منعطفات الحياة
(المنعطف السابع )
بقلم الكاتبة سجى أمام
حل الصباح المنتظر استيقظت ريهام مبكرا و حضرت الاطعمة التي يحبها اخوها و ألبست أنس و جهزته اكملت والدتها صلاتها لتذهب بعدها الى ريهام " متى سيأتون ؟ "
ردت عليها
"في المساء تحدث مع زوجة اخي و قالت سنصل بحدود الخامسة و بعدها ساعة على الاكثر و نكون اكملنا الإجراءات و بعدها سيأتون الى هنا " نظرت الام الى الساعه لتجدها الساعه الخامسة و النصف ابتهج قلبها لتقول لابنتها " ساحضر الفطائر التي يحبها حمزة بهذا الوقت سيكونوا اتوا " لتذهب معها ريهام لتساعدها ...
ذهب جواد الى عمله لتقوم ياسمين بتنظيف البيت و ترتيبه ففي الغد سياتي اهل جواد لزيارتها رتبت غرفتها و هي تغني بفرح قطع غنائها صوت هاتفها اخذته و هي تتأمل ان يكون الاتصال من عائلتها و لكن كالعادة خاب ظنها فتحت الرسائل لترى ما بها ، جحضت عيناها و ذعرت فور رؤية محتوى الرسالة ...
مرت النصف ساعه لا بل الساعه و الساعتان و لم يأتوا! توتروا و كان القلق مسيطر عليهم لم ينزل الهاتف من يد ريهام كانت تتصل بحمزة تارة و تارة لزوجته و لكنه "مغلق " بداء أنس بالبكاء لتذهب ريهام له مسرعة اخذته بحضنها و هي تهدئه هداء الطفل و نام لكنها لم تهدأ اخدت مرة اخرى تتصل ذهبت الى والدتها التي ساءت حالتها و ارتفع ضغطها من توترها اسرعت إليها و هي تطلب منها ان تهدأ و تخبرها انهم سيأتون .
ساءت حالتها اكثر لتعطيها دواها جلست بجانب امها الذي كانت تبكي و هي تقول " انني اشعر اشعر بشي هنا يخبرني ان شي حدث معهم " لتبكي اخدتها ريهام بحضنها و حاولت ان تطمئنها و تهدئ منها .
مرت ساعه اخرى رن هاتفها اخيرا أخذته بسرعة لتفتحه من دون ان ترى من المتصل ردت بسرعه و قلق " الو اين انتم لقد متنا من القلق " و لكن و آه و الف آه من كلمة لكن لم يكن المتصل اخوها و انما شرطة المطار .
خافت و شعرت ان هناك شي حدث تحدث بصوتها المرتجف " اين اخي ما الذي حدث "
وضعت زينب يدها على صدرها احست بضيق ضرب انفاسها ، تحدث الشرطي مخبرا ريهام ان الطائرة التي كان بها اخاها و زوجته تعرضت لحادث و على اثره سقط ضحيتها ثلاثين شخص و من ضمنهم اخاها و زوجته ظل يتحدث و يبلغها أسفه و لكن ريهام لم تعد تسمع كل شي توقف لا تشعر بشي سقط هاتفها من يدها و تساقطت دموعها، اقتربت منها امها و هي خائفه تخاف ان تسألها و لكنها سألتها " ماذا حدث ريهام تحدثي " ردت من بين دموعها و بصوت مختنق يكاد ان يسمع " اخي " و صمتت لم تستطيع نطقها فكيف ان تخبر امها بذلك تحدثت الام بصوتها المرتجف " حمزة ما به تحدثي؟! "
لازالت الام على حالتها تسألها و هي لا ترد اخدت الهاتف المرمي على الارض لترى ان الشرطي لازال على الخط " يا انسة اتسمعيني الو الو " اجابت الام و ياريتها لم تجيب أجابت فقال " أاسف على اخباركم بهذا الخبر و لكن عليكم المجئ لاكمال اجرات الدفن بسلامة راسكم "
اغلق الشرطي و نظرت الام لابنتها الساقطة أرضا تبكي دموعهم تتسابق و قلوبهم تنزف .
اقتربت الام و هي تهز ابنتها تطلب منها ان تخبرها ان الخبر هذا مجرد كذبة ؛ بكت ريهام اكثر و هي تهز راسها ب لا سقطت الام بجانبها تبكي و تنظر لذلك البريء الذي يبكي و كانه احس بفقدانهما ....
