو اوقف تاكسي أجرة واستقله ليصل بسرعة ليعلم من الجيران ان والدته تم نقلها بسيارة الاسعاف وهي بحالة خطره خلاف ما أخبره به والده الحاج جمال كي لا يقلقه
و بينما هم يتحدثون مع الجيران في الطابق الأول اتت سيارة حسام و وقفت امام العمارة ، اخرج عمرو مفتاح منزل ابيه من جيبه وقال لزوجته " اطلعي انتي وندي وافتحي لينا الباب "
و اسرع لخروجه من المدخل وهو يقترب من امه مقبلا يدها و راسها قائلا " حمدلله على السلامة يا ست الكل"
وبدأ يساعدها بالخروج من السيارة اقتربت أميرة و أمسكت يد امها لكي تساعدها بالمشي
رفضت الام سميه وهي تقول " انا بخير وهقدر اطلع لوحدي" وفعلا تحركت بخطوات بطيئة ومن وراها أولادها الذين رفضوا ان يبعدوا عنها خوفا عليها
أقترب حسام من خاله ليهتم بحالته بعد ان أنهك بسهره وجلوسه طوال الليل، أمسك يده وبدأ يساعده بالصعود وهو يتألم من ركبته كثيرا
نامت سمية على فراش الأشبه بالاريكة في غرفة التلفاز استأذن منهم الحج جمال و ذهب لغرفته ليريح ضهره و أرجله
أسرعت زهرة و دخلت الغرفة قبله و هي ترفع له الغطاء و تساعده بنومه ومن ثم اغلقت ستائر الغرفة لينام براحة
تركت أميرة عمرو اخوها يتحدث مع امها وتحركت وهي تنظر لحسام قائلة " نسيت شنطتي وحاجتنا بالعربية، ممكن انزل اخدها "
وقف حسام من على مقعدة باهتمام شديد وهو بيرد عليها " طبعا طبعا اتفضلي "
طلبت منه المفتاح ولكنه بدون ما يستمع لباقي
كلامها تحرك قبلها لكي ينزل معها فلا احد يعلم ما يحدث بقلبه الراقص حين توجه له الحديث ، ولا أحد يعلم مدى ارتباكه و توتره وهو بجانبها فهو لا يجد نفسه إلا سابحاً ببحور الاحلام
فتح حسام أمان السيارة وهو يسرع ليحضر لها حقيبتها من داخلها ولكنها سبقته واخذتها قبله وهي تشكره ثم تحركت للجهة الأخرى لتأخذ وشاح أمها
أقترب حسام من تابلوه السيارة الامامي واخرج منه علبة صغيره باللون الازرق و اغلق الباب بعده وهو يمد يده لأميرة و يقول لها " اتفضلي يارب تعجبك"
نظرت ليده بخجل ليحرك حسام يده الممتده لها وهو يقول " جربيها قبل ما تحكمي عليها "
اخدتها منه وردت بأعين مخفضة " شكرا ليك"
وبخجل أكثر اكملت كلامها بدون رفع عينها في عنيها التي كانت تلمع و تنير من فرحته قائلا " بصراحة عمرو جبهالي انا وندى قبل كده وعجبتنا جدا اصلي بحب الكيك بالكريمة قوي وندى زي ، حتى يومها وعدنا نكرر الخروجة و يشتريها لينا بس مفيش نصيب"
وبوسط فرحته بحديثها الذي لم يرد انقطاعه رفع نظره للأعلى قليلا ليجد فتاة تنظر نحوهم ، وجه نظره للجهة الأخرى ليجد امرأة كبيرة تنظر هي ايضا نحوهم ، قطع كلامها قائلا
" ممكن نكمل كلامنا فوق انا محتاج اشرب كوباية شاي مظبوطة بس متقلقيش انا اللي هعملها كفاية عليكي ليلة امبارح "
و تحرك قبلها ليدخل العمارة خوفاً عليها من عيون الجيران فلولا هذا الخوف ما كان تحرك او اوقف رقصات قلبه على نغمات كلماتها
دخلت اميرة هي ايضا العمارة خلفه بدون أن تنتبه للأستاذ أحمد الذي كان يراقبهم بسيره من اول الشارع
ولكنها علمت بوجوده عند صعودها الشقة و وصولها رسالة منه مكتوب بها
" اجمل صباح هو ذلك الصباح الذي يتوج باشراقة شمس وجهك الجميل بأوله "
لم تكن رسالة واحدة فلم تغلق هاتفها حتى وصلت رسالة اخرى مكتوب بها
" إلا بالحق يا اميرة مين صاحب العربية الحديثة دي ، وازاي تقفي معاه كده وسط الطريق ، انتي مش عارفة اني بغيير ولا ايه "
قررت عدم الرد عليه ولكنها خافت ان يفهم الموضوع غلط ، رجعت فتحت هاتفها وكتبت له موضحة انه ابن عمتها و أخبرته بالذي حدث مع امها و ومساعدة حسام لهم.
