recent
جديدنا

#عروس_بغداد الفصل الثالث عشر

 عروس بغداد

بقلم :أمل محمد الكاشف 


تحررت سلمى بشكل كبير حيث كانت تتحرك بالمنزل دون خجل او قلق، اهتمت بوالدة خليل محاولة مساعدتها لأجل سرعة تعافيها فلقد اصبحت الحاجة فاطمة تحرك يدها وأطراف قدمها دون ان تستطيع التحكم بهم فلولا ظروف *الحرب *لتمكنت بتلقي العلاج الفيزيائي الذي يجعلها تتحكم بحركتها بشكل افضل و في وقت أسرع.


مرت رشيدة بجانب باب غرفة والدة زوجها لتستمع لصوت سلمى وهي تتحدث

 "ومع ذلك علينا ان نتأمل ونترقب قرب تمام عافيتها وعودتها للتحرك والتحدث باريحية كالسابق"


اقتربت لتسترق النظر من زاوية غير مرئية وهي تستمع لتكملة الحديث

"أرى انها تجاهد لأجل الوصول لهذا اليوم الذي شهدنا جميعا على قربه"


مد خليل يده ليضع شعر عروسته خلف اذنها وهو يقول 

"انتبهي كي لا تسقطي الشوربة عليها"


ابتسمت سلمى بخجل مكملة إطعام الحاجة فاطمة وهي جالسة بجوارها على الفراش.


ندمت رشيدة على قص شعر سلمى  بكل لحظة رأت فيها زوجها وهو ينظر لجمال تحرره من جمعه خلف ظهرها في السابق.


تأثرت نفسيتها بشكل سيء رغم تعمد خليل وسلمى على عدم الضغط عليها واتفاقهم على تأجيل بدأ حياتهم الزوجية حتى تلد طفلها بسلام.


فكانت بالفترة الاخيرة كلما *غضبت *وحزنت كلما تساقطت منها قطرات *دم قليلة تنذر بالخـ.ـطر وحقيقة *احتراق *فؤادها. وهذا ما *احزن *سلمى لعدم رغبتها في ان تقع بوضع كهذا فهي حقًا لم تحلم بيوم ان تأخذ رجل من زوجته او تبني سعادتها على *ركام *شخص آخر.


تراجعت عن التصدي لها حتى انها تعمدت الابتعاد عن خليل بوجود رشيدة احتراما لنفسيتها وحملها المضطرب، وخاصة مع أجواء *الحرب *وعدم استطاعتهم الذهاب للمشفى تحسبا *لمخاطر *أكبر قد يتعرضا لها أثناء الطريق.


ظلت تطمئنها ان الوضع بخير وعليها ان تهدئ اعصابها حتى تضع طفلها بسلام ، كان يتفقا عدة ايام قليلة تحيك بعدها رشيدة الخطط التافهة الفاسدة لتسقط سلمى من عيون زوجها وهذا ما يجعل الاخيرة تسترد حقها بكل ذكاء وفطنة كاشفة حقيقة ما افتعلته رشيدة التي كانت بساطتها وفطرتها الحسنة تطفو على مخططها التافه *لتسقط *بكل مرة معتذرة لها ان لا تكررها.


لم يكتفي خليل باعتذار زوجته بل كان ينفرد بعروسته ليضغط عليها باعتذاره الخاص وهو يطرأ على ذكائها وعقلها الكبير الحكيم

"افكر كثيرا وأنا أقول لنفسي ماذا ان تزوجت فتاة غيرك، *يخاف*قلبي لمجرد التفكير والتخيل، هل كانوا سينهونني من أول شهر، ولكن انظري إلينا تخطينا كل الصعوبات بعقلنا الرشيد وصبرنا وحكمتنا، وسيأتي اليوم الذي سنجتمع مع بعضنا البعض برضاء رشيدة ومحبتها لكِ، اتمنى ان ارى المنزل ممتلئ بالأطفال المتحابين لبعضهم البعض، وبالطبع محبة الأبناء من محبة الامهات"


تراجعت لتخرج من حضنه قائلة

"وماذا عن عملي واحلامي"


سحبها مرة اخرى لحضنه وهو يجيبها

"كل شيء سيأتي على مهل لنرى وضع البلاد ومن ثم نقرر ماذا سنفعل بعملي وعملك، لعلنا نفتح مركز خاص بنا نعمل سويا به"


لمعت عينيها رغم ضيقها من وجودها بحضنه فاكثر ما كان يثير ضيقها يده التي تتحرك بطريقة تثير اختناقها ونفورها منه، انتبه على أنها لا تحب هذه الحركات ولكنه لا يبالي فبمجرد دخولها بحضنه تبدأ يده بالدوران دون حدود .