________
و في الجهه الاخرى تمت كل تجهيزات زواج مريم، فلم يتبقى سواء يوم فقط على زواجها حاولت ان تكابر و ان لا تظهر حزنها و لكنها في كل مرة تلمح طيف أباها يعود شبح الحزن لها ، ذهبت الى غرفتها لتطلق العنان لدموعها نظرت لفستان عرسها بحسرة لتتذكر كلامها مع صديقاتها، بأنها كانت تحلم بهذا اليوم و تخطط له فكانت تحلم مثل اي فتاة ان تتزوج ممن تحب و ان تقام لها حفلة كبيرة بكت بمرارة و لكنها فجاءة توقفت لتذهب الى المرآة و تخاطب نفسها و هي تمسح دموعها " اخرجي هارون من عقلك و من قلبك من تركك و لم يصدقك لا يستحقك و لا يستحق دموعك " وضعت يدها على قلبها و زفرت " ما كان عليك التعلق به ما كان عليك أن تثق به" صمتت قليلا تحاول ان تُهدأ من بكائها"و الان اخرجيه من قلبك و انسيه و لا تحزني ، سابداء حياة جديدة و لا اريد اي اثر من الماضي بها كوني قوية يا مريم "
اكملت حديثها الذي كانت تتظاهر به بالقوة لتذهب و تتوضاء و تصلي لربها ..
لقد تعلقت بهارون و لكنه كسر ثقتها بعدم تصديقه لها و الوثوق بها و بهذا الفعل دمر كل المشاعر التي كانت تبنى داخلها ، فلحظة كانت كافية لهدم كل شي ...
و في صباح يوم العرس
و في بيت عبد الرحمن الذي كان متحمس و سعيد يحوم حول اهله بفرح و حماس كانت امه تنظر لفرحته و قلبها يدعوا له بدوام الفرحة ، كان يستعجلهم ليمر الموقت بسرعة و يذهبوا لبيت مريم لعقد القران ..
كانت حفلة بسيطة بين الاهل و رغم بساطتها الا انها جميلة تم عقد القران ليبارك لهما الاهل و الاصدقاء اتت مريم مع امها .
كانت جميلة كعادتها ، بفستانها الابيض البسيط و حجابها الذي زينها و زادها جمالا .
التفت لها و ابتسم اما هي فلم ترفع عينها خجلا .
اما هناك في الزاوية كانت هالة تراقب العرسان و علامة النصر في وجهها ، لقد كسرت مريم و ابعدتها عن طريق هارون و الان الطريق ممهد لها فقط ، كانت تبتسم بخبث و سوء ..
مرت الامسية و الحفلة بشكل جميل، كان عبد الرحمن طول الحفلة يحاول ان يسترق بعض النظرات منها و لكنه لم يحصل على مراده فهي لم تنظر له ، فقد كانت مخفضه النظر دائما، انتهت الحفلة و حان وقت ذهابها اتت امها و احتضنتها بقوة و هي تبكي لفراق ابنتها فصلت الحضن و هي تدعي لها بالحياة السعيدة..
و بينما هما يتحدتان كان والدها يوصي عبد الرحمن بها " انظر يا ابني لقد اعطيتك روحي و قلبي فحافظ عليها و لا تحزنها اجعلها سيدة قلبك و ستجعلك سيد قلبها "
وعده عبد الرحمن بانه سيحافظ عليها و طمأنه ، ليذهب بعدها لوالدته لتبارك له ، و يذهب والدها أحمد لجانبها و اقترب منها و ناداها " مريم " سمعت صوته لتلتفت فورا و تعلقت عيناها بعيناه كانت عيناها ممتلئة بالدموع ، أدرك انها تحتاج اليه فاقترب منها بسرعه و احتضنها ، و هنا بكت مريم و هو حن لابنته فقد شعر بحزنها و كسرتها ..
