رواية قرة عيني
بقلم أمل محمد الكاشف
مزجت بين السرد الفصحى والحوار بالعامية
قصة رومانسية اجتماعية دينية كوميدية
فاذكروني اذكركم
{سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر }
توقف أتوبيس الرحلة امام فندق صغير يطل على شاطئ بحر إسكندرية بعد ان استغرق بالطريق وقتًا طويلًا ، اختارت زينة ونسمة ونور وأسماء غرفة كبيرة منفصلة عن باقي بنات الرحلة من أجل الراحة والخصوصية.
………
اخذت أميرة نفسا طويلاً لتخرجه بتعب وارهاق قائلة لوالديها و هي تضع آخر أوراق الكرنب بالطنجرة
" الحمدلله خلصنا المحشي "
ردت امها برضا كبير
" أيد على أيد بركة ، ده اكيد عشان ابوكي تكرم علينا وعمل معانا النهاردة "
عاد الحاج جمال من الحمام وهو يمسح يديه بالمنشفة قائلا بصوت متعب
" اخر مره ، انسوا اكررها تاني ولو باحلامكم.. مكنتش اعرف اني اشتريت محصول الكوسة والبتنجان إللي بالسوق كله "
ضحكت أميرة بردها على أبيها
" صدقتني اما كنت بقولك اشتريت كتير قوي يا بابا "
أخذ جمال هاتفه ونظارته الطبية من جانب وسادة الفراش الصغير المفضل له و تحرك للخارج وهو يقول لها
" اه والله يا بنتي صدقتك بس متقلقيش كلها يومين وانسى اللي حصل فيا واجيب تاني "
ضحكت سمية على زوجها
" تعيش وتجيب وتعمل معانا كمان هو احنا لينا بركة غيرك يا حج"
شاركهم جمال الضحك وهو يخرج من الغرفة " اعيش و اجيب ماشي معنديش مشكلة .. لكن ايدي والبركة انسوا اكررها تاني"
سألته سميه " أنت رايح فين يا حج "
رد عليها قبل أن يدخل غرفته المجاورة
" هربت منكم .. هنام عشان انسى اللي عملتوه فيا دي اخرتها ألف ورق كرنب .. فينك ياما تشوفي ابنك حصل فيه ايه على اخر الزمن"
ضحكت سمية وهي تحدث ابنتها
" هيفضحنا أولها هينادي على امه وبكرا يتصل باخته ام سعاد و يقولها بهدلوني على اخر العمر وكأننا إحنا اللي غصبنا عليه "
وقفت اميرة متألمة من ظهرها المنحني ، تستقيم به شيء فشيء حتى اعتدلت بوقوفها مستمعه لباقي حديث أمها
" بنت يا اميرة اوعي تنسي بكرا تملي الطنجرة الحمراء بالمحشي عشان عمتك ام سعاد ، حرام الست لوحدها ومش قد عمايل المحشي خلينا نفرحها ونبعتلها منه ، على الاقل تدافع عنا أما نتفضح قدامها "
_" حاضر يا ماما بكرا الصبح هظبط لها حلة واكتر لها من الكوسة "
و وقفت سمية لتجمع الأطباق كي تساعد ابنتها بغسلها ، رفضت اميرة واخذتهم منها قائلة
" روحي يا ماما نامي وانا هكمل "
نظرت امها للاطباق في حوض المطبخ قائلة
" طيب بقولك ايه سبيهم في الحوض لبكرا … الصبح ليه عينين "
ردت اميرة وقالت
" حاضر روحي انتي ارتاحي ونامي "
و على الرغم من انها قررت سماع نصيحة امها بترك غسل الأطباق للصباح إلا أنها قامت بتنظيفها ومن بعدهم نظفت المكان و مسحت الأرضية كي لا تترك شيء تنشغل به عند استيقاظها .
……..
اقترحت نسمة أن يذهبوا للشاطئ كي يستمتعوا بضي القمر وهواء الشاطئ بهذه الساعات المتأخرة من الليل .
بأول الأمر رفضت نور أن تذهب معهم مبررة تخوفها من حدوث أي أمر معاكس و ايضاً لتأخر الوقت وعموم الهدوء والسكون و لكنهم أجبروها على الذهاب معهم مبررين لها ردا على حججها التي اعتبروها لا صحة لها بأنهم ليسوا بصغار و يستطيعون حماية أنفسهم جيدا
فتحت زينة هاتفها وهي تقول لهم " هتصل بكريم واشوف لو يقدر ينزل هو وأصحابه معانا اه و هنبقى منفصلين بس على الاقل هنطمن وهما جنبنا"
اتفق الجميع على رأي زينة لشعورهم أنه الافضل والاضمن ماعدا نور التي عارضت وعارضت و بالاخير استسلمت كالعادة فهي بجانب أنها لا تستطيع التصدي لهم إلا انها تحب اجوائهم المرحة
اتصلت زينة بكريم ليخبرها انهم بالفعل على الشاطئ فهم لم يدخلوا الفندق سوا لوضع حقائبهم و بعدها خرجوا للاستمتاع برحلتهم من اول دقيقة
ابلغته زينة أنهم قرروا النزول للشاطئ واتصلت به كي يكونوا في أمان بجانبهم نظرت نسمة لزينه وهي فاتحة فمها بضحك وتغامز عليها ، اغلقت زينة الهاتف وهي تقول للبنات " لاقيتهم على الشط يلا ننزل بسرعه قبل الشمس ما تطلع "
تحركت نسمة قبل الكل وهي تغمز لزينة قائلة " الحمدلله ان كريم معانا بالرحلة الواحد مش عارف من غيره كنا هنعمل ايه "
ردت اسماء من الخلف وهي تغمز لنور وتقول " من الواضح أننا وجدنا منقذنا و مرسانا "