ابتعدت عنه أكثر جالسة على المقعد المقابل للنافذة وهي تستمع لحديثه 

"انا لم اعد اتحمل اكثر من ذلك، أصبح وضعها مستقر هذا الشهر وهذا ما جعلني أفكر في اتمام الامر لعلي احظى بطفلين بعمر متقارب، اريد ان اعوض ما مر من العمر"


*رفضت *متحججة *بخوفها *على رشيدة، ليقترح عليها ان يفعلاها سرا دون ان يعلنا عن ذلك

"لنصعد بالاعلى نتخفى هناك عن الأنظار نستمتع بوقتنا"


اسرعت بردها

 "لا يمكننا ان اصعد الى هناك مرة اخرى"


ابتسم خليل قائلا 

"اصبحت رشيدة تنام ليلها بعمق في هذه الايام تعلمين أمر المهدئ مع قليل من الأعشاب بجانب انني سأزيد من تمارين الاسترخاء والليونة اليوم واجعلها تتنعم بعدها بحمام دافئ لن تشعر بشيء طول الليل"


توترت سلمى *خوفًا *من تلك اللحظة التي كانت تتهرب منها لشهور طويلة، تحدثت بصوت منخفض

"وما العجلة لننتظر…"


قاطعها خليل بجدية

"هل كان باحلامك ان يصبر عليكِ زوجك ما يقرب عن إحدى عشر شهرًا  لتعتادي عليه او لتتقبلي حياتك الجديدة، لأجيب انا بدلا عنكِ لا لن يتحمل أحد ان يرى عروسته الجميلة التي فتنت قلبه بعشقها أمامه دون الاقتراب والتنعم بالنوم بجانبها"


 تحرك ليجلس على ركبتيه أمامها ممسك بيديها

"لم اعد اتحمل رؤيتك امامي دون ان اتنعم بدفئ قلبك، حلمت كثيرا بطعم النوم في أكفان جناحيكِ الصغيرين"


رفع يده ليضعها على وجهها مكملًا 

"اريد ان نقتسم  نسيم عطر شجرة الياسمين المنثور بغرفتك ونحن بحضن بعضنا الليلة "


احمر وجهها وتسارعت ضربات قلبها تخبطًا وتوترًا وخوفًا مما يقوله، ابتلعت ريقها وهي تنظر لقيامه وابتعاده عنها بعد أن قبل وجنتها هامسا بأذنها

"انتظريني الليلة بعد منتصف الليل لا تتعبي نفسك بشيء يكفي أن تحافظي على جمال ابتسامتك ونور وجهك الجميل"


خرج بسرعة كي لا يضغط على رشيدة *خوفًا *من *غضبها *الذي أن ظهر  سيفسد كل مخططاته ، وضعت سلمى يدها على قلبها بعد خروجه محاولة تهدئة نفسها

"ما بكِ بكل الاحوال سيحدث"


وقفت بجسدها المرتجف قائلة

"ليحدث وننتهي من هذا التوتر، من المؤكد أنه ليس *بسيء *أو *مخيف *لهذه الدرجة"


تحركت جهة الفراش وهي تمزق أصابعها ببعضهم 

"جميع النساء يفعلونها، انا لستُ ناقصة او ضعيفه كي *اخاف *أو أفشل بهذا"


تذكرت ليلة عقد القران ورؤيتها ليده وهي *ملطخة *بدماء *عذريتها قائلة

"لن تكون أسوأ من ذلك اليوم"


اغمضت عينيها متألمة بشعورها في هذا اليوم قائلة بنبرة أرادت أن تُصبر فوائدها بها

"من الجيد قيامه بهذا، ان كنت غير مهيئة بعد كل هذه الشهور لمشاركته علاقة كاملة فكيف كنت سأفعلها بأول يوم"


