recent
جديدنا

عروس بغداد الفصل الاربعون

 ليلة سقوط عروس بغداد

عروس بغداد

بقلم أمل محمد الكاشف


ثبتت عيناي تيم على زوجته حتى ندمت وتراجعت عن سؤالها، همت لتتحرك كي تنام لولا سماعها لبداية حديثه قائلا:

 " كانت ابنة رجل أعمال كما هو الحال مع سندس تختلف في أنها  من نسل السلالة الملكية ، اختارها عمي وفرحت بها امي، ولما الكذب كنت انا أيضا فرح بخطبتي لها كنت اتعجب من صمتها وعدم نظرها لي مبررًا ذلك على أنه حياء واخلاق وما شابه، اصر عمي و والدها على إتمام الزواج بعد ثلاث أسابيع من الخطبة لأسباب كثيرة منها قبل بدء الدراسة وموسم الشتاء  وازدحام أعمالنا به وسفر عمي و والدها للخارج، لم اعترض حماس الشباب وأحاديث امي عن خجلها وجمالها وعائلتها بجانب حديث عمي عن والدها ونسل عائلتها الكريمة ، عدة أيام لا اعرف كيف مروا بهذه السرعة وجدت نفسي اقترب لليلة الزفاف".


قاطعته سلمى:

 "وماذا عنها ألم تتحدثا، تتجولا، تتبادلا الاحلام في الحياة المستقبلية؟".


ضحك بحزن:

" اتصلت بها في يوم كي اخذ رأيها بأثاث المنزل لترد أمها قائلة انها نائمة الان، ومرة أخرى اتصلت لتجيب عليّ بكلمات مختصرة، طبعا كنت اذهب مرتين وثلاث لزيارتهم بالأسبوع بعد أن دخل بقلبي الشك وشعرت انها لا تريدني، حتى انني سألتها عن ذلك بشكل صريح خفضت عينيها قائلة لا يوجد شيء مما تقوله انا فقط لا احب الكلام ، عدت للمنزل واخبرت امي بضيق صدري ورغبتي بعدم إكمال الزواج حتى تحدثت مع عمي بذلك ولكنهما رفضا كونه عيب ولم يتبقى سوى عدة أيام وانه شعور طبيعي لسرعة التجهيزات وعدم تعرفي عليها …. 

ليأتي يوم الزفاف ببهجته ارتديت  العباءة البيضاء عليها البيشت الأسود كما هو متعارف لدى العائلات العريقة هنا  وذهبت لمنزلهم  انا والاهل والأصدقاء والاحباب كي نتمم عقد الزواج، انصدمنا بخبر وفاة الشيخ المأذون بحادث مروري اثناء قدومه".


قاطعته:

 "اعوذ بالله ما هذا الفأل".


ابتسم تيم بحزن:

 "الغريب والذي اعاتب نفسي عليه حتى اليوم انني وافقت على تأجيل عقد القران حتى تتم مراسم حفل الزفاف كي لا نتأخر على المدعوين والذين من بينهم بعض الأمراء طبعا بشكل سري وكأن العقد تم، ذهبنا للحفل نرقص ونفرح ونتلقى التهاني، لتأتيني الصدمة الأخرى حين أجبرت على دخول قاعة النساء لتلبيس العروس الشبكة دون ان أعقد عليها، رفضت بقوة دون فائدة فكان كل شيء ضدي بهذه الأيام، انصدمت من فستان من يقولون أنها تشعر بالخجل من شدة استحيائها اخفضت نظري دون ان ارفعه عليها مرة أخرى".


_" هل كان سيء لهذه الدرجة؟".


رد تيم عليها:

"نعم سيء الفستان مفتوح من الامام والخلف إلى ما لا نهاية عوضا عن القماش، استغفر الله العظيم لم اتقزز بحياتي بقدر تقززي واستنكاري للوضع بهذا اليوم، كيف استطاعت ان تظهر بهذا الشكل أمام الجميع، ظهر على وجهي الضيق ورغبتي بالخروج  ضغطت زوجة عمي وامي علي كي اقترب واقف بجانبهما وهما يلبسانها الشبكة".


قاطعته سلمى بسؤالها:

"ولأجل ذلك لم تكمل هي الزواج؟".


_"لا ليس لأجل ذلك بل لأجل من اختارت معه الفستان وكان ينتظر الوقت المناسب الذي ستخرج فيه بمساعدة اصدقائها دون ان تلفت انتباه احد لتتبخر وتختفي، اعتقدنا انها ذهبت لمنزلها، وبخني عمي وامي على ردة فعلي من فستانها كما قالت زوجة عمي لا يكسر العروس اكثر من رؤيتها لعريسها بهذا الوجه، ولكنه بالأخير اتضح انها هربت مع حبيبها شاب سعودي كان والدها يرفض نسبه، تم التكتيم على الخبر وإعلان طلاقنا بعد شهر من الحادثة دون زواجنا أصلا كي لا تتأثر الأعمال، وعدني عمي ان لا يضغط علي او يجبرني على شيء ان صمت وسترت عليها وقد كان فعلتها بالأول لأجل عمي وبعدها بأشهر وضعت النية لأجل الله وسترة النساء".


حزنت سلمى عليه قائلة:

" صعب جدا ما كنت أتوقع انه انتهى بهذه القسوة، ظننت أنه عدم توافق وما شابه".


فاجأها بجوابه:

"لم يمت الشيخ ولم يتعرض لحادث كانت خدعة من حبيبها".

 

تنهد بحزن الذكريات قائلا بوجهه المقتضب:

 "لا داعي ان نرهق نفسنا بالذكريات هيا لننام".


تمدد واضعا رأسه على وسادته وهو يقول لها:

 "هيا رددي معي اللهم باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين، اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق".


وضعت رأسها على الوسادة ناظره جهته وهي تردد خلفه، صمت مغمض عينيه دون أن يستدير جهتها فلقد تجمع بقلبه الضيق واللوم على ضعفه في هذه الحقبة من بداية شبابه معاتبًا على نفسه داخل نفسه: 

"كم كنت مطيع وساذج اسمع ما يقال، اتنازل عن إرضاء نفسي لأجل إرضاء الجميع".


ابتلع ريقه المحتقن بمشاعره وهو يفتح عينيه مستمع لسؤالها:

 "هل كنت تهتم بها أيضا يعني هل نسج قلبك الاحلام معها؟".


أدار وجهه دون جسده لينظر لها متسائلا: 

" علياء؟ لم انتظر منك هذا السؤال بعد كل ما حكيت لكِ".


ردت سلمى بخجل:

 "كنت أتسأل ماذا ان اهتميت بها".


_" لا اريد التحدث بهذا الأمر على الأقل الليلة هيا نامي".


استقامت راسه على الوسادة مغمض عينيه دون نوم، اختنقت بغيرتها وشعورها بالوحدة التي تنبش بقلبها كلما تذكرت انها ضيفة عابرة بحياته، تسارعت ضربات قلبها حين تذكرت سندس وكثرة عمله معها، كان شعورها غريب فراغ كبير يزاحم حب امتلاك لقلب شخص اصبح يدور عالمها حوله ينتابها ببعض الوقت أن تعزله عن العالم ليكون لها وحدها، كي تضمن عدم تركه او خذلانه لها ولكنها تتراجع لأجل خوفها من ظلمه او ظلمها.


