عروس بغداد
بقلم أمل محمد الكاشف
فزع تيّم من نومه ليجدها بجواره نائمة وضع يده على قلبه ليهدأ من روعه مستمع لصوت جاره وهو يحدثه:
"اتى رجال غير طبيعيين يظهر عليهم شرهم ظلوا يطرقون الباب بأصوات عالية حتى طلبنا لهم الشرطة كانوا ينادون على فتاة اسمها سلمى يعتقدون انها بالداخل. لم يقتنعوا حتى جاءت الشرطة وتأكدت من عدم وجود احد بالداخل.
اسند رأسه على الاريكة مجددًا متنعمًا بجمال وجهها وهو يتذكر عدد المرات التي ذهب بها للمستشفى بأكثر من حجة كي يراها ولو من بعيد حتى جاءت عليه أيام يذهب لزملائه في اليوم عدة مرات بحجج مرضى من أقاربه، كان يتمنى ان يرفع ارجله للأعلى كي ينام براحه اكثر ولكنه تردد خوفا من إيقاظها ليضطر ان ينام على وضعه الغير مريح لتمر عدة ساعات وهما على وضع الجلوس والإنارة المضيئة، تتعذب سلمى بنار الذكريات داخل أحلامها بينما كان تيّم يدخل لصحن الكعبة المباركة ممسك بيد عروسته وهو ينظر للسماء قائلا:
"هي يا الله هي يا الله"
استيقظت سلمى على صوت اذان الفجر القريب من غرفتهم كون المسجد متلاصق بمنزل الخال الكبير.
فتحت عينيها لتنظر نحوه مطمئنة من حالته التي تركته عليها ومرور الليلة دون ضغط او انهيار ، تحركت لتدخل الحمام الملحق بالغرفة كي تتوضأ وهي محتفظة بحجابها لتصلي ركعتين فريضة الفجر على الأكثر متوجهة بعدها للفراش كي تتمدد عليه الجهة اليمنى دون أن ترفع الغطاء او تغير الملابس.
كان تيّم يشعر بها ممثل عليها نومه كي يتركها على راحتها قائما بعد نومها ليصلي هو أيضا فرضه ثم نام بجانبها على الطرف الاخر مبتعدًا عنها بأقصى ما يمكنه من مساحة متاحة له.
لتمر على ذلك عدة ساعات أخرى استيقظا كلاهما على صوت طرق الباب ومناداة تسنيم على أخيها ، سمعا صوت الأم تهاني وهي تسرع بأخذ ابنتها:
"ماذا تفعلين ألم أحذرك من الذهاب اليه ، تعالي معي لنرى زوجة خالك تحسين"
جلست سلمى ببطئ مفاجأتها بنومهم بجانب بعضهما ، ليجلس من خلفها تيّم منزل قدميه أرضا وهو يمد يديه على جانبيه تكاسلاً ، نظر نحو الساعة المعلقة على الحائط متحدث بنبرة تثاؤبه:
" سامحك الله يا اختي"
عاد ليلقي بظهره على الفراش مغمض عينيه دون رفع قدميه ، حدثته بصوتها الذي لم يستيقظ بعد
"اغسل وجهك لعلك تفيق من نعاسك "
_"اريد ان اكمل نومي ولو ساعة إضافية"
نظرت للساعة مرة أخرى
"ولكنها اقتربت من العاشرة هيا لنبدأ طريق عودتنا، بالمناسبة اريد هاتفي يكفي بهذا القدر عليّ ان اتواصل مع إدارة المستشفى"
تذكر وضع عائلتها تحرك تاركًا الفراش بصعوبة تكاسله واحتياجه للنوم متوجه للحمام كي يدخل مغلق بابه عليه دون إجابة عليها.
تحركت من بعده لتفتح الحقيبة مخرجة لها فستان ممن اشتراهم لها قبل سفرهم.
