حــيـاتــي
بقلم أمل محمد الكاشف
مرت الأيام والليالي بهذه المشاحنات ، الكل يسعى لكسب جولته على حساب الاخر ، النفاق والرياء والتباهي والسهر والاستهانة بكل المحرمات ، لا زال عارف على عهده و وعده لزوجته يسعى في تحقيق أملها .بالنيل. ممن .خانوهم. ولكنه نسي نفسه وهو في طريقه
للانتقام. ففي حين كان يمثل الرقي بالتعامل مع زوجته وإعطائها القيمة والقدر الكبير أمام الناس واعتياده على تقبيلها من رأسها وخديها طوال الوقت أمام الناس و بمفردهما كان قد ادخل الارتباك والحيرة والتخبط في نفسها لدرجة اختلطت بها الحقيقة والخداع ببعضهم ليصبح من الصعب عليهم وعلى من حولهم التمييز هل هذا زواج حقيقي؟ ام انه مجرد تظاهر لتحقيق أهداف مشتركة بين الطرفين! .
ذهب غافر لزيارة الشركة بعد انقطاع دام لشهور بسبب مرضه ، تغيرت ملامح وجه أوزجي وهي تنظر للكاميرات الخارجية على الشاشة الصغيرة حيث كنا يشاهدان لحظة نزوله من سيارته واستقبال ابنته له فور وصوله .
اغلق عارف هاتفه وهو يحدثها
" لا داعي لتوترك لقد كنا ننتظر هذه اللحظة التي تأخرت بسبب طول فترة سفرك،بكل الأحوال سيعود لعمله فقط لأجل الضغط علينا لذلك أريد منك أداء أقوى مما سبق بالشهور الماضية . هذه معركتنا الحقيقية ان نجحنا في مجابهتهم بالشركة سيسهل علينا كل ما سيأتي من وراءهم في المستقبل.
كانت تستمع له وهي متعجبة من عزمه على الاستمرار بالعمل معهم رغم ما فعلوه به ، رغم نجاحه الساحق وقدرته على البدء وحده دون خوف من الخسارة إلا أنه مُصر على استكمال مشواره العملي بجانبهم .
استجابت لطلبه ممثلة معه دور الزوجة السعيدة التي تتقرب من زوجها طوال اليوم في الشركة مما أثر ذلك على تقاربها منه في المنزل اثناء تناول الطعام وتبادلهم الأحاديث الطويلة.
خلطت أوزجي بصفائها ونقائها بين الحقيقة والتمثيل لتبدأ مرحلة جديدة بتقربها من زوجها أثناء نومه تنتظر انفصاله عن عالمه لتقترب منه دون لمسه نائمة بجواره ، هذا ما أجبرها قلبها عليه حين أراد ان يشعر بالراحة والطمأنينة بقربه منها، بل هذا ما اجبرت عليه حين سقطت المرأة المسكينة في حب زوجها صاحب القلب الحنون والحضن الكبير الذي احتواها بأصعب أيامها مداعبها بضحكته واهتمامه اللذان لم يفارقا وجهه أثناء حديثهما.
كانت مفاجأة بالنسبة لعارف حين يجدها بقربه في كل صباح يستيقظ فيه على رائحتها الجميلة، صباح يتبع صباح حتى اعتاد على حالتها الجديدة وتكرار رؤيتها بهذه الحالة مستسلمًا بقرب وجهها الهادئ الجميل منه ، يستيقظ في منتصف الليل يتأملها دون الابتعاد عنها يظل ثابتاً ينظر لها نظرات مطوله يشتم رائحتها دون لمسها. إلى ان وصل به الحال الا يرتاح ولا يهدئ له بال سوى بجانبها. يمثل عليها نومه كي تقترب منه ليهنئ ويسعد غارقًا بنومه براحة وسكون قلبه الذي شعر بتملكها .
زادت زيارات غافر للشركة وتوالي مكوث فاتح بغرفة مكتب عمه متحججًا بخوفه عليه ومساعدته كي لا يرهق نفسه .
اختنقت لاضطرارها رؤية كل من خانوها أمام عينيها كل يوم منجبره على التحدث معهم ومسايرتهم بالعمل .
طلب منها البقاء في مكتبه ليعملا بجانب بعضهما كي يقلل من توترها وضيقها بالاضافة لإظهار مدى قوتهم . وافقت أوزجي بمشاركتها مكتبه ببعض الاوقات ولكنها باوقات اخرى كان يتوجب عليها الذهاب لمكتبها لتسريع إنهاء بعض الأعمال التي يصعب عليها إدارتها وانهائها من بعد.