ردت زينة على تغامزهم وإلقائهم الكلام عليها قائلة " الواضح إن المعروف ما بينفع معاكم ، ياله ما أنا اتعودت على ده منكم ديما تاكلوا وتنبسطوا بدون شكرانية نهائي بنات جاحدة بصحيح "
ضحكت نسمة وهي تميل على زينة وتشبك يدها بذراعها قائلة " عندك حق بس ما تقلقيش لو مشكرناش إحنا هتلاقي غيرنا ينتظرك على الشاطئ يشكرك "
خرج البنات من الفندق و تخطوا الطريق السريع وهم ممسكين بأيادي بعضهم البعض بحذر حتى وصلوا للجهة الاخرى
لوح كريم بيديه لزينة لترفع هي ايضا يدها ملوحة له كي يطمئنوا أنهم رؤا بعضهما
قضت البنات اوقات جميلة على الشاطئ وهم يغنون مع بعضهم البعض بصوت مشترك ، يركضون بضحك وسعادة كبيرة بدأت بالتناقص عند شعورهم بالتعب والإجهاد ، جلسوا على الرمال ليرتاحوا قليلاً فرغم قصر مسافة طريق السفر إلا أنه كان مجهد عليهم بسبب الاتوبيس القديم المنتهي صلاحيته من قبل أن تبدأ
ظهر أول شعاع شروق الشمس بالسماء لينير ما حولهم شيئاً فشيء ، استمتعوا بتساقط أشعة الشمس على أمواج البحر لتزيده جمالا بلمعان موجاته الهادئة
شعر الجميع بالنعاس تحرك البنات ليعودوا للفندق ليناموا قليلا حتى يبدأوا بعدها برنامج الرحلة التي كانت غريبة الأطوار فرغم انها رحلة جماعية لشباب الجامعة ولكنها غير منظمة أو مقيدة بخطة محددة ، فالكل يفعل ما يريد وقتما يريد وكيفما يريد بعكس المتعارف عليه بالجامعات
تحرك البنات للعودة للفندق منصدمين بوجود مجموعة من كلاب الشوارع قد انتشروا أمامهم بجانب الطريق وهم يعوون بأصواتهم المخيفة باحثين عن طعامهم باشكالهم المخيفة المتسخة .
شعروا البنات بخوف وذعر مما يرونه أمسكوا ببعضهم وهم مذعورين ، نظرت زينة للخلف مسرعة جهة الشباب لتحتمي بهم، ليسرع البقية من خلفها بأصوات صراخهم الذي تعالى اثناء ركضهم و هذا جعل الكلاب تتحرك خلفهم وهم يعوون بصوت أعلى .
أسرع الشباب وتصدوا للكلاب وهم يقذفوهم بزجاجات الماء و حقائبهم الصغيرة ، ومنهم من ألقى بهاتفه عليهم لينجحوا للتصدي لهم مقتربين بعدها من البنات ليهدئوا من روعهم بعد أن أصبحوا في حالة مزرية يبكون بهسترية وخوف ومنهم من كان يرتجف كزينة التي اغتنمت الفرصة واقتربت من كريم ملتصقة به كي تختبئ من الكلاب .
وهذا ما صدم زملائها فبرغم خوفهم وذعرهم بل وبكائهم إلا ان عيونهم لم تسقط من على زينة وكيفية تمسكها بحضن كريم.
( كان كريم هو زين الشباب كبير القامة مفتول العضلات بسبب ممارسته للرياضة البدنية كما أنه وسيم يتمتع بشعر مميز يزيد من جاذبية البنات له بالإضافة إلى أنه صاحب كلمة مسموعة لدى أصحابه )
اهتم زين الشباب بزميلته الملتصقة بحضنه عوضا عن باقي الشباب الذين اهتموا بنسمة ونور وأسماء ليهدأوا منهم ويتحدثون معهم ليكفوا عن بكائهم الهستيري.
ظل الجميع على وضعهم حتى نسيا البنات ما حدث لهم حتى غلبهم غلبهم النعاس ليتحركوا جميعاً نحو الفندق كي ينامون.
فكرت زينة وهي تنظر لكريم قائلة لهم
" بقولكم ايه انا خايفة يحصل لنا مفاجأت تانيه ، ايه رايكم نتفق على برنامج مشترك و نقوم بيه مع بعض "
فرحت نسمة بالفكرة
" عندك حق يا زينة انا كمان خايفة جدا يتكرر معانا موقف زي ده تاني "
ردت نور لتراجع أصدقائها قائلة
" ايه يا بنات ده موقف عارض وبعدين بلاش نقيدهم معانا ممكن يكون ذوقنا في اختيار الأماكن مختلف عن بعض "
رد مؤيد على نور بلطافة
" لو اتفقنا مع بعضنا اكيد هنوصل لحل وسط يرضينا كلنا يعني احنا اكيد هدفنا واحد وهو المتعة ، هنلف ونتفرج على البلد ونستمتع بضواحيها و الأماكن البسيطة الموجودة فيها ، وله انتوا جايين تزورا قصر المنتزه و مكتبة الاسكندرية والكلام الفاشل ده "
ضحكت نسمة وهي تنغز نور في ظهرها بدون أن يلاحظ الشباب قائلة عوضا عنها
" مكتبة اسكندرية ايه؟ هو احنا ناقصين كتب و علم ! كفاية القرف اللي بنذاكره اجباري "
رد كريم بوجهه الفرح
" اشطه كده تمام قوي اعتقد اننا شبه متفقين سيبونا بقى نظبط لكم برنامج مميز يخليكم تنسوا اسمكم في اليومين دول "
تدخل آدم بحديث كريم
" يومين ايه ! دول أصبحوا يوم ونص وكمان قربنا على الظهر ولسة عيونا مغمضتش"
وبرغم معارضة نور ونظراتها المحذرة لزينة و نسمة إلا أنها صمتت ورضيت بالامر الواقع الذي فُرض عليها من زملائها .
