روايـة حـيـاتـي
بقلم الكاتبة أمل محمد الكاشف
ابتسم فاتح كي يخفي غيرته بقلبه متقدم بخطواته تجاهها ناظرًا بعينيها استعدادًا للرد عليها معتقدًا أنه سيسدد هدف جديد بكسرها وإحزانها مستمتعًا في النهاية ببكائها .
لم يخرج صوته حين قاطعه صوت عارف من الخلف وهو يتحدث لزوجته قائلا
" هل تأخرت عليكِ يا حبيبة قلبي "
اقترب مقبل وجنتها مكملًا
" اعتذر منكِ يا سلطانتي الجميلة. ماذا نفعل علينا أن ندفع ثمن الشهرة والنجاح ، ولكننا انتهينا بإضافة اليوم لسلسلة نجاحاتنا السابقة "
ثم رفع يدها ليطبع عليها قبلة أخرى محتضنها من خصرها " هيا لنذهب اشتقت لمنزلنا"
تحرك بها تجاه القاعة متجاهلاً وجود فاتح وكأنه جماد امامه ، وهي كذلك سارت اوزجي بجانب زوجها بوجه وعيون تتبسم له دون الالتفات للشرذمة التي بجانبها وكأنه شيئاً لم يكن.
تعد هذه الدقائق من أصعب الدقائق التي مرت على اوزجي حيث تَطلب منها أن تبتسم وتسير بقوة وثبات في حين تملكتها رغبتها الكبيرة بالبكاء كانت تخطوا خطواتها كالتي تسير على كسرات الزجاج المبعثر .
……..
ثقل طول مسافة طريق العودة على قلبها حين امتلكتها الذكريات الحزينة ، فتح عارف باب منزلهم منتظرا دخولها اولا بوجه مبتسم.
بادلته الابتسامة البسيطة متقدمة عنه وهي ترفع
فستانها من الأمام لسهولة الحركة .
اغلق الباب خلفهم مقترباً منها واقفا امامها وهو يضع يديه على كتفيها بحنان تحدث به قائلا
" شكرا لكِ. كنتِ اليوم رائعة أكثر مما توقعت"
ثم نظر لفستانها رافعًا نظره لوجهها مرة أخرى وهو يقول " حتى يمكنني القول انكِ كنتِ المميزة الوحيدة بين الحضور بمظهرك وطلتك القوية"
انحنى للأمام قليلا ليقبلها من كتفها الأيمن وهو مغمض عينيه مستقيما بعدها ليكمل حديثه قائلا
" اعلم انكِ تحبين السهر ولكني كعادتي أرغب بالنوم والراحة الطويلة بعد ماراثون انتهاء العمل. سأتركك على راحتكِ. ليلة سعيدة لكِ"
ابتعد عنها صاعدًا الدرج متجها إلى غرفته وعيونها تنظر نحوه بصمت وحزن.
تراجعت للخلف خطوات حتى التصقت بالمقعد
جلست عليه وهي ما زالت تنظر للأعلى فهي بقلب متعب يعلم حقيقة ما اتفقا عليه دون ان يعلم أنه سيكون بهذه القسوة و البرودة والصعوبة على النفس.
.....................
عاد فاتح ودفنه لمنزلهم وهم يضحكون بفرح وسعادة من يراهم بهذه اللحظة يصعب عليه أن يصدق انهم هم من كانوا يتأكلون غيرة بالحفل من أوزجي وعارف .
لا تستطيع دفنه التوقف عن الضحك بحضن زوجها الذي أكثر من شربه متعمدًا ذهاب عقله كي يشتت تفكيره مما جعله يتمايل عليها ليشاركها الضحك دون روح حقيقية كما تفعل هي تمامًا فكلاهما اختار الحياة المزيفة التي لا تجلب لصاحبها إلا الهم والغم .
....................
صعدت اوزجي الدرج متجهه نحو غرفتهم لتبدل فستانها هروبًا من تذكرها اقتراب فاتح منها وتحدثه بالكذب ، فتحت الباب بهدوء لتدخل غرفتها الكبيرة بشكل زائد عن الحد و المزينة باثاث كل قطعة منه مختارة بدقه عالية، ناهيك عن الفراش الذي تتعجب من كبر حجمه وعرضه وكأنه صنع بمقاسات خاصه …
نظرت نحوه وهو نائم على فراشه بشرود وثبات متذكره حركة يده على خصرها وقوله
" سلطانتي "
تحركت لتدخل غرفة الملابس لترتدي بيجامة بيضاء متذكرة وقوف فاتح أمامها دون خجل يردد كلامه المعسول كعادته القديمة ، وكأنه تسجيل صوتي اعتاد على ترديده أمامها على مدار سنوات خداعها بالجنة المصطنعة التي رسمها بعينيها على مدار سنوات زواجهم .
ارتدت بيجامتها وتحركت لتنام على الفراش مبتعدة عن زوجها كالمتعارف عليه في علاقتهم ، ملأت الدموع عيونها من جديد حين استرجعت سنوات زواجها مع فاتح كم كانت جميلة بضحكاتهم وتفهمهم وفجأة ضربت أحداث الخيانة بوجهها متذكرة قبلتهم في زوايا المنزل الكبير. مسحت دموعها وهي تتذكر .انهيارها. منتظرة اعتذاره منها و وعده أن لا يكررها منصدمة من موقفه وتبريره لمشاعره الجديدة دون ان يتأثر بدموعها ، حاولت إعادته لها متسائلة فيما قصرت كي تداوي هذا الشرخ الذي حدث بينهم ولكنه لم يستجب لها بعد ان تعدى مرحلة الإعجاب في علاقته الجديدة.
