_منعطفات الحياة_
(المنعطف الثالث )
بقلم الكاتبه : سجى امام
أَربعٌ وعشرونَ ضلعًا والكثيرُ الكثير من العظام!
لماذا تركتَها كلها!؛
وكسرتَ قلبي..
تفرقت الصديقات الثلاث كلاً لوجهتها ، فياسمين اخدت حزنها معها و ذهبت لبيتها لتدخل غرفتها و تعيش حزنها لوحدها و ما كان يزيد من حزنها عدم اهتمام اهلها بحالتها فهم لم يسالوا عن ما بها و لو لمرة ...
اما مريم فكانت حزينة على صديقتها و قلقة من أجلها و لكن لديها شي اخر يشغل بالها و هو امر هارون ! الف سؤال و سؤال يدور في راسها فكرة الارتباط كانت تخفيها و خاصه ان هي لا تعرف هارون جيدا ذهبت لمنزلها و بداءت تفكر الى ان غلبها النعاس و هي تفكر ...
اما ريهام فذهبت اولا للسوق لتشتري بعض الحاجيات لتذهب بعدها لمنزلها ، اخرجت مفتاح بيتها و اخرجت نفس عميق و حاولت الابتسام و لكن قبل ان تفتح ، فُتح الباب لتجد امها ( زينب ) امامها " اين انتي لماذا تاخرتي ؟ ألم تري الساعه ؟ "
تنهدت ريهام و دخلت المطبخ و اخرجت الأشياء ، و لكن امها ما زالت تتكلم بغضب ممزوج بقلقها ، اقتربت ريهام منها و ابتسمت بحنان لها و قبلت يداها قائلة " اسفة لقد تأخرت لانني ذهبت الى السوق انظري ما أحضرت "
تغيرت ملامح امها زينب لتنظر لها بحنان و بدأت بتقديم الطعام لابنتها ..
اطرقت راسها بحزن على حالة أمها تلك المرأة التي ربت ثلاث أولاد لم يبقى منهم إلا ريهام معها ، فقد تركوها و ذهبوا فلم يتبقى لها سوى ريهام التي هي حياتها كلها فتحاول جعلها تحت جناحها دائما لا تريدها ان تذهب مثل اخوانها و تتركها لوحدها ، كانت تخاف ان تصبح وحيدة لذلك كانت تمنع ابنتها من الخروج و الاختلاط خوفا من تذهب و تتركها و لكنها كانت تحبها و تخاف عليها ، تحت غضبها و صراخها هذا الكثير من الحب ....
خرج جواد من محاضرته ليرى زين و اصدقائه يضحكون مر بحانبهم ليسمع " انها غيبة ! ماذا انا سأتزوج منها " و ضحك الكل
تغيرت ملامحه ، اراد ان يسكته و يلقنه درسه لكنه تراجع خوفاً عليها و على سمعتها ، ليذهب لصفها عله يجدها او احد صديقاتها و لكنه لم يراى احد...
مرت عدت ايام لم تذهب بهم ياسمين الى الكلية ، كانت تقوم بكافة الاعمال المنزلية و تشغل نفسها فيها ، تخرج كل غضبها عن طريق التنظيف الى ان تخور قواها و تذهب لفراشها و تنام فورا ..
كانت تفكر ان تتصل به و لكن كل مشاعرها تجاه تغيرت لم تعد تهتم به كل ما كانت تكنه له اندفن و تبدل مكانه شعورها ب الكره له و القرف منه لتوصل في نهاية المطاف لتقبل ما مرت به فهناك شتان ما بين الاعجاب و الحب ، الاعجاب ممكن ان نعجب بشخص بشكله بقوته بطريقة تفكيره الخ ..
لكن الحب ان تحب الشخص نفسه ب عيوبه و سلبياته و كل شي به و ايضا الحب عبارة عن مواقف فشخص المحب سيظل مثل الجبل وراءك ...
مر شهر كامل و كان اخر امتحانات في الترم الثاني ، لقد اكملوا سنتهم الاخيرة .
خرجوا من قاعة الامتحانات كل واحدة تتحدث كيف قدمت في الامتحان ، صمتت كل واحدة منهن تنظر للفراغ بضياع ، تنهدت مريم قائلة " لقد قررت ان اوافق على هارون "
التفت لها ريهام و قالت بسخرية " و اخيرا قبلتي لقد ظننت انك ستنتظري اميرك الفارس الشهم " و ضحكت ..