لتبكي بحضنه و هو يمسح عليها بلطف الى ان هدأت فصل الحضن ليمسح دموع ابنته و يتحدث " مريم ابنتي كوني دائما سعيدة لا تدعي شي يحزنك ، ليسعدك الله في حياتك الجديدة " صمت و حدث نفسه " فراقك صعب على قلبي يا غاليتي "
صمت ليتذكر تلك الحادثة المشؤومة التي غيرت كل شي " كوني صبورة لعل عبد الرحمن هو الافضل لكِ و الخيرة فيما اختاره الله و نحن علينا تقبل اقدارنا فتقبلي قدرك و أبدئي حياتك الجديدة و افتحي صفحة جديدة لا تنظري للماضي " رفعت عيناها له لتقول له بصوت مليئ بخيبث أمل جعل قلبه يهتز " ابي هل لازلت تصدق ما قاله ذلك الشاب و لا تصدق ابنتك " صمت و لم يجيب ، لتمسح دموعها و تقف بجانبه بصمت ، اتى عبد الرحمن و اخد عروسته لبيتهم ليبدوا حياتهم الجديدة ..
_______
"اهلا بكِ في بيتك يا مريم " قالها عبد الرحمن بفرح و حنان كبير فقد لامس حزنها ، ظن انها حزينه لفراقها بيت أهلها فحاول اسعادها ، دخلت مريم و هي تنظر لارجاء البيت .
كان البيت صغيراً ليس كبيرا و لكنه جميل فيه هالة من الهدوء و الراحة ، كان يريها الغرف و المطبخ و هي تسير بجانبه ليمسك يدها و يدخلا غرفة نومهم ..
خجلت فابتسم تقدم وقبلها براسها لتزداد خجلا ابتعد ليقول لها " اهلا و سهلا بك في حياتي يا مريم لتكون حياتنا جميلة تماما مثل جمالك " لازلت لا تنظر له خجله تتهرب منه ابتسم و اقترب ليقول " ماذا علي ان افعل لكي ارى هذه العينان " ليرفع وجهها بيده و لكنها تهربت ، قلبها ينبض بسرعة لوهلة احست ان قلبها سيخرج من مكانه لم يشاء إخجالها اكثر ليقول " سأذهب لكي اتوضاء لنبداء حياتنا الجديدة بالصلاة لنحمده و نشكره انه جمعنا بالحلال و عصمنا عن الحرام "
ذهب هو لتحط يدها على قلبها و تزفر بتوتر و بعد القليل من الوقت اكملا صلاتهم و دعوا لربهم هي دعت الراحة لقلبها و الحياة السعيدة و هو دعاء لها و لهما ان يبارك الله لهما في حياتهما و يسعدهما و هكذا بداءت رحلت مريم في حياتها الجديدة...
في اليوم التالي
اتت عائلة جواد كانت الاجواء جميلة كان جواد سعيد باهتمامها بكل شي .
كان يراقبها فقد احس بشي بها فهي متوترة و مترقبة ذهبت للمطبخ و تنهدت لتتذكر رسائل زين و تهديده لها !
ناداها جواد لتفز من مكانها خاف لخوفها ليسألها عن سبب توترها و خوفها لتبتسم و تقول له " كل شي بخير " ، لم يصدقها هم ليسألها و لكن والدته نادته ، تركها و ذهب ليجيب والدته و لكنه أخبرها أنه سيعود و عليها أن تخبره ماذا يقلقها.
و بينما هي تقدم الحلوى لهم رن جرس الباب نظرت للباب بخوف التفت جواد لها " هل تنتظرين احد " لتهز راسها ب لا ذهب ليفتح و إذا به زين !
راته فخافت ، فابتسم ، فدب الرعب بقلبها ، التفت جواد لها و قد تغيرت معالم وجهه ؛ تخطاه زين و تقدم لصالون و لازالت والدة جواد تنظر بحيرة ليتحدث زين " مابك تنظرين كأنك رايتي شبح ألن ترحبي بحبيبك " و ابتسم .
تحدثت والدة جواد بغضب " عن ماذا تتحدث يا هذا جواد من يكون هذا ؟"
نظر له جواد ليقول بغضب و هو يكور يداه " اخرج حالا و لا تدعني ارتكب جريمة "
خافت ياسمين نظرت لجواد الذي كان غاضبا بشدة و الى والدة جواد الذي كانت نظراتها تنخر قلبها ، تلك النظرة نظرة الشك ! و كم كانت نظراتها تقتلها و تحزنها ، صدح صوت جواد و هو يأمره ب الخروج ليضحك زين و هو ينظر ل ياسمين و يتحدث " هل نسيتي ماضينا واا"
و هنا لم يتحمل جواد و لكمه ليسقطه ارضا و لم يدعه يكمل كلامه ...