ولأجل الصلة القريبة كانت أوزجي شاهده على نظرات الحب بين زوجها وزوجة ابن عمه ومحاولات خلق كل منهما الفرص لرؤية الاخر والتقرب منه ، دُمرت نهائياً تحت أثر معاتبتها على نفسها وعليه فكيف هانت عليه حياتهم وحبهم وسنواتهم السعيدة .
شعرت حينها بخيبة امل كبيرة وغصة بقلبها جعلتها تفقد القدرة على تذوق طعم الحياة من جديد. طلبت الطلاق منصدمة بموافقة فاتح السريعة دون مراجعتها وكأنها طلبت منه ان تذهب لرحلة عدة شهور وتعود بعدها، مع الاسف لقد باعها وألقى بها في سلة الماضي بشكل لا يحتمل .
……
نام عارف براحة وسعادة هذه الليلة بعد شعوره بانتصاره على اقاربه وخاصة من تركته وذهبت لتلقي بنفسها بحضن رجل أخر . فرح لأنه رأى بعيونها من حزن وندم ما لم يره من قبل. فلأول مرة يكتشف ان زوجته السابقة كانت غيورة لهذا الحد.
انتهت الليلة بثقل الذكريات المؤلمة لتشرق شمس يوم عطلة نهاية الأسبوع ، استيقظ عارف بالصباح متحمسًا ببدأ تحضيره الفطور كما اعتاد فهو محب جدا لفطور يوم العطلة مستمتعًا باعداده بشكل وتنظيم خاص .
استيقظت اوزجي على صوت قوي فتحت اعينها فزعة جلست واضعه يدها على قلبها متذكره
انه يوم العطلة .
ابتسم وجهها لمعرفتها بوجوده في المطبخ رفعت يدها كي تحرك شعرها الجميل وتجمعه كله على كتفها الأيمن وهي تتحرك لتنزل من الفراش ، خرجت من الغرفة لتنزل الدرج بعيون تنظر نحو وقوفه بجانب مائدة الطعام قائلة
" لم يخلو فطور العطلة من الخسائر"
ضحك عارف مجيبًا عليها وهو ينظر لها
" لا تقلقي خلى المشهد من الخسائر هذه المرة. حوادث صغيرة نتج عنها الأصوات التي أيقظتك "
اقتربت اوزجي من الطاولة ومدت يدها كي تتناول قطعة من الخيار المقطع ومزين بالطبق بشكل هندسي رائع قائلة " تبهرني بكل مره وكأنه تصميم خاص لشركتنا يُبتكر كل أسبوع"
ضحك عارف وهو يسكب الشاي بالكؤوس قائلا
" هيا اجلسي كي لا يبرد الطعام "
تحرك مسرعًا ليأتي بمقلاة البيض واضعًا قطعة بطبقها والاخرى بطبقه .
نظرت لملابسها قائلة
" سأبدل ملابسي وآتي إليك"
رفض عارف ان ترهق نفسها بالصعود وتبديل الملابس ساحبًا لها مقعد مقتربا بعدها من ظهرها واضعًا يديها على كتفيها ليجلسها وهو يربت عليهما قائلا
" اليوم عطلة. عليكِ ان تكوني اكثر راحه وانتِ تتجولي بالمنزل " .
وقف على جانبها الايمن مشيرا لنفسه قائلا
" انظري إلي وانا ايضا لم ابدل ملابس النوم" .
نظرت اوزجي نحو التيشرت الملون والشورت القصير الأسود بخجل حاولت عدم اظهاره ببدأ حديثها عن نجاح التصميمات الأخيرة في الحفل.
ابتهج وجهه فور سماعه لحديثها ، جلس بحماسه ليبدأ تناول البيض وهو يقول بثقه
"إنها البداية فقط . النجاح الأكبر يتوقف على كيفية الترويج للتصميمات على نحو كاف و واف للسوق اريد حملة إعلانية مختلفة هذه المرة "
أبدت اوزجي عدة آراء ومقترحات مهمة لم يتم اتباعها في التسويق الالكتروني من قبل ، اجابها عارف بعيون معجبة بما تقول
"انا اثق بكِ فأنتِ افضل مديرة تسويق شهدتها شركتنا حتى الآن "
ابتسمت بردها عليه
" ولكنك تبالغ كثيرًا هذه المرة"
أجابها " بل لم أعطيكِ حقك بعد . يكفي طلتك بالأحمر التي تكفي لإنجاح التصميمات دون ترويج "
أمسكت كأس الشاي لتشرب منه بحماس ما سمعته منه ، ارتفع صوتها فجأة
" اووووووو "
انتفضت بوقوفها بسرعة سخونة قطرات الشاي المتساقطة عليها ، ذعر عارف مقتربًا منها
بقوله " لا تخافي بسيطة بسيطة " .
