recent
جديدنا

صرخة أنثى الفصل الأول

صرخة أنثى

{ الرواية من روائع قصص احكي يا شهرزاد}



 

حجم الرواية : قصيرة جدا عدة فصول معدودة

تصنيف الرواية : رومانسي خيالي

اسم الكاتبة : أمل محمد الكاشف 

بسم الله نبدأ الرواية بالصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .

………

حالة من الهلـ.ـع والفـ.ـزع تصيب الأهالي فور سماعهم صهيل الأحصنة الملكية وهي تغزو الطرق والشوارع باحثة عن ضحـ.ـية جديدة تهديها للسلطان شهريار على طبق من ذهب يستمتع بها طوال ليلته قابضًا روحـ.ـها بحلول صبيحتها.


هدأت أصوات طقطقة حوافر الأحصنة في الأزقة والشوارع المحيطة لمساكن الرعايا ، تحدث الأب بصوته المرتجف:
 " لقد ابتعدوا عن منزلنا ، نجانا الله من جديد حمدًا لله حمدًا لله ".

علا صوت صهيل حصانًا ملكيًا أدخل الرعـ.ـب بقلب الأهالي مجددًا 
تحركت الفتاة تخرج من مخبئها وهي تقول:
 " سأرى ما يحدث بالخارج ".

أشار لها والدها أن تعود مخبئها دون الاقتراب من الأبواب والنوافذ كي لا يرونها أمامهم إن كسروا الباب ودخلوا فجأة دون استئذان كعادتهم.

رفضت أن تنصاع لمخاوف ابيها مقتربة من النافذة بحزن تجمع بعيونها فور رؤيتها لصديقتها المقربة إليها وهي تجر من ذراعيها بعد أن وقع عليها الاختيار.

بكت عيون كل من رأى وسمع صوت بكاء الفتاة وتوسلها للحراس بأن يتركوها لتعيش.

غلى الدم بعروقها استدارت خلفها ناظره لإخواتها المختبئين خلف الألواح الخشبية ثم نظرت للجهة الاخرى نحو سجود والديها ودعائهم بقلوب مذعورة كي ينجيهم الله، وهنا أخذت قرار صعب وخطير متحليه بشجاعتها عازمة على تنفيذه دون استشارة أحد.
أسرعت بفتح باب منزلهم شاهرة بخطواتها مفصحة عن وجودها وهي تصيح بوجه الحراس قائلة: 
" اتركوها وخذوني عوضًا عنها .. انا أكثر منها جمالا وجاذبية".

تعجب الحراس و الأهالي من جراءتها ، فقدت امها وعيها من صدمتها وخسارتها لأبنتها.

نظر الحراس لتوسل الفتاة الباكية بين يديهم ناظرين بعدها نحو الفتاة التي وقفت امامهم بقوة قائلين لها: " ألم تخافي من المصير المحتوم".

ردت شهرزاد بشجاعة وقوة:
" لا يوجد أجمل من لقاء مولاي حتى وإن دفعت حياتي ثمن رؤيته والبقاء بجانبه ليلة واحدة ".

ابتسم الحارس لزميله قائلا: 
" يا لها من صيدا ثمين نستحق المكافئة عليه".

تركوا الفتاة الباكية ناظرين لمن تملكتها شجاعتها قائلين:
 " تفضلي اصعدي الهودج وحدك دون قيود او ندب ".

استدارت خلفها كي تنظر لوالدها نظرة وداع كادت ان تعيدها للضعف والخوف مبتلعة ريقها وهي تبدأ بخطواتها جهة الهودج ، صعدت جالسة بقوة وشموخ تعجب له كل من شهد الواقعة وتناقلها بين عامة الشعب.

وصل نبأها للسلطان زافين له رغبة الفتاة في رؤيته وقضاء ليلتها معه وان كلفها هذا حياتها.

ابتسم وجهه حين استمع لطلباتها ورغبتها بارتداء ثوب ابيض ملكي لم يرتديه أحدًا قبلها.