اشتدت الحرب بداخلها حتى احمر وجهها من شدة ما تشعر به كما ضاق صدرها وارتفعت حرارة وجهها لرغبتها بالبكاء والصراخ.


امر عجيب كيف وصلت في ثواني قليلة لهذه المشاعر المضطربة وهي بقمة نجاحها وتألقها، ولكن من الواضح أن فراغ الاهل والاحباب والدفء العائلي لا يمكن لأي شيء ملأه بسهولة.


تحركت بلحظة ضعف وتمرد وحزن مقتربة منه لتضع رأسها على صدره بصمت كبير، اهتز فاتحًا عينيه المتسعة من الصدمة والمفاجأة، ثبت دون حركة منتظر ان تبتعد او تتحدث ولكنها ظلت ثابتة على حالتها.


صارع أنفاسه المكتومة وضربات قلبه المتسارعة محاول تحمل ما يشعر به دون ردها أو الابتعاد عنها فكيف يبتعد وهو من يرغب ان يبقى العمر كله بهذا الوضع.


تحرك متمرد هو أيضا على صوت عقله، اخذها بحضنه وهو يلف ظهرها بجناحيه مستمع لصوتها:

"اعتذر لك ولكني " 


صمتت لثواني رغرغت عيونها بالدموع مكملة بصوتها المختنق: 

"اشعر بفراغ كبير داخلي".


ضمها اكثر لقلبه مقبل راسها دون ان يجيبها يحنو عليها بقلبه الحنون ليهدئ منها:

"هل غارت زوجتي الحبيبة؟".


قالها وهو يرغم نفسه على الابتسامة لتصدمه برفع نظرها نحوه مجيبة عليه بسؤال اخر قائلة: 

"هل يمكن ان تكون غيره؟ اعتقد انها فضول اكثر من غيره".


ابحر بعينيها الحزينة مجيبًا:

 " وما من كثرة الفضول تتحول لغيرة، لنصبر ونرى".


غرغرت عينيها بالدموع:

 "أخشى ان نحلم بهذا اليوم دون الوصول له فالقلب…".


اعتدل قليلا ليرى وجهها بشكل أوضح دون إخراجها من حضنه:

 "ما به القلب انتِ تظلمينه بخوفك هذا اتركيه ليعيش مع من يريد".


هزت قلبه بقولها:

 " لا يمكنني تركه مع رجل مجنون مثلك من غير شيء لا أستطيع السيطرة عليك فماذا أن تمرد قلبي هو أيضا عليّ".


تفعم وجهه بالحماس والفرح قائلا:

 "اقسم لكِ أننا لن نُحزنك او نُتعبك سنجلس مؤدبين مطيعين دون صوت ننبض بجانب بعضنا البعض بصمت".


ضحك وجهها وهي تقول:

"لن اصدقك انظر لوجهك وأنت تعطني الحق بذلك، دعني احتفظ به دون إرهاقه بخوض تجارب جديدة يكفينا ما مررنا به".


_ "اقدر شعورك، وانا أيضا كنت احتفظ بطقم عازفي البيانو تعرفينه أليس كذلك؟، الجاكيت من الخلف طويل لبداية ارجلنا ومن الامام قصير ومفتوح وأسفله صِديريّ وقميص أبيض وربطة عنق على شكل فيونكة باللون الأحمر".


ابتسم وجهها الحزين من جمال وصفة لطقمه المحبب،

أكمل تيّم حديثه:

" لم ارتديه ولا مرة خارج المنزل، اجربه عليّ امام المرآة بخوف وحرص على فقداني لمعته وجماله واعود لأضعه بالخزانة، افتح كل يوم عليه انظر نحوه بفرح دون استخدامه خوفا عليه، حتى كبرت واصبح قصير من الاكمام والبنطال شيء فشيء تعذر ارتدائي له لتفاوت المقاسات بيننا".


_ " المشاعر مختلفة عن الملابس".


رد عليها:

"هي نفس الشيء حرمت نفسي من استخدامه  خوفا عليه من التمزق  او خسرانه، لم اتمتع به بل وخسرته لأنه اصبح غير ملكي، ما دمت لم استخدمه  فخسارته والمحافظة عليه سواء فبكلتا الحالتين لن أصبح بحاجة إليه".


حركت فمها بقولها:

"وجهة نظر غريبة ولكنها مقبولة".


_"عليكِ أن تستخدمي قلبك وتواجهي كل المشاعر في سبيل الوصول لبر الأمان والراحة والسلام والدفء والمحبة، وإلا ستخسرين كل ذلك ولن تجدي بجانبك من يضحكك ويحبك ويخشى عليك من نفسه، خلاصة الحديث إذا كان بالتجربة احتمالية النجاح".


دخلت بحضنه اكثر وكأنها استجابت لحديثه قائلة:

 "هيا لننم تبقى القليل على ان أسقط على نفسي من النعاس". 


هربت بوجهها المبتسم لتدفنه بصدره كي تزيد من تخبطه ومحاربته نفسه من أجل الثبات دون حركة.


نامت سلمى بحضن زوجها مستسلمة لإرهاقها المعنوي قبل الجسدي، لينام هو أيضا محاربًا مشاعره وقلبه العاشق لها، يستيقظ بين الحين والآخر ليتأكد هل هو بحلم ام علم ويعود لينام بأنفاسه المكتومة داخله وجسده المتخشب الثابت حتى وصل به الوضع لعدم تحمل المزيد من الوقت وهي تتنفس بداخله بهذا الشكل الجميل.


سحب ذراعه من أسفلها ببطئ وهدوء كما تفعل الأم مع ابنها الرضيع مبتعد شيء فشيء حتى وقف بجانب الفراش ينظر لجمال نومها العميق قائلا داخله:

 "اللهم لا تحملنا ما لا طاقة لنا به".


ذهب للحمام توضأ و وقف جهة القبلة ليبدأ صلاته التي اطال بها قراءة القرآن حتى اقترب من نصف الجزء الأول بالركعة الواحدة، انهى صلاته رافعا يديه للسماء كي يدعو بحرارة مشاعره مفضي ما بقلبه لربه راضيا بكل ما كتبه عليه.


كانت سلمى شاهده على دعائه ككل مرة حين تبحث عنه ليلا لتجده جهة القبلة رافعا يده للسماء.


حزنت من نفسها متخوفة مما فعلته، قائلة لنفسها:

"لا يحق لي فعل ما فعلته، اطلب منه ان يتمسك بما اتفقنا عليه وبنفس الوقت اقترب وانام بحضنه".


دمعت عينيها وهي تنظر لدعائه الحار قائلة:

"اشفي سقم قلبي يا الله، قلبي يؤلمني يا الله، لم اعد اعرف ما اريد، الكل يتمنى ما أنا به في حين انني أتمنى أبسط ما هم فيه من راحة بال ودفء القلب وسلامة الروح".


اغمضت عينيها الحزينة من جديد سابحة بنومها لتنتهي الليلة الأخيرة عائدين بعدها  لدولة الإمارات بصحبة الخالة عايدة، كانت سيارة الإسعاف في انتظارهم بالمطار وبجانبها طارق الذي أتى خصيصًا كي يصطحب امه.


وقف امامها يشكرها بقلب ممنون لها:

"مهما قلت وفعلت لا يمكنني اعطائك حقك، سأظل مدينًا لكِ طوال حياتي".


اجابته سلمى بامتنان كبير: 

"ليكن جزء بسيط من ديني لكم، حفظها الله لنا جميعنا، من الان وصاعدا هي في أمانتك لن اسمح لك بالتقصير او التباطئ".


