recent
جديدنا

رواية قرة عيني الفصل الاول

رواية قرة عيني 

بقلم أمل محمد الكاشف 

مزجت بين السرد الفصحى والحوار بالعامية

قصة رومانسية اجتماعية دينية كوميدية

تدور احداثها بين حلمية الزيتون والصعيد اسوان بالتحديد




 "ٱلرَّحۡمَٰنُ ، عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَانَ ،خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ ، عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ ، ٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ بِحُسۡبَانٖ ، وَٱلنَّجۡمُ وَٱلشَّجَرُ يَسۡجُدَانِ ، وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلۡمِيزَانَ ، أَلَّا تَطۡغَوۡاْ فِي ٱلۡمِيزَانِ ، وَأَقِيمُواْ ٱلۡوَزۡنَ بِٱلۡقِسۡطِ وَلَا تُخۡسِرُواْ ٱلۡمِيزَانَ ، وَٱلۡأَرۡضَ وَضَعَهَا لِلۡأَنَامِ ، فِيهَا فَٰكِهَةٞ وَٱلنَّخۡلُ ذَاتُ ٱلۡأَكۡمَامِ ، وَٱلۡحَبُّ ذُو ٱلۡعَصۡفِ وَٱلرَّيۡحَانُ ، فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ " كانت أميرة جمال تتلو الآيات القرآنية ومن خلفها بصوت جماعي تردد الزهرات الجميلات بتلاوة جميلة استمرت لعدة مرات متتالية حتى تأكدت من صحة تلاوتهم 


تحدثت أميرة بعدها  قائلة 

" هل توافقوني الرأي بأنها مريحة للقلب و الصدر ، غمضوا عيونكم و اسمعوا معي مرة تانية  " 

وبدأت التلاوة وهي تمد بكلمة 

" الرحمآن  ، هل شعرتم بمدى الراحة وأنتم تتلونها " 


صمتت لتنظر لزهراتها وهم يرددونها بصوت منخفض بينهم وبين أنفسهم لتتحدث إحداهما 

" أنا لا أرى جمع بصفة الرحمن فلماذا تقولين انها جاءت بالسورة لغرض جموع الرحمة "


ضحكت أميرة وهي ترد عليها  

" ومين قال انها جمع ، من أين أتيتي بالجمع يا شيماء وله كنتي سرحانه وقت شرح السورة  "


 ضحكت الزهرات ومن بينهم صاحبة السؤال  لتكمل أميرة جمال حديثها

 " ليس جمع بل صفة للمبالغة بكثرة الرحمة التي تنزل من الله عز وجل علينا ، يعني يا شيماء اسم الله الرحمن يمتد ليشمل الكون بالنعم التي يفيضها الله علينا من مواقع رحمته ،فإذا أنار بصيرتك فهو بالتالي قد رحمك ، وإذا اطعمك فرحم جوعك وحاجتك ،حتى العلم فالله  يرحم عقولنا أن علمنا البيان " 

سألت سارة " يعني ايه البيان يا أميرة " 


ردت أميرة "  بصي يا سارة البيان ده مفهوم شامل لكل الأدلة اللي بتوصلنا لمعرفة وتعلم كل ما حولنا بالكون فهمتي علي فربنا حين يعلمنا كل ما حولنا فهو بذلك يرحمنا وايضا حين يستر عيوبنا ومعاصينا فهو يرحمنا، حتى يا بنات  ان ابتلانا الله بأقدار تقيلة وصعبة تروا ظاهرها سيء ومميت ولكن ان اطلعنا على باطنها هنعرف انه ابتلانا بها عشان يرحمنا من مكروه أكبر كان سيصيبنا ، وكأن الله تعالى بيقول لنا انه خلقنا وأعطانا كل شيء لأجل أن يرحمنا ويسعدنا ويرضينا بالدنيا وان شاء الله بالآخرة ، وايضا أتى بها ببداية سورة آياتها كلها تتحدث عن مقادير عادلة محكومة وواضحة للجميع "

 

تساءلت أماني

 " أنا سمعت ببرنامج في التلفزيون  أن عرش الله مكتوب عليه كلمة الرحمة  صح اللي سمعته ده ؟" 


نظرت أميرة لباقي الزهرات متسائلة

 " مين هيجاوب على سؤال موني؟ " 


ابتسم الجميع ناظرا لها نظرة مبهمة موضحين بها عدم علمهم  ، لتجيب أميرة بوجهها البشوش " صح ما سمعتيه  لان في اكتر من رواية صحيحة ومثبتة تؤكد أن الله كتب على نفسه الرحمة و كمان كتبها فوق عرشه لتكون تعظيم وتجليل لقدر الرحمة حتى أنه سبحانه وتعالى  وضعها بالأعلى بينما وضع اللوح المحفوظ تحت العرش " 


نظرت لعيونهم وهي تكمل مبتسمة

 " انقلبت مقلتي عيونكم لعلامات استفهام كبيرة خير يا بنات مالكم وكأني بقول ألغاز !! "


ضحك البنات لتتحدث سارة 

" خرجنا  من كتابة الرحمة فوق العرش إلى وجود اللوح المحفوظ تحت العرش " 


حزنت دينا قائلة 

" لا تضحكوا علي النبي عربي ، و ربنا رحيم بنا ، والعلم بالتعلم يعني لو سألت عن معنى اللوح المحفوظ لا عتب علي " 


ضحكت اماني وهي تقول

 " والله خفت أسألها حتى لا يغمى عليها من جهلنا "

علت ضحكات البنات لتقول أميرة 

" لا تقلقوا اصبح قلبي صداد للصدمات من كتر ما تلقاه منكم " 


ردت سارة

 " الحمدلله لن تسقط منا المرة دي " 


دافعت أميرة عن نفسها 

" لو كنتي بتلمحي على اسئلة درس الأمانة فكان علي الموت لا أسقط فقط نحمد الله أنها مرت على خير " 

 وبضحكهم المستمر ردت دينا

 " الحمدلله انه سؤال متعارف عليه" 


تحدثت أميرة بنبرتها السمحة 

" انا بضحك معاكم طبعا زي ما قلت ليكم قبل كده تقدروا تستفسروا على أي شيء كبير او صغير دون خجل ، والا ما الفائدة من جلستنا اجتمعنا لنتعلم حتى انا اتعلم معاكم وفي بعض الأمور لم اكن اعلمها واتعرف عليها معكم "


