رواية عروس بغداد
بقلم الكاتبة أمل محمد الكاشف
"شكرا لأجل ليلة أمس ، يكفيني هذا القدر لأكمل حياتي برضا وسعادة كبيرة"
تحرك بوجهه المبتهج ليدخل الحمام كي يتحضر لصلاة الفجر، نظرت للغطاء على فراشها ثم نظرت لأرجاء الغرفة بحالة من السكون والهدوء الكبير وكأنها عادت لوعيها للتو.
انهى خليل حمامه سريعًا مرتدي بعده ملابسه وهو ينظر لنومها على الفراش بوجهه المبتسم ذهب لصلاة الفجر في المسجد ومن ثم ليشتري لها الفطور قبل استيقاظها.
تعجبت حين سمعت صوت باب المنزل يغلق فتحت عينيها وجلست على فراشها منتظره سماع صوته أو عودته دون ان يحدث ذلك.
رتبت وضع غرفتها و أسدلت الغطاء ذو اللون الأبيض على فراشها لتجلس بعدها عليه تتذكر ما حدث بالأمس.
من يراها يعتقد انها ندمت على عدم مقاومته واعادته عن ما أقدم عليه. كانت أنفاسها المتسارعة التي تعلو وتنخفض بها صدرها اكبر دليل على *الصراع *والخوف *والقلق * *والحرب *الشنعاء بداخلها.
نطقت بصوتها المهزوز
"أتمنى ان لا اندم على هذه الليلة"
وضعت يدها على قلبها مكملة بعيون دامعة
"اشعر بضيق يا الله قلبي *مرتعد *خائف، لماذا يحدث لي ذلك ، لماذا لم افرح كما أسمع وأرى الفتيات "
سقطت دمعة من عيونها وهي تحدث ربها
"لا استطيع تخطي ما اشعر به قلبي يؤلمني يا ربي "
حركت يدها لتضغط على قلبها
"هنا ينزف اشعر وكأن يد احدهم تضغط على صدري و تلتف على عنقي ، لم اعد استطع التحمل الجميع يضغط علي وهم ينتظرون مني العطاء، تعبت ياالله تعبت ولم اعد اتحمل"
التقطت أنفاسها بضيق مكملة بعدها بصوتها المهزوز
" لم اعد انجح بتمثيل القوة"
اغمضت عينيها وهي تردد
"ساعدني يارب، ساعدني لأفرح، ساعدني كي يزول ألمي وضيقي، تعبت والله يا ربي تعبت "
رن هاتفها بنغمة الرسالة النصية تحركت لتاخذه من جانبها لتجدها من طرف الطبيب سالم مهران يشرح بها وضع حالة مرضية مشتركة بينهما قبل ان ينهي مناوبته في المستشفى ويعود لمنزله.
اخذت نفس عميق لتخرجه بعدها وبدأت اتصالها به قائلة
"صباح الخير لك ايضا، شكرا لأجل مراسلتك لي كنت قلقة بشأنها من الجيد انها أصبحت بحالة مستقرة ولكني فكرت أن نقوم بإعادة النظر في التحاليل والاشعة الخاصة بها اعتقد اننا بحاجة لنتائج أكثر دقة ولذلك قررت ان تخضع لفحص كامل متكامل يضمن لنا استمرار تحسنها ''
رد سالم مهران
"فلنفعل ما تريدين ونزيد عليها الطبقي المحوري تعلمين مدى أهمية الحالة واهتمام الأمير سلطان الشخصي بشأنها "
_" جميع المرضى سواء نحن نعمل بضميرنا الإنساني قبل أي حسابات أخرى ، أيا كانت أهميتها ستأخذ حقها بالعلاج والاهتمام التام"
اكد سالم مهران على حديثها متمنيًا لها يوم هادئ وجميل. عاد خليل ببهجة كبيرة مستمع لصوتها وهي تتحدث على الهاتف.
وضع الأكياس على الطاولة الخارجية وتوجه للغرفة وهو ينصت جيدًا لحديثها الذي تحول لشكر وتقدير للمجهود المبذول من قبل سالم واهتمامه بأصدقائه الأطباء قبل المرضى.
غار قلبه مما سمعه جلس بصمت جانبها منتظر انهائها للاتصال وقولها له
"كنت اتحدث مع دكتور سالم"
بدأ حديثه بضيق
"ماذا كان يريد منك. أرى أنه معتاد على اتصاله بكِ والغريبة بهذا الوقت المبكر"
_"وما المشكلة انه زميلي بالعمل وهناك
الكثير من المرضى المشتركين بيننا، وأيضا انا من اتصل به بعد ان ارسل التقرير اليومي عن حالة مرضية غريبة وجديدة علينا"
اجابها بضيق
"حسنا فهمنا انه يربط بينكما مرضى وما شابه ولكن كل ذلك لا يعطيه الحق ان يتصل بكِ في اي وقت وخاصة انكِ باجازة خاصة"
اجابته بضيق
"أولا هو لا يعرف إذا كانت خاصة أم لا. وأيضا هل كل هذا *الغضب *والاستجواب لأجل تحدثي مع زميلي في العمل!"
مسح وجهه قائلا
"لنعلق المناقشة بهذه المسألة الان كي لا نفسد مزاجنا"
رسم ابتسامة جميلة على وجهه وهو يكمل
"اشتريت أشياء جميلة للفطور هيا لنأكل سويا ومن بعدها نفكر كيف سنقضي يومنا "
امسك يدها ليقبلها بحبه الكبير ساحبها معه لخارج الغرفة وهو يخبرها عن مدى جوعه.
اجلسها على المقعد المقابل للطاولة وبدأ يفتح علب الفطور امامها اخذًا قطعة من كريب الفواكه و غمسها بصوص الشكولاطة ثم وجهها نحو فمها وهو يقول
"لنشبع بطنك اولًا"
تناولتها وهي تراقب اهتمامه بها وإطعامها بيده وتدليله لها متسائلة داخلها هل فرحته خاصة بي ام يقوم بتكرار ما يفعله مع رشيدة بعد كل ليلة رومانسية. هل حقا يحبني حب خاص مختلف ام ان قلبه الحنون هو من يقوده لفعل ذلك مع الجميع وخاصة زوجاته.