نظرت نحو لونه وجماله البراق وهي تتذكر اختياره له
"سيكون مناسب وجميل"
_" ولكنه زائد …"
"انتِ عروس عليكِ ان ترتدي كل ما هو جميل"
وضعت سلمى يدها على راسها محدثه نفسها:
" وكأني بحلم كبير اين كنت وأين أصبحت لا اعرف ولا اصدق، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
خرج تيّم من الحمام لتتحرك هي كي تدخل من بعده قائلة على استحياء:
"سأبدل ملابسي بسرعه حتى لا نتأخر عنهم"
_"حسنا وانا سأبدل ملابسي ، بالمناسبة اعجبني اختيارك للفستان انا متأكد أنك ستبهرين كل من يراكِ به"
حدثته بخجل
"كنت سأرتدي الأسود ولكني تذكرت حديثك عن كونه مناسب اكثر لوضعنا لذلك اخترته"
ابتسم وجهه حين لمس خجلها بنبرة صوتها وعيونها المخفضة حدثها بنبرة فرحه
"توضئي كي تصلي الضحى قبل خروجنا إليهم"
شعور جديد عليها ان يهتم احد بصلاتها وتفاصيل حياتها فكان بالسابق الجميع يقوم للصلاة من حولها دون ان يسألوها صلت ام لا يرون ملابسها دون ان يعلقوا عليها.
……………
غضب حسين على طلب أبو بكر
"كيف اعود للأهل بدونها، هل تريد ان نفضح كوننا لم نسيطر على نسائنا"
رد حسن والد أبو بكر
"انها الحقيقة . انظر إلينا لم نستطع ايجادها من الواضح فرط زمامها وخروجها عن العادات وما جاهدنا لإخراجهم عليه ، الله عليم أين مكانهم الان"
رد أبو بكر
" هذا إن كانت داخل البلاد .. اعماها التباهي بالنجاح والتميز حتى افقدها عقلها .. تتجول وتتنقل بين البلاد والرفاق دون حياء"
كظم حسين غيظه وغضبه دون رد متمنيًا ان يخرج عكس ما يسمعه منهم قائلا داخل نفسه
" لا يمكنك ان تكوني تغيرتي لهذا الحد ، كيف نسيتي تعاليم امك وما كبرتك عليه، لا . لا يمكنها كسر أمها بغيابها، ستظلين تحاربين على كونك عزيزة وكبيرة عشيرتها التي تعادل كل رقاب شبابها كي تحافظي على ذكرى امك ، لا تخوني فوزية يا ابنتي لا تخوني امك"
…………..
اجتمع الأهل بالمجلس الكبير بعد ان تناولوا الفطور مستمعين لحديث الخال الكبير
"جميعنا علمنا بوضع عائلتك وما فعلوه امس بمنزل ابننا ، اعلم يا بنتي انك مظلومة وانا لأجل ظلمك وافقت على زواجكما السريع، لا يحق لأي أب ان يرغم ابنته على الزواج بهذا الشكل المهين للمرأة حقوقها التي وهبتها لها الشريعة الإسلامية"
رد تيّم بحب
"اشكرك يا خال على كل ما فعلته معنا، لن انسى وقفتك معي طوال حياتي"
ابتسم خاله بقوله
"كن سعيد يا بني جميعا نتمنى لك السعادة وها قد رأيناها بوجهك اخيرًا، وبالنسبة لوضع زوجتك الأمني تحدثت مع صديق لي واخبرته بما حدث وهو وعدني بمساعدتك سأعطيك رقمه كي تتواصل معه فور عودتك لدبي ان شاء الله بارك الله لكما يا ولدي وبارك عليكما وجمع بينكما في خير طوال حياتكم"
فرح تيّم ممسك بيدها وهو يقول بحماسه
"اللهم امين يارب العالمين''
اقتربت تسنيم لتجلس بجانب اخيها وهي تطلب منه ان يذهبا لاكثر من مكان قبل عودتهم لدبي.
