رواية حياتي
بقلم أمل محمد الكاشف
تشابُك الروح بلحظات اشتعال القلوب.
غرق عارف في عطرها، كل شيء حوله لا يبدو كما أعتاد عليه فحتى رائحة عطرها مبالغ به وصوتها مختلف ويديها التي أزالت قميصه عنه ليست بنفس خجل وملمس يد أوزجي.
زاد اضطرابه محاولا الابتعاد عن الشخص الذي بجانبه قائلا:
" انتظري لحظة احتاج ان اغسل وجهي".
_ " لا داعي لهذا".
قبلته سيما لينتفض داخل عارف اعتراضًا على هذه القبلة وهذا التقارب، حاولت ان تبقيه على
الفراش ولكنه ظل يقاوم قائلا:
" هناك خطأ انتظري. انا لست بخير. انتظري ماذا تفعلين. توقفي يضيق صدري. ابتعدي قليلا".
ظل عارف يبعدها عنه ويقاومها حتى وهو في اللاوعي داخله رافض ان يصبح شبيه أبيه.
ظل يقاومها ويبعدها عنه حتى سمع الاثنان صوت طرق الباب بصورة غريبة ومستمرة.
تحركت سيما بقلق مقتربة من الباب ناظرة لنفسها ولعارف على الفراش بقلق كبير، تستمع لطرق الباب وهي تتساءل داخلها
" هل تم تغيير الخطة وسيتم الإمساك بنا من قبل الصحافة عوضًا عن نشر الصور في صفحات التواصل غدًا".
عاد عارف يتمتم معتذرًا زوجته:
" اعتذر منكِ لا يمكنكِ تركي. لقد أعطيتني وعدًا لا يمكنكِ تركي"
فتحت سيما الباب بعد أن نزعت فستانها من عليها كي يتم الأمر على أكمل وجه أمام الكاميرات منصدمة بوجود أوزجي أمامها.
تغيرت ملامح وجه سيما عندما رأت عيونها التي تشع النار منها، تراجعت للوراء أمام اقتراب زوجته منها شاهرة بوجهها إصبع السبابة تهددها بفضحها ومعاقبتها قانونيًا هي ومن ورائها بعد إجرائها عدة تحاليل تثبت ما مكروه لزوجها.
علا صوت عارف فور شعوره بصوت أوزجي معتذرًا منها على كل شيء وأي شيء فقط لأجل بقائها بجانبه، ورغم إنها شاهدة على تجرعه ألم الترك وما سمعه منها عن رغبتها بالانفصال، إلا أن لم تستطع مجابهة نار الغيرة التي اشتعلت والهبت قلبها.
اقتربت من عارف رافعه قميصه من الأرض قائلة رداً على ما يقوله'
" هيا لنذهب. هيا انهض معي".
وضعت يداه داخل قميصه كي يرتديه من جديد ثم أغلقت حزام الوسط وهي تمسك يده لتسحبه من الفراش بصعوبة في أول الأمر.
تعرف على صوتها رغم ضياعه في مظلمته، هدء وتجاوب معها على عكس ما كان يفعله مع الأخرى. تحركت به خارج الغرفة وهي تنظر لسيما قائلة:
"هذا ليس لقائنا الاخير سنلتقي وسأحاسبكِ".
وضعت أوزجي ذراع عارف على كتفيها وهي تحاوط خصره بيديه كي لا يسقط منها أثناء سيرهم، استخدمت ذكائها متحكمة في غيرتها ذاهبة إلى الغرفة التي حجزتها لهم في نفس الفندق بل في نفس الطابق كي لا يراه احد بهذا الشكل ويفضح.
دخلت الغرفة الجديدة بصعوبة ثقل استناده عليها، اقتربت من الفراش وهي تحثه أن يتمدد عليه قائلة بصوت وعيون باكية:
" يكفي. لا تكرر نفس الكلمات. كيف وصلت لهذه الحالة. كيف وقعت في فخها بهذه السهولة؟".
