رواية حياتي
بقلم أمل محمد الكاشف
فرح عارف بزيارة عائلة أوزجي لهم وكأنه رحب بهم بسعادة من وجد طوق نجاته.
اقتربت أوزجي لتسلم على ياسمين التي دخلت قبل الجميع ومن ثم والديها وهي تحتضنهما بشوق وحب وعيون دامعة.
عمت الفرحة أرجاء المنزل وكان العيد آتي قبل موعده، انحنى عارف ممسك بيد طفلة مقبل راسها ، أتاه صوت سفر من الخارج وهو ينادي عليه كي يساعده بإدخال الأغراض .
تفاجئ فور خروجه بامتلاء صندوق السيارة على آخره وكأنهم جلبوا البلدة كلها وهم قادمون إليهم.
أعطاه سفر الصندوق الخاص بحفظ الأسماك قائلا:
"علينا ان ندخله أولا كي يتم وضع ما بداخله في بالبراد على الفور طال طريق سفرنا وأخشى أن يكون الثلج قد ذاب وفسد السمك".
أخذه عارف منه وعيونه تنظر داخل السيارة متسائلا:
"ما هذا؟ هل أتيتم بشتلات الزهور النادرة".
ضحك سفر مجيبًا عليه:
" هذا ما يظهر لك انتظر لترى ما بالأكياس المغلفة من أشياء لا تخطر بعقلك. من يراهم يعتقد انكم بإسطنبول قطع عنكم الأكل والشرب وجئنا نحن بالمدد".
تحركا بجانب بعضهما لإدخال الأغراض شيئًا فشيئًا.
تحدث عارف موجه حديثه للعم صالح شاكره على ما أتوا به قائلا:
" شكرا لكم على ما احضرتموه ولكنه زائد عن الحد أين سنضع كل هذا".
تحدث صالح بحدته المعتادة قائلا:
" ليس من أجلك احضرتهم لأجل ابنتي، أم إنك تريد أن نأتي وايدينا فارغة".
ابتسم عارف بإجابته على العم صالح قائلا:
" العفو منك افعل ما تشاء هنا ايضا منزلك".
تحرك سفر وهو يقترب من صندوق الأسماك متحدثًا بصوت عالي معاتباً على عارف، قائلا:
" ألم أقل لك عليه ان يدخل البراد سريعًا، أليس مؤسفاً على الأسماك يا اخي فلقد اختارهم عمي صالح من الأنواع الخاصة التي اعجبت بها واحببتها هناك".
ثم نظر سفر لاوزجي ليكمل حديثه المفعم بالغيرة قائلا:
: كان يريد كل ما أحب وأعجب وأراد عارف شراءه عارف حتى امتلأت السيارة لأجلك وبالأخير جاء أمر الزهور المميزة التي أعجبته".
فرحت أوزجي ناظرة لأبيها وهي تشكره على كل ما أتى به، فرح عارف لشعوره بهذا الاهتمام والحب من قبل عائلتها.
لم يعجب هذا الحديث صالح الذي يظهر عكس ما بداخله، تحرك ليجلس على الاريكة وهو ينظر للمنزل حوله قائلا بحدة مصطنعة:
" حضري لي القهوة فلقد طال سفرنا هذه المرة وكأننا ذهبنا للمريخ".
تحركت اوزجي بفرح ملبية طلب والدها، تحدث سفر ليقول: " وانا ايضا سأشرب مع عمي".
ثبتت عيون عارف على فرحة زوجته وهي تجيب بوجهها السعيد قائلة:
" ساحضرها للجميع".
تحركت ياسمين وهي تسأل عارف عن الحمام ليشير لها نحوه، ذاهبًا بعدها إلى المطبخ مقتربًا من زوجته كي يساعدها.
انزل الأطباق من الرف العلوي ليضع بهم البقلاوة قائلا بصوت مسموع لضيوفه:
" ستعجبكم كثيرًا انها مميزة جدا خاصة برجل مشهور بصناعة بقلاوة الفستق فقط "
وضع الأطباق في الصينية الكبيرة ناظرًا نحو القهوة على الموقد قائلا:
" ليتناولونها أولا لحين وصول القهوة".
لم ترد عليه مكتفية بالنظر للقهوة كي تتابعها وكأن لا احد بجانبها يحدثها.