قاطعها برده:

 "اخذت درسي لا تقلقي".


اقتربا سويًا ليتحدثا مع الأم عايدة بحب كبير، كما اقتربت الدكتورة رانيا من تيّم لتتحدث بصوت منخفض وهي تنظر لموضع عينيه على سلمى وطارق، قائلة:

"لا تتعجب من وضعهما هما دوما على هذا النحو ببعض الأوقات ستشعر بغيرة وقلق ولكنهما اخوة حقيقيين تجدهم كالأسود في ظهور بعضهم البعض عند حاجة كل منهما للأخر".


نظر لرانيا ثم نظر لزوجته قائلا: 

"ولما التعجب والغيرة من يعلم قصتهما يتفهم جيدًا وضعهما، فما مروا به ليس بسهل او هين كما ان العشرة والاخوة لا تهون إلا على أولاد الحرام، أليس كذلك يا دكتورة؟".


ابتسمت رانيا بقولها:

 "العشرة لا تهون إلا على أولاد الحرام!!، من أين أتيت بهذا المثل هل زرت مصر من قبل؟".


رد عليها بوجهه البشوش

 " وهل أم الدنيا حكر على أصحابها فقط؟".


ضحكت رانيا بجوابها:

" لم أقل ذلك هي أم وحضن لكل العرب ولكني اندهشت فقط".


اقتربت سلمى من زوجها ناظره لوجهه الضاحك قائلة:

"شاركونا حديثكم المبهج".


اسرعت رانيا بالابتعاد حينما تحدثت نسرين وعايدة معها، نظر تيّم لزوجته قائلا: 

"صباح الخير هل تذكرتي امري!".


تغيرت ملامح وجهها كي تكتسب شفقته عليها:

"هل من جديد!، ألم تكن شاهدًا على انشغالي وأيضا ألم اتحدث معك ليلة أمس!".


حملها حين اقتربت السيارة الخاصة بتنقلهم وهو يحدثها:

 "ولكنك ستعوضيني عن ما سبقها من ليالي، اقترب نسياني لكيفية التحدث مع البشر من كثرة صمتي وجلوسي بمفردي".


استمع طارق لأطراف حديثهم وهما منسجمين: 

"ألم اتحدث معك قبل نومي بالأمس وأيضا أخبرتك أنني سأفعل ما تطلبه مني عند عودتي للمنزل".


ابتعدا حتى اختفى صوتهما عن طارق الذي لا زال ينظر نحو وجه تيّم الفرح ، استمعت سلمى لرد زوجها لتضحك بعدها قائلة قبل ان يضعها في السيارة: 

"هل وصلت لقص الروايات قبل النوم".


صعد السيارة من بعدها بوجهه الضاحك وصوته المنخفض: 

"وعزف الموسيقى حتى النوم".


ضحكت من جديد ليقبل زوجها يدها بحب كبير كان طارق شاهدًا على وضعهما مجددًا، فمن حظه لا أحد يعلم السيء ام  الجيد أن نافذة سيارة الإسعاف المجاورة له كانت تطل على السيارة الخاصة بالنابغة.


لذلك رأى وجوههما الضاحكة بالإضافة لتقبيل تيّم ليدها وهذا ما جعله يسأل نفسه:

 "هل كان حقيقيًا، هل كنت اعمى لهذه الدرجة!، ولكن متى وكيف استطاع الفوز بقلبها؟".

………


وصلا لمنزلهم بهذه الحالة الوجوه الفرحة، طلبت سلمى لحم مشوي وارز اصفر طويل الحبة بجانب عدة مقبلات متنوعة دون ان تنسى البقلاوة.


ضحك تيّم عليها:

 "من يرى حجمك يتعجب من كم البقلاوة التي تتناولينها".


اهتزت بجسدها قائلة:  "احبها ما عساني ان أفعل".


رد عليها بحب كبير:

 " يا ليتني بقلاوة".


خجلت منه ناظره بأرجاء الغرفة قائلة:

"اشتقت لكل مكان في المنزل، الغرفة و الفراش، المجلس، إعداد الطعام بجانبك في المطبخ".


قالتها رافعه نظرها نحو نظراته التي تغيرت قائلة:

" تعلم حبي للأكل المنزلي هذا ما عنيته من حديثي".


شعر بخجلها من لون وجهها الأحمر قائلا:

 "هل الأكل المنزلي بشكل عام أم الكبدة المحمرة على الطريقة المصرية".


_" اوووه لم أستطع  تخطي طعمها وطعم الفلفل الحار بها خطفت قلبي بطعمها".


اقترب من جلوسها على الفراش بجانب حقيبة سفرها المفتوحة أمامها قائلة:

"ولكنك بهذه الحالة انقصتي من حق الدجاج المشوي بالفرن".


ضحكت سلمى ليكمل من سقط ببحور حبها:

"وكأنك تزوجتي بي طمعًا بمهاراتي في إعداد الطعام".


أومأت سلمى رأسها بفرح:

"بصراحة هذا ما حدث، أنا لم استمتع بتحضير الطعام من قبل كما استمتعت به وأنا أحضره بجانب...


أوقفها برفع حاجبيه ويده بوجهها:

 "تقصدين وأنتِ تتذوقين الطعام وتنهيه قبل انتهاء طهيه".


_"ناكر المعروف أليس هذا أيضا من اساسيات نجاح الطهي، ماذا ان كان ناقصًا أو يحتاج للمزيد من …".


قطعت حديثها حين رفعت ملابسها من الحقيبة لتضعها على الفراش منصدمة من سقوط قطعة صغيرة خاصة بجانب تيّم.


أخذ حجابها من الحقيبة بسرعة مسقطه على من سقط بجواره قائلا: "لا داعي لكل هذا، وكأنك رأيتي شبحًا بجواري".


رن هاتفه ليقلل من خجلها، سحبت حجابها من جواره لتخبىء ما بداخله وهي تستمع لحديثه مع عمه.


تغيرت ملامح وجه تيّم كما تغيرت نبرته وهو يجيب عمه:

 "حسنا سآتي وصلت طائرتي قبل ساعات قليلة، بالإضافة لوجوب السفر للشارقة كي ااتي بأمي وأختي".


غضب عمه دون سبب واضح، كان يبرر له متابعته للأعمال وان كل شيء يسري دون تأخير ولكن عمه لم يقتنع، اغلق الهاتف دون رضا متنهدا بحزن كبير.


حاولت أن تهدئ من ضيقه لتجده يخرج غضبه بدفاعه عن نفسه وعدم تقصيره بالعمل.


تحرك ليجري اكثر من اتصال جميعهم كانوا بحالة ضيقه وصوته المرتفع.


عاد للغرفة ناظرا لحركتها وهي تتسند على الفراش كي تضع الملابس في الخزانة مخرج بها غضبه.


اخذ الملابس ملقي بهم على الاريكة عاتبا عليها ما تفعله.


جلس عدة دقائق بصمت تحرك بعدها ليخرج من الغرفة:

 "سأخرج لبعض الوقت ثم اعود إليك لن أتأخر".


_" اقترب وصول الطعام كما انني بحاجة لمساعدتك".


قالتها وهي تحاول ان تفكر بما يمكنها طلبه منه كي لا يخرج من المنزل وهو بهذه الحالة.