(يَتَفَطّرُ القلب حُزنًا على كلّ إنسانٍ يُصارِعُ الحياةَ وهُو أعزَل، لا قُدرَةَ له علَى مُجابَهَتِها أو حتّى مُقاوَمَة طَعنِ سُيوفِها)
-------------------------------
فتحت ريهام دفترها لتكتب " و هاهي ست أشهر مرت و مضت كم كانت ثقيلة و مؤلمة ، لازال ألم فراقه يعتصر قلبي ، لكن يجب علي أن اكون قوية لاجل امي و أنس، ست أشهر رغم صعوبتها و لكنها جعلتني اقوى ، الكثير من المنعطفات مررتُ بها و لكنني لم أستسلم و لن أيأس "
لا اليأس ثوبي ولا الاحزان تكسرني
أغلقت دفترها ليأتي أنس بجانبها ابتسمت له و حملته و قبلته كانت تضاحكه و تلاعبه ، لتأتي امها زينب غاضبه " ريهام أنس لا تغضبوني هيا لنفطر و انتي اليس عليك الذهاب مبكرا الى العمل هيا هيا امشوا امامي " نظرت ريهام لأنس الذي ينظر لجدته بعدم فهم و هو مبتسم ، حملته و هي تخفي ابتسامتها و ضحكتها و ذهبت لتفطر مع امها ، اكملت فطورها بسرعة لتذهب لعملها.
فخلال هذه المدة تغير الكثير في حياة ريهام و خاصة بعد وفاة حمزة و زوجته انقلبت حياتهم و تدمروا تماما و لكن لاجل أنس قاوموا و حاربت .
و هاهي تدخل الشركة التي كانت بها موظفة عادية لكن الان اصبحت نائبة المديرة الجديدة ، فبعد أن وجدوا بها العزيمة و المثابرة استحقت بجدارة هذا المنصب ..
جلست في مكتبها لتباشر عملها بنشاط كالعادة بعد ما اتصلت بوالدتها لتطمئن على أنس و عليها ، رن هاتف مكتبها حملته لتجيب و اذا به "أدهم" تأفأفت منه و هي تجيب " ماذا هناك يا أدهم من الصباح الباكر "
اجابها بصوته المرح " ااا لا شي مهم فقط كنت اريد سماع صوتك "
" أدهم اغلق بسرعة عندي عمل هيا " لتغلق الهاتف بتذمر و لكنها لم تكن غاضبه فهي تعودت عليه في كل صباح يرن عليها و هي تجيب و تغضب عليه ، ابتسمت ليراها هو فقد كان من البداية هناك يراقبها فلمح ابتسامته و تلك التمتمة التي لا يعلم ماذا تقول بها و لكنه يُسر كلما راها .
ذهب الى مكتبه و اخرج قلماً كان محتفظ به بصندوق خشبي أبتسم و هو ينظر له ليرجع بذاكرته ست أشهر للوراء عندما أتى متقدما لهذه الشركة .
و كأن و في ذلك اليوم كل شي أراده ان يتاخر عن موعده كانت زحمة السير شديدة و الجو كان ممطر و بسبب المطر تعرقلت حركة السير ، توقف المطر و لكن زحمة السير لم تتحرك ظل ينظر لساعته ليرى انه تاخر نصف ساعه ليقرر الذهاب مشياً على الأقدام مشى و مشى الى ان وصل الى الشركة فرح و تقدم بسرعة و هو ينظر لاسم الشركة و لكن لسوء حظه كانت هناك بركة صغيرة من الماء امامه ليدعسها و يتسخ سرواله بشكل سيئ ليقول " هذا ما كان ينقصني اوووف ما العمل الان فكرر فكررر تمام اهداء بسم الله لندخل و نجرب حظنا " ليدخل كان يسير بسرعة و هو ينظر لسرواله المتسخ بغير رضاء و الساعة ليصتدم بفتاة و يوقع كل اوراقها التفت اليها غاضبا " مابك الا ترين " ليذهب و يتركها و يصعد لغرفة الانتظار انتظر نصف ساعه اخرى لتأتي السكرتيرة و تطلب منه القدوم للمقابله و فور ان دخل راها !
نعم هي ! هي من تصادم معها !
