رواية عروس بغداد
بقلم الكاتبة أمل محمد الكاشف
اسرع خليل بالعودة خطوات للخلف *خوفًا *من *الانفـ.ـجار *المرتقب، ولكنه تعجب من عدم حدوثه بل وتعجب أكثر من فرحة وجه عروسته.
اقترب باستغراب لينظر لداخل الصندوق كما تنظر هي ليجد فستان صغير باللون الأحمر بجانبه مفكرة ورقية ومشابك للشعر وأشياء شبيهة لذلك، سمع صوت رشيدة وهي تقترب من المنزل
"خليل لا تتركنا. خليل أين أنت؟ ماذا حدث لك؟ خليل.. "
نظرت سلمى له ثم نظرت للصندوق هامسه بحنين الذكريات "انها اغراضي"
حذرها خليل
''لربما تكون خدعة، أخشى أن يكون داخلهم"
امسكت سلمى الصندوق الصغير واحتضنته داخلها
"لا يوجد شيئًا بهم جميعهم عائدون لي. ذكراي من امي "
_"ماذا إن كان داخلهم عكس ذلك"
تحركت بالصندوق لتدخل غرفتها وتفرغ محتوى الصندوق على الفراش بعيون تتفقد كل قطعة به قائلة
"لا يوجد داخلهم شيء يدعو للخوف. انهم ذكراي من امي"
تعجب من وقوفها امامه دون ان تستند على الفراش بجانبها.
أومأ برأسه قائلا
"هل تضمني لي ذلك"
هزت رأسها بحماس وخوف من حرمنها منهم
"حقًا لا يوجد بهم شيء اخر جميعهم عائد لي"
نظر نحو النافذة وهو يسرع بحديثه
"حسنًا ابقي أنتِ هنا، ساذهب لتطمأنة الباقية ومن ثم نجلس لنرى ما سنفعله، خبئيه في مكان لا يراه احد غيرك"
وتحرك لياخذ المفتاح من جانب حلق الباب مغلق عليها بأحكام واضعه بجيب بنطلونه بعدها ثم خرج ليعيد أهل بيته للمنزل قائلا
"لا يوجد شيء تخلصت منه. أيًا كان ما بداخله فنحن لسنا بحاجه لايذاء أنفسنا ولو باحتمال ضعيف"
أكدت رشيدة على ما قاله زوجها، عادوا للمنزل وهم منهكين أرجلهم عاجزة على حملهم من شدة ارتجافها نظرت رشيدة جهة غرفة سلمى بضيق تحدثت به
"وكأن روحها طاقت للقاء ربها، من المؤكد أنك أغلقت عليها بعد أن *رفضت *الخروج"
رد خليل برأس تتألم من صداعها
"اتركينا منها واذهبي لتبديل ملابسك" نظرت رشيدة للطين بطرف عباءتها متأذيه من وضعها، تحركت وهي تقول له
"ساخذ حمام دافئ يهدأ روحي"
أومأ رأسه لزوجته ثم نظر لوداد قائلا
"هيا اصطحبي امي لغرفتها كي ترتاح على فراشها"
تحدثت سناء
"هل اذهب لرؤية أمي كما سمحت لي أم انتظر للغد"
وافق خليل
"لا داعي للانتظار اذهبي على الفور حتى يمكنك المبيت معها ان اردتي"
فرحت سناء واسرعت بارتدائها وخروجها كي تبحث عن الصندوق بالشوارع المجاورة له متسائلة
"أين تخلص منه، لم اترك مقلب قمامة او زاوية الا وبحثت بها"
بهذه الاثناء وصلت رسالة لهاتفها فتحت لتجيب عليها بعد قراءتها
"لم ينجح الأمر تم التخلص من الصندوق لاعتقاد خليل بيه أنه فخ للتخلص من كبار العشيرة كما حدث مع عثمان بيه"
حزنت محاسن لعدم استطاعتها الوصول لابنة أخيها.
