رواية عروس بغداد
بقلم :أمل محمد
خرج خليل في منتصف النهار لينهي بعض الأعمال المتعلقة بالمركز الخاص به ، أتصل برجال عشيرته يطلب لقائهم على وجه السرعة.
تم الاتفاق على الاجتماع بمقر العشيرة بعد ساعتين من الوقت الحالي وكان هذا كافيا لإنهاء خليل أعماله في المعمل الخاص به.
دخلت وداد على سلمى لتطمئن عليها لتجدها نائمة على وضعها الثابت، و بفضول كبير تقدمت رشيدة لتدخل الغرفة لترى الوضع بالداخل.
نظرت وداد نحوها قائلة بصوت منخفض
"لا زالت نائمة لولا تنفسها لظننت أنها فارقت الحياة"
اقتربت رشيدة عدة خطوات من الفراش متأملة العروس الجديدة وهي لا ترى بوجهها سوى البياض والجمال فهذا ما فعلته الغيرة بقلبها حين اعمت عينيها عن رؤية كسرها والشفقة عليها.
تحدثت رشيدة *بغضب *اعتلاه الغيرة
" حضري لي شاي النعناع الأخضر سأشربه اليوم في الشرفة الكبيرة"
أرادت وداد ان تصب الماء البارد على *النار *المشتعلة بقلب سيدتها قائلة
"أمرك يا سيدتي ولكني سأطمئن عليها مرة أخيره كما علمني السيد الخليل"
و تحركت مقتربة من سلمى انحنت عليها لتضع يدها على قلبها واذنها بالقرب من انفاسها لثوانِ عادت بعدها لتخرج من الغرفة وهي تقول
"الحمدلله هي بخير"
تحركت رشيدة خلفها
متسائلة بعيون تشع منها *نار *الغيرة
"هل يفعل ذلك كلما أراد الاطمئنان عليها"
أومأت وداد براسها ممثلة حزنها
"نعم ليطمئن قلبه عليها. حتى أنه يمسك يدها لحساب النبض ولكني لم اتمكن في النجاح بها"
تأججت رشيدة بمجرد تخيلها وضع زوجها يده على قلب عروسته واقترب منها لهذا الحد.
تحدثت وداد بلؤم وخبث
"يا حسرة عليها فتاة بمقتبل عمرها جميلة متعلمة تعليم عالي لا يمنعها عن سفرها وتحقيق أحلامها سوى هذا *الظلم *الكبير. أقول لنفسي ماذا ان كان لديها خال او خالة"
قاطعتها رشيدة بضيق
"اذهبي وحضري القهوة دون أن تكثري الكلام وكأن خالها سينقذها من مصيرها"
ردت وداد وهي تراقب وجه رشيدة قائلة
"على الاقل كانت هربت إليهم مبتعدة عن هذا *الظلم"
شعرت رشيدة بغرابة في حديثها لذلك سألتها لاين ستذهب وهل لديها أقرباء خارج العراق أم لا.
لترد وداد بانتصار مخفي وراء ملامح الحزن
"ألم تعلمي بأن والدتها سورية الأصل، يظهر ذلك بملامح وجهها وعيونها الملونة وشعرها الاشقر وبياضها الناصع فهي شبيهة امها كما يقولون ولكن الحق يقال أمها اجمل منها. فلقد سحرت وعمت عين زوجها فلم يعد يرى سواها طوال حياتها"
صمتت رشيدة شاردة بأمر أصلها العائد لسوريا. لتكمل وداد مدحها بجمال العروس وتمييزها كي تضغط على روح رشيدة التي وكأنها لم تسمعها .
بهذا الوقت كان خليل يتحدث بقوة في مجلس العشيرة مؤكد على إلزامية تأخير الزواج ليومين على الأقل كي تستعيد الفتاة قواها وتستطيع الجلوس امام الشيخ كي يصح الزواج أمام الله عز وجل.
وبين موافق ومعارض استطاع خليل تأجيل عقد القران ليوم الغد فقط.
خرج وهو غاضب على حدتهم و تشبثهم على رأيهم دون أي اعتبار للرحمة والإنسانية.
عاد للمنزل *يصرخ *ويغضب *على كل من يقابله، صمتت رشيدة امام حالته *خوفًا *من *خسارة *الود بينهم.
انتظرت قدومه للغرفة كي تنام بحضنه كقطة وديعة هادئه تهون على زوجها ما هو به فقط. من يرى وجهها يعلم انها وجدت ما تتخلص به من كابوس العروس الجديدة.
اذن الفجر دون أن يستيقظ خليل على موعده تأخر قليلًا لينهض بعدها وهو يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وتوضأ ليصلي فرضه وإن أشرقت الشمس.
ذهب بعدها لغرفة امه مقبل رأسها ويدها دون ان تستيقظ على وجوده كعادتها .
تركها وخرج ليذهب لغرفة سلمى ليطمئن عليها، طرق الباب ودخل دون انتظار للرد متوقع أن يراها غارقة في نومها العميق.
ولكنه وجدها جالسه على الفراش تنظر نحوه بصمت، ابتسم لها "صباح الخير"
اومأت براسها مجيبه بدون صوت.