اقترب أكثر منها ليفتح أزرار البيجامة كي يطمئن على درجة الحرق على جسدها.
صدمها بما يفعله حدقت بعيونة التي كانت بالفعل تهتم فقط بالحرق بحزن كبير. تحرك جهة المطبخ الذي يعتبر جزء لا يتجزأ من طاولة الطعام الجانبية ليحضر لها كريم خاص بالحروق.
بالبداية أرادت أن تضع هي الكريم لنفسها لكنه رفض وبدأ بوضعه على الحرق برفق وبطئ ألهب مشاعرها الدفينة.
لا زالت غير مستوعبة ما يحدث فهو بالفعل كما قالت عنه زوجته الأولى ' ليس كباقي الرجال في حسه ومشاعره البعيدة كل البعد عن الانجذاب للمرأة و الحياة الزوجية المتكاملة' .
إنه أمر ليس بجديد عليها فلقد كان عارف صادقًا معها من اول لحظة طلبها فيها للزواج منه ليس كزوجة وحبيبة بل انيسة لوحدته ، زوجة يكمل بها الإطار الاجتماعي أمام الناس واعدها انها ستكون حرة في بيتها دون قيود او حقوق زوجية.
صدق بحديث و وفي حين كان لها خير ونيس ورفيق بقلبه الحنون وروحه المحبة للضحك وشخصيته النقية التي لا يمكنها كسر أحد او احزانه دون سبب واضح والأكثر من ذلك درعًا حاميًا لها.
أنهى تغطية الإحمرار الناتج عن الحرق بالكريم الذي وضعه في درج المطبخ مكانه مقتربا من غسالة الصحون كي يخرج كوبا جديدا نظيفا ليسكب لها الشاي فيه وهو يقول
" لا يمكنكِ انهاء فطوري الجميل بهذا الحدث. علينا ان نكمل طعامنا حتى ننهي البيض وكم كافي من الخضروات ، فلقد بذلت كل طاقتي حتى اجعله لذيذ وشهي لهذه الدرجة "
ابتسمت اوزجي وبدأت تكمل فطورها وهي خجلة من وضع ملابسها المفتوحة أمامه بهذا الحد لأول مرة.
راقبت ضحكه وحديثه المرح عن جهده الكبير في تحضير الفطور. بدأت بإغلاق الأزرار مرة أخرى على استحياء ، ليفاجأها بحديثه الذي خرج منه على عجل
" لا تفعلي. اتركيها مفتوحة. كما عليكِ ان تبديلها بعد الفطور وترتدي شيء اخر مفتوح الصدر حتى يهدئ احمرار الحرق" .
تحركت بخجلها وعيونها المخفضة
" حسنًا سأصعد لأبدل ملابسي وآتي إليك " .
وبالفعل صعدت الدرج متجهه نحو غرفتهم وهي تتخبط بمشاعرها المختلطة.
وبينما كانت اوزجي تنظر لملابسها المعلقة في غرفة الملابس كانت دفنه ما زالت نائمه كالملاك على فراشها البيضاوي بشعرها المدرج الغوغائي الجميل وثوبها الأبيض الناعم تتقلب بخفة ودلال متبسمة بشفايفها المزينة باللون الزهري المفضل لها.
اقتربت من زوجها فاتح لتحتضنه مكملة نومها باسترخاء وهدوء تناسق اللون الأبيض مع الزهري بكل شيء يحيطهم في المنزل.
فلقد قام فاتح بتغيير ديكورات المنزل والاثاث بلونها المفضل، ليس هذا وحسب بل و فاجئها بالشكل الجديد لسلسة مطاعمه الشهيرة حيث جعل جميعا باللون الزهري فقط لتزداد فرحتها ورضاها عنه .
.............
خرجت أوزجي من غرفتها مقتربة من الدرج مادَ نظرها متفحصة راحته في جلوسه على الأريكة رافعا أرجله على الطاولة التي أمامه وهو يقرأ كتابًا شيقًا كعادته بيوم العطلة.
رفع عينيه عليها فور سماعه صوت خطواتها وهي تنزل الدرج متحدثا بابتسامة جميلة
" اما زلتي ترتدين بهذا الشكل ؟ "
نظرت اوزجي لملابسها ثم نظرت له وهي تقترب من المقعد المجاور للأريكة قائله
" ما بها ملابسي حتى إنها من اختيارك أم أنك نسيت ذلك "
ضحك عارف وهو يرفع النظارة عن عيونه مغلق الكتاب قائلا
" انا لم اقصد انها سيئة ولكن ان نظرنا للطقس الدافئ اليوم سنعلم ما بها. اغتنمي الفرصة و ارتدي أشياء مفتوحه قصيره ، انظري إليّ انا لم أفوت فرصة كهذه".
صمت أمام خجلها وانزل ارجله المرتفعة أعلى الطاولة مستقيم بجلسته ليضع نظارة العين فوق الكتاب أعلى الطاولة قائلا لها
" لا داعي للخجل. تعلمين جيدا مدى حفظ كلانا على الميثاق الذي بيننا . نحن هنا كأخوة . لا حق لأحد على الاخر . كررت حديثي كي تتحرري بحركتك وملابسك. لا اريد ان اكون عبء عليكِ. يعني لأكن صادقًا معك انا ببعض الأوقات اظن انكي سترتدي الحجاب في المنزل".