ولكن ما حدث كان معاكس لحزنها حين وجدت سلمى ورقة مخبأة داخل الفستان الصغير، بالاصل قادها ذكائها للبحث عن أي مكتوب أو هدف من وصول الصندوق لها وسط الأغراض لتجده بالفعل ما توقعته فتحت الورقة لتقرأ بها
"قلوبنا معكِ يا ابنتي. ادعو لكِ انا وبناتي وجميع عشيرتك كل ليل ونهار، اعانك الله على قدرك الذي اختاره الله لكِ بكل عناية. علمت أن خليل رجل طيب الأصل كريم الأخلاق يُحسن ضيافتك ومعاملتك. وهذا ما برد قلبي وروحي يا روحي، سلمى ابنتي تعلمين كم تحبك عمتك وتعلمين قدرك الكبير بقلبها الذي يحـ.ـترق كل يوم على *حزنك، يكفي بهذا القدر يا غالية عشيرتنا ستنتهي وتنهي قلوبنا معكِ. ارضي يا قلبي بما كتبه الله لكِ. استسلمي لقضائه حتى يجزيكِ الله الخير الكبير. الرجل متعلم مثلك مثله لا ينقصه شيء إلا زواجه الأول وهذا ليس بعقبة فرسولنا الكريم كان متزوج من أكثر من امرأة ويحسن لهم جميعا. كما إنكِ لستِ اخر فتاة تزوجت برجل متزوج هناك الكثيرين يقومون بذلك عن عمد بدافع الحب. ارتضي يا ابنتي لربما يضع الله الحب بقلبك فلا ترين إلا هو . ولربما رزقتي منه بولد ينسيكِ *حزنك *وما فُرض عليكِ، بل ولربما يأتي اليوم الذي تحمدين الله على تخلصك من قبضة ابيكِ *وتجبره الذي كان سينهيكِ. أكرمك الله برجل سمعت انه كالذهب باصله وطيب خلقه وادعو الله ان يكون كذلك معكِ. لا أستطيع أن أعدك بمراسلتك مجددًا تعلمين خطورة ذلك. ان قبل زوجك بها مرة لا اعتقد ان يقبل بها مرة اخرى وخاصة ان شاع الخبر *سنتأذى *جميعا. ولكني سأحاول ان افعلها كلما سنحت لي الفرصة بذلك، وانتِ يا حبيبة عمتها اعديني بأن تهدئي وترتضي بما كتبه الله لكِ يكفيكِ *حزن *وبكاء *واستسلام للفراش، ابنتي القوية فخر أمها ومميزة عائلتها لم ولن تستسلم بسهولة، حتى يمكنني أن أراهن على عودتك والاستمرار بمفاجأتنا كالعادة بالنجاح ان اردتي أنتِ ذلك''
خبئت سلمى المكتوب بدلا من تقطيعه كما طلبت واوصتها عمتها، احتضنت فستان طفولتها المعبئ بعطر أمها المحبب لها
مناديه بصوتها الحزين
"أمي… أمي "
بكت عيونها وهي تاخذ باقي ذكرياتها لتضمهم داخلها *بنار *الاشتياق للأيام الخوالي والدلال.