أمر صاحبه أن يُلبي لها أحلامها الأخيرة ، اخفض كمال الوزير المقرب للملك رأسه قائلا:
 " أمرك يا مولاي ".

أتى المسؤول عن الحرملك طالبًا التحدث مع الملك بخصوص الفتاة التي وقع عليها الاختيار الليلة ، نظر الوزير كمال للحارس قائلا:
 " لا تسمح له أنا سأتولى أمره بالخارج".

تحدث السلطان وقد بدى على وجهه الاستمتاع بضـ.ـحيته الجديدة قائلا:
" ما بك دعه يدخل لنرى ماذا يريد".

رفع كمال يده مشيرا للحارس كي يدخله مترقبا الوضع باهتمام .

دخل الرجل حانيا قامته العلوية احتراما وهيبة للسلطان مستقيما بوقوفه بعدها قائلة بصوت مهزوز:
" من بعد اذن مولاي هل تسمح لنا بقبض روح هذه المتكبرة العنيدة قبل حلول الليل .سأتي لك بأجمل منها في غضون ساعات قليلة ".

سأله شهريار بفضول واستمتاع كبير: 
" ما بها الفتاة ! ماذا فعلت حتى أوصلتك لهذه الحالة ؟".

رد زهير بضيق: 
" متكبرة ومغرورة لا يدخل شيء بعينيها. وكأنها ولدت بالقصر لاانبهار ولا إعجاب تمتهن جميع ما يأتي أمامها دون احترام لأحد ، أريد أن اكسر عينها واقـ.ـصص شعرها الطويل التي تتباهى به واقـ.ـسم خصرها المنحوت قبل أن آخـ.ـذ روحها".

خرجت ضحكة عالية من شهريار شاركه بها الوزير كمال قائلا لمولاه:
 " اسمح له يا مولاي فلقد اشفقت عليه لدرجة جعلتني اتبنى فعل ما يتمناه ".

زاد فضول السلطان بالتعرف على هذه الفتاة مما جعله يتساءل:
 " أخبرني أولاً ما الذي فعلته لتصل بك لهذه الدرجة من الغضب ".

_" كما أخبرتك يا مولاي متكبرة ومتعجرفة متعالية لا تريد ارتداء ما تم استخدامه قبلها . تختار الألوان والعطور ..".

قاطعة شهريار متسائلا: " العطور؟ ".

أسرع زهير بالرد:
 " تريد ان تضع من الانواع الملكية هل تصدق ما تطلبه ، تثرثر بطلباتها منذ دخولها الحرملك أريد فستاناً ابيض غير منفوخ منثور عليه ورود الفل والياسمين وتاجًا فضيا مرصع بهما أيضاً ، لا أريد ارتداء الذهب والياقوت أريد كل زينتي من الورود البيضاء المضيئة ".

تحدث الوزير كمال قائلا بنبرة ضحكة:
 " هل أبيض مضيء! وكأنها ستكفن نفسها بنفسها ".

لمعت عيناي السلطان وهو يتخيلها تدخل عليه بهذه الطلة المنفردة ليأمر بعدها بتحقيق كل رغباتها دون معارضة .

ازداد غضب زهير متفوها: " مولاي ".

نظر له الوزير آمره بالانصراف الفوري دون مزايدة بالحديث .

انحنى زهير أمامهم ساحبا نفسه للخارج وهو يتأجج من غضبه. ذهب ينفذ جميع أحلام هذه المغرورة كما نعتها متمنيًا لحظة سماع خبرها بعد انقضاء ليلتها الاخيرة.

تحرك كمال ليخرج هو أيضاً من الحرملك قائلا:
" من الواضح أننا سنستمتع كثيرا الليلة . أقول لنفسي ماذا إن شاركتنا متعة مشاهدة صاحبة الشعر الطويل والخصر المنحوت وهي تتباهى وتتعالى قبل نهاية ليلتها".

نظر شهريار نحوه بقوة متذكرا خيانة زوجته مع سلطان إمارة عجومان .

اعتذر كمال عن مزاحه الثقيل منسحبًا من الجناح الملكي متحججا بمتابعته لعمله.