جلس على المقعد المجاور للفراش قائلا
"من الجيد استيقاظك كنت اريد ان اخبرك بأمر مهم "
خرج صوتها المتأثر بحالتها
"هل استطعت اقناعهم بتركي"
اخفض رأسه بحزن
"كيف تفكرين بهذا! بالكاد أجلت عقد القران لليوم "
أكمل خليل وهو ينظر لعينيها
"لنتزوج اولا وننهي هذه المهزلة ومن بعدها أعدك سنجلس ونتحدث بكل شيء، كما يمكنك التطلع نحو مستقبلك المبهر وأنتِ معي"
دب الأمل بعينيها ليبتسم لها
"لم نصبح زوجان فقط بل سنصبح زملاء مهنة واحدة انا اعلم قدر ما بذلتي من جهد كبير لتصبحين طبيبة جراحة"
لمس تجاوبها به وان كانت لا زالت صامته وهذا ما جعله يكمل حديثه عن تعليمها دون انتقال لغيره متأملا بسماع صوتها.
سألها بمزاح "أم أنكِ لا ترغبين في ممارسة ما تعلمتيه "
ردت بحزن "وهل ستسمح لي بذلك "
أجابها بثقة وقوة
"هل اسمح فقط! أنا أعدك بذلك وليس اسمح وحسب. سأعمل جاهدًا حتى تؤتي بذرة تميزك ثمارها وحينها سأكون سعيد وفرح بانتصاراتك ونجاحك واخبارك التي ستجول البلاد "
ابتسم وجهها بحزنها حتى دمعت عينيها وهي تحدثه بنبرة كسرها وضعفها
"كنت أحلم بالسفر والعمل بالمشفى الخاصة بأمير دبي"
هز رأسه وهو يجيب عليها
"هل حلق الطائر محطم الحواجز والأبواب المغلقة "
تنهد بحزن أكمل به
"وعدتك بالسعي في تحقيق أحلامك وإن كلف ذلك الوقوف بوجه العشيرة بعد زواجنا طبعا. ولكن مسألة سفرك لن استطيع اعطائك اي امل بها لنتركها للقدر فلا يعلم أحد منا ما ينتظره بالغد، أليس كذلك يا قرة عين أمها"
بكت بسؤالها
"من أين علمت بذلك"
طمئنها خليل
"كان رجال عائلتك يرددونها وهم يحاولون إعادة الشيخ حيدر عن اختيارك، للأمانة كانوا يرددون قرة عين العراق أما قرة عين أمها سمعتها بحديث جانبي بين رجلان من عشيرتك"
بكت بنار الأيام الخوالي ليتحدث هو من جديد "إذا كان البكاء سيريحك فلتبكي، ولكنه لم يجلب لكِ سوى الضعف والمرض. عليكِ أن تستجمعي قواكِ لأجل عقد القران. سلمى رجاءً لا تصعبي الأمر لنتزوج الليلة لنرى ما سنفعله بعدها دون ضغط او تحكم من أحد"
مسحت دموعها ليبتسم هو
"نعم هذا هو. لقد نجحتي بأول اختبار. كنت أراهن على ذكائك وفطنتك وها أنتِ تثبتين لي صحة ذلك. لا تخافي نحن على قدر من الارتقاء العلمي الذي يجعلنا نطمئن بجوار بعضنا"
وقف بمكانه
"والان استأذن منكِ كي اذهب لأرى زوجتي رشيدة علينا ان نرضيها هي أيضا كي لا يعاقبنا الله على ظلمها. لا تقلقي من جهتها من الطبيعي أنها ستتأثر وتتغير طباعها قليلا ولكنها ليست *سيئة *يمكننا التعامل معها"
اغمض عينيه وهو يهز رأسه
"أليس كذلك يا دكتورة"
اومأت رأسها بقلق ليسعد هو من النتيجة التي وصل لها فها هي تتجاوب معه وتَقبل باحاديثه دون عناد أو رفض.
فتح الباب ليجد زوجته تنتظره بمنتصف الطرقة الكبيرة، استدار لينظر لسلمى على الفراش ثم عاد لينظر نحو زوجته التي تقف في زاوية بعيدة عن أنظار العروس مغلق الباب بعده.
تقدم بخطواته البطيئة الحذرة قائلا بصوت محب
"صباح الخير يا حبيبتي"
قبل وجنتها مكملا
"كنت قادم إليكِ. تعالي معي اريد ان نتحدث مع بعضنا"
تحركت دون رد لتدخل غرفتها *والنيران *تتأجج بصدرها، وبمجرد إغلاقه للباب وجدها تبكي دون صوت أو انهيار
أقترب ليدخلها بحضنه وهو يحنو على ظهرها "أعلم أنها صعبة على قلبك. ولكننا سنتحمل هذا العبء لأجل إرضاء الله. تعلمين قدرك ومحبتي لكِ "
قاطعته بحرقة قلبها
"لا تجبرني على ما لا أستطيع عليه صبرا. افعل ما تريد سأكون معك به إلا زواجك منها"
وضعت يدها على قلبها
"أشعر وكأنه سيتوقف بعد قليل"
صدمت يدها على صدرها عدة مرات متحدثة ببكائها
"أشعر *بنار *مشتعلة هنا، احترق *دون أن يحق لي المعارضة، استيقظ كل يوم لأجدك بجانبها، ان غبت عن عيني بمنتصف اليوم أجدك بجوارها وكأن الدنيا أصبحت تدور حول ارضائها، أما أنا فلا أحد يسأل عني الجميع يواسيني ويحضني على الصبر والتحمل *والاحتراق*بصمت"
ضمها بحضنه أكثر مقبل رأسها وهو يحنو على ظهرها
"أنا بجانبك لن اتركك *تحترقين *دون أن أهون عليكِ، سأكون بجانبك دوما لن اسمح لاحد ان *يحزنك *او *يكسرك *ثقي بي ثقي بخليل روحك"
أخرجها من حضنه وهو يسألها
"ألستُ خليل روحك كما تقولين!"
