recent
جديدنا

عروس بغداد الفصل الثاني والثلاثون

 

عروس بغداد 

بقلم أمل محمد الكاشف 



لم نؤذيهم يا الله ولكنهم خربوا الروح وكسروا الخاطر ، قوتي لم تعد تكفي ما يدور حولي، لم استطع إيجاد دواء يخمد ألم قلبي يا الله …..

ازداد تخبطها وقلقها متسائلة

"هل كنت متزوج من قبل! هي…. "

قاطعها من جديد "لا يوجد هي لا بالماضي ولا بالمستقبل قصة لم تكتمل سأحكي لكِ عنها بوقت لاحق كي لا نعكر صفونا أكثر من ذلك يكفيكِ ما أنتِ به "


اغمضت عينيها بارهاق وإعياء كبير

"انا غير مهيئة للزواج الحقيقي أبدًا ، حتى لأقولها لك من الان كي لا تحلم بأي شيء في المستقبل لقد قطعت ورقة الزواج الحقيقي وأسقطتها من سجل حياتي بشكل نهائي" قالتها سلمى وهي تتألم من ثقل قدرها .

 

أومأ تيّم برأسه مجيبًا بوجهه الحزين على حالتها

" حسنًا وأنا رضيت بهذا القدر، فلنتزوج وننهي صراعك مع عائلتك وتصبحين بعدها بمأمن ومن ثم نرى ما سنفعله ، لعلك تقبلين ان تكملي حياتك معي حينئذ "


رن هاتفها نظرت للشاشة قائلة 

"دكتور طارق يتصل من المؤكد أنه علم بأمرهم".

غضب على فتحها لهاتفها كما •رفض •ان تجيب عليه سحبه منها مرة اخرى وهو يقول بوجهه  الجديد عليها بحزمه وجديته

"وافقت قبل قليل على كل شيء مقابل شرط وحيد كي اكمل الاتفاق وافعل لكِ ما تريدين"

هزت راسها باستفسار مستمعه لتكملة حديثه 

"شرطي الوحيد ان لا يعلم أحد بحقيقة الاتفاق الذي بيننا ، الجميع سيعلم اننا قررنا استكمال حياتنا معًا سنتزوج على سنة الله ورسوله هذا كل شيء لا دخل لأحد بتفاصيل الاتفاق بيننا "

راجعته بقولها

" طارق لن يقتنع بما تقول ، انت لا تعلم العلاقة التي بيني وبينه وكأنه اخي الحقيقي"

حرك تيّم رأسه بجدية

"هذا شرطي الوحيد ، لا اريد ان اظهر بمظهر ممثل امام الناس وايضا كي لا يفضح امري امام عمي وعائلتي لن انتظر حدوث أي ثغرات لا نضع عواقبها بالحسبان "

ردت بقوة فارغة 

"وماذا ان رفضت انا استكمال الاتفاق"

اخفض رأسه مجيبًا عليها بنبرة خالطت بين الجدية والحزن 

"لا يمكن لأحد ان يجبرك على شيء لا تريدينه حتى وان كنت انا ، اطمئني حينها سأقف معك لاساعدك كيفما تشائين ولن اتركك حتى تنتهين من كابوسك او تطلبين مني تركك "

صمتت أمام تغيير ملامح وجهه وحديثه الجدي بعكس ما اعتادت عليه به ، تحرك من أمامها وهو يكمل

"فكري جيدًا لدينا وقت للغد حتى تأخذين القرار المرضي لكِ ، بالاذن منك سارى اختي وأمي ومن ثم اعود إليك "

لم يصل لمنتصف المجلس حتى اتته اخته تركض ملقية نفسها بحضنه وهي تقول

 " اعطتني امي هذا الخاتم الجميل"

فتح عينيه بانبهار كبير مصاحب بابتسامة جميلة وهو يضع يده على فمه ليجيب عليه

" اااوووو ما كل هذا الجمال من اين اتت به امي".

ردت تسنيم

 "هو واحد فقط ، هل تريده لعروستك"

وهمت لتخلعه من اصبعها لتعطيه له وهي تكمل 

"ولكنك ستشتري لي واحد اخر"

امسك يدها قبل ان تخلعه مقبل راسها وهو ينظر على سلمى قائلا

 "هو جميل لانه بيدك ان خرج منها سيصبح كالباقي"

فرحت تسنيم بحضن اخيها الذي علقت عينه على عين سلمى بعقل يفكر بما ينتظره هل سترفض الزواج منه او سيتزوجها بالشكل الذي يخالف تماما أحلامه .

……..

اتصل السيد حسين الأكرم بدكتور خليل ليسأله عن ما إذا كان معه رقم هاتف اخر لابنته ام لا فقد اتصل بها اكثر من مرة دون ان تجيب عليه كما ذهب لعنوان المنزل والمستشفى دون ان يجدها بهما ، تعجب خليل قائلا 


"ساتواصل مع صديقتها المقربة لها واعود إليك انتظر مني خبر"


اغلق الاتصال وهو يخرج من غرفة أمه ليتحدث أثناء سيره لغرفة المكتب

 " اتصلت لاطمئن على دكتورة سلمى هل يمكنني التحدث معها ان كانت بجوارك "

ردت دكتورة هند عليه بضيق

 "لا ليست بجواري "

لاحظ خليل تغير نبرتها بالرد ، حدثها بلطف

 " لا اعرف ما علي قوله ولكني اريد التواصل معها لامر مهم جدا ان تفضلتي علينا وساعدتيني بذلك سأكون ممنونًا لكِ "

_"اعتذر منك لا اسطتع مساعدتك لاني خارج المستشفى"

رد خليل بضيق من حدتها معه

"ان لم اعذبك معي هل يمكنك التواصل معها كي تتصل بي "

_" لا يمكنني ، اخذت اجازة لعدة ايام لأجل وضع خاص والان مضطره ان اغلق لأجله اعتذر منك"

غضب خليل متصل بهند مرة اخرى

"دكتورة هند لا اعرف ما عليّ قوله ولكنك مجبرة على مساعدتي لأجل سلامة سلمى، عليّ ان اتواصل معها بأسرع وقت "

اختنقت بحديثه •رافضه •ان تكون اداة ضغط على صديقتها فان لم تريد الاجابة على اتصالاته فلها ما تريد 

"وما دخلي أنا تواصل أنت معها إن أردت ، لو سمحت لا تتصل بي مجددًا وخاصة بهذه الأيام"

رد خليل وهو يحاول ان يتحكم بغضبه 

" تواصلت ولم تجب على اتصالاتي "

زفرت هند •بغضبها•

"ان قررت عدم الرد عليك لن يجبرها أحد على فعل ذلك "

أغلقت هاتفها متحججة بانشغالها . 