نهض وحضر الشاي بنفسه دون أن يصمت عن التحدث بأحلامه و خططه المستقبلية التي يحلم بتحقيقها معها.
سكب الشاي واعطى لها كوبها تاركًا كوبه على الطاولة أمامهم ليجلس بعدها بجانبها وهو يفتح هاتفه ليتصل بزوجته رشيدة قائلا
"لأطمئن عليها "
تحدثت بسرعة خوفها
"لا تخبرها اننا جالسين معا"
اغلق الهاتف وهو ينظر نحوها باستغراب
"ألم تصري على اخبارها ليلة أمس"
ارتبكت بتخبطها ومشاعرها المختلطة
"نعم ولكني متعبة الان لا استطيع تحمل المزيد من الانفعال والعصبية وهذا ما ننتظره سويًا كردة فعل طبيعية من رشيدة
_" لا تقلقي لن تفعل شيء ستستسلم هذه المرة"
فكرت قليلًا لتجيبه
"بكل الأحوال عليها أن تعلم بتطور الوضع وتقبله ، لأنني لم اعد اتحمل او اصمت على ردود فعلها *وعصبيتها*المفرطة"
رد بصوت حازم
"أتركِ الأمر لي ، وأيضا ما بكِ لا تهتمين بي بالأمس تصديني وتتمنعين عني بحدة وعصبية واليوم تستكملين حديثك بنفس الموضوع ، حسنًا اخبرتك انني سأتولى امر رشيدة والتصدي لها من بعد الان"
أومأت برأسها ليكمل بصوت مَثَلَ حزنه به
"ولكن قبل ذلك عليكِ ان تصالحيني"
حركت رأسها متسائلة عن السبب ليجيبها
" كيف قمتي بصدي وابتعدتي عني وأنتِ تعلمين شوقي وحبي لكِ، هل كان علي ان اسحبك بقوة كي اكمل ما تركته ناقصًا منذ سنوات"
ابتلعت ريقها بخجل
"لا ليس كذلك ولكني … يعني بعد كل الذي مررنا به كان عليك ان تخبر زوجتك وتضع النقاط على الحروف ليعلم كلا منا حقوقه و واجباته ، وايضا كيف كنت تريد مني الموافقة على طلبك وانت من كان يعدني بالانفصال عند تأخري عن الرد على اتصالاته طبعا بخلاف وضع زوجتك ومطالبتي به باخر مكالمة لاجل طفلكم"
_" سنضع ونفعل كل ما تريدينه لا تقلقي وايضا بالاخير استسلم قلبك لي يعني ما كان هناك داعي لما فعلتيه بالاول كي نتذكر ليلتنا الجميلة برومانسية اكثر…. مع ان الحق يقال كانت اجمل مما انتظرته"
ردت عليه بضيق "نعم استسلمت لأنه حقك علي وأيضا ليس بيدي شيء لأفعله أم انك انتظرت ان اصرخ وادفعك عني كالسابق "
تجمعت الدموع بعينيها وهي تحدثه
" قلبي يؤلمني اشعر بثقل وتعب كبير كنت بحاجة لاحتواء وامان و وعود بمستقبل كبير وهادئ ليس لنصرة امرأة على امرأة ، طلبتها لأجل راحة قلبي وعقلي كنت بحاجه لمزيد من الأيام . الأيام فقط ولكنك استعجلت بغضبك ورفضك وسحبك لي وهنا ما كان عليّ إلا احترام رغبتك وطلبك"
_" ما كل هذا جعلتيني اندم على تحدثي معك، وكأني اخذت حق ليس بحقي ، ألم تفرحي بقربنا من بعضنا ، هل تعاتبين علي عدم صبري بعد كل هذه السنوات"
ابتلعت ريقها المحتقن بخوفها
"اعتذر منك انا لم اقصد ما تقول ولكنك لم تتفهم وضعي . أمر بأوقات عصيبة تشعرني باضطرابات نفسية مختلفة في آن واحد حتى انني قررت ان اذهب لأتلقى العلاج النفسي من قبل طبيب مختص"
تعجب من حديثها لتجيب على تساؤلاته التي بدت على تعابير وجهه
"ما مررت به ليس بسهل عليّ اريد ان ارتاح من الداخل ، لم اخجل لطلب الدعم النفسي من مختص فأنا حقا بحاجة قوية لشخص يساعدني كي اخرج من هذا *الظلام*الذي اصبح يخيم عليّ ، لا أريد ان اترك نفسي للضياع والانسياق وراء اضطراباتي وحزني"
تجمعت الدموع بعينيها مجددًا
"اصبح فؤادي ممزق قلبي يفسر كل المشاعر على أنها *ظلم *وخذلان *وخوف *وترك، حتى عيني اصبحت تشاركني بدموعها رغمًا عني، بالمرة السابقة وجدت نفسي أبكي من فرحة ظهور نتائج تحليل المريضة جيدة وبعدها بثواني قليلة ضحكت على حديث هند لي كل ذلك طبيعي ولكن حين *غضبت *وصرخت *على المقعد بل وبكيت لاني اصطدمت به عند دخولي لغرفة مكتبي علمت انني أمر بمرحلة خطرة ، حتى انني لم اتحدث عن ما رأيته واصطدمت به من الآلام النفسية في سفري الاخير ، لذلك حين اتيت انت بالامس وطلبت مني ما طلبت فجأة شعرت *بخوف *وتردد وحاجة ملحة للتفكير و وضع شروط نتفق عليها جميعا لاجل ان لا نندم مستقبلا"
وضع يده على كتفها وهو يحدثها بحنان
" اشعر بما تقولين كما انني رأيت جزء منه وأنتِ تحدثين عائلتك، اعلم إنكِ تبحثين عن علاجك بدفئ احضانهم تحاولين بكل مرة كي تداوي الجرح الكبير بقلبك ولكني اكثر من يعلم بحالهم، ان كان بهم الخير ما كانوا تخلوا عنكِ ليومنا هذا"
أرادت ان تسأله عن مدى علمه ومعرفته باهلها وهل امر تجارتهم *بالسلاح *معروف للجميع أم لا ولكنها لم تفعلها.