سألها عن حاجتها له لترفع يدها مشيره لشعرها، احتاج لمساعدتك به توقعت ان يرفض مزاحها ويصر على ذهابه ولكنه وقف صامتا ينظر لشعرها و وجهها لثواني طالت لتصل لثلاث دقائق مستغفر الله بعدها وهو يخرج أنفاسه الغاضبة من داخله قائلا:

"مهما نفعل لم نرضيه".


تحرك ليأخذ الفرشاة من اعلى المرآة صاعدا بعدها الفراش ليجلس خلفها وهو ينزع رابطة شعرها كي يمشطه لها.


ندمت على طلبها فور اهتزاز قلبها وارتجاف جسدها من قربه وشعورها بركبتيه بجانبها، بدا بتحريك يده عليه متتبعا حركة الفرشاة.


اغمض عينيه ليستمد من ملمسه الراحة والهدوء والسكينة، رأت حالته بالمرآة المقابلة لهما متعجبة من اقتراب وجهه لشعرها بهذا الانسجام والحب الكبير.


ابتلعت ريقها محاولة السيطرة على ارتباكها وحالتها المضطربة بمشاعرها المختلفة من خجل وتوتر وفرح.


كور نصف شعرها للأعلى والنصف الاخر تركه منطلقًا خلف ظهرها:

 "تم الأمر الان".


ابتسمت وهي تستدير شاكره له مساعدته:

 "أنت من أوقع العقاب على نفسه".


مد يده ليلامس خصلات شعرها واضعها على كتفها الأمامي مجيبا عليها بحزن: 

"يا ليت كل العقاب كعقابه".


ردت عليه لتهدئ منه:

"عمك يحبك انت تعلم ذلك ولكنه عصبي مع القليل من سرعة الغضب والغيرة".


_"غيرة؟".


ضحكت بوجهه:

 "من الواضح انها جينات عائلية لديكم، يغار عليك من قربك مني يخشى ان استحوذ عليك او اخطفك منه".


أجابها تيم بحزن:

 " كنت أتمنى ان يفرح لي بدلا من ضغطه عليّ لم افكر بيوم انه سيضعها بوجهي ويضغط علي بالعمل معها وهو يفكر بشكل غير مقبول، توقعت تقبله لزواجي ولكن عناده وسعيه بالخروج منتصرا كما اعتاد جعله يفعل ذلك دون إدراك".


غار قلبها مما سمعته حين اكمل تيّم شارحًا لها خجله من أحاديث عمه عن اخلاقها وجمالها اثناء عملهم مع بعضهما، يجبره على التحدث والخوض بأدلاء رأيه في أمور لا تخصه، يناديها لتجلس بجوارهم متحدثا عن مميزاتها.


سألته بصوت منخفض: "وماذا عنها؟".


رن جرس المنزل الرئيسي ليتحدث لها:

 "جاء الطعام سأنزل لاستلامه ومن ثم اتي لحملك، إياك ان تفكري بالخروج وحدك".


اطاعت كلامه بصمت و شرود وتفكير بما سمعت منه.

…….


علم خليل بعودة سلمى لدبي من خلال تواصله مع طارق بحجة الاطمئنان على أمه، استغل الوضع قائلا:

 "سآتي قريبا لأطمئن على الوالدة بنفسي".


تحدث طارق قائلا:

 "لا تتعب نفسك فبكل الأحوال ستعود امي للعراق بعد تعافيها بشكل كامل وهناك تستطيع زيارتها".


أصر خليل على الزيارة القريبة: 

"لا يمكنني المجيء لدبي دون زيارتها".


اجابه طارق بجدية:

 " هل ستأتي لأجل سلمى؟".


وقبل ان يجيب خليل اسرع طارق بتأكيده حقيقة زواج سلمى وعلاقتها الجيدة مع زوجها، حكى له عن الانسجام الكبير بينهما و وضع سلمى الذي تحسن كثيرا فلم تعد بوجه حزين كسابق عهدها.


لم يقتنع خليل وظل يؤكد ان قرار العشيرة الأخير هو السبب بزواجها السريع من رجل لا تعرفه.


كان من المفترض عودة أم تيّم من الشارقة فور عودتهم من أمريكا ولكنها ظلت لوقت إضافي بجانب عائلتها كي تنضم لحفل زفاف أحد الأقرباء منهم في أواخر الشهر الجاري.


 ………. 


مرت عدة أيام تحسنت حالة سلمى وأصبحت تتحرك بواسطة عكاز طبي يتوجب عليها استخدامه عدة أيام، حتى استغنت عليه منتبهه على قدمها بشكل كبير كي لا تعود المشكلة من جديد. 


عادت لعملها بشكل كامل كما عاد زوجها للغرق بالأعمال المتأخرة، كلما اتصلت به وجدته مشغولا مع العمال او الرد على عمه الذي أتى بسندس لتدير عملها من مكتبه الخاص.


فرغم تفوق الدكتورة وتفاخره بها كونها زوجة ابن أخيه، ورغم أخذه عدة صور لتيّم وهو بجانب زوجته في الفعاليات الكبيرة و وضعها بمدخل الشركة لتكون داعمة لهم إلا أنه كما وصفه ابن أخيه لا زال مصرا على رأيه من باب الكبر وعدم العودة عن قراراته.


اضطرت سلمى بأن تقبل تكريمها بالحفل الكبير المقام على أرض الإمارات والذي سينضم له اكثر من قامة كبيرة بالمجال الطبي، تحدثت إليها هند بانبهار:

 " ارتعبت حين استمعت للأسماء التي ستحضر الحفل هذا غير القائمة الدبلوماسية رفيعة المستوى من عدة دول عربية وأجنبية".


أومأت سلمى برأسها:   "مضطرون على الذهاب".


_" يكفيك تكبر أنتِ ترغبين بالذهاب وكثيرًا أيضا ولكنك تجحدين بالنعمة على نفسك".


استغربت مما سمعته  متسائلة بضحك:

"هل تتحدثين معي انا ام انكِ توجهين حديثك لغيري".


ونظرت حولها للفراغ وعادت لتنظر لها  قائلة:

"على ما يبدو إنك كنتي تقصديني أنا بالجاحدة".


أومأت هند برأسها متناولة قطعة أخرى من الكيك قائلة:

"ببعض الوقت اشعر وكأنك اصبحتي كما يصفونك تمامًا".


سألتها سلمى باهتمام: 

"من هؤلاء؟ وبماذا يصفوني؟".


تحدثت هند وهي تأكل: 

"طبيبة ناجحة متفوقة ومميزة بعملها. لا تترك أي نقص خلفها. تقوم بعملها وعمل عشر امثالها بنفس اللحظة. تهتم بكل الأقسام. تكاد ان لا تخرج من المشفى. جميع المرضى يحبونها ويثقون بها بل ويأتون على اسمها لا تقبل ان يتدخل احد بحياتها الخاصة. وكما انها عنيدة. متكبرة . قليلة الكلام . تجحد بالنعمة. رافضة ان تتنعم بما يتنعم به غيرها من امثالها ....".


قاطعتها سلمى بضيق قائلة:

"نعم أنا قليلة الكلام عكسك تمامًا. فليس واضح من حديثك متى ستتوقفين عن الحديث، وكأنك تريدين من تتسلي معه اثناء تناولك الطعام. ولكن مع الأسف اريد ان اخبرك بأنك أتيتِ للعنوان الخاطئ كما تعلمين تبقى القليل على موعد دخولي للعملية اريد ان اصفي ذهني قبل ذلك".