صمتت لوهلة مكملة بعدها

 "أم كان إتمامها على أكمل وجه أفضل لنا جميعًا ، على الاقل ما كنا مررنا بكل هذه التفاهات المفتعلة، وما تأذيت روحي لما فعله بي"


جلست على الفراش مغمضة عينيها

"كيف سأتحمل ما قاله وانا بالكاد اتحمل يده بصعوبة وثقل يطرق قلبي كلما سحبني لحضنه"


ظلت على حالها عدة ساعات سلمت امرها لربها بعد ذلك، مستسلمة لوضعها الجديد ولضرورة بدأ حياة من الممكن ان تكون اجمل بكثير مما توقعتها، حتى أنها فكرت بصوت مسموع

"هل سيأتي يوم ادافع عن حقي به أمام رشيدة، اقول له عليك ان تأتي لغرفتي هذه الليلة …"


صمتت *بخوف *أكملت به

"لا حول ولا قوه الا بالله ما بي! لما كل هذا *الخوف!، استغفر الله العظيم كم اتمنى ان اغمض عيني وافتحهما لاجد الاحلام قد تحققت دون *حزن *او خوف *او معيقات، اعيش حياة سعيدة هادئة بين اولادي وزوجي احضر لهم الطعام قبل خروجي للعمل وأعود بسرعة في منتصف اليوم كي لا يفوتني تجمعهم على مائدة الطعام"


نزلت دمعة من عينيها حين تذكرت احلامها البريئة الصغيرة مع خطيبها ابوبكر التي كانت أقصاها ان تنام بحضنه في سعادة وتستيقظ لتعد له كل ما يشتهي بيديها.


يتجولون ويسافرون خارج البلد بمرح.  ينجبون الكثير من البنات والأولاد لتزداد حياتهم فرح وسعادة.


تنهدت بحزن الأيام الخوالي قائلة

"يا ليتنا بقينا بهذا الحد من البراءة والأحلام الصغيرة"


عزمت سلمى على طاعة زوجها واعطائه حق الله بها، كما عزمت على إنهاء حالة التوتر التي تعيشها منذ شهور وهي تترقب كل يوم دخوله الغرفة عليها ليفعلها رغما عنها وكان هذا الشعور يراودها بالأحلام تأثرا بما فعله بها في أول ليلة .


أصبح اتمام الزواج أهون عليها من الحذر والترقب حتى وإن علمت رشيدة سيكون وقتها قد فات الأوان ومن المؤكد استسلامها من بعد ذلك اليوم.


لم تخشى سلمى رشيدة بأي يوم من الأيام فهي تعلم جيدًا كيفية التعامل معها ولكنها اتخذتها  و ضعف زوجها وخوفه على احزان زوجته الأولى حجة لكي تؤجل الأمر وتتهرب من حدوثه، لتكتشف بالنهاية انها كانت مخطئة وحملت نفسها عبء كبير لا داعي له .


قامت لتفتح خزانتها باحثه بها عن شيء يناسب هذه الليلة، اخرجت بنطلون جينز وبلوزة بيضاء مزينة بالجوبير والتل المطرز قائلة 

"ليكن بهذا القدر"


ارتدت ما أخرجته ممشطه شعرها على جانبي وجهها ممسكة بزجاجة عطر الياسمين المحبب لخليل واضعه منه بكثرة مستمعة لصوته بأذنها 

"ارتبط جمالك بقلبي بجمال رائحة الياسمين، ترطتم رائحة أشجار الياسمين المجاورة لغرفتك بوجهي كلما أتيت لرؤيتك، حتى اصبحت كلما استنشقت رائحتها تذكرتك"، ارتدت عباءتها السوداء فوق راسها لتخرج من الغرفة وهي تنشر عطرها حولها جاذبه الأنظار نحوها.


طلبت من وداد ان تحضر لها كوب حليب بالقرفة والزنجبيل.


اشتعلت *نار *الحب والشوق بقلب زوجها الذي لم يتحمل رؤيتها بهذه الحالة، بل لم يصدق استجابتها للحد الذي يجعلها تزيد من تعطرها لسلب عقله وفؤاده.


ذهب لغرفة رشيدة بصعوبة كبيرة تاركًا عقله وقلبه بجانب معشوقته في غرفة أمه.