ليغضب خليل عليها قائلا

 "سأجعلها تقطع صلتها بك فور زواجنا اصبري عليّ ، سيعلم الجميع مع من يتحدث ، زمن الضعف والصمت ولى وعاد خليل من جديد"

………….

جلست تسنيم بجانب سلمى وهي تريها الخاتم بينما دخل تيّم لغرفة أمه كي يتحدث معها ليجدها ممسكة بأساور من الذهب الخالص تنظر إليهما بحيرة ايهما سيكون لائق اكثر على عروستهم.

تحدث بوجهه الجميل 

"الاثنان اجمل من بعضهما، يكفي انهم خرجوا من قلبك الفرح"

امتلات عيون امه بالدموع وهي تحتضنه 

" فرحت لاجل فرحتك يا قلبي "

جلس بجانبها قائلا "لدي طلب منك "

_" ان طلبت عيوني ساعطيك إياهم دون تردد"


ابتسم تيّم بقلق  بدأ به حديثه 

" حين ذهبت للدكتورة وجدتها في ورطة كبيرة، عائلتها صعبة ومتشددة يريدون أن يعيدوها للعراق  واجبارها على الزواج من أحد أقاربها لتبقى بجانبه في الغربة".


ردت الأم باستنكار

"هل لا زالت هذه العقول بعالمنا ، الفتاة حرة تتزوج او لا تتزوج تبقى اما تعود ، كما لا يمكنهم إجبارها على الزواج من اي شخص لأجل الاستمرار في عملها ، هل فقدوا عقولهم أنها لا تشبه غيرها من الفتيات "


أكد تيّم على ما قالته والدته 

" لم اتوقع ما سمعته منها و وعدتها ان اساعدها، عرضت عليها المساعدة بحيث نرتبط لفترة زمنية تجعلها بعيدة عن سلطة عائلتها عليها نعتاد نحن بهذا الوقت على بعضنا البعض ومن ثم ان وجدنا انفسنا اهل للارتباط سنكمل وإن لم نتمكن من الاتفاق فليذهب كلا منا لحاله، بالاصل ذهبت صباح اليوم وانا اضع احتمال •الرفض •أمام عيناي صوتك وأنتِ تلمحين على احتمالية •رفضها•لي كونها طبيبة مرموقة وبوضع يتمناه … يعني كوني انا …. لا اعرف ما علي قوله ولكني أعلم ما تحفظتي على قوله لي فالنابغة لا تقبل إلا بنابغة مثلها أو رجل مميز يسرق الانظار بالطبقة المخملية ، رجل أعمال كبير مشهور لديه من السيرة الذاتية الرفيعة ما يميزه عن غيره، اريد ان اقول بروفيسور او عالم بمجال دراسته ولكني لا اريد ان اؤلم قلبي أكثر من ذلك "


تغاضت أمه عن نبرته الحزينة متسائلة باهتمام  

"هل تعني الخطبة أم الارتباط بعقد الزواج "

تردد تيّم بالجواب لتكمل أمه 

"  الخطبة أفضل شيء عدة شهور كلا منكم يقترب ويفهم الاخر كي تعرف قيمتك وايضا كي لا تحزنوا مستقبلا، كما يتوجب عليك اقناع عمك اشعر •برفضه •من الان ، تعلم حبه للتسلط في مسألة الزواج واختيار الطرف الاخر بنفسه علمًا أنه اختاره مجددًا"

رد تيّم بضيق

 "فعلتموها سابقًا ورأينا النتيجة ، اسمحوا لي هذه المرة كي اختار انا بنفسي "

رفعت الام يديها 

"لا دخل لي بزواجك هذه المرة ، سأوافق على من تختار دون ان أراجعك كي لا يعذبني ضميري، انا فقط اردت ان انبهك لتضع ذلك بالحسبان"


قبل تيّم يد امه برضا "بارك الله لنا فيكِ يا امي "

وقفت الام وهي تجيب ابنها

 "تركنا الفتاة وجلسنا وحدنا هنا، عيب علينا فلنخرج لنضايفها"

_"بالمناسبة ستبقى سلمى لدينا بالمنزل الليلة"

تساءلت امه باستغراب ليجيبها الإبن 

"ألم أخبرك بأمر والدها ، كانت تريد ان تبقى بفندق وانا •رفضت•، لتبقى معنا حتى يعود والدها للعراق دون ان •يؤذيها •او •يجبرها •على شيء ، هل تسمحي لنا بذلك ام اوافقها على الذهاب للفندق كما تُصر هي "


_" لا يا بني لا داعي للفنادق والمنزل موجود لتبقى بغرفة تسنيم الليلة وانا ساخذ تسنيم بجانبي ولكن أخبرني هل يبحث والدها عنها"

هز تيّم راسه باسف 

"نعم والدها وعصبة من أبناء عمومتها اجتمعوا على إعادتها ولو بالاجبار"

تحركت الام لتخرج وبجانبها ابنها 

"ما هذا الجبروت كان الله بعونها ''


ذهبت تهاني الهاشمي للمطبخ كي تعد لهم  أشهى الأطعمة المتنوعة بمساعدة سمراء وابنتها وهي شاردة بوضع ابنها وحقيقة عدم موافقة نابغة العراق والطب بابنها كزوج دائم ، كانت تقول لنفسها فعلتها مجبرة كي تتخلص من عائلتها ولكنها ستتركه فور نجاحها بذلك سيعود قلبه لينكسر قلبه مجددًا. تجمعت الدموع بعينيها حين تذكرت حالة ابنها الثائر بغضبه وهو يخلع رابطة عنقه ليلقي بها بكل ما اؤتي من قوة على فراشه المزين بالورود التي تشبه لون وجهه وعيونه الحمراء حينئذ .