قاطعتها ياسمين لتقول " لا تستمعي لها من الممكن يكون هذا أصح قرار اتخذتيه انظري الي دخلت في امور اكبر مني و اساءت لنفسي و اغضبت ربي بها لذلك ليكون بداية علاقتكم ب الحلال و لتتعرفوا بهدوء و خذوا وقتكم و لا تستعجلوا "
اقتربت منها ريهام و امسكت يدها لتقول " من الجيد انك عرفتي ماهو خطائك و تحاولي أن تصلحيه ، لكن هذه ليست النهاية امامك الحياة كلها و ليس كل الرجال مثل زين الحقير ، انظري مثلا جواد انه يحاول معك منذ اكثر من سنتين و لم يتخلى عنك فاعطيه فرصة "
أيدت مريم كلام ريهام و تحدثت عن جواد و انه شاب جيد ، لم تكن ياسمين بحالة تدعها تستمع لهم او بحالة جيدة لخوض تجربة اخرى ، ظلت معهم قليلا لتستأذن منهم و تذهب ..
كانت تسير شاردة الدهن ، و لكنها توقفت و هي تنظر باستغراب نحو من كان امامها تجاهلته و سارت ، ليقف جواد امامها يمنعها من السير قائلا " الى متى ستظلي تتجاهلينني انظري انا اخبرتك اكثر من مرة انني اريدك ياسمين و اريدك زوجة لي لماذا ترفضي اعطيني سبب واحد "
صمت لكي تجيب و لكنها تنحت و ابتعدت ذهب بسرعه و وقف امامها ليقول بتقرير " اذا لم تعطينني جواب خلال يومين فتحملي الذي سوف يحدث " قال كلماته و ذهب و هو يبتسم على حالتها ..
تحدث لنفسه قائلا " سيحدث و ستكون لي اعلم ذلك " ليبتسم و يكمل طريقة....
(تأخذنا الحياة و تسير بنا في منعطفاتها ، تجعلنا نلتقي ب الكثيرين و لكن قلة من يتركون فينا أثر و قلة من يبقون .)
ألقى بكلماته و ذهب بينما هي وقفت و اثار الصدمة على وجهها ظلت تنظر له الى ان اختفاء اخدت تُحدث نفسها 'ماذا يقول هذا ؟ ماذا سيحدث؟ ' قلقت و خافت ، جلست على اقرب مقعد وجدته و نظرت للفراغ بحزن تُحدث نفسها
قلبها يقول " لا يمكنكِ الحب او الارتباط يكفيك ما مريتي به بسبب ما يسمى حب! "
و لكن عقلها يحدثها " انه جواد هو مختلف عن زين اعطيه فرصة ان الحب يطرق بابك لا ترديه "
تحدث صوت قلبها " و هذا تماما ما كنتِ تظنيه مع زين و اذا به سراب زائف "
" ما امامك الان ليس سراب و انما حقيقة ملموسة لا تدفعي الحقيقة الحاضرة بسراب الماضي! الحب لم يكن خطاء و انما الشخص الذي تعلقتي به هو الخاطئ "
و هكذا ظل قلبها يتعارك مع عقلها فعقلها يعلم ان جواد رجل شهم و يحبها فهو من ظل يحاول معها سنتين و لكنها كانت تتجاهله ، كانت تُسر عندما تراه و لا تعلم سبب هذا فقط تُسر، تعي و تدرك انه لا يمكن ان يؤذيها او ان يسئ لها و لكنها مترددة و حائرة ...
في بيت مريم ...
اخدتها امها فاطمه بحضنها و هي في قمة السعاده لموافقتها على زواجها من هارون تحدثت بحنانها المعتاد " مريم يا حبيبة امك هذا هو القرار الصحيح من اجلكِ ، هارون هو خير شريك لحياتك انا اعرفه و اعلم انه سيكون لكِ خير سند " مسحت على شعرها بحنان لتكمل " لا تخافي لقد اختاره الله لك ليكون سند لك في هذه الحياة و امامكم وقت كافي لتتعرفوا على بعض " ابتسمت مريم بخجل بينما والدها (أحمد) اتصل لأهل هارون ليزف لهم هذا الخبر السعيد ، ليقرروا تحديد موعد في القريب العاجل لطلبها رسميا...