ضحك متحدثًا بصوت منخفض:
" لا يمكنكِ التدلل أمامهم فمن المؤكد أنكِ لا تريدين أحزانهم، وأيضا اخشى من والدك أن علم أنني احزنتك سيقيم عليّ حد قطع الرأس".
أدارت وجهها كي لا يرى ابتسامتها، خرج من المطبخ ليعطي كلا منهم طبق البقلاوة بوجه مبتهج، نظر نحو الأم نعمة الله قائلا:
" ستعجبكِ كثيراً اعلم انكِ تحبيها، ساشتري لكِ المزيد منها ان اعجبتكِ"
رد صالح بصلابة وجهه الحاد:
" ليس لدينا وقت سنجلس ساعتين على الأكثر ومن ثم نخرج بطريقنا قبل حلول المساء".
تفاجأ واعترض على عودتهم في نفس اليوم لتأتي أوزجي بالقهوة وهي معارضة أيضا لعودتهم بنفس اليوم.
برر عارف رفضه قائلا:
"الطريق طويل ولا يمكن لسفر العودة دون راحة، كما أننا اشتقنا إليكم كثيرا"
ابتسم لتظهر الفرحة والابتهاج على وجهه من جديد قائلا:
" أنا ما زلت لا أصدق ما أراه، حتى بأحلامي لم افكر بهذه الفرحة".
ظهر على وجه وجوارح عارف صدق كلماته ومشاعره وهو يحدثهم.
أتت ياسمين حامله طفلتها بيد والأخرى ممسكة بيد ولدها قائلة:
" يريدون النوم هلكوا معنا بالطريق والنوم وهم جالسين، ان كنت اعلم انهم سيرهقون لهذه الدرجة ما كنت أتيت معهم".
نظر عارف نحو الأطفال مجيبًا عليها:
"معك حق الطريق طويل عليهم أدخلي بهم الغرفة كي يناموا على الفراش براحه".
وقفت أوزجي وتحركت لتصطحب ياسمين قائلة:
" ليناموا قليلا كي يستعيدوا نشاطهم".
اقتربت من ياسمين واخذت ابنها من يدها واتجهت نحو الغرفة الجانبية للمطبخ.
حاول عارف اقناع العم صالح بالبقاء هذه الليلة معهم ولكنه رفض بشدة لأجل الأعمال وضرورة عودتهم السريعة قائلا:
"لا تخف علينا نحن معتادين على ذلك نأتي لنراها لعدة ساعات ونعود بعدها على الفور".
حزن لتشبيه العم صالح زيارته له بالزيارات السابقة لاوزجي ببيت فاتح، تحدث بصوت ظهر بهِ حزنه قائلا:
" ظننت أنني لي وضع خاص لديكم، ولكن كما تحبون لن اضغط عليكم يكفينا سعادتنا برؤيتكم".
لاحظ سفر ونعمة الله حزن عارف ولكنهم صمتا خوفًا من ردة فعل صالح الذي وقف قائلا:
" سأتوضأ لأصلي فروضي".
تحرك عارف باهتمام مشيرًا له نحو الحمام قائلا: " تفضل من هنا".
تحرك سفر بجلسته بعد ابتعاد صالح رفعًا أرجله فوق الأريكة وهو يمد طوله عليها كي يرتاح من تعب السفر والاستعداد له من جديد معتذرًا منهم.
عاد عارف ليجلس بجانب الأم نعمة الله التي اقتربت جلستها منه وهي تنظر نحو الحمام قائلة بصوت منخفض:
" لا تحزن منه أصبحت تعلم طبعه، إن رأيته وهو يتجهز للقدوم إليكم لظننت انه جاء ليراك أنت وليس ابنته، وهذا يدل على قدرك لديه ولكنه لا يظهر ما بداخله، وايضا هذه المرة الأولى التي يسمح أن آتي معه، انا لم اذهب معه بتلك السفريات من قبل كان يرفض كلما طلبت ولكن هذه المرة هو من طلب مني أن آتي لأطمئن عليكم".
( ههههه الحجه ناوية تكون اخر سفريه ليها هههه😂😂).