وهنا يضطر عارف للانتقال لغرفة مكتبها لتلمع عيونها ويرفرف قلبها من فرحتها لمجرد رؤيته بالقرب منها، تنسى كل شيء بما في ذلك اتفاقهم مستمتعة بوجوده بجانبها.
كانت في قمة سعادتها لشعورها بتعلقه بها حتى أصبح لا يستطيع الابتعاد عنها حتى بأوقات العمل. تراجع نفسها بين الحين والاخر ضاربة حقيقة التمثيلية المتفق عليها بوجهها كي تستفيق من أحلامها دون فائده فعيونه و وجهه المبهج يأسروها به بمجرد اقترابه منها.
دون ان تعلم بأن هذا الشعور نابع من قلبه العاشق ، لا يستطيع إبعادها عنه كي لا يخطفها أحد منه بعد انعدام الثقة لديه وخشى أن يتحطم قلبه المهشم مرة أخرى و يجبر على التظاهر بالقوة والانتصار .
لاحظت دفنه وفاتح تقاربهم ونظراتهم الحقيقية لبعضهم محاولين اظهار تجاهلهم ، يتحدثون عن
تجولهم واصدقائهم ونظرات الناس لهم كي يتخطون عبىء رؤيتهم لهم ، يسعون للسهر والرحلات وكأن كل منهم يريد أن يعيش مع الآخر ما حُرم منه في زيجته الأولى فقط ، يُلمس ببعض الأحيان التصنع و الادعاء بالسعادة في وجوههم الضاحكة رغم انهم يعيشون حياة زوجية متكاملة وكلاهما يسعى لاشباع رغباته المجتمعية والحياتية من الاخر.
وكأن الادوار تبدلت فأصبحوا هم من يمثلون الزواج السعيد و ليس عارف وأوزجي.
................
طلب عارف من زوجته الثبات والتخلي عن توترها في الاجتماع المهم الذي سيعقد اليوم بالشركة دون ان يتوقع ما فعلته . حين دخلت غرفة الاجتماع جالسة على مقعدها المخصص لمديرة التسويق ناظرة نحوه بثبات أبهر دفنه .
تحدثت عن خططها المستقبلية بالترويج مثنية على فضل نصائح جوتشي في دعمهم وتوجيههم مما أدى إلى وصولهم لأفضل نسبة مبيعات مرت على الشركة حتى الان.
كان الاجتماع لا يخلو من مشاركة جوتشي وثناءه المتبادل مع زوجته.
اختنق غافر جراء ذلك منهي الاجتماع قبل موعده بحجة إرهاقه و شعوره بألم في رأسه ، تحدث جوتشي قبل خروج عمه قائلا
" أامل ان نراك غدا في حفل فعاليات نيشان تاشي "
هز غافر رأسه مجيبًا
" ابنتي وزوجها سيذهبان عوضًا عني "
قالها تاركًا عارف وأوزجي خلفه ينظران لمن أمامهم بضيق ، انتظرت أوزجي بقائهم وحدهم حتى تعلق على ما قاله غافر
" لا أعرف من أين يأتون بكل هذه البجاحة بالخطأ ، للحظة شعرت أننا من خــ…"
اصمتها عارف بقوله
" لا وقت لدينا لإهداره في الحديث عنهم هيا لنبدأ استعداداتنا للحفل "
تحرك مصطحبها لمكتبه كي يلملم أغراضه ومن ثم لخارج الشركة كانت تتأخر عنه خطوات بسيره القوي السريع ، تتفقد حالته وهي تتساءل نفسها نفس اسئلتها المتكررة كيف له أن يكون قويًا صلبًا أمام ما يفعلوه ويكيدوه علنا دون خجل .
عادَ للمنزل دون كلام توجه عارف لغرفة التصميمات العلوية مغلق عليه بابه لينعزل عن العالم والماضي هاربًا بالعمل المكثف من همه وحزنه.
جهزت أوزجي طعام العشاء بحزن الذكريات وانجبارها على الجلوس مع من خانوها على نفس الطاولة في نفس المكان تسايرهم . بالأحاديث. تضحك. وتتظاهر بالقوة .رغمًا عن ضعفها.