شربت سلمى الحليب بشرود كبير فكلما استجمعت قوتها غلبها *خوفها *وتوترها، شعرت الأم فاطمة بما يحدث حولها لتحدثها قائلة بصوت ضعيف ولسان ثقيل يفهم منه بصعوبة

"اتركِ نفسك للقدر فرب الخير لا يأتي إلا بالخير، لعلك يا ابنتي تصلين وتشكرين ربك على أقداره التي ساقتك إلينا"


تحدثت سلمى من قلبها 

"اعلم ذلك بل اشكر الله من الآن على لطفه في قدره، وإنه أسقطني بيد من تتملك الرحمة والطيبة قلبه"


اخفضت صوتها وهي تخرج ما بقلبها لأول مرة 

"ولكني لا زلت *خائفة *لا اعرف كيف سأنجح بذلك، اخشى ان لا استطيع فعلها او افقد صوابي وافعل ما فعلته ليلة عقد القرآن "


ربتت الحاجة فاطمة على يد سلمى وهي تقول

 "ستنجحين بذلك كما نجحتي بكسب محبتنا، وايضا انتِ لا ينقصك شيء لتفشلي بعمل صغير كهذا، ماشاءالله جمال وعقل ورشد،  عليكِ ان تكملي رسالة أمك وترفعي رأسها بنجاحك في حياتك وانجابك من زوجك وبناء عائلة قوية تكمل مسيرتك تحققين بها حلم امك وحلمك"


سمعت فاطمة من وداد الكثير عن الأم فوزية وعلاقتها بابنتها لتدخل لقلبها وعقلها من هذا الباب مسترسلة بحديثها عن الفتيات الذين يُكبرون أمهاتهم ويرفعون رؤوسهم بنجاحهم في حياتهم وابنائهم وغيرهم الذين يلحقون العيب بامهاتهم لعدم تربيتهم بشكل صحيح يهيئهم لتحمل المسؤولية الاجتماعية.


استمدت سلمى من فاطمة قوتها وعزيمتها على إتمام الأمر وتحمله اليوم وكل يوم حتى تنجح بحياتها وترفع ذكرى امها وتوارث ما تعلمته في صغرها لأبنائها، كانت بحاجة لصوت حكيم حنون يراوض قلبها التائه الوحيد وها هي وجدت مرسى سفينتها بجانب ام حنونه تتمنى ان ترى ابنها الوحيد سعيد منعم وسط زوجاته وأولاده.


تركتها سلمى وهي تطلب منها الدعاء لها بالثبات ذاهبه بعدها لغرفتها كي تنتظر زوجها بجسد يرتجف رغم كل الاحلام التي نسجتها بعقلها.


مرت الساعات وتأخر الوقت دون ان يأتي خليل لها تحركت لتذهب للمطبخ بحجة شرب الماء وتقصي الوضع بالخارج لعلها تراه في المكتب او تسمع صوت رشيدة لتتأكد من سبب تأخره.


ولكنها لم تسمع او ترى أي شيء عادت لغرفتها وهي تشعر ببرودة الطقس مع اقتراب الفجر.


حاولت ان تنتظره لعله يأتي قبل الفجر ولكنه لم يأتي ، فتحت خزانتها مبدله ملابسها باختناق وضيق كبير صاحبهما غرغرة بعينيها فهل قضى ليلته بحضن زوجته مستغني عن أحلامه معها، هل ستتحمل تفضيله لرشيدة عليها بكل مرة.


سمعت صوت اذان الفجر وهنا اتى لقلبها صوت يناديها للصلاة، تحركت للحمام كي تتوضأ لتصلي فرضها مطيله بالسجود لتفضي ما في قلبها لله، بكت بكاء طويل وهي تشكو لله تخبطها وحزنها وحالها ، طلبت منه السماح والمغفرة على تقصيرها بالصلاة و وعدته ان لا تبتعد عن فروضها مرة اخرى، سمعت صوت رشيدة وهي تتحدث بجانب باب غرفتها قائلة

" لا ترفعها من على أذنك كي لا تُصاب بالبرد" .


انهت صلاتها بسرعة ماسحة عيونها حين اقترب الصوت من بابها. 