التزمت اوزجي الصمت مكتفية بالنظر إليه وهي تستمع لتكملة حديثه
" هل كنتي ترتدين ملابسك بحرص لهذه الدرجة. يعني هل كان لديك تحفظات بزواجك الأول كما تفعلين الأن " .
لا زالت ملتزمة الصمت دون اجابه ، عجز بتكملة حديثه أمام صمتها هز راسه دون رضا قائلا " كما ترغبين . انا فقط اردت ان تكوني اكثر اريحية . ولكن بالأخير الأمر لا يعنيني فأنتِ حره بكل شيء كما قلت لكِ من قبل"
همَ ليتحرك لولا سماعه صوتها وهي تقول
" لا ليس كذلك. ولكني ما زلت اخجل قليلا. اعتقد مع الوقت سيتغير الأمر"
ابتسم عارف وهو يقف قائلا
" إذا علينا أن نصبر ثماني شهور آخرى كي تعتادي".
قالها بطريقة جعلتها تبادله الابتسامة ناظرة لحركته واقترابه من الباب الزجاجي الكبير قائلا لها " سأخرج للحديقة كي أداعب اشجاري. هل تأتي معي؟ ".
ردت عليه بصوت منخفض
" سأعد قهوتي الخاصة بي و اتي خلفك "
قالتها وهي تقف متسائلة
"هل احضر لك معي"
ابتسم بوجهه البشوش بجوابه
" رغم اني شربتُ قهوتي فور استيقاظي ككل يوم. ولكنه عرض لا يفوت. اتساءل هل يمكنني ان استبدالها بكوب الزهروات خاصتي"
ابتسمت بإيماء رأسها " كما تشاء. سأحضره لك واضع عليه القليل من عصير الليمون كما تحب " .
ذهب كلًا منهما إلى قبلته بشكل هادئ ومريح للنفس ، ورغم سيطرة الهدوء والراحة على شخصية أوزجى إلا ان هناك حزن دفين بنظرات عيونها التي تحمل معاني كثيرة من الألم و الانكسار.
كان عارف يشعر بحزنها وانفاسها التي تخرجها بصعوبة كلما تنهدت بألم الذكريات.
يمثل قوته وعدم مبالاته للجرح الذي أصابه حين صُدم بالارتباط العاطفي بين زوجته ومن كان يعتبره صديقا وفيا له.
لم يأت ضيقه وكسره من حبه لزوجته بل مثله مثل أي رجل لا يسمح لزوجته التي تمثل اسمه ان تقترب من رجل اخر ، وأي رجل فلقد طعنه ابن عمه باختطافه لقلب زوجته ليصبح الطلاق اهون عليه من أي حلول اخرى.
فهل للقلب ان يتحمل كسر وعبء كهذا؟ .
……….
قضى فاتح عطلته ما بين التجول والسهر والرقص على الموسيقى الصاخبة وسط الأصدقاء ، من يرى ضحكهم ورقصهم يشعر أنهم يعيشون ما كانوا يحلمون بها . فالحياة بالنسبة لهم مختلفة عن الاخرين.
وجدت دفنه من لا يعارضها في الخروج والضحك والركض والرقص باريحية في كل مكان تذهب إليه ، اصبحت تنظم رحلات كما تشاء و وقتما تشاء تقود المشهد ويلمع نجمها بأي مكان تذهب له عكس الماضي حين كان الجميع يهتم بجوتشي عوضا عمن حوله.
ارادت ان تكون النجمة الساطعة بالمجلس حتى وإن لاقت إنتقادات من كل الحاضرين . وهذا ما أعجب به فاتح بل سعى لعيشه والاستمتاع به عكس طبيعة حياته الهادئة و الروتينية .
كما مر اليوم على عارف وزوجته ماكثين في منزلهم بهدوء وسكون . دون مال او مشاكل وهذا عائد لشخصية عارف الخلوق بقلب ابيض لا يتحمل احزان احد بجانب تمتعه بروح فكاهية بالحديث غير متواجدة عند الكثيرين .
انتهى اليوم ليبدأ صباح جديد تجهز عارف وزوجته للذهاب لعملهم .
وقفت أوزجي امام مرآتها تضع حجابها بعناية كبيرة ، بينما كان عارف يبحث في غرفة الملابس عن عطره الخاص دون ان يجده .
خرج ليحدثها دون أن يكمل ارتداء قميصه متسائلا
" هل رأيتِ زجاجة العطر خاصتي . بحثت عنها بكل مكان ولم أجدها "
اخفضت نظرها بصمت دون اجابة ، نظر لنفسه ثم نظر لها معتذرًا منها
" انا لم اقصد ازعاجك ولكن عليكي ان تعتادي أنا شخص لا يحب التقييد في منزله . اعتدت على حركة بأريحية دون التفكير بأحد لذلك طالبت ولا زالت اطلب منك التخلي عن خجلك والاعتياد علي . وايضا لم يتبقى سوى غلق الأزرار ليكتمل ارتدائي بشكل كامل "
صمت أمام صمتها قائلا بنبرة مزاح فشل هذه المرة في رسمها على وجهه
" حسنًا عدنا للداخل. يمكنكِ الإجابة الان" .
