recent
جديدنا

عروس بغداد التاسع والعشرون

 عروس بغداد

بقلم الكاتبة أمل محمد الكاشف





 تفاجئ خليل برؤيته لدكتور طارق وهو يدخل عليه المعمل الخاص به ، ابتهج وجهه وقام ليصافحه مرحبًا به ثم بارك له زواجه .

اصطحبه للمكتب وهو يأمر أحد العاملين بضيافتهم الشاي والبقلاوة.


سأله خليل عن موعد وصوله لتركيا وعاتبه على عدم تواصله معه كي يذهب للمطار لاستقباله ، شكره طارق قائلا 

"اعلم انك ستفعلها لذلك لم ارد اجهادك معنا يكفي ما قدمته لنا "


أفصح طارق عن ظرف أخرجه من جيب جاكيته الداخلي ليمده تجاه خليل ووضعه بالقرب منه أعلى المكتب قائلا

"شكرا لك على دعمك ومساندتك لي ولأمي في شدائد أيامنا"


اسرع خليل برفضه للمال

 "لن آخذ مقابل منك ،خذ مالك وضعه بجيبك ، اعتبره هدية زواجك مني "


رفض طارق 

"لن اقبل بما تقول لقد اتفقنا على ذلك منذ البداية ، سجلت كل شيء من ضمنها المصاريف التي أرسلتها لأمي بأول شهور سفري ، شكرا لك كثيرا رغم ان الشكر لا يوفيك حقك علينا ، فهناك مواقف للإنسان لا يضاهيها مال او جاه تأتي للإنسان في اضعف محطات حياته واصعبها تعثرا لتُحفر في وجدانه وقلبه"


اخفض خليل رأسه

"ولكني ضيعت كل شيء في لحظة واحدة، صدمتها ودمرتها ونسفت الخير الذي بيننا …" صمت عاجزا عن استكمال حديثه 


فهم طارق تغيير مسار الحديث، علق على ما قاله خليل معبرًا عن •صدمته •بالطلاق الغيابي

" ليس وحدها من •صُدمت •بهذا القرار، لا زلت لا اصدق ما سمعته لماذا وكيف؟، رغم ان امي فسرت لي السبب المتعلق بزوجتك الأولى ولكني لم اقتنع لقد كنت اراهن دومًا على حكمتك وقراراتك الغير متسرعة ، في حين تركت الفتاة كل شيء حالمة بحياة سعيدة مليئة بالأطفال تأتي أنت •لتدمرها •بهذا الشكل الغير مُنصف، حسنًا من المؤكد ان اخر سفرية لم تكن على ما يرام والواضح أيضا عدم اتفاقكم وتفاهمكم بها ولكن كان عليك ان تكون منصفًا تتأنى وتنتظر الوقت المناسب حتى تجلسا سويا وتتحدثا أكثر من مرة كي تجدا حلًا وسطًا يريح جميع الأطراف ويرضي اختي رشيدة أيضا فانت لست اخر رجل يتزوج من اثنتين"


_" نعم لستُ اخر رجل يتزوج من اثنتين ولكنك اخر رجل كنت انتظر ان اجلس امامه بيوم من الأيام واستمع لدفاعه عن استكمال زواجنا"


دافع طارق عن نفسه

" لقد أصبحت اختًا لي  منذ…"


قاطعة خليل 

"اعلم ذلك بل كنت خير امين عليها ، اعني بحديثي الفترة التي سبقت •القصف •وتعرفي بك عن قرب"


أومأ طارق برأسه وهو ينظر لمن دخل عليهم المكتب كي يضع الشاي والبقلاوة أمامهما.

شكروا له تعبه واهتمامه ، انتظروا خروج الموظف ليبدأ خليل حديثه مجددًا

"كيف حالها الان هل هي بخير؟"


_" تحاول ان تصبح بخير ، لا تقلق انا اثق بها جاء الوقت لتستعيد نفسها لأجل نفسها فقط"


رد خليل بحزن 

"أصبحت وحدها بشكل كامل يعني بعد زواجك أيضا، لم اقصد شيء ولكني كنت اطمئن عليها وانت بجانبها والان بعد زواجك وسفرك أصبحت وحدها بشكل كامل"


اخفض طارق راسه وهو يأخذ كأس الشاي ليشرب منه القليل في محاولة منه ان يثبت بحديثه امام خليل كي يقطع دابر أي خطط مستقبلية بينه وبين قرة عين أمها ليس لشيء إلا لرغبته الكبيرة بان تبدا سلمى حياة جديدة بعيدة عن التي كتبت عليها بالإجبار.


وبعد صمت دام  لثواني قليلة تحدث طارق

" لا تخف ان الله معها ، من حماها من الموت المحتم وهي وحدها لا انا ولا انت بجانبها قادر ان يحميها ويعيد إحياء روحها من جديد"


ترك خليل كأس الشاي من يده قائلا باستغراب

" أي موت محتم! هل تقصد واقعة انزلاقها من على الدرج!"


ابتسم طارق بحزن 

"سبحان من نجاها بكل مرة تسقط بها ، اتعلم! فكرت بذلك اكثر من مرة وتوصلت الى ان ما يحدث معها عائد لدعاء وصلاح الوالدين الذي يبقى أثره للأبناء طوال الحياة يحرسهم ويحميهم ، لم يضيع دعاء وخير خالتي فوزية هباءًا منثورًا ، رحلت عن دنيانا منذ زمن بعيد وبقي دعائها و عملها واثرها الطيب يحمي ابنتها حتى اذهل كل من تابع الحادث فكيف تعود للحياة بهذه السهولة من بعد •سقوطها •من اعلى سفح المستشفى الكبيرة"


وقف خليل مفزوع 

"سقطت من اين!؟"


_" إهدأ هي بخير ولولا ذلك ما كنت رأيتني امامك الان ، اكرمها الله بدكتور يمارس رياضة القفز وتسلق الجبال ألقى بنفسه وراءها بسرعة كبيره ممسك بها حتى وصلت الفرق الأمنية وانقذتهما "


سأل خليل باستغراب 

"كيف لحق بها هل هو الرجل الخارق يحلق بالهواء ويمسك بها حتى تأتي فرق الأمن، ما بك يا طارق تحدث بشيء يفهم"


ابتسم طارق بتأثره

"نعم هو كذلك ، بالأصل لم تسقط للأسفل، تمسكت بقضبان حديدية تزين اسم المستشفى وهو حين رآها متمسكة بهم قفز خلفها وافقد الأمن عقلهم من سرعته وتهوره"


فتح طارق هاتفه ليخرج له بعض الصور قائلا 

" ارسل لي بعض الزملاء صورهم وهم معلقين بالأعلى، ثلاث صور ستجدهم خلف بعضهم البعض"


اخذ خليل الهاتف و وضع النظارة على عينيه لينظر نحو الصور وهو يقول بخوف

 "الله اكبر. الله اكبر. يا لطيف ألطف بنا ، سبحان من نجاها منها ، حفظها الله لنا"


_" أرأيت هذا ما اخبرتك عنه ، الله اعلم وأرحم منا على عباده لذلك لا تخف عليها ، لتكمل حياتها على النحو الصحيح هذه المرة "


كان من المفترض ان يسال خليل عن ملابسات الحادث وما اوصلها لهذه الحالة ، ولكنه لم يفعل حين كان حديثه عن نيته في الصلح واعادتها لعصمته مرة أخرى كما أخبره عن نيته بالعودة للعراق قريبًا، وهذا ما جعل طارق يخرج من الزيارة بصدر ممتلئ بالضيق والاختناق يحدثها في نفسه

"لا تلومين الا نفسك إن قبلتي أن تدخلي السجن بإرادتك هذه المرة"


………


تحسن تيّم خلال يومين فرحًا بأذن خروج امه من المستشفى ، و وفاءًا للخير والمعروف وقفت سلمى على قدمها التي تؤلمها بجانبهم حتى تتأكد بنفسها من خروج السيدة تهاني الهاشمي وصعودها السيارة بجانب عائلتها.