عادت الفرحة لوجه عارف مقبل يد الأم قائلا:
" فرحت كثيرًا بقدومكم، حقا سعادتنا لا تقدر بثمن اليوم ".
خرج صوت عالي من سفر أثناء نومه نتيجة إجهاده بالطريق لينام فور وضع رأسه على وسادة الاريكة.
اوصى عارف على طعام وحلويات من أشهر وأكبر مطاعم اسطنبول لأجلهم فلا يوجد وقت لديهم لإعداد الطعام المنزلي والتفكير به.
جلس الجميع على المائدة ليتحرك عارف كي يضع لهم الطعام بأطباقهم بحب واهتمام وفرحة كبيرة، يحكي لهم عن مطعم المدينة و شهرته الكبيرة التي اكتسبها بفضل صاحبه الشيف بوراك.
تحركت أوزجي من مكانها لتقطع اللحم المشوي بطريقة الشيف الخاصة المميزة وتضع لهم بأطباقهم.
عقبت ياسمين على حديث عارف قائلة:
" انت محق ما هذا! وكأني لم اتذوق محشي ورق عنب من قبل".
كما أبدى سفر اعجابه بالطعام قائلا:
" نعم جميعهم مميزون".
فرح عارف باعجابهم بالطعام واستمتاعهم بطعمه ، تحدث صالح ليشكر زوج ابنته بطريقته الخاصة قائلا بنبرة غاضبة
"ما هذا وكأنك جلبت المطعم كله لماذا كل هذا الهدر من سيأكل كل هذه الكمية".
ردت أوزجي على والدها:
"بالعكس لا شيء كثير عليكم صحة وعافية لكم يا أبي".
أكمل عارف حديث زوجته قائلا:
"نعم صدقتي حتى انه قليل على فرحتنا بكم".
تدخلت الأم التي تجلس بجانب عارف قائلة:
" دعك من الكلام وتناول طعامك انت أيضا" وبدأت تضع له بنفسها وكأنها صاحبة المنزل.
غار قلب أوزجي ناظرة لامها باندهاش قائلة:
" والله تأتي عليّ لحظات أشعر أنكم أتيتم لأجله فقط، ما هذا وكأني كنت باحضانكم طوال هذه المدة ".
ضحك الجميع على غيرة أوزجي الطفولية ، تحدث أبيها مجيبًا عليها:
" وهل يعقل هذا الكلام، اقتربي بجانبي أنا من سيطعمك بيده اشتقت إليكِ يا قلبي".
جلست اوزجي بدلال كالطفلة بجانب ابيها ليبدأ صالح بوضع الطعام لها وإطعامها بيده
ابتسم عارف متعجبًا من حديث صالح وطيبة قلبه مع ابنته وهو يدللها ويضع الطعام بفمها وكأنها صغيرته وليس وحيدته فقط، فبرغم من حدته الظاهرة إلا أنه كثير الحنان والضحك والدلال مع ابنته الوحيدة.
أكثر عارف بدلاله على نعمة الله حتى يزيد من غيرة زوجته على أمها.
كانت نظراتهم لبعض مضحكه أوزجي تنظر نحو تعابير وجههُ وهو يتدلل على أمها باندهاش، أما هو فكانت نظراته وكأنه يغيظ ويكيد بها وخاصة عندما وضعت نعمة الله قطعة كبيرة من اللحم بفمه.
( الواد ده مش ناوي يجبها البر هههه😂).
استمر الطعام بشكل جميل استيقظ الأطفال لينضموا إليهم كي تكمل فرحتهم وجمعتهم.
انشغل الجميع بعد تناول الطعام منهم في غسيل اليد وآخرون بإعداد الشاي وترتيب المطبخ.
وقف عارف أمام صالح بالحديقة يتحدث معه بوجه مائل وعيون راجيه ويدين مضمومتين امام صدره قائلا:
" انه رجائي الأخير ابقوا هذه الليلة كي ترتاحوا وغدا لن أعارض عودتكم ليسهل الله لكم الطريق".
فكر صالح وهو ينظر لتلك العيون الذي أصبح لا يستطيع كسرها قائلا:
" أولاً عليك ان تقف مستقيمًا وتعدل من وضع رأسك".
ثم نظر ليده قائلا:
" ما وضع يدك هذه وكأنك ستبكي بعد قليل".