دخلت زهره المطبخ وهي تقول لأميرة
" ادخلي انتي كمان نامي وانا هكمل الشاي و احضر الفطار لحسام "
ردت اميرة شاكرة لها
" شكرا ليكي بس متغلبيش نفسك انا هعمله بسرعة وكمان انا مش هعرف انام بدون اكل هشرب كوباية شاي بلبن على الاقل قبل ما انام"
فرحت ندى و قالت من الخلف
" وانا كمان اسرب ساي بلبن "
ضحكت أميرة و مالت وهي تقبلها من خدها الصغير بقوة وكأنها ستأكلها و تخلص عليها من حلاوة طعمها و كلامها المكسر.
نظرت زهرة على ابنتها لتتفاجأ أنها لطخت ملابسها بالكيك والشوكولاته غضبت عليها وقالت
" من اولها يا ندى ده احنا لسه بنقول بسم الله"
ردت أميرة عليها" انا هغير ليها "
رفضت زهرة وخرجت لتبدل لابنتها ملابسها وهي تعاتبها بضيق ، قام عمرو وذهب لغرفة أميرة لينبه زوجته كي تخفض صوتها لأجل نوم والديه ، في هذا الوقت خرج حسام من الحمام بعدما غسل يديه ووجهه ، أراد شرب الماء تحرك خطوتين باتجاه المطبخ واقفا بجانب بابه ليستأذن منها لأخذ الماء ، نظرت اميرة نحوه و أسرعت بإحضار الماء له
" قربت اخلص الفطار تبقى القليل هحضر طبق الفول وبعدها انقله لك "
دخل حسام المطبخ وهو يجيب عليها
" لا ازاي تكلفي انتي الفول وانا موجود ، هو انتي نسيتي اني استاذ في تكليف الفول و له ايه"
ابتسمت اميرة بخجل
" لا منستش بس عيب انت تعبت معانا طول الليل"
تحرك حسام و اخد طبق وبدأ يكلف الفول بالفلفل الحار والثوم والليمون كان يتنقل من مكان لمكان بالمطبخ وهو يقول لها
" كل حاجة في مكانها زي زمان "
حضروا باقي الفطور مع بعضهم بخجل و احترام والتزام كل منهما حدوده ، ليتجمعوا بعدها بالصالون على غير العادة تاركين الام سميه تنام بهدوء بغرفة التلفاز والمعيشه براحتها
شاركوهم عمرو و زهرة هم ايضا الفطور قائلين " ملناش نصيب نكمل فطارنا بالبيت اول ما عرفنا عقلنا طار وخفنا تكونوا مخبين عنا حاجه"
ردت أميرة بحزن
" بعد الشر عليها دنا كان عقلي هيقف من خوفي "
نظر حسام على أميرة وهو مبتسم و سعيد بحالتها هي وندى ، فكانت ندى جالسة بجانب عمتها تأكل معها الكيك بالشاي بلبن و كلا منهما يطعم الاخر بفمه
ابتسمت زهرة بخبث عندما لاحظت نظرات عيون حسام اللامعة نحو اميرة ،تحدث عمرو ليسأل حسام عن العمل ليدور حوار قصير بينهم أخبره حسام من خلاله ببحثه عن مكان مميز و بمواصفات يحلم بها لكي يكون مقر رئيسي لعمله بالقاهرة
نصحه عمرو أن يختار الأماكن الأكثر حيوية و ضجة بالناس لكي يضمن مبيعات جيدة ، تحدث حسام رادا عليه موضحا وجهة نظره المختلفة فهو يريد مكان مميز هادئ و راقي من اجل ان يكون مقر توزيع الخضار والفاكهة على التجار ومن بعدها يبحث عن عدة محلات صغيره كمنافذ بيع له بالأماكن الحيوية .