استغفرت ربها وهي تتنهد بحزن  تذكرها لانكساره وذهاب فرحته بهذه الليلة التي كان من المفترض ان يكون طائر من سعادته كغيره من الشباب تحدثت داخلها 

"لن اسمح لاحد باحزانك مجددًا انت تستحق السعادة يا بني انت تستحق ان يضحك قلبك الحنون كما يضحك وجهك"

مدت مائدة ممتلئة بأصناف متعددة داعية سلمى لتجلس وتشاركهم طعامهم ، استجابت وانضمت لهم  وعقلها يفكر بألف حكاية وحكاية ،لا زالت الرسائل تنبثق أمام عيونها لتحزنها  من خليل معاتبة عليه داخلها

 "كيف تتفق معهم عليّ كيف تسمح لهم بظلمي مرة اخرى وانت اكثر من كان شاهد على •عذابي •وألمي •"


وقف الطعام بحلقها وهي تتذكر لحظة •انصدامها •بوثيقة الطلاق ، حاولت ابتلاع الطعام ولكنه أصبح كحجر كبير عجزت عن ابتلاعه.

شربت من الماء وهي تقول لنفسها 

"هل وجدت حجتك امام رشيدة كي تعيدني دون خوف منها ، يا ترى  نويت العدل بيننا ام ستعود للتسلل لغرفتي وقتما غابت انظارها عنك".

لاحظ تيم حالتها وانفصالها عنهم ساير امه واخته بأحاديثهم محاولا ان يغض أنظارهم عنها ، ومع ذلك انتبهت تهاني الهاشمي لحالتها وتعاطفت معها بشكل لم يُنتظر منها.


اهتمت بها طوال جلستهم وعيونها تراقب عيون ابنها وحديثه حتى رأت تثاوب ابنتها من نعاسها وقفت محتضنة تسنيم وهي تقول لهم

"لاذهب كي ننام " وغمزت لابنها ذاهبة نحو غرفتها.

فهم تيّم على امه قائلا لسلمى

 "تريد ان تخبرنا بعودتها بعد نوم تسنيم انه لغز بيننا "


_" اشعر بالخجل منكم لقد اضطرب نظامكم بسببي "

ابتسم بوجهها قائلا بنبرة قلبه الصادق

"فليضطرب . ان كان الاضطراب بهذا الجمال فليضطرب لاخر العمر"

خفضت عينيها هاربة من حالة وجهه 

"حالتك جعلتني اندم على موافقتي لك "


_" اتركينا من كل هذا ، غدا سيتضح الامر ويتم تحديد موعد عقد القران طلبت ان يكون بشكل سريع لنرى ما سيحدث معنا ، سنخرج بوقت مبكر كي نلتقط الصور ونستلم الملابس وننهي الاوراق اللازمة …. "

عادت الأم بعد وقت قصير لتجلس على المقعد القريب من سلمى قائلة 

"سمعت من ابني أنكِ تمرين بظرف صعب ، لا اخفي عليكِ  تعجبي مما سمعته فكيف لفتاة مثلك ذات مكانة مرموقة ان يحدث ذلك معها ، ومع ذلك دعينا نقول لعله خير "

نظر تيّم لامه كي يحذرها من تكملة حديثها ولكنها لم تستجب له مكمله بقولها 

"لدي حل جذري لمشكلتك"

قلق تيّم مما ستقوله امه ، تحرك بمكانه متحدثا بتوتر "لنناقش الفكرة بوقت لاحق ، لنتركها لتنام الان " قالها وهي يحذرها بعينيه.

استجمعت سلمى طاقتها المفرطة لتتحدث مع دكتور تيّم "لا داعي لتحذيرها يناسبني سماع ما يدور بعقلها الان لعلي اجد ضالتي بها"


حرك تيّم راسه على جانبيه وهو ما زال يحذر امه •خوفا•من ذهاب حلمه الصغير البسيط وهو ان يبقى بجانبها أطول وقت ممكن يحقق حلمه ويرضي قلبه قبل ان تبتعد وتبحر بحياتها البراقة من جديد .

 

تحدثت الام للطبيبة " ما رايك في ان نسرع الاحداث قليلًا ، ما الداعي لخطبة وتعارف وهناك من يضغط عليكم ومن المحتمل تفريقكم وفرض •الظلم •عليكِ"


_" هل لديكِ حل اخر غير الارتباط ، هل اسافر لبلد اخرى لا يعرفني بها احد ، فكرت بذلك قبل قليل انها فكره جيدة"

حزن تيّم وتغيرت ملامح وجهه لمعرفته بتأييد امه للفكرة ومحاولة مساعدتها واقناعها بها. ولكن ما حدث فاجئه بل فاجئهم حين طلبت تهاني الهاشمي ان يسرعوا بعقد قرانهم قبل ان يجدها والدها لتحميها وثيقة الزواج من تسلط والدها عليها ، وايضا كيف تفكر بالسفر والعيش كشخص بسيط لا دور له في مساعدة من يحتاج له ، فلتبقى بعملها ونجاحها وهي متزوجة من رجل يحميها ويحافظ عليها وان كان على التعارف فالايام كفيلة ان تفعل ذلك بشكل جميل.


نظرت سلمى لوجه تيّم الذي اظهر دهشته من حديث امه فلا داعي لسؤاله عن اذا كان هو وامه اتفقا عليه أم لا فيكفي ان تنظر له كي تعلم الجواب .