أكملت هند حديثها وهي لا زالت تكمل طعامها:

 "جميع ما أخبروني به كان صحيحًا ولكنه ناقص".


تركت سلمى القلم من يدها متحدثه بضيق ظهر بنبرة صوتها:

 "وما هو النقص الذي تريدين إكماله إذا. تفضلي تحدثي براحتك ولا تقلقي يمكنني تأخير موعد العملية لأجلك".


نظرت هند لعيون صديقتها قائلة:

"لا زلتي  تحاولين التظاهر بالقوة وهذا يلزمك عدم التحدث بكثرة حتى لا تضعفي، عيونك تفضح ضعفك وحزنك وضياعك بدنياكِ. تتولين مهام أكثر من مهامك كي تهربي من عودتك للمنزل واصطدام بحقيقة زواجك المزيف. تهربين للعمل خوفا من رؤية الجميع لدموعك. طبعا حتى تجدي حجة أخرى غير الإرهاق عند سؤالهم عن حالة عينك و وجهك الأحمر".


حزنت من حديث صديقتها، صمتت دون تبرير فيبدو ان عدم مصارحتها بطبيعة زواجها جعلت صديقتها المقربة تتحسس منها وتفسر صمتها كما يفسره الجميع كبر وتعالي.


وامام صمت سلمى تحدثت هند:

"لا تحزني مني ولكني غير راضية عن وضعك، تغيرتي كثيرا منذ ان تزوجتي منه، صمتك وابتعادك عنا جعل منك شخص اخر"


ردت سلمى عليها بضيق:

 " ألا تلاحظين انشغالي وما مررت به من حوادث أثرت على قدمي بخلاف سفري وحزني على ما حدث مع الخالة عايدة".


اجابتها هند 

"لا اعرف هذا ما شعرت  واردت ان احدثك به، احزن على وضعك، انت تضحكين على نفسك، أرى انك لست سعيدة بزواجك السريع ومحاولة هروبك من خليل رغم انك…".


قاطعتها بقوة:

 "هل تتواصلين معه؟".


تحدثت هند مدافعة عن خليل قائلة:

 " هو من يستحقك هو من يحبك، هو من يسعى إليك حتى الان، جميع من حولك وهم وتمثيل لأجل ما اصبحتي به من شهرة وسيط، أما هو فكان مختلفا منذ اللحظة الأولى، خليل من انقذك وحماك وهو من حررك لتصبحي ما انت عليه الان وهو أيضا من يضحي حتى الان بسلامة واستقرار حياته كي تعودي لبلدك لتحقيق أحلامك وتبني عائلة سعيدة ترسم الابتسامة الحقيقية الغير مزيفة على وجهك، سلمى تعلمين حبي الكبير لكِ ولأجل هذا الحب والخوف عليكِ اود ان اخبرك بانك ستظلين تائهة. ضعيفة. مكسورة. حزينة. وحيدة. لا تشعرين بطعم الحياة مهما صعدتي وتفوقتي بها طالما انت بعيدة عن عائلتك وبلدك وقلب يعشقك بجنون، يتمنى لك الخير دوما دون مقابل، ستظلي تبحثين عن نفسك وعن الحب والاحتواء بعيدا عنه دون ان تجديه، تبحثين عن خليل داخل دكتور تيّم دون ان تجديه"


زفرت سلمى بغضبها:

 "نعم أيتها الطبيبة وما العلاج إذا. هل سأجد عند سيادتك العلاج الفوري للمرض الخطير الذي شخصتيه بخيالك الواسع".


ردت هند:

 "اعتذر منك ان تماديت ولكني اخشى عليك من الضياع بدنياكِ، تستمرين بوحدتك وانكسارك، تسقطين وتحاربين للنهوض بكل مرة حتى تنهكين وتخر قواكِ".


_" كل هذا سيحدث لي ان لم أعد لخليل!"

 قالتها سلمى بسخرية واستنكار.


جاءت هند ان تهم بالدفاع عن خليل لولا هجوم  سلمى بحديثها القوي عن عدم عودتها له وإن كان اخر رجل بالعالم كله.


تركت لها المكتب ذاهبة لتتحضر للعملية قبل موعدها، حزنت هند من نفسها فتحت الهاتف كاتبه لخليل: 

"لا تتواصل معي مرة أخرى، كنت سأخسر صديقتي من تحت رأسك، لقد أخرجتك من قلبها ولا أرى انها ستغفر لك ما فعلته بها، انسى الامر وارفعه من خيالك فحتى وان كان زواجها غير حقيقي وحتى وان كانت ستبقى وحيدة بدونك فهي لن تعود لك وان كنت اخر رجل بعالمها".


تحركت لتذهب بجانب صديقتها معتذرة منها لما قالته شاكية لها ضغط خليل عليها وخوف قلبها مما قال حيال مستقبلها المظلم بالوحدة بدونه.


تحدثت سلمى باخر كلماتها قبل دخولها لغرفة العمليات: 

"لا تتحدثي معه بأي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي ان كنتي ترغبين باستكمال علاقتنا كصديقتين وإن لم ترغبي بذلك..".


قاطعتها هند بسرعة:

 "ان اردتي سأقاطع زوجي معه أيضا ولكن إياك ان تتغيري من جهتي".


تحركت سلمى بجدية لتدخل غرفة العمليات دون ان تجيبها فكيف كانت تنتظر منها ان تضحك بوجهها بعد ان لمست جرحها العميق بقسوة شديدة.


………….


وبعد ساعة الا ربع خرجت سلمى من العملية بوجه حاد يحارب عقلها ما سمعته من صديقتها تدافع عن نفسها وحياتها الغير مرتبطة برجل كي تنجح و تفشل او تسعد وتحزن ، حزنت كونه مشغولا عنها ارادت ان تتحدث اليه هاربة من ضيقها لعله ينجح باضحاكها.


تذكرت امر الحفل لتقول لنفسها: 

"من المستحيل أن يأتي في ظل ازدحام عمله، بجانب عدم حبه لهذه الأجواء مثلي تمامًا".


دخلت مكتبها ليضحك وجهها فور رؤيتها له، فتح ذراعيه متحدثًا بصوته الجميل مرحبًا بها:

 "جاءت أميرة الحفل".


كانت هند بهذه اللحظة تمر من أمام مكتبها صدفة، اقتربت عند سماعها صوت صديقتها وهي تتساءل: 

"كيف ستأتي معي؟".

 

قالتها مبتسمه بوجهه مما شجعه على قول:

 "ألست زوج النابغة ولي حق بذلك، الدعوات أتت بجواز اصطحاب مرافق من الدرجة المقربة لكِ واعتقد لن تجدي اقرب مني يرافقك ويحميكِ". 


حاولت إخفاء ضحكتها وهي تقول:

 " ليس من الضروري مقرب لذلك سآخذ هند معي".


ردت هند من جانب الباب:

"نعم انا من سيذهب معها، سأموت وارى المدعوين عن قرب".


رفض تيّم بقوله لزوجته:

"اغلق عليكِ وامنعك من الخروج و أيضا بينما يحسدني جميع الزملاء على ذهابي معك تأتي انت وتقولين هند وما شابه انسي سأتي انا معك".


تحدثت هند بحماس قائلة:

"لا تكملا الحديث انتظروني حتى أقوم بعمل مهم وأعود إليكم عشر دقائق على الأكثر إياكم أن تتحدثوا من دوني".