تحدث الخال الكبير
"لا عودة لكم الان ستبقون لدينا حتى يعود العروسين من رحلتهم"
همت سلمى ان تبوح برفضها لولا ضغط عريسها على يدها محذرها من فعلها دون النظر لها ، كان يحضر رفضه بشكل لا يحزن خاله متفاجئ بسماعه
"حجزت لكما رحلة للأراضي المباركة لتبدأا حياتكما بهذه المباركة الإلهية الجميلة"
ابتسم وجه تيّم وهو يتذكر حلمه ناظرا لعروسته
"لا اصدق ما اسمعه "
لم يعطيها فرصه لتجيبه على ما قاله حين نظر لخاله وبدأ يحكي له حلمه
" رايتها بحلمي اليوم، بشرني ربي بها، اقسم انني رأيتنا ونحن أمام الكعبة يد بيد"
رجف القلب شوقًا وفاضت العيون بمشاعر الحنين والفرح متسائلة
"هل سنذهب لزيارة مكة "
أومأ زوجها براسه لتكمل بدموع الفرح التي تفيض من عينيها لتتساقط على وجهها وهي تبتسم بوجه عريسها
" وانا ايضا حلمت بشيء كهذا. كنت مع صديقتي الدكتورة هند نسير بمكان غريب علينا وفجاة لم اجدها بجانبي ناديتها ولم اجدها لأسمع بعدها صوت الأذان حي على الصلاة حي على الفلاح تساءلت بصوت مسموع اين انت يا هند لأجدها تجيبني مكة تناديكِ يا سلمى مكة تناديكِ اختفى صوت هند ليعلو صوت الاذان من جديد نظرت حولي وكأن الشمس تشرق لتضيء الظلام حولي"
مسحت دموعها وهي تستمع لحديث الخال الكبير
" لن يذهب إليها إلا من أراد الله به الخير، مكة تناديكم حي على الصلاة بها"
مسحت تهاني الهاشمي دموع الفرح
"كنت اشتاق لزيارتها شكرا لك يا خالي"
تعجب خالها مما تقول مجيبًا عليها
"انها للعروسين فقط إياكم أن تفكروا باللحاق بهم"
حزنت تسنيم لعدم ذهابها معهم بل وغار قلب تهاني من سفرهم بدونها .
تجهزوا بأعجوبة مع ضيق الوقت وكثرة المتطلبات فكلاهما اتوا للشارقة بملابس واغراض تكفيهم ليوم واحد .
شاءت الأقدار أن تجمعهم في انقى واطهر واعظم بقاع الارض الطيبة، فاضت الدموع فرحا وابتهاجا وشُرحت الصدور بنسيم البركة والخير ، امسك تيّم يد عروسته ليدخل بها ساحة الحرم المكي وهو مُحرم بالإحرام الأبيض ببياض فستانها الخاص بحفل عقد قرانهم كما تمنى وطلب تيّم منها كونه غير منفوخ ولا مبهرج بالطرز لذلك اصبح لائق للمكان .
لفتا الأنظار نحوهما وهما يسيران بجانب بعضهما البعض يردد تيّم الله اكبر الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله الله اكبر الله اكبر ولله الحمد اهتز قلبها وارتعد ملبيا لرب الكون وهي تردد مع زوجها بصوت منخفض ، طلب منها ان تخفض رأسها ولا ترفع عينيها حتى يقفا أمام الكعبة ويدعيان بأول دعوة لهما سائلين الله ان يستجيب لهم.
اقتربت خطواتهما من صحن الكعبه واقفين على أعتاب الدرج المؤدي له رافعين رؤوسهم ليدعوا الله عز وجل بما يتمنون ويرضون ، رفع تيّم يديه للسماء وهو ينظر للكعبة
"اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، اللهم اصلح حالنا واشفي ثكل قلوبنا واخرجنا من حلقة الضيق لحلقة الفرج يارب العالمين"
تلجم لسانها وهي تستمع له زافره بما في قلبها
"اللهم اجعل لي سدا قويا بيني وبين أهلي ، اللهم انصرني عليهم ولا توليهم علي مرة اخرى ،اللهم نجنا منهم وابعد شرهم عنا واحفظنا من مكائدهم ونجني من القوم •الظالمين ،اللهم من اراد بنا شر اجعل كيده في نحره ،اللهم ارزقني الراحة واشفي قلبي و قوي عزمي واصلح حالي".