(براحة على الواد الحيلة ده رهيف مش حمل حواجبك😂 😂😂 ملكش دعوة باعداداته للبنات تقطعك😂😂)
ضحك عارف و استقام بوقفته فبلحظة اندمج اصبح يحدث صالح وكأن أوزجي من تقف امامه يتدلل عليها ليكسب رضاها.
( مش بقولك رهيييف 😂اتفضلوا اتفضحناااااا😂).
استقام بوجهه المبتسم وانزل يديه بجانبه رفعًا وجهه بصلابة وهو يقلد وقفة عسكري الجيش وهو يؤدي النشيد الوطني.
ابتسم صالح أمام حركاته قائلا:
" تمام أعلم أنني لن اتخلص منك بسهولة، لك ما تريد لنمكث الليلة هنا وغدا بالصباح الباكر نبدأ سفرنا".
فرح عارف كثيرا، أسرع صالح باستكمال حديثه:
" لأجل ياسمين وأطفالها فهم ليسوا معتادين على السفر".
اقترب واحتضن صالح وقبله من وجنته قائلا:
" يعيش العم صالح يعيش".
( ياللهوي يانه معلش ياحج هي اعدادته متظبطه على الاحضان والتقبيل 😂😂 اوعى تفهمني صح 😂 مش قصدي حاجه شمال خالص😂).
أبعده صالح عنه وهو يمسح وجنته قائلا:
" توبة توبة استغفر الله ".
دخل عارف ليعطي الباقية خبر قرار العم صالح بالبقاء ، فرحت الأم نعمة الله قائلا:
"ألم أقل لك أنك مختلف لديه"
اهتز بفرحته مقبل يدها متسائلا عن زوجته كي يستمتع بفرحتها، أخبرته أمها أنها صعدت لتبدل ملابسها.
استأذن منهم وصعد للأعلى بسعادة كبيرة، وقف أمام باب غرفته يحسن من وضع شعره وملابسه.
طرق الباب ثم دخل متوجه نحوها ناظرًا لغلق حجابها في مرآتها ترتدي حجابها.
بدأ حديثه قائلا: " لكِ عندي مفاجأة ستسعدكِ".
لم تنظر لها ولم تستجيب لحديثه، ليكمل بفرحته: " أقنعت ابيكِ بالبقاء لدينا هذه الليلة".
انصدمت مما سمعت متسائلة كيف حدث و وافق والدها، تباهي أمامها قائلا:
" لم يستطع مقاومة طلبي ورجائي له، فأنتِ تعلمين كم أصبح قدري كبير لديهم".
سألته بنفس صدمتها قائلة:
" أين سينامون؟ ليس لدينا أماكن كافية لهم".
لم يفكر عارف بما قالته أوزجي من قبل ليصمت لدقائق وهو ينظر لأرجاء الغرفة قائلا بعدها:
"نستطيع تبدر أمرنا، والديكِ سيبقون هنا بغرفتنا وياسمين وسفر بالغرفة الصغيرة يتدبر سفر أمره على الاريكة الجانبية، وأنا وحوريتي على الأريكة بالصالون فهي تفتح كفراش كبير كما تعلمين، تذكرت شيء آخر الاريكة التي بالداخل تفتح أيضا ولكن لها نظام خاص عليّ ان افتحها لهم بنفسي".
ردت أوزجي بحدة قائلة:
" أولا لن أنام بجانبك حتى وإن اضطررت للبقاء مستيقظة طوال الليل، ثانيًا ماذا إن أراد سفر استخدام الحمام في منتصف الليل او استيقظ قبلنا؟ لم يتمكن من الخروج وأنا نائمة بالصالون".
رد عارف وهو يفكر قائلا:
" تمام سأحاول تقبل فكرة نوم سفر بجانبي".
ابتسم وجهها دون ان تظهر له ذلك تحركت لتكمل ارتداء حجابها كي تخفي ابتسامتها عليها وهو يستصعب النوم بجوار سفر.
تقرب منها متسائلا بعتاب:
" كيف لن تنامي بجواري؟ هل هان عليكِ قلبي لتجعليه وحيدًا بعيدًا عنكِ؟".
هربت منه جهة الباب قائلة:
" تأخرنا عليهم هيا كي لا يكون عيبًا في حقهم".
