رواية عروس بغداد
بقلم أمل الكاشف
.........
شخصت الأبصار واكتظت الوجوه بهذا الحدث الجلل، الجميع يسترق النظر لبعضهم البعض دون كلام.
تم سحب الشاب *المصاب *بكتفه لكي يسرعوا بإسعافه، تحدث نزار رجل اربعيني متزوج ذي مال وجاه و عيون طامعة بكل زيادة ليكسر الصمت ويزيل أثر ثقل المشهد قائلا
"وانا سأشارك بالمحافظة على فتياتنا، نحن بوضع لا يتيح لنا التفكير او الخذلان بواجب كبير كهذا، فالمحافظة على شرفنا وعرضنا لا يضاهيه إلا الشهادة في سبيل الله والوطن"
اشاد كنعان كبير عشيرة أل فارس بموقف نزار الذي استكمل حديثه وهو ينظر للشيخ محمد الأحمدي قائلا له
"أنا سأبدأ هذا الشرف الذي أصبح على عاتقنا واطلب منك إحدى بناتك على سنة الله ورسوله "
تفاجئ الشيخ من طلبه وخاصة ان جميع بناته لا زلن صغيرات اكبرهن لم تتم التاسعة عشر بعد.
وجد بعض الآباء والشباب الفرصة ليطلب كل منهم النسب بمن كانوا يطمعون بشرف مصاهرتهم.
عاد حسين الأكرم وإخوته وأبناء عمومتهم إلى منزل الجد الاكبر وهم يحملون همهم على اكتافهم، جلسوا في باحة المجلس الكبير صامتين، أتت النساء والفتيات يرقبون وجوههم بخوف وقلق.
سألت محاسن زوجها
"ما بكم لماذا انتم بهذه الحالة! ما الذي دار بالاجتماع؟ بماذا تحدثتم"
حكى لهم رشدي زوج جميلة ما حدث بالاجتماع وقوة القرار الذي سقط على رؤوسهم، تدخل حسن قائلا
"كان من المفترض الالتزام بالصمت كنوع من *الاعتراض*القوي ولكني تفاجأت بعروض الزواج وهي تهل علينا ما هذا وكأنهم يعلمون بالخبر وقرروا أي باب يطرقون"
*رفضت *محاسن العروض المقدمة لبناتها قائلة "لا يمكنني التفريط بحبيباتي بهذه الطريقة المبتذله وكأنهم أصبحوا سبايا *حرب *يختار المارة منهم من يشاء، لا زال جرح فقداني لابني الوحيد *ينزف *بقلبي لا أستطيع *تحمل *ظلم باقي ابنائي أمام عيني لن اعطي بناتي لأحد حتى يكملوا تعليمهم ويتزوجون ممن يرونه مناسبًا لهم. تمامًا كما حدث مع أختهم الكبيرة "
تدخلت جميلة بحديث اختها
"نعم لن نزوج بناتنا بهذه الطريقة كما انهم صغار لا زالوا يدرسون ، لا يمكنني ظلمهم. لينهوا تعليمهم حتى تنضج عقولهم ويستطيعون اختيار الأفضل لهم"
تحدث أخاهم سيف
"لا تفكرون بهذه النظرة الترفيهية نحن بوضع حرج وهناك الكثير من العروض المغرية شباب عشيرتنا لا عيب بهم، لنختار لهم الأفضل ونطمئن عليهم"
ردت محاسن على أخيها
"ليليان لم تكمل عامها الثامن عشر سندس السادس عشر، كلا منهما لديها أحلامها الأكبر من الزواج ، لكل وقت أذان وحين يأتي اذانهم سيكونون بالقدر والنضج الذي يُؤهلهم لاختيار المناسب لهم"
تحدث مجدي أخاهم الأكبر
"وماذا ان وافقت البنات على من ورأوا فيهم ما يتمنوه"
تدخلت زوجة مجدي بحسم
"ومن أين سيعلمون الصالح لهم، لا زالوا صغار لا يمكنهم اتخاذ قرار مصير كهذا، يتعلقون بالاحلام والشكليات أكثر من المضمون، الزواج عبء ومسؤولية كبيرة لن يُقدم بهذا الشكل السريع وكأننا وجدناهم بالشارع كي نزوجهم بهذا الشكل وهذه السرعة "
لم تصدق سلمى ما سمعته باذنها لم تشبه الليلة البارحة اطلاقا هناك نقيض كبير بالأفكار والآراء كيف كانوا يجتمعون ليقنعوها بابن عمتها معترضين على فكر أمها وقولها لا زالت ابنتي صغيرة ولديها مستقبل كبير. والآن *يرفضون *بعلو صوتهم تزويج بناتهم بنفس الفكر ونفس *المخاوف*رغم أن من بين العروض شباب جيدون.
تذكرت سلمى كلمات أمها ومحاولاتها في إعادتها عن فكرة الزواج من ابن عمتها، كما تذكرت حديث المذيعة وكأنها استيقظت الان من غفلتها ورأت الوجوه على حقيقتها.