امسك تيّم يديها ليرفعهما للسماء قائلا
"اللهم بارك لنا في زواجنا واحفظنا وتب علينا ، اللهم نجنا من الظالمين والماكرين واكتب السعادة دربنا يارب العالمين ، اللهم انا جئنا ببابك طائعين مستغفرين تائبين فتقبلنا يارب عندك تقبل حسن واستجب منا كل امنياتنا"
كانت عينيها تتأمل وجهه وهو يدعو ربه من أعماق قلبه .
اصطحبها لينزل صحن الحرم ليبدأا الطواف رافعا ذراعيه على جانبيها وهي بوسط حضنه كي يمنع تصادمها بالرجال ، ورغم تعجبها من حرصه الكبير على الحفاظ عليها إلا انها ارتاحت و برد قلبها كونها في مأمن .
لا زالت تردد التسبيح والذكر رافعة يدها عند الوصول للحجر الأسود مرددة التكبير كما يفعل هو ، افضت ما بقلبها من امنيات ودعوات شاكية الله ظلم العباد لها متمنية ان ينعم عليها بالراحة والطمأنينة وسعة الحياة.
انهوا الطواف والسعي ثم اتبعوهم بركعتين أمام حِجر سيدنا إسماعيل ، حان موعد صلاة الفجر لتعلو المآذن بصوت امام الحرم الله أكبر الله اكبر، كانت حالتهم أشبه بالعطشان الذي أُدخل الجنة ليرتوي بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، اصطحبها ليصل بها إلى مصلى النساء وهو يؤكد عليها انتظاره بمكانها حتى يعود ويأخذها، ظلت تنظر نحوه وهو يبتعد ليس بكثير حين أراد ان يصلي بأقرب مكان بالقرب منهم.
كان امره جديد وغريب عليها فهي لم تعتاد على الاهتمام والرعاية لهذا الحد الكبير وكأنها عادت طفلة تخاف أمها ان تبعدها عن عينيها كي لا تتوه منها، عادا للفندق وهما يتحريان الطرق التي أتوا منها كان كلاهما متعب منهك من السفر ومناسك العمرة وما حدث قبل وبعد الحفل من أجواء سريعة ومزدحمة.
أخذ تيّم حمام سريع فور وصوله للفندق ليستلقي بعده على الفراش مغمض عينيه وهو يقول "كوني على راحتك"
دخلت الحمام لتأخذ هي أيضا حمام سريع من تعبها ناظره لملابسها نظرات خجل من ظهورها أمامه دون حجاب او عبائة ساتره.
كان هذا الشعور جديد وغريب على قلبها الذي أقسم أصحاب القلوب الرحيمة على عدم عودته للنبض بالمشاعر مما حدث له من نهب وسلب وكسر وطحن للخواطر.
حدثت نفسها
"بكل الأحوال سيراني بهذا الوضع، وان قصرت المدة من المؤكد حدوث ذلك"
ارتدت كنزة قطنية باللون الزهري أسفلها بنطلون جينز ناعم الملمس ثم مشطت شعرها الذي أصبح يصل طوله لمنتصف ظهرها إلا قليل مغمضة عينيها لتستجمع قواها محاولة السيطرة على خجلها وهي تفتح باب الحمام بهدوء وحذر مخرجة راسها كي تنظر للخارج بحذر وتخفي.
هدأ قلبها حين وجدته نائم بعمق كبير هذا ما تبين من قدميه المتحررة على الفراش.
تقدمت بخطواتها وهي تنظر حولها باحثة عن أريكة تنام عليها دون ان تجد حتى المقاعد غير موجودة غير الصغير الغير صالح للجلوس المريح وليس فقط النوم.
تملكها خجلها من جديد وهي تقترب من الفراش بتعب كبير كي تنام على طرفه متلحفه بالغطاء لتختبئ من عيونه.