أعجب عمرو بتفكيره وسأله
" هو انت كنت بتورد الخضار والفاكهة للقاهرة قبل كدة "
رد حسام وقال " ده بفضل ربنا اكرمنا بتاجر اخد منا وعجبته حاجتنا و اسعارنا و وحدة وحدة تاجر جاب تاجر لحد ما اصبح لينا عدد لا بأس به "
تحدثت زهرة
" ما شاء الله ربنا يزيد ويبارك ، الي يشوف كرم ربنا عليكم ميقولش ان كل ده من الخضار "
حذرها عمرو بعينه وهو يقول لها
" ومالها الخضار مش احسن من شغلنا ، والله يا بني لو اعرف ان الشغل الحر كده كنت اختارت اروح معاك و نزرع سوى "
ضحك حسام وقاله
" منا قولتلك شهادتنا مش هتأكلنا عيش تعال معايا بس انت اللي مرضتش وحبيت لقب باش مهندس "
ردت زهرة عليه بدون رضا
" والله برغم الطفرة اللي ظهرت عليك إلا أني بحمد ربنا انه مسمعش كلامك برضوا الوظيفة جميله وبتحفظ المستقبل اسمه مهندس بالأخير مش بتاع خضار ".
تضايق عمرو من كلام زوجته ، ردت أميرة بسرعة وهي تحاول أن تلطف واقع الكلام قائلة " بس شغله بالخضار مينفيش حقيقة أنه مهندس و بتقدير جيد جدا مرتفع كمان يعني اتنين في واحد "
ابتسم حسام لأميرة وهو بيرد عليها بفرح
" انتي كمان فاكرة تقديري ، فاجأتيني دنا قربت أنسى اني مهندس اصلا "
قالها لتخرج منه ضحكة خفيفة مرحة ملئت قلبه الذي لم يستطع رفع عينه عليها وكأنه سيفضح ويقرأ ما بداخله ان فعلها
أوقعت ندى ما تبقى من الشاي بلبن على ملابس عمتها، تحدث عمرو وهو يقول
" خدي بالك ياندى ايه الي انتي عملتيه ده "
تحركت أميرة وهي ترد على أخيها
" ملهاش ذنب انا ايدي حركته من ايدها و وقع بدون قصد "
ذهبت للحمام لكي تغسل مكان ما وقع عليها.
وعند ابتعادها عنه و تحرره من سحرها تذكر حسام كلام زهرة ليبدأ بإجابته عليها بكل ذوق وتحضر ورقي شارحا لها طبيعة عمله و متعته الكبيرة بالمكسب والرزق بعد الجهد والتعب واخبرها ان جميع الاعمال ليست عيبا بحق صاحبها فالعيب الحقيقي هو انتظار الرزق ليأتي متوسلا لك أن تأخذه.