تحدثت نسرين التي كانت تجلس منتصف حسين وابنته
"ونحن هل أتى لبابنا أحد، الحمدلله ابنتك كبرت ونضجت حتى اقترب *حرقها، ليتنا وجدنا من يبتغيها عروس، الجميع يتفاخر بالعروض التي أتتهم ونحن جالسين خالين الوفاض، طبعا من سيأتي لطلب صاحبة الوجه الأصم، تأكل وتشرب صفحات الكتب أما عن الحياة ماشاءالله صفر على جهة الشمال"
تحدثت سلمى بضيق
"لا دخل لكِ بي"
وبضيق وازدراء ردت نسرين
"ردي بهدوء كي لا ينفجر لكِ عرق"
*غضبت *سلمى موجهه رأسها للجهة الاخرى دون أن تعيرها أي اهتمام.
وهذا ما أثار *غضب *نسرين التي لم تصمت بحديثها لزوجها
"نعم ومن سيأتي لطبيبة انفها معلق بالسماء، الأولى الأولى غير ذلك لم نرى"
تحدث حسين لزوجته
"اصمتي تبقى القليل على انتباههم لكم، سيسمعنا أحدهم ويأتي لطلب الفتاة شفقة عليها "
ردت نسرين
"وجه حديثك لابنتك فهي من *تصرخ *وتغضب*لتفضحك دومًا وكأنها تعهدت على فعلها بكل تجمع، وأيضا ليشفقوا افضل من بقائها دون زواج، توبة يا ربي حتى بالإجبار لا نستطيع تزويجها"
اختنقت سلمى مما سمعت من زوجة أبيها نظرت لها من جديد كي ترد بضيق وعصبية
"لا تتعبي روحك أنا لا اريد الزواج من أحد، وايضا سأسافر لدبي لاستلام عملي قريبًا فلا تجهدي نفسك بارسالي بكل الاحوال سأرحل عنكِ قريبًا"
سعل والد سلمى وهو يقول لهم
"اصمتوا العيون حلقت علينا سنفضح ونتعرى امام الجميع "
اشتد الحديث بين الرجال والنساء منهم من وافق على إعطاء بناتهم لافضل عروض أتت لهم كفرصة لن تتكرر، وهناك من اعترض حتى وان كانت العروض جيدة.
هناك من تقدموا لخطبة فتيات من العشيرة جميلات ذو نسب وجاه كانوا يعتقدون انه حلم صعب المنال ولكنهم بفضل هذا الحدث أخذوا الموافقة والمباركة الكاملة.
اتفق حسين وحسن ورشدي ومجدي على حماية بناتهم بأنفسهم فالموت أهون عليهم من تزويج الفتيات بهذا الشكل المهين وكأنهم لا يستطيعون حمايتهم،أما البقية تركوا الأمر للتفكير والنظر في عروض الزواج المقدمة إليهم .
وبهذه الأجواء اقترب مجدي عم سلمى من حسين قائلا
"إن قبلت ابنتك ابني سامر وارتضت ان تتخلى عن سفرها …."
قاطعه أخاه حسين بصوته المجهد
''طبعا نرتضي وهل لنا إلا نرتضي بسامر يكفي انه ولدٌك يا أبا الكرم والجود ولكن كما اتفقنا…."
لم يكمل حديثه حين تحركت ابنته سلمى لتعلن بصوت عالي *رفضها *للزواج بهذه الطريقة
" الموت أهون علي مما تقولونه"
اقترب العم رشدي مجيبًا على مجدي عوضًا عن حسين
"لا تؤاخذها فيما قالته تعلم كم تحبك سلمى وتنتظر عودتك من أمريكا بكل عام على احر من الجمر ولكن ما نحن به يفقد الانسان عقله، كما أن ابنك يصغر دكتورتنا بعدة سنوات ان لم تخونني الذاكرة"
رد مجدي وقال
"لا لم أحزن منها، كنت أريد أن أحافظ عليها واخذها معي لأمريكا كي تكمل حلمها هناك، رغم أن فارق العمر ثلاث سنوات إلا أن ابنائي لا يهتمون بهذه الشكليات المجتمع هناك جعلهم ينظرون للأمور بشكل أكبر وأوسع"
تحدث رشدي موجه حديثه لمجدي وحسين
"كما أننا اتفقنا بعدم قبولنا عروض زواج بهذه الأجواء المضطربة وخاصة ان كانت لأجل الحماية وما شابه، سننتظر حتى تمر هذه الأيام العصيبة ونفكر بشكل أفضل في كل ذلك"
أجابت سلمى بغضب
"أنا لن ابقى ببلادنا لهذا الوقت يومين على الأكثر وسارحل لاستلام عملي في دبي، لذلك لا تضعوني من ضمن خططكم المستقبلية"
تحدث اباها *ليصدمها*بقراره التعسفي الذي كان وليد اللحظة
"لا سفر لكِ وحدك، ان وجدتي زوج يتحمل مسؤوليتك بالخارج فلتذهبي معه وان لم تجدي فلتبقي بجواري"
سقطت كلمات ابيها على رأسها كالجمر *المحترق *وكأنه يلمح بشكل صريح بقبول عرض زواج ابنته من سامر ابن أخيه.