بكت أكثر ليضمها من جديد ليهون عليها مؤكدًا لها انه فعلها لوجه الله وأنهم سيجنون ثمار هذا الخير الكبير بحياتهم.
خرجت من حضنه لتسأله عن ما شغل عقلها طوال الليل
" هل تنطبق احكام العشيرة على من يحملون هوية أخرى"
سألها بعينيه عن معنى سؤالها لتعيد صياغة سؤالها
"ان انجبت طفلة وحدث ما حدث بين عشيرتكم وعشيرة أخرى هل تنطبق الأعراف عليها طبعا سؤالي هنا كونها تحمل هويتين عراقية ومغربية"
رد خليل بحزن
"من الأفضل طبعا أن تكون جذورها من أصول عراقية فقط. حدث من قبل حادثة مشابهة لهذه نجت فتاة واقحمت أخرى كونها عراقية اصيلة"
ردت رشيدة
"حين أتى أهل الأم ورفضوا أن يعطوا حفيدتهم بهذا الشكل حتى تم طلاق الأم من زوجها واستعادتها هي وابنتها وعادوا بهم لمصر"
اوما خليل رأسه
"نعم كانت حادثة نادرة وايضا هذا ما يحدث حين يكون شيخ العشيرة متجاوب لين هين بقلبه ذرة رحمة عكس خاصتنا"
صدمته رشيدة
"وجدنا الحل إذا. لنخبر أهل أمها عن حالتها ليأتوا ويأخذونها. من المؤكد أنهم سيقيمون القيامة لأجل انقاذها وهنا ستكون الفتاة قد حُررت من هذا *الظلم"
تغيرت ملامح خليل متسائل باهتمام كبير
"ماذا تقولين؟ أنا لم أفهم عليك"
أجابت بتعابير الفرح التي هبت على وجهها
"والدة الدكتورة سورية الأصل هي ذات هويتين يمكنك الضغط على هذه الثغرة لنحررها من هذا الظلم"
حك خليل فروة شعره ذو المنبت القصير متسائلا
"هل متأكدة مما تقولينه"
أجابت رشيدة بثقة "ألم ترى ملامح وجهها المختلف عن ملامحكم، الفتاة تشبه السوريين ببياض وجوههم وجمال عيونهم "
حرك رأسه بالنفي
"كيف غفل أهلها عن هذه الثغرة"
ابتسم وجه رشيدة أكثر
"أراد الله ان ينجيها من هذا القدر. لتذهب من حيث أتت كي تكمل أحلامها وحياتها بعيدا عنا"
تحدث خليل قائلا
"ان تحررت سلمى سيقع الخيار على افنان ابنة الشيخ نعمان كبير أل فارس"
اتسعت عين رشيدة
"فليقع على من يقع لا تفقدني عقلي، أردت أن تنقذ الفتاة ومستقبلها وها انت تفعلها بشكل يرضي ربك عنها، ولكني لن اسمح لك بالتدخل مع غيرها"
تحدث خليل قائلا بغضب
"لا تفكري بنفسك وحسب. الفتاة لم تكمل عامها الثاني عشر بعد. أقسم أنني سأتبرأ منهم ان حدث ذلك. وقف حيدر وعدي ليختاروا من يضعون باختيارهم الخنجر المسموم في ظهر عشيرتهم"
ردت رشيدة
"كنت أظن أن الحكم سقط على الدكتورة فقط"
اجابها خليل بحزن
"كان هذا بأول مرة وسط الجمع الكبير، ولكن عندما عادت العشيرة لتقدم تنازلات وعدة اراضي مقابل ان يرفعوا هذا الحكم عن الدكتورة وقف الشيخ عدي ليختار من هي أشد نسبا واصلا ليكسروا انوف واعين العشيرة بها. فمن العار ان يعطون ذات الثانية عشر لزوج تعدى الخمسين من عمره. *الموت *والحرب *أكرم لهم من ذلك، صمت الوسطاء وعاد رجال عائلة الأكرم مكسورين الخاطر"
ردت رشيدة مدافعة عن حياتها
"لنخبر اهل والدتها بأمرها ونترك عاقبة الأمور لحينها. وايضا ما يدريك لعلهم يعقدوا اجتماع اخر يصلون به لحل وسط يرضي جميع الأطراف "
اجابها خليل بضيق كبير
"في كل الأحوال سيقع *الظلم *على أحدهم. سلمى او افنان او غيرهم فهناك من سيظلم. لا اريد ان نعود لنقطة الصفر وأن يستغل أحدهم ذلك *لإشعال *الفتنة وازهاق المزيد من الأرواح"
رفضت رشيدة
"أنا لا اقبل بزواجك منها دعنا نتخلص ونخلص الدكتورة من هذا *الظلم *وبعدها لنرى ما سنفعل وكيف سننقذ غيرها. فمن الممكن ان يرتضي الشيوخ باخذ الأراضي عوضا عن العرض"
زفر خليل بغضب
"أنتِ لا تعرفينهم لذلك تتحدثين وتحلمين. اقول لك انهم بدون رحمة ماتت قلوبهم منذ زمن بعيد"
تحرك ليبدل ملابسه، سألته بسرعة
"إلى أين أنت ذاهب"
فكر قليلا ليرد بعدها
"سافعل ما تريدين كي لا تعودي وتتهميني بالتهاون سأذهب للتحدث مع عقلاء العشيرة لأخر مرة لعلنا نجد حل يرضي الجميع دون ظلم"
قالها مكمل ارتداء ملابسه وهو أكثر من يعلم باستحالة تغيير حكمهم ورفع الظلم عن الفتيات فكان هذا العرف بالتحديد لا يسن إلا بالفتن الكبرى كي يستعيدوا به كرمتهم ورايتهم بين العشائر. فلا حكم او عرف يكسر العشيرة *المذنبة *أكثر من أخذ عرضهم بهذا الشكل المهين "
خرج من منزله دون أن يفطر صعد سيارته وتحرك بها عدة أمتار متوقف بعدها في شارع جانبي مستجير بمظلة منزل قديم مهجور ادخل سيارته بين اسواره القصيرة الهشة دون أن يعلم أين سيذهب.