فتحت باب الغرفة ثم استدارت لتنظر له قائلة:
" أخرج ملابسك من الأن كي لا تجبر على النوم بهذه الملابس".
وخرجت مسرعة متجهة للأسفل أما هو فنظر لملابسه قائلا لنفسه:
" وما بها ملابسي سأنام بها".
ثم نظر نحو الباب مكان خروجها ملوح بيده قائلا لنفسه:
" ما بها وكأنها لم تفرح بوجودهم وكأني اجبرها على هذا، لا حول ولا قوة إلا بالله".
مر الوقت بشكل جميل مع كثرة الأحاديث وتنوعها ليأتي موعد النوم معلنًا عنه العم صالح لأجل أن يستطيعوا الاستيقاظ باكرًا والسفر.
ذهب الجميع لغرفهم نظر عارف نحو سفر وهو لا يصدق أنهما سينامان بجانب بعضهما البعض بعد أن كان يحلم بليلة مختلفة ونوم بشكل اخر.
ولوضع تعب وإرهاق سفر وسرعة نومه عند وضع رأسه على الوسادة أصبح يصدر نغمات موسيقية خاصة به أثناء نومه.
عض على شفتيه السفلى قائلا لنفسه:
"ليس بيدنا شيء علينا ان نتحمل " وتحرك لينام على الأريكة بجانبه.
اغمض عارف عينه وبدأ يتذكرها وهي بحضنه في الصباح ومن قبلها استيقاظهم في الفندق بحضن بعضهما.
ابتسم وجهه ابتسامه لم تكتمل حين فزع من الصوت القوي الذي خرج فجأة من سفر.
فتح عينه ناظرًا له بقلب يقول:
" من الواضح اننا سنحرم من النوم أيضا".
جاء ليغمض عينيه مرة أخرى ليجد حوريته تخرج من الغرفة متجهة للمطبخ.
فرح لرؤيتها تحرك بهدوء ناظرًا إلى لسفر ومن ثم لأعلى الدرج ليتأكد من نوم الجميع.
تسلل بهدوء حتى وصل بجانبها متحدثًا بصوت منخفض: " هل ذهب نومكِ انتِ ايضا".
لم ترد عليه أخرجت الحليب من البراد ووضعت منه في قدر صغير خاص بتسخينه على الموقد دون حتى أن تنظر له.
أقترب عارف منها اكثر قائلا لها:
" ام انكِ لم تستطيعي النوم بعيدًا عني".
جاء ليحتضنها من الخلف ولكنها تنحت جانبًا رافضة احتضانه لها قائلة بحدة:
" من فضلك لا اريد أحزانهم كما قلت أنت، لهذا لا تقترب ولا تضغط علي وإلا ستكون النتائج غير مرضية للجميع" قالتها بوجه حاد وصوت غاضب.
رفع عارف يداه كأنه يستسلم وعلى وجهه نظرة حزينة متراجعًا عن احتضانها وهو يهز رأسه ببطء قائلا:
" كما تريدين يكفيني ان تبقي بجانبي وامامي".
تحرك جانبًا كي يقوم بأعداد القهوة له بصمت دون النظر لها.
أنهت اوزجي تدفئة اللبن و وضعته بالكأس وتحركت لخارج المطبخ دون الاهتمام لما يفعله.
أكمل إعداد قهوته وتحرك بها جهة الصالون مستمعًا لسفر الذي كان بقمة حفلته الموسيقية.
أكمل سيره اتجاه الحديقة ملتمسا الهدوء جلسًا بشرود على الأريكة المتحركة.
كانت الأمطار والثلوج تنهمر من كل جانب لولا مظلة الارجوحة حفظته من التبلل.
استطاعت ياسمين تنويم ابنتها الصغيرة بعد ان شربتها الحليب الدافئ.
ثم نظرت لاوزجي قائلة:
" لقد تم الأمر الان".
لاحظت ياسمين تغير وجه أوزجي وشرودها الحزين وهي تنظر باتجاه الصالون وكأنها ترى زوجها من خلف جدار الغرفة.
أقتربت منها كي تجلس بجانبها على الاريكة قائلة:
" امامك ساعة على الأكثر يمكنني سماعك بها قبل ان أسقط مغشيًا عليّ من نعاسي".
