recent
جديدنا

#عروس_بغداد الفصل العاشر

 رواية عروس بغداد

بقلم الكاتبة أمل محمد الكاشف




خيمت أجواء الحر.ب على مدينة بغداد، تعالت أصوات مدافع القنا.بل وهي تلقي ما بجعبتها لتهز الارض هزًا هزًا، تطاير الر.صاص الآلي بسماء ليلة مظلمة لم تخلو من أصوات مجنز.رات الد.بابات وهي تسير في شوارع المدينة ملقية الفز.ع بقلوب الأطفال والنساء والشيوخ،  دخل خليل بهذا الوقت لغرفة سلمى ليجدها جالسة على الفراش ممسكة بغطائها بعيون تترقب حركة اخشاب النافذة كلما اشتد القصـ.ـف بالخارج.


اقترب من الفراش متحدث بصوت منخفض 

"هيا لنخفي امانتك"


نظرت للنافذة ثم نظرت له

"هل من الضروري اليوم….؟"


قاطع سؤالها 

"نعم الان  هيا ستأتي معي  لا تخافي أنا معك"


تحركت لتخرج الصندوق من تحت الفراش واضعه عليه منشفه كبيرة لتخبئه بها، اشار لها ان تتبعه وخرج من الغرفة بهدوء وبطء يحذر بهِ استيقاظ من في المنزل.


دخل غرفة مكتبه ينتظر دخولها ليغلق الباب عليهما وهو يسرع برفع السجادة التي تفترش الجهة اليسرى من الأرضية قائلا لها

 "اعطني سكين الأوراق من اعلى المكتب "


اسرعت بأخذه من حاملة الأقلام واعطته له مندهشة من فتحه لمربع كبير اسفله خزنة حديدية تحدث وهو يضغط على أزرارها

 "خمس سنوات وستة أشهر وأربعة وأربعين يومًا"


كرر الرقم وهو يأخذ الصندوق منها مفرغ ما به داخل الخزينة ثم وضعه جانبًا ليغلق عليهم من جديد

"تم الامر تبقى أن نتخلص من الصندوق فقط"


وقف ممسك بالصندوق الفارغ بعد أن أعاد ترتيب كل شيء بعده قائلًا

"ليكن بيننا، لا احد يعلم بمكانها غيري انا بالسابق وانا وانتِ من بعد الان"


 نظر نحو صوت القصف مكملًا

"إن حدث أي أمر معاكس ستكون امانه لديكِ، بداخلها جميع ما أملك من نقود و سبائك ذهبية، قبل عامين قمت ببيع الأرض الكبيرة والاخيرة من الإرث  كانت بوادر الحـ.ـرب معلنة ولا أحد يعلم مصير المستقبل القريب لذلك اردت ان احتفظ بمالي بين يدي، اشتريت عشر سبائك وباقي المبلغ احتفظت به بعملة الدولار الأمريكي، رشيدة لا تعلم عنهم شيء تعتقد ان رصيدي بالبنوك كل ما امتلك وايضا هي لا تعلم حقيقة ما في البنوك من أرقام صغيرة لا تجدي ولا تنفع بشيء"


ردت سلمى بقلق

"يا ليتك احتفظت بسرك لك"


_"عليكِ تدبر وضع اهل المنزل ان حدث لي شيء ، امي بحاجة لرعاية واهتمام كبير كما ترين. بجانب رشيدة وطلباتها التي لا تنتهي، انتِ فقط من يمكنني الاعتماد عليه من بعدي دون *خوف "


ابتلعت ريقها *بخـ.ـوف *اكبر ناظره تجاه صوت القـ.ـصف

 "متى سنتخلص منهم"


أجابها *بحزن *كبير

"ليس لها من دون الله كاشفة، الوضع *سيء *مع الأسف انتصروا في مخـ.ـططاتهم وأهدافهم، ظلوا ينشرون الأحاديث المضللة *الكاذبة *لسنوات وسنوات حتى صدق الأبناء حُسن نواياهم وشجعهم الاخوة على ما يفعلون"


_"ألم يتدخل أحد لنصرتنا، اين الاخوة العرب، و ابناء الوطن!؟ ألم يجدوا من يصدهم"