اقترب منها وهو يترنح بعيون ضعيفة حزينة كالطفل يترجاها:
" لا تتركيني سأفعل ما تريدين ولكن لا تتركيني. رجاءً يا أمي لا تتركيني. أنا بحاجة إليكِ. أمي لا تتركيني رجاءً".
تفاجأت أوزجي من كلماته ودموعه التي تذرف عينيه قائلة بصوت مختنق بثقل المشهد:
" سنتحدث بالصباح عليك ان تنام الان".
امسكها من كتفها دون رؤيته لها مكررًا لكلماته:
" ابقي بجانبي لأستطيع البقاء، لا يمكنني بدونكِ. لا تفعلي بي كما فعلت هي. لا تتركيني كما تركتني هي".
ألقى بنفسه في حضنها ليكمل بنبرة مرارة ما يشعر به:
" هل أنا سيء لهذا الحد؟ هل أنا شخص لا يُحتمل حتى يتركه الجميع؟".
بكت أوزجي وهي تهز رأسها بالنفي دون كلام ليبكي عارف ملقي بنفسه على الفراش بدلا من سقوطه الذي كاد أن يكون محتومًا.
أمسكت يده بسرعة خوفًا من سقوطه ارضًا قبل وصوله للفراش، سحبها ليسقطا أعلاه وهم بجانب بعضهما، تلاقت العيون حتى وإن كان لا يراها جيدًا فقلبه كان يراها ويشعر بها.
لينتج عن هذا السقوط وهذه المشاعر اول تقارب حقيقي بينهما، حارب عارف نفسه وضعفه وماضيه في هذه الليلة صارخًا داخله بقوة ليعلن لعقله انها زوجته ملكه الخاص.
تفاجأت سيما بوجود رجلين ينتظرونها خارج الغرفة، نظرت إليهم بقلق وخوف زال فور سماعها لكلمة السر المتفق عليها وطلبهم للكاميرا.
أعطاهم إياها وهي تنظر للذي دخل للغرفة كي يفتش ويبحث داخلها عن أي ثغرة تثبت الواقعة، بينما أخذ الآخر حقيبتها ليفتش بها منصدمة بخروج الأول من الغرفة مقتربًا منها وكأنه سيتحرش بها ولكنها تفاجأت بتفتيشها ذاتيًا لعل هناك ما تخبئه بملابسها.
مرت عدة ساعات كانت دواء وشفاء لآلام المحبين، وحزن شديد لغافر الذي لا زال يردد في حلمه " أنا لم أقصد احزانك، لا تبتعدي عني، لا تحزني مني، حطمت كل شيء لأجل إنقاذه، لا تحزني مني أنا لم اقصد أحزانك، انقذت طفلك انقذته لأجلك".
وضعت أسماء يدها على قلبها الذي خفق مما سمعتها متسائلة داخلها:
" ماذا خططت ودبرت يا غافر حتى تصل لهذه الدرجة".
ابتعدت عنه في نومها رافعه غطائها عليها متحدثة بصوتها المحتقن بالشفقة والحزن على فلذة فلذة كبدها:
"سلمك الله يا قلبي، سلمك وحفظك ربي بسلام بعيدًا عن شرهم".
اشرقت شمس يوم جديد يحمل في طياته الكثير من المشاعر، يوحي وكأنه بداية جديدة يتجلى فيها الأمل بعد لحظات صعبة مروا بها، يوم جديد سطر بهِ الاحتفاء بالقوة والقدرة على مواجهة الخطط والمؤامرات.
سمعت نغمه موسيقية تهمس بأذنها :
"زوجتي، روحي، قلبي، عالمي كله".
لم تستوعب أوزجي رؤيتها لعينيه المبتسمة لوجهها فور استيقاظها، قائلا:
" صباح الخير يا حوريتي الجميلة".
تذكرت ما حدث ليلة أمس، تغيرت ملامح وجهها وهي تحدثه بحدة:
" علينا أن نعود بسرعة للمنزل".