شكرتها الزهرات  وصمتوا ليستمعوا لحديثها الذي بدأ 

" اللوح المحفوظ هو مصطلح ديني عقائدي ذُكر بسورة البروج وهو عبارة عن أداة حفظ سطّر الله بها مقادير الخلق قبل ان يخلقهم ، هشرح لكم يعني اللوح المحفوظ ده موجود فيه كل شيء متعلق بحياتنا من مأكل وملبس ورزق وعلم وحياة لنا ولكل البشر والكون ، يعني من لحظة وجودنا ببطون أمهاتنا حتى مماتنا ونهاية العالم  و كل شيء مذكور ومكتوب في هذا اللوح ، وفي حاجة مهمة باللوح المحفوظ بيتم الحكم فيه  بالعدل  وهنا ربنا كتب فوق عرشه  

" إن رحمتي سبقت أو غلبت غضبي "

  عشان الرحمة الي فوق تتغلب وتعلو على العدل الذي يحكم فيه باللوح المحفوظ تحت العرش ، طبعا جميعنا يعلم أن السموات والأرض لم تقم إلا بالعدل ، والعدل يقتضي إثابة المطيع وعقاب العاصي على حسب ما يقترفه الإنسان من عمل خير او شر ، و زي ما احنا عارفين مع كثرة المعاصي والشر حولنا اصبح يطغى الشر والمعاصي على الخير والطاعات فأراد الله ان يرحم عباده فكتب على نفسه الرحمة و وضعها فوق عرشه لتزاحم العدل يوم الحساب "

صمتت قليلا لتفكر وهي تنظر لهم مكملة 

" سأبسطها  لكم انتوا فاكرين قصة الرجل اللي قتل مائة شخص وكان عايز بعدها يتوب و اما سأل ازاي يتوب وأشار له احدهم ان يتبع طريق ما يوصل من خلاله لأرض بها عباد صالحين يعينوه على التوبة وعبادة الله  ، وقبل وصوله لهذه الأرض قبضت روحه فوقفت ملائكة الجنة و ملائكة النار يختلفون بأمره كل منهم يريد أن يأخذه ، قالت  ملائكة الجنة أنه مات على توبة و قالت  ملائكة النار إنه قتل مائة رجل ، العدل هنا بيقول ان يذهب الرجل مع ملائكة النار ليصفي جزاء من قتلهم ،ولكن رحمة الله سقطت على عدله ليصبح من حق ملائكة الجنة اخذ الرجل بعد ان حسبوا فارق المسافات  من مكان وفاة الرجل   إلى أرض المعاصي و وكذلك  لارض التوبة ليروا لأي مكان كان اقرب له لحظة وفاته ، فإن كان أقرب لأرض المعاصي فيكون من حظ ملائكة العذاب و ان كان أقرب لأرض التوبة فيكون من حظ ملائكة الجنة  ، وهنا يا حبيباتي قرب الله المسافة بين ارض الرحمة والرجل برحمته ليكون رحيما به ويذهب مع ملائكة الجنة فالله يحب التوابين من عباده لانه هو اعلم بصدقهم ونواياهم وكان عارف ان الراجل ده تاب بجد وكان عايزه يتقرب منه عشان يسامحه   ، ربنا يا بنات غايته ومراده أنه يتوب ويرحم عباده لا يعذبهم  ، أمرهم بالطاعة مش لأجل التحكم والسطع والتضيق عليهم بل ليرحمهم  فكل اما ربنا يحب العبد كل ما أعطاه واكرمه ورحمه " 

بهذا الوقت قطع حديثهم صوت كلاكس عربية والدة شيماء لتتحرك وهي تقول

 " اعتذر منكم لازم أنزل لبابا  بسرعة "


تحرك باقي  البنات وهم ينظرون للساعة قائلين  " ازاي الوقت مر بالسرعة دي،  احنا كمان اتاخرنا "

وقفت اميرة وهي تضحك قائلة

 " معاكم حق الوقت بيمر بسرعة كبيرة مرت ساعتين علينا وكأنهم دقيقتين "

سلموا عليها واحتضنوها قبل ذهابهم ليسرعوا بالخروج وهي تقول لهم 

" نبقى نتفق على الموعد الجاي على مجموعة الواتس أب " 


وافقوا  ما قالته وذهبوا لتغلق هي الباب ذاهبة بعدها لغرفة والديها كي تطمئن عليهم لتجدهم ما زالوا نائمين تحركت بهدوء ودخلت المطبخ لنتهي ما عليها بسرعة قبل استيقاظهم و بدأ طلباتهم .

……….

و بعد مرور أكثر من ساعة على الاقل علا صوت نغمة هاتفها لأكثر من مرة ليصبح يدوي بالشقة بأكملها  نادت امها عليها  

" يا بنتي ردي على موبيلك اللي بيرن من الصبح " 

تحركت اميرة مسرعة  للصالون وعينيها تبحث عن  هاتفها المختفي وهي تمسح يديها بمنشفة صغيرة ، نادت عليها امها مرة ثانية

 " يا أميرة ردي عليه أو اقفليه انا راسي وجعاني ومش مستحملة صوته " 


ردت بسرعة على والدتها 

" حاضر يا ماما  هرد والله بس ألاقيه الاول  الواضح أنه واقع وراء الكنبة الصوت جاي من تحتها أهو "


ردت سمية على إبنتها وهي تقول  لها  

" تلاقيه مكان ما ندى كانت بتلعب عليه امبارح"


مدت اميرة يدها خلف  الكنبة وهي تحاول أن تنزل بها لاسفلها كي  تلتقطه من هذا المكان الضيق ، وبعد عدة محاولات صمت الهاتف لترتاح أميرة و تعتدل  بوقفتها وهي  تفكر بسحب الكنبة الكبيرة للأمام  قليلاً ،لتستطيع بعدها التقاط الهاتف من وراءها ولكن جسمها الضعيف  جعلها لاتستطيع سحبها بسهولة ، أتت بعصى خشبية خاصة بالتنظيف استطاعت  التقاطه  لتتحدث بصوت عالي قائلة لوالدتها

