recent
جديدنا

عروس بغداد الفصل الواحد والثلاثون

عروس بغداد 

بقلم أمل محمد الكاشف



خرجت من مكتبها وهي تهرول في الممر تهمهم بينها وبين نفسها 

"لن اعود للوراء مرة أخرى. لن اسمح لكم بظلمي مجددًا. لن أعود لحكم وسيطرة تجار الأسلحة. لن أعود للتصدي لمخططات رشيدة السخيفة "


تعجب الممرضين والأطباء وأهالي المرضى 

من حالتها وعدم ردها على مناداتهم لها، لم تكن تعلم قبلتها فكانت كالتائه في تنقلها بين الأدوار والممرات بأعين تراقب النوافذ الخارجية بذعر وخوف، انصدم دكتور تيّم حين رآها بهذه الحالة أسرع نحوها وهو ينادي

 "دكتورة سلمى. دكتورة سلمى" 


دون أن تجيب عليه وهذا ما جعله يركض خلفها ليلحق بها متسائلا  

"عساه خير ان شاء الله. هل يمكنني مساعدتك بشيء؟"


وصلا لنهاية الممر وقفت لثواني لتلتقط أنفاسها وهي تنظر إليه

 "لا شيء شكرًا لك"


تحركت مقتربة من النافذة، سألها 

"أين المريض. بأي غرفه. اشعر وكأنك تائهة برقم الغرفة"



نظرت للخارج عبر النافذة المطلة على بوابة المشفى وهي تقول بنبرة حالتها المبعثرة

 "لا يوجد شيء تفضل حضرتك يمكنك متابعة ما قدمت لأجله"


نظر هو ايضا من النافذة قائلا بقلق

"هل تنتظرين احد؟"


ارتبكت وازدادت خوفًا حين رأت عدة سيارات متشابهة وقفت أمام المشفى قائلة بصوت مهزوز يملأه الخوف

"لقد جاؤوا. جاؤوا"


نظر بقلق نحو ما كانت تنظر له وهو يسألها من الذي أتى ؟"


 تحدثت بسرعة

 "عليّ ان اتصل بالشرطة. نعم سأتصل بالشرطة. لا يمكن لأحد ان يسلبني حريتي مرة أخرى"


رد عليها بقلق 

"ممن تخافين هل يهددك أحد؟. ام إنكِ تورطتي مع عائلة أحد المرضى...."


لم يكمل حديثه حتى صدمته بقولها 

"الزواج . نعم لا مهرب لي غيره"


لم ينتظر جوابها على الاطلاق حدق بنظره وهو يحدثها 

"عفوا انا لا افهمك. ما دخل الزواج.." 


قاطعته بحالتها الغريبة عليه

"اريد ان اتزوج بأسرع وقت. الزواج هو الحل القاطع لهذه المهزلة. لأتزوج كي يقطعوا أحلامهم ويبتعدوا عني. نعم الزواج خلاصي منهم للأبد" 


تحركت لتكمل سيرها بخطواتها المهرولة، ظل ينظر نحوها باستغراب شعر للحظات انها تمزح معه ولكن ليس هذا وجه او حالة شخص يمزح، أسرع خلفها ليسألها مرة أخرى منصدم بإعادتها حديثها لتؤكد له ما سمع

 "اريد ان اتزوج بسرعة هل يمكنك مساعدتي، من المؤكد أن لديك موظفين بالشركة يمكنني ان طلب من أحدهم الزواج مني بمقابل مادي"


توقفت لتلتقط أنفاسها بعيونها المشعة ببريق ذعرها وهي تقول 

 "سأعطيه مبلغ مغري بالمقابل توقيعه على شرط جزائي كبير ان رفض الطلاق مني دون مشاكل او طلبات او تأخير"


سألها بنفس حالته وهو منصدم مما يسمعه

"ولماذا؟ ما الذي يجبرك على ذلك؟"


اجابته بذعرها ونظراتها التي لم تنقطع عن مدخل المشفى الخارجي

 "انا بمشكلة كبيرة ولا يمكن حلها او النجاة منها إلا بالزواج"


وبجديه واهتمام حدثها

"اخبريني ما مشكلتك وانا سأحاول مساعدتك دون ان تجبري على ما تقوليه"


اجابته بنظرها الذي علق على بوابة المشفى

 "أخرجني من هنا أولا ومن ثم اخبرك بكل شيء"


تحرك جهة المصعد الكهربائي مستجيبًا لطلبها، وقفت واضعه يدها على رأسها متألمة من الطرق الذي داهم جانبي جبهتها 