تفقدت ريهام فواتير الكهرباء و الكهرباء لترى بعدها الحاجيات الناقصه لتزفر بضيق و هي تفكر كيف ستحل امرهم ، فتحت ريهام هاتفها و بداءت تبحث عن عمل فحالتهم المادية اصبحت سيئة و لا يكفيهم راتب تقاعد أباها .
ابتسمت عندما وجدت مكانين مناسبين لتقرر الذهاب لترى ، و لكن سرعان ما ذهبت البسمه عندما خطرت فكرة التحدث مع امها ، فقد كان هذا اصعب جزء، لتقرر انها ستحدثها على العشاء ..
"لا يمكن يعني لا " قالتها بحدة و غضب .
حدثها ريهام عن مصاريفهم التي ازدادت و ان عليها البحث عن عمل ، و لكنها لم تقتنع رفضت رفضاً قاطعاً و ذهبت لغرفتها تحدث نفسها بقلق و غضب خوف " سبب رفضي هو خوفي عليكِ من الحياة في الخارج "
صمتت لتقول " لا يمكنها العمل سندبر أمورنا بما لدينا "
لازال شبح ذهاب أولادها الثلاثة يسير خلفها فهم ذهبوا و تركوها بحجة العمل و لم يعودوا تركوا امهم و اختهم ليواجهوا هذه الحياة وحدهن ، و ها هي زينب الان يتملكها شبح فقدها لريهام ايضا ، تمسكت برأيها و رفضت لتحافظ على ابنتها من الذهاب و البعد .
ذهبت الشمس ليغيب ضوءها و ياتي الظلام معلناً بقدوم الليل و معه هم جديد لكل منهن ، فقد كانت ياسمين تسير بغرفتها بتوتر و قلق و كلمات جواد تدور في راسها .
اما مريم خائفة من هذه الخطوة الجديدة ظلت طول الليل تدعي و تدعي ان كان خير لي فيسر لي يارب و ان كان شرا لي ابعده عني يارب ...
اما ريهام اغلقت كتابها و استلقت على فراشها و تنهدت و هي تتذكر كلام امها من ناحية و ظروفهم من ناحية اخرى لا تعلم ماذا عليها ان تفعل !...
مر الليل بما يحمله من هموم لتطل شمس يوم جديد .
وقف جواد أمام صفها ينتظر فقط ان يراها و لكنها لم تاتي ، تذكر بأنها تجلس بجوار الكافتيريا مع صديقاتها ذهب إلى هناك و لكن لم يجدهن ، تنهد بضيق ليذهب الى صفه و عقله مشغول بها ...
و ها هي ريهام واقفه أما تلك الشركة الكبيرة بعدما خاضت نقاش مع نفسها و اقتنعت بهذه الخطوة ، استجمعت نفسها و دخلت بكل ثقة و قدمت لوظيفة سارت المقابلة بشكل جيد و طلبوا منها ان تنتظر ردهم ، استغلت الوقت المتبقي لها و ذهبت لمقابلة عمل اخرى لسكرتيرة بفندق ، رائت على ملامحهم الرضاء و لكن كان ردهم نفس الرد سنتصل بك ، خرجت وهي محبطة لتعود لمنزلها في وقت متاخر عن وقت رجوعها لتستجوبها امها و هي كالعادة ترد باختصار و تذهب الى غرفتها ...
و على سفرة الغذاء تحدث احمد " لقد اتصل بي إسلام و قرارنا ان تكون الخطبة غذاً "
تحدثت فاطمه سريعا " و لكن كيف غذا امامنا الكثير و الكثير و ايضا " قاطع حديثها " لقد اعطيت كلمتي و ايضا سيكون الحفل فقط بين العائلتين " صمتت فاطمه لتنظر ل مريم التي كانت تنظر الى طبقها بضياع ، تحدث احمد " مريم هل انتي بخير يا ابنتي " ردت بنعم و اكملوا طعامهم و بعدها بداؤ بالتحضيرات ...
ظلت ياسمين تدور بغرفتها بقلق لازال صوت جواد في رأسها " اذا لم تعطيني جواب خلال يومين فتحملي الذي سوف يحدث " امسكت راسها فهو يؤلمها بشدة من كثرة التفكير ، جلست على مقعدها لتسمع ابوها حسين يناديها ، وقفت بخوف لا تعلم ماذا يريد هل يمكن ان يكون جواد اخبرهم عن زين! اخرجها من فقاعة افكارها صوته القوي الذي يصرخ باسمها ...