 " دي نور صحبتي هتصل عليها  "


مسحت هاتفها بمنشفة صغيرة لتزيل التراب عنه  وهي تقول بصوت منخفض

 " إمتى إتجمع كل التراب تحتها انا لسة ماسحة و منظفة الصالة كلها الاسبوع اللي فات ده حتى انهد حيلي فيها " 

علا صوت رنين هاتفها من جديد لتنظر له بوجه حزين ثم فتحته لتجيب قائلة " السلام عليكم "


ردت نور عليها بضيق " انتي فين يا مرمر ، ليه مش بتردي اتصلت عليكي كتير "


حزنت اميرة اكثر  وهي تستمع لصديقتها وبصوت محرج وحزين ردت أميرة عليها 

"  بعتذر منك  يا نور كنت  مشغولة في المطبخ ونسيت اكلمك واقولك اني  مش هقدر اسافر معاكم ، كنت هكلمك من الصبح ولكني انشغلت مع البنات وبعدها المطبخ "


 و بتلقائية ردت نور عليها 

" خير يا مرمر ليه رجعتي بكلامك احنا اتفقنا انك هتسافري معانا ، صدقيني هيكون تغير كبير ليكي بدل  قعدة البيت الي كبرتك عشرين سنة لقدام  "


فرحوا البنات بجانب نور و كادت أصوات ضحكاتهم  المُتخفيِه أن تصل لمسامع أميرة  على الهاتف لولا نظرة  نور لهم وهي تحذرهم بيدها ليتوقفوا عن ما يفعلوه


ردت أميرة عليها بحزن وأسف

 " انا عارفة اني وعدتك ولكن سامحيني وأما اشوفك هنقعد مع بعض واحكيلك حصل ايه وانتى هتعذريني اكيد، صدقيني كان نفسي اسافر معاكم بس ملحوقة ان شاء الله المرة الجاية لو لينا نصيب هسافر معاكم " 

وبوجهها الغاضب من ردة فعل صديقاتها من حولها ردت نور 

" ان شاءالله يا حبيبتي لعله خير دعواتك لينا ربنا يسهل لنا الطريق " 

وبرضا اخبرتها انهم تذكروها بالصباح حين تغيبت عن مجلسهم ودعو لها بالسلامة والخير 

أنهت نور المكالمة سريعا وهي تقول لها 

" ربنا يتقبل منكم،  تمام لعله خير  نعوضها بسفرية تانية المهم انك بخير " 


أغلقت نور الهاتف بعد ان سمعت رد اميرة وهي تقول لها " شكراً يانور ربنا معاكي انا هدعي لكم ربنا يحفظكم من كل شر " 


تضايقت نور من فرحة البنات بعدم ذهاب أميرة  معهم 

حاولت اظهار حُزنها منهم وضيقها ولكنها لم تستطع إطالة الامر فسرعان ما إبتسم وجهها وهي تنظر لرقصهم وفرحهم 


اقتربت منها  أسماء  تصدمها بكتفها وهي تقول لها " ايوه كده اضحكي وبعدين احنا ايه ذنبنا هي رفضت  واعتذرت  والا احنا كنا رضينا و وافقنا ناخدها معانا عشان خاطرك " 


ردت عليها نور وقالت 

 " كنت هبقى مبسوطة اكتر لو جت معانا  على الأقل كانت سيطرت على جنانكم ده " 


ضحكت اسماء ضحكة عالية 

 " باحلامك احنا بس بنحترمها عشان خاطرك، وإلا كانت مخدتش بأيدينا غلوّة ، مش بعيد كنتي لاقتيها هي الي بترقص وتغني قبلنا "


اقتربت منهم زينة وهي تتكلم بتمايل و ضحك لتقول لهم  " ياستار يارب وكأن حمل على قلبي واترفع ، ازاي كنا هنستحملها تلات ايام  بلياليهم" 


ضحكت نور عليهم 

" ربنا يستر علينا الواضح كده انكم ناوين تخربوها " 


اقتربت نسمة منهم وهي تأكل كيكة الشيكولاته متلذذة بطعمها لتنضم لحديثهم 

" دي كلمة نخربها قليلة على اللي ناوية اعمله ، ده أنا عندي كمية شحنات سلبية تغرق مصر كلها ، اخ بس لو اعرف انها  مش هتيجي من الاول  كنت ضبطت كام فيديو على كام اغنية لزوم السهر والروشنه " 


ضَحكت زينة وقالت

 " فاجأتيني معقول محملتيش فيديوهاتك المنحرفة زيك " 

ضحك الجميع بصوت عالي 


لترد عليهم نسمة بصوتها الملغم  من كثرة الطعام بفمها وهي تقول

 " بصراحة اما عرفت انها جايه معانا اتقلب مزاجي و اكتفيت بالقديم الي عندي اسهر بيه لوحدي بعد ما تناموا كلكم "


اقتربت أسماء منها واسندت رأسها على كتفها  وهي ترد عليها 

" لوحدك ايه انا اصلا حاجزة جنبك على السرير وبعدين انا بحب القديم متقلقيش ، بس ابوس ايدك من غير اكل ، احسن انا بحس ان جسمي بيزيد على الريحة جنبك "


علا صوت ضحكهم اكثر ليعلو صوت نور من بين ضحكهم وهي تقول لهم 

" هتصدقوني لو قلت لكم  اني استغليت امبارح قعدتي عند خالتي  و حملت اغاني كتير جديدة و جميلة جداً هننبسط قوي و احنا بنسمعها "


ازداد ضحكهم بشكل غريب

 " ويا ترى هتكون لهاني شاكر ، وله لمصطفى كامل والبكاء على الأطلال الحزينة اصل أنتي ميجيش من وراكِ غير كده " 


حزنت  نور منهم وقالت لهم

 " اجتمعتوا علي ككل مرة خلاص مش هاسمَعكم حملت إيه جديد وخليكم في قديمكم " 


تدخلت زينة وهي تتكلم بسرعة عشان تراضيها محذرة البنات بعينيها

 " لا اوعي تزعلي منا يا نور اصلنا عارفين اخرتك بالفساد أما ملوك النكد وتنكدي عليكي وعلينا ، لأما تجيبي معاكي أميرة وتنكدي علينا برضوا يعني بكل الحالات متنكد علينا متنكد عليناااااا" 


استمرت الضحكات و ضرب نور لهم وهي تقول " انا غلطانة اني وافقت  اسافر مع بنات مجنونة زيكم " 


قاطع ضحكهم صوت كلاكس الاتوبيس بالاسفل ليتحركوا سريعاً فرحين ببداية رحتلهم لمدينة الاسكندرية عروس البحر الابيض

……….