وضعت الأطباق في صينية كبيرة تحركت بها للأعلى متأملة في ان يشاركها طعامها .
رصت الأطباق على الطاولة الصغيرة التي تنتصف الصالة الصغيرة الواقعة بين غرف الطابق العلوي.
توجهت لباب عزلته طارقه عليه عدة طرقات متمنية ان يفتح لها على غير عادته فهي تعلم صعوبة حدوث ذلك بل وتتذكر ردوده عليها عند معاتبته في كل مرة
" أنتِ من أخطأ. أخبرتك أكثر من مرة انني لا احب أن يقاطعني بشر وانا بداخل هذه الغرفة. ماذا افعل ينقطع إلهامي واندماجي فور سماعي لصوت طرقات الباب فما بالك ان فتحت وسايرتك بالحديث"
توقفت عن طرق الباب بعد الطرقة الرابعة ناظرة للطعام بحزن وضيق حدثت به نفسها
" ماذا سيحدث ان خرجت وتناولت لقمتين يعينوك على التركيز بعملك "
و يا ليته يعمل كما اعتقدت فإن علمت أوزجي حالته و وضع بكائه وهو ممدد على الأريكة ما كانت تركته حتى فتح لها.
تناولت عشاءها بطعم الذكريات المريرة متوجهه بعدها لغرفتها كي تنام في مكانها وهي حزينة على عدم وجوده بجانبها.
تمنت لو يأتي لينام بجانبها كي يطمئن قلبها وتسكن روحها ولكن هيهات هيهات ، تقلبت أكثر من مرة يمينا ويسارا على ظهرها مرة وعلى بطنها مرة اخرى حتى غرقت بنومها.
مرت الساعات الأولى من الليل خرج بعدهم عارف من عزلته ذاهبًا لغرفته كي ينام ، لاحظ وضع الطعام المغطى بمفرش قطني اعلى الطاولة لم يثير فضوله فالقلب مشبع لدرجة تعجز النفس أن تشتهي أي شئ .
صعد فراشه لينام بمكانه دون ان يبدل ملابسه التي ارتداها صباحا قبل خروجه للعمل.
شعرت أوزجي بوجودة تحركت لتقترب منه مكملة نومها راضيه بهذا القدر .
……….
استيقظت أسماء في الصباح وهي تسمي الله بعيون كادت ان تبكي مسترجعه رؤيتها لأختها في حلمها وهي تنظر نحوها بحزن دون حديث .
اخذت نفسًا عميقا تحركت بعدها لتخرج من الغرفة متعمدة عدم النظر لزوجها النائم بجانبها ، خرجت شرفة الطابق العلوي تحاول ان تجد في الهواء البارد ما يريح قلبها .
سمعت صوت خطوات على الدرج ، أغلقت الروب وتحركت لتدخل غرفة عارف في الصغر كي لا تتحدث مع أحد وهي بهذه الحالة خاصة ان كان ذلك الشخص ثريا محبة السهر .
نظرت تجاه الصور المعلقة على جدران الغرفة بوجه ازداد حزنه واقترب بكائه.
تذكرت أسماء ذلك الطفل الجميل الذي كان يكافئها برسوماته الجميلة كي يرى استحسان ويسمع إطراء بوسط عالم أعتاد على مهاجمته.
يرسم ويصنع لها اكسسوارات رائعة ببساطتها يعمل عليها لعدة أيام كي يقدمها لها هدية.
حتى فاجأها في يوم بصنعه ثوب سهرة اعجبها وادخل السرور لقلبها رغم بساطته . ارتدته يومها مضيفه بيدها اكسسوارته التي صنعها بيده ملتقطة معه عدة صور تم تعليقها على جدران غرفته لتكون ذكرى سعيدة خالدة لهما .
مسحت دموعها وهي تتذكر ضحكته الجميلة وصوته الناعم بصغره وحضنه الدافئ المريح لقلبها ، ظلت تمسح دموعها التي اصبحت كشلال نهر جاري وهي تتذكر تشجيعها له بطلبها حذاء وحقيبة بلون الفستان من تصميمه.
كانت تعتقد أنها تضيف الفرحة لقلبه الوحيد وتنمي ثقته في نفسه بعد خذلانه من الجميع دون ان تعلم أنها تنمي موهبة حقيقية داخل هذا الشاب.