لتكن الصدمة الاولى له حين استيقظ قبلها ليرى شعرها الحريري بجانبه انشرح وجهه البشوش حتى ظهرت نغزاته من شدة ابتسامته، ثبتت عينيه على جماله مقرب يده بحذر كي يلمس خصلاته من بعيد . تحركت سلمى بنومها ليسرع هو بضم يده بجانبه مغمض عينيه كي لا تنصدم به.
رن هاتفه ليوقظها من نومها، تحرك تيّم ليفتح مجيب على اخته وامه بفرحة كبيرة ،تحركت لتجلس على استحياء منتظرة انتهائه من الاتصال كي تطلب منه هاتفها، تحرك ليخرجه من الحقائب معطيه لها
" سأتوضأ لصلاة الضحى ومن ثم نتجهز كي نفطر بمطعم الفندق لنذهب بعده لصلاة الظهر بالحرم"
أومأت براسها استجابة له معيدة تشغيل هاتفها اولا ومن ثم قامت لترتدي ملابس الخروج بسرعه قبل خروجه من الحمام .
ابتسم وجهه عند رؤيته لها فور خروجه من الحمام ، تحركت لتدخل الحمام بخجل كي تتوضأ وعيونه تتبعها بفرحه كبيره، فما كان يتوقع ان تكون اجمل مما اعتاد أن ينبهر به بكل مره ينظر إليها به.
نظر لهاتفها بقلق بالغ الأهمية اقترب منه كي يأخذه وينظر إليه ولكنه تراجع رافضًا ان يتدخل في خصوصيتها، أنهى ارتداء ملابسه الرياضية لينهي بعدها صلاة الضحى واضعا هاتفه بجيبه والنظارة الشمسية أعلى رأسه.
انتظرها حتى أنهت صلاة الضحى كي يصطحبها للخارج مندمج معها في تعليمها اهمية صلاة الضحى …
حدثته وهما يتناولان الفطور كي تطلب منه شحن رصيد دولي لاستعمال هاتفها ، اخبرها عن رغبته بترك هاتفها كما هو دون تواصل مع احد حتى تعود من رحلتها متسائلا
"ألم تخبري المستشفى بأمر مد الاجازة لعشرة أيام أخرى"
اومات براسها
"نعم ولكني غير معتادة على البقاء بدونه ، كما انني قلقه بشأن هند ستحزن مني وتقاطعني ان علمت بما فعلته دون اخبارها، وأيضا من المؤكد لقائها مع خليل وعائلتي اريد ان اعرف ما دار بينهما"
_" بسيطة ان كان على الدكتورة هند فلتحدثيها من هاتفي"
فرحت مؤيدة الفكرة ليمد لها هاتفه
"هيا حدثيها"
_" هل الآن"
ابتسم لوجهها
" امامنا نصف ساعه كامله على صلاة الظهر"
اخذ كوب الشاي وهو يقف
"ساخرج بشرفات المطعم كي انظر للحرم اشتقت له"
ابتسمت بوجهه لتفقده عقله بجمالها
"شكرا لك "
_" امممم لا اعرف هل استمر بمكاني كي استمتع بالنظر للقمر ام اذهب لاشبع عيناي من الكعبة "
اخفضت عينيها
"هيا أذهب ولا تدع مكة تنتظرك أكثر من ذلك"
اوما وجهه الفرح تركها على راحتها لتتصل هي بصديقتها قائلة
"اشتقت إليكِ"
صرخت هند بمجرد سماعها خبر زواجها من تيّم ، لم تصدق سلمى فرحة صديقتها وعدم عتابها عليها وخاصة بعد ضغط خليل عليها وما علمت به من طارق عن وضع عائلتها وهذا ما جعلها قلقه وخائفة عليها.
اقترب طارق من هند وهو يراقب فرحتها وحديثها باستغراب ليجدها تحدث قرة عين امها أشارت هند له
"اقترب لتبارك لسلمى زواجها"
اهتز طارق من صدمته ومفاجآته قائلا بصوت اجش قلق
"تزوجت كيف ؟ وممن"
أخذ الهاتف بسرعه متسائلا بخوف
" هل اجبروكِ على الزواج من أبو بكر؟"
نظرت هند لتقدم خطوات الدكتورة رانيا المصري نحو زوجها وهي تراقب حالته بصمت يظهر غيرتها رغم قلقهم الكبير عليها.