تسمر فجاءة لترفع ريهام يدها من دون ان ترفع بصرها و تقول تفضل و هي تدقق الاوراق بجانب مديرتها التي كانت تخبرها انه افضل المرشحين و لكن لنراه و فور ان رفعت عيناها عليه قالت "انت" توتر و تحدث بسرعه " انا اسف كنت مستعجل و بالغلط حدث اعني انا ااا"
كل هذا و المديرة تنظر لهما لقول " ماذا حدث "
نظرت ريهام له بغضب " لا شي حضرة المديرة لنكمل المقابلة " كانت تلعب بقلمها و هي تنظر له بغضب و هو يفرك يداه بتوتر اقتربت المديرة من ريهام و همست لها شي و خرجت بعدها ،
ظل منتظر حديثها و لكنها صامته تلعب بقلمها و تنظر للورقة التي بيدها زفر أدهم و كان على وشك الخروج و لكنها اوقفته " سيد أدهم اهلا بك بشركتنا " و وقعت على ورقة قبوله و خرجت ، سعد بهذا الخبر اخد الورقة ليرى انها نسيت قلمها لياخده هو ايضا و يخبئه بجيبه و توالت الايام و المواقف الى ان استطاعت ريهام اخد قلب أدهم .
تقدم لها مرتين و لكنها رفضت متحججة بانه لازال هناك وقت و تارة من أجل أنس و هكذا و لكن الشي الذي يجعله يثق و يؤمن بحبه هو عدم قولها " لا " و ايضا ابتسامتها تلك في كل مرة يتصل بها ...
رن الهاتف مرة اخرى لتمسح ابتسامتها و ترد قائلاه " نعم الاوراق جاهزة تعال وخدها " اغلقت لتبتسم مرة اخرى و هي تتذكر اعترافه لها كانت تريده و معجبه به و لكن هناك عقبات كثيرة امامهما.
________
مرت ست أشهر بحلوها و مرها تأقلمت فيها مريم على حياتها الجديدة مع عبد الرحمن و لكن أثر ما مرت به لازال فيها لازالت تتذكر هارون و كسر قلبها بسببه لقد فقدت ثقتها بالحب و لم تعد تصدق شي اسمه حب!
بينما عبد الرحمن كان عكسها تماما فبدخولها لحياته امتلأت ايامه بالفرح و السعادة صحيح كل علاقة فيها مشاكل و هذه سنة الحياة فكانت علاقتهم مثل اي زوجين ،
هو أحبها فأستوطنت قلبه و لن يرى غيرها .
ينظر لها بكل حب بينما هي تنظر بنظره حزينه خاوية لا تحمل شي ، حاول معها ليعرف سر هذا الحزن و لكنها تتهرب كعادتها ، هروبها منه و عدم مصارحتها له بما تشعر و ما سبب حزنها يؤلمه و يحزنه .
استيقظ عبد الرحمن قبل أذان الفجر التفت لجانبها ليرى انها ليست موجودة ابتسم وجهه ،فهي كعادتها تصحى قبل الاذان بنصف ساعه و تقرأ ما تيسر لها ، صلوا مع بعضهم لتحضر له فطوره ، تحدث عبد الرحمن قائلا " تسلم يدك الاكل كالعادة شهي " ابتسمت و هي ترتشف من كأس الشاي ، اكمل حديثه " ساعود اليوم مبكرا ان شاء الله " تسالت مريم لتقول له " الم تقل في الامس ان لديك عمل كثير في المكتب "
" نعم لدي و لكن اليوم يوم مميز " صمت قليلا بينما ملامح الاستفهام ارتسمت عليها
"اليوم مر ست أشهر على زواجنا يا مريم و انا اريد ان احتفل معك بها و لا اريد اي اعتراض " و ابتسم لها بحب ...
لم تعترض امام فرحته و طلبه منها بحنان فقط وافقت ، اخبرها انه سيعود في الرابعه ، ليودعها و يذهب و دعته و دعت له .
لتبداء بعدها عملها بالبيت تشغل تفكيرها بعملها ، تضرب السجاد بقوة لتخرج كل ما بداخلها ، تمسح الارض و كانها تريد مسح تلك الذاكرة من عقلها و لكن مع الاسف لا تنمحي ابدا...
اتت الرابعه ليعود عبد الرحمن و هو سعيد فالأول مرة قبلت ان تخرج معه فهي كل مرة تتحجج او تتهرب و هو لم يشاء ان يضغط عليها .