اقترب منها ليمسك يدها منحني عليها ليقبلها بقوة حبه وسعادته بها قائلا لها
"انا بجانبك لم تعودي وحدك، سأبذل قصار جهدي كي اعوضك ما مررتي به، من الان وصاعدًا لن تشعري *بظلم*او قهر او وحدة "
فاجأته بدخولها بحضنه
"ساعدني يا خليل ارجوك ساعدني حتى أخرج مما أنا به، أصبحت *اخاف *على نفسي من نفسي، تراودني أحلام وافكار مخيفة …."
وضع سبابته على شفتيها ليصمتها
"اشششش قلت لكِ انا معك ، لا يوجد كلام من هذا بعد الان"
اغمضت عينيها وهي تكمل
"اتضح أنني كنت مخطئة بكل شيء. احلامي وطموحي وحزني وألمي وعمري وكل شيء. أصبحت أكره نفسي وأغضب عليها. لم اترك شيء بالماضي دون أن أفسده بغبائي وتسرعي واحتكام قلبي"
رد بحزنه على حالتها
"لا تفكري بالماضي، يكفيكِ جلد لنفسك، لنصحح المسار لقد أصبحتِي زوجتي بشكل كامل ، لم يعد هناك داعي لبقائك بعيدة عني ، سنعود سويا لأقف أمام رشيدة واخبرها بكل شيء انا لا *اخاف *من كوني معك على الإطلاق، اقسمت لنفسي يومًا ما انكِ ستكونين لي اجتهدت بالمحافظة عليكِ وانا احلم بهذا اليوم، أنت لا تعلمين قدرك بقلبي"
ضمها لحضنه اكثر
"حرمت عيوني من رؤيتك كي لا تتركيني . تحملت بعدك كي احافظ عليكِ"
خرجت من حضنه لتنظر لوجهه وهي تمسح دموعها
"كيف تركتني كي تحافظ عليّ؟"
_" نعم هذا ما حدث لم اقبل ان استسلم أمام بطلان اتفاقية السلام واحتمالية تواصلك مع عائلتك، قلت لنفسي لربما تختار الانفصال والعودة لحياتها واحلامها ،لربما يحرضونك على الانفصال عني كوني اصبحت مريضا عاجزا عن تحقيق أحلامي معكم"
نفت ما يقول
"اصبحت بدون عائلة ، لم يعد لي سواك بهذه الدنيا، كيف تفكر ان اتركك وانت مريض ، لولا اصرارك وتعنتك بسفري ما كنت ابتعدت عنك، ارهقتني الاحلام والسعي وراء النجاح، تعبت قلبي يؤلمني اصبحت مرهقة ومنهكة لدرجة جعلتني زاهده بالحياة لم اعد اريد من الحياة سوى الراحة والطمأنينة "
أخذ قطعة من الكريب ليأكلها ومن ثم اخذ قطعة اخرى ليطعمها بيده وهو يحاول ان يغير مجرى حديثهم ويرفع عنها الحزن والبكاء كي يحظى بالتمتع بنعيم شذى رحيقها الفواح متمنيا ان يعالجها فعليا بهذا التقرب الجديد.
_" اريد ان انام ، ما رأيك بأن ندخل لنكمل نومنا لا زالت الساعة الثامنة صباحًا"
اومأت رأسها بابتسامة جميلة
"سانام لساعتين على الأكثر اذهب بعدهما للمستشفى كي أنهي بعض الأعمال واعود إليك "
-" ألستِ إجازة؟"
ابتسمت بوجهه الحزين
"عملنا لا يعرف الاجازات نعم انا باجازة ولكني مضطرة لقطعها لبعض الوقت، حتى انني فكرت بان اتحدث مع الإدارة حول انتقالي لتركيا"
وقفت لتحمل الأطباق كي تدخلها المطبخ قائلة
"اذهب انت للفراش ، ساضع الفطائر وبقايا الكريب بالبراد ومن ثم آتي إليك "
تحرك خليل ليدخل الغرفة وهو يفتح هاتفه كي يطمئن على رشيدة او بمعنى ادق كي يطمئن على وضع حملها.
لم تجيبه بأول اتصال ليقول لنفسه
"من المؤكد انها نائمة"
استلقى على فراشه وهو ينظر نحو عودة سلمى السريعة للغرفة ، أتاه اتصال على هاتفه نظر لسلمى قائلا
"اتصلت بها كي اطمئن على ابنتي ولكنها كانت نائمة "
_" ان اردت ان اخرج من الغرفة كي…"
رفض خليل
"لا داعي لخروجك ساطمئن عليها واغلق على الفور"
راقبت سلمى حالة وجهه وحديثه مع زوجته
"صباح الخير اتصلت ولم تجيبي عليّ اما زلتي نائمة حتى الآن"
ردت رشيدة بصوتها المغلف بنعاسها
"لا دخل لك بنا. نحن نخاصمك و لا نكلمك"
تعجبت سلمى حين وجدته يضحك مقبل يدها وهو يسأل زوجته الأخرى على الهاتف
"ومن أين أتى الخصام الآن؟ "
اقتربت سلمى كي تعتدل بجلستها بجواره بعد سحبه ليدها بالقرب منه.