تنهد خليل بحزنه 

"ألم أقل لكِ قبل قليل، كذبوا على الأبناء بوعود واهية، كما أشاع بين الإخوة ضرورة تربية هذا الأخ العاق دون أذيته، صمت الجميع وهو يرى الثور الأبيض *يذبـ.ـح *أمام أعينهم وكل منهم يزايد ويعلق لو لم يفعل كذا، لو لم يقل كذا، لو لم يهدد بكذا، حتى وصلنا لهذا الدنو والانهـ.ـيار البلد *تسـ.ـلب *وتنـ.ـهب *لمخططات كبيرة تفوق مستوى تفكير العامة والأبناء. يأكلون بعضهم بين مؤيد ومعارض. والاخوة تندد ومن الباطن تصفق فرحة بمعاقبة الإبن العاق، بل هناك من يمد لهم يد العون"


ردت سلمى 

"ولكنهم سيُأكلون في نهاية المطاف"


أومأ خليل برأسه

"نعم هذا ما سيشهده العالم ان حققوا مرادهم وتم إعد.ام الشبـ.ـح المـ.ـارد الذي *اخـ.ـاف واقلـ.ـق *راحتهم لسنوات ، لم ترفع لهم رايه بعدها، سيتم بعدها اعد.ام *الاخ وراء الاخر كل واحد منهم بحجج مختلفة كي يتخلصوا من قوة وعزم رجال العائلة التي اعتادت وكبرت على مبدأ قوتنا في وحدتنا، سيخرجون هم الفائزون الرابحون الوحيدون من هذه الغوغاء"


ردت *بخـ.ـوف وقلق

"كيف يمكنهم التخلص من جميع الاخوة، انهم اقوياء اشداء محبوبين لدى ابنائهم"


رد خليل *بحزنه *الكبير

" كما تخلصوا من الاخ الاكبر القوي الشـ.ـديد عليهم أيضا، ليس هذا وحسب بل و سيأتون بمن لا يجتمعون على لواء واحد، يلعبون بعقولهم وأبنائهم مالكين خططهم الاقتصادية حتى يصبحون مكممين امامهم لا يسمعون او يرون *نداء أو*استغـ.ـاثة *بعضهم البعض، كل منهم منشغل بحاله وديونه وأزماته وتطوره ومصالحه، يفعلون ما يفعلون ويخلصون على من يريدون التخلص منهم بوجه أسقـ.ـط *اقنـ.ـعته *المزيـ.ـفه *بعد أن أصبح لا يرتـ.ـاب أو *يخاف *احد منهم"


ردت سلمى بحزن كبير

"أرى أنك محق بقول أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض"


امسك يدها لينزل بها للاسفل كردة فعل سريعة جراء ارتفاع صوت *انفـ.ـجار *كبير قائلا

"اتمنى ان لا نرى هذا اليوم. اتمنى ان يستيقظ الاخوة والابناء قبل أن يسقطوا في بئر *مظـ.ـلم *صعب الخروج منه، فلو إنتهى الذئب من *فريسته *التي تقاومه، ستصبح وليمته القادمة الخراف التي كانت تشاهد العرض"


انتبه لحركة بالخارج تحدث لها بسرعة

"ابقي انتِ هنا وانا ساخرج لرؤية من بالخارج، لا تدعي أحد يراكِ وأنت تخرجين من المكتب. اذهبي للحمام هو الأقرب منا. وبعدها يمكنك الخروج منه والذهاب للغرفة دون ان يفهم أحد أننا كنا مع بعضنا"


اخفضوا رؤوسهم مقتربين من بعضهم حين تكرر دوي صوت *انفـ.ـجار *آخر.


بهذه اللحظة دخلت رشيدة عليهم المكتب مصدومة من تقارب رؤوسهم واحتضان خليل عروسته، اتسعت عينيها متحررة من *خوفـ.ـها *وهي تنظر نحوه *بغضب.