مر الوقت بصعوبة على أهل المملكة وهم يتحدثون بينهم بأصواتهم الخفية عن مصير فلذات أكبادهم ونسلهم الذي قطع من وراء هذا السلطان المتجبر.

دق جرس الحرملك بصوت مخيف معلنًا عن حلول الوقت المعلوم، توسطت شهرزاد الحراس مرتجلة بخطواتها الثابتة ورأسها المرفوعة الشامخة دون خوف أو اهتزاز كمن سبقوها .

كانت العيون تتهافت لتنظر لها بالممر بعد ان سمعوا عنها طوال اليوم.


تحدث مسعود المسؤول عن المطبخ الملكي:
 " اشفقت عليها يا لها من فتاة ساذجة لا تعي ما ينتظرها . وكأن روحها تتعطش للقاء ربها ".

رد عليه أحد مساعديه بالمطبخ:
 " هل أنت متأكد من خبر امتناع زهير عن اعطائها اكسير الهدوء والفرح".

هز مسعود رأسه مجيبا:
"مع الاسف لم يحدث هذا بعد أن عاند زهير رافضا اعطائها منه كي يستمتع ويتشفى بها حين يرى خوفها عند اقتراب موعد أجلها".

نظر المساعد نحو ثبات الفتاة التي ابتعدت كثيرا بموكب الحراس قائلا:
 " كيف تتمكن من الوقوف على قدميها حتى الآن بدون خوف أو تراجع".
 
تحدثت مسعود :
" سيحدث ما ينتظره الجميع في الجناح الملكي . وحينها لا اعرف ما سيفعله مولاي بزهير حين يعلم انه السبب في افساد ليلته ورؤيته لدموع جنس الإناث".

استعاذ الرجل مما تخيله متعجبا:
" كيف يضحي زهير بنفسه ومنصبه لأجل عناد ومع من فتاة من الرعايا البسطاء تبقى القليل على رحيلها لمثواها الأخي".

فتحت ابواب الجناح الملكي أمامها لتدخل شهرزاد وهي تخفض الرأس كما أخبروها.

تراجع الحراس للوراء مغلقين الباب وراءهم دون ان يوجهوا ظهورهم للملك.

ابتسمت شهرزاد بثقه خطت بها عدة خطوات للداخل رافعه رأسها ناظره للسلطان بثبات وجمال اتبعه صوتها الهيمان: " ما أجملك!".

اسرعت بتعديل ما خرج منها:
" المعذرة يا مولاي لم اقصد ما خرج مني . ولكنك حقا.. ".

صمتت مخفضه عينيها بخجل، تحمس شهريار واقفا من مقعد عرشه والابتسامة تجوب وجهه يتفحص بإعجاب فستانها المرسوم على جسـ.ـدها ببساطة وجمال الورود المرصع بها تاج راسها الذي أشبه بغصن شجر صغير.


فلاول مرة تدخل لغرفته فتاة بهذه الإطلالة المتجردة من الذهب والكريستال والبهرجة في تفاصيل الفستان المنفوخ.

ظل يقترب ويقترب حتى لمس اطراف أذنها بصوته الهافت: "ولكني حقا ماذا ؟".

رفعت كتفها لتخبئ اذنها في ثناياه مجيبة بعيونها التي دارت على ملامح وجهه قائلة بهيام:  " وسيم …".

ضحك قلبه قبل وجهه ويده يغازل شعرها المزين بالورود قائلا: " وسيم فقط".

رفعت عينيها ناظرة لشعره وعينيه من بعدها:
" يعجز اللسان عن وصف ما أراه يا مولاي".

طرق الباب ليدخل بعدها المسؤول عن الطعام ومن خلفه المساعدين يحملون صواني الطعام والفاكهة والعصائر.

علقت عيونهم على الفتاة الثابتة بجانب السلطان منسحبين بعدها وهم في حيرة من أمرهم .

ازداد زهير غيظًا وغضبًا حين سمع روايات كل من دخل الغرفة الملكية حتى جاء وقت منع به أي قدم بأن تخطو لهناك.