ابتسم عارف مجيبًا عليها بحب وفرحة ما هم به قائلا:
" أنتِ محقة علينا أن نعود بسرعة فلقد اشتقت أنا أيضا لمنزلي".
حدثته بحدتها لتذكره بما رأته عليه بالأمس قائلة باستنكار:
" لا أعرف تداركت ما حدث حتى تصبح بهذه الحالة".
_"أنا أدركه جيدًا لا تقلقي، يكفيني قربنا ونحن بهذه الحالة.."
قاطعت حديثه قائلة بحدة:
"لقد نصبوا لك فخًا لفضحك واخراجك…"
كانت تريد أن تقول مثل والديك ولكنها لم تتجرأ على ذلك.
تغيرت ملامح وجهه وعقله حين استراجع قشور الفخ الذي وقع فيه.
انتفض جالسًا بمكانه قائلا::
"أين هي؟ كيف تجرأت على فعل ذلك؟"
أسرعت أوزجي بادارت وجهها وهي تجيبه أثناء هروبها للحمام:
" علينا ان نسرع كي نعلم أين هي ومن فعل بك هذا، ولكن قبل ذلك عليك ان تقرأ الرسائل النصية التي أتت لي تنذرني بوقوعك في الفخ".
تحرك باحثًا في حقيبتها عن هاتفها، اخرجه ليقرأ اخر رسائل وصلت إليه من رقم مجهول:
"زوجك متغيب عن الوعي، أمامك دقائق قليلة كي تنقذيه من مؤامرة وفخ كبير ان سقط بشباكه ستنتهي أسطورة جوتشي الكبير"
أنهى قراءة الرسالة ناظرًا للرسائل التي تالتها بمضمون العنوان ورقم الغرفة وبطلة تمثيلية المؤامرة.
وبعد مرور ساعة إلا ربع كحد أقصى سجلا عارف وأوزجي خروجهم من الفندق وهم متشابكي الأيدي بوجوه ضاحكة ورؤوس شامخة تحذرًا من وجود كاميرات خفيه.
اقترب من سيارته فتح بابها لحوريته بوجهه المبتسم لتصعد أوزجي السيارة وهو من بعدها ليتوجها لمنزلهم.
أنا لستُ خائن.. أنا لستُ هو
حاول التحدث معها طوال الطريق كي يتذكر ويفهم ما حدث ولكنها صامتة لا ترد ولا تنظر له من ثقل استرجاعها لحالتهم فور وصولها للغرفة، وصلا للمنزل لتدخل هي مسرعة أوقفها معرقل سيرها بيده قائلا:
" علينا ان نتحدث لا يمكننا الاستمرار وكأن شيءً لم يكن، ما حدث بالأمس لا يُغير حقيقة امتلاكي اليوم لدنياي. أشعر براحة وسعادة لا يمكنني وصفها فلا يوجد تعابير تساعدني بشرح مدى سعادتي وفرحتي".
تحركت أوزجي مبتعدة عنه قائلة:
" دعنا لا نطيل الأمر. ما حدث بالأمس خاص بك تقصى الحقائق حتى نصل للفاعل وتحاسبه، أما ما حدث بيننا سيظل بالماضي ليكن ذكرى أخيرة لنا قبل وداعنا".
صعدت الدرج وهي تكمل حديثها قائلة:
" أرجو ان نكون أكثر تحضرًا في انفصالنا كما فعلنا بزواجنا".
اسرع صاعدًا خلفها بعقل شتت مما سمع قائلا:
" لا يمكننا الانفصال انــــ".
صمت عارف فاجأه وثبتت عينيه حين سقط نظره على حقيبة السفر المفتوحة على الفراش وبداخلها ملابسها.
نظر لها متسائلا بخوف:
" هل أنتِ حقا جادة بما تقوليه".
هزت رأسها بحدة وعناد تملكها قائلة:
" نعم هذا ما اردت توضيحه لك ولكنك لم تعطيني الفرصة".
