عروس بغداد
بقلم الكاتبة أمل محمد الكاشف
..........
وضعت سلمى الدمى الصغيرة بجوارها على الفراش لتجمعهم و الوزة البيضاء بحضنها كل ليلة لتشعر بالدفئ والراحة والسلام، ببعض الأوقات كانت تضعهم بجانبها في المطبخ كي تحدثهم وتحكي لهم عن يومها ، وبأوقات آخرى تضعهم أمامها لتقرأ وتشرح لهم ما تدرسه .
انسجمت معهم بشكل كبير جعلها تقتني المزيد منهم كي تشعر بالألفة بينهم، توالت اتصالات والد سلمى وعمتها وبعض من عائلتها طوال الأسبوع كي يضغطوا عليها لأجل العودة للعراق ، اخذين من وضعها بمفردها حجة ومبرر لعدم اصحية وجودها وحدها بالغربة .
لم تكترث لهم بل ولم تحزن من سماع صوتهم كسابق عهدها، تتعمد التأخر بالرد وحين يتوجب ذلك تجيب بحدة وكلمات مختصرة رافضة تدخل احد منهم بحياتها.
…………
نجحت رشيدة بالحفاظ على زوجها والعودة به للعراق دون ان تنجح بكسب قلبه من جديد، دائما ما تظهر أمامها حقيقة هذا الشرخ الكبير الذي قسم حياتهم دون أن تستطيع معالجته ، تمنت لو بقيت حياتها كما كانت قبل دخول سلمى بها او حتى عندما كانت تعيش بجوارهم قبل الهجرة فكم كانت تحظى باهتمام كبير من خليل بجانب حب وخوف من كسر مشاعرها اما الآن فلا حق لها حتى باتخاذ اي قرارات بشأن مستقبل صغيرها او أي شيء يتعلق به، هي فقط تهتم وترضع وتكبر وكأنها بنظر زوجها أصبحت خادمة ابنها وليست أمه.
عاد خليل للتحدث معها والنوم بجانبها لأجل طفله دون ان ينسى وقوفها أمامه ومساومتها له.
شجعه على ذلك عودته لعشيرته وقوة سلطته وسط أولاد عمومته، بالإضافة لتطورات العراق المشتعل بالنصر والتخلص من دبر العدو.
اجتمعت العشائر الكبيرة كي تضع حد للخلافات الطائفية والعرقية بين الشعب وبعضه ، اتفق الجميع على أهمية الاتحاد وفض المنازعات بين العشائر والقبائل كخطوة أولى في استعادة قوة العراق وإعادة بنيانه من جديد
وبناء على ذلك الاتفاق توجب على كبار عشيرة العوايلة الجلوس مع كبار عشيرة آل فارس لعودة السلام بينهم.
وعلى هامش هذا الاتفاق اجتمع حيدر كبير عشيرة العوايلة مع حسين وحسن الأكرم ليس لأجل إعادة اتفاقية السلام بين العشيرتين ولكنهم اجتمعوا لأجل الشراكة الجديدة التي أصبحت تجمعهم بصفقات الأسلحة داخل وخارج البلاد، سأله حيدر عن ابنته ليرد حسين بحزن
"خسرتها من يوم خروجها من عصمتنا"
رد حيدر بوجه ذئب ماكر فكر ودبر وانتظر اللحظة المناسبة لنصب شباكه
" وماذا تفعل لمن يعيدها لك ولعصمتك مجددا"
رد حسن الاكرم ابن عم والد سلمى
"كيف ستعيدها له بعد ان أصبحت دكتورة كبيرة لها وضعها واسمها بدولة الإمارات"
تحدث حيدر بخبث وعيون مخيفة
" بسيطة لنبني لها أكبر مستشفى على أرض بغداد لتحقق حلمها هنا ، ونتمكن نحن من اظهار أموالنا وتشغيلها في السوق بدلا من إخفائها عن العيون ، نقيم مستشفى كبيرة منه نساعد أهلنا بعد ان دمرت الحرب كل شيء ومنه يمكننا ان نغسل اموالنا ونكسب المزيد منها ، حتى أقول لكم لتكون عدة مستشفيات في عدة محافظات تشرف عليهم الدكتورة بنفسها"
تحمس حسين بعودة ابنته واشرافها على هذا الصرح الكبير الذي سيعلو من اسمها واسمه وشأنه بالبلد فما اجمل من ان ينعتوه والد النابغة.
وعدهم حيدر ان يتولى هو امر ذلك على ان يوافق حسين على ما يقوله وسط الاجتماع الكبير.