رفع تيّم يده لسلمى بوجه مبتسم ولسان يشكرها على كل شيء، أومأت براسها وهي تبادله الابتسامة والتلويح لأخته وأمه.


ظل ينظر من المرآة الامامية نحو وقوفها وثبات وجهتها عليهم حتى ابتعد كثيرا بالسيارة واختفت هي عن انظاره عقد حاجبيه بضيق نغز قلبه لحزنه من ابتعاده عنها.


بينما كانت هي على حالها تنظر خلفهم بوجه اختفت بسمته حين حدثته بنفسها 

"ابتعد وابتعد وابتعد…. اختفي وتبخر كالبقية …. انجو بروحك وعائلتك قبل ان تصيبك نار ثقل اقداري".


رغرغت عينيها بالدموع وهي تنظر للفراغ حولها ، من حسن الحظ وصول سيارة اسعاف امام بوابة المستشفى كي تنقذها من مشاعرها المؤلمة، تحركت بلا روح نحوها وهي تتكأ على عكاز وقدم طبية كي ترى الحالة فور نزولها ، من يرى وجهها يشعر وكأنها هي من تحتاج للمسعف وليس العكس.


 مارست عملها لعدة أيام دون الرد على اتصالات خليل التي ما لبثت حتى قطعت عنها بشكل كامل لتحدث نفسها قائلة

" كنت أتوقع ان تحاول اكثر من ذلك"


 سخرت من حالها بضحكة حزينة

" ألم يكفيكِ الأسبوع، لقد حطم الأرقام القياسية في عالم التمسك بي ، حتى أبي لم يفعل مثله"


دخلت هند عليها غرفة المكتب قائلة

"خرجت روح من روحي اليوم لم يعد لدي طاقة لاستكمال يومي"


ابتسمت سلمى لها 

"وما الجديد هذه انتِ تأتين بمنتصف اليوم تزقزقين بتعبك ومجهودك الكبير"


_" تبقى الطابق العلوي لم امر عليه ولن افعلها اذهبي أنتِ وافحصي المرضى"


أجابت سلمى

 "على الرحب والسعه اذهبي انتِ لمنزلك وقبلي لي اولادك بالنيابة عني وانا سأهتم بكل المرضى"


فرحت هند وهي تسأل

 "هل أنتِ جادة"


وضعت سلمى يدها بوسط خصرها 

"منذ متى وانا امزح بأمور المرضى، هيا وإلا عُدت عن عرضي"


تحركت هند لتقبلها بقوة وهي تقول 

"بصراحه كان اليوم عيد ميلاد ابني سعيد وتمنيت أن اعود للمنزل بوقت مبكر"


_" ولماذا لم تخبريني بذلك "


خجلت هند وهي تجيب 

"لقد اثقلت عليكِ باخر فترة وأيضا مع وضع قدمك"


ابتسمت سلمى وهي تعلي من نبرة صوتها

"امامك عدة ثواني اما ان تختفي واما ان اعود عن عرضي فانتِ محقة بأمر قدمي"


اسرعت هند بالهروب من غرفة المكتب قائلة 

" استعيني بدكتورة سناء ليس لديها الكثير بقائمة اعمالها اليوم"


ضحكت سلمى على هروب صديقتها اخذت هاتفها لتضعه بجيبها وسماعات الفحص الطبي لتعلقها على رقبتها وهي تحسن من وضع البالطو الأبيض خارجه هي أيضا من غرفة المكتب لتطمئن على المرضى بالطابق العلوي، تذكرت تيّم واحتضانه لأخته فور رؤيتها للمقاعد المقابلة لغرفة العناية المركزة ابتسم وجهها بابتسامة غريبة اختفت من على وجهها فور بدأها فحص أول مريض.


تبين سبب انشغال خليل وعدم اتصاله بها حين علا صوت بكاء مصطفى في منزله ، بكت الأم فاطمة من فرحتها ورؤيتها لدموع ابنها التي كانت تزفر من عينه كلما حمل ابنه وقربه منه.


وجدت رشيدة من يشفع لها ويقرب زوجها منها حيث اصبح مقيم على الفراش بجانبها ممتنع عن الذهاب للعمل إلا للضرورة .


كان وضعهم جميل وهادئ حتى أتت عبير لزيارتهم ورؤيتها لصلاح حالهم الذي •خرب •كل مخططاتها.


تصنعت الفرحة والابتسامة طوال زيارتها الثقيلة على قلب رشيدة التي لم تعد تستطيع قطع علاقتها بها وإبعادها عن عائلتها من بعد الخيوط المتشابكة بينها وبين خليل بحجة الأعمال.


فشخص كرشيدة لا يغيب عنه تقرب وتودد عبير من زوجها وكثرة الاتصالات بينهم.


استغلت عبير رؤية خليل وهو يخرج من الباب مسرعة بإنهاء زيارتها بحجة عمل مهم طرأ لها، تحركت رشيدة و وقفت خلف نافذة المطبخ كي تنظر لنزول عبير وابتعادها عن المبنى ، ليتبين لها ما شكت به حين طال خروج زوجها وصديقتها لعدة دقائق خرجا بعدها سويا من المدخل وهما مندمجين بالحديث ، صعدت عبير سيارة خليل وهي تشكره ليبدأ الاخر بالقيادة وهو مندمج بحديثه وخططه عن الصلح، فقد ضغطت عبير على جرحه العميق لتشعل لهيبه من جديد محاولة إفساد الود الذي رأته بمنزلهم.


غار قلبها من فرحتهم بابنهم الأول واهتمامهم به قائلة لنفسها 

"انا من يستحق كل ذلك ، الرجل لم يعد يحبك ، أنتِ لا تعرفين قيمته"


كانت عبير تتأمل وجه خليل باهتمام كبير ترد عليه وتتفاعل مع حزنه حتى قالت له

"لا تحزن انا سأتصرف ، سأتصل بها واصلح بينكما من باب انني صديقة رشيدة وشاهدة على الظلم الذي وقع، لا تخف اترك الامر لي"


رفض خليل تدخل عبير

 "لنتركها حتى تلين انا متأكد من ردها علي ومسامحتها لي وان طال ذلك"


كادت ملامح وجه عبير ان تفضح كرهها لسلمى لولا براعتها بالتمثيل وسرعتها بإدارة الحديث لصالحها ، حصلت منه على الرقم وهي تعده ان لا تضغط عليها ستحدثها فقط عن رشيدة وما وقع هو به من ضغط كبير.


……….


نظرت سلمى لساعة يدها وهي تفكر هل تقبل الدعوة ام ترفض مبتعدة عنهم للأبد، ظلت تفكر طوال الصباح جزء منها يريد ان يذهب كنوع من رد المعروف والإحسان لمن احسن لها ، وجزء اخر  يريد ان يهرب خشية المستقبل المجهول.