شاركته شهرزاد مأدبة الطعام التي لم تهتم بالنظر لكل ما عليها من أطعمة لم تراها عيونها من قبل.

اهتمت باطعامه وهي تسلب عقله بخجلها ونظرات الاعجاب المشعة من عينيها كلما شردت بالنظر إليه . خطفت قلبه واهتمامه راغبا بتذوق طعم جمالها قبل أن ينهي طعامه ولكنها اوقفته طالبه منه طلب صغير قبل أن تتنعم بالابحار في جنته .

أعجبه تغزلها به ووصفه بجنتها التي ستتنعم بها على عكس من سبقوها ، استقام بجلسته ناظرا لعيونها التي اقتربت من عيونه قائلة:
 " كنت اود أن احظى بشرف سماعك لأحد رواياتي قبل أن تزهق روحي فداك يا مولاي".

ابتسم لوجهها قائلا :
" لأول مرة أرى فتاة مستسلمة للـ.ـموت بكل اريحية مثلك ".

تدللت بتغير نبرة صوتها: " لا تكسر بخاطري استمع لي ومن ثم انا رهن ما تأمر به".

أومأ برأسه تعبيرا عن موافقته على طلبها ليجدها تقف بجانبه ممسكة بيده:
 " هل تأتي معي".

تعجب متسائلا إلى أين ، مدت نظرها تجاه الفراش الملكي الفاخر بخجل اجابت به: 
" عليك أن ترتاح وتسترخي وأنت تستمع لي حتى لا اموت بذنب ارهاقك بجانبي يا مولاي".

 واقف بجانبها ساحبها من خصرها بيده الأخرى مقربها إليه وهو يسألها بفضول: 
" من والدك ؟ هل أنت من سلالة النبلاء".

علقت عيونها بعينيه للحظات اقترب تسلل الخوف لقلبها وتذكرها ما ينتظرها باخر الليلة.

اسرعت بابتعادها وسحبها له تجاه الفراش المبهر بزينته والحرير الممدود على جانبية بالاضافة للغطاء الناعم الزاهي وهي تنفي ما قاله ، استلقى شهريار على فراشه شاعرا بالراحة والاسترخاء قائلا لها :
" ما كان اسمك ".

ردت بجمال خجلها: 
" شهرزاد يا مولاي".

_"هيا يا شهرزاد افضي ما بجعبتك".

ترددت لثواني قبل أن تعرض عليه شرطها خوفا منه ولكنها تفاجأت بموافقته وقوله :
" حسنا لن أقاطعك حتى تنهي القصة هيا أحكي يا شهرزاد قبل ان اترك …. ".

اسرعت بصعودها بجانبه راويه له بداية الحكاية وهو ينظر لوجهها الذي سحره ببساطة جماله مستمعا لصوتها الأنثوي: 
" بلغنى أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد و العقل الحكيم والقلب الرحيم والوجه الوسيم والشعر الجميل أن هناك فتاة بسيطة كانت تعيش بعصر الدولة السلجوقية وسط عائلة صغيرة تتكون من أب نجار ماهر و أم برعت بحياكة الأثواب الملكية ببلاط سلطان ذلك الزمان.

 حظيت الصغيرة ذات الملامح الجميلة الهادئة المريحة للعين بدخول القصر الملكي كل يوم ، تاتي مع والدتها بالصباح فرحه بارتدائها الملابس الشبيهة بملابس الاميرات .
كبرت الفتاة بحضن القصر بجانب أصغر أبناء ولي العهد التي أحببتها وتعلقت بها لدرجة كبيرة جعلت السلطانة الأم تختارها وصيفه لحفيدتها.

 وبرغم ضرورة بقاء الوصيفات بجانب الاميرات يستقرون بقصورهم دون الخروج والدخول براحتهم ، إلا أن ضي القمر لم ترد البقاء لأجل الاعتناء بوالديها المسنين الذين بأمس الحاجة لمساعدتها في هذا العمر المتقدم .

 تمسكت الصغيرة بصديقتها حتى أصبحت ضي القمر حالة استثنائية بالقصر تذهب وتعود إليه بأوقات مختلفة .