نظر مرة اخرى للحقيبة ثم نظر لها قائلا:
" كيف ستتركيني بعد ما حدث بيينا".
دخل الغرفة بخطوتين بطيئتين أكمل حديثة بصوت منكسر:
" لماذا سمحتي لي... لماذا عدتِ وأنقذتني".
غضبت أوزجي عندما تذكرت الفندق ورؤيتها لوضعهم الذي خدش كرامتها وكسر قلبها وجعلها تسلمه نفسها دون التفكير بشيء غير أن تثبت لروحها ان جوارحه وقلبه ملكها وحدها.
تحدثت من جديد بصوت منخفض مكسور:
" كان فخ مدبر، كيف تظن أنني ساتخلى عن زوجي واتركه ليفضح دون وجه حق".
جلس عارف على الفراش بجوار الحقيبة التي استحوذت على أنظاره، أكملت أوزجي حديثها الذي سيطر عليه غيرتها العمياء قائلة:
" اسمعك. تفضل تحدث. أم أنك ظننت أنه أمر عابر، موديل حسناء رشيقة بقامه ممشوقة فائقة الجمال تزين وتحلي كل ما ترتديه وقعت بحب مديرها الذي اثرها بضحكه وقربه و…"
رفع نظره عليها بقوة متسائلا: "و.. ماذا؟".
زفرت أوزجي غيرتها بوجهه، قائلة بصوت حاد:
"ماذا تفعل لم تتحمل الفتاة قربك منها ورفعها السماء في عيونك قبل عيون الناس، بالأصل لولا الرسالة لما كنت اندهشت، من يراكم بآخر فترة يتوقع وصولكم لهذه النقطة بسهولة حتى أنكم تأخرتم به".
انصدم من كلامها وقف بقوة غضبه مقتربًا منها ليسالها بعقل جن وفقد صوابه:
" عن أي تقارب تتحدثين؟ هل كنتي تعتقدين أنني سأفعل هذا بكِ؟ هل أنا شخص خائن و دنيء لهذه الدرجة بنظرك؟".
توترت أوزجي وهي تستمع لقوة كلماته ونبرة صوته المرتفعة فهي تعرف جيدًا حساسية هذا الأمر بالنسبة له.
خرج من الغرفة بعد ان حرقت قلبه بصمتها، نزل الدرج بصدر مختنق مما رآه بعيون زوجته فكيف لها ان تتهمه بالخيانة؟ كيف يكون خائن وهو من عاش طفولته السوداء بسبب الخيانة؟.
اسودت الرؤية أمامه من جديد دخل المطبخ كي يشرب الماء، عادت له ذاكرته بهذه اللحظة ليتذكر قرب سيما وقبلتها له وكيف كان بحضنها وهم بحالة تشبه اصحاب الليالي الحمراء.
صرخ بقوة ملقي بالكأس ارضًا زائرًا بأعلى صوت:
" لاااااااا، أنا لستُ هو، أنا لست هو".
خرج الوضع عن السيطرة حين بدد الأسد كل ما يأتي أمامه ملقيًا به في أرضية المطبخ.
سمعت صوته الذي أتبعه أصوات تكسير زجاج وضجيج غريب، نزلت الدرج بسرعه تنظر نحوه بخوف وذعر، اقتربت منه كي تعيده عن ما يفعله حتى لا يتأذى وهنا تفاجأت بامساكه لكتفيها وهو يهزها بقوة ألامه مدافعًا عن نفسه:
" أنا لست هو. أنا لست خائنًا. أنا لم أخن. أنا لم اقترب منها. أنا لست هو".
_" اتركني، أنت تؤلمني، عارف اتركني"
وبالفعل تركها حين ادرك استياء حالتها بين يديه وقرب سقوطها من كثرة رجها بين يديه.