مسحت دموعها بسرعة سماعها صوت غافر وهو يخرج من باب غرفته متحدثا مع ابنته عبر الهاتف
" ابنتي الجميلة أعرف حقيقة ما تقولين وهل يجرأ أحد على قول غير ذلك ، هيا أتركك لكي تتجهزي "
انتظرت نزوله الدرج باحثًا عنها في الطابق الأول بعينيه مسرعه بدخولها غرفتها كي لا يراها تخرج من غرفة صغيرها ويشتد غضبه عليها فهو يكره أن يراها بجانب عارف تتحدث معه او تتصل به عوضًا عن الزيارات الممنوعة لها والمتاحة للجميع ، كل هذا لأنه يعلم مدى حبها له وتفضيله على الجميع حتى اقترب تفضيله على ابنتها من لحمها ودمها .
يعلم غافر نقطة ضعف عارف أمام أسماء لذلك أراد ان يكسره ويحطمه ليس فقط باجباره على الطلاق من ابنته بل والابتعاد كل البعد عن أمه الروحانية.
ارتدت طقمًا أنيق مسرعة بنزولها للأسف وهي تتحسس حالة زوجها .
سمعته يتحدث عن الحفل متباهيًا بنجاح إبن أخيه الأكبر في آخر حفل دعاية للشركة قائلا
" عليكم ان تهيئوا أنفسكم للخسارة أمام شركة جوتشي الكبيرة "
ضحك غافر على جواب من يحدثه بالهاتف مجيبًا " لم يدخل جوتشي سباق إلا وربحه ضع ذلك في عقلك كي لا تعود وتبكي لنا "
جلست أمامه تنظر لحديثه وتباهيه بعارف متعجبة من حاله يختلط بقلبها شعور التباهي الفخر مع الشفقة والحزن على من لم يرى منهم إلا الإذلال والتشفي وكأنه السبب في ماضي كان أول ضحاياه.
……..
وقفت الكاميرات والصحافين أمام جوتشي فور نزوله من سيارته الفاخرة ، نظر لهم بوجهه الضحوك رفع يده ملوحًا لعدسات كاميراتهم وهو يقترب من باب زوجته كي يفتحه لها مادًا يده لها كي يساعدها بنزولها .
تألقت أوزجي بفستان فيروزي علقت العيون عليه من كثرة تفاصيله الصغيرة والرائعة .
وقفت تجمع الفستان من حولها مستجيبة ليد زوجها التي حاوطت خصرها ببدايه سيره للأمام خطوات قليلة توقف بعدها مصرحًا للجمع
" الحفل اليوم مميز بالمكان والحضور والشركات المنضمة إلينا ، هذه فرصة كبيرة لمشاركة شركات التصميم بعضها البعض تلبية لرغبات السوق ، تم دعوة أفراد مميزين وآخرون يعدون علامة من علامات الذوق الرفيع في دولتنا لذلك هو مميز ومهم لدينا "
_" جوتشي بيه هل أنت متحمس كحماس العروض السنوية أم أنها جولة من جولات الشركة الشهرية والتي تحقق فيها المزيد من النجاحات "
وضح جوتشي قائلا " الأمر مختلف تمامًا فنحن نتجهز بكل قوتنا وادواتنا لخوض العروض السنوية بتصاميم مختلفة جديدة يندهش الجميع من طرازها المواكب للذوق والمناسبات الغير محدودة عكس ما يحدث في هذه الفعاليات التي رغم قيمتها الكبيرة إلا أنها لا تشبه العروض السنوية "
_ " جوتشي بيه سمعنا عن مرض شريكك غافر بيه وتولي زوجتك السابقة أعماله هل ترى…"
تحرك بزوجته قبل ان يكمل الصحفي المقابلة قائلا " بالاذن منكم تأخرنا عن عملنا "
اصطحب زوجته وهو يحاوط خصرها بوجه مبتسم يرفض ان يظهر ما بداخله .
تعلقت الانظار على تألق أوزجي بفستانها الذي صمم خصيصا لها ولا يتم عرضه للبيع حتى تقوم هي بارتدائه والإطلالة به أولا .
بدأت الفعاليات بدخول العارضات وهن يتألقن بالتصميات على الشريط الأحمر بأجواء حيوية. تسلطت الأضواء عليهم وهم يتقدمون بخطوات واثقة تبرز جمال التصميمات على أجسادهم الأنثوية المختارة بعناية كبيرة، تظهر على وجوههم تعابير تتنوع بين الجدية والابتسامة، تدفقت موسيقى هادئة إلى مسامع الحضور عززت احساسهم بالحفل والعرض مضيفه طابع خاص للحفل.