نام الجميع بمجرد وصولهم للفندق لم يكن نوم عاديا فكانوا كالاموات على الاسره لا يسمعون رنين هواتفهم ولا خدمة الغرف حين جلبت لهم فطورهم .
……………..
في صباح يوم الجمعة المبارك جلست اميرة على فراشها كي تكتب للزهرات على جروب الواتس آب الخاص بهم
" اعتذر منكم مينفعش نتجمع النهاردة العصر لأن اخويا و زوجته هيجوا لزيارتنا ومش عارفه هيروحوا امتى "
توقعت أن الجميع نائم ولن تجد من يرد عليها ، اتها صوت من هاتفها فتحته لتقرأ ما كتبته سارة
" ايه رأيك نعملها على الجروب بالمجموعة هنا نتصل اتصال جماعي بدل ما نلغيها "
كتبت اميرة
" اللي انتوا عايزينه لو اتفقتوا معنديش مانع و لكن مقدرش احدد وقت عليكم تنتظروا مروح عمرو وزهرة عشان ابقى متفرغة ليكم على الاخير "
استغربت اميرة من توالي صوت الرسائل النصية اثناء كتابتها على الجروب، اغلقت صفحة الجروب وفتحت الرسائل النصية لتجد رسالة جديدة من أستاذ أحمد مكتوب داخلها
" صباح الخير .. جمعة مباركة عليكي ، حبيت اكون اول من يصبح ويتمنى ليكي الخير باليوم المبارك ده اوعي تنسيني من دعائك وانا كمان هدعيلك بس مش لوحدك هدعي لينا احنا الاتنين عشان ربنا يجمعنا باقرب وقت"
اختلطت ملامح وجهها بين الضيق و الفرح و التوتر والارتباك ، نادتها أمها قائلة
" يا اميرة تعالي يا بنتي ناوليني دواء الضغط نسيت اخده بعد الفجر "
تحركت اميرة مسرعة لتلبية طلب أمها قائلة
" معقول تنسي حاجه زي كده يا ماما دنا حطيته جنبك على الفطار ونبهت عليكي متنسيهوش "
فتحت علبة الدواء و أحضرت الماء مقتربة من امها وهي تكمل
" عشان خاطري متنسيش تاني احنا مصدقنا تتحسني مش عايزين اللي حصل يتكرر "
اخذت سمية الدواء و شربته
" والله يا بنتي كنت هاخده معرفش ازاي نمت بالسرعة ديه في مكاني "
_ " فعلا دا انا حضرت ليكم الشاي بعد الفطار على طول بس لقيتكم نمتوا ، يمكن عشان كنتوا سهرانين بليل .. مرضتش اقلقكم سبتكم نايمين وقفلت الستاير والتلفزيون وخرجت لغرفتي "
هزت سمية رأسها قائلة
" عندك حق السهر صعب الواحد مش متعود ، دنا كمان نمت قبل ما اكمل فطار اصل ابوكي صحاني قبل الفجر عشان اصلي وبعدها اكل وداني من كتر الكلام تقوليش مصدق يصحى من النوم عشان يتكلم "
ضحكت أميرة وهي تنظر لأبيها الذي بدأ يتقلب بنومه قائلة
" سبحان الله انتوا فعلا مختلفين جدا عن بعض ، انتي مش بتحبي تتكلمي وهو بيموت في الرغي هههههه حتى انا أوقات اهرب من كلامه الكتير"
ضربتها امها بخفة على كتفها
" عيب يا بنت متقوليش كده على ابوكي ده مفيش اطيب منه ، اصلا كتر كلامه ده من طيبة قلبه "
هزت اميرة راسها بضحك
" سيدي يا سيدي، ما انتي كنتي من شوية بتشتكي ومش عجبك "
ازداد ضحكهم حين تحدث الحاج جمال بعيونه المغمضة
" انا عامل نفسي مش سامع ولا فاهم، حتى هرجع امثل عليكم نومي اهو بس ابقوا شوفوا مين يعبركم ويتكلم معاكم "
وقفت سمية و تحركت لتذهب للحمام وهي تقول لابنتها
" عجبك كده جبتي لنا الكلام وحرمتينا من كلامه الكتير اعمل فيكي ايه دلوقتي هههههه "
اقتربت اميرة من الفراش الصغير واضعه يدها على كتف ابيها قائلة
" هو احنا نقدر على زعلك يا سيد الكل"
رد اباها بسخرية
" دلوقتي سيد الكل ومن شوية كنتي بتهربي من سيد الكل "
ضحكت أميرة قائلة
" ما هو يابابا انت مش بتلاقي غير حكايات زمان وتقعد تكررها اكتر من مرة المفروض تقلب المحطة عشان نستمتع "
اعتدل جمال بجلوسه على فراشه المفضل له بغرفة التلفزيون قائلا
" ولا قديم و لا جديد مش هتكلم معاكم تاني"
بهذا الوقت رن جرس الباب ليفرح الحاج جمال قائلا " اكيد دي ندى انا قولت لعمرو ما يتأخرش ويجي بدري عشان نستمتع باليوم من أوله "
ذهبت اميرة مسرعة لتفتح الباب و ملامح الفرح ظاهرة عليها لتجد ندى الجميلة تفتح يديها لاحضتانها ، زادت فرحتها وهي تنحني لتحتضنها وترفعها للاعلى مرحبه بزوجة اخيها " ازيك يا زهرة عاملة ايه وحشتينا قوي عاش من شافك " و اقتربت لتقبلها وتسلم عليها .