 "لا يمكنني المخاطرة والخروج من البوابة الرئيسية. اقترب وصولهم لي. عليّ ان اخرج متخفية من المشفى، على الأقل لنخرج من الكراج الخلفي، انتظرني هنا سأذهب الى غرفة مكتبي كي أخذ حقيبتي وبعض الأشياء الضرورية واعود لننزل سويًا"


تحركت خطوات توقفت بعدها لتسأله 

"ماذا إن كانوا هناك؟"


اجابها بقلق أصابه من حالتها

 "لا تذهبي اذا لا يمكنك العودة الى غرفة مكتبك وانتِ تترقبين وصول الخطر المؤكد بأي لحظة، استمعي لي جيدًا لنخرج من المشفى اولًا ومن ثمَ أعود أنا لأخذ أغراضك الضرورية"


أومأت برأسها مستسلمة 

 "هكذا افضل. بكل الأحوال لا يمكنني المجازفة عليّ الخروج بسرعة دون ان يراني أحد منهم، لأذهب أنا في اتجاه البوابة الخلفية حيث مخازن المواد الطبية، أتمنى ان استطيع الخروج، وانت انتظرني هناك بسيارتك"


رفض تركها قائلا

 "لا يمكنني تركك في ظل احتمالات إصابتك بمكروه، لنخرج سويًا وبعدها نجلس ونتحدث بهدوء لأستطيع مساعدتك، هيا اتبعيني"


خلعت البالطو الأبيض والقت به على احد المقاعد المصفوفة بالممرات وهي تتلفت يمينًا ويسارًا بخوف، لم يرفع عينه من عليها كان قلق ومترقب لظهور أي مفاجأة غير مرغوب بها امامه، وضع عدة سيناريوهات جميعهم يؤكدون وجوب الدفاع عنها وعدم إصابتها بأذى وإن كانت هي المخطئة في الأمر.


وفور نزولهم للأسف تفاجئ تيّم بعين سلمى الجاحظة وهي تحدثه بصوت غليظ مرتجف

"وصلوا. جاء ابي انهم هناك.  سيروني". 


تحرك ليستدير ولكنها حذرته 

"لا تلتفت اعمامي خلفك. ان رأوني سيأخذونني"


رفعت نظرها نحوهم بخوف منصدمة من تقدم أبو بكر أمامهم وهو يرشدهم لبوابة المدخل، ارتجف صوتها بقولها

 "أبو بكر معهم"


سحبها ليضعها على الحائط رافعا ذراعيه ليسندهم على جانبي رأسها بزاوية أحادية كي يخبئ وجهها مقترب منها بحذر قائلا 

"اثبتي كي لا يتعرفوا عليكِ"


حدثته بقوتها الواهية وأنفاسها المتقطعة

"أبو بكر معهم. سيأخذني بالإجبار"


اقترب منها اكثر كي يخفي وجهها بين ذراعيه المرتفعة بجانب وجهها، انتبهت لحالته قائلة بضعفها 

" إياك أن تقترب أكثر كي لا انسى ما انا به واسلمك لهم بنفسي"


لم يتوقع قوتها ودفاعها عن عفتها بهذه اللحظة التي كادت ان يغشى عليها بها، كانت الأوجه قريبة من بعضها دون تلامس من يراهم من الخلف يعتقد انهما حبيبين في لحظة حميمية خاصة ولكن الحقيقة عكس ذلك فها هي تنظر لعينيه بكل قوة عازمة على فعل ما توعدت به ان اقترب اكثر.


لم يستطع أن يحرك عينيه عن عينيها التي ولأول مرة يلاحظ تقلب لونها بهذه السرعة، ظل يركز في خضرها وزرقها وهو لا يصدق ما يراه.


نجحا في خداع عصبة الرجال الذين دخلوا بوابات المستشفى الداخلية، ليبدأ تيّم بالتحرك بحذر وتخفي بجانب السيارات حتى وصلوا لسيارته خارج الكراج صاعدين بها تاركين المكان بسرعة كلفته مخالفات مرورية كونه قطع اشارة المرور مرتين على التوالي.


وقف امام مطعم للمأكولات الهندية قائلا لها 

"هيا لندخل نأخذ استراحة محارب نفكر ونتفق على ما سنفعله ومن ثم نبدأ بالتنفيذ"


رفضت دخول المطعم قائلة 

"ان لم تستطع مساعدتي بإيجاد هذا الشخص سأبحث انا عنه، لدي الكثير من الزملاء يمكنهم مساعدتي .."