بالأخير ذهبت بناء على دعوة من الأم تهاني الهاشمي كي لا تكسر بخاطر الفتاة ذات الروح البريئة الصافية. 


 تفاجات فور دخولها الى المنزل بأجواء أعياد الميلاد المنثورة بأرجائه، ابتسم وجه سلمى وهي تسلم على تسنيم وتحتضنها قائلة 

"عيد ميلاد سعيد يا قلبي" 


ومدت يدها لتعطيها علبة حلويات شرقية مكملة 

"اعتذر لم اعرف بأمر الحفل وإلا ما كنت اتيت بدون هديتك"


ردت تسنيم عليها

" ولكنه ليس بموعد مولدي"


ابتسمت لها بخجل ناظرة للام وهي تقول

 "اعتذر منكِ ظننت انه خاص بها. كل عام وانتِ بصحة وخير"


ردت الأم مثلما ردت الابنة

 "ولكنه ليس بيوم مولدي"


خجلت أكثر حين لم يتبقى سواه، شعرت بظهور احدهم بالخلف هذا ما اكد لها نظرتهم المعلقة نحوه صمتت دون النظر او الاستدارة .


  تقدمت خطوات قليلة للإمام مستمعة لصوته الذي بدأ يأتيها على هيئة عتاب

 "ألن تقولي لي كما قولتي لهم"


وبعيونها المنخفضة استدارت بشكل غير كامل قائلة بابتسامة رسمت على وجهها بحذر وخجل

"عيد ميلاد سعيد"


ضحك فاتحًا ذراعيه وهو يقول لها كما قال من سبقوه 

 "ولكنه ليس بعيد ميلادي"


أتت سمراء وابنتها وهم حاملين صينية الكعكة المزينة بالورود ليضعوها على الطاولة بمنتصف باقي الاطباق المملؤة بالعديد من أصناف الحلوى الملونة و الشهية.


نظرت نحو الكعكة باندهاش جعلها تقترب منها شيء فشيء لتتأكد من الصورة التي تعلوها.


تقدمت أم تيّم بجانبها وهي تحدثها بصوتها السعيد 

"جعله الله عام خير وبركة وتحقيق الاحلام يا بنيتي"


تأثرت سلمى بشكل غير مسبوق، ثبتت عينيها الدامعة على صورتها وهي ترتدي البالطو الابيض تعلو كعكة عيد الميلاد، ثم نظرت لتسنيم متحدثة بنبرة حب وامتنان

 "كم أنتِ جميلة لقد أ تعبتي نفسك بالتخطيط و التقاط الصور دون ان انتبه. بجانب كل هذه التحضيرات. شكرا لكِ"


اجابتها تسنيم بعفوية وصدق كبير

"انا لم افعل شيء أخي من التقط وجهز عيد الميلاد"


اتسعت عينيه من الجوار قائلا بسرعة جعلته يتلعثم ويسعل أثناء تحدثه

"تعني أنني من ساعدها في ذلك تعلمين الوضع هي تحلم ونحن نحقق لها كل ما تتمناه"


ابتسمت سلمى بخجل "شكرا لك"


ردت تسنيم مدافعة عن نفسها

 "أنت من حلم هذه المرة"


اقتربت الأم من ابنتها وهي تحدثها بنبرة تحذيرية

"ألم نتفق عند معرفة موعد ميلادها على اسعادها لأجل ما فعلته معنا"


أومأت تسنيم رأسها لتتحدث سلمى للأم قائلة

 "شكرا لكم ما كان عليكم فعل كل هذا. من المؤكد أنكم سألتم الزملاء عن تاريخ مولدي، لا اعرف ما عليّ قوله فأنا لم افعل شيء انه واجبي وعملي"


تحدثت تسنيم

 "هو من سعى وبحث حتى علم بموعد ميلادك وأتى ليخبرنا به"


جاءت الأم لتتحدث مبررة للدكتورة ما خرج من فم ابنتها وفضح سترهم لولا مبادرة تيّم برفع يديه بحديثه المرتفع نبرته  

"نعم اعترف اردنا اسعادك وفكرت ان نحتفل بسلامة الجميع بمنزلنا. انتابني الفضول لمعرفة موعد عيد ميلادك وتفاجأت انه بعد أيام قليلة وهنا أتيت لأخبر أمي وحدث ما حدث"


انهى كلماته ثم نظر لأخته قائلًا  

"هل تم الأمر الان أم هناك المزيد من الستر تريدين فضحه"


خرجت من سلمى رنين ضحكه جميلة خطفت قلبه بها ، اهتز جسده بارتطام اخته داخل حضنه وهي تقول 

"ستفعل لي مثلما فعلت لها أليس كذلك ، اريدها بالورود الزهرية مثلها بالضبط"


نظر تيّم لأمه التي اقتربت لتسحب تسنيم من حضنه وهي تقول لها

 "نعم سنفعل لكِ أكثر من ذلك. ولكن دعينا الان من كل هذا وتعالي معي لنغسل يديكِ ووجهك لنعود كي ننفخ الشموع ونقطع الكعكة"



سحبتها الأم ودخلت بطريق الحمام المجاور للصالون وهي تحدثها بصوت منخفض.


نظر تيّم لسلمى قائلا 

"لا اعرف ماذا أقول ولكني اعتدت على هذه المواقف دون الحذر منها كلما اتفقنا وامنت لها صدمتني هي بصراحتها الزائدة عن الحد"


ردت سلمى عليه 

"ليتنا جميعا نحمل قلبا كقلبها الأبيض النقي. حينها لن نرى سوء او نتعرض إلى مكر او خديعة او خذلان وكذب"


حاول ان يغير مجرى الحديث ليتفادى حزنها بقوله 

"هل أعجبتك الكعكة؟ بما ان امري انفضح امام الجميع فساخبرك بنفسي انني من اختار شكل الكعكة"


اقتربت كطفلة صغيرة من كعكة عيد ميلادها لتنظر نحو صورتها بجانب سيارتها الخاصة امام المشفى قائلة

"سلمت يداك"


ابتسم لها سابحًا في جمال وجهها قائلا بقلب لم يسكن نبضه 

"بل شكرًا لكِ على كل شيء. نحمد الله على ظهورك بدنيانا"


صمتت بخجلها من نظراته دارت بعينيها حولها ترقبا لمجيء الام وبنتها.