تدللت رشيدة بحديثها
"اشتقت لحضن زوجي وهو لا يشعر بي ولا يسأل عنا"
(انقلب السحر على الساحر فرجني هتعمل ايه🤦بصوا اعملوا فيه اللي انتوا عايزينه انا غسلت ايدي منه😥 حبكت الاتصال دلوقتي)
ابتلع ريقه ناظرًا لسلمى بجواره دون رد. لتكمل رشيدة
"هل هي بجوارك؟"
نظرت سلمى له مترقبة جوابه ،ليرد بجرأة كبيرة اراد بها ان يثبت عدم *خوفه *من رشيدة لذلك كانت إجابته صادمة للطرفين حين قال
" نعم انها بجانبي تناولنا فطورنا سويا قبل قليل"
انتفضت رشيدة جالسة على فراشها
"عافية على قلبك. طمئني عليها هل هي بخير؟"
اجابها بوجه مبتسم فرح
"نعم انها بخير الحمدلله. اتصلت بكِ كي اخبرك انني سأبقى بدبي عدة أيام لربما اسبوع او اكثر لا اعرف بالضبط ولكن من المؤكد سأخبرك عند تحديدي لذلك "
تعجبت سلمى وهي تستمع لصراحته القاتلة وصوت رشيدة وهي تسأله
"عشرة أيام! وما الحاجة لكل ذلك؟ ألم تقل أنك ستبقى يومين أم أنك نويت على إنهاء إجراءات الطلاق هناك"
استقام بجلسته ليحدثها بجدية ناظرا لعروسته بجواره
"نعم سأبقى عدة أيام في دبي ولكن ليس لأجل إتمام الطلاق لقد أغلقت هذه المسألة بشكل نهائي"
اشتعلت *النيران *بقلب رشيدة وهي تكرر سؤالها
"ولماذا أُغلقت ما الجديد ؟ كما انك تعلم بوضعي الصحي كيف ستتركني هنا وحدي"
أراد خليل ان ينهي المكالمة قبل ان تسوء الامور
"سأبلغك بهذا في وقت لاحق والآن عليّ ان اغلق "
رفضت رشيدة ان تغلق المكالمة قبل ان يجيبها، وضعت سلمى يدها على وجهها أسفا على ما تسمعه حين اجاب خليل
"ما بكِ يا رشيدة هل انا مجبر على اخبارك خط سيري قبل معرفتي له، اخبرتك بقدر ما انا اثق به في الوقت الحالي وإن طرأ جديد من المؤكد أنني سأبلغك"
اجابته رشيدة
"حسنا ليس لدي مانع"
تعجبت سلمى من ردها رفعت عينيها لتنظر لوجه خليل الفرح ، لينصدما كلاهما بتكملة حديث رشيدة
"وانا أيضا سآتي لدبي لأقضي معكم عدة أيام مللت من البقاء وحدي هنا"
*رفض*خليل بشدة متحجج بحملها *وسوء *وضعها مع القيء وألم المعدة والرأس.
سألته بقوة وجرأة ندمت عليها بعدها
"هل حدث شيء بينك وبين سلمى!"
صمت خليل وهو ينظر لعيون عروسته لتكمل رشيدة
"خليل أجبني هل حدث شيء بينكما. هل قضيت ليلتك بفراشها أمس ؟"
تحدث خليل بجدية
"أقول لكِ سنتحدث بوقت لاحق في هذا الموضوع"
*صرخت *رشيدة بزوجها
"هل تهرب مني ام تريد ان تفكر بما ستكذب عليّ به ؟"
نزل من فوق الفراش ليقف بقوة غضبه
"منذ متى *هربت *او *كذبت *على احد، الامر وما فيه انني لا اريد احزانك وانتِ بهذه الحالة *الغاضبة *ولكن ان كنتِ مصره على الاجابة فنعم قضيت ليلتي على فراشها أمس، ألم تعلمي أنها زوجتي ومن المتوقع حدوث ذلك من قبل، ألم أخبرك أكثر من مرة انني لم أرغب بالطلاق ، ألم اخبرك برغبتي ان تصبح زوجتي بشكل كامل ألم نتفق على ذلك أم خدعتك وكذبت عليكِ"
( يارب يكونوا المسؤولين عن الجروب وزعوا حبوب الضغط على الكل بالتساوي مش عايزين مشاكل 😂😂😂😂 احسن ابو خليل ناوي يجلطنا احنا و زوجاته في ليلة واحدة😂)
بكت رشيدة وهي ترد عليه
"ولكنها طلبت الطلاق منك؟"
_ "هذا ما حدث والآن سأغلق واحدثك بوقت اخر"
أغلق الهاتف ليصعد مرة اخرى على الفراش ليأخذ عروسته بحضنه وهو يحنو على ظهرها
"هل حدث ما اردتي. وايضا لما كل هذا الغضب نحن لم نقترف ذنب بحق أي أحد. كنت صادقا معها منذ اليوم الأول وحتى يومنا هذا. لتأخذ وقتها وتعتاد على الوضع الجديد"
حدثته *بخوف *كبير
"أامل أن لا نكون قد تسرعنا "
_ "لا لم نتسرع بل تأخرنا كثيرا عنه"
حركت يدها كي ترتب وضع سترتها الزرقاء نظر خليل نحو يدها وهو يحدثها
"هذه الملابس آخر ما كنت أتوقع رؤيتك به في صباحنا الأول ، حتى انها كانت اول اختبار لي بعد ليلتنا الجميلة"
ردت عليه بخجل
"جميع مالدي بهذا الشكل"
_" سنذهب بعد الفطور لنشتري لكِ كل ما هو جميل ومفتوح اريد ان استمتع بجمالك الذي حرمتيني منه بسرعة هروبك للحمام ليلة أمس"
خفضت عينيها بخجل دون النظر له قائلة
"ما رأيك في ان نذهب لسوق تجاري جديد تم افتتاحه قبل عدة أسابيع ، سمعت عن جمال الديكورات وكثرة المحلات المتنوعة داخله، اذهب للمشفى ومن بعدها اعود لاصطحابك إليه"