أعطى عمرو ابن عمته الحق وهنأه على نجاحه الكبير الذي يحكي ويتحاكى عنه كل فرد بعائلتهم
بعد مرور الوقت خرج حسام من الغرفة ليرى أميرة نائمة على مقعد الصالون ، فكر بأن يوقظها لتذهب وتنام في غرفتها ولكنه تردد وقلق وخاصة ان زهرة موجودة ومن الممكن جدا ان تضايقه بكلامها الغير مدروس
بنفس الوقت بداخل في غرفة الام سمية كانت زهرة تحدث زوجها بصوت خافت
" لا انا هاخد الحاجة و هروح البيت اجهز الاكل هناك عشان اكون براحتى اكتر، هعمل شوربة خضار وفراخ مشوية جنبها رز ابيض مش هياخدوا وقت وارجع بسرعة"
وافق عمرو وقالها
" اصلا كله نايم انا هقعد هنا عشان اكون مطمن عليهم وانتي خدي ندى معاكي عشان متعملش دوشة وتصحيهم"
ردت زهرة على زوجها
" ما هي بتلعب مع العيال تحت لو اخدتها هنشغل بيها خليها معاك احسن"
أومأ عمرو راسه وقالها
" ماشي سبيها بس المهم متتاخريش عشان لو عمتي و الجيران جم تكوني موجودة "
وقف حسام على باب الغرفة وهو يتحدث مع عمرو بصوت يكاد ان يسمع
" انا همشي دلوقتي وهبقى ارجع اطمن عليكم بليل "
وقف عمرو واقترب من حسام وهو يشكره من جديد ، و تحرك لكي يوصله للباب ويودعه ليبتسم وجهه وهو ينظر لأخته النائمة قائلا
" اينعم هي تعبت كتير بس اللي في عادة مش بيبطلها هي دايما تنام على نفسها كده "
نظر حسام لمن يفرح قلبه و يسكن روحه لرؤياها خارجا من المنزل بوجه مبتسم، ودعه عمرو و اغلق الباب خلفه مقتربا من اخته
" أميرة ، أميرة "
و في هذا الوقت رن جرس الباب اعتقد عمرو ان حسام نسى شيء وعاد لأخذه تحركت أميرة استيقظت على صوت الجرس
فتح عمرو الباب لتتحدث نور وهي تقول " السلام عليكم ، اميرة موجودة "
رد عليهم وقال " اه موجوده اتفضلوا"
و نظر لاخته قائلا" اصحابك جم ياأميرة " تحركت لترى من الذي اتى ليبتسم وجهها عندما رأت نور و اسماء امامها رحبت بهم بفرحة انستها تعبها و نعاسها
……….
دخل عمرو لزوجته في المطبخ وهي تجهز الاغراض التي ستأخذها معها وطلب منها تحضير ضيافة لأصحاب أميرة قبل ذهابها
نادت سمية على ابنتها لكي تحضر لها كأس ماء لتذهب اميرة مسرعة لامها ، تحدثت اسماء وهي مبهورة لتقول " بنت يا نور مين المز القمر ده "
استغربت نور من سؤالها قائلة
" تقصدي المهندس عمرو"
ردت اسماء " ياللهوي هو كمان مهندس"
ضحكت نور وقالت
" متفرحيش كتير متجوز وعنده بنت كمان ، عارفه ندى الصغنونة اللي سلمت علي في الشارع دي تبقى بنته "
ردت اسماء " مالها العيلة كلها كده لهطة قشطة على نوتيلا على كريمة فراولة على… "
رجعت اميرة للصالون وهي مبتسمة مرحبة باسماء قائلة
" البيت نور بيكي حبيبتي فرحت قوي بزيارتك ياريت متكونش اخر مرة "
ردت اسماء وقالت
" لا اخر مرة ايه دنا هجيلك كتير من هنا ورايح"
خرجت زهرة من المطبخ وهي بيدها صينية بها ثلاث كؤوس من عصير الليمون وقدمت للبنات وهي ترحب بهم
قربت الصينية من أميرة وقالت
" عملت حسابك انتي كمان، هيفيدك كتير " لتشكرها أميرة بفرح وحب .