ارجع ظهره مسند رأسه على وسادة المقعد مغمض عينيه وهو يدعو الله ان يرزقه سبل الرشاد.
بهذه الاثناء دخلت وداد الغرفة على سلمى قائلة "الفطور يا دكتورة، اعتذر للتأخير اليوم ذهبت سناء لرؤية أمها في المستشفى لأنها خرجت من عملية الفتاق قبل عدة أيام والمسكينة مع تضارب الأحداث وتسارعها لم تستطع الذهاب، استأذنت من خليل بيه وهو سمح لها"
وضعت صينية الفطور بجانب سلمى على الفراش قائلة
"اتركك لاذهب كي احضر قهوة رشيدة هانم واعود اليكِ مجددا"
اسرعت وداد بالخروج وإغلاق الباب حين سمعت صوت نداء رشيدة التي تأججت *بغضبها *حتى أصبحت لا تتحمل ان يفتح باب غرفة سلمى أمام أي احد من أفراد منزلها وإن كانت الخادمة.
أثار الفضول انتباه سلمى أن تتعرف على وجه صاحبة الصوت الغاضب.
تحركت من على فراشها متوجهه لباب الغرفة كي تفتحه، تذكرت حديث خليل عن ضيق زوجته و وعده لها ان يتدارك الوضع دون تصاعد *الغضب *أو الحزن *من الجهتين.
تراجعت *خوفا *من *الاصطدام *بها عادت لتجلس على المقعد المجاور للفراش متذكره *خوفه *عليها وحمله لها على كتفه وهو ينقذها من النساء المسترجلة في
المنزل المهجور.
من الغريب نوم خليل في سيارته بهذه الحالة قرابة ثلاث ساعات. فمن الواضح أن عقله الذي لم يكف عن التفكير جعله دون نوم اغلب ليلته.
استقام بجلسته على مقعد السيارة ناظرا لزوايا السيارة من كل جانب عبر المرآة الخلفية والجانبية متأكد من خلو المكان.
جاءه اتصال أجاب على الفور ليجدهم يستدعونه بالمعمل الخاص به لأجل أوراق وفحوصات مهمة.
قاد سيارته وعقله لا زال يفكر هل يذهب وينقذ سلمى من الزواج به لتكمل أحلامها. ام يشفق على افنان من المصير المنتظر . كان يحدث نفسه بقول
"لن يعودوا عن قرارهم لأجل أصول والدتها"
ثم يعود مراجعًا نفسه
"وما يدريك لعلهم يعودون عن قرارهم ويختارون من هي أكثر أصالة وعراقة بالبلد"
انتهى الطريق بهذا التخبط حتى وصل لشارع جانبي صف سيارته به وهو يصدم يده على المقود قائلا
"كيف سأتحمل أن أرى *ظلم *ذات الاثنى عشر عامًا واقف صامتًا . ام سأترك هذه وأتي بالاخرى بأي زمن نحن يا الله بأي اختبار وقعت انا"
تحرك لينزل *بغضبه *متجه نحو المعمل ليدخل بوجهه المقتضب. تفاجئ العاملين بصوته العالي وعصبيته الغير معهودة عليه. أنهى الأوراق والتوقيع على نتائج الفحوصات كاتبا التقارير اللازمة تعقيبا عليهم ومن ثم ترك المكان وخرج حاملا همه على كتفيه من يراه يعلم جيدا *الحرب *الداخلية التي يعيشها.
وعند خروجه وجد رجل يقف أمامه يعيق سيره، تعجب من حالته توقع أن يكون ممن يقطعون الطريق ليسلبون الأموال، ولكن مظهر ملابسه وهيئته لا تقول انه منهم.
تحرك للوراء ليغير وجهته وقد جاء لعقله خطب يوسوس له بأن هناك من أرسل الرجل لينهي حياته قبل إتمام الزواج كي يتم تعطيل الصلح بين العشيرتين.
ظل يفكر في أكثر من احتمال جميعهم بلون ومرارة وضع *الحرب *وإثارة الفتن *والعداوة *بين أهل البلد الواحد
تحدث دكتور طارق نصار بصوت قوي أراد به إيقاف خليل عن سيره
"لن اسمح لك باتمام الزواج من طبيبة أل الفارسي"
استدار خليل متخليا عن *خوفه *وهو يجيبه *بغضبه*الكبير
"من أنت؟ ومن ارسلك لي؟"
تحدث طارق نصار بصلابة
"انا من سيأخذ روحك ان تزوجتها"
بدأ القلق *والخوف *يدب بقلب خليل مجددًا، فهو يعلم جيدا ان لا دية ولا فدية ولا محاسبة لقاتل بين الفوضى *والحرب *فإن عزم على *قتله*فسيفعلها دون أن يرف له رمش.