*صُدمت *مما سمعته وخاصة بعد تحدث باقي رجال عمومتها موضحين خطورة الوضع وتعطل الرحلات الجوية، تحركت بضيق لتدخل أحد الغرف الخلفية المخصصة للنساء وهي *تصرخ *بغضبها *ورفضها، تحرك والدها خلفها ليعصف بها ويبرحها ارضا من شدة *ضربه *لها كما يفعل كلما *احزنت *زوجته، ولكنه لم يفعل هذه المرة حين طلب رشدي أن يسمح له بالتحدث معها
"اتركني لاتحدث معها ومن ثم نرى ماذا سنفعل"
تحدث والد سلمى بغضبه
" لا ينفع معها الحديث ابنتي واعلم ما ينفع معها، لا عليك يا ابن العم اتركها لي وأنا أعرف كيف أعيد ترتيب ادراج عقلها من جديد، وكأن شهادتها اعلتها علينا ولم نعد نستطع أحكامها"
اقتربت محاسن من أخيها متحدثه إليه بصوت منخفض
" لن اسمح لك بكسرها واحزانها هذه المرة وخاصة ونحن بوضع لا يتحمله ما تنوي عليه. يجب أن تقتنع بقرارك لنشرح لها صعوبة الوضع وهي ستتفهم علينا، لا تنسى يا اخي ما فعلته وجاهدت به لتحقيق حلمها لذلك دعنا نحدثها اولا"
وافق حسين وتراجع عن عصف ابنته *بالضرب *والقهر *
"حسنا ادخلي وحدثيها أنتِ ورشدي هي تستمع دومًا لنصائحكم وأحاديثهم "
*رفضت *محاسن واقترحت أن يمهلها لتهدأ على أن يتحدثا معها بعد صلاة العشاء، كي يستطيعوا اقناعها بصعوبة السفر وحدها في ظل الوضع الراهن.
بقيت زوجة أبيها مكانها تستمع لاحاديث الرجال عن عروض التزويج وما اقروه كبار العشيرة وهي تتمنى ولو لم تكن متزوجة بالوقت الحاضر لكان من نصيبها رجلا أصغر من حسين الذي أصبح يشتكي من قدميه وظهره أكثر من طلبه للأكل والشرب.
لم تمر هذه الليلة الكبيسة مرور السلام حتى *سقط *على رأس عشيرة آل فارس ما هو *أشد *وأصعب.
فقد اندلعت *الحرب *الأهلية بين عشيرتهم وعشيرة أل عويل إحدى أكبر عشائر العراق قوة ونفوذ.
وذلك حين *رفض *شاب من أل عويل تزويج حبيبته من ابن عمها ذاهبًا لقعر مقر عشيرة أل فارس واقفًا بوجه والد الفتاة طالبها لنفسه.
*وبغضب *أجمع تم *رفضه *وإعطاء الاولوية لابن عمها، مع الاسف *غضب *ورفض *الشاب تزويج حبيبته لغيره، فار *الدم *في عروق رجال العشيرة غيرةً على عرضهم ليبدأ الشجار والتهديد *بقتل*الشاب إن لم يرحل من مقرهم دون عودة.
ازداد الأمر *سوءا *حين خرجت الفتاه دون حياء لتعارض ابيها وأبناء عمومتها بموافقتها على حبيبها.
وقبل أن يقترب الشاب من الفتاة لامساك يدها كان الرصاص *الناري *الذي اخترق قلبه من جهه ورأسه من الجهة الخلفية أسرع منه.
*ليسقط *وسط قعر العشيرة *غارقا *بدمائه. وصل النبأ لعشيرة ال عويل لتقوم القيامة متوعدين بالقصاص لابنهم الذي *قتل *غدرا لتبدأ *حرب *القصاص بنفس الليلة *ليُقتل *على أثرها شابين من أبناء عمومة الفارسية التي حتى هذا الوقت كان الحق الأكبر معها.
فالشاب تعدى على إحدى فتياتهم و وقف امام كبراء العشيرة ليأخذها بجانبه ليزيد على هذا وفاة شابان من افضل نبت عشيرتهم .
تدخل عقلاء العشائر الاخرى كي يضعوا الحق على عشيرة أل عويل مسنين عليها عدة أحكام جزائية اعتبرتها العوايلة نقص من قدرهم.
تحدث حيدر كبير ال عويل قائلا بقوته و وجه المخيف
"لقد *سقط *الذنب *على كاهلنا وانتصرت *حثالة*العشائر علينا"
طرق بعصاته ارضا قائلا *بغضب *عينيه *المخيفة
"كيف سنعطي شرف امتلاك أرض العزة لهؤلاء"
اجتمع كبار عشيرة أل عويل على *رفض *هذه الأحكام، فكما هو متعارف على رجالهم ومجلسها أنهم لا يعرفون للرحمة والعفو والمسامحة طريق، كان يترأس المجلس خمس اشخاص من اصعب واقوى ما انجبت رحم العشيرة يتحكمون بالجميع كلمتهم كالسيف القاطع يأخذون كل ما يريدون بقوة *السلاح *كما يشاع عنهم الاتجار *بالاسلحة *والمواد *المخدرة *وعملهم بالطرق *المظلمة *ولكن لا أحد يستطيع إثبات صحة هذا الحديث.