{كم أشتاقت المسكينة لذلك الزمان الذي كانت تؤمن فيه أن يمكنها حل مشاكلها بـقطعة شوكولاته🥺، ان تستيقظ بالصباح على زقزقة العصافير وضحكاتها هي و أمها، يتراقصا على أناشيدُ الطفولة وهم يتناولون فطورهم،🥺 تتلو أُمها الآيات على مسامعها تعويذًا وتعليمًا🥺، اشتاقت المسكينة لقلب وحضن امها الحنونه لتلقي نفسها بداخله كي تحميها مما سقطت به 😭 رحمة الله على أمي وامهات المسلمين اجمعين 😭}
انتظر خليل هدوء ال
وسط وانشغال الجميع بحاله ليخرج من غرفة مكتبه متجهًا لغرفتها، فتحها بالمفتاح ودخل مغلق الباب بعده باحثًا في الغرفة عن الصندوق قائلا
"أرى انكِ خبئتيهم عن العيون بشكل جيد"
ظلت صامته وهي تراقب جلوسه على المقعد مشيرًا لها بيده
"اتركي الفراش يكفيكِ التصاق به، هيا تحركي واقتربي لتجلسي على المقعد المجاور لي"
لم تجبه ليكمل
"علينا التحدث بجدية ما دمتي تريدين الاحتفاظ بما يحويه"
رفعت الغطاء ببطء مستجيبة له دون النظر لوجهه، تحركت لتجلس على المقعد المجاور له بعيونها التي غرقت بالدموع مجددًا، بدأ حديثه الهادئ
"لا اعرف من تجرأ على فعلها. فرغم صعوبة وخطورة الوضع الا أنهم لا زالوا يتوافدون على منزلي. بالأمس الطبيب واليوم لا نعرف من لربما هو ايضا"
دافعت بسرعه عن نفسها
"لا ليس هو. أنها اغراضي الخاصة فستان صغير تبقى لي من طفولتي وهدايا امي لي. كنت جمعتهم بوقت سابق و وضعتهم امانه لدى عمتي محاسن بعد أن أقسمت زوجة أبي على *إفساد *وتخريب *اغراضي الخاصة"
أراد أن يسحبها لحديث مطول قائلا بنبرة اندهاش
"ألهذا الحد كانت *سيئة *ام إنك ضغطتي عليها بقدر أفقدها عقلها وصوابها"
ذرفت دمعه حارقة من عينيها وهي تجيبه بصوتها الذي بح من صمته
"يا ليتني كنت *سيئة. يا ليتني تركتهم وابتعدت منذ زمن. يا ليتني اكملت تعليمي بعيدا عنهم"
هز خليل رأسه
"هل يمكنني رؤية ما وصلك ؟"
كان يحاول أن يغير الحديث كي لا تغرق بالحزن فيكفيها ما هي به.
رفعت نظرها بنظره متحدثه بحزن
"هل ستأخذهم مني"
_"لا يمكنك الاحتفاظ بهم ، لو تم اكتشاف أمرهم "
اسرعت بردها
"لم يراهم احد. ساخبئهم جيدًا"
ظل يفكر وهو ينظر لانتظارها الرد منه قائلا
"لأراهم اولا ومن ثم أقرر هذا"
ردت *بخوف
"عدني ان لا تقهر قلبي عليهم. انتظر لنتفق على شيء لنعيدهم لمنزل عمتي محاسن بدلا من التخلص منهم"
_"وما الفائدة من عودتهم إليها بدونك. ام تظنين إنك ستعودين بالمستقبل لهم"
اجابته *بحزن
"لا أحد يعلم ما تحمله الأيام لنا"
أومأ برأسه
"نعم أنت محقة بهذا . هيا اخرجيهم لنرى محتواهم ومن ثم نقرر هل اساعدك بتخبئتهم ام نتفق على عودتهم من حيث أتوا "
انارت بادرة أمل في عينيها الهزيلة تحركت لتخرجهم من تحت فراشها، تحدث ليطرأ عليها "ماشاءالله تحسنت خطواتك حتى أصبحتي لا تحتاجين للتسند أثناء سيرك"
عادت بالقرب منه لتمد يدها بالصندوق كي يأخذه منها ليرى ما بداخله، رفض خليل اخذه وقال
"افتحي انتِ واريني بنفسك"