احبها الجميع بروحها الطيبة و قلبها الكبير وطاقتها المتجددة ومهاراتها المختلفة وقدرتها على خلق وسط جميل للأميرات الصغار وخاصة الاميرة سيدا التي كانت لا تتناول فطورها حتى مجيئها ولا تكتب واجباتها إلا بحضورها .

 وبيوم من الايام الجميلة توجهت ضي القمر اتجاه البلاط الملكي لتلبية أمر الاميرة الصغيرة سيدا في سرعة حضورها ، تغيرت ملامح وجهها فور رؤية سالار مقبلاً عليها وهو يسير بقوة خطواته المعتادة و وجهه المبتسم الذي ينشر المحبة بقلوب كل من حوله ، لم تستطع رفع عينيها عليه كانت تسير خطوتين و تتوقف عشرة وهي تدعو أن لا يغشى عليها عند اقترابه منها.

  وجدت نفسها اسيرة لدقات قلبها التي تسارعت وجسدها الذي ارتجف خجلاً ، عقدت أطراف انامل يدها المرتعشة ببعضهم كي تتخلص من برودتهم محاولة رفع نظرها نحوه لتختلس بضعة نظرات .

ابت عينيها أن تفعلها خجلاً منه حتى كادت أن تظلم الرؤية بهما من شدة ارتباكها ، اقترب منها وهو يتعجب من حالتها و وقوفها الثابت المتكرر كلما رأته . تعجب أكثر بزيادة ارتباكها و توترها كلما اقترب منها ، كاد ان يسمع صوت دقات قلبها التي تسارعت لتزيد من انفاسها وارتفاع وانخفاض صدرها بجانبه.

تحدث بصوته القوي الأجش الذي زادها ارتباكاً و ارتجافاً ليقول: 
"سيدتي هل لديكِ مشكلة ما، هل يمكنني مساعدتكِ؟".

انتظر منها الإجابة وهو انفاسها المتسارعة اقترب اكثر اخفض رأسه منحنياً نحوها لينظر لعيونها المخفضة المخبئة و هو يقول :
" سيدتي هل لديكِ خطب ما؟ ما بكِ؟ ولماذا لم تنظري إلي" .

امتلأت عيونها بالدموع التي كادت ان تتساقط فرحاً و خجلاً من اقتراب صوته لقلبها ، تراجعت خطوات للخلف أخذةً نفساً عميقاً استجمعت به قوتها كي تستطيع رفع نظرها به ، ولكنها فشلت بهذا ايضا فبرغم محاولاتها لاستجماع قوتها و النظر له ، إلا أنها استمرت بتراجعها للخلف حتى ابتعدت قليلاً عنه رافعة فستانها الكبير المنفوخ لتهرب مهرولة نحو القصر الملكي دون اجابة ، مختبئة خلف الأعمدة الكبيرة لتستطيع التنفس والعودة لحالتها الطبيعية..

 استندت ضي القمر بظهرها على الحائط وهي تضع يدها على قلبها لتهدئ منه فلا زال صدرها يرتفع وينخفض من سرعة تنفسها، أغلقت اعينها بفرحة و ابتسامة جميلة توردت على خديها لتتزين بغمازات جمالها الهادئ .

ولد حبه بقلبها من شدة اعجابها بنبل أخلاقه ووجهه البشوش وطيبة قلبه مع الجميع. تعلم انه حب صعب المنال كبر في رحم معاناتها اليومية مقتحم قلبها المظلم دون إذن حين رأته بلقائهم الأول و هو يحررها من التاجر السيء.

لم يتعرف عليها هذه المرة لعدم استطاعتها رفع وجهها به من شدة خجلها ، ولكنه إن رأى عيونها الجميلة التي أُسر بهم في يوم تحريرها من ذلك التاجر كان سيتعرف عليها بسرعة فلقد راوده ظلها لعدة أيام شاردا بلقائهما معتقدا انه الاول من نوعه متعجباً من هروبها السريع وخفضها لنظرها متسائلاً: 
" كيف أرى هذا الوجه الجميل المضيء بخجله من قبل وانساه بهذه السهولة ".