طال العرض بكثرة الشركات المنضمة للفعالية لينتهي بعدها بحفل خاص هادئ حضره صفوة الصفوة من المشاركين للاحتفال بنجاحهم.
وما أشبه الحفلات ببعضها وجوه مزيفة ملابس تروي عكس ما تخفي الصدور والقلوب . تفاجئ جوتشي بوجود عمه غافر بصحبة أسماء وثريا، لم يذهب إليهم كي لا يعكر صفوه متجاهل وجودهم كما تجاهل فاتح ودفنة أثناء العرض.
اصطحب جوتشي زوجته رافضًا ترك يدها كما فعل طوال فترة العرض.
تنقل بها بين الحضور مرحبًا بهم وشاكرًا تبريكاتهم على نجاحه الساحق كالعادة حيث أن تصاميمه كانت الأكثر مبيعا أثناء العرض.
بدأت موسيقى هادئة تعلن عن حلول موعد الرقص كالمعتاد أيضا في هذه الحفلات .
رفضت أوزجي الرقص أمام الجميع ببداية الأمر " يكفي ما حدث في الحفل السنوي"
رد عليها بصوته القريب من اذنها
" ألم يحق لي بعد الجهد الذي بذلته طوال الأمس"
نظرت لعينيه المنتظرة جوابها قائلة
" أخجل من الحاضرين لتكن في مرة اخرى"
ضحكت عينيه وهو يرجع شعره الذي يصل طوله منتصف رقبته للوراء ساحبها من يدها حتى وصل بها لمنتصف القاعة .
اهتز قلبها و أسرعت ضرباته لعدم تحملها اقترابه منها خوفًا من غرقها بالأحلام الجميلة واستيقاظها على حقيقة التمثيلية التي يشتركان بادائها من اجل الاخرين.
نجح عارف بضحكته وجمال كلماته في سحرها مجددًا وفوزه بانسيابية الرقص معها هامسًا لها
" كنت ارغب بالرقص وبشدة الأجواء تدغدغ نسمات هوائي لدرجة لا يمكنك تصديقها "
كانت هذه الكلمات كافية لجعل وجه اوزجي يبتسم بخجل تاركة نفسها أسيرة قيادته بالرقص.
رفع يده ممسك يدها بواحدة والاخرى حاوط خصرها بها ، وضعت يدها على كتفه بخجل وعيون مخفضة تحاول السيطرة على أنفاسها المضطربة من كثرة اضطراب ضربات قلبها كي لا تفضح أمامه.
انتقلا إلى عالم بعيد عمن حولهم ، أغمض عارف الشهير بجوتشي عيناه منحني برأسه ليلامس رأسها وهما يرقصان على الأنغام الهادئة سابحا بخياله واحلامه للاستمتاع بهذه اللحظات الممتعة.
تخيلت أوزجي نفسها وكأنها ترقص معه على الشاطئ وحدهما يداعب النسيم الهادئ أقدامهم الحافية، غرقت بأحلامها حتى تجرأت ووضعت جبهتها بمنتصف صدره رافعة يديها لتحاوط عنقه بحب.
تفاجأ جوتشي بما فعلته فهي شخص خجول لم يتجرأ بأفعاله حتى وإن كان من أجل التمثيل.
ضمها جوتشي لحضنه اكثر وهو يلف يديه على خصرها يدور بها بعالمهم الخاص دون توقف.
خرجَ عن المفهوم الحركي لهذه الرقصة فأرجلهما تكاد ان تكون ثابتة بمكانها لولا تحركهم بخطوات بسيطة غير مرئية كلا منهم مستمتع بحنان الأخر .
يقسم من يرى رقصتهم ان ما بينهم ليس زواج للانتقام أو الأُنسة بل هو حب كبير عميق نبت وترعرع بقلوبهم دون
سابق إنذار.
(حد يصحيهم ويقولهم الناس موجودة 😂 لا مش هينفع كده سمعتي هتتلوث من وراهم😂)
سعدت أسماء لرؤيتها حالة عارف وسعادته التي شعرت بها فهي أكثر من يعلم بحقيقة تعابير وجهه ان كانت تمثيل أم نابعة من القلب.