…………
بهذه الأيام ازداد الوضع تأزمًا بين سلمى وبين إدارة المستشفى حين اكتشفت اختفاء إحدى كليتي مريض كانت تشرف على حالته.
وقف دكتور سالم امامها رافضًا اتصالها بالشرطة، غضبت عليه بقولها
"كنت تعلم بالأمر أليس كذلك، أنت من قام بالعملية"
رد سالم عليها بضيق
"لن أسمح لكِ باتهامي بهذا الاتهام الأهل لديهم علم بما حدث ، هم من اعطونا التصريح للقيام بالعملية"
غضبت سلمى عليه
"كيف تسمحون لأنفسكم ان تأخذوا تصريح موت المريض من أهله"
صدمها سالم بقوله
"جميعنا يعلم حالة مرضه بكل الأحوال سيموت حتى وإن لم يتبرع بها"
هزت رأسها بقوة دهشتها
"انا لا اصدق ما تقول كيف لك ان تكون بدون قلب لهذه الدرجة!"
اقترب ليحدثها بنبرة تهديدية
"إياكِ أن تتخذي قرارات متسرعة تقودك للهاوية"
ابتعدت سلمي عنه بعيون متسعة
"هل تهددني؟"
ابتسم ابتسامة مخيفة
"افهميها كما تفهميها"
خرج وتركها مصدومة بمكانها لا تصدق •سقوط •قناع الطبيب المحترم الخلوق بهذا الشكل الصادم لها.
ظلت تفكر طوال اليوم حتى انتهى بها المطاف إلى ان تذهب لإدارة المستشفى لتجلس مع المدير العام لمجلس الإدارة شخصيًا كي تحدثه بشكل خاص ومنفرد.
رحب بها مصدر الأوامر بعدم دخول احد عليهم وهو يعلم بما تريد اخباره به ولكنه تظاهر بالاهتمام والصدمة مما سمع قائلا
"كيف يحدث هذا في مشفانا، ان علم الأمير بهذا الجرم لن يترك أحد منا في مكانه، سيقلب المشفى رأسًا على عقب حتى يعيد للمريض حقه من اهله قبل الدكتور سالم"
وعدها ان يتصرف بنفسه في معالجة وضع المريض ومعاقبة دكتور سالم دون أن يمس بسمعة المستشفى.
خرجت سلمى من غرفة مكتب المدير العام وهي سعيدة بانتصارها وإرضائها لضميرها الإنساني قبل المهني ، عادت لمنزلها لتنام بسلام وامان محتضنة الوزة البيضاء رافضة ان تتأثر باقتراب عائلتها منها أو ضغط العمل عليها ، كان من الواضح تغييرها وتحسن حالتها بعد أن نجحت بالوقوف على قدميها وحدها دون الحاجة لأحد.
……
جاء موعد الاجتماع المنتظر. جلس الجميع بترقب واهتمام مستمعين لأحاديث كبار العشيرتين عن وجوب الصلح والحد من العراك الدموي توالت الأحاديث حتى وصل الدور على حيدر الذي تعمد الانتظار للأخر حتى يفجر المفاجأة بحديثه الذي بدئه بوجهه القوي وعيونه المخيفة قائلا
" جميع ما سمعته جميل ولكن لكي نعود للاتفاق علينا ان نعيد النقاط الرئيسية لأماكنها المضبوطة، اعترف اننا ظلمنا ابنة العراق ونابغته في الماضي كان لدينا الحق في ان نثأر لعشيرتنا ولكن هذا لا يعني أننا لم نظلمها لذلك سنعقد الاتفاقية الجديدة على ان تعود نابغة العراق لبلدها وزوجها دكتور خليل"
تفاجأ خليل الذي فرح قلبه فرحة لم يفرحها منذ هجرته من بلده. مرحبًا بالفكرة متحمسًا لها دون التفكير بوضع سلمى.
أكمل حيدر تبريره بقراره كون الفتاة ليس لها ذنب بنفيها بعيدا عن أهلها خوفًا من ظلمها مجددًا، لتعود هذه المرة بحفل زفاف يليق باسمها بجانب مهر مصدق بين الطرفين والأكثر من ذلك بناء صرح طبي في عدة محافظات يحمل اسمها وتحت إشرافها وإدارتها على ان تكون شراكة بين العشيرتين لتوطيد العلاقات بينهما.