ردت زهرة وهي بتبادلها السلام
" تسلمي يا أميرة وانتي كمان وحشتيني قوي "
دخل عمرو الغرفة ليقبل يد أبيه متسائلا عن امه ليسمع صوتها بالخارج وهي تحدث ابنته الصغيرة " حبيبة تيته جت "
ابتسم وجهه أكثر وهو يسمع لامه وهي تحدث زوجته " ازيك يا بنتي عاش من شافك ليكي وحشه والله "
ردت زهرة على حماتها
" وانتي كمان وحشتيني يا ماما سمية ولكن الشغل بجد اخد كل وقتي واما برجع بيبقي شغل البيت والاكل بيكمل على باقي الوقت "
دخل الجميع غرفة التلفاز وهم يستمعون لحديث الحاج جمال
" ولا يهمك يا بنتي المهم تكونوا بخير وسعادة يكفينا ندى كل يوم بتيجي لينا "
اقتربت ندى من عمتها كي تحدثها بصوتها الصغير و كلامها المعسول
" انا عايزه اكل مخسي "
ضحكوا على كلامها احتضنتها عمتها وهي تجيب عليها
" اسمه محشي يا ام نص لسان انتي ، وبعدين انا لسه قدامي ساعتين عشان ابدا احطه على النار "
ردت زهرة على أميرة
" هي على الحالة دي من امبارح عايزه اكل محشي عند اميرة ، حتى فطارها مرضيتش تاكله معانا "
فكرت لثواني تحدثت بعدها
" لسه بدري على الغدى يا ندى تعالي اعملك بيضة مسلوقة تصبري نفسك بيها "
رفضت ندى بهز وجهها
" لا انا عايزه مخسي بتاعي"
ردت سمية وهي بتقول
" امرك لله يا بنتي قومي حطي شوية بالكسرونه الصغيرة وخليهم يطبخوا لوحدهم عشان تفطر بيهم حرام تفضل بدون اكل كل الوقت ده "
فرحت ندى وقالت " عايزه ففل و توسه "
ضحك جدها وهو يعقب على كلامها
" حطيلها ففل و توسه يا مرمر ، هو انا جبت الفلفل والكوسه غير عشان خاطر لسانها الحلو ده "
ذهبت اميرة و معها ندى للمطبخ لكي تحضر لها الأكل ، استأذنت سمية منهم لكي تذهب لغرفتها لأداء صلاة الضحى ، قام الحاج جمال هو ايضا قائلا لهم " وانا هتوضى عشان اصليه ، اصل احنا نمنا بعد الفطار ولسه صاحين من شوية "
رد عمرو وزهرة بنفس الوقت
" خد راحتك يا عمو ، تقبل الله منك"
و بعد خروج الحاج جمال من الغرفة نظر عمرو لزوجته وقال
" قومي شوفي مرمر بتعمل ايه وساعديها، كفايه انها سهرت امبارح عشان تلف لينا المحشي "
تغيرات ملامح زهرة مجيبه عليه بضيق
" بدأنا حتى بيوم اجازتي عايزني اشتغل حاضر يا سيدي وكأنها هي بس اللي بتتعب وانا لا ، حاضر ياعمرو هقوم اساعدها بتركيب صباعين المحشي على النار"
غضب عمرو من كلامها متسائل بصوت خافت
" هو انا قولت ايه لده كله انتي مصدقتي اتكلم عشان تردي بالمحاضرة دي كلها "
وقفت زهرة قائلة
" خلاص خلاص منا مش هخلص النهارده حاضر "
ذهبت الى المطبخ وهي تحاول ان تبتسم بوجه اميرة متسائلة
" قوليلي يا اميرة اساعدك بأيه "
شكرتها اميرة و أخبرتها انها جهزت كل شيء قبل نومها حتى الدجاج تبلته و وضعته بالثلاجة لكي يجلسوا مع بعض و يستمتعوا بوقتهم كأيامهم السابقة .
ارتاحت زهرة وقالت بصوت يمثل الحزن
" يا خبر طب ليه عملتي كل ده لوحدك كنتي سبتي على الاقل الفراخ اساعدك فيها "
ردت اميرة وهي تطعم ندى من علبة الزبادي الصغيرة
" منا بقولك عملت كده عشان نقعد مع بعض انتي عارفه انا طول الايام لوحدي ومفيش حد بيجي كتير وانتي من بعد ما اشتغلتي ربنا يعينك غيبتي عنا، فكرت و قولت استغل زيارتكم ديه و نقعد مع بعض حتى نزلت لعبة بنك الحظ والضمنه من فوق الدولاب عشان نتجمع ونلعب زي زمان "
ضحكت اميرة وهي تكمل حديثها
" اصل اختك هتموت من الملل والروتين اليومي ده لولا زهرواتي كان زماني مت بجد "
ابتسمت زهرة و هي تقول في سرها
" ضمنة ايه وبنك حظ ايه شكلنا مش هنخلص النهارده "
رفعت زهرة صوتها لتجيب
" هما البنات بتوع اعدادي لسه بيجوا وبتتجمعوا مع بعض "
ردت اميره بفرح
" قصدك بتوع ثانوي دلوقتي ، اه لسه بنتجمع اي نعم مش زي الصيف عشان الدراسة ومش الكل قادر يظبط مواعيده ولكن بالأخير بنحاول مرة في الأسبوع و اوقات بأيام الامتحانات بتكون مرة في الشهر على حسب يعني "
سألتها زهرة عن جارتها مريم قائلة
" امال فين مريم عنك هما عزلوا من العمارة وله ايه"
ضحكت أميرة وقالت
" ياللهوي تعزل ! دنا كنت اروح فيها لا طبعا موجوده بس عشان خاطر ولادة اختها الكبيرة وبعدها رجوع اخوها مينا من السفر مبقيناش نتجمع زي الاول يا دوب كلمتين من على الباب او بالتليفون "
استغربت زهرة وقالت
" كل ده حصل في غيابي مينا يرجع من الكويت و وكارولين تولد هي امتى حملت ديه عشان تولد مش لسه متجوزه الصيف اللي فات "
ردت اميرة وهي تلقي بعلبة الزبادي في القمامة " مش بقولك انك غيبتي عنا بعد ما اشتغلتي ، وبعدين كارولين بقالها سنتين متجوزة "
اقتربت زهرة من بنتها وهي تمسح لها فمها بمنديل ورقي قائلة لها بضيق
" منا قولتلك تاكلي زبادي الصبح وانتى مرضتيش عايزه محشي اميرة "
تركتهم ندى وخرجت من المطبخ راكضة نحو أبيها دون رد على امها.