اقترب طارق نصار منه أكثر مكملًا
"من انتم لتكتبوا نهاية فتاة بهذه *الوحشية. *إن حكمتم فاعدلوا. هناك مئات الفتيات في العشيرة ألم تجدوا إلا هي"
تحدث خليل بقوة معاكسة لما في داخله
"هذا ما حدث نحن ننفذ الحكم فقط كي ينصلح الحال ويتوقف نزيف *الدم. *أنه الخيار الأصوب للجميع"
وبضيق رد طارق
"لا يمكنك اخذ حلمي وتحطيمه بهذه السهولة وانت تقول بوجهي أنه الأصوب. ان كان اختيارها ما كنت ساراجعها عنه. ولكن أن تتزوج بهذه الطريقة *الوحشية*وايضا من متزوج فأنا لن أقبل انه ظلم كبير لفتاة لديها باع كبير في التفوق الدراسي على مستوى الجمهورية"
سأله خليل بوجه يتفحص ملامحه الغاضبة
"من أنت؟ هل من عشيرة آل فارس؟ وان كنت كذلك لماذا صمت حين تم الموافقة وتسليم الفتاة لعشيرتنا. وايضا كيف تتجرأ على معارضة الاتفاق المبرم من قبل العشيرتين. ألم تعلم عاقبة ما تفعله ان اخبرت كبار عشيرتنا بوقوفك امامي"
تحدث طارق دون اهتمام
"انا لا دخل لي بعشيرتكم والاتفاق الذي أجري بينكما. اخرجوني من عباءة الأعراف التي لم تجلب لنا سوى المشاكل والتراجع. إن كنت علمت بالأمر قبل تسليم عشيرتها لها لكنت *اختطفتها *وهربت *بها لمكان بعيد لنعيش انا وهي فقط دون ان اسمح لاحد ان *يحزنها*ويبكيها"
اقترب خليل بغضبه
"ان لم تكن من عشيرتها فمن انت؟ هل كنتما على تواصل. أم أنكم …."
اصمته طارق
"لا تدلس عرضها وإلا قتلتك. فتياتنا ليست كأي فتيات أخريات. ليس لدينا علاقات مفتوحة وأحاديث وما شابه. لقد ربينا سويا وكبرنا ونحن نحافظ على فتيات حيينا كأخواتنا بالضبط. اوصتني امها عليها قبل وفاتها. كانت تشعر بما سيحل على رأسها. عاهدت نفسي ان احافظ عليها ما دمت حيًا. اقسمت ان اتفوق واعمل بجهد كي اكون لائق بها لنكمل حياتنا بكفن بعضنا البعض. كم حلمت بتلك اللحظة التي ستكون زوجتي بها. كم حلمت...".
قاطعه خليل بغضب
"اضبط نفسك وانصرف من وجهي قبل ان أقتلك بيدي دون فدية او دية. هل تسمع أذنك ما تقوله. هل تتغزل وتحكي لي عن احلامك مع من ستكون زوجتي بعد عدة ساعات. انتظر ام انك تريد ان اذهب لأخذها واقدمها لك كي تحقق احلامك معاها. هل فقدت عقلك ام اقسمت على نهايتك. انصرف من وجهي ولا تخرج أمامي مجددًا وإلا قلتلك. وتذكر عرف التعدي على أعراضنا ولو بالاحلام. حينها لن يكفيني روحك فقط. ولم افكر في فتن او كم *الدماء *التي ستنزف جراء ذلك"
تحرك خليل ليعود لسيارته متفاجئ بدكتور طارق وهو يسحبه من يده ليثبته بقوة على الحائط الخلفي واضعا ذراعه على عنقة قائلا
"لن اسمح لكم بإنهاء حياتها وهي على قيد الحياة. لا ولن ينعقد عقد قرانها عليك وان كلفني هذا حياتي"
وبقوة خليل وضخامة بنيانه الكبير لكم طارق ببطنه ثم اطرحه ارضًا وهو يركله عدة ركلات ببطنه
قائلا له
"أن خرجت أمامي مرة اخرى لا تلم إلا نفسك"
صعد سيارته *بغضب *كبير وغيرة اكبر على من لم تصبح زوجته بعد.
ذهب لمنزله بوجهه المقتطب وضيقه أغلق الباب خلفه بقوة ارعبت جميع من به.
اسرعت رشيدة نحوه متسائلة
"خير ما هذه الحالة ما بك"
اجابها وهو مكمل طريقه للمكتب
"لا شيء لا تأتي خلفي. اريد ان اجري عدة مكالمات مهمة"
قالها بقوة مغلق باب المكتب خلفه لتنتفض هي من قوة الصوت الصادر عن اغلاقه.
حدثت نفسها
"هل أراد التخلص من مسؤوليتها وعبئها ولم يستطع حين *رفض *كبار العشيرة"
نظرت لباب غرفة العروس المنتظرة قائلة لنفسها
"لم تجلبي معكِ إلا النحس *والحزن *اذهبي لحياتك واتركينا لحياتنا"
اقتربت منها وداد
"تؤمريني بشيء يا هانم. هل احضر الطعام لدكتور خليل"
حدثتها بطرف أنفها
"لا ليس الان انتظري حتى اخبرك"
وتركتها ذاهبه لغرفتها بضيق كبير.
لم يمر سوى بضع دقائق خرج بعدها خليل من غرفة ليذهب لغرفة العروس الجديدة بكل قوته وغضبه.
تسللت رشيدة على أطراف قدميها لتقف بجانب الباب كي تستمع لحديث زوجها الذي بدئه بقول
"سيتم عقد القران الليلة"
نظر لساعة يده مكملًا سيأتي الشيخ عقب صلاة العشاء ليعقد الزواج وينهي الامر.