كما كان هناك عدة رجال أقل منهم حدة وقوة يشاركون بمجلس إدارة العشيرة بشكل غير رئيسي خلفا عن آبائهم المتوفين.
انتهت الليلة لتأتي بعدها *الطامة *الأكبر حين ثار رجال عشيرة ال فارس وبدأوا بافتعال *الفتن *واخراج الشائعات المغرضة *المخزية *على فتيات وسيدات ال عويل وكان هذا مفتعل مقابل حفنة مال لكي *يسقطوا*في *الخطأ *ويبطل *تنفيذ الأحكام المسنة على العشيرة الاخرى.
ثارت عشيرة أل العويل لأجل نسائهم اللواتي هن خط أحمر بعرف قبائل وعشائر العراق خاصة والبلاد العربية عامة، هَم الأمن الوطني وكبار العشائر الاخرى بالتدخل من جديد لتهدئة الوضع واصمات الطرفين لأجل الحدث الأكبر الذي تمر به البلاد.
لم يكن الأمر سهلًا تم *فرض *عقوبات على الطرفين كما تم التنازل من طرف لأجل الآخر ودفع فدية من الطرفين وأحكام عديدة بغرض قطع دابر الفتنة.
تحدث حسين لأهله في مجلس منزلهم الكبير "كنت أخشى أن يدرج النسب والمصاهرة بهذه الاتفاقية ولكنها عدت بسلام "
أجابت زوجة مجدي
"معك حق يا ابن العم، من الصعب تحمل ظلم الفتيات على غرار هذه الأحكام القاسية"
تدخلت جميلة بقولها
"ما *ذنب *الفتاة والشاب *ليسقط *عليهم حكم بتزويجهم اجباري مع الالتزام بعدة احكام وقوانين لا يتحملها بشر"
تحدثت سلمى بعقلها الكبير ولسانها الفصيح "وكأنهم *أسرى *حرب *يتم أخذهم لمنازل غير منازلهم يجبرون على عادات واعمال أكبر من طاقتهم، يخرجون همهم في ضعفهم وقلة حيلتهم، تتلقى معاملة أقل ما يقال عنها *سيئة، يعيشون في *قهر *وظلم *وحزن *مدى الحياة وهناك من يذهب زوجها للزواج من غيرها لقهر عشيرتها دون الاعتبار لقهر تلك المسكينة"
ردت بدور ابنة عمتها عليها
"ليس لهذه الدرجة ، سمعنا عن قصص جميلة بدأت بتنفيذ احكام العشيرة وانتهت بقصص حب ولا في الاحلام"
همت سلمى بأن تجيبها لولا تدخل جميلة بالحديث
"ها أنت قولتيها بالاحلام جميعها احلام وأفلام، الشائع والمتعارف عليه ان الفتاة *تقهر *وتنتهي تحت *حزنها "
وبصوت منخفض لم يسمعه الجميع
"وما *ذنبها *هذه المسكينة كيف سمحت عائلتها ان يتركوها لهذا *الظلم *المبين"
وضعت يدها على قلبها *متألمة *بشعور غريب نغزها به.
تحدث العم مجدي
"يستحيل ان أقبل باعطاء ابنتي لهؤلاء وان دفعت روحي ثمنا لهذا، لن اتركهم ياخذونها للموت البطيء واقف لاتابع المشهد من بعيد"
ضمت زوجته ابنتهم ذات الثلاث عشر عاما "نعم الموت أهون علي من ان أعطيها لهم، سأنهي حياتي وحياتها قبل موعد تسليمها كي لا نعيش هذا *القهر *الابدي"
أمن كل من جميلة ومحاسن ونسرين وفاطمة على حديث زوجة مجدي.
تحدث حسين ليطمئنهم
"طبعا لن نعطيهم بسهولة كما أن هذه الأعراف المتشددة انتهت ولم تعد موجودة بدولتنا، جميعها بقي في الماضي أصبحوا يساومون على المال والأرض "
وأثناء حديثهم كان العدو الاكبر يدبر ويخطط وينفذ لاجل اشعال الفتنة مرة أخرى ليتم خطف ثلاث فتيات من عشيرة أل عويل *واغتصابهم *ثم قتلهم *والقائهم على ضفاف نهر دجلة، كادت هذه *الحادثة *أن تودي بالبلاد *لحرب *دموية *عاصفة لم تحدث مثلها من قبل وهذا ما أراده العدو ودبره باحكام شديد كي تشتعل فتيلة *الحرب *من جديد و يستطيعوا هم *إسقاط *البلاد من الباطن ليسهل استيلائهم على حدودها.
وقد حدث ما خُطط له حين *سقط *الكثير من *القتلى*من العشيرتين بشكل تتقطع له القلوب، خبئت الامهات أولادها وكادوا أن يربطوا فتياتهم باعمدة منازلهم بالاصداف كي لا يتم *خطفهم *كما شاع من تهديد وتواعد.
خيم *الحزن *والحداد على المنازل وكأن لم يكفيهم *الحرب *والدمار *بالخارج لتعصف قلوبهم بأيدي أبناء البلد الواحد.
اجتمع عقلاء ومشايخ والمسؤولين عن أمن البلاد مع كبراء العشائر لينهوا الوضع قبل أن تنتهي البلاد تحت وطأ هذه الفتنة الطاحنة.