قاد سيارته بسرعة ضيقه وخوفه عليها حتى انحرف عن الطريق السريع متخذ الرمال والطرق الجانبية مسلك له حتى وصل لمكان فارغ تماما وقف بمنتصفه قائلا 

" كيف يساعدونك! الو مرحبا كيف الحال انا الدكتورة سلمى هل يمكنك مساعدتي بإيجاد عريس لي، أريده بسرعة ان سمحت".


حدثته بصرامة وضيق

"الحق على من طلب منك المساعدة"


وتحركت لتفتح الباب وتنزل من السيارة دون ان تنجح لسرعته في قفل الأمان.


نظرت له بعيونها الممتلئة بالدموع طالبة منه فتح امان الباب لتنزل وتتصرف هي بحل مشكلتها، اجابها برفضه طالبًا منها الاستماع له قبل النزول.


قابلت رفضه برفض اكبر منه حين شاركتها جوارحها بقول 

"افتح الباب لا اريد مساعدتك"


ليتحدث هو بنبرة عالية

"حسنًا يناسبني هذا ولكن قبل ان تنزلي عليكِ ان تخبريني كيف ستحلين مشكلتك وحدك. ماذا إن أرادوا التأكد من صحة الزواج. ماذا إن أراد والدك رؤية منزل زواجك. كيف ستنتقلين لمنزل رجل لا تعرفيه حينها ماذا ان اذاكِ أو أراد ...."


صمت للحظات التقط بهم أنفاسه مهدئ من غضبه وهو ينظر ليدها التي أصبحت تنتفض من شدة ارتجافها رافعًا عينيه على وجهها متأثرًا باكتظاظ لونه الأحمر بحجم مصيبتها.


اشفق على حالتها رفع من درجة المكيف لتدفئ حواسها متسائلا بصوت علاه نبرة الشفقة والرحمة  "ما الذي يجبرك على الزواج بهذه السرعة، ما بينك وبين عائلتك يجعلك تخافين منهم لهذه الدرجة ، ما الذي يجبر شخص مثلك على الهروب من عائلته ؟"


اهتز قلبه حين سمع صوتها المهزوز يخرج من بين فكيها المرتجفين من برودة جسدها

"اتى أبي ليعيدني لسلطته الظالمة، اتو ليأخذونني ويعيدوني لزوجي مرة أخرى، سيلقون بي في النار دون أن يفكروا بأحد سواهم"


صُدم من حقيقة زواجها سابقًا والتي ألقيت بوجهه لتزيد تخبطه وحيرته بأمرها، ابتلع ريقه ناظرًا حوله محاولًا التقاط أنفاسه المختنقة، ازداد ارتجاف جسدها حتى اصبح يسمع صوت صرير أسنانها وهي تكز ببعضها، رفع درجة تكيف السيارة أكثر متحدثًا بقلبه الذي هوى بصدمته

 "هل كنتي متزوجة من قبل!"


بكت سلمى وهي تخبره عن كيفية إجبارها قبل سنوات على الزواج من شخص متزوج لأجل تطبيق أحكام كبار العشيرة.


استمع لظلمها وهو لا يصدق ما حدث بها، كانت عيونها وجوارحها وحالتها المرتجفة وهي تحكي له يؤكدان صدق وصعوبة ما مرت به.


نظر للفراغ أمامه قائلا بنبرة قوية 

" ومع ذلك لا يمكنك الزواج من أي شخص لأجل الهروب منهم ، لنذهب إلى الشرطة ونقدم بلاغ في حقهم حتى يمكننا أن نأخذ عليهم تعهد بعدم الاقتراب منك نحن نعيش في دولة قانون"


حركت راسها على جانبيها

"انت لا تعرفهم ، ولا تعرف ظلمهم وظلامهم، رأيت أبو بكر معهم، نعم رأيته لقد عاد ليزيد من ظلمه، من المؤكد انهم يعلمون برفضي لذلك استعانوا به كي يضغطوا عليّ بالقوة"


_" هل هو اخاكِ! بكل الأحوال لا تخافي انا معك ، كما أنكِ لستِ بشخص عادي كي تخافي وتهربي، أنتِ دكتورة أنتِ نابغة بعلمك …"


قاطعته بدموع عيونها

 "سيلجؤون لخطفي أو الضغط عليّ أو من الممكن ان يهددوني بما لا يخطر على عقل احد، سيفعلون أي شيء وكل شيء ليجبروني على العودة معهم، لا يمكنني ترك نفسي لهم بعد معرفتي حقيقتهم، لن أعود لهم وان كلفني هذا حياتي سأنهي حياتي بيدي قبل أن ينهوها هم ، الزواج الوحيد الذي سيجعلهم يتراجعون، نعم لن يستطيعوا تنفيذ ظلمهم ان وجدوني متزوجة" 


مسحت دموعها متملكة نفسها وهي تقول 

"سأتصل بطارق كي يساعدني، لن يتركني طارق وحدي بهذا القدر، هو من يعلم بوضعي وظلمهم"


سألها بفضول 

"تقصدين الدكتور الذي تزوج مؤخرا بيوم حادث سطح المشفى!"