رد على امه "ليس لدي مشكلة ان كان ذلك سيحميها فلنفعلها باقرب وقت "

كانت أنظارهم تتحدث لبعضهم اكثر من ألسنتهم ، رفعت سلمى كتفها الايمن بالقرب من راسها المائل عليه  " لا اعرف ولكن ان كان ذلك الحل"

لم تصبر تهاني حتى تكمل عروسة ابنها حديثها مصدرة صوت زغرودة جميلة ليست بعالية •خوفا •من إيقاظ ابنتها ، وقفت سلمى بمجرد اقتراب تهاني الهاشمي منها وهي فاتحة ذراعيها كي تحتضنها لا احد منهم كان يتوقع بكاء سلمى فور احتضان تهاني واهتزازها بمشاعر فرحتها وهي تحرك يديها على ظهرها تعبيرا بفرحتها العارمة .

" لا تبكي يا بنتي اتركِ حملك على الله"


حزن تيم على بكاءها الذي طال بحضن امه وكأنها كانت تنتظره لتفضي بعبء •وظلم •السنين بداخله ،أحضر لها الماء وأعطاه لامه التي شربتها بيدها وهي تضمها باليد الأخرى مقبلة رأسها "لا تحزني اقسم لاريهم عيني الحمراء ان اقتربوا منك " نظرت لابنها مكملة "اصبحت مثلها مثل تسنيم لدي لن أسمح لاحد ان يحزنها حتى وان كنت انت "

ابتسم تيم ليمازحهم " بدأنا إذا ، فلنقرأ الفاتحة على روحي الطيبة "

خرجت سلمى من حضن الام وهي تعتذر منها لعدم تحكمها في مشاعرها ، سحبتها الام لتدخلها بحضنها من جديد "لا تعتذري على حقك أصبحتي ابنتي يمكنك القاء نفسك بحضني والبكاء والفضفضة كلما اردتي ، طبعا لا اعلم مدى استمرارية حدوثه بعد ان تنعمي بحضن ابني الحنون "


_" امي يكفي بهذا القدر كي لا تهرب منا"

ابتسمت سلمى وهي تمسح دموعها الفياضة لتتحرك الأم وهي تقول "هيا لننم جميعا قبل ان تستيقظ تسنيم علينا  ، وانت يا بني رتب أمر عقد القران لنعقد زواجكم باقرب وقت"

أخذ تيم نفس عميق واخرجه براحه كبيرة

" ما هذا وكأنها سمعت ما رتبنا له "


_" والله ما يحدث لي يحتاج لمسكن قوي اخذه وانام بعده على الفور خشية ان اتلقى المزيد من المفاجآت تلفت اعصابي بما يكفي"


ابتسم لها " على الفور ولكن قبل ان تنامي لا تنسي ان تؤدي صلواتك كي يرضى الله عنا"


علقت عينيها عليه لثواني مجيبه بعدها

"أديت فروضي بجانب تسنيم ، ادخلتني غرفتها لارى اصدقائها واؤدي صلاتي بها "

 

اخرج من جيب جاكيته شريط اقراص مسكن 

اعطاه لها "ليبقى صديقي الصدوق معك هذه الليلة" ، شكرته وتحركت من خلفه اتجاه غرفة تسنيم….

 تحدث لها قبل تركها 

"هي لا تحب تحريك اغراضها من مكانها ، اخبرتك كي تكوني حذره بذلك"


ردت عليه بصوتها المحتقن بالحزن

 "لا تقلق ساستخدم المقعد فقط حتى الصباح"


اسرع بقوله "ليس لهذه الدرجة ،لقد سمحت لك بالنوم على الفراش، اعتذر لما قولته ولكني خشيت ان تتحسس منك لذلك كوني حذرة لا اكثر"


شكرته متسائلة عن موعد خروجهم بالصباح ليجيب عليها "ننتظر اتصالا من المحامي سنخرج بعدها ، علي ان اخبر عمي بأمر عقد القران"


_" هل ستذهب بالصباح كي تحدثه"

هز راسه "ليس بهذه السهولة هو خارج البلاد سيعود في نهاية الأسبوع من ماليزيا وحتى هذا الموعد سنكون انتهينا من عقد القران "


تركها لترتاح ذاهبا لغرفته وهو يجيب على اتصال هاتفي

" تم تغير بالخطة ساتي انا غدا لاستلامه بنفسي"

جلس تيّم على فراشه صامتًا ينظر للأمام بعقل شارد، يتساءل عن كيفية فعل ما وعدها به، رفع ارجله ليستند على ظهر فراشه وهو يسترجع الحقائق التي ضربت بوجهه.


تذكر وضع عمه وضرورة زواجها منه باقرب وقت، كان يحاول ترتيب غرف عقله بصعوبة كبيرة فهناك احتمالية بمعاقبته من قبل عمه بفرض قرارات تفوق طاقته الاحتمالية او مقاطعته كما فعل مع امه قبل سنوات.


هرب النوم من عينيه ليتقلب طوال الليل وهو يفكر في كيفية مواجهة اهلها دون ان يضطر للزواج بهذه السرعة كي يكسب رضا عمه، تذكر ما روته له من •ظلم •وقوة وجبروت ليتراجع •خوفا •من خسارتها بعد ان وجدها فهي من اعادته لنفسه بعد ان ضل طريقه وسط المسؤوليات والواجبات والصراعات بين أمه وعائلته.


هربت سلمى من التفكير بالنوم رافضة أي حديث بينها وبين عقلها يعيدها عن ما ستفعله ، استيقظت الأم في صباح يوم جديد بحماس وفرحه بإعداد الفطور لعروسة ابنها.