أكمل سالار باشا سيره نحو القصر متوجها للغرفة الملكية طالبًا الأذن لمقابلة سمو الأمير توران ولي العهد المفترض بعد تعرض أبيه السلطان سليمان شاه لوعكة صحية رقد على اثرها في الفراش لمدة اقتربت لعامين و اكثر. 

سمح الحراس له بالدخول فاتحين أمامه ابواب الجناح الملكي ليدخل بوجهه المبتسم منحنيًا للأمام كي يلقي التحية على سمو الأمير المترأس كرسيه المزخرف بالياقوت والكريستال والذهب الحر . 

ابتسم وجه الأمير توران رافعًا كف يده للأعلى سامحًا لسالار بيه أن يرفع رأسه و يتقدم نحوه قائلاً: 
" عندما تأخرت علينا توقعنا عدم نجاحك بالمهمة".

رد سالار على مولاه:
" العفو منك يا سيدي ولكن من الواضح أن سموك لا يعلم لمن اعطى مهامه".
 

وقف توران بوجهه البهي مقترباً من صديق الطفولة مجيبا عليه وهو يرفع حاجبه الايسر استنكارا لما سمعه:
 " أن لم أثق بك ما كنت ستقف أمامي الآن ". 

وضع سالار يده على صدره:
 " العفو من سموك، ولهذه الثقة الكبيرة جئت اليوم لأُبشرك أنني أمسكت بطرف الخيط الذي سأصل بهِ لرأس الأفعى ، بعد أن تأكدت مما أخبرت حضرتكم به في المرة السابقة عن أزاد سوفالي و انه لم يأتي إلينا ليتفاوض فكما نعلم دهائه و إِحكام خططه السابقة فهو شخص لا يمكن الاستهانة به".

رد الامير توران وهو يعقد يديه خلف ظهره:
 " وقف امامنا مردد أكاذيب لا أصل لها من الصحة معتقدا أننا سنصدقه بسهولة".

نفى سالار ما يقوله الأمير لتتغير ملامح توران قائلا بتخوف و ضيق: 
 " هذا يعني حقيقة وجود اميرة من نسل السلطان سليمان لا أحد يعلم بوجودها سواه".
 
 تحرك توران خطوات ثابتة قوية غاضبة وهو يكمل:
 " كيف حدث ومتى استطاع و تجرأ هذا المخادع بخطف أميرة من البلاط الملكي ، ولماذا لم يخبرني أحد بحادثة كهذه من قبل ".
 
استدار لينظر لسالار بقوة تساءل بها :
" هل كان أبي على علم بأمر وجودها ؟، هل تم خطفها أو افتقادها بصغرها و لم يستطع أبي إعادتها ؟ أم أن أبي كان يجهل وجودها مثلنا تماما ".

رد سالار القائد الأعلى لجيش الدولة السلجوقية بأسف قائلا: 
" لا أعتقد أن سمو الملك سليمان شاه على علم بوجودها ، تقصيت بدقة وسرية عالية لاصطدم بواقعة غريبة ترددت عن امرأة كانت تنعتُ بـ يد الخير تلك التي وُلد على يدها أمراء القصر بداية من حضراتكم وصولا للأميرة المفقودة. سمعت أنها هربت عندما اقترب كشف سترها و آخرون عادوا من خارج البلاد يقصون خبر امرأة أصابتها المنية وهي بطريقها لبلاد الفرنجة تدعى يد الخير".

قطب توران حاجبيه وهو يقاطعه برفعه أصبع السبابة قائلا :
" نعم تذكرت تلك القصة هذه المرأة التي سرقت مخطوطات ملكية لحساب قادة الفرنجة، كما سرقت بعض المجوهرات الملكية التي وجدت بمنزلها و كانت سببا في كشفها و بالفعل هربت قبل اقتحام الجنود منزلها والامساك بها ، وبعدها بأشهر جاء إلينا خبر وفاتها قبل وصولها لأعدائنا ". 