بكت سلمى مجددًا ليزداد هو غضبًا
"لا اريد تأخير كما قلت لكِ نحن مجبرين على فعل ذلك. انا ايضا *حزين *على تخريب صفو حياتي ونظامها كما انتِ حزينه بضبط. سأحافظ عليكِ من تجبر *وظلم*عشيرتنا وساتحمل ايضا عبئك ومسؤوليتك وأنتِ بالمقابل ستكونين بقدر المسؤولية. جميع الخيارات *سيئة*ولا مجال لرفاهية الاختيار والتفكير. إن لم تستطيعي الزواج من حب حياتك وتحقيق احلامك معه فأنا ايضا لا استطيع من الان وصاعد ان اعيش بهدوء وسكون مع زوجتي *الرافضة *للزواج"
لم ينتظر منها أن تومئ رأسها مستسلمة لقدرها وابتلائها الكبير.
وهذا ما احزنه أكثر وجعله يخرج من الغرفة كي لا يرى دموعها التي بدأت بالتدفق كنهر جاري.
*اشتعل *صدر رشيدة *بنيران *الغيرة *والغضب *عند معرفتها قرب موعد عقد القران، كان المنزل يغلي على صفيح ساخن.
علم خليل بخبر تجمع رجال العشيرة وبعض السيدات لحضور عقد القران والتأكد من إتمام الزواج على أكمل وجه ،لعدم اقتناعهم بحقيقة نية خليل.
يعتقدون انه يمثل عليهم كي يحمي الفتاة منهم فقط ومن ثم يطلقها.
تحدث بهاتفه رافضًا لما يقال ولكن الضغط كان أقوى منه لتنتهي المكالمة دون أن يصلوا لاتفاق بين.
وهذا ما جعله اكثر عصبيه وغضبا وعدم تركيز.
حتى اقترب أذان المغرب ان يعلو بالمآذن، دخلت وداد غرفة سلمى لتقول لها بطيبة وشفقه
"هيا لتستحمي وتتعطري وتتجهزي للزفاف"
رفضت سلمى متمسكة بعبائتها السوداء لتتحدث وداد معها
"كما تحبين ولكني كنت اريد مصلحتك فان جاؤوا نساء العشيرة و وجدوكِ على حالتك حينها لا اعرف كيف سيجبروكِ على الاستحمام و التعطر والتزين لزوجك. من رأيي يا ابنتي ان ترضي بحكم الله وقدره وتذهبين بقدمك لتغيري من هيئتك كي لا تسمحي لأحد ان يكسرك *ويظلمك *أكثر من ذلك. على الأكثر سيدخلون الغرفة ليروا حالتك ان وجدوكِ مرتدية الفستان الأبيض وكل شيء على أكمل وجه حينها لن يستطيعوا فعل أي شيء لكِ. سيحملون خيرهم وشرهم بعباءاتهم ويذهبون من حيث أتوا. ولكن ان وجدوكِ متذمرة رافضة سيجدون الفرصة للتدخل وقهرك وكسرك وخاصة نحن لا نعلم من سيأتي منهم ومن لم يأتي "
اقتربت وداد منها لتحن على ظهرها وهي تسحبها معها
"هيا يا بنتي انا ساساعدك لا *تخافي.*السيد خليل طيب الخصال ذو قلب حنون لا يظلم ولا يكسر ولا يهين أحد. ان تولى مسؤوليتك وتعهد على أمنك فسيعمل وفق ذلك. حسنًا هو عصبي وسريع *الغضب *مع قليل من العند ولكنه يعود سريعا ليتدارك خطئه ويتراجع عنه"
استسلمت سلمى لحديثها وخرجت من الغرفة متجهة معها للحمام تاركين الباب خلفهم مفتوحًا.
وبعد نصف ساعة من خروجهم صادف خليل رؤيته للغرفة فارغة ليجن جنونه اعتقادًا منه أنها هربت لحبيبها الدكتور طارق ضاربة الاتفاقية والصلح وكل ما تحدث به معها عرض الحائط.
اسرع بفتح باب المنزل راكضًا للخارج لينظر يمين ويسار الطريق مسرعًا في بحثه حول المنزل والطرق المجاورة كي يجدها قبل ان تبتعد ويسقط بعين العشيرة كلها كونه لم يفي بوعده في اتمام الصلح وحقن الدماء.
من يرى خليل وهو تائه في شوارع منطقته يركض يمينًا و يسارًا متأملا رؤيتها بأي زاوية يعلم مدى تشتيته والعبء الذي تولى حمله بين ليلة وضحاها كما يعلم أن بادرة ارتباط وتعلق جمعت بين قلبه وقلب تلك الفتاة.
سمع خليل صوت إطلاق رصاص حي يلحقه صوت سير دبابات العدو وهي تقترب من شوارعهم.
أسرع بالعودة للمنزل مغلق البوابة الخارجية والداخلية متفاجئ بخروجها من الحمام وهي بين يدي الخالة وداد تتلحف بعباءة سوداء مختلفة عن التي كانت تتلحف بها منذ مجيئها.
هدأ قلبه وهو يتأمل وجهها المنير رغم حزنه. وهذا ما ازعج واغضب رشيدة التي لم تتخلى عن مراقبة كل كبيرة وصغيرة تدور حولها. شعر قلبها وكأن البساط السحري يسحب من تحت اقدامها.
تراجعت لتدخل غرفتها دون أن يراها أحد، من يرى تعابير وجهها التي لا تدل على الغضب والغيرة فقط بل والانتصار لنفسها يعلم جيدا أن وراءها أمر جلل. وكأنها تدبر أمر ما او تنتظر وقوع كارثة تقلب موازين القدر.
وهذا ما جعلها متخفية دون قطع نظرات زوجها لعروسته الجديدة.