قبلها من وجنتها وهو ياخدها بحضنه مستلقي بها على الفراش
"سانام أولا ومن ثم افكر بأي شيء اخر، اشعر بحاجه كبيره للنوم والراحه"
طلبت منه ان تذهب للمشفى كي تنهي عملها بوقت مبكر وتعود إليه ، وافق خليل كي لا يضغط عليها سابحًا بنومه الذي جعله لا يشعر بها وهي تتجهز وتخرج من المنزل
وبعد عدة ساعات قضاها خليل بنومه العميق علا صوت رنين هاتفه في الغرفة ليوقظه من نومه ، تكررت الاتصالات ليجدها زوجته رشيدة تحدث داخل نفسه
"لاجيب واراضيها قبل عودة الأخرى"
جلس على فراشه مجيبًا على هاتفه وهو يضع يديه على عينيه المغلقة تحدثت رشيدة بقلب زوجة شعرت بخسارة زوجها
" هل تم الأمر … أصبحت زوجتك كما كنت تحلم دائما، هل بردت *نارك *الآن"
من يرى وجه رشيده وهي تحدثه يعتقد انها فقدت عقلها وهذا ما جعلها تطلب طلبها الذي خرج منها بقوة لتطفئ *نار *قلبها
"لم ترد حسنا كما تريد. سأخرج بعد قليل للبدأ بإجراءات الطلاق ، لا اريد منك اي شيء لننفصل ومن ثم أعود للمغرب لاكمل حياتي هناك"
راجعها بقوة رفضه لقرارها وهو يعدها ان يعدل بينهما وان تعيش وكأنها الوحيدة بحياته
"انتهت ايامنا الصعبة لن تنجبر أيًا منكما على العيش مع الاخرى كما…"
قاطعته رشيدة بعيونها المخيفة
"انتهى كل شيء لا اريد ان اكمل حياتي على هذا النحو، لقد تحسنت وأصبحت قادر على تحمل مسؤوليتك وحدك.."
لم يسمح لها باستكمال حديثها حين اسرع باغلاقه المكالمة قائلا
"لننهي حديثنا الان حتى تهدئي ومن ثم نتحدث ونتفق على كل شيء ، لا أقبل *باحزانك *أو ظلمك *اعدك بذلك ثقي في خليل روحك يا روح قلبي"
أغلقت رشيدة الهاتف لتنهي هي المكالمة حين آلمها قلبها ولم تعد تتحمل رومانسيته، فلم يعلم خليل في أي *جحيم *أسقطها كان يكفي أن يرى حالة وجهها ليعرف قدره بقلبها بل وليعلم كم تغار عليه فهي حقًا صادقة *برفضها *وعدم قدرتها على مشاركته مع غيرها.
أخرج علبة الحلوى من البراد ليأكل منها كي يرفع معدل السكر بالدم ، وضع يده على رأسه متسائل "وكأن ضغط الدم انخفض فجأة!"
حضر له كوب الشاي وخرج من المطبخ قائلا
" لنتصل بها كي نخبرها بأن الشاي لا يحلو إلا من صنع يدها ، علينا أن نكسب رضاها"
فتح هاتفه ليتصل على رشيدة لعدة مرات دون أن تجيب عليه.
تنقلت سلمى بين غرف المرضى والأطباء ومدير شؤون العاملين دون ان تجده كانت تحاول ان تنهي أعمالها باسرع وقت ممكن كي تعود لزوجها .
تأخرت قليلا بانشغالها بكتابة عدة تقارير عن المرضى المسؤولة عنهم.
دخل طارق الغرفة قائلا
"واخيرا رأيناك بعملك ، لم ارد ازعاجك بأيام اجازتك لذلك لم اتصل بك "
ابتسم وجهها وهي تقول له
" لدي مفاجاة لك، بصراحه كان يريد ان يخبرك بنفسه ولكني لم اتركها له "
_"خير ماذا حدث هل هناك جديد بحالة خليل"
أومأت سلمى برأسها
" وصل خليل دبي قبل يومين ليطمئن عليّ"
فرح طارق لقدومه وحصوله على الجنسية طلبت منه ان يأتي هو ورانيا المصري ليقضيا معهما وقت جميل في السوق التجاري الذي حدثتهم عنه رانيا من قبل.
تحمس للفكرة وفرصة تعرف خليل على رانيا كي يعود ويطمئن قلب امه عايدة ، اتفقا على ذلك واستأذن ليذهب لخطيبته المستقبلية ليخبرها.
تأخر الوقت وكان عليها العودة اتصلت بخليل لتسأله عن حاجته لشيء تشتريه له وهي عائدة إليه لتتفاجئ بصوته اليقظ.
ابتسمت قائلة بخجل
"ظننت أنك ما زلت بالفراش"
_"بالعكس انا في المطار حجزت تذكرة سريعة للعودة إلى تركيا ، *ساءت *حالة رشيدة وتم نقلها إلى المستشفى ،تحدثت مع الطبيب واخبرني انهم سيطروا على الوضع ولكن لا زال هناك *خطورة *على الجنين"
*صُدمت *سلمى من سرعة تدهور حالة رشيدة وسفر خليل لها .
ذهب حماسها وهمد نشاطها وكأن ضغطها انخفض فجأة دون حساب.
عاد خليل لتركيا متفاجئ من حالة رشيدة ورغبتها بإجهاض من حلمت به منذ سنوات والأكثر انفصالها عنه وعودتها للمغرب.
حاول تهدئتها ومراجعتها عن قرارها دون فائدة، زاد سوء وضع الحمل مع استمرار النزف وعدم استماع رشيدة لتعليمات الأطباء.
لم تستطع سلمى الوصول لخليل على مدار الاسبوع كانت تتصل بالخالة عايدة كي تطمئن عليه وعلى رشيدة بعثت لهاتفه عدة رسائل نصية بوجوب اتصاله بها .