تحدث تيّم من جديد قائلا 

"نعتذر منكِ على انه بهذا القدر فقط. عندما علمت بقرب الموعد لم استطع تحضيره كما يليق بكِ. وايضا لاجل مرض امي ووضع تسنيم … ولكني اعدك بالمرة المقبلة سيكون مختلفًا"


ابتسمت وهي تنظر لكعكة عيد الميلاد مجيبه عليه بنبرة خالطتها الحزن

"بالعكس تمامًا بل انه زائد عن احلامي. كان يكفيني شعور ان هناك من يفكر ويخطط لأجلي. يكفيني سماع صوت واحد يتمنى لي السعادة والحياة الهنيئة. صوت يريد بقائنا بجواره لسنة إضافية. أو دعاء بالخير يزيل عنا الاقدار الثقيلة"


رد عليها باستغراب مفعم بالإطراء 

 "لا يمكن ان تكوني شخص لم يحظى باهتمام وحب من حوله. من المؤكد ان الكثيرون يفعلون ما تقولينه. بل واكثر منهم يفاجئوكِ باحتفالات أكثر من هذا. ولكنك تحلمين وتتأملين بالافضل دائما ولهذا اصبحتي نابغة العراق"


أومأت برأسها وقالت

 "نعم نعم انت محق. فلا يمكن ان اكون دون أحد لهذه الدرجة"


اختنقت مبتعدة بوجهها عن مرمى عينيه وهي تمسح دمعتها متسائلة بابتسامة حزينة

" هل يمكنني التقاط صورة لها؟"


شعر بضيقها وتغير لون وجهها مازحها ليرى ابتسامتها 

" كم ستدفعين مقابل ذلك؟"


وضعت وجه اناملها على فمها كي تخفي ابتسامتها 

 "كما تريد"


_"بشرط أن تكون صورة مشتركة"


رفعت نظرها نحوه متسائلة باستغراب ليسرع هو بتوضيح مقصده

" التقط لكِ صورة مشتركة مع الكعكة بعدسة هاتفك طبعا "


قبلت دون ان تعترض لأنها سعيدة بعيد ميلادها.


تمنى تيّم بهذا الوقت ان يلتقط الصور بعدسته أيضا ولكنه لم يستطع الإفصاح عن رغبته.

اعطاها الهاتف بعد ان التقط عدة صور لها وهو يستمع لقولها 

"تعلم ان أمي كانت ترفض شراء كعكة عيد ميلادي. مع اصرارها الكبير على تحضيرها بالمنزل. ببعض السنوات كنا نعد بدل الكعكة اثنان وثلاث حتى نصل للنتيجة المرضية لفوزية هانم. فإن كانوا سألوني وقتها ما كنت سأرغب لا بكعكة ولا احتفال من كثرة الإجهاد بالعمل "


سألها بفضول 

"هل كانت تخاف عليكِ من تلوث الأطعمة الجاهزة وما شابه"


هزت رأسها بالنفي

 "لا ولكنها كانت تقول لي لن اعطي فرحة تحضيرها لأحد غيري . سأتعب عليها كل سنة حتى لا ننسى أيًا منهم"


استرسلت سلمى بحنينها لأمها متحدثة بعيونها وقلبها 

"هي محقة لقد حفرت ذكريات مراسم تحضيرات الحفل بقلبي اتذكرهم جميعًا منذ عامِي الثالث حتى عامِي الرابع عشر"


تأثر بحنينها لوالدتها قائلا 

"رحمة الله عليها هكذا هي الأمومة"


جاءت تسنيم بجانب أمها حاملة علبة هدايا كبيرة لتعطيها للدكتورة سملى بفرح .


خجلت منهم وحاولت الاعتذار عنها ولكنهم رفضوا. فتحتها لتجدها طقم أدوات مكتب من علامة تجارية فاخرة لتعود مرة أخرى للاعتذار منهم دون أن يقبلوا ذلك.


شكرتهم سلمى على اهتمامهم وحبهم، تحركت تسنيم لتأخذ حقيبة هدايا من اعلى المقعد المجاور واقتربت لتعطيها لها، عادت برفضها ما يفعلوه قائلة

 "وهذه أيضا ! لا . لا يمكنني قبول كل ذلك. يكفي الاحتفال والهدية الجميلة"


ردت الأم وقالت

 "لا تكسري خاطرها جميعنا فرحون بكِ"


نظرت سلمى لوجه تسنيم قائلة

 "حسنا ساقبلها هي ايضا على ان تقبلي هديتي لكِ بالمرة المقبلة"


امسكت تسنيم الحقيبة واخرجت من داخلها وزة بيضاء بحجم يقترب من طولها.


وضعت سلمى يدها على فمها وهي فرحة بشكل كبير لا تصدق ما تراه قائلة 

"ما كل هذا الجمال هل اشتريتي وزة لي "


من فرحتها اقتربت لتحنو على ملمس الوزة الناعم مكملة

 "أنها جميلة جدًا" 


فرح تيّم بفرحتها، اعطتها تسنيم لها وهي تنظر نحو فرحة الدكتورة واحتضانها للوزة بعيون مبتهجة.


تحدثت الأم 

 "أرى أنكِ فرحتي بالوزة أكثر من فرحتك بهديتنا"


_ "ما عساني أفعل انها جميله ذو ملمس ناعم يشعرك بالفرح والسرور" 


وبنفس فرحتها وبهجتها نظرت سلمى للوزة مكملة

 ''هل تقبلين صداقتي يا جميلة الاوز"


اسرعت تسنيم لتقف بجانب اخيها لتقول له بصوت ظنت انه منخفض 

"أخي ألم تقل لها انها هديتك"


سحبها ليدخلها بحضنه واضعا يده على وجنتها ليشدها بلطف منه.


جاء اتصال لتيّم انقذه مما هو به  استأذن منهم مبتعدًا قليلا عنهم كي يجيب على هاتفه دون ان يترك اخته.


ضحكت الأم قائلة

"هذه هي ابنتي ما بقلبها على لسانها لا تستطيع حياكة أي أمر مخالف لطبيعتها البريئة النقية. ولذلك استطاع الندل السيطرة عليها والتأثير عليها بشكل سلبي كاد ان يكلفها حياتها"


أجابت سلمى عليها 

 "نعم هي كذلك. وهذا اجمل ما يميزها عن عالمنا الذي كثرت به الأقنعة المزيفة فلتبقى كما هي بريئة وعفوية" .


عاد تيّم ليقف بجانبهم وهو يقول 

 "مضطر على الذهاب لأمر مهم يخص العمل. ولكني سأحاول ان اعود سريعا كي لا افوت نصيبي من كعكة عيد الميلاد"


دعت له أمه بالتيسير وسعة الرزق، قبل وجنة اخته قائلا لها 

"لا تجعلي أحد يتحدث عني حتى أعود "


ردت تسنيم  " ولا حتى أنا "


ضحك تيّم وهو ينظر لسلمى

" هل يمكنك أن تغلقي أذنيك حين يصل الحديث لي"


ضحكت الأم "اعتقد انه الحل الأمثل"


ردت سلمى بهدوء وسكون وفرح

" اتركها على راحتها لعلنا نستمع قليلا عن ما فعلته بطفولتك" 


ضحك تيّم "قضي علينا "


ردت امه 

" وهل كان هناك اجمل من طفولته حبيب امه"


رن هاتفه مرة أخرى ليجد عمه المتصل هذه المرة، تحرك بسرعة ليأخذ قطعة من قطع البيتزا الصغيرة هاربًا بها وهو يفتح الهاتف 

"ها انا بالطريق عشرة دقائق وسأكون أمامك"


اغلق الباب خلفه وبدأ نزول الدرج وهو يكمل 

"جميعهم موجود سانهي الأوراق على عجل واعطيهم الطلبية كما المتفق عليه"


………. 


كان خليل بمركز التحاليل الخاص به يفتح هاتفه على الصفحة الخاصة بالدكتورة سلمى محاولا كتابة رسائل لها دون أن يفعل خشية أن يضغط عليها ويفقدها للابد . 


كان مضطربًا مختنقًا داخله يريدها ويشتاق إليها بشدة ولكنه يعلم ان وضعه العائلي لم يعد بيئة جيدة لعودة الزوجتين كسابق عهدهم.