وقفت متفاجئه بفتح الباب عليها ودخول رشيدة الغرفة وهي تضع يد على بطنها والأخرى على ظهرها من الخلف قائلة بوجه يمثل قلقه

"اعتذر لمجيئي في هذا الوقت دون استئذان، من الجيد إنك مستيقظة حتى لا اشعر بالذنب"


ردت سلمى بوجه جاف من المشاعر

"تفضلي ماذا تريدين"


_"اشعر بألم شديد في بطني وظهري، اعلم انها كانت ليلة ثقيلة على طفلي  لم استطع *رفض *خليل او كسر خاطره، ولكني *خائفة *بل ونادمة *اقول لنفسي لو انني رفقت بصغيري "


اختنقت سلمى بما سمعته محاولة إخفاء مشاعرها داخلها متساءلة 

" هل نزل دم عليكِ ؟"


هزت رشيدة رأسها 

"لا لم ينزل شيء، اشعر بألم شديد اسفل بطني فقط"


تحدثت سلمى

 "سيذهب مع النوم والراحة، عليكِ ان تستلقي طوال اليوم بفراشك ولا تتحركِي إلا للضرورة وسيذهب كل ذلك لا تخافي"


خفضت رشيدة صوتها وكأنها تخجل من قول ما ستقول

"وماذا إن أراد المزيد هل هناك ضرر على الطفل"


كانت سلمى تفهم عليها حتى انها شكت من معرفتها أمر اتفاقهم وجاءت لتستعرض انتصارها عليها بالفوز ببقاء زوجها بجانبها طوال الليل.


تحدثت دون ان تظهر اي شيء قائلة

"لا لم يحدث شيء، ولكن كوني حذرة من أي حركة سريعة اثناء قيامك ونزولك من الفراش او مثلا السقوط وما شابه أي شيء خلاف ذلك لا ضرر به وخاصة بهذه الأشهر، فلترضي زوجك وتستمتعي بوقتك على راحتك"

تعجبت رشيدة من ثباتها وعدم قدرتها على كسرها وهزها، كادت أن تسألها عن سبب ثباتها رغم بقائها طوال الليل تتأمل دخوله عليها دون أن يحدث ولكنها لم تفعل كي لا *تسقط *بلسانها وتفضح نفسها.


تحركت لتخرج من الغرفة وهي تقول 

"شكرا لكِ اطمئن قلبي الان، ساذهب لتحضير مشروب دافئ لخليل كي يشربه عند عودته، لقد خرج من الحمام على المسجد مباشرةً وأخشى ان يصيبه مرض ونحن بهذه الاجواء"


ردت سلمى 

"خيرًا فكرتي حتى انصحك بتحضير الزنجبيل بالليمون والعسل سينفعه كثيرا"


أومأت رشيدة برأسها وهي تخرج من الغرفة بوجه مزبهل تقول لنفسها

"هل زهدت به حقًا، أم أنني انقذتها بالأمس ، نعم انقذتها الفتاة وعدتني ان لا تفعلها اذا نجحت انا بصده عنها ، وها قد فعلتها "


ضحك وجهها وهي تنزل يديها من خلف ظهرها

"ومع ذلك خير ما فعلته حافظت على وعدي وزوجي وخرجنا انا وهي منصورين"

ذهبت لغرفتها بدلا من ان تذهب للمطبخ كي تنام براحة كبيرة دون ان تنتظر عودة من ظلت مستيقظة طوال الليل *خوفا *من ذهابه لعروسته.


فلا تعلم سلمى معرفة رشيدة بالاتفاق الذي ابرم بين زوجها وعروسته على إتمام الزواج بهذه الليلة وهذا ما حدث بمحض الصدفة حين سمعت سناء وهي تحكي لوداد ما تنصتت عليه أثناء حديث سلمى مع فاطمة.


وهنا اشتعلت رشيدة من غيرتها وقررت ان لا تترك زوجها لعروسته، حضرت عصير البرتقال الممزوج بدواء المنوم الخاص بأم زوجها بعقل معمي عن التفكير بأضرار ما تفعله كل ما يسيطر عليها هو كيفية ابقائه بجانبها طوال الليل، وهذا ما جعلها تذوب قرصين منوم بدلا من واحد او نصف واحد على الأكثر كما تأخذ فاطمة.