تراجع للوراء بعينان تنظران لامساكها لراسها ومحاولتها الوقوف دون سقوط بعد ان فقدت توازنها بسبب قوة هزها، أمسكت اوزجي بأحد مقاعدة طاولة الطعام وهي تشعر بابتعاده وتراجعه بظهره حتى وصل لباب المنزل قائلا لها كلماته الاخيرة:
" كما تريدين سيكون كل شيء كما تريدين".
خرج من المنزل وهو بالكاد يستطيع التنفس وقف وقت كبير خلف الباب مستندًا عليه حتى يستطيع استعادة الرؤية والحركة.
ثم صعد سيارته ليبدأ قيادته وهو يغلق ويفتح عينيه كي يستطيع ان يرى أمامه.
تحركت خلفه حتى ساءت حالتها بقرب الدرج جلست على اول درجة قائلة بصوت ضعيف حزين:
" انتهى كل شيء انتهى كل شيء".
احترق قلبها بذكريات أجمل اللحظات التي مرت عليهم احضانهم وضحكاتهم قبلاتهم. حتى وصلت إلى ليلتهم وهو متعلق بها يترجاها ان لا تتركه. كانت كل ذكرى تمر امام عينيها تزيد من ألم قلبها.
لم يجد عارف نفسه إلا وهو متوقف أمام عيادة الطبيب النفسي خاصته، فهذا ما كان يفعله دومًا بأشد واصعب أوقات حياته حين يخشى على نفسه من نفسه مسرعًا بالبحث عمن يداوي جروحه.
وكعادته أيضا أسرع الطبيب بحقنه نفس المادة التي يتناولها يوميًا بكم مضاعف كي يهون الثورة الغاضبة المشتعلة بقلبه، وهذا ما جعله يهدأ بعد مرور نصف ساعة.
تنفس عارف بثقل ناظرًا لطبيبه قائلا أولى كلماته بقلب منكسر متحطم يعيش أسوأ وأضعف لحظات حياته:
"تركتني، رحلت، انتهى كل شيء، هذه المرة انتهى كل شيء، لن اسعى ولن اجاهد لاجل النجاح والانتصار فليفعلوا ما يريدون من بعد الان".
دمعت عيون عارف الطفل الرافض لمساوئ والديه قائلا: " أكثر ما يؤلمني شكها بي، شعورها اني سيء يمكنه خيانتها بسهولة".
قطع الطبيب حديثه السلبي بكلمات قوية رافضًا سماعه ما يقول، حاول احتوائه وتهدئته صادمه بعدها بأعطاء أوزجي الحق في مشاعرها، شرح له مدى تأثرها بالتغيرات النفسية التي يمر بها وتؤثر سلبًا على سلوكه معها يوم متقاربين ويوم اخر كالغرباء تمامًا، كما شرح له حقيقة شعورها بالخوف من فقدانه او خيانتها فما مرت به من تعرضها فعليًا للخيانة يجعلها تشك بنفسها.
اطمئن الطبيب من استجابة عارف له ليسترسل في حيثه شرحًا له كيفية احتوائه لها من جديد وكيفية كسب ثقتها وحتمية إقناعها بعدم تخليه عنها بسهولة حتى وإن أرادت هي.
صُدم الطبيب من رد عارف عليه حين قال:
" تركتها وهي تحضر حقيبتها، من المؤكد أنها خرجت فور خروجي".
صمت عارف ليهمهم بعدها بصوت ضعيف:
" خسرتها. أنتهى كل شيء باللحظة التي اعتقدت أنه بدأ".
عاد الطبيب من جديد ليحثه على عدم تركها بسهولة وأن يعود إليها بسرعة كي يقف أمامها مدافعًا عن حبهم فهي زوجته وحبيبته ولا يمكنه تركها بعد ما حدث بينهم.