نظر حيدر لكبار عشيرة آل فارس
"هل رضيتم يا اخوان"
رد الشيخ الجليل
"دعنا لا ندخل الفتيات بالأمر لم يعد الوضع كسابق عهده تغيرت الحياة والمفاهيم والاحكام"
تفاجأ الشيخ برفض خليل لما يقوله والأكثر موافقة والد الدكتورة بحجة استعادة ابنته ورد كرامتها وحقها ومظلمتها.
سقط الخبر على رشيدة هذه المرة بشكل غريب وكأنها كانت تشعر بحدوثه منذ فترة ، لم تعارض ولم توافق لتصمت تاركه امرها لله وحده.
……..
كانت الليالي هادئة بالنسبة للدكتورة سلمى دون ان تعلم ما يخطط لها، بينما كانت قلقة ومحيرة بالنسبة لدكتور تيّم الذي ظل يتقلب بفراشه يفكر بقراره الذي امتلكه طوال فترة زيارته الأخيرة لتركيا، نسج أكثر من سيناريو وحديث يقصه على عمه وأمه وهو يطلب منهم الزواج ممن يحب، توتر حين تذكر حلم عمه في تزويجه لابنة كبار التجار، رفض قلبه الفكرة متمسك بمن امتلكت فؤاده دون سابق إنذار.
وجدته امه بجانبها وهي تسلم من صلاة الفجر، ابتسم وجهها وهي تجيبه
"منا ومنك صالح الاعمال يا بني"
بدأ تيّم كلامه
"اريد ان اتحدث معك بموضوع خاص قبل استيقاظ تسنيم"
ابتسم وجه أمه قائلة
"هل قرر القلب من يريد"
فرح ابنها بما قالته متحمس بجوابه
"نعم قررت ان اخطب واتزوج غار قلبي من بعد رؤيتي لزبير وهو سعيد بعروسته يتصل بي كل يوم ليحكي لي عن تجولهم وطعامهم وسعادتهم"
_"حفظهم الله من شر كل حاسد اذا حسد"
رد تيّم بنفس حماسة فرحته
"ما رأيك هل اذهب كي افاتحها بالموضوع "
ابتسمت امه بخبث ضحكتها
"من ! هل اخترت العروس دون أن نعلم"
_" أمـــيّ لا تفعلي بي هذا أنتِ تعلمين من هي"
أفصحت تهاني الهاشمي عن ضحكتها
"حسنا حسنا فلتهنأ يا بني بمن اختاره قلبك، رغم انها حادة وجافة إلا أنك من ستعيش معها وتتحملها"
_" تعيش وتتحمل! ماذا عنكم ألم نعيش معًا؟. وأيضا أي جفاء وحده! هل حكمتي عليها بناء على أيام المستشفى. الفتاة تقوم بعملها لهذا ولد عندك هذا الإحساس"
ردت الأم بحب
"انت من سيعيش معها، ستأتي إلينا ضيفه معززه مكرمه وتعود لمنزلك مرة أخرى"
تعجب تيّم من حديث أمه بل •خاف •من ان تكون عادت للتفكير بإعادة تجربة الزواج من شخص جديد.
لذلك تحدث بجدية
"عمي كتب لي هذا المنزل كي يكون هدية زواجي، لم ارغب بتغير وضع الطابق الأول ليبقى مخازن للأقمشة الإيرانية كما هو، ولنقتسم الطابق الثاني بالأصل هو مقسم لنصفين مشتركين بالمطبخ والمجلس الكبير فقط"
ردت امه بدون رضا
"وماذا ان أرادت أن تأكل طعام خاص بها او تصنع حلوى راقت لها"
_" بسيطة لتفعل ما تريد او لتطلب من سمراء وابنتها ليفعلا لها ما تريد"
غارت الام وتغيرت ملامح وجهها وهي تقول
"من الأفضل ان تقيما بالطابق الأول"
_"حسنا كما تريدين لأبدأ إذا بالإصلاحات والترتيب وفق ذلك ، حتى لأتحدث مع عمي لأجل الأثاث الجديد والمفروشات وما شابه"
اسرعت الام بردها المفعم بالغيرة
"هل ستفرش كل الطابق لها؟"
تعجب تيّم من سؤال امه ليصمت ثواني متمعن بتعابير وجهها واستكمالها لحديثها
"لا عليك يا بني اعلم اهمية المخزن بالنسبة لكم لتبقى بجانبنا نغير غرفة النوم والمجلس المجاور لها وبالمستقبل يمكنك تجهيز الطابق الأول على مهل "
حرك راسه بضيق وهو يقول
"حسنا سافعلها لأجل تسنيم عليّ ان ابقى بجانبها أكبر قدر ممكن"
تحرك ليقف وهو يستمع لحديث أمه
"وماذا عن عمك هل سيقبل ان تتزوج بنفس الطابق، تحدث معه لعله يعطيك منزل اخر بالأصل نحن نعلم انه حق لك لا داعي ليتفضل علينا به"
اختنق تيّم أكثر قائلا
"سابقى معكم بالشهور الاولى ومن ثم نرى ما علينا فعله"
تحرك ليخرج من الغرفة وحال وجهه معاكس تمامًا لفرحته التي ذهب لامه بها.