دخلت سلمى الغرفة مستمعه لوداد وهي تقول لها "ارتدي هذا القميص الابيض وانتظريني ساذهب لاحضر الفستان وباقي الحقائب"
تركتها وخرجت وهي تكمل
"هيا ارتدي ملابسك الداخلية قبل ارتدائك للقميص. ومشطي شعرك حتى عودتي سأتاخر قليلا حتى اعطي الدواء للهانم الكبيرة واعود إليكِ"
خرجت وداد مغلقة الباب خلفها مندهشة من وجود دكتور خليل بنفس مكانه وثبات عيونه عليهم.
تحدثت بخجل وحذر
"سأذهب لاعطي الهانم الكبيرة الدواء ومن ثم أتي بالفستان الابيض كي اساعدها بارتدائه"
سألها عن أي فستان أبيض تتحدث ردت وداد عليه "انها الأعراف يا سيدي أتى لمنزلنا صباح اليوم حقيبة بداخلها فستان زفاف وبعض الاغراض بالطبع لا تشبه الطراز الجديد ولكنها تفي بالغرض تعلم أنه يتم أخذها من عشيرتها بما ترتدي فقط "
اوما براسه وتحرك نحو المكتب متجنبا التصادم مع رشيدة متوقعًا انها بالغرفة تبكي وتغلي مما يجري بمنزلها.
اقتربت سلمى من الفراش وهي لا تصدق انها سترتدي هذا القميص المفتوح كي يراها به الليلة. تعجبت من شكله الذي يشبه خاصة الأجداد.
همت برفع عبائتها من على رأسها مصدومه بصوت يحدثها من الخلف
"انتظري لا ترفعيها"
ثبتت يديها على رأسها *بخوف *استدارت به لتجد طارق نصار يستتر بين الخزانة وعمود الحائط بجواره.
نظرت للغرفة حولها ثم عادت لتنظر له بخوف
"كيف وصلت الى هنا!،ولماذا جئت؟"
رد عليها بقوة ليطمئنها
"كي أخلصك مما أنتِ به. سنهرب سويًا من المنزل. هناك باب خلفي للمطبخ. اذهبي لهناك بحجة شرب الماء أو تناول الطعام. وانا سانتظرك بسيارة أحد اصدقائي وننطلق بعدها لمدينة أخرى لن يستطيعوا الوصول لنا به وخاصة عقب أحداث الحرب"
ردت عليه بحزنها الكبير
"لا يمكنني الهروب بعد أن وصلت لهذه النقطة. لا تجهد نفسك وتخسر حياتك رضيت بقدري وما كتبه الله عليّ"
حدثها بصوت منخفض وعيونه المعلقة على الباب
"لا لن اتركك. ولن تستسلمي لهذا الهراء سنهرب لتكملي احلامك ونجاحك"
دمعت عينيها وهي تجيبه بخوف
"اخرج من الغرفة بسرعة ان تم كشفك سيقتلونا سويًا دون أن يستمعوا لنا وحينها لن ترى أنت أيضا احلام ولا نجاح. هيا اتركني لقدري واذهب لتكمل حياتك"
ركض خليل نحو غرفة العروس بعد ان اخبرته رشيدة بسماعها لصوت رجل غريب داخلها فتح الباب بقوة مستمع لسلمى وهي *تصرخ *بوجه طارق
"اتركني لحالي لا يوجد أحلام انتهى. انتهى كل شيء. كنت انجح واتفوق لأجل أمي ولكنها ليست موجودة الان. لم يستطع أحد الوقوف أمام هذا القدر. حتى ابي تنحى وصمت وكأنه كان ينتظر خلاصهُ مني. لم يجلب لي التفوق والتميز الذي تتحدث عنه إلا ما انا به اذهب واتركني لقدري"
اتسعت عيناي طارق لرؤيته لوجه خليل الغاضب. استترت رشيدة بحجاب رأسها مراقبة الوضع بالداخل وهي فرحة لانتهاء كابوسها.
دخل خليل بخطواته وعيونه التي ادخلت الرعب بقلب عروسته المسكينة قائلا بصوت أجش
"ماذا تفعل هنا! كيف دخلت للمنزل"
وقفت سلمى بوجهها تبكي
"لا ليس كما فهمت. دكتور طارق لم ينوي شر علم بوضعي مؤخرا وجاء لينقذني مما أنا به. مشكلته ليست معك بل....؟"
غضب عليها قائلا بقوة
"هل تدافعين عن حبيبك امام وجهي دون حياء؟ ام أنكِ سهلتي له كيفية دخول المنزل ليعاونك على الهرب؟"
نفت بحركة رأسها وبكائها
"لا *تظلمني *هو ليس بحبيبي. وايضا كيف اعينه وانا لا اعرف ما يحدث خارج غرفتي وليس منزلك فقط. أن دخل لمنزلك دون علمك فهذا يوضح تقصيرك بحماية قلعتك و سجنائها"
هم خليل جهة طارق وهو يقول
"سأقتلك يا هذا. سأقتلك لتعلم كيف تخترق حرمات البيوت"
وقفت سلمى بوجهه مجددًا تتوسل له ان يتركه ليذهب من حيث أتى. ذكرته بحديثه عن الاتفاقية و وجوب تنفيذ الحكم والزواج لتُحقن الدماء *ويقتلعون دابر الفتنة من جذورها.