رد سالار متعجباً ليقول: 
" ما أعلمه و سمعته ورأيته بالسلطان سليمان شاه الكبير يجعلني اتعجب كيف لسموه أن يصدق تلك الرواية دون التحقق منها ، كيف لم يربطها بتلك الطفلة التي سمع الجميع صوت صراخها فور ولادتها و بعدها بدقائق جاءهم خبر وفاتها ، كيف خرجت المرأة بالطفلة من القصر الملكي دون تفتيش او حتى شك من الحراس بها".

و بخطواته الغاضبة و هو يدور حول قائد الجيش الخاص بدولته تحدث توران بصوته القوي ليقول: 
" لا زلت لا اصدق ما رواه أزاد سوافلي علينا، كيف خرجت المرأة من القصر و أخذت أميرتنا معها دون أن يلتفت أحد لها".

أجاب على مولاه بقوة و حنكة و ذكاء تميز به على مدار عمله بجانب الأمير: 
 " هذا يعني أنها لم تكن بمفردها هناك يد قوية بالقصر تساعدها بجرمها وهروبها".

 اتسعت اعين الأمير توران لتئمُ بالغضب وهو يقول:
 " افضي ما بداخلك، أرى بعينك الكثير من الأسرار الخفية ".


أومأ سالار رأسه بحزن قائلاً: 
" فكرت كثيراً بما تحدث به سوفالي في زيارته الأخيرة وكيف كان يحدثنا بقوة اعينه و ثقته الكبيرة راويا لنا تفاصيل ولادة سمو الاميرة و خروجها من القصر و اختفاءها من المدينة كلها و بالطبع خبر وفاتها الذي سهل عليهم فعل كل هذا ، و لكني تحريت عن الأمر بدقة بداية من التي تدعى يد الخير و تفاصيل ما قيل عنها بتلك الزمانات مروراً بترصدي لمن ظهرت خيانتهم و من تم الشك بهم ، بالطبع ككل حقبة بها الكثير من الخونة وجدت عدد لا يستهان به من الذين غدروا بسمو السلطان و خاصة أن هذه الحقبة خصيصاً كانت من أضعف الحقب التي مرت بتاريخ دولتنا ، لن أشرح عنهم جميعاً سأختص المرأة السائبة التي اصبحت بوقت صغير مفضلة السلطان طبعا أقصد بحديثي السلطانة سمراء هذه المرأة التي كانت خيانتها سبباً بخسارتنا أبنائها الأمير سيف الدين والأمير أسد الدين بحرب الفيروا ، هذه المرأة كانت شاهدة على ولادة الاميرة المخطوفة وهي ايضا من كانت شاهدة على تلك الخرائط و المواثيق التي سربت بواسطة يد الخير للفرنجة بجانب ان المصوغات الذهبية الملكية التي وجدت بمنزل يد الخير".

قاطعه الأمير توران قائلا :
 " انتظر ، انت الآن تريد أن تخبرني أن الاميرة التي يدعي سوفالي انها معه قد هربت من القصر بواسطة السلطانة سمراء و يد الخير وبالطبع شركاء بعضهم تم كشفه و الباقية لا علم لنا بهم حتى الان".

اقترب سالار من الأمير مجيبا بصوت يثق بما يقوله: 
" هذا الشيء ليس بجديد علينا ، جميعنا نعلم انه لا يوجد حقبة زمنية خالية من الخونة حتى إننا نلمس أعمالهم التخريبية بالدولة دون الوصول لهم". 

تحرك الأمير ليجلس على مقعده الملكي بضيق كبير و حزن تغلب عليه واضعاً يده علي رأس أسد مجسم على جانبي المقعد قائلاً: 
" سأجعلهم يدفعون حساب الماضي و الحاضر إن ثبت صحة ما قلته". 

وبخطوة غير منتظرة منه اقترب سالار و وقف أمام الأمير طلباً منه أن يطلق سراحه و يعفيه من مهامه بالجيش الملكي، لم يصدق توران ما طلب منه فزع و وقف من على مقعده بأعينه القوية قائلاً: 
" ماذا تقول انت! هل ستتخلى عنا بهذا الوقت الحساس ام إنك تراجعت أمام تهديدات سوفالي!". 