مر الوقت الجميل بسرعة تناولوا طعامهم بسعادة وضحك وخصوصا على الحاج جمال الذي كان فخورا انه السبب بجمال المحشي الذي صنعه بيده
لترد اميرة عليه وهي تضحك
" طبعا يا بابا عشان كده انا وماما مستحيل نعمل محشي بعد كده من غيرك "
زاد ضحك عمرو وهو يوجه حديثه لأبيه
" انت الي جبته لنفسك يا بابا مترجعش تندم "
وبوسط ضحكهم اتصل الحاج جمال باخته ام سعاد ليسألها عن طعم المحشي و هل كان كافيًا مشبعًا لها ام لا ، لترد عليه اخته بفرح
" هي عروستنا بتعمل حاجه وحشة اكيد جميل ، ده حتى حسام ابن اختك جاي النهاردة بليل من السفر و شيلت ليه نصيبه "
اتفاجأ جمال من خبر مجيء حسام قائلا
" والله ما اعرف كنت زودت ليه نصيبه، وبعدين ليه محدش قال لي عشان نعمل حسابه ونضايفه في بيتنا ، هو حسام كل يوم بيجي القاهرة عشان اكون انا اخر من يعلم "
ردت ام سعاد على اخيها
" لا متقلقش ما هو المرة ديه جاي يقعد كام يوم مش هيسافر بسرعة، اعتقد الي فهمته من اختك انه ناوي يفتح بالقاهرة محل خضار و فاكهه زي محلاتهم اللي بالبلد يعني بالبلدي كده هيعملوا فرع تاني ليهم هنا "
أعجب جمال بالفكرة جدا مادحًا بها
" ممتاز مجال القاهرة واسع ومربح ، بس ياريت يكون بالمنطقة هنا عشان يطولنا نصيب من خضار وفاكهة البلد وكمان هو اولى من الغريب"
طال حديث جمال مع اخته حين تنوعت الاحاديث والمواضيع ليتضح انه فعلا يحب الرغي ، و بعد ان أنهى حديثه أغلق هاتفه وهو يقول لعمرو
" تصدق الواد حسام كل يوم بيكبر بعيني اكتر شوف ازاي بنى نفسه من الصفر ورفع عيلته و ساعد اخواته بجوازاتهم مع انه ملهوش في الخضار و لا الأرض ولكنه طلع راجل يعتمد عليه بجد ربنا يكرمه و يكرم كل الشباب زيه "
ردت سمية علي زوجها
" من الي شافوه يا حج دي أمه تعبت كتير بعد وفاة جوزها وتحملها مسؤولية ولاد صغيرين ، ربنا مش بينسى حد كرمها في ابنها وجعلها تأكل الشهد هي واخواته البنات من خيره "
شاركتها زهرة حديثها
" انا فعلا بستغرب جدا اما عمرو بيحكي عن شغله هناك ، ازاي هو مهندس معماري استغنى عن مجال دراسته وسعى بأرض ابوه يزرع و يحصد ويبيع ويوسع محله ويفتح بدل الواحد عشرة "
سألت سمية زوجة ابنها " انتي من زمان مشفتهوش اعتقد من ايام فرحكم ، دلوقتي بقى بحال تاني خالص "
ردت أميرة بسرعة
" ماشاءالله اللهم زيد وبارك هو اجتهد ودي اخرة المجتهد ربنا قال اسعى يا عبدي وانا اسعى معاك وكرمه على قدر سعيه "
ضحكت زهره بسخريه وقالت
" ما احنا اهو بنسعى ومش شايفين حاجة "
اختنق عمرو مما قالته زوجته ، تنهدت سمية بضيقها هي ايضا فمن يرى تعابير وجه زهرة يعلم جيدا قدر عدم رضاها عن حياتها
وهذا ما جعلها تتساءل باستغراب
" ليه يا بنتي ده ربنا كرمكم بكل حاجة وحالتكم يتمناها ناس كتير ، عندكم بيت ملك موجود فيه كل حاجه و انتوا الاتنين موظفين و بنوته جميلة ، احمدوا واشكروا ربنا وخاصة على الصحة فحتى ولو معندكمش غيرها فهي تكفيكم "
شعرت زهرة بالهجوم عليها ، لترد مدافعة عن حديثها
" بس ده مش معناه نقعد في مكانا ونقول كفاية ، المفروض اننا نفكر نحسن من نفسنا ونكبر زي العالم والناس ، دنا بنت خالتي عايشة زي الملوك وجوزها مش مبطل كل يوم مشروع في مشروع لدرجة قربوا ياكلوا باطباق ذهب"
صمتت سمية وهي تنظر لابنتها التي أجابت على زوجة أخيها قائلة