أجابت سلمى عليه
"هل ابي يبحث عني؟"
_"ألم تعلمي ان عائلتك وخليل يبحثان عنك ، حتى هناك خبر غريب وهو عودة ابن عمتك من الغربة اتضح مؤخرا ان أبو بكر على قيد الحياة بعد ان كان فاقد للذاكرة وشفي"
تظاهرت سلمى بتفاجئها مما تسمعه قائلة
"ومن اين لي ان اعلم بكل ذلك ، اخذت اجازة لأجل زواجي ومن بعدها ذهبت لمكة كي اقضي اول ايام الزواج بهدوء وسكون بعيد عن ضجيج المسؤولية"
استدار لينظر لعيون زوجته الثابتة عليه ملجم بأسئلته الكثيرة وعتابه دون ان يستطيع البوح بها. أشار تيٌم لزوجته عند بدء رفع الاذان ، اسرعت سلمى بإنهاء المكالمة كي تلحق بصلاة الظهر، انتهت المكالمة مقتربة من تيّم لتعطيه الهاتف شاكره له.
……
سأل طارق الدكتورة هند
"هذا يعني ان ما سمعته صحيح، كان هناك علاقة بينهما انتهت بالزواج"
دافعت هند على صديقتها
"مستحيل لم تكن بينهما أي علاقة ولكن من الواضح انها وافقت فور عرضه الزواج عليها ، كنت الفت انتباهها على اهتمامه بها وكثرة زيارته للمستشفى في الفترة الأخيرة ولكنها لم تصغ لي حتى وصل الأمر للزواج السريع، لا اعرف كيف حدث ولكني سعيدة لأجلها"
_" على كل سيتضح كل شيء بالأيام المقبلة"
شعر طارق بغرابة في الامر بل وتأكد من معرفتها بوضع عائلتها وبحثهم عنها وقيامها بالزواج لأجل الهروب منهم فلا يوجد تفسير اخر لزواجها السريع غير ذلك
…….
تحركا العروسين لينزلا الدرج المنحدر مباشرة على ساحة الحرم . تحدثت له
"كان طارق بجوار هند هو أيضا علم بزواجنا"
نظر نحوها وهو يردد التسابيح قائلا
"اتركينا منهم الان هيا رددي معي كي يتهيأ القلب للقاء الله في الصلاة، لننهي أداء فرضنا ومن ثم نتحدث بما تريدين"
غار قلبه من تحدثها عن طارق من قبل فلذلك لم يتقبل حديثها عنه خاصة بهذا الوقت الذي استخلصه لنفسه.
مر عليهم يومين اقل ما يقال عنهم رائعين استمتعوا بالعبادة بجانب بعضهما كما تجولا حول الحرم باستمتاع كبير اشترى لها ولأخته اكسسوارات ومشابك شعر متشابهين.
كما اكثر من الحلوى وشراء الأطعمة الشهية مصرا على انهائها لطبقها بكل مرة.
اشترت سلمى لوالدة تيّم سبيكة ذهبية محفور عليها وردة جورية مشهورة ومعروفة لدى السعوديين كما اشترت لتسنيم حلق اذن على شكل قلب جميل .
فرح قلبه بتذكرها لعائلته واصرارها على شراءها الهدايا لهم، رفض ان تدفع من حسابها الخاص ولكنها كانت اقوى منه وعندها تراجع عن موقفه كي لا يحزنها منه.
أتت ليلة اليوم الثالث بعواصف وأمطار غير منتظرة خافت من تطاير عباءتها او سقوطها من المياه الجارية على الاسطح الرخامية الناعمة، عكس تيّم الذي اغتنم الفرصة في ممارسة هوايته للتزحلق بعكس مجرى المياه المتدفقة.