_ " ماذا تسمعين لا يوجد شيء لأقوله، وأيضا يكفيكِ هذا القدر من الاجهاد اذهبي وارتاحي فلا يمكنني التفريط بكِ".
قالتها اوزجي مبتسمة بوجه ابنة خالتها ابتسامة حزينة لم تصل لعينيها برغم انها حاولت اظهارها سعيدة.
هزت ياسمين رأسها قائلة:
" يوجد. يوجد هذه العيون تقول انه يوجد امر جلل أنا اعرفهما جيدًا هيا أفضي ما بداخلك، وايضا هل تظنين أنني لم ألاحظ حالة التوتر والاحتقان بينكما".
رفعت ياسمين أرجلها فوق الأريكة متربعة عليها قائلة:
" لقد شعرت بالأمر من أول دخولنا فنظراتكم لبعضكم البعض مختلفة، طبعا أقصد على جوتشي اما أنتِ فتهرب عيونك منه وتجاهلكِ له أكد لي الأمر".
لم تتوقع ياسمين نزول الدموع من عيونها وتحركها لتلقي بنفسها في حضنها وهي تبكي قائلة:
" لا يمكنني إعادة التجربة مرة أخرى لا يمكنني العيش وأنا أنتظر متى سأخسر ومتى سيتم طعني مجددًا".
تفاجأت ياسمين بكلام أوزجي معتقدة أن هناك امرأة اخرى بحياة جوتشي، لم تصدق حين سمعت القصة بشكل كامل من أوزجي لتبتسم قائلة:
" هل تبكين لأجل هذا؟ أنها ليس أول ولا آخر موديل بحياة جوتشي العملية، وايضا كيف تفكرين بخيانته لكِ بعد ما حكيتيه أنتِ عنه".
ردت أوزجي وهي تمسح دموعه قائلة:
" ماذا حكيت لا افهم".
_" من يخون لا يستطيع الاهتمام بزوجته وإصراره على وجودها بجانب من يخونها معها؟، تمام نقول انه استطاع فعلها ولكن كيف لكِ ان تعتقدي انه سيفعل هذا بكِ على الأقل كوني منصفة، كيف وانتِ كنتي شاهدة على سقوطه ولحظات ضعفه، كيف لشخص عانى كثيرا من الوضع المتدني لوالديه أن يكرره معكِ وايضا بعد كل هذا الحب الذي رأيتهُ بعينه، كان من الأولى أن يفعلها معكِ أولا من ثم نراه مع آخرين بصراحه يحق له هذا فهو جوتشي الكبير".
( عيب يايسمينه ده حتى جوزك جنبك بالصالون بيغني ميصحش كده 😂😂)
صدمتها أوزجي بيدها على كتفها لتضحك ياسمين قائلة:
" لقد استحقيتي هذا، الرجل يعشقكِ بجنون ولم يستطع لمسكِ وجعلكِ زوجته حتى الان وعلمنا السبب اخيرًا بعد ارتدائك البرونزي و سقوطه ببئر حزنه على ما مضى".
خجلت أوزجي و اخفضت نظرها قائلة:
" ولكنه حدث بالأمس وأصبحت زوجته بشكل كامل"
فرحت ياسمين واقتربت منها متسائلة:
" كيف حدث؟ ولماذا لم تحكي لي منذ الصبح؟ ها ها. كيف حدث؟ وماذا كنت ترتدين؟".
(طبعا في حياة كل شخص صديق او قريب زي ياسمين كده ههههههه😂😂 ).
حركت ياسمين ظهرها للخلف بحماس تحدثت به: " انتظري انتظري هااااااا".
وضعت ياسمين يدها على فمها المبتسم قائلة:
" هل كان رغمًا عنكِ اووووو ياله من حماس هيا احكي كيف حدث".
تفاجأت أوزجي مما تتحدث به ياسمين، ابتسمت قائلة:
" ماذا تقولين أنتِ هل فقدتي عقلك ام السفر اتى بنتائج عكسية؟، ولكن لا يمكنني التفريط بكِ حقا اذهبي ونامي حتى تعودي لعقلك".