في منزل أميرة جمال بمنطقة حلمية الزيتون كان والدها ينادي عليها 

" انتي  فين يا مرمر  اتاخرتي ليه كل ده " 

أتت أميرة مسرعة وهي ترد عليه

 " خير يا بابا اتاخرت على ايه "  


نظر والدها ليديها وهو  متعجب 

" هو انتي جايه متأخر وكمان من غير الشاي اللي طلبته من ساعة  " 


وضعت أميرة يدها على جبهتها لتأخذ نفس من اعماق داخلها المنهك مغمضة اعينها وهي ترد عليه " أوو نسيت الشاي دقايق و يكون عندك " 


رد والدها عليها بصوت عالي يصلها وهي تركض للمطبخ قائلا

 " ما انتي عقلك مش بدماغك طول ما الموبيل ده في ايدك لا هتفتكري ولا هتفلحي بحاجة ابدا"


وفور دخولها المطبخ وضعت الشاي على عين البوتجاز الوسطى ، أخذت نفس طويل و اخرجته بضيق حزنها واجهادها قائلة لنفسها

 " موبايل إيه اللي في ايدي ده انا اخري دقايق وألقي الكل بينادي علي و كأن مافيش في البيت ده غير أميرة روحوا شوفوا البنات بيعملوا ايه استغفر الله العظيم هو ايه اللي انا بقوله ده ربنا يحفظنا من وسوسة الشيطان " 


صمتت أميرة قليلاً لتنتبه على كلامها الذي خرج منها تضايقت وعادت لتحدث نفسها وتقول

 " استهدي بالله ده ابوكي واكيد عارف مصلحتك اكتر منك، الحمدلله ربنا يهدينا ونكسب رضاه "


انتهت من تحضير الشاي لتصبه بكوب والدها المحبب له ثم خرجت من المطبخ متجهة نحو غرفة التلفاز  ، اقتربت من والدها وانحنت  قليلا للامام ممدة يدها لتقدم له  الشاي شم والدها رائحة الشاي المنكهة بالنعناع مستمتعاً 

" هي الريحة الجميلة ديه اللي بتخليني اسامحك بكل مره " 


فرحت أميرة بكلام والدها لترتسم على وجهها بسمة جميلة ردت عليه بها

 " بالهنا والشفا يا بابا "


 واقتربت من والدتها  لتعطي لها هي الاخرى  كوب الشاي الخاص بها  قائلة

 " عملت حسابك من غير ما اسألك قلت هيريح ألم راسك "


أخذت والدتها منها الشاي  وهي تدعوا لها  الله ان يرضى عنها فهي بالفعل كانت بحاجة كبيرة له 


جاء صوت بكاء طفلة من الاسفل تحركت أميرة بسرعة وهي تقول" يا ترى حصل ايه تاني " وضعت حجابها على رأسها  وخرجت بنصف قامتها من نافذة الغرفة باحثة بعينيها عن ابنة أخيها  لتجدها مستلقية على الأرض  والأولاد ملتفين من حولها


اسرعت أميرة وهي تقول 

 " خير اللهم اجعله خير  "

 وبدأت بارتداء إسدال الصلاة لتنزل  بسرعة لها


نادت عليها امها وهي تسألها

 " خير مالها ندى يابنتي  " 


التفتت أميرة لوالدتها وهي تسير بسرعة 

" اكيد زي كل مرة سقطت وهي بتلعب وتلاقيها بتدلع عايزه حد يرفعها ويحنن عليها "


ضحك والدها و قال 

" طب اجري لأنها مش هتبطل صراخ غير اما تعملي لها اللي قولتي عليه " 


نزلت أميرة مسرعة خائفة عليها وبنفس الوقت غاضبة  من دلالها الزائد 


اقتربت من ندى واخذتها بحضنها وهي تقول لأصحابها

" هو إيه اللي حصل خير مالها ندى "


ليتضح أنها كما قالت عمتها التي رفعتها من الأرض وأخذتها بحضنها وهي تقول لها 

" خلاص يا ندى انتِ بحضني ماتخفيش ، بطلي عياط بقى عشان صحابك ميزعلوش "


بهذا الوقت اقترب منهم شاب جميل مهذب من أهل المنطقة يدعى استاذ احمد متسائلا 

" خير ان شاء الله ، يا ترى اقدر اساعدك بحاجة" 

وبمجرد سماعها لصوت ذلك الشاب تغيرت ملامح وجهها  وأخفت عينيها بوجهها الذي أصبح بلون الطماطم الحمراء 

وقفت  من على الأرض وهي تحمل ابنة أخيها على كتفها بوجه خجل وعيون لا تستطيع رفعها بوجه ذلك الشاب متحدثة بنبرة مخفضة ملأها الخجل وهي تقول له

 " احنا بخير شكرا لك "

 وتحركت بخجلها مسرعة لتهرب منه وهي تلج مدخل عمارتها من جديد


وقف أحمد مكانه ينظر لها من الخلف شاردا بجمال خطواتها السريعة وخجلها منه ، دخلت اميرة منزلها بنفس سرعتها وخجلها متوجهة للحمام لتغسل ايدي مدللتهم  وارجلها و وجهها أثار اللعب وسقوطها أرضا 


و بعد ان انتهت انزلتها من بين يدها لتركض نحو غرفة التلفاز تاركة عمتها بنفس مكانها تنظر بمرآة  الحمام لوجهها المبتسم وهي فرحة بتلك اللحظات و الثواني المعدودة التي جمعتهم مع بعض عن قرب لأول مرة


سمعت صوت فتح باب المنزل بالمفتاح لتدرك وصول اخيها ، أسرعت وخرجت من الحمام لتدخل غرفتها وتغلق  عليها بابها مختبئة ورائه خوفا من رؤية احد لها وهي بهذه الحالة رفعت يدها و وضعتها على قلبها لتهدئ من ارتجاف دقاته 