دخل غرفة اخته ليرفع الغطاء عليها مقبل راسها وهو يحدثها بداخله
"لأجلك يا اختي، لأجل ان لا يأتي من يستغل طيبتك مجددًا"
شرد قليلا وهو يسأل نفسه
"ماذا ان رفضت هي العيش مع عائلتي، الفتاة ليست بفتاة عادية بسيطة من المؤكد ان لديها أحلام ومخططات على رأسها الخصوصية بالحياة"
شرد اكثر متذكر وضع عمه ورغبته في أن يتزوج بمن اختارها له
"يبدوا أننا سنواجه عقبات كثيرة حتى نحقق حلمنا"
ضحك وجهه فور تذكره وجهها الفرح وهي تأكل الشاورما بجانب اخته.
أغمض عينيه دون نية بالغرق في الاحلام ، دخلت امه الغرفة عليهما بعد دقائق من نومه ايقظته بهدوء
"اذهب واكمل نومك بفراشك هيا"
تحرك تيّم وذهب لغرفته ليس لأجل النوم بل لتبديل ملابسه والذهاب للعمل .
……….
في الصباح الباكر انطلقت سلمى لتباشر عملها وسط مضايقات وضغوط كبيرة كونها متمسكة بمبادئها التي أقسمت عليها .
دخل دكتور سالم عليها المكتب ليفرغ بوجهها غضبه
"ألم اخبرك بان لا تتدخلي بعملي"
_" لا حديث لي معك ، اذهب للإدارة وتحدث معهم، هم من أوقفوا قرار دخول الحالة لغرفة العمليات وليس انا"
علا صوته
"على أن تقومي أنتِ بالعملية مساء الغد"
_" من فضلك اخفض صوتك ، يمكنك أن تذهب لمديرك وتشتكي له"
اقترب من مكتبها بكل قوته
"اقسم انني سأجعلك تندمين على ذلك اصبري لتري"
خرج من الغرفة ذاهبا لغرفة مكتب مدير عام المستشفى ليجد لفيف من المدراء ينتظرونه ليفرغوا غضبهم عليه بعد ان اقترب فضحهم وكشف سوءاتهم أمام الجميع، افرغوا ما في جعبتهم عليه محذرين الجميع من القيام بأي عمل من أعمالهم في هذه الفترة حتى تهدأ الأمور.
رد سالم بغضبه
"لنتخلص منها كي نرتاح ونعمل على راحتنا كما كنا بالسابق"
_" أنسيت وضع اسمها الذي يتوافد على اثره آلاف الحالات يوميًا ينتهي الاسبوع ولا تنتهي الحجوزات والحالات الحرجة التي تنقل لنا خصيصًا لأجل ان تشرف عليها نابغة العراق "
رد اسامة النجيفي
"ومع ذلك لا يجب ان نقف صامتين امام اكتشافها لامرنا، اخشى ان تكون نهايتنا على يدها يبرق ذكائها وقوة ملاحظتها بعينيها بشكل يخيف المرء ممن ينتظره "
أكد سالم على ما قاله أسامة ليتدخل دكتور فريد قائلا
" ان سمعتم كلامي وتركتوها بالمصعد دون إنقاذ ما كنا سنقف هذا الموقف اليوم"
رد دكتور محمد علي كبيرهم بالسن والمكانة
"هل جننت! ألم تعلم قدرها واسمها الذي أصبح علامة بالعالم العربي، لا يمكننا المخاطرة بالمستشفى و مقاعدنا لفكرة جنونية جاءتك بلحظة حماس"
رد سالم
"أصبحت مجنون الان! ألم تؤيدوا تخلصنا منها في المصعد! ألم تكونوا شهود على قطع حباله كي نتخلص منها!"
اشتد الحوار والقلق لينتهي بإجماعهم على ضرورة التخلص من الدكتورة بأقرب وقت ممكن دون ان يؤثر ذلك على عملهم، اكد كبيرهم على ضرورة فعل ذلك خارج المستشفى كي لا يصيبهم ضرر جراءه.