 وكأنه عاد بخطواته للوراء خوفًا من أن يرتكب المزيد من الأخطاء بحق سلمى وابنه الذي نجح بإصلاح الشرخ بين والديه بمجرد مولده .


………..


وبعد جلسة طويلة حكت الام بها عن عائلتها وزوجها الأول ومولد ابنها البكر ومن ثم ابنتها الغالية ، استأذنت سلمى لضرورة عودتها للمنزل قبل تأخر الوقت أكثر من ذلك ، شكرتهم على ما فعلوه لأجلها متمنيه لهم أياما سعيدة دون مرض أو مشاكل ، اخذت الام منها وعد بتكرار زيارتها لهم باعتبارها أصبحت جزء من العائلة على حد وصفها.


نزلت سمراء وابنتها خلف سلمى وهم يحملون الهدايا ونصف كعكة  عيد الميلاد ليضعوها بالسيارة .


شكرتهم هم ايضا وتحركت لتصعد سيارتها لبدء قيادتها.


كانت تقود ببطئ محاولة إيجاد مخرج يصل بها للطريق الدائري 

"كيف لا يوجد أعمدة إنارة بالمكان"


احتارت حتى قررت ان تدخل من المخرج الأيمن لعلها تصل لأول الطريق العام.


تفاجأت بسيارة مسرعة اعطتها اشارة من بعيد كي تتوقف، وبينما كانت تحاول فهم ما يحدث أمامها وجدت تلك السيارة تتوقف أمام سيارتها بشكل جنوني أُصدر عنه صوت كبير.


أصابها الرعب والخوف •مَنْ هذا الشخص! وماذا يريد منها! فُتحت اضاءة السيارة المقابلة لها لتجده دكتور تيّم ، غضبت لما فعله بها انتظرت نزوله من السيارة واقترابه  من باب سيارتها كي تفرغ بوجهها ما فعله لتجده يبادر بقول 

" أتيت لأحرر وزتي"


نظرت له بحده وعقل لم يستوعب ما قيل لها ، اكمل تيّم 

"هل تركتي لي من الكعكة أم اخذتيها كلها"


رفعت كتفيها 

"لا أصدق ما تقوله، كادت روحي ان تخرج من خوفي وفزعي وأنت تتساءل عن ذلك"


_" الم تري اللافتة " 

وأشار بيده نحو لافتة كبيرة مكتوب عليها احذر منطقة عمل .


فتحت الباب ونزلت من السيارة وهي تنظر للافتة 

"كنت أنظر لقسم الرسائل على هاتفي ولم انتبه ، ولكن كيف يتركوه دون أن يغلقوه بشكل تام".


_" لانه الطريق الوحيد المؤدي لعدة منازل يأتي بعدها منطقة تواجد الإصلاحات"


نظرت خلفها وهي تسأله

"لا اعرف اي طريق اسلك الذي أتيت منه مظلم بشكل كبير …"


تحرك وهو يجيبها 

" المكان مضيء وحيوي بالعادة ولكننا نواجه إصلاحات بشبكة الكهرباء بجانب امداد المنطقة بشبكة الإنترنت ، هيا اصعدي سيارتك واتبعيني  لأدلك على الطريق، بالأصل ما كان عليكِ ان تذهبي قبل عودتي الحمدلله انني وصلت على موعدي بالتمام"


 ابتعد تيّم ليقترب من سيارته كي يصعدها وعيون سلمى تتبعه 

" أصبح الرجل ملاكك الحارس اقسم انني اشعر وكأنه ملاك ارسله الله لكِ كي ينتزعك وينجيكِ من اقدارك انه اللطف بعينه "


تعجب تيّم من نظراتها الثابتة عليه ارعش بضوء السيارة في وجهها ليصبح يضيء ويظلم .


ادارت مفتاح سيارتها لتبدأ قيادتها خلفه بقلب مطمئن حتى وصلا لمكان معروف ، اتصلت به 

" يكفي إلى هنا عد انت وانا سأكمل"


 أجابها دون ان يراجعها 

"حسنا تقدمي أمامي لنرى هل أنتِ محقة بمعرفة المكان ام لا"


أغلقت الهاتف لتقود بعدها سيارتها بسرعة أكبر مما كانوا عليها متقدمة للأمام بمهارة واحتراف وتهور أشعروه بالريبة والخوف عليها، اتبعها وهو يتعجب من انطلاقها وتفاديها للسيارات السريعة .


وصلت للمبنى السكني الخاص بها نزلت مغلقة امان السيارة ملقية نظرة تلقائية خلفها متفاجئة بسيارة دكتور تيّم وهي تبتعد عن البوابات الأمنية.


تعجبت من اصراره على الاطمئنان عليها.


تحركت لتأخذ الحقائب من الخلف لتصعد بعدها منزلها بالاعلى وهي تفكر بالاتصال به وشُكره على ما فعله.


دخلت منزلها وهي تتساءل

 " عن ماذا سأشكره لقد كثرت افضاله علينا" 


بدلت ملابسها مقتربة من الفراش لتنام، ابتسم وجهها فور تذكرها امر الكعكة وقوله "هل تركتي لي منها "


 تحركت لتخرج للصالون كي تحملها وتضعها بالبراد كي تُطعم زملائها منها.


تذكرت بوجهها الفرح حديث تسنيم 

"لا يمكنك الرفض بعد ان تعمد اخي باختيار الحجم الكبير كي لا يحرم الأطباء من طعمها"


حدثت نفسها بصوت مسموع 

" هو محق بأمر طعمها فهي مختلفة كثيرا"


فتحت العلبة وهي تجلس على الاريكة اخذت شوكة بلاستيكية 

"لنأكل منها قطعة صغيرة ومن ثم اضعها بالبراد"


أخذت تأكل من الكعكة وهي غارقه بذكرياتها مع أمها وتناولهم نصيبهم من الحلويات باخر الحفل بعد ان يذهب الجميع وينتهي دورهم بالضيافة والتنظيف ، اختلطت الدموع بالفرح وهي تتذكر ضحك أمها وأحاديثها عن ما حدث من الاهل والاحباب والهدايا و تفاصيل الحفل.


كانت تضع قطع الكيك بفمها وهي تستمع لقول أمها 

"سأكلها بيدي كي لا تسقط"


تركت سلمى الشوكة جانبا لتمد يدها كي تأخذ حلوى الورود الملونة مستمتعة بطعمهم وهي تستمع لحديثها 

" لا تفعلي يا امي اتسخت يدك بلون الحلوى" 


_" الماء موجود والحمدلله اتركيهم ليتسخوا المهم اننا فرحين ، انتظري حتى اصنع لكِ كعكة تخرجك من جامعة الطب اقسم انني لن اترك منزل بحارتنا إلا واطعمته منها وبيدي أيضا"


مسحت سلمى دموعها بيدها الملطخة باللون الزهري مكملة تناولها للكيك بشراهة الهروب للذكريات ، وكأنها كانت تريد ان تغرق داخلهم دون العودة لواقعها من الغريب انها فتحت على هاتفها اغنية أبو الفصاد ليزداد بكائها وابتهاجًا وهي تغني 

"فليحيا أبو الفصاد".