اغمض عينيه وهو يستمع لحديث الطبيب حيث قال:
" هي دواءك لا يمكنك الشفاء بدونها، اذهب إليها أينما كانت، لا تتخلى ولا تتراجع عن حبك، كن قويًا، لا تجعل احد ينتصر عليكم، هم أرادوا بكم هذا فلا تمنحوهم الفرصة لانتصارهم، أذهب واسترجع زوجتك، سافر خلفها، أعلن للعالم انك لم ولن تتخلى عنها".
لن أتراجع حتى تشرق شمسي بعينيكِ.
عاد عارف لمنزله وهو حزين ضعيف لا زال يرى كل شيء مظلم أمامه صعد الدرج مباشرةً معتقدًا أنها تركت المنزل، فكر أن ينام عدة ساعات كي يتمكن من السفر والوقوف أمامها بعقل مستيقظ وأعصاب استعادة نشاطها وقوتها، صُدم فور رؤيته لها وهي جالسة أمام مرآتها تمشط شعرها المبلل.
ظل ينظر نحوها صامتًا دون أن ينطق حرفًا واحدًا، تحركت أمام صمته وثباته ذاهبه إلى فراشها صاعده عليه قائلة له:
" حضرت الشوربة وتركت لك نصيبكً بالاسفل عافية لك".
أدارت قبلتها لتنام ناظرة للجهة المعاكسة له، نظر عليها ثم نظر للحقيبة بالجوار مغلق عينيه حزنًا واجهادًا.
وعلى غير المتوقع نزل عارف للأسفل مقترب من باب المنزل ومن بعده نوافذ الحديقة ليغلقهم جميعًا بالمفتاح، ثم صعد مرة أخرى ودخل غرفته ليبحث بعينه عن حقيبة يدها فلم يجدها، دخل غرفة تبديل الملابس ليجدها بمكانها المعتاد فتحها بهدوء دون صوت واخرج منها المفتاح الخاص بها قائلا بقلب هدأ وصفن:
" ليس بهذه السهولة لا يمكنكِ تركي. لن اسمح لكِ بتركي".
ظهر هذا الهدوء النسبي بالابتسامة التي رسمت على وجهه فور خروجه من غرفة الملابس ورؤيته لنومها على الفراش.
بدل ملابسه ونزل للأسفل يدندن الموسيقى بصوت ضعيف، وكأنه شخص مختلف تمامًا عمن كسر ودمر قبل ساعات.
دخل المطبخ و وضع له من شوربتها الجميلة ليجلس بعدها كي يتناولها باستمتاع كبير.
تفقد نظافة المكان واعادة ترتيبه من قبلها بصدر رحب، انهى تناوله لطعامه صاعدًا مرة اخرى كي ينام وهو مقترب منها سعيد بوجودها بجانبه.
ليحدث بالصباح ما كان يخاف من مواجهته حيث ايقظته على صوت طلبها للمفتاح.
تحرك للخلف كي يجلس قليلا بنومته ناظرًا لملابسها واستعدادها للخروج فاهمًا عليها، أعادت أوزجي ما قالته له ليرفع الغطاء عنه متجه نحو الحمام دون ان يرد عليها.
عادت لتسأله فور خروجه أكثر من مرة قائلة:
" عارف سيزيد هذا من الأمر سوءً. من فضلك اعطيني المفتاح كي ينتهي الأمر بهذا القدر".
لم يجيب عليها وكأنه لم يسمعها رافضًا فتح أبواب المنزل لها كي تذهب، تذمرت أوزجي مما يفعله من سماعه للموسيقى العالية وهو يقرأ كتابه المفضل له.
تحركت وأغلقت الموسيقى قائلة بصوت أرتفع بقوته وحدته:
" اعطيني المفتاح، ما تفعله لا يجدي نفعًا سأذهب بكل الأحوال اليوم او غدًا سأذهب".
ترك ما بيده وتحرك نحوها بلسان تحدث اخيرًا قائلا:
" ولكن عليكِ ان تقومي بعملية صغيرة قبل أخذه مني".
نظرت له متحدثه بحده كانت تستعملها كي لا تضعف أمامه قائلة:
" عملية؟، ماذا تريد أخبرني كي ننهي الأمر".