خرج خليل من المنزل بحجة شراء بعض الأغراض للمنزل مستغل الفرصة للاتصال بسلمى التي فرحت فور رؤيتها للاسم على شاشة الهاتف.
تفاجأت بصوته الحزين وهو يخبرها بوضع حمل رشيدة الحرج وخوفه من فقدان الطفل حاولت إخراجه من حالة حزنه والاعتذار منه أنها السبب في كل ذلك.
راجعها بما تقول
"أنتِ أجمل هدية بحياتي انتظري حتى تتعدى مرحلة *الخطر *وحينها ساحاسبها على ما فعلته فكيف تقرر الإجهاض والتخلص من حلمها بهذه السهولة".
صُدمت *سلمى مما سمعته متسائلة
"هل هي السبب بالنزف؟"
رد عليها بغضب
"وماذا اقول انا منذ الصباح، لقد فارقت النوم والراحة وانا اراقبها *خوفًا *من عودتها للجنون ، هل يعقل يا ربي ان تفعل هذا بطفلها سأجن اقسم انني سافقد عقلي من ورائها"
طلب منها ان ينهي الاتصال كي يصعد بجانب زوجته مع وعد بتكرار الاتصال حين يتسنى له ذلك.
اشفقت على حالته فهي أكثر من يعلم بحبه ورغبته في ان يصبح اب ، تركته دون الضغط عليه كي لا تتسبب *بمشكلة *جديدة لهم منتظرة اتصاله الذي لم يأتيها خلال الاربع اسابيع التي مضت بظل روتين الدراسة والعمل الشاق.
انتظرت دون جدوى وفي احدى اتصالاتها فتح خليل هاتفه ليحدثها بصوت منخفض
"انا بخير لا تقلقي، حتى رشيدة أصبحت بخير"
ردت سلمى بحزن وغيره
"فرحت لأجلها انتبه لها ولا تحزنها"
_"انتِ كيف حالك طمئنيني على نفسك واحوالك"
مددت فمها بابتسامة بسيطة
"انا بخير ما دمتم بخير، حتى انني لدي خبر كبير لك"
نظر جهة الحمام وهو يسألها بفضول
"وما هذا الخبر"
_" ستؤمن المشفى عمل لي في فرعها الجديد بجمهورية تركيا"
توتر خليل متسائلًا
"هل ستفتح فرع جديد باسطنبول؟"
ردت بحماس
" نعم هذا ما عرفته و حمسني بأن أطلب انتقالي اليه"
خرج خليل من الغرفة كي يستطيع أن يتحدث براحة أكثر
"ولكني لم اجد منزل مناسب لكِ حتى الان"
شعرت بتغير نبرة صوته ، ابتلعت ريقها وهي تقول
"هل تريد تأجيل خطوة انتقالي حتى تلد رشيدة بسلام"
صمت لتكمل سلمى
"حسنا لا مشكلة لدي بذلك يكفي أن يكون طفلك بخير"
رد عليها بحزن
"سأتحدث مع سماسرة العقارات كي يجدوا لكِ منزل مناسب لا اريده بجوار خاصتي ليكون بعيدا كي نأخذ راحتنا به"
جاءت لتجيب ولكنه لم يسمعها حين انقطع الاتصال بينهما اعادت الاتصال دون ان يجيب عليها.
توتر خليل حين علم بوجود رشيدة خلفه وسماعها لمكالمتهم.
*حزنت سلمى *اكثر واكثر متمنيه ان تحمل بطفلها الاول كي تحظى بما تحظى به رشيدة من اهتمام *وخوف *زوجها عليها .
كانت تعطيه الحق محتقنة بمرارة ابتعاده عنها وتعلقها بالمنتصف ككل مرة تنتظر رضا رشيدة كي تنال فتات الاهتمام من بعدها.
مرت عدة أيام اخر تفاجئ طارق من قرارها متسائلا
" ما الذي يجعلك تتركين نجاحك ومكانتك التي وصلتي لها هنا وتذهبين كي تبدئين من الصفر بمستشفى جديدة"
حدثته بوجه راضي عن ما وصلت إليه
"لا تقلق عليّ ان أراد الله لي النجاح فسأحصل عليه بجانب زوجي، نحن *نحارب *و نسعى لمساعدة المرضى وتخفيف آلامهم في أي زمان ومكان لذلك ننجح ونثبت انفسنا بكل مرة فمن كان له هدف لا يضل الطريق ابدًا، جاء الوقت لأؤسس عالمي الخاص، أود ان يكون لي عائلة صغيرة اهرب إليها وأحتمي بها و اتداوى على جمال قلوبهم الصغيرة البريئة، قررت ان لا اكون وحيده و لا أترك نفسي للسعي وراء الأحلام والطموح فقط، لأنجح وسط أولاد من دمي يفخرون بي ويتعلمون مني حتى ان وصلنا لنهاية المطاف سأجد من يحنو علي ويودعني بقلب محب"
توتر واختنق مما سمع نظر نحو المكتب قائلا بصوت محتقن
"اتمنى ان تحققي جميع احلامك"
صمت وهو يراقب فرحتها و وضع يدها على بطنها اثناء شرودها بحلمها متسائلا
"هل أنتِ حامل "
ابتسمت ابتسامة حزينة *صدمته *بجوابها بعدها
"لا لم يحدث بعد ولكني اصبحت اتمنى حدوثه وبشدة، تغيرت نظرتي للحياة بعد ما رأيته وعشته بتجربتي في المستشفى الميداني لقد تعلمت ان العمر ما هو إلا لحظات تمر بسرعة كبيرة لا احد يستحق ان تفني حياتك لأجله ، لا يمكننا اظلام حياتنا بأيدينا ونحن نركض خلف الاحلام، الله سبحانه وتعالى وهبنا نعم كثيرة من *الخطأ*الكبير في حق أنفسنا ان لا نغتنم هذه النعم لصالحنا، ذكرى *الحرب *والضياع أكدوا لي ضرورة التمسك بالحياة وبناء وسط جميل سعيد مستقر نهنئ داخله "