تبين *سقوط *عشيرة ال فارس بأكثر من *حادثة *تمس شرف عشيرة ال عويل كاخراج الشائعات والافتراء على نسائهم، أما *القتل *والاغتصاب *بحق الثلاث فتيات فهم أبرياء منه حتى وإن لم تثبت براءتهم وتُأخذ بها.
تم الصلح على أن يتم أخذ من هي افضل واجمل واذكى فتاة من عشيرة الفوارس لتتزوج إحدى رجال عشيرة العوايلة مع وضع عدة شروط كانت *أشدها *قسوة *عدم استطاعة الفتاة رؤية أهلها مجددا بجانب تزويجها دون أي حقوق أو مظاهر للاحتفال.
وقف الشيخ حيدر وسط هذا الاجتماع المهيب رافعًا رأسه الذي يعتليه الشيب وهو ينظر لمن حوله بعين حادة مخيفة
قائلا
"لتكن الطبيبة المتفوقة"
شخصت الأبصار وجفت الاجَوافٌ مما سمعوه، ليكمل حيدر بانتصار وعيون تشع منها الشر والقصاص
"تلك من تفوقت عدة مرات واعتلى أسمها الصحف وجال بكل مكان حتى اصبحت مثال لكل فتاة بالبلد"
تحدث كنعان كبير عشيرة ال فارس
"لا يمكن أن نعطيها لكم الفتاة تحضر حقائبها للسفر كما أنها تمثل البلاد بنجاحها وتفوقها وسترفع شأننا جميعًا بالخارج، من الظلم أن ننهي مستقبلها بهذا الشكل"
وحين وجدوا ما يضغطوا *ويكسروا *به أنف رجال عشيرة ال فارس أصر الطرف الآخر على أن تكون هي عروسة الصلح وإلا سيعودون عن موافقتهم بوقف القتل والفتنة.
سقط الاختيار *كالصاعقة *على رأس حسين وأبناء عمومته اما كبار العشيرة والعقلاء وغيرهم جميعا وافقوا و وعدوا باعطائهم الفتاة امام إنهاء هذه *الحرب.
*سقطت *محاسن على ركبتيها وهي *تصدم *يديها على رأسها تارة وعلى صدرها تارة أخرى قائلة ببكائها
"تحققت رؤية امها. اقسم ان رؤية فوزية ستتحقق امام أعيننا دون أن نستطيع مساعدة وحديتها، *ستحرق *الفتاة امام عيوننا ونحن واقفون ننظر إليها بلا حول ولاقوة"
*رفضت *سلمى وصرخت بوجه رجال عمومتها قائلة
"الموت أهون عليٌ مما تقولون. *سأقتل *نفسي ولا أتزوج بهذا الشكل"
وبكل قوتها اقتربت من أبيها و رأسه أرضا *صارخه *به
"أبي ما بك! قل شيئًا. *أرفض. *اصرخ. *دافع عني. اخبرهم انه يستحيل ترك ابنتك الوحيدة لهم. ابي لا تجعلهم ياخذوني بهذا الشكل"
*سقطت *على ركبتيها منهارة أمام والدها ممسكة بركبتيه لتحركهما وهي تبكي بقهرها
"ابي تحدث لا تصمت. سأموت إن تزوجت بهذا الشكل. سأنتهي هل تسمعني. أبي سيأخذوني عبدة لديهم. ابي لا تصمت تحدث، انظر إلي حدثني ابي ما بك ، هل لاجل السفر حسنا تراجعت لا أريد السفر حتى لا اريد العمل بأي مشفى بعيده عنك، حتى أقول لك لن أعمل بأي مشفى، ساجلس بمنزلنا انظف واطبخ وامسح واغسل وافعل كل ما تأمروني به دون تذمر أو *اعتراض، *اقسم أنني لن اشتكي لك من زوجتك ولن ابكي *او اصرخ *حين تصفعني *وتقهرني *ظلمًا، أبي لا تتركني لهم، اتوسل اليك لا تتركني لهم"
احتضنها عماتها وزوجات اعمامها من ظهرها وهم يبكون *حزنًا *وقهرًا على *ظلمها.
مرت ليلة عصيبة على عائلة الجد الأكرم تحدثوا مع كبار العشيرة وحاولوا إرجاعها عن قرارهم في سبيل تنازل العائلة عن ارض كبيرة بمنطقة مميزة، ولكنهم لم يستطيعوا رفع القدر الذي سقط على رؤوسهم لينهيهم.
انتفخت عيون نساء العائلة وفتياتهم من البكاء بجانب سلمى، تحدثت محاسن لأختها وهي تندب ما هم به "ستذهب دون رجعة، ستنتهي سلمى بيومين لن تتحمل قهر العوايلة أكثر من يومين"
اجابتها جميلة بدموعها ورأسها التي تتحرك على جانبيها
"أين انتِ يا فوزية الان تعالي لتري ما يحدث بوحيدتك "
زاد بكاء محاسن
"وماذا ستفعل ان صمت الرجال و خضعوا للأمر الواقع"
وضعت محاسن يدها على صدرها وهي تستنشق الهواء لتلتقط أنفاسها التي حبست من شدة بكائها
"اقسم ان كانت ابنتي *لقتلتها *أهون من أن أشهد على *قتلها *كل يوم بيد غيري"
وصل الوسطاء المكلفين بالصلاح بين العائلتين لمنزل الجد الأكبر لأخذ الفتاة كي يتم تزويجها على وجه السرعة على أن يكلف والدها من ينوب عنه في عقد القران.