لم تنزل أعين فاتح ودفنة عنهما طوال الرقصة، فرغم انضمامهم للرقصة وهما يتحدثان مع بعض إلا ان أعينهم لم تبتعد عن الروحين الذين سبحا بهدوء وحب وهيام وانسجام دون حركة.
انتهت الموسيقى الجميلة التي تمنى الثنائي الجميل ان لا تنتهي ابتعدا قليلا وهما ينظران لعيون بعضهما بذهول فهما لا يصدقان ما حدث بينهما من انسجام.
تحركت اوزجي وهي خجلة قائلة
" سأذهب لأحسن من وضع حجابي واعود"
ابتسمت عينيه لها مما جعلها تهرب من أمامه دون انتظار موافقته او تجاوبه معها .
ظل ينظر نحوها حتى أتى إلى مسامعه صوت حنون " هي تستحق هذه النظرات الجميلة. انا اعرفها جيدًا لذلك أردت ان أكون أول المباركين على هذا النجاح " قالتها غامزة له .
ابتسم بفرحته يفهم ألغاز حديثها وما تقصده مجيبًا عليها " كم اشتقت إليكِ. أعتذر منكِ لم استطع التحدث معك اثناء زيارتنا للقصر"
رفعت أسماء يدها لتضعها على كتفه قائلة
" اعلم يا روحي الوضع جيدًا . لا تحزن نفسك العيون والقلوب تحدثت بما يكفي يومها .. أليس كذلك! "
اهتز بمكانه فرحًا لما يسمعه وكأنه طفل صغير يسمع اطراء امه او معلمته عليه ، رغرغت عيونها ولمعت بالدموع وهي تستمع لحماسه وسؤاله عن رايها في التصاميم مسرع بعدها باخبارها عن انهائها الموديلات الخاصة بها قائلا
" ستكون اسطورية بمجرد ارتدائك لها"
…….
دخلت اوزجي القسم الخاص بحمامات النساء بوجه فرح وعيون خجلة مسترجعة اللحظات الرومانسية التي جمعتهم قبل قليل.
اغمضت عينها خجلا وهي ترفع يدها لتدخل شعرها بحجابها من الامام متذكرة رأسها الذي ظل يتحرك على صدره بحب وحنان، فتحت حجابها من الأمام كي تجمع شعرها باحكام بعدما عجزت عن ادخاله من شدة نعومته.
صدمت بسماع صوت ليس بغريب عليها يأتيها من خلفها " أما زال شعرك يتساقط من حجابك "
ألتفت بنظرها نحوه منصدمة بسرعة اقترابه وامساكه لشعرها ، اسرعت بالتحرك للوراء ولكنه لم يعطيها فرصة الخلاص منه حين تحرك خلفها رافضًا ترك اطراف شعرها الذي بعثر من فزعها وحركتها السريعة.
مع الأسف كان من نصيب عارف رؤية إبن عمه وهو ممسك بشعر زوجته ، سحبت شعرها مغلقة حجابها وهي تصرخ بوجهه كي لا يقترب منها مرة أخرى ، نظر فاتح نحو عارف قائلا بصوت مهزوز " انا لم افعل لها شيء. رأيتها ممسكة راسها وكأنها بحالة سيئة خشيت ان تسقط اسرعت خلفها كي اطمئن عليها هذا كل شيء "
صرخت أوزجي بوجهه مجددًا
" كاذب لم أمسك رأسي ولم أكن بحالة . خرجت أمامي فجأة متحدثًا عن شعري ممسكًا إياه "
همَ عارف ليتدخل بوجهه الغاضب لولا ان بادرت دفنة بتلك الصفعة التي سقطت على وجه فاتح بقوة تبعتها بصوتها العالي
" هل ستطمئن عليها بحمام النساء؟"
قالتها مسرعة بخروجها من قسم حمام النساء ليسرع فاتح خلفها وهو يقسم ببراءته وحسن نواياه ، اقتربت أوزجي من زوجها طالبة منه العودة للمنزل
" اريد ان اذهب لمنزلي "
انتهى الفصل.....
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد يوم الاحد الساعة العاشرة مساءً ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص والحكايات المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.
سيتم نشر رواية قرة عيني لتصبح كاملة في الجروب خلال اليومين القادمين تمهيدا لنشر رواية لم أكن انتويه حبا فاصبح بالحلال عشقا
رواية جديدة من ضمن سلسلة روايات وقصص وحكايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..
انتظرونا