دخل المهندس عمرو الشقة لتسرع ندى نحوه ملقية نفسها بحضنه قائلة " بابا " 


تكلم الحاج جمال وهو يحدث ابنه 

 " يا ريتك قدمت قبل  حتى تشوف وتسمع صراخها وبكائها العالي "


ضحك عمرو وهو يرد على والده

 " صراخ مع بكاء الحمدلله أنا دلوقتي اطمنت انها بخير" 


ألتفت عمرو لوالدته وهو يسألها 

" ايه اخبارك يا ست الحبايب لسة الضغط عالي عندك " 


ردت امه عليه وهي واضعة  يديها على رأسها " اه والله يا ابني النقح شغال بكل راسي  "


تحرك عمرو وجلس بجوار والده وهو يستمع لحديث والدته و شكوتها من تألم رأسها 


نظر الحاج جمال لأبنه وهو يسأله 

" إلا بالحق يا بني زهرة عامله ايه من زمان ولا شفناها ولا سمعنا اخبار عنها يارب تكون بخير"


صمتت سمية عند سماعها سيرة زوجة ابنها، ليرد عمرو على والده

 " الحمدلله كويسة هي كانت ناوية تيجي معايا بس انتوا عارفين الشغل و مجهوده اليومي وكمان روحت بسرعة عشان تجهز الاكل قبل وصولنا انتوا عارفين بقى حياة الموظفين " 


دخلت أميرة الغرفة وبيدها علب مربعة موضوعة  فوق بعضها البعض  ، وضعتها فوق الطاولة الجانبية لتفتح بعدها إدراج المنظم البلاستيكية باحثة عن حقيبة بلاستيكية تسع العلب ، وبالفعل وجدت ما بحثت عنه لتضع بعدها العلب داخلها قائلة لأخيها وهي تعطيها له "  ده نصيب ندى من الاكل "


نظر عمر للعلب وهو يرد على اخته 

" و ليه الغلبة اكيد زهرة عملت لها  " 

رد والده  عليه 

" أنا قولت لأميرة تعمل حسابكم معانا اليوم لو مش عشانكم يبقى عشان خاطر حبيبة جدها بتحب الفاصوليا بالفراخ "


شكرهم عمرو وتحرك  ليذهب لمنزله قائلا لأخته " تسلم ايدك ياحبيبتي ، تعبينك معانا ديما بس نقول ايه أنتي السبب ما هو طول ما اكلك حلو كده وانا وبنتي هنفضل نطمع فيكي  "

………..

 عاد المهندس عمرو لمنزله  وعلى كتفه ابنته النائمة من كثرة  اللعب بمنزل جدها منذ لحظة وصولها حتى عودته من عمله ليأخذها ككل يوم ، قفل الباب وراءه بحذر كي لا تستيقظ  ندى  من نومها و تحرك بخطواته الهادئه ليضعها على فراشها ويغلق  الستار و باب غرفتها ليعم الهدوء والسكون المكان حولها .


اتجه للمطبخ مترقب رؤية وجه زوجته الغاضب وسؤالها عن الأغراض التي نسى أمرها  أو عن تأخره  بمنزل أهله ان لم ينسى شيء ، فلقد أعتاد على المشاجرات المفتعلة التي تستلذ زوجته باستقباله بها كل يوم فور عودته .


دخل غرفته باحثًا عنها و لم يجدها تحرك وخرج ليبحث بكل مكان في المنزل حتى تأكد من عدم وجودها ، أستغرب تأخرها حتى هذا الوقت تحرك ودخل غرفة ابنته وترك الباب مغلق دون أحكام كي تضاء  بصيص من الاضاءة الخارجية.

نام بحضن ابنته وهو حزين على ما وصلت إليه حياته الزوجية من فتور ومشاحنات ، قبّل إبنته وهو يحدث نفسه 

" سبحان الله مغير الأحوال ، ما كنتي كويسة والحياة ماشية جميلة وهادية مش عارف  حصلك ايه يا زهرة بعد توظيفك " 


تنفس بحزن وندم مكمل حديثه مع نفسه 

 " ياريتني ما وافقت على شغلك، كان زمانك  زي ما انتي بتضحكي وبتتكلمي زي باقي الخلق" 


نام عمرو  بحزنه  لدقائق معدودة استيقظ بعدها على صوت فتح باب الشقة  ، عاد ليغلق عينيه بعد أن تأكد انها زهرة زوجته كي لا تبدأ بالمشاكل من أول النهار و ليعطيها فرصة كي تبدل ملابسها و تغسل وجهها وبعدها يرى ماذا ستفعل.


سمع صوتها وهي  تتحدث مع أمها في الهاتف تشتكي من تركه كل أعباء المنزل عليها وحدها ، دون تقدير لعملها و عودتها مجهدة ومرهقة منه ، اصبحت  تتمنى الراحة ولم تجدها حتى ملابسه يبدلها ويتركها ملقية على الفراش دون أي مشاعر واحساس بها.

اختنق عمرو من كذبها وافترائها عليه ، تحرك ببطء كي يبتعد عن  ابنته دون ان يوقظها متعقب صوتها وهي في المطبخ كاشفا عن وجوده دون صوت .