كادت عينيها ان تخرج من مكانهم وهي *تصرخ *بكل قوتها متمسكة بوالدها تارة وعمتها تارة راكضة نحو اعمامها لتختبئ خلفهم تارة اخرى دون ان ينقذها أحدًا منهم.
من يراها يعتقد انها فقدت عقلها وأصبحت كالمجانين تركض يمينًا ويسارًا *بصراخ *وبكاء *وقهر *تتوسل لهم ان ينقذوها من هذا القدر حتى وان أصبحت عبدة لهم بعدها.
اقتربت محاسن وهي تبكي لتضع عليها الملحفة السوداء لتغطيها من أعلى رأسها حتى قدميها ليتم بعدها تسليمها لقدرها وهي تنتفض من شدة بكائها.
تم إخراجها عنوةً *وغصبًا *بالقوة *من قبل امرأتان شديدتا البنية تحت أعين من يفترض أنهم سندها وقوتها وعزتها، كان الجميع ينظر *لصراخها *وبكائها *ورفضها*الكبير لهذا الظلم بقلوب قهرت *ودمرت *بحزنها.
فقد حسين وعيه فور خروجها من المنزل ليسرع من أسرع بإنقاذه *وليحزن من *يحزن *ولينهار من ينهار .
نعم كان *ظلمًا *كبيرًا على فتاة لم تشأ الأقدار بإسعادها رغم سعيها الدائم وجهادها للوصول للأفضل.
وبمنتصف هذا اليوم صدر ظلمها الأكبر حين وقف حيدر العوايلة وسط مجلس العشيرة الموسع ليختار رجل في أوائل الستين من عمره ليزوجوه للطبيبة.
*رفض *أحد الجالسين بالاجتماع قائلا
"الرجل مريض لن يستطيع تحمل عبء نفسه فكيف سيتحمل عبء فتاة عنيدة *رافضة*للحكم الذي صدر عليها"
نظر كبير العشيرة بعيون حادة *مخيفة *وهو يفكر بمن هو أفقر واسوأ ولا يقل سنه عن الخمسين عامًا ليتم تزويجه بها كي يكون عقابًا شديدًا لعشيرة آل فارس، لم يقبل الجميع بهذه الاختيارات واعتبر البعض انه *ظلم *كبير فلا داعي *لقهر *الفتاة يكفيها بهذا القدر ستدفع فدية عشيرتين بعمرها الصغير هذا.
*رفض *ثلاث من اكبر رجال العشيرة تزويجها لأحد شبابهم وذكروا من في المجلس *بجرم *ال فارس بحقهم وحق الثلاث فتيات الذين *اغتصبوا *وقتلوا *في عمر أصغر من عمر الطبيبة.
تحدث رجل من بينهم قائلا بحزن
"نعم انتم محقين هي ليست افضل من فتياتنا الذين *عذبوا *وقهروا *قلوبنا بموتهم بهذه الموتى *المخزية *لنا جميعا، ليحمدوا الله ويشكروه ليل نهار على أننا ارتضينا بهذه الاتفاقية "
وقف رجل بأول عقده الرابع ليقول بضيق و امتضاض من شدة الظلم وحدة الأحداث من حولهم
"لا عليكم انا سأتزوجها حقنا *للدماء *وإتمام الصلح. سأتولى مسؤوليتها وعبئها أمام العشيرة"
تحدث حيدر كبير العشيرة برفضه
"وكأننا سنكرم فتاتهم ونزوجها بطبيب شاب ذو جاه ومال ومنصب، وأيضا ألم تسمع عن حالتها *وصراخها*ومعارضتها لا يمكننا الموافقة على هذا اترك الأمر لنا"
رد خليل
"الوضع حساس. العدو أمامنا والفتنة الطاحنة خلفنا وليس لدينا وقت لفقده. لنتم الزواج على وجه السرعة ومن بعدها يلتفت كلا منا لحماية عرضه وماله وبلده".
وافق الحاضرين خليل الرأي ليقبل كبير العشيرة زواج عزيزة عشيرتها من ابنهم خليل.