ابتسمت اوزجي بخجلها مجيبة عليه
" بدلت الأماكن مساء الأمس ستجدها بالأعلى جهة اليمين ولكن عليك ان تُدخل يدك للداخل قليلًا" . بحث عنها مجددا ولم يجدها ، تحدث بصوته المرح ساخرًا من وضعه
" اعتقد هو أيضًا يخجل مني. لذلك عليكِ أن تأتي كي تعطيه الأمان وتخرجيه من مخبئه " .
تحركت بوجهها المتبسم لتدخل غرفة الملابس دون النظر له ، لتجده يبحث بالجهة الخطأ رفعت قامتها ويديها للاعلى ممسكة بالعطر
" ها هو كما شرحت لك "
مدت يدها بزجاجة العطر نحوه مسرعة بهروبها بعد أخذه منها دون رفع نظرها عليه.
ابتسم ابتسامة لئيمة ظهرت بنبرة صوته قائلا
" ولكني لستُ سيئ بهذا القدر" .
(لا يا باشا دا مش خجل دا حضرتك كده بتستهبل😂😂 لولا اني نايمة صاحية معاكم كنت شكيت فيك هههههه مالك يا ابني في حد خبطك على راسك على الصبح ، روق وقول يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم اتاخرتوا على الشغل 😂)
خرجت اوزجي من الغرفة بعد أن أنهت ضبط لفة حجابها مسرعة بخجلها مغلقة الباب خلفها بوجه يتبسم ببوادر تحرك مشاعرها بقلبها من جديد. لم تنهي نزول الدرج حتى رأته ينزل من ورائها وهو يغلق ساعة يده قائلا
" اتصل عميل مهم بي . علينا ان نسرع بوصولنا كي يجدنا في استقباله عند مجيئه "
اسرعا بخروجهما وكلا منهما منشغلا بهاتفه
مرت الايام والشهور على عارف و أوزجي وهم منشغلين في إدارة الشركة وتلبية احتياجات العملاء والسوق ، كان لغياب غافر عامل كبير في إراحة قلب عارف في الشركة حيث أصاب غافر بأعراض مرضية متتالية أضطر للسفر لألمانيا على أثرها كي يجري الفحوصات الطبية وعرضها على طبيبة الخاص هناك.
تفاجئ الجميع بنقل غافر اسهمه في شركة جوتشي لابنته دفنة وتوليها ادارتهم هناك عوضا عن والدها حتى عودته .
كان الخبر ثقيل على قلب عارف وأوزجي ومفرح لقلب فاتح حيث تحقق حلمه بتملك نصف اسهم شركة إبن عمه .
تجاهلت أوزجي تواجد دفنة عازمة على اظهار قوتها وسعادتها مع زوجها أمامها كي تنتصر عليها .
مرت هذه الأيام على سلسلة مطاعم فاتح على أفضل نحو حيث كانت المطاعم مكدسة بالزبائن .
دخل المطعم الرئيسي باسطنبول وهو يحدث أمه على الهاتف ، أومأ براسه ملوحا بيده للزبائن الذين فرحوا قور رؤيتهم له .
توجه الى غرفة مكتبة الزجاجي على الفور مغلقًا بابه عليه رافعا من صوته
" ليس لدي وقت كالسابق. أنتِ تعلمين وضع العمل في الفروع الجديدة المستولية على وقتي وتفكيري"
صمت ليستمع لعتاب أمه على تقصير زوجته معها " حسنا أنت مشغول بافتتاح سلسلة مطاعم جديدة . وماذا عنها لماذا لم تأتِ او تسأل حتى "
اختنق فاتح بحديث امه ، نظر للخارج كي يتابع حركة البيع والخدمة قائلا
" كما تعلمين هي لا تقل انشغالاً عني. إدارتها لأسهم والدها بشركة جوتشي اخذت كل وقتها"
تنهدت ثريا بضيق تحدثت به
" لا اعرف ما الفائدة مما فعله غافر معها . ما السبب وراء إصراره على إدارة ابنته لأسهم الشركة وبقائها في العمل مع زوجها السابق "
رد فاتح برضا " أصاب عمي في قراره . عليها ان تتحمل إدارة أسهمها بنفسها "
_" تقول أنا لا أغار من وجودها مع زوجها السابق في مكان واحد "
ابتسم فاتح بثقة جالسا على رأس مكتبة وهو يجيبها " أغار ! ومن من.. عارف! "
ضحك ساخرا زافرا ببقية حديثه " بل فرحت كونها شوكة قوية عالقة بحلقه"
ردت ثريا بضيق " وماذا عني مللت بجلوسي وحدي "
_" أمي عليكِ ان تعتادي على الوضع الجديد. لا يمكنكِ التحدث بهذا كلما تحدثنا. فهي مختلفة عمن سبقتها . ولا يمكننا الضغط عليها فهي لا تحب التقيد والزيارات المنغلقة بالبيوت"
أخبرته قبل أن تنهي مكالمتها انها ستذهب إلى عارف اليوم كي تطلع على أحدث التصميمات. كما انها ستمر على دفنه في المكتب كي تجلس معها لتزيل شوقها لها .
انهت المكالمة ملقيه بهاتفها دون رضا مجبرة على أن تظهر أمام الجميع عكس ما تشعر به . فهي من شجعت ابنها على ترك أوزجي وسرعة زواجه من ابنة عمه رغم الحادثة التي كانت كفيلة أن تهد بنيان أي عائلة.