ردت سلمى على زوجها بعد ذهاب صديقتها:

"ولماذا ستأتي وانت مشغول بعملك؟".


_"هل من عقلك تسألين ام أنكِ تضغطين عليّ والسلام، يتحدث كل من في المستشفى عن الحفل و لم يتبقى أحد إلا وحلم ان يشاهد فيديوهات الحفل بث مباشر بنفس اللحظة، لن اعطي شرف اصطحاب زوجتي للحفل لأحد غيري الموضوع منتهي".


_"وماذا عن عمك؟".


ابتسم وجهه:

 "اخذت رضاه قبل مجيئي لكِ".


فتحت حقيبتها لتخرج منها ظرف أعطته له دون كلام فقط تنظر لعينيه، أخذه منها وهو يتساءل ما بداخله، نظر لوجهها المبتسم وهو يفتحه بفضول ليجد الدعوة باسمهما ابتسم وجهه رافعًا نظره عليها:

"هل كنتِ تختبريني ام اصبح الضغط عليّ متعه لديك".


أومأت سلمى برأسها: 

"بصراحه هذا ما حدث".


_"وماذا ان رفضت ذهابنا عنادًا بك الان".


رفعت اكتافها بدلال: 

 "ولكن بهذه الحالة عليك أن تفكر كيف ستعوضني عنه".


اقترب منها بحبه الكبير متسائلا:

 "وكيف تريدين التعويض".


ردت بصوت جميل مفعم بالأحلام: 

"اريد ان اذهب إلى مكان بعيد خالي من ضوضاء السيارات والأجهزة وازدحام البشر، البحر امامي والسماء الزرقاء فوقي".


شاركها تيم الاحلام:

"وخوص الكوخ وراءك والرمال البيضاء اسفلك".


ضحكت مكملة بعالم الاحلام:

"والنخيل الاستوائي من حولنا".


_ "أي نخيل استوائي؟".


سألته متعجبة من سؤاله:

"ألم تسمع عن النخيل الاستوائي من قبل".


حك جبهته:

 "امممم اعتقد من الأفضل والاوفر ان اسمح لكِ بالذهاب".


ابتسمت ناظره لاقتراب هند منهما وقولها:

"أما زلتما هنا، هيا تأخرتما على الحفل".


 ثم نظرت لتيّم مكملة: 

"أين ذهبت سرعتك و تأخرك".


صغرت سلمى عينيها وهي تنظر لهما:

"ما بكم هل اتفقتما عليّ".


رفع تيم حاجبه:  "لا أحد يستطيع فعلها مثلك".


ابتسمت سلمى مجيبه:

 "ولكني لا افهم على ماذا تأخرنا الحفل بالمساء لا زال هناك الوقت الكافي لنباشر عملنا ومن ثم…..".


تحدث تيّم 

" اعلم انه لا ينفع معك الكلام لذلك….".


انحنى ليحملها على كتفه مكملا:

 "هيا بنا".


رفضت صادمة يدها على ظهره قائلة:

 "أنزلني ، تيّم عيب الزملاء ينظرون نحونا، تيّم لا احب هذه الحركات من فضلك أنزلني".


دخل المصعد منتظر إغلاق بابه بعد ان اختار طابق الكراج منحني للأمام كي ينزلها من على كتفه:

 "لا ينفع معك إلا القوة".


ردت بصوت جاد: 

" سأحاسبك على ذلك، ولكني سأذهب أولا لأمُر على المرضى ومن ثم اعود لأريك كيف تحملني بهذا الشكل أمام الجميع".


حرك رأسه بالنفي منتظر وصول المصعد للأسفل وفتح أبوابه امامه ليقترب كي يحملها مجددا ، رفعت يديها امامه:

 "حسنا سأسير بجانبك دون جنون وتهور، وأيضا ماذا سأفعل إن عدت للمنزل من الان".


فتحت هاتفها وهي تتوجه للسيارة متحدثة مع طارق طالبة منه ان يتولى مسؤولية أعمالها ليجيبها:

"ألم تثقي بزوجك، لقد وصلتني رسالتك منه قبل اكثر من ساعه وأجبته ان تذهبي وانتِ مطمئنة على المشفى والمرضى نريد ان نرفع راسنا اليوم شرفا بابنة العراق".


صدمت كتف تيّم بيدها وهي تقول لطارق: 

"شكرا لك، ومع ذلك اردت ان أؤكد عليك بنفسي وخاصة على مريض غرفة ثلاثمائة وعشر".


تحرك تيّم بفرحته ليفتح السيارة ويجلس على مقعد القيادة، لتجلس هي من بعده مغلقة الهاتف:

"أرى أنك جهزت ورتبت كل شيء".


_"لا ليس كله، لأجل ذلك نحن ذاهبان لاستكماله".


سألته عن قصده بما قاله ولكنه لم يجيبها ظل يمازحها حتى وقف أمام سوق تجاري خاص بملابس السهرة الراقية.


تحدثت بسرعة:  "فهمت الان، ولكني لدي فستاني".


_"وماذا عني ألم تفكري بي".


خجلت مما قاله معتذرة منه بوجه احمرت وجنتيه:

"انا لم اقصد ذلك للحظة فكرت انه لأجلي، ولكني كنت .. يعني بما انك لديك عدة اطقم".


_"سنتحدث عن ذلك بوقت لاحق، هيا لننزل".


اغمضت عينيها وهي تنزل من السيارة قائلة داخلها:

 "وكأن الكون يدور حولك، ان صمتي على الأقل ما كنتِ وضعتي بهذا الموقف المخجل".


دخل تيّم المتجر الكبير مخرج هاتفه ليعطي للفتاة رقم كود الحجز لترحب بهم وهي تشير لهما جهة الشمال متقدمة بصحبتهم الى هناك.


_"هل حجزت طقمك من قبل".


مال عليها:

  "انتظري لتري بنفسك".


انبهرت عينيها بفستان ابيض من الحرير مطرز عليه بالفضي، اقتربت منه وهي تلمس نعومته بقلب نغزه أحلام الشباب.


تحدث تيّم من الخلف:

 "هل عجبك لهذه الدرجة".


ابتلعت ريقها محاولة تخبئة احتقانها بحزنها: 

"نعم جميل ولكن لونه غير لائق على المناسبة".


_"اجل غير لائق لذلك عدلت على الموديل قليلا".


نظرت له باستغراب، أتت الفتاة من خلفهم:

 "تفضلا بالجلوس دقائق و ستأتي ايمان هانم".


تحدثت لزوجها:

 "ما الداعي لكل ذلك لنختار طقمك ونحاسب عليه ثم نذهب".


رفع حاجبيه:

 "وهل كل يوم سأذهب لحفل كبير كهذا وأيضا بصحبة نابغة من نوابغ الطب".


_"لا تبالغ القيمة الحقيقة تكمن بالحدث وما جعلنا نصل له".


أتت سيدة ذو مظهر جميل ومرتب بعناية ترحب بتيّم وزوجته قائلة: "تم تحضير ما طلبت اتمنى ان يكون بقدر احلامك".


تعجبت سلمى مما تقول نظرت نحو الفتاة التي ظهرت من خلف السيدة حاملة على ذراعيها فستان

 "إياك ان تقول …".


مال عليها بجوابه:

"لا اريد ان افضح هنا السيدة تعرفني معرفة شخصية، انتظري حتى نعود للمنزل وافعلي ما تريدين".