  ذعرت صارخه بوجهه فور رؤيتها له  اعتذر منها و تحرك ليصب لها كوب ماء رفضت أن تأخذه من يده قائلة بغضب

 " مية  ايه اللي هتنفع معايا !  كان قلبي هيتوقف  بسببك ،  وبعدين انت بتتسحب وتقف ورايا عشان تسمع كلامي  مع أمي ولا ايه ؟" 

دافع عمرو عن نفسه بعد انصدامه من اتهام زوجته له 

  " أنتي بتقولي ايه يا زهرة ، فكري شويه قبل ما تتكلمي ، بقى انا بتسحب عشان اسمع كلامك، هو انا بقيت بنظرك راجل سيء للدرجة دي "


انهى كلماته وتحرك ليخرج من المطبخ بغضب دون ان ينتظر ردها ، ذهب إلى غرفته وبدأ يبدل ملابسه بضيق تاركًا الزمام للشيطان كي يأكل عقله من كثرة وسوسته له ، امسك ملابسه وأراد أن يرتبها بمكانه كما يفعل كل يوم ولكن غضبه جعله يلقي بهم أرضا قائلا

" عشان يبقى حقيقة بدون كذب او افتراء"


امسكت زهرة هاتفها بسرعة فور خروج زوجها من المطبخ لترسل رسالة نصية بعين حذرة   محتواها " اسفه يا سليم عمرو دخل عليا فجأة واضطريت اقفل ، انت عارف انه مش هيفهم وضعنا الاخوي حتى ولو حكيت له " 


أغلقت هاتفها ممسكة كوب الماء لتشرب منه وهي تحدث نفسها بضيق  

" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، استغفر الله العظيم ، يوم واحد ياربي بدون ضغوط و قرف وبعدها اموت مش مشكلة انا راضية " 

……

في نفس المنطقة بشقة الحج جمال انتهت أبنته أميرة  من تنظيف المطبخ وغسل الأطباق وترتيبها بذهن شارد  في لقائهم القصير ، كما شردت بتفكيرها في صديقاتها ورحلتهم لمدينة الاسكندرية التي تمنت دوما زيارتها وقفت لوهلة سائلة نفسها 

" يا ترى عملوا ايه ومن فين بدأوا رحلتهم " 

وبلحظة خطر على بالها الصلاة لتحدث نفسها قائلة " تلاقيهم نسيوا صلاة العصر ، انا لازم اتصل و افكرهم يصلوا عشان ربنا يحفظهم ويبارك لهم بسفرهم و رحلتهم" 


خرجت من المطبخ لتجد والديها نائمين بأماكنهم  ، دخلت لتغلق التلفاز ممسكة بغطائين خفيفين لتضعهم عليهم كلا على حدا 


نظرت حولها وهي تحدث نفسها

 " يا ترى هلاقيه فين المرة دي ، بسم الله الرحمن الرحيم ياجامع الناس ليوم لا ريب فيه أجمعني على ضالتي " 


وضعت يدها في جيب ملابسها لتقطع حديثها وهي تقول " اهو لاقيته  اخ يانه الواحد بقى ينسى بالسن ده والله حاجة تكسف و امي زعلانة لأنها بدأت تنسى أمال احنا الشباب نعمل ايه" 


فتحت هاتفها لتتصل بهم واحدة تلو الاخرى دون ان يجيبوا عليها ، اعطتهم مبررهم

 " تلاقيهم لسه موصلوش "


ارسلت رسالة لنور لتذكرها بصلاة العصر ، ذهبت لغرفتها صاعده على فراشها وهي تتذكر   استاذ احمد ونظراته لها شردت بعيون ضاحكة مستمتعة بأحلام اليقظة، رن هاتفها بيدها نظرت  نحوه معتقدة بأن أحد زميلاتها عاودوا الاتصال بها حين رأوا اتصالاتها 


 فتحت الهاتف وهي تبدأ بقول

" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " 


أتاها صوت رجل غريب عنها

 " وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، استاذة اميرة معايا " 

توترت وتحركت من مكانها لتقف بجانب الفراش وهي متخوفة من اجابة سؤالها

 " اه انا اميرة مين معايا " 


  رد احمد  بفرح 

" قبل ما اقولك انا مين حابب حابب  اعتذر اني اتصلت بدون إذن منك  ، بس انا مقدرتش اتواصل معاكي بشكل مباشر ، عملت بحثت صغير وتواصلت مع اقرب الناس ليكي وطلبت منه رقمك الخاص ، بس بلاش تسأليني اخدت رقمك من مين على الأقل في الوقت الحالي "


تأكدت من شكها نعم هو ومن سيكون غيره ، صمت قليلا منتظرًا ردها الذي لم يصله حين طال صمتها، ليكمل كلامه مرة ثانية وهو يسألها

" هو انتي زعلتي أني اتصلت بدون أذن مسبق! بصي هو من حقك تزعلي و لكن انا قصدي شريف والله ، انا بس كنت عايزه اتعرف عليكي قبل ما اجي واطلبك من اهلك على سنة الله ورسوله " 


توترت اميرة اكثر حتى تعرق وجهها ويديها وهي تراقب باب غرفتها خشية من ان يستيقظ احد والديها ويستمع لما يقال لها ، معتقدة أنهم بمجرد ان ينظروا لها سيفهمون أمرها ويستمعون لما يدور داخل هاتفها.

 

تحركت تحدثت بصوت منخفض قائلة 

" اعتذر منك لا يمكننا التحدث والتعرف على الهاتف لأن  ما تطلبه معاكس لما تربيت عليه وما نهانا الله عنه " 

و بسرعة رد احمد عليها ليبرر لها قائلا 

" لا مش زي ما انتي فاهمة احنا مش هنقعد نحب ببعض زي الشباب الطايشة الحمدلله احنا عاقلين وملتزمين وعارفين ربنا كويس ومش هنعمل حاجة تزعله منا ، انا بس حبيت افهمك اكتر من على قرب ، حبيت اعرف ازاي بتفكري و ازاي بتتغلبي على غضبك ومشاكلك ، حبيت يبقى في صلة بينا قبل الارتباط عشان منرجعش نندم بعد كده "


لا زالت مرتبكة بيديها المرتعشة تنظر لباب الغرفة دون رد.