جلست على المقعد واضعه الصندوق على ارجلها ثم بدأت بإخراج اول قطعة منه قائلة بوجه اختلطت الدموع بالابتسامة الحزينة
"فستان طفولتي كنت أرتديه وأنا بعمر السبع شهور"
مد يده ليأخذه منها بوجه مبتسم
"هل كنتِ بهذا الحجم"
ثم نظر لها مكملا
"لم يتغير شيء نفس الحجم تقريبًا باختلاف الطول "
ابتسم وجهها اكثر وهي تمسح دموعها
"كانت أمي تقول لي نفس الشيء"
نظر خليل للصندوق لتكمل هي إخراج القطع منه
"هذا دفتر ذكرياتي كنت أكتب به يومياتي وانا بالابتدائي. وهذه دفاتر بداية تعلمي الكتابة"
فتحت احداهم
"انظر إلى خطي "
رد خليل وهو ينظر ليديها التي أصبحت تجرف الدموع من عينيها يمينًا ويسارًا حتى تستطيع رؤية باقي الأغراض قائلا
"يا له من خط رائع من علمك الكتابة بهذا الجمال"
تحمست بجوابها
"أمي . لقد كانت تهتم بكل التفاصيل، حتى كان لي عدة رسومات رائعة ساعدتني بتلوينها بألوان مائية انبهرت المعلمة بها كما تم تكريمي بالإذاعة المدرسية لأجلهم "
انتاب الفضول خليل متسائلا
"هل يمكنني رؤيتهم"
مسحت دموعها من جديد مجيبه بفم كور *حزنًا*واشفاقًا على نفسها
"قطعتهم زوجة ابي "
غير مسرى الحديث كي لا تعود لقوقعة حزنها
"هل بهذا القدر فقط"
هزت رأسها بالنفي مخرجه عدة قطع تذكارية عائدة لطفولتها وهي تحكي له عن عمرها وسببها حتى وصلت لميدالية فضية مكتوب عليها
"لا إله إلا الله "
سألها خليل
"اشترتها امك لكِ كي تحفظك أثناء غيابك عنها، كما من المتوقع وجود الجزء الثاني الخاص بها بالصندوق"
نفت بحركة رأسها
"لا أنها تخص زوجي اقصد خطيبي"
تعجب خليل متسائل
"كيف! هل كنتِ متزوجه من قبل!؟، اي زواج هذا وأنا… يعني علمنا إنكِ"
كان يشير بكلامه الأخير لعذريتها حين أتت إليهم.
اومأت رأسها خجلًا منه مجيبة
"عقد قران فقط دون زواج مكتمل، انتهى بوفاته قبل ما يزيد عن سبع سنوات"
نظر خليل للميدالية وقد تسللت الغيرة لقلبه قائلا
"من الواضح أنه كان ذو مكانة عالية لديك"
صمتت دون جواب ممسكة بالصندوق الصغير لترفعه بوجه خليل لتريه فراغ داخله، تساءل بجدية "هل بهذا القدر فقط"
نظرت لوجهه بصمت ليعيد هو سؤاله
"اصدقيني القول، تعلمين الثقة مهمة جدا بين الطرفين وخاصة إن كانت بين زوج وزوجه"
ردت بصوت مهزوز
"هناك شيء آخر"
أكد خليل على معرفته بهذا مد يده "هيا اعطيني إياه "
وقفت ثم استدارت لتعطيه ظهرها واضعه يدها بفتحة صدر العباءة مخرجة الورقة منها ثم عادت لتستدير وهي تمد يدها
"هذا كل شيء"
أخذها خليل الورقة ليقرأها باهتمام وتركيز *خوفا *من ان يكون بها ألغاز او اتفاقيات تبرم من وراءه .
نظر لها ثم نظر للورقة قائلا
"ومع ذلك وصول صندوق كهذا ليدك سيكلفنا الكثير من المشاكل والمهاترات المزعجة"
نزلت الدموع من عينيها وهي تنظر للصندوق قائلة
"كما تريد أصبحوا معك فلتفعل ما تريد"
تحركت لتعود لفراشها حامله *حزنها*بقلبها ، اوقفها حديثه
"ولكن إن اتفقنا على اخفائه بشكل كامل .."