رفع يده ليضعها على قلبه وهو يقترب منها منحنيًا عليها هامسًا باذنها:
" عليكِ فتح قلبي أولا كي تأخذي المفتاح منه. لأنكِ لا تستطيعين أخذه حتى يتوقف هذا القلب عن النبض".
حرك يده على قلبه ناظرًا لعيونها الثابتة بنظرها لعيونه قائلا:
" ماذا قلتي هل تستطيعين فعل هذا بهِ".
ابتعدت عنه مجيبة بقوتها المفتعلة:
" نعم سأفعل وسأخرج لأنك استحقيت هذا".
ابتعدت عنه ليسرع هو بالوقوف تحركت، متحدثًا من جديد:
" اقسم لكِ لم يحدث شيء بيننا، لم يحدث أي تقارب لا في يوم الحفل ولا في الشركة وأيضا كيف وأنتِ بجانبي".
قاطعته لتجيبه بغضب:
" تمام لهذا أنا سأذهب كي لا تكون زوجتك عائق أمامك، تستطيع فعل ما تريد بعدها في الفندق والشركة".
ابتعدت عنه ليسرع بضم ظهرها لحضنه قائلا:
" هل يوجد بقلبي غيرك. فقط لم أكن أعلم أن زوجتي تغار عليّ لهذه الدرجة".
حاولت التحرك من بين يديه دون ان تنجح، تحدثت لتفجر غضبها قائلة:
" عفوًا انا لم أغار على أحد، ولكنك كنت واضح زيادة لدرجة لم تستطع إخفاء إعجابك بها وبدوران خصرها المميز وطولها المناسب وجمالها الفريد".
( ويرجع يثور عليكي وتبقى ليلة يا فندم، استهدي بالله يا أخت اوزجي وجعتي قلبي عايزه انهي الفصل ومش عارفة، يهد شيطانكم قطعتوا نفسي وانا بلف وراكم ادادي واحايل زهقوني وربنا اجي افتح الباب بنفسي 😭😭)
زادت ضحكة عارف بعد سماعه ما خرج منها حاول أن لا يفلتها من يده رغم كثرة حركتها، غضبت عليه بسبب اصوات ضحكاته العالية.
تمالك نفسه أمام غضبها واستدار ليصبح امامها وهو ما زال محتضنها.
جاء ليتحدث معها مدافعًا عن نفسه ولكنة لم يستطع أمام قربها منه لهذا الحد فأختار ان يدافع عن حبه بطريقته الخاصة ليكون ذلك اعتذارًا صادقًا و وافيًا من قلبه المحب، نجحت أوزجي في الابتعاد عنه قائلة: " أذهب إليها".
اقترب أكثر عازمًا ان يحقق ما تمناه دون ان تفلت منه هذه المرة، اعتقد انه سيكون عريسًا مجددًا حملها بصعوبة رغم رفضها وابتعادها عنه كي يصعد بها لغرفتهم قائلا:
" سارضيكِ واجعلكِ تسامحيني بطريقتي الخاصة".
سمع رنين جرس الباب فور وضع قدمه على أول درجات الدرج، لم يتركها معتقدًا أنه توهم ولكن مع تكرار رن الجرس وبصورة متتالية مستفزة على غير العادة تحرك عارف غاضبًا كي يفتح الباب قائلا بعصبية مفرطة:
" من هذا! وكيف يرن بهذه الطريقة ؟".
فتح الباب بوجهه الغاضب منصدم بوجود
سفر أمامه يصرخ عليه قائلا:
" لماذا لم تفتح بسرعة قُطعت يداي مما احمله".
نظر عارف خلف سفر ليجد الأب صالح والام نعمة الله قد أتوا إليهم في زيارة عائلية".
تغيرت ملامح وجهه لترتسم الفرحة والسعادة عليه .
( ده احنا هنتروق بشكل ياجودعااااان يلا حضروا الشماسي والعصير )