 نادى عليها أكثر من مرة  لتجيبه بحدة  

"  لا انا مش بحب الكلام في التليفونات والحاجات ديه بجانب انها حرام و بتغضب ربنا ، وانا مقدرش ازعل ربنا مني  بعتذر انا مش هقدر أكمل المكالمة أكتر من كدة " 

 رد عليها بصوته الذي تغير لنبرة الحزن مما سمعه

" ماشي براحتك لكن قبل ما اقفل مش عايزك تزعلي ولا تتهربي  مني عشان اتصلت ، دا انا بنتظر رجوعي  من الشغل بفارغ الصبر عشان اشوفك وأملي عيني منك ، حتى لو سمحوا لينا نخرج بدري بنتظر لوحدي في غرفة المعلمين عشان ارجع بنفس المعاد و أمشي من تحت بيتك لاني اصبحت ما اقدرش اضيع اليوم بدون ما اشوفك "


ردت أميرة مدافعة عن نفسها

 " كانت صدفة  انا معتادة بالوقت ده اقف بالبلكون مش قصدي حاجة  بس ممكن اخد بالي بعد كده "


حذرها أحمد بسرعة وخوف

 " لا.  تاخدي بالك ايه ! متخلنيش اندم اني قولتك ارجوكي اديني فرصة نتعرف فيها و نتقرب من بعض اكتر و اوعدك اننا مش هنغضب ربنا " 


سمعت أميرة حركة خارج الغرفة ليعود لها خوفها من جديد اغلقت هاتفها بسرعة وهي تقول "  انا لازم اقفل دلوقتي السلام عليكم "


و تحركت مسرعة لتخرج خارج غرفتها كي تنظر و تطمئن  ان  سمعها أحد أم لا ، لتتفاجأ بباب شرفة الصالون قد فُتح وحده مجددًا اقتربت منه وهي تحدث نفسها بصوت منخفض 

" هو انت تاني وقعت قلبي ربنا يسمحك " وانحنت للأرض ممسكة بقطعة من الورق ملفوفة ببعضها وضعتها أعلى باب الشرفة و ضغطت بقوة لتغلقها كي لا تفتح مرة أخرى .


رأتها أمها وهي تسحب الطاولة الكبيرة لتضعها أمام الباب زيادة أمان  ، تفاجأت وخافت اميرة حين استدارت و رأت امها امامها وضعت يدها على صدرها وهي تقول

 " بسم الله الرحمن الرحيم، انا كنت بفتكر انك نايمة " 


ردت امها عليها بعيون لم تستيقظ بعد 

" كنت نايمة و لسه صاحية دلوقتي ، وبعدين انتي مش قاعدة لوحدك بالبيت يعني المفروض تبقي عارفه انك هتشوفينا بأي لحظة بطلي الخوف بتاعك ده " 

كانت تحدث ابنتها وهي بطريقها للحمام كي تتوضأ و تستعد للمغرب ترفع اكمام ملابسها مرددة ذكر الاستغفار.


أخذت أميرة نفسًا طويلا واخرجته بهدوء 

 " الحمد لله محدش سمعنا استرها علينا يارب"


و تحركت لتدخل غرفتها مرة اخرى وصوت ضميرها يحدثها 

" انتي خايفة منهم يا أميرة  ومش خايفة من ربنا"

 

جلست على فراشها وهي تبرر لضميرها

" انا معملتش حاجة غلط هو اللي اتصل وانا متكلمتش معاه وبعدين هي مرة وعدت ومش هسمح تتكرر تاني ، مينفعش اقول للبنات حرام ومش من الأخلاق التي أوصانا بها رسولنا واقوم أقع أنا بنفس الخطأ " 

اغمضت عينيها لتتذكر حديثه عن رؤيته لها بشرفة المطبخ كل يوم عند عودته من عمله،  ليضيق صدرها  مبررة  لنفسها من جديد 

 " استغفر الله واتوب إليه ازاي عملت كده ، وبعدين هي بجد صدفة انا معتادة أقف بعد ما اخلص طبخ وده معاد رجوعه انا ايه ذنبي "


………….


وبعد ان أدت صلاة العشاء كانت أميرة منسجمة بتقليب خلطة المحشي داخل طنجرة الطبخ أعلى البوتجاز، أضافت البهارات والفلفل الأسود و من ثم اغلقت اسفلها لتبدأ بتقطيع ورق الكرنب المسلوق الذي استغرق تقطيعه وقت أكثر من المعتاد تحركت بسرعة لتخرج الكوسة و الباذنجان من درج الثلاجة وهي تقول لنفسها

 "  يا فرحتك يا نودي النهاردة " و ابتسمت مكملة 

" آه لو تعرف انها هتاكل محشي مش هتنام ليلتها" 

سمعت  صوت رنين هاتفها خرجت مسرعة  تبحث عنه ، دخلت غرفة التلفاز وهي تتبع الصوت دون أن تنتبه لوجود والديها فقط كانت عينها تبحث عنه  

استغربت امها من حالتها قائلة بضحك

 " سبحان مغير الاحوال دلوقتي افتكرتي ان عندك تليفون،  ده الغلبان بيقعد بالساعة يرن ولا بتسالي عنه " 


أمسكت أميرة هاتفها من تحت مسند المقعد المجاور للتلفاز وهي تنظر للشاشة،  تحدثت  أمها مرة أخرى

 " شكلك كده كنتي مستنية تليفون من حد مهم " 


توترت من كلام أمها وكأنها فضحت أمامها ، بلعت ريقها بخجل وارتباك تحدثت به

 " لا ابدا مين قال  كده انا بس عشان  صوته بضايقك و بيزيد تعب راسك  "


نظرت لشاشة هاتفها من جديد مكملة

 " ديه طلعت خدمة العملاء " 


ردت امها  عليها باستغراب

 " مالك يا أميرة فيكي ايه يا بنتي انا بهزر معاكي ، وبعدين قوليلي خلصتي الخلطة عشان ابدأ بلف الورق معاكي وله لسه" 


ردت على امها بسرعة 

" اه خلصتها هجيبها تبدئي انتي لحد ما اجهز الكوسة وَالبتنجان واجي نكمل سوى " انهت حديثها وهربت من الغرفة بسرعة توترها. 


تحدث الحج جمال بصوت يصل لابنته التي خرجت مسرعة للمطبخ 

" وانا هساعدكم بحشو الكوسة والبتنجان جهزيهم انتي بس وانا هحشيهم عشان تلحقوا تخلصوا بدري لأن على وضعكم ده مش هتخلصوا ولا الفجر "


ردت سمية على زوجها  بوجه مبتسم

 "  لسه بدري الساعة يادوب جاية تمانية ونص هنلحق ان شاء الله حتى بفكر اجهز حلة صغيرة وابعتها للحجة ام سعاد هي كمان بتحبه " 


رد جمال بفرح

 " آه صحيح ازاي نسيتها ديه بتحبه خالص ومفيش حد يعمله ليها "

دخلت أميرة المطبخ وهي تراجع نفسها قائلة 

" أنا ايه اللي عملته ده كنت هفضح نفسي قدامهم   استغفر الله العظيم  "

 تحركت لتحمل طنجرة خلطة المحشي و عادت من جديد للغرفة وهي تسمع حديث والديها عن رغبتهم بإرسال طنجرة صغيرة من المحشي لعمتها أم سعاد لتتدخل هي بحديثهم قائلة 

" يبقى اجري انا اجيب ورق الكرنب عشان تبدؤا فيه ، احسن فعلا مش هنخلص قبل الفجر" 

.............