جلست سلمى أرضا كي تخفي الصندوق اسفلها مبتعدة قليلًا عن خليل الذي تحرك ليمسك زوجته قائلا

"هل افزعـ.ـتكِ الأصوات"


لم ترد عليه حين علقت عينيها على عروسته بالارض، سحبها وخرج بها وهو يحنو على ظهرها  بملامح ونبرة *خو.ف *وقلق استطاع ترويدها واشعارها بالانتصار على من تركها وحيدة أرضا.


وبخـ.ـوف وترقب لحدوث دوي انفجـ.ـارات اخرى اخذت سلمى مقص من اعلى المكتب وأصبحت تقطع الصندوق الكرتوني لقطع صغيرة كي تتمكن من التخلص منه بسهولة.


نظرت حولها وهي تفكر أين تضعه، لم تجد مكانًا افضل من مكتبه كما اخبرها انه لا يتجرأ احد على فتحه.


أسرعت بفتح الدرج الأكبر بالاسفل واضعه به القطع الكرتونية منثره عليها الأوراق الخاصة بعمل خليل مغلقة عليه براحة كبيرة.


 تحركت  لغرفتها كي تنام وهي مختبئه تحت غطاءها بعد أن أرهقتها الأصوات *المخـ.ـيفة طوال الليل.


تعجبت سلمى من عدم مجيئ خليل لغرفتها بهذا اليوم عكس المتوقع بعد الحديث والسر الذي جمعهما أمس. كانت تشعر براحة واستقرار داخلي من جهة دكتور خليل وهذا ما جعلها تتناول طعامها بشكل جيد لأول مرة منذ وصولها للمنزل، ملت من بقائها على الفراش طوال اليوم انتظرت نوم الجميع لتخرج من غرفتها متسللة لغرفة المكتب كي تأخذ مجلد طبي كبير أثار انتباهها ورغبتها لقراءته بعد ان رأته ليلة أمس.


اخذت من اعلى المكتب ورق أبيض وأقلام جمعتهم جميعا بحضنها وهي تخرج بحذر عائدة  لغرفتها لتبدأ بقرائته وتخليص الأفكار الرئيسية وتدوينها بشكل متسلسل كامل.


غرقت بأوراقه مستمتعه بكم المعلومات الطبية الجديدة بالنسبة لها، وفي منتصف الليل تفاجأت بدخول خليل لغرفتها متسللًا بهدوء وخـ.ـوف من أن تنتبه عليه زوجته.

ابتسم وجهه مندهشًا حين وجدها جالسة بجانب الطاولة الصغيرة أسفل النافذة.


اقترب مدقق بعينيه على الكتاب والأوراق لتتحدث هي بخجل

"اعتذر لعدم استئذاني ولكني كنت اشعر بالملل ولا ارغب بالنوم، رأيته في مكتبتك أول أمس واردت ان اقرأه"


أثنى عليها بكلمات كانت قد نسيتها من شدة وقسوة ما مرت به، شجعها على الاستمرار بالقراءة والتعلم والتزود  من المعلومات الطبية بقدر المستطاع لتتمكن من وضع قاعدة قوية تساعدها بحياتها العملية مستقبلًا.


لم يبقى بجانبها كثيرا حين اذن الفجر واسرع هو للذهاب للمسجد رغم خطورة ذلك، انتظرت عودته لتسأله عن بعض النقاط الثقيلة بالفهم والاستيعاب، فتحت باب غرفتها ناظره نحو قدومه حيز طرقة الغرف قائلة بصوت منخفض

"كنت انتظرك لأجل بعض النقاط التي احتاج لشرح وتوضيح لها ان كان وقتك متاحا"


نظر نحو غرفة زوجته بقلق حتى كادت أن تندم وتتراجع عن طلبها ولكنه عاد ونظر لها بوجه مبتسم 

"هيا لنرى ما تحتاجين إليه"


دخلت الغرفة وهي فرحه ليدخل بعدها مغلق الباب خلفه وهو يسألها

"متى استيقظتي للقراءة، يعني حماسك ويقظتك بهذه الوقت جعلني اتساءل   بفضول حول ذلك، أم انكِ نمتِ كثيرًا بمنتصف اليوم"


هزت راسها بالنفي

"انا لم انم حتى الان، او بمعنى اخر لم استطع النوم قبل فهم هذه النقاط سيظل عقلي مستيقظ يتساءل عنها طوال نومي"