" الرضا اهم نعمة ينعم الله بيها على عباده المفروض كلنا نقرأ ونسمع محاضرات الشيوخ عن الرضا ، وقتها بجد هنشعر اننا فرحانين ومبسوطين أيا كان رزقنا وابتلائتنا ، يعني يا زهرة ايه اللي عرفك بنت خالتك دي عايشة سعيدة بحياتها المنعمة وله لا؟ ، ايه اللي عرفك الي جوه بيتها مش يمكن فوق كل الي عندها إلا أنها حزينة ومش مبسوطة ؟ ، الرضا بيريح النفوس و يخليكي ترضي بنفسك وحالك ولو حتى معندكيش حاجة ، وقلة الرضا تخليكي زعلانة ومش حاسة بسعادة او اي حاجة بتمتلكيها حتى ولو معاكي جبل من الفلوس لان السعادة الحقيقية بالرضا مش بالفلوس و المظاهر "
تدخل الحج جمال ليؤكد على كلام ابنته قائلا "كان حبيبنا النبي صلّى الله عليه وسلّم ديما مبتسم ويحب الضحك مع الصحابة رضوان الله عليهم ، تقري السيرة النبوية تلاقيه رغم سنه الكبير والضغوط الكبيرة اللي كانت عليه إلا أنه عليه افضل الصلاة والسلام كان شعلة إيجابية وطاقة مش موجودة بالشباب دلوقتي ، وزي ما كلنا عارفين ان حبيبنا و شفيعنا كان اكثر الناس همًا بسبب قريش والمعارضين لدعوته ولكنه كان ديما راضي بما قسمه الله عز وجل له ، يُحسن الظن بالله و يثق انه قادر على كل شيء وقادر يعطيه ويحفظه وينصره وكان فعلا الله يعطيه ما يظنه به، رسولنا الكريم يا ولاد أوصانا بالرضا بالمقسوم والرضا بالقضاء والقدر وكان ديما يقول عند الابتلاء والضيق ' قدر الله وما شاء فعل ' ، وعشان نقدر نعلم قلوبنا ازاي ترضى بما قسمه الله لها علينا ان نقربها لربها بالاستغفار والتكبير والتهليل والحوقلة والحمد فكل ما هنردد الذكر كل ما القلب هيقرب لربه ويلين لطاعته و يرضى بمقسومه ، ربنا مخلقناش ليعذبنا ، ولكنه خلقنا ليهذبنا يعلم ان ضغوط الحياة ومتطلباتها كترت فالدنيا هي الدنيا بكل زمان ومكان لا يجد الإنسان بها إلا الشقاء والسعي لتحقيق أحلامه ، عشان كده اللي يرضى وينزع الدنيا من قلبه ويرضى بالمقسوم ولو قليل هو اللي هيسعد بطعم النعم اللي بين ايديه ، والله يا اولاد لو لم نملك بالدنيا دي الا صحتنا وضحكتنا وقوت يومنا فدي نعمة كبيرة من الله عز وجل أصحاب الثروات الكبيرة لا يستطيعوا شرائها وامتلاكها وان دفعوا كل ما لديهم من مال ، فمن رضي فله الرضا والنعم ، ومن سخط فله السخط والنقم "
قاطعت زهرة كلام عمها جمال بردة فعلها المفاجأة حين وقفت بغضب قائلة
" كلكم اتفقتوا عليا .. اصبحت انا دلوقتي اللي غلطانة عشان بقول لجوزي يشوف غيره ويعمل زيهم .. بقى عشان مصلحته وعايزاه يحسن من حالته وحالنا تعملوا فيا كده ، يلا ما هو الخير في الغير مينفعش بالزمن ده "
تحركت زهرة مكملة حديثها الذي صدمت به الجميع
" استأذن منكم لازم اروح البيت عشان اخلص تنضيفه ، معلش بقى هي دي حياة الموظفين الظالمة اللي لازم نرضا و نتعود عليها زي ما بتقولوا
حزنت سمية على حالة ابنها الذي استأذن هو ايضا منهم ليذهب خلف زوجته ، تحركت لتنام بغرفتها قائلة
" رأسي تؤلمني سأنام قليلا لا تتركوني حنى يدخل وقت المغرب "
مدد جمال جسده على مكانه المفضل بغرفة التلفاز قائلا بحزن خيم على الجميع
" وانا سأنام هنا بمكاني "
لم تستطع اميرة إخراج عائلتها من حالتهم وضيقهم تحركت لتذهب هي أيضا لغرفتها داعية الله ان يصلح الأحوال ويصلح ذات سرورهم ويرفع عنهم الغم والضيق .