في منزل عمرو كانت زهرة تتحدث معه بعصبية و صوت مرتفع قائلة

 " عزومة ايه ! ازاي متخدش رأيي قبل ما ترد و توافق! انت جاي باخر اليوم تقول لي هنروح لأهلي اصلهم عزمونا"


رد عمرو باستغراب واستنكار 

" اخد رأيك في ايه ؟ انتي منتبهة على كلامك وصوتك العالي؟ ، وبعدين انا بقولك رايحين بيت اهلي مش لحد غريب،  اتصل بابا بيا وقال لي انهم عاملين الاكل عشان خاطرنا  وكمان بكرا الجمعة اجازة عايزاني اكسر بخاطره بأي حجة انا اصلا خلصت كل الحجج وانا ببرر لك قصادهم " 

ضاق صدره ليترك الغرفة متوجها لشرفة الصالون كي يقف بها محاولا التقاط انفاسه الغاضبة من طريقة حديثها معه ، جلست  زهرة على طرف الفراش مستغفرة ربها بضيق ، امسكت هاتفها  لتكتب رسالة 

" انا اتخنقت بجد  مفيش حد حاسس بيا ولا بتعبي  حتى يوم الاجازة بتاعي عايز يخرجني فيه وكمان اروح عند اهله " 


رد سليم عليها برسالة كتابية

 " بالراحة يا زهرة متزعليش نفسك مفيش حاجة تستاهل ، وبعدين هيحصل ايه لما تروحي معاه ساعة وترجعي ما هو انتي  مروحتيش بقالك كتير ، تقريبا ما يقرب عن شهرين واكتر عيب في حقك انتي قبل حقه ، بصراحة انا شايف انك غلطانه بعتذر منك كان المفروض تضغطي على نفسك ده إلا الاهل عند الراجل حاجة مهمة جدا"


راجعت زهرة نفسها وهي تفكر بما قاله سليم لها صفنت لدقائق فتحت بعدها هاتفها لتكتب له رساله اخرى

  " انت عندك حق بس معرفش ليه بقيت اتعصب اما يقولي تعالي نروح لاهلي يمكن عشان تعبانة ومضغوطة وكمان كنت عايزه اوضب البيت بالاجازة التراب ملي المكان كله بجد مبقتش قادرة اتحمل " 


كتب لها  سليم رادا عليها 

" ربنا يكملك بعقلك ياريت رجل الكرسي اللي عندي تفهم الكلام وتراجع نفسها زيك كده مكنش ده بقى حالي وحال البيت كله "


كتبت زهرة له و عينيها تراقب باب غرفتها 

" مالها محاسن عملت فيك ايه تاني  "


رد  سليم كاتبًا 

" ولا تاني ولا تالت ياريتها بتعمل هي مش هممها غير الطبيخ والتوضيب و العيال والغسيل  وانا زيي زي الكرسي اللي قاعد عليه مفيش اهتمام بيا نهائي  "


ابتسمت زهرة لتكتب له 

" اكيد العيب عندك زي ما قولت ليك المفروض انت الي تغير روتين البيت ، خدها واخرج معها  او هات ليها هدية بتحبها ابدأ انت وهتشوف نتيجة هتبهرك " 


تنهد سليم كاتبا 

" مش بقولك هي غير الستات  المهم سيبك مني وروحي صالحي جوزك و قوليله أنك هتروحي معاه احسن ما ينكد عليكي طول الاسبوع  اساليني انا على النكد وسنينه "


ضحكت زهرة و شكرت سليم وهي تدعي له ان ربنا يهدي زوجته ليكون آخر حديث مكتوب بينهم 

" آمين "  ، " آمين" 

تنهد سليم بعد ان اغلق الهاتف قائلا 

" معلش هتحمل شويه لحد ما تشعري بقلبي"

اقتربت محاسن زوجته بصينية الشاي بجانبها الكعك والبسكويت ، تحدث لها بوجه خشن

" فين كيك الشيكولاته مش قولتلك انا نفسي فيه ، كفاية بسكوت وقرص وكعك بسكر بقيتي قد الفيل ارحمي نفسك وارحمينا شوية"

امتلأت عينيها بالدموع مشفقة على نفسها مما تسمعه من كلام سمم قلبها وروحها.

وقفت وهي تجيبه "هقوم اعملك الكيك"

رد بسرعة " مش عايز اطفح انا هدخل انام"

امسك كوب الشاي ذاهبا لغرفته ليتمدد على الفراش ناظرًا لصور زهرة وهي جالسة على المكتب المقابل له .

ابتسم وجهه وهو يتغزل بها فاتحا هاتفه ليكتب لها "اردت ان اطمن عليكي قبل نومي ليرتاح داخلي  "

لم تجيبه وهذا ما جعله يجلس على فراشه بغيره وقلق "هل تصالحا ؟ أم أنهما ؟ …. غبي غبي سلمتها له بايدي ازاي اقولها تصالحه …. أكيد هيغرق في العسل ناكر النعمه وأنا هنا غرقان في الوحل ….. بس على مين وربنا منا صابر اكتر من كده كفاية عذاب وقرف …. لازم اشوف نفسي وادلعها مع اللي يستحقها .."

ابتسم وجهه مجددًا وهو يتذكر زهرة ناظرا لصورتها بهاتفه مبحر بأحلامه الوردية معها.

……..

انتهى الفصل بهذه الكارثة الغير الأخلاقية 😔

author-img
أمل محمد الكاشف

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  • غير معرف6 أكتوبر 2024 في 10:19 م

    جميله يا لولو تسلم ايدك

    حذف التعليق
    • غير معرف12 أكتوبر 2024 في 5:49 ص

      حسام واميرة 🥰🥰دول العشق

      حذف التعليق
      google-playkhamsatmostaqltradent