خرج عمرو من المطبخ لتستغرب زهرة من نظرات أسماء لزوجها فبرغم ان زهرة لم تلتفت خلفها إلا أن سماعها صوت حركة زوجها و عيون البنت التي تعلقت عليه وابتسامتها جعلتها تشك بالأمر و تغار عليه ، عرفت اميرة سمسم على زهرة بأنها زوجة اخيها وأنها تعتبرها اختها .
غارت وغضبت زهره من جرأة أسماء التي لم تستطيع رفع عيناها من على عمرو عندما كان يتنقل بين الغرف مشغول بالشاحن و إبنته التي كان يطمن عليها كل دقيقة من شرفة الصالة
غيرت زهرة رأيها وقررت ان تعد الطعام ببيت اهل عمرو الذي سعد جدا بقرارها ، استأذنت من البنات و ذهبت الى المطبخ لكي تحضر الطعام و داخلها مكتظ من البنات.
ذهبت أميرة خلفها للمطبخ قائلة لها
" استني بس يمشوا واحنا نخلص مع بعض بسرعة"
تحدث اسماء بعد ابتعاد أميرة قائلة
" ايه ده مقولتيش على المز ده قبل كده ليه "
حذرتها نور بعينها وقالت
" اتلمي بقولك متجوز مش عايزين فضايح هو انتي اول مرة تشوفي راجل"
ردت اسماء وقالت
" لا الرجالة الي شوفتهم كوم وده كوم تاني ايه الحلاوة والجمال ده وربنا للحظة حسيت انه هربان من فيلم اجنبي وجاي هنا بالغلط "
ورفعت يديها وهي توصف خصلات شعره المتطايرة وقالت " انا قربت اصدق انه طالع من الكوافير دلوقتي اه يا قلبي هيقف من الجمال "
و بينما زهرة ذاهبة لغرفة اميرة لأخذ شيء ما سمعت الحديث و فهمت انها تتحدث عن زوجها
لاحظت نور قرب زهرة منهم نظرت لصديقتها التي انتظرت عودة عمرو من الشرفة لتفتح الحديث معه قائلة
" الواضح اننا جينا بوقت غير مناسب ، بس نور كانت عايزه تزور أميرة وانا قولت ليها هاجي معاها اصلي بحب اميرة قوي حتى اسأل نور ديما اقول لها البنت أميرة دي سكر أدب وأخلاق وحاسها زينا كده محترمة ومتحفظة "
رد عمرو بكل ذوق و احترام
" لا ابدا مين قال كدة انتوا تشرفونا بأي وقت ، أصحاب أميرة دول على راسنا من فوق ، بس انا مشغول على ندى خايف تقع او حد يتشاكل معاها وساعتها مش هنخلص من العياط "
ضحكت اسماء وقالت
" ندى ديه عسل وربنا حبيتها قوي قوي "
وبغيظ وغضب أتى صوت من جانب المطبخ ينادي " عمرو عمرو تعال من فضلك عايزاك في حاجة "
قالتها زهرة بغيره وضيق لدرجة ان عمرو استغرب نبرة صوتها وطريقتها ، استأذن منهم و تحرك لينظر لما تريده زوجته
نظرت نور لاسماء وقالت
" مش يلا بينا احنا بقى ، خلينا نمشي بكرامتنا احسن انتي مش ناوية تجيبها البر النهاردة ، حاسة عقلك تاه منك "
عادت اميرة للصالون وهي تتأسف على تأخيرها قائلة " معلش يابنات الدنيا ملخبطة معانا النهاردة اصل ماما تعبت قوي امبارح واضطرينا ننقلها المستشفى "
مثلت نور عدم معرفتها و قالت بصوت خائف
" ازاي و حصل ايه لكل ده "
اخبرتهم أميرة عن زيارة ابن عمتها لهم و كأن الله بعثه لينجدهم و يساعدهم و كم انهم كانوا خائفين عليها و لكن بفضل الله ربنا لطف فيهم
أطالت اسماء بالزيارة بينما حاولت نور ان تعجل بها و تخبرها بأن الوقت تأخر و أنهم اطالوا الزيارة بشكل زائد و لكنها رفضت و جلست تتحدث وتفتح المواضيع وتسألها بالدين لكي تكسب وقت اكتر بزيارتهم .