رفعت هاتفها وهي تجيبه

" نعم هو، لقد خاطر بحياته من قبل كي يخلصني من يديهم قبل حادثة زواجي ولكنه لم ينجح حينها، سأتصل به لعلنا نجد حل قاطعًا"


سحب هاتفها منها متسائلا

 "ألم تخبريني أنه خارج البلاد، كيف سيساعدك؟"


امتلت عيونها بالدموع وهي تجيبه 

" ليس لي سواه. طارق لن يخذلني مثلهم"


 اغلق عينيه بيده محاولا استيعاب الفوضى التي ملأت رأسه قائلا

"انا سأحل لكِ كل هذا، لنتزوج وتأتي لتعيشين في منزلنا وسط أمي وأختي، هُناك مأمن لكِ وبظل وجودهم لن يصيبك خوف أو قلق"


ردت عليه بسرعة رفضها

"أتزوجك! لا. لا يمكنني فعل ذلك. لا اريد اقحامك بأمر كهذا وأيضا من الممكن عدم موافقة والدتك على الزواج بهذا الشكل، بجانب ماذا ستقول لهم أن تم الطلاق بعد عدة أسابيع، لا لا يمكنني الموافقة على ما تقول"


أومأ تيّم برأسه ليطمئنها بإجابته الهادئة

"سأواجه كل ذلك ان وافقتي"


رفضت بقوة 

"لا لن أقبل. من فضلك لنبحث عن شخص غريب لا يعرفني ولا اعرفه يأخذ مبلغ كبير مقابل الموافقة على الشروط"


أخذ نفس عميق حزين قائلا بعده بقوة وغضب

"لا يوجد لكِ زواج من أحد غيري انتهى.. والان اصمتي لنفكر كيف سنفعلها"


رفعت صوتها عليه

 "وما شأنك انت بي انا من سيقرر …"


قاطع صياحها برفع اصبع السبابة بوجهها وهو يحذرها 

'' اخفضي صوتك وإلا ذهبت لاسلمك لهم بيدي"


ردت بقوة 

" لا يمكنك فعلها"


ورغم كل ما هم به إلا أنه لم يستطع إخفاء ابتسامته التي رسمت على وجهه وهو يجيب على جوابها الذي خرج منها بشكل اسعده

"نعم لا يمكنني فعلها ولكن لا احد يعرف أن اجبرتيني على ذلك ما يمكنني فعله، لذلك عليكِ ان تتحلي بالصبر والهدوء كي نستطيع التصرف في اي مشكلة تواجهنا، صوتك العالي وغضبك السريع لن يُمكننا من حل أي شيء"

  

تمالكت نفسها بعد ان هدأ ارتجافها واستطاعت السيطرة على رجفة الأعصاب التي امتلكتها قائلة  

 "حسنا  سأحاول التحكم بأعصابي وعدم رفع صوتي ولكن لا تختبر صبري. جد لي شخص يوافق على عقد الاتفاق والمبلغ المتفق عليه في حين إتمام شروط الزواج على أكمل وجه ومبلغ آخر كشرط جزائي ان رفض الطلاق"


تعجب مما يسمعه فقد قامت بإعادة نفس الحديث من جديد ، سألها ليراجعها عن طلبها

 "كيف بعقلك الكبير أن تصري على تكرار هذا الهزل. لنفترض انكِ وجدتي شخص  يخضع لكِ بهذه السهولة وتم الاتفاق على الزواج لأجل مبلغ مالي. ألم تفكري ماذا إن طلب المزيد بعد الزواج؟، ماذا ان ذهب لعشيرتك لأخذ المزيد من المال وهو يخبرهم عن تفاصيل الزواج المتفق عليه؟. ناهيك عن كل ذلك ماذا إن أخذ أغلى ما لديكِ بالقوة والغصب ومن ثم سلمك لعشيرتك مقابل مبلغ أكبر مما أعطيته له؟، هل ستبلغين الشرطة كونه أخذ حقه كزوج منك؟، انا لا اصدق ما تفكرين به كيف تأمنين نفسك لأي شخص؟ من يبيع مبادئه لأجل مال يمكنه بيعك لأجل نفس السبب فقط من يدفع أكثر''


صدمته ببكائها الهستيري ورغبتها بالدخول في الطريق مع أي شخص أيًا كانت النتيجة كي تنقذ نفسها من سلطة وتحكم وتجبر عشيرتها وسوئهم.