أومأ طارق برأسه
"اتمنى ان تصلي لما تحلمين واكثر. تذكري انني دائما موجود لاجل مساندتك ومساعدتك"
هزت رأسها متسائلة بفرح
"وانت ما اخر الاخبار لديك. هل حددت موعد الزفاف أم لا زلتم تبحثون عن المكان والزمان المناسب للجميع"
ابتسم بحزن
"ليس من السهل التوفيق بين الغرب والشرق ولكننا سنحاول بقدر المستطاع ايجاد حل يسمح لنا بإقامة الزفاف باقرب وقت"
نصحته نصيحة نبعت من أعماق قلبها الذي ذاق ورأى ألوان مختلفة من العذاب
"لا تؤجل سعادتك لاجل ارضاء جميع الاطراف بالاخير يستحيل على اي شخص ان يحقق ويكتسب رضا الجميع. قم بعمل حفل صغير هنا أتم به عقد الزواج ومن ثم اصطحب زوجتك واذهب للشرق والغرب لتقيما بكل منهما حفل صغير بجانب قضاء عطلة شهر العسل هنا. وهناك"
اومأ رأسه بحزن
"هذا ما نحاول إقناعهم به والان لا تفكري بنا . اهتمي باحلامك الجديدة. اتمنى ان تسعدي بتحقيقها وتجدي ما تحلمين به وأكثر"
_"كيف لا افكر ،سافكر طبعا كي احظى بلقب العمة"
ابتسم بقوله
"قريبا باذن الله "
خرج من الغرفة وهو يشعر بضيق في الصدر واحمرار بالوجه واختناق بالحلق ، تجمعت دموع الحزن بعينيه وترجمت بخطوط قدميه البطيئة المتثاقلة.
خرج بأحد شرف المشفى ليقف بها ناظرا للسماء دون حركة أو أحاديث داخليه.
اما هي فكانت بالغرفه متحمسه لما قالته فتحت هاتفها لتخرج رقم زوجها ومن ثمَ تغلقه من جديد، لا تريد أن تضغط عليه باتصالها.
حلمت بفرحته بها ولقائهم على أرض تركيا من جديد، استمتعت بصوت فرحته عند معرفته تخليها عن كل شيء لأجل تكوين أسرة تجمعهم ببعضهم بشكل أكبر.
فتحت هاتفها مجددًا كي تنظر للفيديو الخاص بالاطفال حديثي الولادة. رفرف قلبها من جمالهم وهنا خطر بعقلها ان تذهب لقسم الحضانات كي تلمس هذا العالم الجميل البريّء بيدها.
تحركت بسرعة فرحتها لتخرج من الغرفة متجهه للطابق الأول. وجدت ازدحام امام المصعد جعلها تستقل الدرج، ليحدث ما لم تنتظره حين انزلقت إحدى قدميها من نعومة رخام الدرج الجديد لتجد نفسها سابحة عليه بظهرها، امسك رجل بذراعها بقوة جعلته ينزلق هو الآخر ولكنه أسرع متمسك بالسور الحديدي المجاور للدرج كي ينقذ نفسه ومن معه من الانزلاق .
اسرع الجميع لمساعدتهم لم يرى وجهها ولكنه سمع أصوات الأطباء وهم يقولون
"دكتورة سلمى . دكتورة سلمى .أغشي عليها . احضروا حاملة بسرعة"
ابتسم وجهه لمعرفته أنها هي وقف وهو يشكر من ساعدوه بوقوفه متسائل عن وضعها ليجيب أحد الأطباء
"انها بخير فقدت وعيها لثواني ومن ثم استعادته من جديد"
نظر نحو رفضها النوم على الحمالة الطبية مكتفية بالاستناد على ذراع طبيبة أثناء سيرها البطيء بجانب الأطباء قائلا
" لعل ضغطها انخفض وهذا ما جعلها تسقط"
رد الطبيب على تيّم
"من الجيد رؤيتك لها وسرعة امساكك بها وإلا كانت ذهبت روحها منها"
نظر تيّم نحو الدرج الطويل قائلا
"حفظها الله من شر الاقدار، ولكن أخبرني هل هي تعمل معنا بالمستشفى؟"
تعجب الطبيب قائلا
"ألم تسمع عن الدكتورة سلمى الأكرم نابغة العراق"
ابتسم تيّم بفرحته الكبيرة
"هل نابغة العراق!"
تحرك بجانب الطبيب الذي استرسل بحديثه عن تفوق وتميز الطبيبة سلمى.
وصل الخبر للدكتور طارق الذي أسرع دون تفكير نحوها ليطمئن على حالتها تحت انظار خطيبته الغير راضية عن ما ترى أمامها.
فتحت سلمى عينيها قائلة
"انا بخير لا تقلقوا"
تحدث أحد المسؤولين عن الطابق الأول
"لم تكن الحادثة الاولى منذ ترميم الدرج. رفعنا أكثر من شكوى دون استجابة. لقد أصبح الدرج اخطر من المرض على المرضى. عليهم وضع شرائط مانعة للانزلاق على اطراف كل خطوة به كي لا يتسبب بإيذاء أحدهم و يتفاقم الوضع لاكبر من ذلك"
جلست سلمى على الفراش الطبي وهي تضع يدها على رأسها قائلة
"انا بخير سأذهب الى غرفة مكتبي"
حاولوا ان يوقفوها ولكنها أصرت على ذهابها لمكتبها، ليتبين بعدها ان ما شعرت به كان صحيحا وان سرعة عودتها لغرفتها واخذها احتياطاتها اللازمة حد من احراجها امام الجميع، خرجت من الحمام واضعه يدها اسفل بطنها قائلة
"هل كان يجب أن أسقط من على الدرج كي تأتي"
تمددت على الأريكة الخاصة بها متألمة من آثار السقوط.