أصبحت تدندن مع الاغنية وهي تمسح عينيها مصبغة وجهها باللون الزهري زاد ضحكها حين انتبهت على حالة وجهها، علت قهقهات ضحكها على نفسها حتى تألمت من بطنها.

 هل كان كثرة تناولها من الكعكة سبب رئيسي لألم البطن الذي لم تكترث له ام عدم اعتيادها على الضحك جعل بطنها يؤلمها، نامت بسعادة كبيرة رغم عيونها الغارقة بالبكاء لتستيقظ باليوم التالي وقد تعدت الساعة العاشرة صباحا.


مددت يدها وارجلها براحه كبيرة قامت بعدها لتصلي فريضة الفجر وهي تستغفر الله على فواتها ، فتحت البراد كي تخرج الحليب لصنع النسكافيه والخاص بها ليكون فطورها وغداءها واحيانا عشاءها كالعادة.


اخرجت ما تبقى من كعكة عيد الميلاد ساخرة مما فعلته به 

"لم افعلها وانا بعمر السنتين لأفعلها وانا بهذا الحجم"


انهت تحضير النسكافية قائلة لنفسها بكل الأحوال لا يمكنني أخذها للزملاء بهذا الشكل لاقتطع لنفسي قطعة صغيرة ااكلها مع النسكافية  اخذت الكعكة كلها ووضعتها أمامها لتأكل اكثر من منتصفها دون أن تشعر ولولا ألم امتلاء بطنها ما تركتها قبل أن تنهيها.


تحاول ان تهرب للذكريات والأيام الخوالي مع أمها دون الاعتبار لأي شيء، سبحانه جل جلاله في لطفه وجبره الذي يأتينا على هيئة مبادرات صغيرة من أناس حولنا يقومون بمداخلات بسيطة في حياتنا يعتقدون أنها عابرة دون أن يعلموا مدى أثرها الكبير على النفس، فمهما فكر تيّم بقدر اسعادها وإدخال السرور عليها لا يمكنه أن يتوقع ما قدمه لها بهذا الاحتفال الصغير.


وكأنه أعاد لها حياتها وصباها وشعورها بالانتماء لعائلة كانت تحبها فما أصعب الوحدة والشعور أنك دون أحد بعد ان تذوقت الالفة والمحبة .


وبدون سابق انذار فُتح باب الذكريات التي كانت تهرب منه دومًا لتجد به مأمنها و بوصلتها و نجدتها من عذابها.


انطلقت بتحررها من الخوف والحزن، قررت ان تذهب بهذا اليوم للتسوق بداعي كسر الروتين اليومي ذهبت للمتاجر مقتنية كل ما هو جميل ومبهج كما اقتنت خاتم واسورة ذهبية من إحدى متاجر الذهب حين لفت انتباهها لونهم اللامع


كانت تشتريهم وهي تحدث امها بداخلها كي تختار الأجمل معها .



انطلقت سلمى باهتمامها بالتنويع في ملابسها وخططها اليومية ، اصبح  كل من يراها يلاحظ تغيرها ،  كثر ذهاب تيّم للمستشفى بحجج زيارة زملائه والاطمئنان عليهم يصعد لمكتبها كي يلقي عليها السلام متسائلا 

" كيف حال وزتي هل هي بصحة جيدة ؟"


يبدا حديثه بهذا الشكل المازح مكملا بحجج استفساره عن وصفة طبية لأجله او لأجل امه او عمه كان يبحث عن أي سبب يسمح له بالذهاب والوقوف امامها ولو لبضع دقائق قليلة يحول عملها بينهم.


وجدت سلمى رقم يبدأ برمز تركي يتصل بها فتحت هاتفها لتجيب بقوة وثبات معتقدة انه خليل، ارادت ان تضع النقاط على أماكنها الصحيحة قاطعة أي أمل بعودتها له .


تفاجأت بعبير وهي تذكرها بنفسها

"انا عبير الفتاة المغربية صديقة رشيدة هل تذكرتيني"


بدى على وجه سلمى الاستياء

 "نعم اتذكرك اهلا بكِ" 


صمتت منتظرة سماع ما تريده منها

لتتحدث عبير 

" اعتذر لاتصالي وتطفلي ولكني اردت الخير لكِ"


_"ليس لدي الكثير من الوقت تفضلي اسمعك جيدًا ماذا تريدين "


صُدمت عبير من ردها الحاد قائلة لها  

" الوضع بين رشيدة ودكتور خليل سيء للغاية، اتصلت بكِ لعلك تتدخلي وتصلحي ما بينهم ، لم تفرح المسكينة بمولودها بعد ، حمّلها خليل ذنبك وأصبح يُعاملها معاملة لا تجوز على الموظفين لديه ، شدة وغضب وعدم اهتمام بجانب رفضه لكل ما تطلبه منه ، لن تصدقي حالة وجهها كيف كانت وكيف أصبحت ان رأيتها لن تتعرفي عليها ، لم يعد دكتور خليل كالسابق عهده انقلب لرجل •سيء الخصال يظلم بدم بارد دون التفكير بمشاعر الغير ، اتصلت لأجل ان اجد حل لهما تعلمين قدر رشيدة لدي"


سألتها سلمى

"هل رشيدة من طلبت منك هذا؟"


_" لا هي لا تعرف رقمك حتى إياكِ ان تخبريها وإلا قطعت علاقتها بي"


أومأت سلمى برأسها

 "ومن اين اتيتي برقمي إذا؟"


ارتبكت عبير من حدة سلمى وقوتها مجيبة 

"بحثت حتى حصلت عليه"


_" جميل ، من الواضح انكِ بذلتي مجهود كبير لأجل الحصول عليه"


اختنقت عبير من صوت سلمى وطريقة حديثها معها قائلة 

"وكأنه سر حربي، ما بكِ يا سلمى انسيتي نفسك و وضعك بيننا اتصلت لأحدثك كالعالم والناس لنجد حل لصديقتي وأنتِ تركتي كل شيء وتمسكتي بالرقم"


_" اتيتي للباب الخطأ ابحثي عن باب اخر يعينك على مساعدتهم بالصلح"


تحدثت عبير بسرعة قبل ان تنهي الدكتورة الاتصال

 "خليل لم يستطع اخراجك من عقله أجيبي عليه وأخبريه بعدم قبولك اعتذاره وانهي الامر كي يعود لحياته الطبيعية هذا كل شيء"


تغيرت ملامح وجه سلمى متسائلة 

" ومن اين خرج ذلك الان، هل تتحدثين أنتِ وخليل عني"


ارتبكت عبير اكثر

 "سمعته بمحض الصدفة، وأيضا ما بكِ وكأني امام ضابط شرطة اخبريني هل يمكنك مساعدتنا ام لا"


لم تهتم لحديثها

 " اعتذر منك لا يمكنني فليصلحا ما بينهما إن أرادا وإن لم يريدا فلا يستطيع أحد ارغامهم على ذلك"


ردت عبير بضيق وغضب افضح ما بجعبتها 

" لا زلتي  ترغبين بالعودة له ، تفعلين ذلك كي تفقديه عقله ويعود بعدها راكعًا لكِ وحدك، ولكنك تلعبين بالنار التي ستحرقك بالأخير، فلم يعد خليل كالسابق أبدًا تغير فكره ونظرته للحياة ،اصبح لديه ابن يهدم الجميع لأجله"


اختنقت مما تسمعه قائلة

" مضطرة ان اغلق لأجل عملي بالأذن منك"


أغلقت سلمى هاتفها بدون ان تنتظر رد عبير مما جعل الأخيرة تتأجج من غضبها فما كان يكفيها تغير خليل مع زوجته وفرحته بطفله الذي اعمى بصيرته حتى أتت سلمى وحرقت كل احلامها، ندمت على اتصالها بها وهي تفكر ماذا ان أخبرت خليل بما دار بينهم.