عاد خليل من المسجد وهو يضع يده على راسه امسك مقبض باب عروسته وفتحه ليدخل عليها معتذرًا منها لعدم مجيئه كما وعدها موضح لها تعبه المفاجئ ونومه العميق دون أن يشعر بنفسه،  ولكنه تعجب من اغلاقها الباب عليها بالمفتاح.


طرق الباب عدة طرقات خفيفة كي لا يصدر صوت عالي يزعجها بنومها دون أن تفتح، اعتقد خليل انها اغلقت على نفسها طوال الليل كي لا يدخل غرفتها عند مجيئه، زاد دوران رأسه تحرك وذهب لغرفة زوجته لينام بجانبها على الفور دون كلام.


لا زالت سلمى تمسح دموعها وهي مختبئة تحت غطائها لا تعرف على اي منهم تحزن كانت تستنكر مشاعر الغيرة مبررة بكائها على نتاج كسر خاطرها وكرامتها وتفضيل زوجته عليها بكل مرة هذا الشعور كان يقتلها اكثر من الغيرة. 


{ تخبطت مشاعره واختلطت ببعضها ولكنها بالاخير ناتجة عن الغيرة وعدم شعورها بالانتماء للمكان الذي تعيش به، الغيرة هنا ليس غيرة زوجة على زوجها حين تركها وذهب لحضن غيرها، فهي من كانت تتركه بمحض ارادتها كي يذهب كل يوم لغرفة زوجته الاولى شاكره الله على مرور ليلة اخرى دون الضغط عليها ، غيرة سلمى هنا على شخص أصبح في يوم وليلة عائلة وسند ومأوى تتمنى ان تشعر بجانبه بالامان والاطمئنان وقوة دفاعه عنها ومساندتها ولكنها لم تأخذ منه إلا مبررات وحجج وضعف، جميع ما يُحدثها عنه جميل ولامع حتى يصل الأمر لحد التنفيذ على ارض الواقع الذي يفرض عليه مواجهة زوجته وهنا يتبدل الحال وتعيش المسكينة خيبة أمل وراء الاخرى حتى تملكها الشعور بالغيرة والاهانة وكسر الخاطر، فهل لا تستحق التقدير والاهتمام والدفاع عنها بكل مرة، هل سيضعها جانبا مهرولا لزوجته في كل مرة كي يرضيها ويكسب ودها ورضاها عنه، مع الاسف لم تتحمل سلمى  الشعور القاسي التي. شعرت به هذه المرة وهي تواجه رشيدة وتنتصر عليها انتصار شكلي داخله هزيمة كبيرة بقلب ساد به الوحدة والعزلة والهوان}


نامت سلمى بعد ان انهكها بكائها وحزنها الكبير، تمنت لو تستطيع الذهاب للأم فاطمة كي تشاركها حزنها والمها ولكن عزة نفسها *وخوفها *من ان تفهم *بالخطأ *أعادها عن ذلك لتخلد بنومها والدموع تحيط عينيها مشبعة وسادتها منها كعادتها.


وعلى تمام الساعة السابعة صباحًا استيقظ الجميع على صوت *انفجار *كبير، سقط على اثره جزء كبير من حائط الغرفة اصطدم بطرف الفراش الذي ارتفعت مرتبته الاسفنجية من الجهة الاخرى كي تلقى ما عليه للاعلى، *صرخت *رشيدة وهي تنصدم بوجهها في خشب النافذة الطائرة كما سقط خليل أرضًا منهار على أرجله ارفف الدولاب الكبير، فزعت سلمى من مكانها محاولة الهروب من القطع الإسمنتية المتساقطة والمتطايرة من الحوائط والجدران، أغلق الباب بقطعة اسمنتية كبيرة أعاقت خروجها من الغرفة، كانت *تصرخ *منادية على خليل و وداد كي ينقذوها ، سمعت صوت خليل من بعيد ولكنها لم تفسر ما يقوله من شدة الأصوات والأهوال التي أصبحوا بها، فلا زالت أصوات *الانفجارات *القريبة والطائرات والمدافع تتوالى على المنطقة، اخفضت قامتها أرضا واضعة يدها على رأسها جراء *انفجار *كان هو الأقوى على الإطلاق  اهتز بعده المنزل بقوة انهياره الأكبر.

رابط الفصول كلها

google-playkhamsatmostaqltradent