حزن على وضعها الذي يراها عليه لأول مرة، تحدث بصوت منخفض لا يعبر عن ما يشعر به 

"ان كنتِ مضطرة لخوض التجربة فأنا من سيساعدك وليس غيري على الأقل سيكون سوئي أفضل من غيري"


تعجبت مما قال متسائلة

"كيف سوءك افضل من غيرك؟"


_"يعني انكِ ستجدين اختي وامي في صفك حين تسول لي نفسي بمخادعتك او إيذائك"


ردت عليه وهي تمسح دموعها 

"اقسم لك انه من الصعب قيامي بخطوة كهذه، داخلي يرفض ما قرره عقلي و لكني مجبرة على الزواج السريع لأجل ان اغلق الأبواب والافواه والطرق أمام عودتي لعائلتي، من المؤكد أنك تتعجب الان من حالتي فأنت لا تعرف ما مررت به، أنا لم أجد من يتمسك بي او يدافع عني امام ظلمهم، الجميع خذلني والديّ تنازل عني بشكل افقدني عقلي، لم يراجعوهم ولم يفاوضوهم حتى على طريقة تسليمي للجهة الأخرى كما لم يهتموا بمن سأتزوج، بالعادة من المفترض معرفتي بمن سأتزوجه وأن أترك عائلتي بعد عقد القران ولكن ما حدث معي كان اشبه بأسرى الحرب، حتى اسرى الحرب يرفقون بهم اكثر مني، هل تتخيل أنهم كانوا سيزوجونني رجلا بعمر الستين ليس هذا وحسب تم حقني بمواد مخدرة حتى يتمكنوا من السيطرة عليّ وتحكم زوجي بي، لا احد يعلم كم تمزق قلبي كلما تذكرت موقف عائلتي وعيونهم وهم يسلمونني لهم، انت لا تعرف ما شعرت به وانا اتنقل من منزل لمنزل دون معرفتي بما ينتظرني، أصبحت زوجة ثانية لا حقوق لها أسيرة عصمة رجل اشفق على ضعفي وكسري و وحدتي يحاول مساعدتي وبنفس الوقت يحاول المحافظة على استقرار حياته الخاصة مع زوجته"


حزن على قهرها وبكائها الذي تخلله الشهيق وما اشبه بانقطاع الانفاس وهي تتذكر خذلان عشيرتها لها وصمت والدها وكأنه كان ينتظر لحظة تخلصه منها

"توالت صدماتي بهم ، كسروني ودمروني بكل مرة كنت أحاول العودة لحضنهم، حتى علمت بالأخير ان الله أراد بي الخير ونجاني من سوئهم، لا يمكنني العودة لعالمهم وخاصة بعد اكتشافي لحقيقتهم"


أعطاها المناديل الورقية لتمسح دموعها وهو يهدئها ويعدها بمساعدتها كي ينتهي كابوسها، حزن على حالتها وما هي به بل كما حزن من نفسه  محدث روحه 

"ياليتني اخبرتها بسبب مجيئي للمشفى قبل ان تطلب طلبها هذا" 


ولكن  كيف كان سيخبرها حين صُدم بحالتها وطلبها سرعة هروبها من عشيرتها.


اتصل بالمحامي المتولي أعمالهم القانونية كي يسأله عن كيفية اجراءات عقد القران اذا كان الزوجين من جنسيات مختلفة، امسكت هاتفها كي تفتحه ولكنه اسرع باخذه منها وإغلاقه بشكل نهائي مكمل حديثه مع المحامي حتى انتهى من المكالمة.


مدت يدها طالبة هاتفها ولكنه رفض مؤكد على ضرورة ان تبقي عليه مغلقًا حتى يتم عقد قرانهم .


سألته بقلق

 "اريد ان انهي الامر اليوم لا زلنا ببداية النهار"


نظر لساعة يده وهو يقول 

"لا يمكننا اليوم هناك اوراق مهمة علينا تحضيرها وختمها من سفارة العراق بجانب سفارة الامارات وموافقتها على الطلب ومن ثم تحديد موعد الزواج".