حضرت ألف حكاية ورواية ورد مقنع تبادر به إن أتاها خليل معاتبًا عليها ما قالته بحقه.


كانت سلمى اذكى من أمثالها اتصلت برشيدة لتبارك لها مولودها، نسيت رشيدة كل شيء وفرحت باتصال سلمى وظلت تدعو لها بصلاح الحال والخير والسعادة حتى وصلت لطلب المسامحة ، اجابت سلمى عليها 

" ان وجب على أحد المسامحة فستكون طلبي الاخير منك"


_" نحن لم نختار اقدارنا ، اقسم لكِ انني احببتك من قلبي ولكني …"


قاطعتها سلمى بقولها

" انتِ اخت جميلة ذات قلب طيب وحنون ، يسيطر عليكِ غضبك للحظات ثم تعودين لتصلحي ما افسدتيه، لذلك انا اسامحك بحقي شرط ان تسامحيني أنتِ بحق وما فعلته بحياتك"


ردت رشيدة 

"لا يحق لي قول ذلك ومع هذا وانا أيضا اسامحك بحقي بل واحبك كثيرًا يا ليتنا التقينا بظروف غير هذه الظروف"


_" انتبهي لنفسك ولزوجك ، لا تتركي الثعابين تحوم حوله ، اقطعي دُبر •الكيد •والمكر •من منزلك حتى وان اكتفيتي بزوجك وطفلك ، ليس كل الاصدقاء كما نعتقد فهناك من يمتلكون اكثر من وجه يضحكون امامك وهم يحملون بقلبهم الكره والضغينة يدافعون عنكِ وهم يتمنون سقوطك ، يصفقون لكِ وهم يتمنون اخذ ما بيدك لهم ، يطبطبون على ظهرك منتظرين لحظة انكسارك"


شعرت رشيدة بالخوف مما تسمعه متسائلة

" هل تقصدين شخص معين بكلامك انا اعلمك جيدا لا تتحدثين من فراغ ، لذلك اتصلتي لتحذريني ، ولكن ممن!"


صمتت سلمى بدون جواب متفاجئة ببكاء رشيدة

 "لم يعد لدي طاقة للاحتمال ، ندمت ألف مرة على ما فعلته بكِ ، عاقبني الله بابتعاد زوجي عني  طوال فترة حملي حتى أصبح لا يتحمل النظر لوجهي ، تمنيت لو بقينا على وضعنا السابق افضل لي مما مررت به قبل ولادتي والان اتيتِ لتحذريني من طرف ثالث.."


اشفقت سلمى عليها فما زالت تحمل بقلبها المحبة والعرفان بالايام الصعبة التي تشاركت بها اقدارهم.


تحدثت من جديد قائلة بنبرة تحذيرية

"افتحي عقلك يا رشيدة وانظري حولك، اصبح لديك طفل عليكِ أن تحاربي لأجله"


صمتت سلمى قليلًا لتفكر مكملة بعدها 

"عباية مزركشة حمراء وعقد ذهبي وفرشاة فضية وحذاء لامع  ومنزل جميل …"


اتسعت عيونها وهي تقول

 "عبير نعم هي . أنا اشعر بذلك . رأيت عيونها المعلقة على خليل أكثر من مرة. بجانب اتصالاتها به بأوقات مختلفة ولكن انتِ من أين لك معرفة كل ذلك بهذا البعد"


ردت سلمى بابتسامة بالكاد ظهرت على وجهها

"واخيرا استخدمت جميلة المغرب عقلها . والان سأتركك لحياتك واذهب لأكمل عملي، اتركك بأمان الله"


أغلقت بسرعة الهاتف قائلة

" الحمدلله الذي نجانا"


جلست على الاريكة

 " ياااااااه كيف كنت اتحمل كل ذلك العراك" 


ابتسمت بسخرية 

" كنت اريد ان احارب واجاهد بجانب عالم مختلف تماما عن عالمي"


فُتح الباب لتدخل المساعدة وبيدها ملف أحد الحالات المرضية كي تسال الدكتورة سلمى عن بعض النقاط المهمة به.


 اختفى تيّم بشكل كامل لعدة أيام قاربت على شهر تقريبًا ، انتظرت رؤيته كنوع من الاعتياد دون ان يحدث ذلك، توالت الأيام على نفس النهج أكملت حياتها العملية و التعليمية و النجاح مع زيادة الاضطرابات بالعلاقة بينها وبين إدارة الشركة كونها لا تقبل الأخطاء والنهج الغير عادل المتبع لدى الإدارة.

………


 عاد خليل للعراق بعد مولد ابنه بخمسة اشهر على الأكثر، اشترى منزل مشيد عائد لعائلة ثرية ارادت الهجرة من البلد .


فرحت رشيدة بانتصارها على عبير و الفوز بزوجها مجددًا رغم إنها لم تفعل سوى تأييدها للقرار والموافقة على سرعة تنفيذها ، لتصعق عبير بما علمته منهارة تمامًا فحين كانت تتأمل وتحلم وتخطط جاءتها الصدمة بقوة عدم تركيز أو اهتمام خليل لأمرها حتى انه يكاد ان لا يراها وسط مخططاته واماله واحلامه بجانب ابنه.


دخلت رشيدة المنزل بجانب ام خليل التي أثقلها كبر سنها ومرضها حتى أصبحت بوضع سيء .


تحقق حلمها وعادت لتعيش وحدها بجانب طفلها وزوجها كما كانت تتمنى دومًا، ابتسم وجهها بحزن "ثمان سنوات عجاف " 

قبلت ابنها بحضنها شاكرة لله نعمته عليهم.


عادت وداد للعمل معهم وحدها بعد ان تزوجت صديقة دربها بالخدمة.


ذبح خليل عجل كبير حلية لابنه و وفاءًا لنذر نذره ان تحقق حلم الابوة له ، اقام حفل طعام كبير على شرف ابنه مصطفى حضره كبار عشيرة العوايلة الذين قدموا من الهدايا كل ثمين ونفيس . كان ينظر للجموع وقلبه يتذكرها متسائلا 

"ماذا ان كانت الفرحة فرحتين والولد ولدين ، أين كان عقلي حين رضخت وضعفت وكسرت بخاطرها وقلبها "


…….


ووسط انشغالها بكتابة تقرير بقسم الطوارئ  فتحت سلمى هاتفها لتجيب دون سماع صوت المتصل تحدثت وهي تضغط بكتفها على الهاتف كي لا ينزلق من على اذنها "دكتورة سلمى معك تفضل اسمعك"


_" كيف حالك يا ابنتي "


انزلق الهاتف و وقع أرضا لتسرع المساعدة بأخذه واعطاءه لها، شكرتها قائلة لها 

"كتبت كل شيء بالتقرير الأمر لكم من بعد الان ".