وجدت أسماء أكثر من فرصة للتحدث مع عمرو و خصوصا عندما أتت ندى واقتربت منها بحجة تعرفها عليها وسؤالها على سنها واسمها و ماذا تحب من حلويات و كان عمرو يشاركهم الحديث و يقول لابنته بماذا ترد و تجيب .
و هذا ما جعل زوجته تحزن و تغار وتتقرب منه و لا تتركه يخرج وحده للصالون ، غار قلبها اكثر لدرجة انها اصبحت تمارس الدلع والرومانسية بالمطبخ رغم انه المكان الذي كانت تتضايق و تتعصب لوجودها به.
مر الوقت بسرعة على عمرو بدون ما يشعر بضيق او ملل فهو كان أكثر شخص سعيد ظنا منه انها تفعل هذا لأجل صلحهم وليلتهم الرومانسية الهادئة
دخلت أميرة غرفتها لتنام بعد ذهاب أصحابها و إزدياد الم راسها ، بينما اهتم عمرو بأمه و اباه الذي استيقظ متعبا
اعتقدت زهرة انها نسيت هاتفها بمنزلها بجانب فراشها ، ولكنها لا تدري انه مع زوجها ونسى ان يخبرها عنه بسبب انشغاله طول اليوم باهتمامه بامه و عمته التي أتت باخر الليل مع حسام لكي تطمئن على سمية .
أرادت أم سعاد رؤية اميرة قبل ذهابها تحرك عمرو ليوقظها ولكنها رفضت قائلة
" سيبها يا بني ترتاح، كده كده بكرا او بعده هجي اقضي يوم كامل معاكم مينفعش الزيارة بتاعت اخر الليل ديه "
ضحك عمرو و قال
" بس لازم تقوليلنا قبلها عشان انا وزهرة نيجي نقضي اليوم معاكي"
اختنقت زهره من كلام زوجها وخصوصا انها ارهقت جدا بهذا اليوم لدرجة اصبحت تعد الثواني لكي تذهب لمنزلها وتنام .
تحرك عمرو ليذهب لغرفة أخته كي يأخذ من خزانتها جاكيته وعند دخوله سمع صوت رنين هاتف زهرة حدث نفسه قائلا
" انا نسيت أمره تلاقي امها قلبت عليها الدنيا دلوقتي "
فتح باب الخزانة بهدوء كي لا يوقظ اخته الغارقة بنومها لفت انتباه عمرو وجود خمسة عشر مكالمة من شخص يدعى استاذ سليم فتح ليجيب على هاتف زوجته متعجبا من اتصال ذلك الشخص و كل هذه المرات ليتفاجأ بتحدث سليم فور فتحه المكالمة قائلا
" انتي فين يازهرة من امبارح ، قلقت عليكي قوي ، طمنيني عاملة ايه فينك كل ده سيباني بدون ما تردي على رسايلي "
تغيرت نظرات عمرو وهو يستمع لسليم وهو يكمل " مالك ساكتة ليه اوعي تكوني بتعيطي ، هو عمرو زعلك تاني وله ايه زهرة زهرة انتي كده هتخليني اجي اخلص عليه ، زهرة انتي سمعاني زهرة ردي عليا"
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.
منها "رواية حياتي"
رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..