كانت تنادي عليه خوفًا من سقوطه ولكنه لم يرد عليها ظل يتزحلق وهو فاتح أرجله يمينا ويسارا حتى انزلق مبحرا على ظهره لعدة أمتار، وضعت يدها على عينيها صارخة باسمه لحظة اصطدامه بحاجز صنابير مياه زمزم.
تألم من ظهره بقوة جعلته عاجز عن الوقوف وحده، تحركت نحوه بحذر شديد غاضبة على ما فعله معيده عليه تنبيهاتها له قبل أن يؤذي نفسه.
وضع ذراعه على كتفيها كي يتسند عليها بصوت اااهاااته. من يرى وجهه يشك في تمثيله عليه كي يستمتع بها وهي تحت ذراعه، ولكنه كان يتألم وخاصة انه لم يتعدى وقت طويل على حادثتي المشفى .
لا زالت غاضبة عليه تحذره من افتعال الحركات الطفولية مجددا، اقتربت منه بوجهها الحاد الغاضب قائلة
"استدر كي ادهن لك ظهرك"
حرك راسه بالرفض
"انا لا احب رائحته"
_" هل طلب منك احد حبه ، استدر كي ادهنه لك ليسكن ألمك"
رفض قلبه تحمل لمسها لظهره •خوفا •من فضحه امامها اكثر من ذلك ، اقتربت لتحركه رغما عنه رافعه السترة من الخلف لتدهن ظهره بسرعه وخفة يد جعلته لم يشعر بها.
تعجب من انتهائها وهو من كان ينتظر البدء بترقب، أغلقت العبوة وهي تعود للتوعد والتحذير من تكرار حركاته الطفولية.
نام تيم على الفور من شدة إرهاقه. بدلت ملابسها وخرجت من الحمام لتنام بجانبه على الفراش ناظرة لوجهه البشوش متسائلة
" كيف سأكسر قلبك المتعلق بي، رغم كل ما اشعر به وانا بجانبك إلا انني لم اعد اثق بأحد، لم اعد اتحمل إعادة التجربة او التفكير بها، تدعو ربك أن يؤلف بين قلوبنا ويرزقك حبي وانت لا تعلم بأن قلبي مات وانتهى منذ سنوات لم يعد به رجا او حس ، يا ليتك لم تظهر امامي يا ليتني لم أقبل الزواج بك، اخشى ان أكون سبب في تغير ملامح وجهك الجميل وذهاب الضحكة من عليه"
اغمضت عينيها محدثة ربها
"اللهم لا تجعلني سببًا في كسر قلبه او ضرره فهو لا يستحق ذلك ، احفظه وامنه ودم عليه ضحكة وجهه الجميل"
ابتسم وجههها بنومها وهي تخاطب نفسها
"اقسم انه لم يتخلى عن طفولته حتى الان لذلك تأتي ضحكته ومزاحه بطعمها. ما هذا وكأنه طفل حقيقي"
شدوا الرحال للمدينة المنورة بعد ان انتهت رحلتهم بمكة ، دخلت سلمى ساحة المسجد النبوي وهي تحدث رسول الله بداخلها قائلة
"ظلموني يا رسول الله ، والله ما ظلمتهم ولكنهم ظلموني يا رسول الله"
…….
نعم ظلموها بدون وجه حق، اغتصبوا براءتها واحلامها ومستقبلها بحكم الأبوة والأعراف، جعلوا منها كبش فداء يلجؤون له كلما أرادوا تحقيق هدف جديد .
لم تُظلم وحدها يا رسول الله فقد كثر الظلم بالأرض التي ضاقت على المسلمين بما رحبت فلا ملجأ ولا منجي منها إلا الله سبحانه وتعالى
اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا ونبينا وحبيبنا وشفعنا محمد عليه افضل الصلاه والسلام وعلى اله وصحبه اجمعين…
هل سينجح تيم في شفاء سقم قلبها وروحها ام سيكسر ويندم على الاقتراب من شخص مجروح حد الموت….؟
يا ترى كيف سيكون اللقاء والمواجهة بينها وبين والدها ، أما خليل فاعتقد انه له وضع آخر فهناك حساب وجرح لم يغلق جاء وقته ليدفع ثمنه..