لم تجدهم في غرفهم ابتسمت قائلة 

"حماس البدايات من المؤكد انه اراد ان يشاركها الفطور الاول بأحد المطاعم ، اسعدهم الله واكرمنا بسعادتهم"


تحركت لتقف أمام المرآة تتأمل وجهها وجسدها 

"عليّ ان أعود لممارسة الرياضة"

استلم تيّم الفستان ومن بعده ذهب ليتشري بعض الأغراض التي طلبتها سلمى لأجلها انتظرها أمام متجر الملابس وهو قلق من ان يراها احد ويتعرف عليها.

……….

تحدث دكتور سالم لبعض مدراء المستشفى "هذا ما قيل لي ، كانت مذعورة وخائفه قبل اختفائها من المستشفى "


رد دكتور حازم "انه نفس التوقيت الذي أرسلت لي رسالة بضرورة خروجها من المستشفى لامر مهم ثم عادت بعد دقائق لتأخذ اجازة دون ان تحدد موعد عودتها "


_" يا ترى ما الذي وراءها ، هل تهرب من احد ام انها بورطة كبيرة"

ابتسم وجه رئيس مجلس الإدارة

"من الواضح أنها ستكتب نهايتها دون تدخل منا"

رد سالم " ومع ذلك ان توجب مد يد المساعدة كي نسرع من هذه النهاية لن اتاخر " 

………….

اتصلت تهاني الهاشمي بابنها وهي تقول له

"تحدثت مع خالي الشيخ رضوان واخبرته بقرار زواجك "

تحرك تيّم على مقعد سيارته بقلق كبير 

"ألم اقل لك لا تخبري احدا"

_" كيف لا اخبر احد بينما عزمت انت على اخبار عمك ، لا تقلق بارك خالي لكم ودعانا كي نذهب لإمارة الشارقة كي نقيم عقد القران بمنزله الكبير وسط الاهل والاحباب ، ارسل له الاوراق وهو سيحل كل شيء "


وضع تيم يده على راسه "امي لماذا تحدثتي معه قبل ان تعودي لي "

_" هيا عد بسرعة كي نسافر إليه اليوم ، اريد ان اشتري بعض الهدايا قبل سفرنا إليهم "

اغلق الهاتف قائلا لنفسه "علقنا معها "

تحدثت سلمى"لنتراجع ، فرحتها و سفرنا إليهم انا لا أقبل عليك ذلك"


_" علي ان اتحدث مع عمي باسرع وقت ان وصل له الخبر من احد قبلي •سيسوء •الوضع •ويرفض •حتى وان كان هناك احتمالية للموافقة"


اسرع بقيادته ليعود للمنزل طالبا منها ان تصعد للاعلى وهو دقائق وسيلحق بها . استجابت له ونزلت من السيارة لتدخل بوابة المنزل استدارت قبل دخولها  لتجده يفتح هاتفه كي يبدا اتصال هاتفي.

…………..

وصل خليل لدبي وهو قلق على وضع سلمى ، غضب حسين لعدم استطاعته ايجاد ابنته ، تحدث ابو بكر لخليل "ام انك السبب في هروبها منا ، استمعت عن أمنيتها العودة لعائلتها كثيرا متعجبا من هروبها الان"


دافع خليل عن نفسه "وما دخلي انا ، وايضا لماذا انتم متأكدون من هروبها لعلها لا تعلم بوضع وصولكم "


رد أبو بكر ليثقل قلب خليل " فلنجدها اولا ومن ثم نقرر ذنبك ام لا " انهى حديثه مع خليل ناظرا لخاله حسين "من الواضح انها اعتادت على الحرية المطلقة دون والي يحكمها ، ان فتحت  هاتفها لتخبرنا أنها برحلة سياحية خارج البلاد لن اتعجب "


دافع خليل عنها وهو يروي لهم مدى تأثرها وحزنها الذي قسم قلبها لسنوات ، اشتد الجدال بين مدافع ومعاتب وملقي الاتهامات ليعلو صوت ابو بكر على خليل


" حسنا ما دمت لم تستطع إسعادها فلتتركها لنا"


رفض خليل إعادتها لأهلها لأنه اكثر من يعلم حقيقة جحودهم •وظلمهم •لها ، صدمه ابو بكر بقوله "ومن قال لك ستعود لخالي ، انا زوجها الاول وان عدنا للحق انا اولى بها من غيري، كان يجمعنا قصة حب كبيرة شهدت عليها جميع العشيرة و شاشات التلفزيون لتعود لعصمتي لتعود لها ضحكتها وسعادتها التي تركتها بها"


تأجج خليل مما يسمع وقف •بغضبه •رافضا •ما يقول وهو يذكرهم بامر الأحكام ، تحدث حسن

"سنحل الامر لا تقلق ، وافقنا هذه المرة على زواج برضا الطرفين كما اشترطنا ، كما ان ابني محق لا اعتقد ان ابنتنا ستقبل العودة لك لتتزوج من ابني لنقيم لها زفاف لم يقام لاحد من بنات عشيرتها "

ابتسم وجه حسين وهو يقول " لنجدها اولا ومن ثم نرى ماذا تريد، لن ارغمها على الزواج من احدكما ، ستختار هي مع من تريد ان تكمل حياتها " ونظر لخليل مكملا "هل مع زوجها وحبيبها الأول حالمة بعودة أحلامها وسعادتها ام مع من أُرغمت على الزواج منه "


زاد غضب خليل متوعد لهم ان اقترب أحد •بسوء •منها وتركهم ليخرج باحثا عنها وحده ، اتصل بدكتور طارق كي يستعين به في إيجادها قبل ان يجدوها اهلها.

ذعر وانتفض طارق من حضن زوجته وهو يقول "هل عمي حسين بدبي "

_" سببت نفسي الف مرة على تصديقي لهم ، كيف أمنت لهم بعد كل ما رأيته منهم على مدار تلك الأيام والسنين التي تجرعت منهم •الالم •والقهر •والخذلان"

تعجب طارق مما يقوله خليل •منصدم •بخبر عودة ابوبكر ومطالبته بزوجته .

كما ذهل من عدم معرفة خليل بعقد قران سلمى وابن عمها قبل سنوات طويلة من زواجهم. 