ردت بخوف

 "لا يمكنني انتظار كل هذا الوقت سيجدونني و يأخذونني عنوة"


اجابها بقوة لم تشهدها بصوته من قبل

"ليقتربوا منك كي يروا ما ينتظرهم، اقسم انني ساجعلهم يندمون، هل نحن بغابة، لا تقلقي وايضا سنذهب لمنزلنا لتبقي ضيفة لدينا حتى انتهاء إجراءات الزواج ستكونين بمأمن هناك، لن يخطر لاحد بقاؤك في منزلنا لهذا كوني هادئة"


عاد ليقود سيارته وهو يفتح هاتفه ليحدث أمه قائلا 

"انا بالطريق إليكم معي ضيف تحبينه كثيرًا"


سألته أمه عن الضيف ولكنه لم يصرح بشخصها تاركا أمه تفكر في من سيأتي لهم.


تحدثت سلمى بخجل 

"لا اعرف كيف ساريهم وجهي من بعد الان"


رد عليها بعقل ملأ بكثرة الأفكار والتدابير

"اتركيها عليّ وانا ساحلها"


رن هاتفه ليفتح سريعًا مجيب عليه

"حسنا فهمت عليك، اريد منك ان تبدأ بإجراءات تجهيز الورق والموعد ومن سيسهل لنا سرعة انتهائها، افعل كل ما بوسعك كي ننهي المعاملات بشكل كامل"


صمت ليستمع للمتصل قائلا بعدها 

"اعطني نصف ساعه على الأكثر أصل للمنزل وارسل لك جميع ما تحتاج إليه"


اغلق الاتصال معاود اجراء اتصال آخر قائلا 

"ماجد اريد منك خدمة صغيرة كنت بحاجة ملحة لمصور خاص يأتي للمنزل ويأخذ ما يريد شرط ان ينهي الامر بأسرع وقت" 


رد صديقه ماجد عليه

 "لا يوجد اسهل من هذا، ارسل لك احد المصورين المحترفين لدينا"


شكره واغلق الهاتف معاود الاتصال بشخص اخر قائلا

"فايد بيه كيف الحال أتمنى ان يكون كل شيء على ما يرام"


صمت لوهلة قائلا بعدها 

"الشكر لله كله بخير، اتصلت لطلب المساعدة رأيت أمس فستان أحمر من ضمن تصميمات العروض الجديدة"


اسرع بنفي ما سمعه 

"لا ليس لاختي اريده هذه المرة لشخص اخر طولها مئة وخمسة وخمسون سنتيمترات ووزنها لا يتعدى الخمسون، ان وصلني باقرب وقت سأكون ممنون منك"


_"العفو منك سيد تيّم  سيتم تضبيط المقاس وإرساله مع فريق العمل في غضون ساعة من الآن، هل على عنوان الشركة ام المنزل"


اجابه تيّم

 "حسنا سأرسل لك عنوان المنزل الجديد" 


اغلق الهاتف ناظرا لسلمى 

"علينا ان نلتقط عدة صور توثق عقد الزواج وكأنه طبيعي كي يكونوا حجة لنا امامهم لذلك توجب حجز فستان يليق بالمناسبة"


ردت عليه باستغراب 

"هل تعتقد أنهم سيقتنعون بذلك، بكل الأحوال تاريخ عقد القران كفيل لمعرفتهم زيفه ولكني سأفعلها كي يكون حجة قوية تمنعهم من الاقتراب مني كما أنني سأستعين بالشرطة لأكون بموضع قوة"


رد تيّم عليها

"نعم لنخبر الشرطة بعد إتمام الزواج كي نقتلع أي شرارة غدر تصدر من جهتهم"


ردت بصوت مختنق بالبكاء

"لا اريد ان ارتدي فستانا وخاصة إن كان باللون الأحمر"


اسرع بفتح هاتفه والاتصال بسرعة لتغيير اللون الأبيض.


بكت بصمت قهرها وحزنها لما كانت تتمناه بأحلامها وما يحدث معها.


وصلت سيارته أسفل منزله نظر لها قائلا 

"لا تتحدثي بشيء اتركي الأمر كله لي"


أومأت برأسها مستسلمة لقدرها الجديد، وقبل نزوله جاءه اتصال فتحه بسرعه شاكرا له ما فعله قائلا 

" لا تجهد نفسك سأرسل لك من يأخذه منك"


نظر لسلمى بعد ان أغلق الهاتف 

_" تم الامر اصبح ملفك بيد دكتور أحمد سارسل احد الاصدقاء لأخذه منه وبهذا نكون انهينا اهم قسم في تجهيز الأوراق المهمة"


صعدا سويًا لتتفاجئ الام بوجود سلمى أمامها فهي آخر من تتوقع مجيئه بهذا اليوم الذي ذهب ابنها به لطلب يدها به.