تحدثت السيدة لتيّم:

"تم التعديل على الفستان الأبيض كما طلبت ليصبح مناسب للحفل".


وجهت السيدة إيمان عجمان حديثها للدكتورة سلمى وهي تشير على الفستان الذي اعجبها قبل قليل:

"أضاف السيد تيّم بعض التعديلات على موديل هذا الفستان، جلسنا لنتحاور حتى وصلنا لاختيار  الأسود كلون مميز يفرض حضوره بهذه المناسبات، ازلنا الأكمام مع الاحتفاظ بتفصيلة الشمس المشرقة بخيوط الكريستال الفضي على الخصر، طبعا لا داعي لشرح الجزء السفلي فكما ترينه أمامك نوع القماش الخاص اعطى للتفصيلة انسدالا غير مسبوق".


فتحت الفتاة سحاب حافظة الفستان لتخرجه منه ، اقترب تيّم. واخذه منها مقتربًا لزوجته قائلا:

 "هيا جربيه كي يقوموا بالتعديلات ان احتجنا لذلك".


ردت إيمان عجمان مديرة المكان: 

"رغم أننا قمنا بتصميمه وفقا للمقاسات المعطاه ولكننا مستعدون لعمل المزيد، فارتداء الدكتورة سلمى من معرضنا في هذا الحفل الكبير شرف سنتوجه بوجهة المعرض من بعد اذنكم طبعا".


نظرت سلمى لتيّم بعيون لا زالت متفاجئة بما يحدث حولها، خفضت صوتها وهي تقترب منه:

 "لماذا لم تخبرني".

 

رد عليها بنفس نبرة الصوت:

 "إياك أن تكسريني أمامهم لنؤجل الشجار عند عودتنا".


تنهدت بوجه مبتسم متعب:

 "إذا عليك الاستعداد من الان".


_"خاف قلبي هل عليّ ان اتراجع".


تحدثت ايمان عجمان من الخلف متسائلة: 

"هل يوجد مشكلة بالموديل ألم يعجبك".


استدارت سلمى مجيبه عليها 

"وماذا عن الأكمام ..؟".


رد تيّم مازحًا: 

"وما حاجتك للأكمام الحجاب سيعوض نقصهم".


رفعت حاجبيها بوجه يبتسم رغمًا عنه امام وجهه المبتهج.


اجابتها إيمان عجمان:

 "لا تقلقي اختار السيد تيّم جاكيت من الفرو الطبيعي سيعجبك بدون شك فهو نادر ومميز تم طلبه ولا زال بالطريق نصف ساعة على الأكثر وسيكون موجودًا بين يديكم، لنرى الفستان ونتأكد من قياسه ونقوم بالتعديلات ان وجدت حتى يأتي".


اخذت سلمى الفستان ودخلت به غرفة قياس الملابس، تحرك تيّم وهو يقول  للسيدة:  

"ساجري مكالمة مهمة وأعود إليكم".


ابتعد عنهم متحدثًا بهاتفه:

"اعتذر لعدم الرد، تم الاستلام صباح اليوم شكرا لكم".


_"العفو منك يا سيد تيّم ننتظرك بأي وقت".


اغلق المكالمة ليجري مكالمة أخرى أطول قليلا من التي سبقتها، لم يتوقع خروجها و وقوفها أمامه، اغلق هاتفه على عجل متحدث لها بدهشة:     " ألم يعجبك!".


نفت ما قاله: 

"بالعكس المقاس مضبوط واللون مناسب يتبقى فقط الجاكيت يا ترى بأي لون اخترته، الأسود أيضا؟".


_"لماذا لم تنتظري حتى أراكِ به، سامحك الله اضعتي اجمل مشهد كنت انتظره بالأفلام".


ابتسمت:

" كيف سأخرج به امامهم انه بدون اكمام".


اجابها بابتسامته:

 " طلبت الجاكيت بافتح درجة من درجات الكريمة يقترب من الأبيض بنصاعته ولونه، ذهبت للمصنع ورأيت الخامة واللون بنفسي ثقي بي ولا تقلقي، كنت اود ان يكون حاضرًا دون انتظار او تأخير ولكن تقديم موعد الحفل بشكل مفاجئ جعلهم يتأخرون بالتنفيذ".  


دمعت عيونها:

 "لماذا اتعبت نفسك، لدي في منزلي عدة فساتين جديدة لم ارتديها من قبل كنت سأذهب لأختار منها ويمشي الأمر".


اقتربت احدى العاملات بالمكان وبيدها صندوق كرتوني

"لقد وصل الحذاء يمكنكم تجربته".


_"هل حذاء..!" قالتها بنبرة تعجبية.


اقترب تيّم ليخرج الحذاء من داخل الصندوق شاكرًا الفتاة على تعبها مقتربًا ممن علقت عينيها الدامعة عليه وهو يقول:

 "هيا لنجربه".


ابتلعت ريقها وهي تنظر لانحنائه و وضعه أمامها على الأرض.


وضعت يدها على كتفه لتستند عليه  وهي تخلع ما بقدمها أولا ومن ثم ترتدي الجديد.


ثبت تيّم على وضعه ممسك يدها الأخرى كي لا تسقط وهي تبدل الأحذية على السطح الاملس.


لم تكن بحاجة لمساعدته فهي أكثر من يعلم كيفية الاعتماد على نفسها دون سقوط، ولكنها تعمدت الاستناد عليه لربما لحاجتها للتأكد بوجوده بجانبها دون أحلام او لربما أرادت لمس واقع جديد عليها فهي لم تعتاد على كل هذا الاهتمام قبل أي شخص قبله.


ابتسم وجهها وهي تستمع لصوته اثناء استقامته بالوقوف جانبها "لا يمكننا اختياره بكعب أطول من ذلك لسببين اولهم كي لا تسقطين به وتسوء وضع قدمك "


ضحك مكملا "والاهم كي لا يكون عيبًا على طولي "

ابتسمت بفرح: 

"نعم انت محق نرتضي بالقصير كي لا نفضح بالحالتين".


شرد بجمال وجهها قائلا:  "كوني هكذا دائما".

 

خجلت من نظراته وصوته بل و وجهه المشرق بابتسامته الجميلة:

" هل نذهب لنختار لك طقمك".


قالتها لتهرب من خجلها، انحنى عليها وهو يلامس قلبها متحدثًا بجانب اذنها:

"لا تهتمي بي فمهما ارتديت لن ينتبه لي أحد وأنا بجوار القمر".


أصرت على ان تذهب وتختار له بنفسها هاربة من قربه وغزله بها، لم تعجب باختياره ارهقته خلفها وهي تطلب منه ان يرتدي اكثر من طقم كي ترى المناسب عليه وهذا ما جعلهما يصلان للحفل متأخرين.


فتح لها باب السيارة لتنزل منها وهو ينحني ليمد لها اطراف الفستان من الخلف ، تحدثت بقلق:

 " يا ليتنا طلبنا بمساواة الخلف مع الإمام".


نفى بحركة رأسه:

 "بالعكس هكذا اجمل كالأميرات بالضبط، هيا انظري للأمام وتحركي بثبات الكاميرات تلتقط للجميع الصور نريد ان نكون بالمستوى الذي يليق بنابغة العرب".


نظرت بعيون فرحه نحو ذراعه الذي رفع قليلا كي تعلق يدها به قائلة :   "اشعر وكأن قلبي سيتوقف من التوتر".