صعدت اعلى فراشها وهي تفتح هاتفها لتكتب للزهروات
" ان كنتم متفرغين سنبدأ بحلقة الذكر عبر اتصال جماعي كما اتفقنا "
أغلقت هاتفها وهي تغمض عينيها قائلة
" لا إله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين " كررتها ثلاث مرات لتريح قلبها بها
جاءتها عدة رسائل لهاتفها فتحت لتجد زهراتها قد تجمعوا شوقًا للقائهم القريب حتى وان كان عبر هواتفهم ، تحدثت لهم بعد الصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه قائلة
" ربنا قال في كتابه 'فاذكروني أذكركم' النهارده حبيت اننا نتكلم عن ذكر من الأذكار الي بنقولها بحياتنا اليومية خفيف على اللسان وله ثواب عظيم ومكانه عجيب عند الله وهو تسبيح ' سبحان الله' ذلك الذكر الذي تُعج به السماء والأرض و كل الكائنات تردده الدواب والجماد والأشجار والملايكة و الهواء والماء وكل شيء حولنا يردده ،كما قال الله لنا
بسم الله الرحمن الرحيم
" تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ " ، حتى الرعد يا بنات يسبح لله لقوله تعالى " ويسبح الرعد بحمده "
و الجبال ايضا تسبح
" وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُۥدَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَٱلطَّيْرَ"
والملائكة أيضا تسبح
" يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ "
حتى أهل الجنة يسبحون فالرسول عليه الصلاة والسلام قال عليهم
" ويُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ والتَّكْبِيرَ كما تُلْهَمُونَ النَّفَسَ"
طبعا يا بنات اهل الجنة بيرددوا التسبيح من حلاوة الجنة فكل اما ينظروا لمكان بالجنة يقولوا يااه سبحان الله سبحان الله يندهشون ويتعجبون فيعبروا عن هذا بالتسبيح ،سبحان الله ربنا يوعدنا وإياكم يا بنات ان نكون من اهل الجنة قولوا امين "
ردت البنات بصوت جماعي
" آمين يارب العالمين "
اكملت اميرة حديثها طب تعالوا نعرف معنى الكلمة اللي بنرددها احنا والكون كله
'فسبحان الله ' يابنات تعني المقدس الكامل بكل شيء المنزه عن كل نقص او عيب ، هي تعبير عن احساسنا وإيمانا بكمال وجلال الله ، و نحن علينا ان نقدر الله وأفعاله وصفاته بترديد سبحان الله ، فهمتوا يابنات معنى سبحان الله "
تحدثت سارة
" سبحان الله يا اميرة انا اول مرة افهم معناها الشامل ده انا فعلا بحب التسبيح ده وبقوله ديما اما أتعجب من خلقه او معجزة تحصل قدامي ولكني اول مرة اعرف معناه وأنه تسبيح أهل الجنة "
ردت أماني وقالت
" قشعرتي جسمي كله يا اميرة وانتي بتقولي تسبيح اهل الجنة وانهم كل ما يشوفوا حاجة جميلة تذهل عقولهم يرددوا 'سبحان الله' للحظة شعرت اني معاهم وبردده بقلبي وأنا أرى أنهار العسل واللبن والفاكهة الغريبة وبقول زيهم سبحان الله "
تحدثت أميرة بصوتها اللامس للقلوب داعية
" ربنا يجعلنا من أهل الجنة و يوعدنا بالتسبيح فيها من جمال ما نراه بمنزلنا هناك "
وبعد أن أمنوا على دعائها اكملت أميرة
" انا فعلا حبيت اشرح لكم المعنى لتشعروا بيه ولكن في سبب تاني جعلني أوضح لكم المعنى واتمنى يوصل ليكم بمفهومه الكبير وهو ان الناس في تقديس ربنا درجات واعلى الناس درجة اللي يقول سبحان الله بدرجة الإحسان طب يعني ايه لدرجة الإحسان وازاي نوصلها ؟ ، عشان توصل للدرجة دي لازم نعبد الله كأننا نراه فأفضل شخص مكانه هو من ينظر بالكون ويردد بقلبه سبحان الله وكأنه ينظر لله سبحانه وتعالى ، الطيور ، السماء، الأرض، الجبال ،مقادير الكون ،والاقدار، ننظر لكل ده ونحن نشعر بقدرة الله الكبيرة ، فهو الذي خلقهم و فأحسن خلقهم وتدبيرهم هو ده المعنى الحقيقي الي ربنا يريد ان نستشعره واحنا بنردد ' سبحان الله ' نشعر بقدسيته وكماله وأن كل شيء بيده هو ، عارفين يا بنات سألت نفسي سؤال هو احنا لو رددنا سبحان الله طوال يومنا بقلوبنا و استشعرنا بيها للدرجة اللي ملأت قلوبنا معقول هنكون طُعم سهل للمعاصي والفتن؟ ، هل من المعقول بعد ما نعلى بالدرجات ونقرب من عمل أهل الجنة والملائكة هيقدر الشيطان علينا ويخلينا نرتكب المعاصي الكبيرة؟ ، لا والله بالعكس وقتها هيهون علينا حب الفتن والملهيات ونلاقي نفسينا بدون مجهود بنقترب لله عز وجل وفي حديث عن النبي عليه افضل الصلاة والسلام بيقول العجز احدكم ان يكسب في اليوم ألف حسنة ، قالوا وكيف يكسب يا رسول الله في اليوم الف حسنة فقال يسبح مائة تسبيحة يعني يقول سبحان الله سبحان الله مائة مرة تكتب له ألف حسنة "
ردت شيماء
" سبحان الله بجد سبحان الله ربنا يباركلك يا اميرة على المعنى الجميل الي خليتينا نشعر بيه النهاردة"
تحدثت دينا مرة أخرى متسائلة
" انا سمعت يا اميرة عن صلاة التسبيح وناس بتعملها هو صح في صلاة اسمها كده "
ردت اماني " اه طبعا في صلاة اسمها صلاة التسبيح ماما بتصليها وليها فضل كبير قوي بس صعبة وبتلخبط قوي "
طلبت دينا من اميرة أن تشرح لهم صلاة التسبيح وتحدثهم عن فضلها وكيفية ادائها، على صوت أذان المغرب ليحزنوا الزهرات على انتهاء جلستهم لتعدهم أميرة أن تحدثهم عنها بالمرة المقبلة ، اشاد الجميع بتجمعهم عبر الهاتف وسهولة تواصلهم ، استأذنت أميرة منهم لوجوب إيقاظ والديها لصلاة المغرب واسرعت بإنهاء الاتصال بعد قولهم
" سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ "
………..
في الإسكندرية استيقظت البنات على صوت طرق الباب بقوة ، ذعروا في بداية الأمر .
تحركت نور لتفتح الباب بسرعة بدون تفكير
لتنصدم من وجود مؤيد أمامها ، تسمرت بمكانها لثواني وهي غير مستوعبة الأمر صارخة بعدها مختبئة خلف الباب واضعه يدها على شعرها حين انتبهت لظهورها أمامه دون حجاب .