اندهش من أمرها قائلا

"لم اتوقع إنكِ محبه للعلم إلى هذه الدرجة الممرضة"


تحركت السفن الراكدة بقلب زوجها حين ابتسمت بخجل خفض نبرة صوتها وهي تجيبه

"ليس حب اكثر من فضول، اعتدت على فهم وحفظ ما اقرأه ولذلك لم يتركني عقلي حين أتوقف أمام الصعاب"


جلس بجانبها على الطاولة متعمد الاقتراب بمقعده من مقعدها متسائل

"هيا أريني ما الذي أذهب النوم من عينياكِ الجميلة"


لا زالت خجلة منه فرحه بفتح الكتاب   أمامه مسترسلة بحـ.ـماس في شرح ما فهمته من قراءتها، اجابها خليل بانبهار ملئ عينيه ورُسم على ملامح وجهه

"ممتاز لديكِ ملكة فكرية رائعة بشرح وسرد النقاط المهمة"


افحمته وهي تسأله عن أمور أكبر وأوسع مما ذُكرت بالكتاب مستشهدة بأبحاث ونظريات اكثر واقعيه ونجاح على أرض الواقع، ربطت بين المذكور بالكتاب والمستشهد به لتخرج النقاط الصعبة التي شغلت عقلها.


ارجع ظهره للوراء وهو ينظر نحوها بعيون اتسعت من دهشته وانبهاره

"هل تتحدثين بشكل جدي!"


ردت بثقة وثبات

"نعم ولما لا اتحدث بجدية في أمر كهذا"


أمسكت الكتاب باحثة في الفهرس الخلفي لتخرج عدة فصول تحدث بها الكاتب عن ما قالته باستفاضة دون ربطه بما كتب في الفصل العاشر والحادي عشر.


اندمج معها لدرجة كبيرة مستمتع بالكتاب والعلم لأول مرة فهو لم يدخل نقاش او مناظرة طبية عميقة مع احد بمستوى ذكائها و نبغتها من قبل.


شعر خليل بانسجام كبير وتوافق فكري عالي بينهما، جذبته بجمالها وبراءتها حاول التقرب منها طوال الجلسة متحري مسك يدها و وضع يده على كتفها كلما تفوقت وتميزت في الشرح. وهذا ما جعلها تتظاهر بالنعاس كي تحد من تقاربه الذي أصبح يتعالى بمرور الوقت.


وقف بفرح وحماس

"ارى ان ساعة نومك قد حانت لهذا سأتركك الان لكي تنامي على ان نكمل بوقت لاحق"

وقفت هي ايضا مجيبه بحماس "حسنا اتفقنا"


لم تتوقع سلمى سرعة ميلانه عليها واقترابه منها ليقبل وجنتها قبلة خفيفة وهو يقول

"تصبحين على خير وفرح وسعادة"


خرج بعدها دون ان ينتظر ردها تاركها واقفه بمكانها تنظر نحو الباب بصمت كبير، اسرعت رشيدة بدخول غرفتها وتمثيل نومها كي لا تشعر زوجها بمراقبتها لهما. 


ظلت طوال اليوم تتعذب بغيرتها التي جعلتها تستيقظ  فجر اليوم التالي مؤكدة عليه انتظار عودته من الصلاة كي يفطرا سويًا.


*غضب *خليل على استيقاظها بالوقت الذي ظل طوال اليوم يحلم بمجيئه كي يتهنى بالانفراد بعروسته والاستمتاع بالتقرب والتودد لها بنقطة ضعفه حالمًا بكسب قلبها وبدأ قصة رومانسية جديدة قد انارت بقلبه لتوقظه من نومه الساكن، خرجت سلمى من غرفتها لاستقبال خليل عند عودته من صلاة الفجر متفاجئة باحتضان زوجته له وتقبيلها لوجهه وهي تقول

 "حضرت لك الفطور هيا لاطعمك بيدي كما تحب دائما"


فرح خليل لاهتمام زوجته به دون أن ينتبه لتخفي سلمى وتراجعها أمام رؤيتها لرشيدة التي تعمدت فعل ذلك أمام العروس الجديدة لتثبت ملكيتها الخالصة لزوجها.