تباهت بنسبها الجديد وعودة المياة لمجاريها كما كانت تصف حالتهم. عاد ذلك لتميز دفنه وتحررها و دراستها بأمريكا والاهم الإرث الكبير الذي سيبقى من نصيبها بعد وفاة غافر.
فكانت بالنسبة لثريا غنيمه و إضافة كبيرة لها وسط اصدقائها .
اعمتها المصالح والطمع مما كلفها ذلك خسارتها الكثير من اهتمام ابنها وزياراته لها بعد إتمام هذا الزواج ، فهي من لم تسمح لفاتح ان يتغيب عنها و خاصة بالإجازات ملزمة أوزجي بأعباء فوق طاقتها دون رضى عنها. تخلق المشاكل وتكثر من الشكاوى من أوزجي دون وجه حق. ومع الاسف كان فاتح يعلم أنها محقة ولكنه لا يعترف بهذا قائلا "امي خط احمر وان اخطأت" ولكن سبحان مبدل الاحوال
..........................
نظر عارف على أوراق التصاميم الجديدة (البورتفوليو) ثم نظر لمجسم الموديل الذي امامه قائلا لاوزجي " وكأن هناك شيء ناقص " .
صمتت مدققه بالتصميم على الورق والمجسم قائلة " أنت محق ان نظرنا للجانب الأيمن سنجد اختلاف في المقاس والتباعد عكس ما رسم على الورق. بالاضافة الى محيط الصدر عليه أن يقل قليلا بهذا الموديل تحديدا ليناسب التعديلات المضافة لمحيط الخصر"
نظر عارف على الموديل وهو يستمع للشرح ممسك قلمه ليبدأ تخطيطه علي طول الكتف ودوران حردة الابط غاضبا على عدم تنفيذ التعديلات التي وضعها لتكون ثابتة و لم تتبع بهذا التصميم .
ألقى بالأوراق على الطاولة متحدثًا للمصممين بشدة و صرامة معهودة عليه في عمله طالبًا من مصمم اخر اكمال التصميم او البدء بعمله من جديد.
خرج من الغرفة وهو ما زال غاضبا يسير تجاه غرفته ومن خلفه اوزجي تهرول بسيرها محاولة اللحاق به.
دخل مكتبه قائلا بغضبه
"وكأنهم مبتدئين. وكأننا شركة صغيرة تُخرج أول إنتاجها" .
ترأس مكتبه وهو يكمل حديثه
" ما كل هذا الاهمال ما هذه الاخطاء الغير مدروسة وكأنه كان يعمل دون عقل" .
امسك هاتف الشركة وتحدث مع المسؤول عن الموظفين لينهي عمل هذا المصمم بالشركة كي يكون عبرة و درسًا له و لمن لا يتم عمله على أكمل وجه.
حاولت اوزجي كثيرا معه كي لا يفصل المصمم عن عمله مقترحة تحويله لقسم اخر ولكنه رفض قائلا " ان لم افعل هذا مع المقصرين بالعمل ؟ ما كنت سأصل لهذا النجاح اليوم. لا يمكنني التغاضي عن خطأ مبدئي جسيم بهذا الشكل. نحن نلتزم بمواعيد وخطوط انتاج لا تتيح لنا رفاهية الانشغال مع مثل هؤلاء. كان عليه ان يعرف قيمة عمله وقدر الشركة التي يعمل بها قبل سقوطه بهذا الخطأ الجسيم "
صمتت اوزجي أمام غضبه، تحركت لتضع له الماء مقتربة منه لتعطيه الكأس كي يشرب ليهدئ من غضبه.. أخذه منها وشربه دفعة واحدة دون ان يشعر .
وقفت بجانبه مستندة علي المكتب وهي تحدثه عن أشياء مختلفة بصوتها الهادئ وقلبها الحنون كي ينسى هذا الأمر. نجحت بالفعل في تهدئته واعادة الضحكة لوجهه حين داعبها بعيونه الغامزة قائلا " ولكني سأعتاد على ذلك. حتى أنني سأرغب بإعادتها كي ألقي بهذا الاهتمام"
ابتسمت اوزجي بشرودها وانسجامها قائلة
" هذا لا شيء بما تفعله أنت لي. سأظل مدينة لك طيلة حياتي "
لم يعجبه نبرتها الحزينة التي اعتلت حديثها، غير الموضوع مجيبًا بضحك
" اعلم. ولهذا ستكونين معنا اليوم على رأس الساعة كي نلتقط الصور الجديدة"
ابتسمت اوزجي وهي تغمض اعينها متسائلة
" هل اليوم؟ كنت اظنه غدًا. وايضا كنت انتظر ان تغير رأيك وتكلف احد غيري بهذه الجلسة كما تناقشنا"
اجابها بحاجبه المرفوع و وجهه المبتسم
" لا يمكن لأحد ان يملأ مكانك . وخاصة في هذه التصميم الذي صممته خصيصًا لأجلكِ انتِ. كما قلت لكِ ستكون عدة تصاميم مختلفة سأضع لها عنوان خاص يليق بكِ. لا اريد ان اسبق الحدث وافتح على نفسي نافذة كبيرة من الرفض والجدال إثر رغبتي بقيامك انتِ بالعرض يوم حفل الازياء لذلك ساتركه لوقته كي لا نضيع وقت استعدادك لجلسة التصوير "
ضحكت اوزجي بردها عليه
" لا يمكنني فعلها. اقول لك من الان كي لا ترسم احلامك على الفاضي. لا استطيع ان ارتدي واتحرك امام انظارهم و كاميراتهم بجانب تبديل أكثر من فستان بوقت قصير. لا . لا يمكنني فعلها اخجل كثيرا".