مر الوقت ليتجهزوا و يذهبوا لوجهتهم ، كانت تسير بجانبه تنظر للمارة لمحت فتاتين في الزاوية يتحدثان فتذكرت صديقاتها ، حزنت على ما ألت له حالتهم ، شعر بحزنها و تغيرها ليقترب منها و يشبك يده بيده بقوة و كأنه يخبرها أن لا تحزني فانا معك .
تفاجاءت بيده و لكنها لم ترفضه فقد احست بشي من السكينة و الامان معه، ابتسمت بخجل .
ساروا الى مطعم اشتهر ببيعه للسمك ، كانت قعدة جميلة تبادلوا بها الحديث ، كان يحدثها يحاول ان ياخد اكبر قدر من صوتها و ضحكتها ، بينما الاخرى تشاركه الحديث و لكن قليلا..
(من أحبك؛ماطل الزمان والمكان ليبقى بجوارك
من أحبك؛
تلكك للحديث معك وتلجلج ليطيله وتثأثأ ليستبينه وتلكلأ ليبقيه...)
من كان يتخيل ان عبد الرحمن سيغرق بها و يتيم بها الى هذه الدرجه لقد تغير مفهوم السعادة له ليصبح ضحكتها و وجودها .
لا تشرق الشمس لديه الا اذا راى وجهها صباحا .
فقط شي واحد ينقصه و هو قربها منه بحب يريد ان يرى حبها له ، و عدم حزنها ..
انتهت سهرتهم و ما كان يريدها ان تنتهي و لكن لكل شي جميل نهاية ، تمشوا قليلا على الساحل ، لازال ممسك يدها يحاول ان يفوز بقربها قدر المستطاع...
وصلوا لبيتهم فتح عبد الرحمن الباب لتدخل هي اولا و بعدها هو مغلقا الباب ، ذهبت لغرفة النوم لتغير ثيابها و هو ذهب للمطبخ ليشرب الماء .
بعد القليل من الوقت ، كان عبد الرحمن يفكر كيف و متى سيخبرها فهو اراد ان يعترف لها بمشاعره و أن لا يكتمها في صدره اكثر
. و ايضا ان يعرف ما سبب ذاك الحزن الذي لم يفارق ملامحها .
فكل مرة يريد ان يخبرها كانت تتهرب او لا يفلح هو .
و لكن هذه المرة قرر الا يتراجع ابدا ...
استجمع قواه و ذهب الى الصالون حيثما كانت و جلس بحانبها بصمت لم ينطق بكلمه ، نظرت باستغراب له لترى حالته الغريبة و عادت لتتابع البرنامج ، لازال يرى بعيناها ذاك الحزن الذي لم يفارقها مند ان رائها ليقرر ان يسألها " مريم "
أدركت أنه يريد التحدث بشي جاد فاغلقت التلفاز و التفت له ليكمل " هل انتِ سعيدة معي "
هزت راسها و ابتسمت بلطف هي تقول " نعم الحمد لله "
" قوليها و انتِ تنظرين الي الى عيناي "
هربت بعيناها كعادتها و لكنها التفت له و قالت " نعم انا سعيدة " و لكنه لم يصدق فنبرة صوتها كانت لازالت تحمل حزن و ألم .
حدثها مرة اخرى محاولا معرفة سبب حزنها سألها " لماذا ارى هذا الحزن دائما في عينيك لماذا يا مريم دائما ارى دمعه محبوسه في عينيك لماذا "
امتلأت عيناها دمعا لتسقط دمعه من عيناها اربكت كيانه فألمت روحه و احرقت قلبه ، همت لتقف و تذهب و لكنه ما تركها أمسك يدها و هو يقول " ارجوك لا تبكي "
ازداد بكاءها ليقول لها " اخبريني ما سبب حزنك لاساعدك لا يمكنني رؤية هذا الحزن الذي خيم عليك اسمحي لي لامحي عنك كل حزن "
تغلب عليها حزنها لم تتحمل معاملته لها بهذا الحنان و العطف و كأنه يضع على جراحها الملح ، تحدثت من بين دموعها و بصوت مختنق " لا يمكنني ارجوك لا تضغط علي اكثر ارجوك " قالت كلماتها لتذهب بعدها مسرعه الى غرفتها ، اما هو تألم قلبه لبكائها و حزنها ، وصل صوت بكائها له ، اراد و بشدة الذهاب اليها و اخدها بحضنه و لكنه تراجع مقررا تركها تخرج كل ما بداخلها .