توالت عدة ايام على هذا المنوال، تحسنت سلمى تحسن طفيف نتج عن إلقاء نفسها بحضن الدراسة والعلم من جديد، يأتيها خليل متخفي ينظر للطرقة والأبواب وهو يدخل غرفتها مغلق بابها خلفه بسرعة يتحجج بعدم رغبته في أحزان زوجته وأنه يفعل ذلك كي تعتاد رشيدة على الوضع الجديد، وبنفس الوقت كان يتحجج برغبته في ان تعتاد سلمى عليه حتى تنتهي المهلة التي طلبتها منه قبل أن تصبح زوجته بشكل كامل.


كان هذا الوضع يريح سلمى ويهدئ من حزنها وتوترها ومخاوفها، فهي لا زالت لا  تتحمل قربه ولمسه لها وهما يتحدثان فكيف ستتحمل علاقة كامله بينهما، لعل شعورها هذا ينتج من رغبتها  في عيش حياة متكاملة مع من تختاره و تراه مناسب لها، والأكثر أن يكون غير متزوج من امرأة اخرى.


ومع ذلك كانت تحارب ما تشعره بل و لم تمنع نفسها من التجربة وترك نفسها بين يديه عندما يحاول الاقتراب منها اثناء حديثهم باحتضانها وهو يحنو على كتفها وظهرها.


تحملت يده وتقربه وحركاته الثقيلة على قلبها فقط لأجل ان تنال حياة هادئه كما وصفتها عمتها لها


تمنت ان لو يمر الوقت بسرعه لتجد نفسها قد تخلصت من ما هي به او ان تكون قد اعتادت عليه دون أذى لمشاعرها المتمردة عليها.


امتلك الحب قلب خليل الذي شغله عقله بعروسته فلم يعد يفكر او يرى باحلامه سواها، أصبح يشتري لها الملابس الجديدة الجميلة كلما سنحت له الفرصة بذلك، يسترق الذهاب للتجار كي يشتري منهم كل ما يراه مناسب لعروسته دون أن يحسن المقاس بكل مرة، متعجبًا من صغر حجمها قائلا لها "هل اذهب لأصحاب ملابس الاطفال بالمرة المقبلة"


ابتسمت سلمى وشكرته على ما يجتهد بشرائه

 "انهم مناسبين انا لا احب ارتداء الملابس الضيقة"


نظر خليل للطول ليجدها تجيبه

"اخبرتني وداد أنها ستساعدني بتقصيرهم"


فرح خليل باعجابها بمشترياته  لها وهذا ما جعله يزيد بهداياه لها كي يرى وجهها المبتسم ويستمع لشكرها له والتنعم باحتضانها لاكبر وقت ممكن .

 

اشتدت رشيدة بغيرتها ورفضها للوضع الذي فرض عليها لتصبح متتبعه لخطوات زوجها بالمرصاد،  تستيقظ كل فجر لتخبره انها تنتظره كي يفطرا سويًا، حرمت عليه دخول غرفة عروسته *بغضـ.ـب أصبحت تفرغه عليه كلما اقترب من باب سلمى.


 حتى مر على هذا المد والجزر ستة أشهر احترم خليل غيرتها ومشاعرها كما انتظر كسب قلب عروسته ورضاها عنه واستجابتها لتقربه منها دون رده او الهروب من بين يديه كالبدايات.


لتتمادى رشيدة بغيرتها وغضبها بشكل غير مسبوق وغير محتمل، وهنا خرج خليل عن صبره عليها محدثها بكل جدية 

" اعلم حبك لي واعلم أن ما تفعليه ناتج عن غيرتك عليّ ولكن يجب ان لا ينسيكِ كل هذا انها اصبحت زوجتي ولها حقوق عليّ مثلها مثلك"


*رفضت *رشيدة 

"لم يحدث ما تقوله، هي مجرد عبده امتلكتها و حررتها بعد ان أنقذتها من مصيرها المظلم هذا كل شيء"