ضحك عارف مجيبًا
" قلت لكِ سنتركها لوقتها ما زال لدينا وقت لتدريبك واقناعك"
حركت رأسها بدلال " لا يمكنك اقناعي المسألة منتهية بالنسبة لي "
شرد بجمال وجهها وكأنه يراها لأول مرة قائلا بثقة " لنرى من سيربح بالاخير " .
تحرك مصطحبها كي تبدأ استعدادها لأولى جلسات تصوير الموديلات الجديدة .
استقبلت دفنة ثريا هانم في مكتبها بالضحك والاحضان، بدأت سرايا بحديثها المعتاد
" اشتقت إليكم ما عساي ان افعل فانا احب هذا الوجة الجميل أمامي دائمًا"
ردت دفنة كزوجها فاتح بل أكثر جرأة قائلة "ليس لدينا وقت لنضيعه بالزيارات حتى اصدقائنا غير راضون عنا، كان اسبوعا مكتظا بالمناسبات حفل زفاف كريم و يلديز بجانب عيد ميلاد ميرنا و رحلة على شواطئ انطاليا خططنا لها قبل شهرين ولم نستطع الاعتذار عنها. بجانب الأمسيات الصغيرة التي اعتدنا على إقامتها بفروع المطاعم كل ليلة"
ظلت تحكي لها عدم تفرغهم ومدى انشغالهم الكبير وهي لا تخشى غضبها ومعاتبتها معطيه الجميع أولوية الحق .
مثلت ثريا حزنها منهم فكيف نسوا امرها وهم يعلمون مدى شوقها لهم ، صدمتها دفنة بقولها
" سنأتي حين يأذن الله بذلك "
ابتسمت ثريا والنار تغلي بقلبها مجيبة عليها
" اهم شيء راحتكم ومتعتكم . حتى انني قررت ان آتي إليكم عند اشتياقي لكم لقضاء أوقات جميلة بينكم "
استحقت ثريا الرد الذي اتى إليها بسرعة
" لا يمكنكِ القدوم إلينا دون اخبارنا فنحن لا نبقى بالمنزل في أيام العطل ".
أومأت برأسها مستأذنه منها كي تذهب لمكتب عارف كي تري التصاميم الخاصة.
تهربت منها قبل أن تجلطها بكلامها القوي،
ذهبت ثريا لمكتب عارف علي الموعد المتفق عليه ولكنها لم تجده.
اخبرتها السكرتيرة انه بصالة التصوير بالدور العلوي لوجود جلسة طارئ لمجلة الموضة.
خيروها ان تنتظره في المكتب حتى انتهائه من التصوير. او تصعد لتحضر معهم جلسة التصوير ان رغبت ذلك قال جوتشي بيه.
خيرها عارف وهو متأكد انها لا تترك هذه الفرصة وحدث ما كان يثق به ، ابتسمت ثريا وشعرت انها فرصة لتشاهد جلسة التصوير قبل الجميع .
وبالفعل تحركت بجانب السكرتيرة نحو صالة العرض. سارت بتباهي وتعالي وكأن لا شبيه لها. وصلا للغرفة وقفت رافعة رأسها لتفتح لها السكرتيرة الباب قائله
" تفضلي"
دخلت ثريا الغرفة وحدها ، وقفت السكرتيرة جانباً كي ترسل رسالة لهاتف عارف تخبره بدخول ثريا .
لتتلقى ثريا صدمتها المرتبة من جهة عارف حين رأت اوزجي بطلة الوجه الجديد للشركة هذا العام.
لم تنتبه اوزجي لقدومها حين حذروها من خلف الكاميرات على ضرورة الصمت والابتعاد عن المساحة المخصصة لجلسة التصوير.
رأت أوزجي وهي على راحتها تضحك و تفعل كما يشير لها عارف والمصورين. لم تخلو الجلسة من كلمات وحركات عارف الضاحكة مضفيًا على الوسط فرحة وبهجة كعادته.
جهز نفسه بالاتفاق مع المصورون كي ينضم هو أيضا بجانبها ليعرض الازياء الرجالية ولأول مرة في تاريخ عمله المثمر بالنجاح.
تفاجأت به وهو يقف بجانبها قائما بعمل وضعيات التصوير التي تملى عليهم من قبل المصورين .
اختار عدة وضعيات خاصة كالاحتضان من الخلف والاستناد على الأكتاف، جاء دور فقرة الأزياء الرياضية جلس هو وهي على الأرض مستندين بظهورهم على بعضهم كما أملوا عليهم.
أرجع عارف رأسه ليلامس رأسها ضاحكًا ، لم تخلو صورة من مسكة اليد والنظر بالعيون حتى هناك صورة التقطت له وهو يغمز.