وضع يده على يدها المعلقة بذراعه متقدم بخطواته نحو الدرج المغطى بالشريط الأحمر .


_"ارفعي راسك ولا تهتمي بأمر الكاميرات".


يعتقد ان حديثها لأجل الأضواء ولكنه العكس تمامًا فهي معتادة على الأضواء منذ صغرها، ولكن قربه و واهتمامه جعلها تشعر بمشاعر جديدة عليها، بدأت بصعود الدرج وهي تنظر لطرف فستانها الذي تعثر بحذائها من الامام، انحنى تيّم قليلا ليرفع لها الفستان مكملين سيرهم بعدها بانطلاقة قوية و وجوه منشرحة.


تعرفت سلمى على لفيف من الأطباء المميزين والنوابغ والعلماء فكان الحفل جامع لصفوة الصفوة في المجال الطبي. 


تقدم مجموعة من الأطباء كي يتحدثوا مع الدكتورة سلمى ويتعرفون عليها، فرح تيّم واُثلج صدره وهو يراها تتباهى بتعريفهم على زوجها.


تنوع الحفل بين قسم ترفيهي وعملي وعلمي حتى وصل لمد طاولات كبيرة ممتلئة بالأطعمة المختلفة،  تم ضيافة الجميع بمشروب مميز اخبروهم أنه يجمع بين الفوائد الصحية المختلفة والطعم اللذيذ المميز، اعجب تيّم بالطعم:

 "لم أتوقع انه سيكون بهذا الطعم المميز".


_" بالعكس توقعت اهتمامهم بطعمه بعد اعتنائهم بشرح عناصره وتكوينه طبعا كدعاية إعلانية مربحة انظر حولك جميعنا مؤثرين بمن حولنا يتوافد علينا الكثير كل يوم تخيل ان اعجبنا جميعا بالمنتج وقمنا باستخدامه ونصحنا المرضى والزملاء به كم سترتفع مبيعاته".


أومأ تيّم براسه:

 " نعم صدقتي حتى انني أرى نجاحه القوي من الان".


_" تستغل الشركات الكبيرة هذه الفعاليات لترويج كل ما هو جديد ومميز يدفعون ثمن كبير لأجل استطاعتهم الحصول على إذن الموافقة على ذلك ولكنهم يربحون اضعافه بعدها بأشهر او أيام".


نظر تيّم نحو العاملين على الضيافة قائلا: 

" سأطلب كأس اخر".


ابتسمت له ناظره لنصف كأسها الممتلئ  قائلة:

 "ماشاء الله من ينظر لحجمك لا يتوقع قدرتك على فعلها انه ثاني كأس تشربه". 


وضعت كأسها على الطاولة:

 "يكفي بهذا القدر".


رد عليها قائلا:

"اكمليها ان لم يكن لأجل طعمه فليكن لأجل فوائده".


حركت راسها بالرفض: 

"لا يمكنني استكماله، كان عليك ان تفكر بذلك قبل ان تجبرني على تناول لحم الهمبرجر قبل الحفل".


ابتسم بوجهه الجميل

 " ما عساني فعلتها لأضمن ثبات نسب ضغطك كي لا نفضح أمام هذا الصرح الكبير".


_"معك حق نملأ بطوننا كي نحفظ ماء وجهنا".


اخذ كأسها وهو يجيب:

 "لا داعي لطلب المزيد إذا ، لنكتفي بهذا القدر".


جاءت لترفض بنصحه في أخذه لكأس جديد متراجعة عن قولها حين وجدته يبحث عن موضع فمها كي يشرب من نفس المكان وهو مغمض العينين.


خجلت مخفضة رأسها تحاول ان تتحجج بالاهتمام بفستانها الذي اشرح صدرها بجماله وتألقه عليها.


ألقت سلمى بنظرها نحو الطعام والقائمين على الخدمة قائلة: 

" لا يمكنك فعلها".


ضحك على قولها ونظراتها للطعام:

"ولكنه شهيي انظري إلى شكله ورائحته".


_'' ولكنك لم تترك في بطوننا مساحة خالية لأجله".


مد فمه قليلا ليمازحها: 

" لنبحث لعلنا نجد مساحات فارغة".


وضعت يدها على راسها:

 "اشعر بدوار في راسي، اعتقد بسبب الزحام وكثرة الفعاليات في الحفل".


رد عليها بقلق:

 "وانا أيضا اشعر براسي يدور، ما رأيك في ان نعود لمنزلنا ونكتفي بهذا القدر بالأصل انتهى الحفل وتبقى فقط قسم العشاء والصعود للنوم بالغرف".


أومأت برأسها وهي توافقه الرأي:

"نعم انت محق هيا لنعود كي نريح أجسادنا من إرهاق اليوم والأيام التي سبقته".


سألها تيّم:

"ان كنتِ تريدين البقاء في غرف الفندق يمكننا القيام بذلك فلا يوجد بالمنزل ما يتوجب العودة لأجله".


رفضت بردها السريع:

 "اريد ان اقضي اجازتي بمنزلي من بداية اليوم، لا داعي للنوم في الفنادق لا راحة للمرء خارج فرشته".


فرح قلبه لما قالته تحرك بجانبها وهو يغلق عينيه ويفتحهم متسائلا: 

"ماذا يحدث لي اشعر بدوار كبير".


شبك يده على ذراعها في حين يفترض عكس ذلك، انسحبا من الحفل دون ان ينتبه احد لهما كي لا ينشغلا بالسلام وتوديع الحضور ، ذهبا جهة الحمامات ومن هناك اختارا المخرج الخلفي ليخرجا منه  وهما بحالة غريبة تحدثت سلمى:

 "ما رأيك في ان نستقل سيارة أجرة؟".


لم يعارضها وهذا ما جعلها تشعر بغرابة الوضع اتصل طالبا سيارة خاصة ليتم احضارها على الفور، صعدا بها مبتعدين عن المكان وهما يحاولان البقاء بعقول وعيون مستيقظة لما يدور حولها.


وصلا للمنزل نزلا من السيارة وهما يترنحان على بعضهما البعض كانت سلمى بحالة أفضل قليلا من تيّم الذي فقد السيطرة على نفسه بشكل كبير، صعدا للأعلى متوجهين للغرفة مباشرةً.


ألقيا بأنفسهما على الفراش دون ان يضيئوا الغرفة او يبدلون ثيابهم.


مرت ساعات الليل بشكل لا يخطر على عقل ولا خيال ولا تخطيط أحد منهما، شيء يشبه لقاءهم الأول وطريقة زواجهما السريع، ليجدا أنفسهما بالصباح في حضن بعضهما لا يظهر من غطاء الفراش سوى وجوههم المتقاربة.


فتحت سلمى عيونها منصدمة بحالتها، اتسعت عينيها بمجرد شعورها بشيء غريب، خفق قلبها مبتلعة ريقها بعيون محدقة بزوجها بقوة وحده، تحركت للوراء كي تخرج من حضنه وهي تتمسك بغطائها الذي أبعدته عنها لثانية كي تنظر لنفسها معيدة وضعه عليها بسرعة صدمتها ومفاجأتها بوضعهم.


استيقظ المسكين على قوة يدها وهي تصدمه صارخة بصوت غليظ: 

"ماذا فعلت؟، نحن لم نتفق على ذلك، كيف..".

……..




google-playkhamsatmostaqltradent