*غضب *طارق محدثها باستنكار
"ماذا تقولين أنتِ. لا يوجد زواج مما لا ترتضيه زوجًا لكِ. لن تتزوجي به. لن اتركك له وإن كلفني هذا حياتي"
وقبل أن يهجم خليل على عنقه ليخلص عليه. بادرت سلمى *بصراخها *بوجهه طارق
"وما دخلك أنت بي! هل من عشيرتي! هل تم تعينك رقيب ومدافع عني! وايضا من قال لك انني لم ارتضيه زوجًا! جلسنا وتحدثنا واتفقنا على كل شيء. نحن بصدد عمل تاريخي سيسطر بجبين الأمة. سنحقن *الدماء *ونقتلع *الفتنة *من جذورها كي لا يستخدمها *العدو *في سرعة انهائنا. سيضحي هو بسلامه واستقراره وسأضحي انا بتفوقي ونجاحي لأجل ان لا تسقط راية الوطن وترابط أهله وناسه. جميعنا سمعنا على الفتن الاهلية وكم كانت فتاكه بالبلد اكثر من *الحروب *والاعداء. *لا تنتظر منا التفكير في أنفسنا وحسب سنفعلها لاجل اهلنا واخواتنا وابناء عمومتنا. الحمدلله الذي انزل اللطف في قدره واكرمني برجل يناسبني والا كنت الان…"
قاطعها طارق متسائل باستهزاء
"كنتِ ماذا اخبريني. من يسمعك يقول انكِ تتزوجين من حب حياتك وبكامل اختيارك"
نظرت خلفها لنظرات خليل القاتلة لتكمل حديثها بفطنه وذكاء كبير
"وإلا كنت غارقة *بدمائك *الآن. فلا تنتظر من رجل قوي ذو دم حامي كدكتور خليل أن يرى تعديك على عرضه ومنزله و يتركك تتحدث أمامه دون *قتلك"
هم خليل لفعل ما تقوله لولا تحركها لتقف امامه من جديد وهي تحدث طارق
"اشكر الله انه طبيب ذو فكر وعقل كبير حكيم يستطيع التحكم بأعصابه بجانب قدرته الخارقة على تحمل كل هذه المهاترات دون أن ينهي امرك".
فقد طارق عقله هز رأسه باستنكار
"لا أصدقك. هل تدافعين عنه. كيف ومتى وثقتي به. ان لم اكن اعرف حسن اخلاقك وعدم اعطائك لاحد مساحة ولو صغيرة كي يقترب منكِ كنت ظننت انكم متفقون على هذا الزواج قبل شهور. انا حقا لم اصدق وضعك ووقوفك أمامي تدافعين عنه رغم محاولاتي لسنوات عديدة ان احظى بعُشر ما حظي هو به دون جدوى"
نظر خليل لسملى وهو يستمع لها
"انا ابنة امرأة قوية عزيزة رُبيت على الأخلاق والدين. كانت وصيتها الدائمة لي أن لا احني لها رأسًا . كانت تريد ان تتفاخر دومًا بي . ربتني وكبرتني وكل حلمها أن اصبح فتاة بعدل جميع رقاب شباب عشيرتنا. لقد حافظت على حلمها في حياتها وسعيت وجاهدت لتحقيقه بعد مماتها. وسأظل عزيزة ابية قوية أمها حتى موتي. والان يمكنك الخروج من المنزل وعدم الاقتراب منه مجددًا والا سأقتلك انا بيدي. فلا تظن انني سارفق بامك وشبابك بعد ان اصبح زوجته"
رفض خليل خروجه من المنزل قبل محاسبته.
هم به ولكمه بقوة حجمه الضخم في وجهه بقوة أسقطت طارق ارضًا. وضعت سلمى يديها الصغيرة على صدر خليل بكل قوتها كي تعيق تخطيه لها وهي تترجاه
"اتركه ليذهب. اقسم لك انها لن تتكرر. هو ليس بسيء ولكنه ينفذ وصية أمي له. اتركه ليذهب ونحن نكمل مراسم الزواج كي ننهي هذه المهزلة"
ابتلع خليل ريقه المحتقن وهو ينظر لصغر طولها بجانبه. ألتفتت سلمى نحو طارق الذي كان يقف من الأرض لتصرخ بكل ما أوتيت من قوة خرقاء
"هيا اخرج وإلا قتلتك بيدي"
رفض طارق لتكمل هي بغضب كبير
"أجئت لتسوأ سمعتي وتلطخ عرضي. ام أقسمت على فضحي وسط العشائر. هل ستبتليني بك"
تحدث طارق من جديد
"نحن "
قاطعته سلمى بقوة حزنها وما سقطت به دون ذنب
"لا يوجد شيء اسمه نحن لا بالماضي ولا الحاضر ولا المستقبل. نحن ربينا سويًا كالاخوات فقط هذا كل شيء هيا اذهب وإلا سأقتلك دون تفكير"
تحدث طارق ليترجاها
"سلمى رجاءً لا تفعلي هذا بي. تعالي معي كي نعيش احلامنا بهدوء وسعادة كبيرة. اقسم انني ساجعلك اسعد فتاة على وجه الارض. لا تتنازلي وترضي بهذا القدر البخث انتِ تستحقين الافضل دائما"
وصل إليهم صوت رنين جرس المنزل. تحدثت وداد بخوف *وذعر
"لقد أتوا. ماذا سنفعل! سيقتلونه *ويقتلونها *وتعود الفتنة اشد مما سبق"
تحدثت رشيدة بقوة وضيق
"ليفعلوا ما شأننا نحن من *أخطأ *يتحمل مسؤولية *خطئه"
وبيدها المرتجفة من هول ما هي به تمسكت سلمى بذراع خليل *خوفًا *من *سقوطها *متحدثة له بسرعة كبيرة
"اخبرني قبل مجيئك ان هناك باب خلفي للمنزل. رجاءً اتوسل إليك اتركه ليهرب منه وأنا سأفعل كل ما تريده بعدها. أتوسل إليك اتركه ليذهب لنكمل نحن ما اتفقنا عليه"
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.
منها "رواية حياتي"
رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..