التفتت له بفرح مستمعة لتكملة حديثة
"حينها لن نضطر لمواجهة المشاكل"
تحدثت بسرعة فرح قلبها الحزين
"ساضعها تحت الفراش أعدك أن لا يراها احد"
هز رأسه بالرفض*قائلا
"وما الذي يضمن لنا عدم رؤية الخادمات لهم أثناء التنظيف وتبديل اغطية الفراش، الأفضل أن اضعهم بالخزانة السرية في غرفة مكتبي داخل المعمل الخاص بي"
ردت بحزن
"ألا نستطيع تخبئتها هنا"
ابتسم لها
"حسنا لنفعلها ، ننتظر ان ينام الجميع ومن ثم أتي إليكِ لنخبئهم في الحديقة مثلا او بالسرداب السري أسفل المنزل"
ردت باهتمام
"هل يوجد سرداب سري أسفل المنزل؟"
ضحك خليل مجيبًا "حضري نفسك وانتظريني لتريه"
اشار لها نحو الصندوق
"هيا أعيديه أسفل الفراش قبل ان يراه احد"
اسرعت بفعل ما قاله لها ليطمئن قلبه على حركتها وتحسنها بالتجاوب معه، وقف مقترب من الباب
"لأهربُ انا قبل أن يلاحظ أحد غيابي، انتظريني بعد منتصف الليل سأتي لنرى كيف نخبئه "
فرحت سلمى كفرحة طفلة صغيرة وجدت لعبتها المحببة بعد إضاعتها لها.
خرج من الغرفة بوجه فرح منتصر بنجاحه في جعلها تتجاوب معه، لم يكتمل فرحه حين تغيرت ملامح وجهه فور رؤيته لزوجته تقف أمام الغرفة تنتظر خروجه بعيون *غاضبة *وأيدي شبكت على خصريها استعدادا لبدأ *حـ.ـرب *الشجار *والاستجواب.
تحرك نحو مكتبه
"اخبري وداد انني بحاجة لكوب شاي بالنعناع، اكدي عليها ان يكون مظبوط ولا أريده خفيف او ثقيل التركيز"
تحركت خلفه وهي تخرج *غضبها *عليه
"كلما غفلت عنك أجدك داخل غرفتها. ما خطبك الفتاة لا تريدك ولا تريد الاندماج معنا. اتركها لحالها يكفي ان تظل صامته على حالتها"
جلس على مكتبه بضيق
"أرى إنكِ تخطيتي أمر *الحادث *بسرعة، من يراكِ وانتِ تدخلين المنزل بصعوبة يعتقد الزامك الفراش لعدة ايام"
ردت بضيق
"لا تغير الموضوع. بماذا كنتما تتحدثان وكيف تخاطر بنفسك لأجل إنقاذها. ماذا ان *انفـ.ـجر الصندوق بوجهك"
تمسك بهدوئه أثناء رده
"ولكني أنقذت منزلنا وليس هي وحسب"
_"خليل لا تثير *غضبي. لقد دخلت لتنقذها بعد أن ناديتها عدة مرات. وأصبحت تهرول نحو المنزل بقولك استسلمت لقدرها استسلمت لقدرها"
حاول أن يلمس الرحمة بقلبها
"وهذا ما وجدتها عليه. هل تصدقي انها اقتربت من الصندوق لتفتحه وتنهي حياتها "
_"لتنهيها ما دامت متشوقة لانهائها لهذه الدرجة"
تعجب خليل من كلامها متسائلا
"منذ متى اصبحتي قاسية لهذا الحد"
_"ألم تعلم اجابة سؤالك؟ أن أصبحت كما تقول فستكون انت *المذنب *الوحيد بهذا التغيير. نعم تغيرت . تغيرت منذ ان ذهبت وأتيت بعروس و وضعتها أمام عيناي . وتجبرني الأن ليس فقط على قبول الوضع لا بل على قبول توددك وتقربك و تذللك لها كي تفوز برضاها "
وقف *صادمًا *قبضة يده أعلى المكتب
"لقد تعديتِ حدودك. اصمت حتى تتخطي المرحلة وتعتادي على الوضع الجديد بسلام و لكنكِ تزدادي *شراسه *وغضب *وتطاول"
اقتربت رشيدة من المكتب بغضب وضح على ملامح وجهها وتكشيرها عن انيابها
"تطاول! هل طلب الحقوق تطاول؟ ام ان قول الحق تعدي على الحقوق والحدود! اقولها لك الان وغدا ومستقبلًا لن اعتاد على هذا الوضع وعليك ان تجد حل سريع قبل ان اخرج عن طوري وترى وجه لم تراه من قبل "
خرجت من الغرفة وهي *تحترق *بنار *غيرتها، تمالك اعصابه *بصعوبة *كبيرة *رافضًا *صوت *غضبه *الذي يحثه على الذهاب خلفها مخرجًا بها ما مر به طوال اليوم من خسارة وألم وحزن.