اسرعوا البنات نحوها وهم يتساءلون
" في ايه مالك بتصرخي "
ردت نور و يدها على جبهتها مستاءة مما حدث
" فتحت الباب بشعري ومن حظي الملعبك لاقيت مؤيد قصادي "
تحركت زينة و هي تجمع شعرها على كتف واحد ، مسرعة بفتح الباب مرة اخرى كي تعتذر من مؤيد على اغلاق نور للباب بوجهه ، تفاجأت بوجود كريم أمامها همت لتعتذر ولكنه سبقها بقول
" نعتذر منكم اتصلنا كتير ومحدش رد علينا وبصراحة تأخرنا على الخروج ، قولت اعمل محاولة اخيرة واجي بنفسي عشان اشوفكم "
داعبت أطراف شعرها وهي تخفض من نبرة صوتها
" مفيش بينا اعتذار ، وكمان معاكم حق احنا نمنا كتير ، الطريق كان متعب قوي بخلاف سهرنا للصبح زي ما انت عارف "
قاطعها كريم بقوله
" بلاش نضيع وقت بالكلام الكتير، اتجهزوا انتوا بسرعة و نبقى نكمل كلامنا على الطريق عشان منتأخرش "
ردت نسمة من الداخل وهي تحسن من وضع حجابها
" ايه ده هو انتوا خططتوا هنروح فين من غير ما تستشيرونا"
رد كريم بضحكه عابرة
" هيعجبكم اكيد بس المهم جهزوا نفسكم بسرعة احسن الشباب صبرهم قرب ينفذ وانا مقدرش اوعدكم اسيطر عليهم اكتر من كده "
تحدثت زينة بسرعة
" لا متقلقش هنلبس بسرعة ان شاء الله مش هنتاخر عليكم "
تحرك كريم وهو يقول
" احنا منتظرينكم على الكورنيش تحت ، نص ساعة بالكتير وبعدها انتوا الخسرانين "
اغلقت زينة الباب واستدارت لتجد نور خلفها ، غضبت عليها قائلة
" كنتي بتصرخي ليه وكأنك شوفتي عفريت قدامك ".
ردت نور بضيق
" وانتي بتتكلمي معايا كده ليه، وبعدين نسيت وفتحت بشعري من الطبيعي اني اتخض، ولكن تعالي قوليلي انتي ازاي طلعتي بشعرك ليهم وانتي محجبة "
ردت زينة عليها وهي تتأفف
" اوووف مش ناقصة خنقة من اول الرحلة ، بصي بقى حابة افكرك اننا برحلة هاااا رحلة ركزي وبعدين محدش شايفنا هنا خليكي فريش "
بدأت تغيير ملابسها أمام الجميع من دون حياء، ضحكت اسماء عليها قائلة
" يخرب بيتك ايه الي بتعمليه؟، انستري يا بنت"
فعلت نسمة ما فعلته زينة وبدأت بتبديل ملابسها بنفس المكان قائلة
" محدش يبص عايزين نخلص بسرعة مش وقت كسوف وخجل دلوقتي ، خلصوا بسرعة قبل ما يسيبونا ويمشوا ونرجع نندم "
تحركت نور بضيق وأخذت ملابسها من داخل حقيبتها متجهة للحمام لكي ترتدي به ، ومن بعدها تحركت اسماء لتبدل ملابسها بالممر الصغير المؤدي لباب الغرفة وهي تحذرهم من مرور احد امامه .
ردت زينه عليها باستهزاء
" لا ونبي خلينا نشوف يمكن نلاقي عندك حاجة زيادة عننا ، بجد خنقتوتي من اول يوم "
……
في حلمية الزيتون و تحديدا في منزل المهندس عمرو كان الوضع أكثر اختناقًا و توترًا عندما اشتد حديث عمرو مع زوجته وهو يعاتبها على طريقتها التي تحدثت بها مع أبيه وعدم مساعدتها لاميرة طول زيارتهم و كأنها ضيفة غريبة عليهم.
لم تتحمل زهرة غضب زوجها وصوته العالي خرجت عن صمتها
" انا مكنتش عايزة اروح انت اللي جبرتني وبعدين انا ايه ذنبي البنت مرضيتش اساعدها او اعمل معها حاجة كل ما اقوم تقولي ريحي انتي كل حاجة جاهزة "
ضاق صدر عمرو وامتلأ بغضبه الذي أخرج صوته بنبرته الحادة
" انا مستغرب بجد.. مستغرب ومندهش من كلامك وكأنك اصبحتي واحدة تانية غير اللي اختارتها و اتجوزتها.. مع الاسف مش ديه زهرة الي كانت تحب تزور اهلي و تسهر معاهم وتقولي مامتك و باباك دول حبايبي وعلى راسي"
ضحكت زهرة بغضب وسخرية وهي ترد بقوة صدمت زوجها بها
" بعتذر منك كنت صغيرة وكبرت ، وله اقولك كنت هبلة وعقلت "
صمت عمرو ناظرًا لها بدهشة واستنكار لا يصدق أن حبيبته زهرة هي من تقف أمامه وتتحدث بهذا الشكل .
تحركت زهرة مبتعدة عنه بحديثها الجارح
" هم ايه دا يا ربي ، هي الحياة مبقاش فيها رحمة للدرجة دي ، مفيش تقدير ولا احترام لمشاعر الغير ، الكل عايز ياخد بدون ما يفكر بغيره ، أعوذ بالله من غضب الله "
………
اكتبوا لي بالتعليقات ايه انطباعكم عن زهرة ويا ترى هل في سبب مقنع يوصلها لما هي به ؟