ضحكت ياسمين وهي تصدمها على أرجلها قائلة:
" لا تغيري الحديث، عن أي نوم تتحدثين لقد طار وذهب نومي، لن اتمكن من النوم لمدة شهر قادم إن لم تحكي لي ماذا حدث بينكم وكيف وماذا كنت ترتدين؟، انتظري هل هو من بدأ ام انتِ تدللتي عليه بالأول حتى طار عقله ونسي كل شيء اعتقد انه البرونزي من جديد، اه للعلم عليّ ان اراها لقد حلمت به اكثر من مرة ولكن اتركيني منه الان وقولي كيف هاااا كيف حدث".
( بصي يااخت ياسمين انا من كتر فرحتك وحماسك هخاف احكيلك حصل ازاي تنصابي بالقلب والضغط. حرام خليكي مستمتعه بحياتك هههههه حد يصحي سفر ويدخله ينام جنب زوجته هو كده كده ميت بنومته).
اغمضت أوزجي عينيها وهي تبتسم خجلا قائلة:
" اصمتي قليلا، ماذا تقولين، عن أي شيء سأحكي لكِ".
رفعت ياسمين يديها و وضعتها على وجه اوزجي قائلة:
" ارتفعت حرارتك اقسم انها ارتفعت هذا يعني انها كنت بشكل مختلف" وضغطت على شفتيها وهي تقول" آآآآآآه ياولي".
( مين ديه 😂 وانا الي كنت مفكرة سفر بس الي مفيهوش عقل😂 ربنا يعين عيالهم عليهم هههههه).
ما زال عارف جالسًا بوجه يرهقه الهموم والذكريات الحزينة، فكر كيف سقط بالفخ الجديد، كيف لم يلاحظ وهو من لم يسمح لأحد أن يتخطى حدوده العملية.
تذكر عمه غافر وما يفعله معه دائما، كان على ثقة من أن عمه وفاتح وراء هذا الأمر فهو ليس له اعداء اخرين غيرهم بجانب وضع العصير الذي قلب الموازين و افقده صوابه و تركيزه.
تذكر كيف اخرج خوفه من الماضي على زوجته وجعله يؤثر على حياتهم، اغمض عينيه بحزن وهو يتجرع آلام الوحدة والماضي فلقد اعتاد أن يكون وحيداً بكل مرة، يصل لنقطة الصفر يحارب ليعلو ويطفو على السطح مجددًا وحدة بإصرار وعزيمة ومحاربة ضعف نفسه وعائلته.
تذكر ترك زوجته له وحيدًا لتكون هي أيضا ممن سيحارب لأجل اكتسابها، فهذه حياته هو من يسعى لكسب الجميع والاهتمام بهم لكسب رضاهم والمحافظة عليهم خوفًا من الوحدة.
( ويالها من حياة صعبة برغم النجاح والوصول للغاية والهدف إلا انه احساس النقص يظل دائما بالنفس، وما اصعب ان تشعر انك وحيد دون قلب يحتويك مهما فعلت، قلب يخاف عليك يهتم بك يحارب من أجلك يتغاضى عن اخطائك، جميعنا نحتاج لهذا القلب ولهذا الشخص الذي نكون على ثقة كبيرة بانه لن يتركنا ولن يتخلى عنا مهما حدث، عدم وجود شخص كهذا بالحياة يجعلها فارغة ناقصة حزينة حتى بأجمل لحظاتنا).
نام عارف على هذه الوضعية وهو لم يلاحظ ازدياد شدة انهمار الثلوج والرياح العاصفة شديدة البرودة، وكيف يشعر وداخله نار مشتعلة تحرق روحه حزنًا.
نام بهذا الشكل ليرسم لنفسه لوحة تعبر عن قسوة الحياة في ظلال الوحدة الظالمة، نام وحيدًا تاركهم بالداخل يرسمون لوحة جميلة يملأها الدفء الأسري والحب والطمأنينة فشتان بين اللوحتين.
........
انا عارفه ان البعض قد لا يحب تعليقاتي بين الاقواس على المشاهد ولكني اردت ان انشرهاا كما هي بطبعتها الاولى على ان ارفع تعليقات بعد فترة ان شاء الله
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.
منها "رواية حياتي"
رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..
لقراءة كل الفصول السابقة اضغط على الرابط بالاسفل