*رفض *خليل وصفها لسلمى بعبدة مدافعًا عنها

"لا يحق لكِ قول ذلك. وايضا من تقولين عنها عبده هي افضل مني ومنكِ انها حقًا مميزة بذكائها ونبوغ فكرها، لقد اخبرتك منذ اليوم الأول أنني سأتقي الله بها ولم ولن اظلمها"


_"ولكنك وعدتني ان تكون لي وحدي"


نفى خليل ما تقوله

"لا لم أعدكِ بشيء كهذا"


بكت رشيدة بنار قلبها

"لن أقبل بأن تجمع بيننا، اسمعت؟ لن أقبل بهذا الوضع اما ان نكمل على هذه الوتيرة واما ان…."


جلس خليل على الفراش بضيق متحدثًا


ليصدمها بقوله 

"قبل سنتين أتيتِ إلي وأنتِ تبكين تريدين ان تصبحي أم ولكن مشيئة الله لم تأذن. طلبتي يومها الطلاق بالمعروف وعودتك لبلدك كي تحققي حلمك مع غيري"


اسرعت بدفاعها عن نفسها

"لا تظلمني. انت تعلم ما كنت أمر به من اضطرابات نفسية جراء فشل عمليات الحقن المجهري. حتى انت تأثرت وكدت أن توافقني على الطلاق لولا مجيء أمي ومكوثها بجانبنا لعدة أشهر كي تصلح بيننا ويهدأ ألمنا"


اجابها بهدوءه وثبات كلماته

 "لم تكن المرة الاخيرة فلقد اصبح الطلاق بطاقتك الرابحة التي تعلو بوجهي كلما عارضت *ورفضت *لكِ طلبًا. كما لم يمر الكثير على طلبك العودة لبلدك *خوفًا*من *الحر.ب"


دمعت عيونها مجيبه بصوت حزين

"لا تضغط عليّ. تعلم أنني أحبك. انت تعلم ذلك ولهذا تصمت حتى اهدأ واعود عن طلبي. وايضا كيف كلما عارضتني لقد حدث لمرتين على الأكثر"


ظل يحتفظ  بثباته وهدوء مجيبًا عليها

"ثلاث مرات. والمرة الرابعة بادرت أنا بحديثي وقولي ان طلبتيه سأحققه لكِ وحينها صمتي. الان يمكنك فعلها. إن لم ترضي و توافقي على زواجي بشكل كامل  يمكنك العودة لبلدك كي تعيشي بعيدًا عن *الحر.ب *وضغوط وجود زوجة أخرى بجانب تحقيقك لحلم الأمومه. ولا تقلقي ستأخذين جميع حقوقك حتى ترضين"


قاطعته وهي تقترب لتحتضن كتفه

"كيف سأتحمل العيش بعيدًا عنك. انت تعلم حبي لك. بالاصل ان كنت استطيع فعلها ما الذي يجبرني على البقاء بجانبك حتى الآن"


بادلها الحضن رغم معرفته حبها لمنزلها الكبير وسيارتها الغالية وغيره مما تمتلكه بحياتها بجواره أكثر من حبها له .


 و تحرك لينام على فراشه مؤكد على ما قاله 

"ولكن هذه المسألة أغلقت. لا اريد حديث بهذا الأمر مجددًا"


رفع الغطاء عليه مكملًا 

"يمكنك الذهاب الى بلدك عدة اسابيع او اكثر حتى يهدأ الوضع وتعودين"


 نزعت الروب من عليها مقتربة منه لتتودد وتتدلل عليه بطلبها ان لا يلمس غيرها. 