تحدث تيّم  لأمه بعد أن غمز لها

"ألم تطلب تسنيم التحدث معها بالهاتف.  لم اكتفي بهذا لذلك أتيت لها بالطبيبة ذات نفسها "


حركت الأم رأسها محاولة مسايرة ابنها دون فهم المغزى بحديثه ناظره لسلمى وهي تجيب 

"نعم كانت تريد التحدث لكِ، اشتاقت لكِ تعلمين كم تحبك وتقدرك"


فرحت تسنيم بمجرد رؤيتها لسلمى اسرعت لتحتضنها بوجهها السعيد رافعه الوزة البيضاء الخاصة بها 

"اشترى لي اخي شبيهة وزتك"


ابتسم وجه سلمى بترقب وقلق مما تنتظره فهي لا تأمن ردة فعل تهاني الهاشمي.

كانت تحدث نفسها 

"سانسحب عند رفضها ، لا يمكنني فعلها دون رضاها ، بكل الاحوال سترفض" 


ارتجف جسدها مجددًا وهي تعاتب على نفسها 

"كيف سمحت له ان يضعني بموقف كهذا؟ كيف قبلت ان أسقط نفسي بأعينهم بهذا الشكل المهين؟"


نظر تيّم لوالدته ثم نظر لسلمى قائلا بوجهه البشوش

"اعتقد انه جاء الوقت. لأخذ انا فرصتي أولا ومن ثم اتركك لهم"


ابتلعت سلمى ريقها بقلق وارتباك مما تترقب وقوعه فهي لا تعرف كيف سيخبر أمه بذلك وكيف ستكون ردة فعل المسكينة على ما اتفقا عليه ، فكرت بكل السيناريوهات إلا ما فعله حين تحدث لها بوجه بشوش

" اعتذر منكِ تسنيم لا تريد التحدث معكِ وما شابه لقد أخبرتك بذلك كي استطيع اصطحابك لمنزلنا"


نظر لأمه أثناء حديثه

 "لأجل خاطر أمي كي تشاركنا هذه اللحظة الفارقة بحياتي"


 فرحت تهاني باهتمام ابنها بها قائلة 

" حفظك الله واسعدك بدنياك يا بني"


أصبح المشهد غريب على عقلها و وضعها المتوتر، لم تتوقع اقتراب تيّم منها رافعًا الخاتم الذي اخرجه من جيبه بوجهها قائلا

"هل تقبلين الزواج بي على سنة الله ورسوله"


نظرت لجيب جاكيته ثم نظرت للخاتم الذي خرج منه قائلة بصوت منخفض 

"متى أتيت به؟"


حذرها بعينه لتنظر هي لوالدته الفرحة قائلة بصوت منخفض خيم عليه الحزن

 "لا اعرف بماذا اجيب الان لقد فاجأتني"


كانت اجابتها صادقة بعد ان تملكها التوتر والارتباك والخجل من فرحة الأم،

 بجانب تسلل شعور صغير لقلبها يُحدثها بحقيقة ما هي به وكأن القلب يريد ان يُصدق ما يحدث امامه حتى وان كانت اكثر من يعلم بوضع الاتفاق.


ردت الأم بوجهها المبتسم 

"هيا يا بنتي لا تكسري فرحته والله ما رأيته بهذه الحالة من قبل"


نظرت سلمى لأمه وأخته ثم نظرت لوقوفه أمامها وهو يقول بوجهه المبتسم 

"هل الصمت علامة الرضا"


ابتلعت ريقها وهي تومأ برأسها مجيبه دون صوت وهي غير مصدقة لما تراه من ملامح فرح وبهجة وسعادة بعيونه.


صفقت أمه بحرارة كبيرة داعية لهم بالسعادة والهناء استدار تيّم تجاه والدته ليعطيها الخاتم كي تضعه باصبع عروسته.


حضنته امه بفرحتها مقبله وجهه الذي بين يديها مقتربة بعدها من عروستها لتحتضنها وتقبلها قائلة

"كتب الله السعادة دربا لكم فلتحلي أيامكم بالفرح والمرح والرضا بما قسمه الله لكم"

أخذت يدها لتضع الخاتم بأصبعها.