تحركت بقوة واضعه الهاتف على اذنها 

"ليس لدي الكثير من الوقت"


_" اعلم أنك حزينة مني ولكني سأعوضك عن كل ذلك، جاء وقت عودتك لبلدك كي تحققي بها كل ما تحلمين به، ستعودين لمنزلك بجانبي كي اعوضك عن كل شيء، اخوتك ينتظرونك بلهفة كبيره يريدون ان يتعرفوا على حبيبة قلب والدها"


قاطعته والدموع تملأ عينيها

"حبيبة والدها!"


خرجت أمام المستشفى باحثة عن مكان لا يراها احد به ، أجابها والدها

 "اعلم جيدا صعوبة ما مررت به ولكنه انتهى، انتهى كل شيء، علمت بأمر طلاقك وعودة خليل للعراق، لم يعد هناك عائق لعودتك لنا"


جلست على حافة سور حجري بجانب عمود كبير وهي تقول 

" هل حقًا ترى انه انتهى، اتصدق ما يخرج منك، هل تريد مني ان اعود لأكمل حياتي بجانبك وكأن  شيء لم يكن، هل تعلم زوجتك ما تطلبه مني أم أن معرفتي بسرك الكبير دفعك لفكرة فرض سيطرتك علي من جديد، انتظر انتظر ام هناك اتفاقية جديدة تبحثون عن ضحية تزجون بها للنار بقلب ميت"


رد والدها 

"لا تنبشي قبر الجروح يا ابنتي ودعينا نبدأ من جديد"


_" لا يوجد جديد يجمعني بكم ، انتهى كل شيء بذلك اليوم الذي القيت بي في النار وانت تشهد على احتراقي، لا انتظر لم ينتهي بهذا اليوم فأنا وبكل سذاجة كنت اغفر واذهب إليك متمنية فقط ان تحتضني ولو لمرة واحدة ، ولكنه انتهى يوم علمت بأمر أبو بكر وطبيعة عملكم، ابتعد عن طريقي، ابتعدوا جميعا عن طريقي وإلا حرقتكم وافشيت سركم"


رد والدها عليها 

"لا لن تستطيعي فعلها لن اهون عليكِ ان كنتِ ستفعليها ما كنتِ انتظرتي لهذا اليوم. قلبك الكبير لا يستطيع حرقي أنتِ كأمك بالضبط . سأعيدك واجعلك تسامحيني كي تسامحني فوزية واقابلها يوم القيامة وهي راضية عني. لن يكون اسمي حسين حتى أعيدك لحضني واجعلك ترضين عني"


انتهى الرصيد لينهي المكالمة، أخذت نفس عميق أخرجته بقوة وضيق 

"على جثتي. لن ترى هذا اليوم إلا على جثتي. لتأخذ روحي قبل أن تأخذ ذلك"


تفاجأت به وهو يقفز من الخلف ليجلس على السور بجانبها، سمعت صوت يحدثها 

"اشتقنا إليكِ و آتينا لرؤيتك"


تحدث تيّم بوجهه البشوش 

" كيف حال دكتورتنا الكريمة اليوم"


ابتلعت ريقها دون ان تجيب عليه فهي لا زالت تحت تاثير مكالمة والدها ومفاجات ظهورهم أمامها من جديد ، تحدث تيّم امام صمتها 

" لا يوجد حمدلله على السلامه"


احتضنتها تسنيم داخلها وهي تربت على ظهرها 

"اشتقت لكِ كثيرًا"


ابتسم وجهها وهي تنظر لتيّم لا تصدق ما هي به مجيبة على الفتاة

"وأنا ايضا اشتقت لكِ"


تركتها تسنيم لتجلس بالمكان الفارغ بينهما قاصفة جبهة اخيها 

"واخي أيضا اشتاق إليكِ"


اسرع تيّم بالتحدث لسلمى 

"اقسم انني لم اقل شيء هذه المرة"


ابتسمت سلمى من حالة تيّم ودفاعه عن نفسه وهو يقول لأخته

"منذ متى وأنتِ تكذبين ، هل حدثتك أنا عن ذلك "


نفت تسنيم ليرتاح قلبه وهو ينظر لضحكة سلمى قائلا

 " عليك ان تدعي لي كلما تذكرتي وضعي معها"


ردت تسنيم 

"ولكنه كان يذكرني بكِ كلما اتصل بي ويقول هل اشتقتي للدكتورة ، هل اشتري لك مما سأشتريه للدكتورة"


رفع تيّم يده وهو يوضح

 "اشتري للدكتورة مما سأشتري لكِ وليس العكس لأجل الخير الذي بيننا ،وايضا هي لم تصمت عن ذكر اسمك"


فتحت تسنيم الحقائب وهي تضعها بحضن سلمى 

"جميعهم يشبهون ما اشتراه لي، ما عدا واحده على شكل الارنب نسي أن يشتري لي مثله واخذته لي"


ابتسم تيّم بقوله

 "لا تنظري لي، لم استطع تبرئة نفسي أمام ما تقول، لنكتفي بهذا القدر على وعد بمزيد من فضح الستر بالمرات القادمة"


اخفضت وجهها لتخبئ ابتسامتها التي سحرته وهي تنظر بسعادة للدمى الصغيرة التي لم تصل لحجم كف اليد .


تحدثت تسنيم من جديد 

"هيا لنذهب لشراء الشاورما" وامسكت بيد سلمى لتأخذها معهم.


جمعت ما بحضن ارجلها في الحقيبة الورقية الخاصة بالهدايا وهي ترفض الذهاب معهم.


حزنت تسنيم وهي تضغط عليها ان تأتي معهم ، أشار تيّم نحو مطعم قريب قائلا 

" هناك بائع خلف مبنى المشفى على بعد عشر امتار منها ، ان تفضلتي علينا لأجل اسعادها"


أومأت براسها وهي تنظر لتسنيم قائلة

 " ولكني سأعود بسرعة للمستشفى كي اباشر عملي"


احتضنتها بفرحة كبيرة هزت وجدان سلمى التي اغمضت عينيها وهي تغلق ذراعيها على تسنيم كي تشعر بصدق مشاعرها النابعة من قلبها الطيب البريء…..


…….


هل سمعتم يومًا عن النفحات الربانية التي تأتينا بأصعب اوقات حياتنا لتهون علينا ما نحن به؟


من المؤكد أننا لم نسمع عنهم فقط بل رأينا وشعرنا بهم وهم يتقربون منا على هيئة بشر لا يحملون بقلوبهم إلا المحبة والود والرفق وجبر الخواطر المكسورة يحنون على افئدتنا المكلومة وكان كفوفهم بلسم مرطب مداوي للجروح والآلام. وهذا ما حدث مع قرة عين أمها التي كانت تجلس امام تيّم تطعم تسنيم بيدها وهي تحاول ان تضحكها وتداعبها وتدخل السعادة على قلبها 


تعتقد انها تحتضنها وتقبلها وتضحك معها لتجبر بخاطرها وهي لا تعلم انها اتتها من جبار السموات والأرض ليجبر بقلبها ويحنوا عليه في لحظات كادت ان تعيدها للتقوقع داخل حزنها وقهرها ووحدتها… 


امسك تيّم هاتفه ليوثق حالتهم بتصويرهم فيديو بحذر شديد كي لا يمسك به، كان مستمتعا بحالتهم لدرجة جعلته ينسى تناول طعامه مكتفيا بالشبع مما اسعد قلبه وفؤاده ….

رابط كل الفصول

google-playkhamsatmostaqltradent