جلس على مكتبه يستغفر ربه *بغضب *وضيق، كما جلست هي على فراشها تبكي قـ.ـهرها وغيرتها العمياء.
ازدادت الحـ.ـرب شدة وقسوة تصدرت تفاصيلها المحزنة الشاشات الإخبارية.
امتلك الجميع الخوف من أصوات الانفجا.رات المتتالية طوال الليل.
…..
استيقظ حسين من نومه ليلًا ناظرًا بحزن نحو زوجته وولديه الصغار المتمسكين بحضن امهم *خـ.ـوفًا *من الأصوات التي كانت كفيلة ان ترج المنزل بقوة.
ظل ينظر نحوهم وهو يتذكر احتضان فوزية لقرة عينها، ابتسم وجهه المكلوم بحنين الذكريات كما تنهد بألم قلبه على ابنته مستمع لصوتها الصغير وهي تقتحم غرفتهم بوجهها الأبيض الذي يشبه بيضة الكتكوت
"سأنام اليوم بجانبكم"
دمعت عينيه المغمضة وهو يستمع لجوابه الضاحك
"وكأنه اليوم فقط يا صغيرة الاقزام"
أخرج انفاسه الحارة الحزينة المتألمة بسماعه صوت زوجته المحببة لقلبه
"هل خافت حبيبة امها"
أومأت سلمى برأسها
"اشعر وكأن السماء ستسقط علي من كثرة ارتعاشها"
ضحك حسين من قلبه في ذلك الوقت حينما كان القلب يعي معنى الضحك والسعادة الحقيقية مجيبًا على ابنته
"ترتعد وليس ترتعش"
ثم فتح ذراعه لابنته ذات العشر سنوات لتركض صاعدة الفراش مختبئة بحضنه.
تحرك حسين وجلس على فراشه لينزل قدميه ارضًا وهو لا زال يتذكر احتضان فوزية لهم ورفع الغطاء عليهم ليتدفئوا جميعًا بدفء المحبة والمودة والرحمة.
نظر خلفه نحو زوجته وولديه من جديد ماسحًا عيونه ليذهب للحمام بعدها كي يتوضأ ليصلي رافعًا يديه للسماء ليدعو باختناق صدره
"اللهم إني أستودعتك ابنتي قرة قلبي وعيني أمها اللهم احفظها وأبدل *خوفها *أمنا *وحزنها *فرحًا، ارتضينا بحكمك يا الله فلا *تفجعنا *بظلمها *وقهرها، اسعدها واحفظها من *شر *السوء، حنن قلب زوجها عليها ولا تنصر ظالم عليها يا الله "
.........
وهل سيجدي الندم نفعًا بعد ان كسر وتحطم فؤادها المكلوم 😥
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.
منها "رواية حياتي"
رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..