حاول خليل ان يبرر عدم معرفته لظروف •الحرب •والتنقل والهجرة ليأتيه جواب طارق

"كل ذلك لم يجعلها تفتح قلبها لتحكي لك عن ماضيها "

_" تحدثنا بكل شيء ولكني كنت اتحفظ بأمر عائلتها كي لا تغرق بالحزن فلربما ارادت وانا لم اسمح لها كي لا تحزن"


أخبره طارق بقرب عودته للامارات تبقى اربعة أيام سيكون بعمله بعد اتمامهم.

……….


بحث الجميع عنها دون ان يجدوها فكيف يجدوها بعد انتقالها لإمارة الشارقة بجانب عائلة تهاني الهاشمي الذين رحبوا  بها بحب كبير.

 جلس الجميع ليتناولوا الطعام الذي أعد  خصيصا لاستقبالهم ، جاء لتيّم اتصالا من عمه استأذن منها "انه عمي علي ان ارد ، لا تقلقي إن تأخرت"

طلبت منه ان تخرج معه ولكنه رفض

"سيكون عيب علينا ، من الغريب تركك تجلسين بمجالس الرجال لعل حدث ذلك لانك غريبة عن أعرافنا"

أعاد عمه الاتصال به ليخرج كي يجيبه

" ألم تعد عن الهراء الذي اخبرتني به"


_" عمي ارجوك لا تحزن مني ، انت تعلم قدرك لدي…"

رد عليه بصوته الاجش "لقد تولت سندس ابنة محمد عارف أعمال أبيها بعد الوعكة الصحية التي تعرض لها مؤخرًا ، الفتاة تميل لك جميعنا راينا ذلك ، لا تلقي بكل ذلك لاجل مشاعر غير متاكد منها"


_" بالعكس تماما انا لم اشعر بالسعادة التي اشعر بها وانا بجانبها ، عمي تفهمني قبلت قبل سنوات كلامك هذا وراينا جميعا النتيجة، انا لا اريد تكرار التجربة والاكثر من ذلك  الفتاة تميل لي  وانا اتهرب منها "


رد عمه بضيق " افعل ما تريد ولكني اقول لك ستخسر فتاة كسيف البرق الساطع "


_" كنت اعلم انك لن تكسر فرحتي برفضك"

"وكأنك اهتميت •برفضي •او حزني ، لقد ركضت وراء امك كي تزوجك وسط عائلتك ، لا زالت متاكد انها من اتى بها وملا عقلك من جهتها كي تبتعد عن اختياري "


اسرع تيّم بجوابه "اقسم لك انني اول من راها بتركيا ومن ثم هنا في مكان عملي ، ساقها القدر لي كي تكون عوض وجبر لما عانيت منه "

تاثر عمه من صوته الذي تغير قائلا بغضب حاول ان يداري على تاثره 

"كما تريد تزوج لنرى كيف ستنجح وكم شهر ستبقى معها ، لقد فقدت عقلك ذهبت لتأتي لنا بعلامة الطب لتعيش تحت امرها وسيطرتها عليك ستعيش وانت تطيع اوامرها •خوفا •من تركها لك بدلا من ان تعيش ملك مع من يراك افضل رجل بالعالم تخشى مراجعتك واحزانك"


هرب تيم من حديث عمه قائلا 

" اعدك ان اجرب النوع الثالث أن قررت عروستي ان تتركني "


غضب عمه عليه " العيب على من يتحدث معك علقت على عدم رغبتك بتكرار تجربة حفل الزفاف كي تهرب منا ، اذهب وافعل ما تريده ابنة الهاشمية واستمتع وسط خلانك حتى انتظارك لعمك لا تقوى عليه ، اخشى ان تحرمك منا بعد الزواج "


_" ولكنك ستقف أمامها مدافع عني"


 قالها مازحا مكملا بعدها 

"ما بك يا عمي وكأنك تزوج فتاة من فتياتنا الا تثق بي"


هرب عمه من سؤاله

" اترك الأيام لتجيب على سؤالك"


اغلق تيّم الهاتف وهو يتألم من ضجيج راسه عاد للمجلس الكبير مقترب من عروسته ليسألها

"اين صديقي الصدوق"


استغربت من سؤاله 

"هل تقصد المسكن؟ وضعته على الطاولة المجاورة لشاشة التلفاز"


أومأ براسه مغلق عينيه وهو يستمع لها 

" هل كان غاضبا لهذه الدرجة؟"


هز راسه بالنفي " غاضب وحزين ولكني سأكسب رضاه لا تقلقي"


ابتسم بمزاحه الحزين على قلبه

"يحذرني من الزواج بك مُصر على زواجي من الأخرى"


_" أي أخرى"


ابتسم لوجهها 

"ليهدا ضجيج راسي ومن بعدها اجيبك على ما تريدين"


صمت لثواني متسائل بعدها دون مقدمات

"هل صليت فروضك"


تعجبت من امره اومات براسها

"نعم صليت كل فروضي ألم تقف بمنتصف الطريق كي ندخل المسجد ونصلي"


_" نعم تذكرت"


تجمع اهل امه حولهم بالمجلس بعد ان قاموا برفع الطعام والتنظيف من بعده ، كما انضم الرجال أيضا ليتحدثوا مع العروسين بجلسة عائلية هادئة تناولت الحديث عن الطقس والاحوال الاقتصادية وما شابه ….


انتهت الليلة بنوم الجميع ليبدأ بعدها اليوم المنتظر،  أعطاها  الفستان في الصباح قائلا 

"عليك ان ترتديه"


وافقت دون مراجعته طالبه منه ان يعطيها هاتفها لإجراء اتصالات مهمة.


رفض من جديد 

"تبقى القليل انتظرتي كل تلك الساعات فلا تفسدي ما خططنا له الان"


حركت فمها دون رضا 

"اخر مرة تأخذه مني بهذه الطريقة"

 وتحركت لتدخل الغرفة مغلقه الباب خلفها.