دخلت ممرضة مساعدة لها غرفة المكتب كي تطمئن عليها. حدثتها سلمى بصوت متعب "سأكون بخير إن أعطيتني جرعة اضافية من المسكن"
استجابت لها وتحركت لتأتي بأقراص المسكن، أوقفتها سلمى قائلة
"انتظري ستجدين بالدرج الاول من خزانتي علبة مسكن حقن قوي حضريه لي واعطيني إياه لعلي استطيع القيادة والوصول للمنزل".
قامت الممرضة المساعدة لها بحقنها متأملة ان تتحسن بشكل سريع.
طلبت سلمى منها ان تذهب لعدة حالات مهمة تحت رعايتها كي تطمئن على وضعهم قبل أن تعود هي للمنزل.
ذهبت ملك للمرضى كي تطمئن على سلامتهم، بهذا الوقت فتحت سلمى الهاتف لتتصل بخليل كي تحكي له ما جرى معها متمنيه ان يجبر صوته ما تشعر به من ألم، ولكنها لم تصل له حين وجدت هاتفه خارج التغطية.
تحركت بصعوبة لتجمع اغراضها وتخرج من الغرفة ناظرة نحو الممرضة ملك وهي تقدم نحوها وتطمئنها ان كل شيء على ما يرام.
اخبرتها سلمى ان دكتور طارق سيتولى رعاية المرضى لتكن بمساعدته وامداده بالمعلومات المهمة وقت متابعته الحالات ليلا.
عادت للمنزل بصعوبة كبيرة بعد ان توقفت عدة مرات بالطريق من شدة تألمها. فكان عليها ان تقبل عرض طارق بتوصيلها او تطلب سيارة أجرة تقلها للمنزل بدلا من القيادة، ولكنها كعادتها عنيدة لا تقبل المساعدة من أحد.
دخلت المنزل متجة للفراش على الفور لتستلقي عليه مغمضة عينيها محاولة تحمل ألم ظهرها.
فتحت هاتفها من جديد لتتصل بزوجها ليأتيها نفس النتيجة خارج نطاق الخدمة
نامت على وضعها وهي تبتسم ابتسامة خافتة نبعت من قراراتها الاخيرة.
نامت غارقة باحلام اليقظة مستمتعة بوصول خليل وفتحها له الباب لتجده يخبرها انه عاد من أجلها ، طارت في حلمها من الفرحة حضنها خليل بقوة ودار بها وهو يقبلها بوجهها القريب من رأسه.
وبسبب هذه الأحلام لم تستمع سلمى لاتصالات دكتور طارق الذي اتصل بالمسؤول عن أمن مرآب سيارات المجمع ليسأله هل سيارة الطبيبة سلمى من ضمنهم ام لا زالت بالمشفى.
وهنا اطمئن قلبه لوصولها وفهم انها نائمة من تعبها لذلك تركها دون معاودة الاتصال من جديد.
ظل طارق قلق على سلمى طوال ساعات المناوبة الليلية دون أن ينتبه لخطيبته التي كانت تتأجج بغيرتها وهي تستمع منه اقتراحات سلمى في تنظيم حفل زفافهم والأكثر من ذلك نظره للهاتف بين الحين والآخر وكأنه ينتظر اتصالا منها
اشرقت شمس صباح جديد ولا زالت سلمى بفراشها نائمة ، رن هاتفها ليوقظها على موعد الإشراف الصباحي.
فتحت عينيها ممسكة بهاتفها لتتصل بطارق كي تطمئن على الوضع هناك. ابتسم وجهه واطمئن قلبه لسماع صوتها، تحركت خطيبته بضيق لتخرج من الغرفة قائلة له
"سأذهب لارى المرضى"
أومأ لها رأسه مكمل حديثه مع سلمى مجيبًا على اسئلتها حول المرضى الخاصين برعايتها، اطمئن عليها وطمئنها على المرضى طالبًا منها ان تبقى اليوم بالمنزل كي ترتاح.
استجابت دون معارضة وهذا ما اكد له شدة تأثرها من السقوط رغم قولها له إنه بسيط.
اخبرها ان المشفى اغلقت الدرج واليوم سيتم احضار متخصصون لمعالجة الامر كي لا تتكرر هذه الحوادث مرة أخرى.
شكرته لاهتمامه وأغلقت معه لتكمل نومها الذي استمر ليومين متتاليين ، وفي صباح اليوم الثالث أيقظها صوت رنين جرس الباب فرحت وابتهجت بمجرد شعورها بقيمتها الكبيرة لدى خليل.
تحركت من على فراشها متحمله الالم كي تفتح الباب بحالتها التي أتت بها من المشفى.
خاب ظنها وآمالها حين وجدته ساعي بريد، اخذت منه الظرف ومضت له وهي تستغرب متسائلة من من أتى إليها.
اغلقت الباب وبدأت تفتح الظرف لتجد به ورقة فتحتها وهي تجلس على الأريكة غير مستوعبة لما تراه أمامها.
توقف عقلها لثواني معدودة لعدم فهمه ما يقرأه حين أبى أن يخبرها بمضمون الورقة *خوفًا *من انهيارها .
مسحت عينيها ودققت بعنوان الورقة بقلب تسارعت ضرباته قائلة باستنكار
"وثيقة طلاق شرعي غيابي"
………
كنت اود ان اخبرك بأن الجميع خذلني وإني أصبحت أخاف من الجميع الا أنت ، ولكنك فعلت مثلهم وخذلتني قبل ان أخبرك بذلك.
انتهى الفصل بصدمة كبيرة سقطت على رؤوسنا جميعًا فهل ما قرأت صحيح ام انها لا زالت تسبح بالأحلام المستقبلية ، وان كان صحيح ما الحجة القوية وراء انتهاء هذا الميثاق الغليظ بهذه السرعة والقوة …..
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.
منها "رواية حياتي"
رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..