صعقت زوجته عند وصول الخبر لمنزلها. فتحت هاتفها بسرعة متحدثة له
"ماذا حدث أوقع على عاتقك الزواج بها؟ هل فرغت عشيرتكم من الشباب حتى تتزوجها انت؟"
رد خليل عليها بصوت هادئ
"لم يقبلوا بتزويجها من أحد شبابنا. ارادوا لها الأكبر عمرا. ان رايتي اختيارات الشيخ حيدر والشيخ عدي ستعلمين أنهم كانوا يبحثون عن الأسوأ والافقر وليس الأكبر فقط"
ردت زوجته بقلبها المشتعل نيرانه
"وما دخلي انا. فلتتزوج الأسوأ والافقر بل وتتزوج من يوقظها على صوت سبابه وينيمها على الم سَوْطه"
اجابها خليل باستنكار
"ماذا تقولين! وكأننا عدنا لعصر *التسلط *والاستعباد، سأتزوج بها لننهي هذه الفتنة. *الموت *يحوم حولنا اخرجي للطرق لتعلمي حجم ما نحن بداخله"
ردت عليه بضيقها
"لا انا لا اقبل هذا الزواج. وايضا ألم تسمع عن *صراخها*وتهجمها على كل من يقترب منها. ستنهينا وتُظلم حياتنا بقدرها الذي يشبهها"
اغمض عينيه بصعوبة ما هو به مجيبًا عليها بصوت جاهد ليخرج بهدوء واحتواء
"لا تقلقي مما سمعتي عنها فمن المؤكد أنها تدافع عن نفسها وتحاول الهروب مما هي به. حتى *صراخها*وعنادها كله لأجل استنجادها بأي شخص كي يحميها وينجدها. لكنها حين تهدأ سيتغير الوضع. دراستها وتفوقها ينبئنا بفتاة ذكية وهذا يبشرنا بالخير ان شاءالله"
قاطعته رشيدة بصوتها العالي
"يبشر بالخير! هل تدافع عنها أمامي؟ كيف تفعل هذا بي؟ أم أن أحلامك انطلقت من الان! نعم ولما لا فهي طبيبة مثلك…"
قاطعها خليل بضيق
"لا تكثري الكلام وتجهدين نفسك بالتفكير. اغلقي مداخل الشيطان و دعينا ننهي أمر الفتنة قبل أن تحرق بيوتنا و بلدتنا كلها. ستُحقن *الدماء *بزواجي منها هذا كل شيء"
اجابته بصوت يعلو بلهيب *النيران *المشتعلة بقلبها
"وإن لم اقبل بزواجك من اخرى"
حدثها بقوة وثبات
"كما تشائين فلينهي الشيخ زواجنا قبل عقد الزواج الجديد. وتعودين بعدها لبلدك حيث الأمن والاستقرار كما ترغبين وتطلبين منذ بداية *الحرب"
*صدمت *زافرة *بحرقة *قلبها
"أبهذه السهولة! هل ستتخلى عني لأجل من لم تراها من قبل! الفتاة لا تريد الزواج من أحد. هذا الزواج باطل. لم تصبح حلالك أمام الله إن لم تقبل بك زوجًا. لا تحلم بما لا تستطيع الوصول إليه. لا تهدم احلامنا وحبنا لأجل من لا تستحق"
اجابها بنفس الثبات والقوة والعزم على تنفيذ ما تعهد به أمام كبار العشيرة
"ليس أمامي سوى هذا الحل. نحن مجبرين على اتمام الزواج لأجل حقن *الدماء، وايضا كما اخبرتك حال *الحرب *والظلم *الذي طال هذه المسكينة بغير حق"
لم تعطيه الفرصة بإكمال حديثه قائلة
"لن اتحمل. لا استطيع العيش بهذا الشعور. كيف تريد مني أن اتحمل فكرة تسليمك بيدي لغيري. كيف اسلمك لها بمحض إرادتي. اشتعل قلبي لمجرد تفكيري فما بالك…"
انقطعت المكالمة لانتهاء شحن جوال رشيدة ألقت به أرضا بقوة *غضبها *وجنونها.
خرجت من الغرفة باحثة عن خادمتها لتأخذ هاتفها دون استاذانها لتعاود الاتصال بزوجها دون أن يجيب عليها.
اغلق خليل هاتفه بشكل كامل قائلا
"من الأفضل أن نتحدث وجه لوجه عند عودتي"
صف سيارته بجانب منزل تابع للشيخ حيدر من الباطن ولإحدى الرجال الوسطاء المكلفين بالصلح بين العشيرتين من الظاهر.
نظر خليل للسماء وقال
"أعنا يارب على هذا العبء لقد فعلتها لأجل حقن *الدماء *ولأجل أن لا *تظلم *هذه الفتاة المسكينة مع *من يقهرها *ويتجبر عليها بقسوته. استغفر الله العظيم وكأننا نعيش في زمن غير الزمن"
نزل من سيارته مغلق أمانها عبر جهاز التحكم الإلكتروني وتحرك مقترب من الباب القديم ذو الخشب الصخري طرق عليه بقوة كي يصدر صوت دون فائدة.
تعجب من حالة المنزل المهجور القديم كما تعجب من مكانه البعيد عن العمار. نادى بصوت عالي
"ألا يوجد أحد هنا"
أمسك حجر من الجوار وبدأ يطرق به الباب كي يصدر صوت مسموع لمن بالداخل.
فُتح الباب وخرجت منه إمرأة كبيرة بالسن ملحفه بعباءة سوداء.