وقف لثواني متعجب من ردة فعلها الحادة والقوية بينما كانت هي أيضا تقف خلف الباب تتعجب من رفعها يدها بوجهه موجهه له الحديث بهذه القوة.


وضعت الحقيبة على الفراش كي تخرج منها الفستان لتراه بعيونها الحزينة، بدلت ملابسها مرتديه الفستان الناعم الهادئ بتفاصيله المرسومة بخيوط لامعة ترسم جمالها من الصدر حتى الخصر  متحررًا بانسدال وبراح حتى نهاية طولها، وجدت بالحقيبة قطعة من الحرير على هيئة عبائه بحجم الفستان غير مكتملة الأكمام ، ارتدتها فوق الفستان مغلقة الاكسسوار الفضي الامامي بإعجاب ورضا كبير فهي من اعتادت على ستر نفسها بالعباءة السوداء منذ مهدها فكيف ترتدي فستان يرسم تفاصيل جسدها دون ستر عن أعين من يراها . ارتدت بعدها الحذاء ذو الكعب العالي واقفه أمام  المرآة كي تضع حجابها على راسها .


اغمضت عينيها لتتساقط دموعها على حجابها الحريري اللامع محدثه أمها بلهيب نار صدرها المشتعل 

"لماذا تركتيني لهم يا أمي، يا ليتك تراجعتي وهُزمتي وعدتي مع جدتي  بأول الحياة، يا ليتك ما اجتهدتي في إخراجي بعدل رقاب شباب العشيرة، يا ليتك ما بذلتي وما بكيتي وما حزنتي على من لا يستحقوا الجهاد والحزن لأجلهم"


مسحت دموعها وهي تتلهف بأنفاسها لتستطيع إخراجها بعد ان كتمت هبوبها الساخن، وضعت يدها على صدرها جالسه على الفراش 

" ماذا يحدث لي، لماذا أنا بكل مرة ".


رفعت نظرها للأعلى قائلة

 "ان لم يكن بك علي غضب فلا ابالي ".


استغفرت ربها وقاومت انهيارها بترديد لا حول ولا قوه الا بالله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر كما نصحتها الطبيبة النفسية تماما ، مسحت وجهها من جديد لتخرج من الغرفة حاملة حزنها بقلبها. لتجده امامها يبتسم بوجهه الجميل وهو يغلق البشت على طقمه قائلا 

" ما رأيك طقمي ام فستانك"


اقتربت تسنيم من الخلف 

"لا هذا ولا ذاك فستاني الاجمل على الاطلاق"


ضحك تيّم وهو يستدير

 "واااااوووو انه الاجمل حقًا"


ردت تسنيم بصوت متزن

 "انت الاجمل يا اخي، وعروستك أيضا جميلة، كن سعيد هكذا دائما"


ضمها لحضنه مقبل راسها وهو ينظر لصمت عروسته ، تحدث مع اخته بعد خروجها من حضنه  

"هل انتهت امي من ارتدائها"


 ردت تسنيم 

"لا اعرف سأذهب لأراها"


أسرعت نحو غرفة أمها لينظر هو لعروسته بأعجاب كبير أخفض عينيه بعدها قائلا بتحفظ كبير 

"وكأنه صمم لأجلك"


حدثته بعيونها وصوتها المهزوز 

"أشعر بضيق في صدري يضغط على انفاسي وكأنني سأسقط بعد قليل".


تأثر بحزنها وحالة عيونها

 "لا تفكري في شيء اتركي نفسك للحدث وانسي ملابساته ، لنشعر للحظات انه حقيقي ، افرحي بفستانك ونجاحك في التخلص منهم للابد ، ستبقي بجانبي وتحت حمايتي من بعد الان ، لن اضغط عليك بشيء يحزنك ، ستكونين حرة قوية كما كنتي دائمًا"


تحدثت بصوتها المختلط بالدموع 

" اُنهك قلبي لدرجة لا احد يتخيلها، اشعر وكأنه اصبح خرقة ممزقة منتهيه ضررها اكثر من نفعها "


_" ستصبحين بخير لا تقلقي ثقي بي"


ردت بنفس نبرة صوتها التي كانت تنخز بقلبه

"تيّم من فضلك لا اريد منك سوى العيش بهدوء الفترة القادمة، اريد ان اتنفس بهدوء . اخرج نفس واتمكن من أخذ غيره هذا كل شيء"


مازحها بقول

 "ماذا ان قدمت لكِ عرض ثلاثة في واحد"


استغربت مزاحه في هذه اللحظة ليكمل 

"تأخذين نفسين وتخرجين الثالث هدية"


_" غير مضحك لعلمك"


علا صوت ضحكته 

"اعلم اعلم ومع ذلك ضحكت"


ابتسمت بقولها وهي تدير وجهها "مجنون".


تحرك وهو يشير لها كي تتقدم أمامه كي يخرجا من المنزل 

"لن اسمح لكِ بأن تحزني عروستي من بعد الان"


رفعت نظرها عليه لتجده يفتح باب سيارته قائلا

"ستضحكين وتفرحين رغم انف الجميع وأولهم أنتِ، ستعودين لتكتبين بتميزك سطورًا جديدة  مضيئة بالأمل والتفاؤل والمحبة والسلام"



صعدت سيارته دون الرد عليه ليغلق الباب متوجها للجهة الأخرى كي يترأس مقعد القيادة .


سألته باستغراب

 " أين البقية تسنيم والسيدة تهاني"


_" سيلحقون بنا ، علينا ان نصل على الموعد المحدد خالي والرجال ينتظرونا هناك ،لنتم عقد القران ومن ثم نذهب إليهم"


توقف امام بائع ورود ليشتري لها باقة جميلة عاد بجانبها وهو يمد يده كي يعطيها لها بوجهه الفرح 

"اخترتها بلون فستانك"


رفضت أخذها منه قائلة بوجه طفل حزن 

 "من فضلك لا تتصرف وكأنه حقيقي".