ليزيد هذا من خجلها وحيرتها فهي لا تعرف ما يفعله حقيقي أم انها من ضمن التمثيلية المتفق عليها. سقطت باضطراب داخلي حين شعرت اختلاف نظراته لعيونها هذه المرة.
_ هل ما تشعر به صحيح ام انه شعور ناتج عن الأحاسيس الجديدة التي بدأت تتفتح داخل أوزجي.
انتهت جلسة التصوير الجميلة الممتعة تحت انظار وحقد ثريا هانم وكأنهم اتفقوا جميعا علي جلطها بهذا اليوم. فها هي من كانت دائما تسخر من ملابسها ولا يعجبها حجابها ولا هدوئها تعلو وتزدهر امامها بصورة لا تخطر علي عقلها. بالاضافة لتفاجأها بجوتشي كيف تنازل لأجل ان يظهر بجانبها على وجهات صفحات الموضة.
تحرك عارف و اوزجي وهم يشكرون المصورون بعد انتهاء التصوير. تفاجأت اوزجي بوجود ثريا تقف بعيدا تنظر لهم بوجه مستاء صامت.
علم عارف ملاحظة اوزجي لوجود ثريا بالمكان فور تغير ملامحها ، اقترب عارف منها مقبلا خدها وهو يهمس لها بصوت منخفض
" لا تجعليها تنتصر عليكِ. افرحي بنجاحكِ واضحكِ ليعلم الجميع قدرك وقوتك "
استغربت اوزجي بمعرفته بوجود ثريا ، ضحكت استجابة لحديثها صفق لها بحرارة قائلا " حتى اكثر من ممتاز "
وضحك ليكمل حديثه للمصورين
" لن اضيع جهدي. فلأول مرة ولأجل زوجتي الجميلة سأكون بوجهات المجلات كموديل "
دمعت عيون اوزجي من كلام عارف ، اقتربت منه ملقيه نفسها في حضنه واضعه راسها على صدره مشددة من قبضة يدها على ظهره وهي لا تعي لما تفعله .
تفاجأ عارف بحالتها في أول الأمر ولكن سرعان ما أدرك الوضع محرك يديه ليضمها داخلة وهو يقبل رأسها قائلا
" هذه هي تلقي بنفسها في حضني كلما فرحت "
تحركت ثريا لتخرج من صالة التصوير وهي تقول للسكرتيرة " سأنتظره في غرفة المكتب"
نجح عارف بإظهار زوجته و رفعها عاليًا امام ثريا كما يفعل ويحرص على ذلك أمام الجميع.
انتظرت ثريا قدوم عارف متحدثة باستياء مما شهدته قائلة
" كان عليك ان تختار وجه أقوى وأكثر جرأة لا يمكنك النجاح هذه المرة بهذا الشكل. كما عليك ان تتراجع عن الظهور بجانبها كوجه موديل حتى ان فشلت تفشل وحدها"
تحدثت بغيرة وحقد و وقاحة و وجه لا يعرف للخجل والأصول طريق، مثلت خوفها على تأثر اسمه بالسوق. لولا العيب لتبقي عليها أن تسأله لماذا لم تجعل دفنه وجه للدعاية من قبل أو تطلب منه ان يبدل أوزجي بدفنة على الصفحات.
تمالك نفسه بصعوبة كبيرة كي لا يكسرها أو ينهرها وهو يذكرها بما فعلوه به حفاظا على عهده ووعده للمرأة التي عاشت عمره ساعية في ارضائه والمحافظة عليه.
تذكر نصيحة أسماء زوجة عمه له بأن لا يخسر احد من عائلته حفاظا على عمله ووضعه بالمجتمع " سينصرك الله عليهم عاجلا غير اجلا. ولهذا الوقت عليك ان تصمت وتتحلى بالصبر والقوة والتظاهر بالسعادة والرضا والسعي إلى النجاح الساحق الذي سيرفع فوق رؤوسهم رغما عنهم، ترقب كذئب لئيم يخطط ويخطط حتى تأتيه الفرصة لالتهام فريسته "
سألها يومها باستغراب " لماذا أنت بصفي دائما ، كيف ترغبين بانتصاري على عائلتك "
قاطعته بدموعها " أنا بصف المظلوم دومًا وسأظل بصفك حتى يرفعوا ظلمهم عنك. سينصرك الله يا بني سينصرك عليهم وعلى ابنتي …"
ربت على كتفها ليهدأ من بكائها حتى كاد ان يسامح دفنة على ما فعلته لأجل أن يهدئ نار قلبها على ابنتها.
شرد عارف وهو ينظر لوقاحة حديث ثريا مبتسما بالاخير قائلا
" لنرى النتيجة ومن ثم نحكم . لا تقلقي عليّ . سينجح هذا الاصدار كما لم ينجح غيره من قبل"
وقفت ثريا بيضق
" حسنا كما تشاء بالاخير أنت من سيتأثر ولست أنا "
........
انتهى الفصل بهذا الثقل والتجاوز بل والبجاحة وقلة الحياء من قبل ثريا التي تخطت كل حدود الرقي والحوار الآدمي
انتظرونا في فصل جديد يوم الثلاثاء المقبل الساعة العاشرة مساءً بإذن الله تعالى