تحدث لها بعد إلقائه السلام عليها
"أتيت لأجل أن اجلس مع ابنة عشيرة ال فارس أنا دكتور خليل الصاغي"
فتحت المرأة باب المنزل أمامه وهي تقول
"تفضل يا بني، ليعينك الله على قدرك، حدثني السيد مالك قبل قليل وكنا ننتظر قدومك، هي في الغرفة الامامية بجانبها عدة سيدات يحاولون السيطرة عليها دون صراخ، كما تعلمون ألمنا رأسنا من صوتها وعنادها"
هز رأسه بأسف
"كان الله بعونكم، ولكني اريد ان اتحدث معها بمفردي ان سمحتم "
أومأت المرأة برأسها وقالت
"حقك يا بني. بالأصل لا اعرف كيف ستتعامل معها في منزلك. بالكاد ابقيها ساكنه بمكانها"
خفضت المرأة صوتها قائلة
"لا ترفق بها الشدة والقوة هي من ستضبط إعداداتها. ان لزم الامر *اضربها *لتخاف *منك وحينها لن تستطيع *معارضتك *او الهروب *منك"
ابتسم لوجه المرأة المسنة قائلا بوجه اعتلاه صعوبة ما أصبح بداخله
"لا عليكِ الأمر عندي من بعد الليلة"
تحركت لتفتح باب الغرفة وتخبر النساء بالخروج وترك الفتاة بمفردها.
خرج النساء الأربعة من الداخل ليدخل هو بترقب وقلق مما ينتظره. كثرة الأسئلة بعقله بجانب *مخاوف*وعلامات استفهام حول المستقبل الذي شاء القدر أن يجمعهما به.
تفاجأ مما رأه امامه اتسعت عينيه *منصدمًا *من حالتها، نظر خلفه نحو الباب المغلق ثم عاد لينظر لمن كبلت يديها وقدميها والتف اللاصق على فمها متأثرًا بحالة عيونها المنتفخة ووجهها العتر الذي كان يرسم جلل ما هي به قائلا في نفسه
"لا حول ولا قوة الا بالله وكأنكِ أسيرة *حرب"
اقترب منها وهو يحدثها بضيق ما يراه
"سأحررك من هذا الهراء ولكن عديني أن لا *تصرخي *وان لا تحاولين *الهرب *كي لا يجبروا على إعادة القيود مرة اخرى وحينها لن استطع تحريرك من قبضتهم"
جثى على ركبتيه ليفك رباط قدميها ثم تحرك بقامته العلوية قليلًا كي يحرر يديها التي تلونت باللون الأزرق من شدة إحكام الرباط عليهما.
تأثر مما رآه قائلا
"والان سأرفع اللاصق من على فمك دون ان *تصرخي *كي لا يدخلوا ويعيقوا حديثنا"
رفع اللاصق متألما بتعابير وجهها المتألم
"حسنا انتهينا اهدئي"
أخذ كوب الماء من الجوار وأعطاه لها لتشرب، ولكنها لم تستطع رفع يدها للشرب أخذها ليرفع قامتها العلوية على ذراعه الأيسر كي يشربها الماء بيده اليمنى وهو يتعجب من حالتها المزرية، انتظر *صراخها *وعدم قبولها الشرب من يده ولكنه وجدها هزيلة دون طاقة.
فتحت عيونها بصعوبة كي تنظر لوجهه وهي تحدثه بصوتها الهزيل
"انقذني منهم. ارجوك كن رحيم وانقذني منهم"
راقب حالة عيونها وحديثها الذي خرج منها بصعوبة وكأنها سيغشى عليها بعد قليل قائلا
''هل تشعرين بانخفاض بالدورة الدموية أم أنكِ تعانين من مرض ما، انتظري لا اعتقد انكِ مريضة من المؤكد حدث ذلك بسبب ما فرض عليكِ بجانب عدم تناولك الاكل"
اغمضت عينيها لوهلة نظرت لعيونه بعدها لتصدمه بصوتها الضعيف
"تم حقني قبل ساعات بمصل ابيض"
سألها عن اسمه والسبب لحقنها به، ظل يترقب صدرها الذي كان يرتفع وينخفض بحديثها المنخفض وصعوبة التقاطها أنفاسها بأريحية *منصدم *بقولها
"مواد مخدرة هذا ما فهمته. انقذني منهم رجاءً أنقذني…"
لم تستطع تكملة كلماتها حين أعطت الأولوية لأنفاسها الضعيفة، تحرك ليتركها أرضا متحركا *بغضبه*نحو الخارج *لينصدم*النساء من حالة وجهه وحديثه القوي
"بماذا حقنتموها!"
تراجعت النسوة للوراء بينما تحدثت المرأة المسنة
"لا تقلق جرعة صغيرة لن تؤذيها. لتأخذها عدة مرات حتى تستطيع السيطرة عليها، يمكنك استكمال الأمر بجرعات أكبر إن استمرت على عنادها وصراخها. فمن الواضح أنها لن تتخلى عن كبرها وعندها وقولها انا طبيبه انا لن اقبل بهذا الزواج، وساحاكمكم واحسابكم وأشياء من هذا القبيل"
لم يصدق عقله ما سمعه وخاصة ان المرأة المسنة اخبرته بصوت غير مسموع للجميع
"لا تقلق الشيخ حيدر لديه علم بذلك أخذت الأذن قبل القدوم على ذلك و وصلني الرد أن أفعل ما أراه صحيحا حتى وان وصل الامر لادمانها فليحدث. كي تضعف وتنكسر وتعيش ذليلة لا راية لها بينكم"
…..
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.
منها "رواية حياتي"
رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..