نظر لقربها وجمالها المغربي الذي أسره من اول لقاء بينهم قائلا 

"لا تُحرمي ما حلله الله لها. هل تريدي مني ان اظلمها"


اجابته بصوت مدلل

"ليس *ظلمًا. تزوجتها لحمايتها والمحافظة عليها. حسنًا لم اعترض على هذا ولكنك ستبقى ملكًا لي انا فقط. لن تقترب منها ولن تقام علاقة بأي نوع بينكما هذا شرطي"


اجابها بعيون مغلقة

 "اخبرتك لا يمكنني ظلمها"


وتحرك ليعطيها ظهره مكمل 

"نامي يا رشيدة واتركِ حملك على الله. لا تظلمي أحدا كي لا تُظلمي"

*غضبت *عليه ممسكة بكتفه لتعيده للنوم على ظهره كي تنظر لعينه وهي تحدثه

"هل *اظلمها *هي بعدم نومك معها ام اظلمك انت؟. انتظر ام اعجبك الوضع وطمعت بالمزيد؟"


اتسعت عينيها وتملكها شيطانها وهي تقول

"أم أنك تحلم بالولد منها؟"


زفرت بسخرية غضبها *ونارها 

"عد لوعيك انا سليمة مئة بالمئة لا ينقصني عن امومتي إلا بقائي معك"


صمت وهو ينظر لعيونها بعتاب كبير كانت نظراته ثابته قوية مغلفة باحاديث كثيرة لم يخرج منها شيء كي لا يجرح مشاعرها لمعرفته حجم وثقل ما فُرض عليها فهي بالاخير حالها كحال أي امرأة *ترفض *أن يشاركها أحد بزوجها.


أغمض عينيه من جديد بهذا الصمت لتشعر هي بحجم ما خرج من فمها.


تحرر خليل من قلقه *وخوفه *على احزان رشيدة من بعد هذه الليلة التي أعلن بها نيته أمامها في إتمام زواجه من الدكتورة سلمى واعطائها وضعها وحقها بالمنزل مثلها مثل رشيدة.


لتصبح سلمى فرد من أفراد طاولة الطعام اليومية يجبرها خليل على الخروج ومشاركتهم وجبات الطعام على مدار اليوم.


لم تتحمل رشيدة رؤية نظرات زوجها وتقربه من عروسته بل لم تتحمل رؤية سلمى بحضن خليل الذي كانت عينيه ويديه تتحركا على جسد عروسته بكل فرصه خلى بهم المكان.  


وكان هذا كفيل بإشعال *النار *الحارقة *بقلبها.


وهنا قررت رشيدة الانسحاب من حياتهم فهي صادقة بتهديدها ومشاعرها *الرافضة *لمشاركة احد لزوجها.


اتصلت بصديقتها المغربية التي تعيش بنفس المنطقة لتخبرها انها ستبقى لديها عدة أيام حتى تستطيع العودة للمغرب، جمعت ملابسها على مرآى ومسمع من زوجها الذي حدثها بهدوء احرق *قلبها *اكثر مما به

"ستندمين ان خرجتي من المنزل هذه المرة، فكري بشكل جيد كي لا تندمي"


نظرت له بعيون معاتبة حزينة مما يقول ليكمل هو

 "الوضع *سيء.*لا يمكنك مغادرة البلاد المطارات مغلقة. قرار تركك للمنزل ليس حلًا لوضعنا اجلسي لنتحدث مرة أخرى "


 *رفضت *رشيدة واصرت على الخروج من المنزل .


أسرع خلفها ممسك الحقيبة من يدها وهو يترجاها ان تتراجع عن قرارها وتجلس ليتحدثا

شعرت رشيدة بضعف وتراجع زوجها ، وقفت بقوة رافعه حاجب عينها اليسرى قائلة بثقة كبيرة  

"يمكنني التراجع وتحمل الوضع في حالة واحدة فقط، ان تبقى لي وحدي، لا تقترب منها ولا تجعلها زوجتك ابدًا".

........

هل يحق لرشيدة ان تطلب هذا الطلب من زوجها


هل أخطأ خليل بتقربه من عروسته؟ ام انه تحمس لحياته الجديدة زيادة عن اللزوم حتى افحم قلب زوجته وجعلها تصل لهذه الدرجة من الغيرة الحارقة؟


يا ترى ما الذي ينتظر سلمى ؟


هل سيظلمها قدرها من جديد؟


ام حقيقة ان القدر من الله وان الله ليس بظلام للعبيد و هو من ستنجيها من احلام رشيدة بالاخير .


يتبع ..


إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا. 




منها "رواية حياتي" 



رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..


رابط مجمع روابط الروايات

google-playkhamsatmostaqltradent