………
دخل تيّم المستشفى وهو فرح التقى بزميله أمام البوابة احتضنا بعضهما وهما يتبادلان السلام ، تحدث زميله متسائلا
"هل أنت متأكد من قرارك"
ابتسم تيّم وقال
"كما أراك تماما"
تحركا بجانب بعضهما ليدخلا المشفى، بالأعلى وبالتحديد في غرفة الدكتورة سلمى كان الوضع مخيف، عينيها المتسعة و وجهها الغاضب لا يبشرا بخير فلقد انقلب حالها
فور قراءتها رسالة خليل من على سطح شاشة هاتفها الخارجية دون فتح التطبيق
"لا زالت الفتنة تحصد أرواح زينة شباب بلدنا، لم نستطع الوقوف صامتين أمام ما يحدث اجتمع كبار العشائر وتم السيطرة على الفتنة الطاحنة بعد اتفقنا على عدة شروط من ضمنها عودتك للعراق وإعادة عصمتك لذمتي مع عدم انفصالنا مجددًا، جاء أمر عودتك و اعادتك لعصمتي من باب الوفاء بالعهود والخضوع لأحكام كبار العشائر وعدم اختراقها لأي سبب كان"
اندهشت مما قرأته لتأتيها رسالة أخرى تزيد من دهشتها
"تعلمين وضع البلد •والدماء التي تزهق جراء الفتن، أصبح على عاتقنا الحفاظ على الأرواح، هذه المرة سيكون الوضع مختلف اتفقت أنا و والدك على مهرك وتفاصيل الزفاف الكبير الذي سيرد لكِ اعتبارك فيما حدث بك، ستأتين معززة مكرمة بمنزل خاص ومستشفى كبيرة باسمك ستتشارك العشيرتين ببنائها وإقامتها لتصبح تحت إدارة نابغة العراق"
وقفت بضيقها قائلة لنفسها
"ما هذا الهراء!"
جاءتها رسالة أخرى مضمونها
"اقترب اللقاء كم اشتقت ودعوت ربي ان يهدئ نار قلبي بعودتك لي، سنجتمع مجددًا لأعوضك عن كل شيء، هذه المرة لا يمكن ان اتركك وان تخليت عن الدنيا وما فيها سأختار العيش معك ، لن اتركك ابدا"
زفرت بغضبها
"هل فقدوا عقولهم ما هذا الهراء والجنون"
قرأت مجددا الرسالة الأخيرة التي وردت لهاتفها
"لم اعلم ان والدك وابناء عمومتك حصلوا على الجوازات التركية مقابل العقارات الباهظة كما فعلنا نحن، ومن هذا الباب حصلوا على تأشيرات سياحية للسفر إلى دبي حجزوا على اثرها تأشيرات الطيران، عدة ساعات وسيكونون امامك بالمشفى او المنزل، لا تقلقي انا ايضا حجزت تأشيرة طيران وسأكون بجانبك، لن اسمح لأحد ان •يحزنك •لا تقلقي جراء ذلك"
فتحت هاتفها لتتصل بأحد الزملاء في بلدتها ، بدأت الحوار بسؤالها عن أحوالها والعمل وما وصلت له البلاد من أمن واستقرار نسبي.
صُدمت حين علمت بحجم الفتن الجديدة واجتماع كبار العشائر للحد منها، تأكدت من صدق ما كتبه خليل لها تغيرت ملامح وجهها طوال المكالمة حتى انهتها وهي تقول لنفسها
"لن اعود للوراء مجددًا، لن اكون أضحية لاحكامهم و قراراتهم التعسفية وكأن ليس بالعشيرة سواي"
انتبهت للرسائل الجديدة التي وصلت لهاتفها خلال وقت المكالمة، قرأتها من سطح الشاشة الخارجية منصدمة من تصحيح خليل لحديثه الأخير ليعلمها بوصول والدها واعمامها للمدينة وقرب وصولهم لمكان عملها كي يخبروها بالوضع الجديد وضرورة عودتها للعراق بناء على شروط جديدة تعطيها حرية العمل والخروج والتواصل مع اقاربها.
هزت رأسها بجسدها المرتجف من الصدمة
" لا يمكنني العودة لعالمهم المظلم، لا يمكنني العودة لنقطة الصفر، لا يمكنني العودة لأسرهم مجددًا"
...........
اذا ألقى الزمان عليك شرا وصار العيش بدنياك مرا فلا تجزع لحالك
وان ضاقت عليك الأرض يوما وبت تأن من دنياك قهرا فرب الكون لم يبكيك الا لتعلم أن بعد العسر يسرا
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.
منها "رواية حياتي"
رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..