احتضنتهم تسنيم وهي تقول 

"اخي هل ستبقي الدكتورة بمنزلنا طوال الوقت كما وعدتني"


رد تيّم وهو ينظر لعروسته بوجه مبتسم

"نعم ستبقى ولكن لو احتفظتي باخر كلمتين"


_" انا لم اقل انك تحبها قلت فقط كما وعدتني"


ضمها لصدره كي يحد من فضحها له، ازداد تعجب سلمى مما سمعت انتظرت فراغ المجلس من الام والابنة كي تنظر له قائلة

"لا يمكنني قبول ذلك، أتراجع عن الاتفاق"


سألها بسرعة عدم انتظاره لما قالته

"كيف! ولماذا! هل كان ادائي سيء لهذه الدرجة؟"


وقفت من على الاريكة قائلة له

 "لا أريد ان أفسد عليكم فرحتكم، فليذهب الخاتم لصاحبة النصيب من المؤكد انك اشتريته لها ولولا اصطدامك بي ومعرفتك بأمري كنت الان بجانبها تفرحا بخطبتكم"


صغر عينيه بدهشة واستغراب متسائل

"خطبتكم! خطبة من؟"


ردت بعيون مخفضة من شدة خجلها مما هي به

"الفستان . والخاتم . كنت تخطط لشيء وخرجت أنا أمامك….."


صمتت لثواني استجمعت بهم نفسها قائلة

"لا عليك ساحل انا امري يمكنني التخفي باحدى الفنادق لعدة أيام ساتواصل خلالهم مع دكتور طارق حتى نجد حل قاطع لما انا به"


اختنق من تكرارها نفس الحديث متسائلا بفضول

"هل ستتزوجين منه لأجل حمايتك"


أتاه ردها بقوة  رفضها

"مستحيل اموت ولا أكرر ما سقطت به سابقًا، عودتي لخليل اهون عليّ من أن أفسد حياة شخص اخر"


اقترب منها محافظًا على المسافة التي بينهما ليحدثها بصوت أراد أن لا يسمعه غيرها 

"لا يوجد تراجع، حسنًا انا لم اتمناه بهذا الشكل ، ولكنها مشيئة الله دعوت له وهو استجاب، بأي شكل وفي أي وقت هذه مشيئته وعلينا ان نقبل بها بل ونرضى عنها"


تعجبت مما تسمعه قائلة 

 "انا لم افهم عليك؟ وماذا عن خطيبتك؟"

 

وضعت يدها على جبهتها متراجعة عن الوصف  

" أعني من تريد خطبتها"


ابتسم وهو يرد عليها

 "من أردت خطبتها وقفت أمام عائلتي قبل قليل وطلبتها لنفسي وهي وافقت على طلبي، ألم تستمعي لتسنيم وهي تفضحني بإفشاء وعدي لها امامك"


هزت رأسها بالرفض

"لا تزيد ألم راسي، عجزت عن فهم ما تقول اشعر وكأني عدت لتركيا مرة أخرى وأصبحت لا افهم ما يقال حولي"


_"أنتِ من حدثت امي عنها، وأنتِ من ذهبت لخطبتها اليوم"


ابتعدت سلمى برفضها القاطع 

"انا لم اتفق معك على ذلك، قبلت بناء على اتفاق بيننا ولكن ما دام الأمر كذلك فلنتراجع لا يمكنني الإقدام على هذه الخطوة ، وأيضا انت لم تتزوج من قبل كيف تريد ان ترتبط  بامرأة متزو…."


قاطعها ليصدمها بقوله 

"ومن أين علمتي أنني لم اتزوج من قبل ، هل تعتقدين انك استحوذتي على ثقل الأقدار وحدك ، جميعنا مررنا بتعثرات وابتلاءات وصدمات كسرتنا وأثقلتنا"


...........


هناك من يعتب على الضحية وينسى من كسرها وقهرها وظلمها ، من الصعب تقبل فكرة طلب شابة عربية مسلمة الزواج من أي شخص اخر بموجب اتفاق موثق كي تهرب من واقعها المرير.


ولكن ان فكرنا قليلا بوضعها تجا.ر اسلـ.ـحة تحالفوا من تجار مواد مخـ.ـدرة كي يعيدوها للظلم والقهر مستعينين في رحلتهم برجل مخـ.ـيف لا رحمـ.ـة بقلبه رأت وضعه الغامض بالغربة .


ماذا عساها ان تفعل هل تقف امامهم قائلة انا دكتورة وانا شكية وانا قوية ، هل ستحدثهم. بلغة القانون. والشرطة. التي. لا. يعرفون عنها .شيء. فهم لا يرون ولا يسمعون إلا صوتهم وقراراتهم.


عميت الابصار وصمت الاذان وبكمت الأفواه واصبح عليها ان تحمي نفسها بسرعة كي تتجنب ولو نصف الصدام الذي آتي لا محال 😭😭😭😭

.......


google-playkhamsatmostaqltradent