وضع الباقة على أرجلها قائلا لها  

"علينا ان نظهر كل شيء بشكل مكتمل لأجل التصوير، وأيضا هو كذلك بالنسبة لي". 


جاءه اتصال قطع حديثها الذي لم تبدئه، فتح هاتفه على وضع المكبر ليجيب  عليه وهو يقود السيارة  مستمع 

"أين أنتم تأخرتم علينا"


_" نحن بالطريق دقائق ونكون بجانبكم"


راقبت سلمى حالته المبتهجة وهو يغلق الهاتف 

" سنصل على الموعد ان شاء الله ، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، هيا رددي ورائي الأذكار نسيت ان اقولها بعد الفجر لنقولها سويًا كي لا احسد وأنا مرتدي طقمي الجميل".


نظر نحوها ليجدها صامته دون أي تعابير وضع الناقل التسلسلي أو ما يعرف باسم 'Usb' في جهاز السيارة ليبدأ الشيخ بترديد أذكار الصباح بصوت هادئ يريح الصدر، نظرت نحو ترديده للذكر بصوته العذب وكأنها تتعرف على شخصيته لأول مرة، وفي غضون ساعة على الأكثر وجدت سلمى نفسها على ذمة رجل جديد لا تعلم عنه الكثير من المعلومات، ترتاح وتستأمن نفسها بجانبه، كانت كلما نظرت له بادرها بالابتسامة والاهتمام حتى بأصعب لحظاته، ادارت راسها لتنظر له اثناء قيادته للسيارة متعجبة من فرحته وسعادته الكبيرة متذكره أحاديث صديقتها هند عنه 

"هذا الشاب غير طبيعي ما كل هذا الاهتمام واللطافة معك، اقسم انه وقع بشباك هواكِ دون ان يسمي أحد عليه"


شردت أكثر ناظره للطريق وهي تتذكر يوم زواجها من خليل كم كانت خائفة وتائهة ترى كل ما امامها باللون الأسود الكاحل.


  اقترب وصولهم لمكان مزين بالورود البيضاء والزهرية.


نظرت له باستغراب قائلة "لماذا توقفت؟ "


ابتسم لها 

"  ألم تعجبك حالتها" ونظر نحو الزينة الجميلة


 تحركت بوجهتها نحوه لتحدثه بنبرة رجاء 

" لا أريدك ان تتأمل كي لا تُكسر ، ملابسنا وفرحتك وهذا المكان … كان يكفينا الصور التي التقطها لنا مع الاهل اثناء عقد القران"


تحرك بجلسته مثلما فعلت ليصبح وجهًا لوجه امامها 

" اتركي نفسك وافرحي باللحظة الحالية ولا تفكري بما سيحدث في الساعة القادمة ، استمتعي وكأنك في سهرة جميلة دون حسابات او قيود ، وبالنسبة لي لا تحملي همي انا سعيد بهذه الحالة لقد حققت حلمي وما كنت اتمناه حتى وان كان بهذا القدر فانا راضي ، حتى وان رفضتيني بالمستقبل واردتي ان تعودي لحياتك وحدك ستبقى هذه الأيام ذكرى محفورة بقلبي لذلك اريد ان اعيشها وكأنها حقيقية تمامًا، هل تسمحين لي بذلك"


_" اخشى عليك من أقداري أنت لا تعرف.."


قاطعها  رافضا ان تكمل محدثها بمزاحه اللطيف 

"انا راضي بكل ما يأتي منك إلا الصراخ والصوت العالي " 


ابتسمت أمام وجهه المنشرح 

"ألهذه الدرجة ..اتعجب سائلة نفسي متى رفعت صوتي أمامك"


ضحك بقوله 

" سمعت عنه ورأيت شدته بخوف الممرضين والأطباء منك"


تأمل بابتسامتها الباهتة قائلا 

"كوني على راحتك مضيتي قبل قليل على قبولك مساعدتي لكِ كصديق وفي ، ومضيت انا على قبولي لتحقيق حلمي ولو لمدة قصيرة"


صمتا سويًا ليسود الصمت ثواني قليلة و هما يبحران بعيون بعضهم البعض، سألها تيم بهذه اللحظة الهادئة 

"هل تقبلين صداقتي"


ابتسمت بجوابها 

" ليس لي خيار اخر"


علت ضحكته وهو ينظر لعينيها بعمق قائلا بفرحته بعدها

 "كنت اريد ان اسالك سؤال ترددت كثيرًا به ولكن الان أصبح من حقي معرفة ذلك"


_" تفضل اسمعك" 

قالتها باستغرابها من حالته مستمعه لسؤاله وهو يبحر بعينيها

"اريد ان اعرف لونهم الحقيقي هل ازرق ام اخضر"


ثبتت عيونها عليه وهي تستمع لصوت أمها

" ها هي أصبحت زرقاء مجددًا"


_" امي كيف زرقاء لون عيناي أخضر ناصع لا احد يراها زرقاء إلا أنتِ"


حضنتها أمها حينذاك وهي تقبل راسها بحب وحنان

"لأني اراها بقلبي الذي لا يوجد سواك به، انا متأكدة انها تميل للأزرق بأوان مختلفة لربما انعكاس الألوان المحيطة بك عليها او انها تختلف مع اختلاف تعابير وجهك الجميل، لا تخبري احد بما قلته لكِ اخشى ان يحسدونك ان تعمقوا بالنظر في عيونك اللامعة الجميلة حفظك الله من شر حاسد اذا حسد"


_" لا تخافي لم يلاحظ احد ما لاحظتيه انتِ فلا يوجد بهذا الكون من يحبني بقدرك"


........


انتهى الفصل بهذا القدر انتظرونا  بفصل ناري 🔥🔥🔥🔥🔥

التفاعل التفاعل التفاعل


لا تحرموني من حبكم ودعمكم

بحبكم كلكم في الله

رابط مجمع الفصول

google-playkhamsatmostaqltradent