ابتسم سالار بدهاء و ثقة وقوة تظهر عليه دوماً بأحاديثه قائلا:
 " نعم لنقل أنني خشيت مواجهته لهذا انسحبت من ارض المعركة تاركاً له الأبواب مفتوحة على مصراعيها كي يدخل من اينما شاء".

كادت نظرات الأمير توران الثاقبة ان تخترق عين القائد الاعلى لجيش دولتهم وهو يفكر بما قاله ، فمن الواضح أنه أعجب بالخطة ساد الصمت وهما ينظران لبعضهما بقوة.

و بعد عدة ساعات تم إفشاء خبر اختلاف الامير توران مع كبير قادة الجيش الملكي و احتمالية عزله ومحاكمته . كان الخبر يتنقل من شخص لآخر بصوت منخفض و كأنه سري للغاية حتى وصل لمسامع كل العاملين بالقصر.

 ……

 اطمأنت ليونة على نوم عمها العميق مسرعة بتبديل ملابسها واخذها بضعة قروش من محفظته مغلقة عليه باب الغرفة المهشم من قدمه وهي تحدث نفسها :
" أسأل الله أن لا يستيقظ قبل عودتي".

صدمة قدمها بطرف المقعد الخشبي المعاد اصلاحة ثلاثمائة مرة دون فائدة ، كتمت صرخة آهاااتها وهي تنظر للدم المتساقط من انتزاع اظفر الاصبع الاصغر بقدمها اليمنى ، اخذت نفس طويل من أعماق قلبها المتألم زافره به وهي تسمح دموعها الصامته:
 "الحمدلله . الحمدلله".

امسكت لفافة قطنية نظيفة عائدة لبواقي سترة داخلية قديمة خاصة بها، اقطتعها نصفين احتفظت بواحدة والاخر مسحت بطرفه الجرح محكمة اغلاقه بها اخذه حبل رفيع تأخرت وهي تبحث عنه لتخرجه من رابطة شِوال الخيش الفارغ من الحنطة ، أحكمت به ربط اللفافة على إصبعها مجبره على استكمال خروجها السريع كي تشتري ما يلزمهم من حبوب الحنطة المقرر وصولها للميناء صباح هذا اليوم.

اعتاد الجيران على رؤيتها مهرولة في سيرها خوفا من استيقاظ عمها المتجبر قبل عودتها ، منهم من يدعو لها بصوت مرتفع كي يعينها الله وغيرهم يسالونها عن سبب صراخها ليلة امس دون ان يحظوا بإجابة وآخرون ينظرون إليها بعين الشفقة دون كلام.

وجدت عشرات الناس قد سبقوها للمكان، تزاحمت مع الجميع كي تصل للواجهة متمنية شراء ما يكفي لعدة أيام عائدة لمنزلها قبل فوات الاوان.

رفض التجار تجزئة الحنطة الي كيلوات أما ان تأخذ شِوالا صغيرا او تذهب للمتاجر لتشتري منهم ما يكفي قوت يومها.

حاولت ان تجد من يشترك معها في ثمن الشِوال على أن يقتسموا وزنه بعدها دون يقبل أحد ، فجميع من أقدم على الشراء يرغب باخذ واحد واثنان وثلاث كي يكفيهم ويغنيهم عن شراء الحنطة بسعر مضعف عند تجار التجزئة في المملكة حتى مجيء تجار الجملة بأول كل شهر عربي .

اوقفها رجل بسيط فور ابتعدها عن الناس طالبا منها صدقة تعينه على الحياة ، فتحت يدها بحزن مخرجها القليل منها لتعطيه ، تمعن بعيونها وحيرتها متسائلا:
  " لماذا لم تشتري من الحنطة ألم تعجبك جودتها هذه المرة".

ابتسمت بحزن أجابت به: 
" أين نحن وأين رفاهية الاختيار والاعجاب . كنت سأشتريها وإن خالطها كثرة الحصى ولكن نقودي لم تكفي لها . أردت الاشتراك مع الاخرين في شراء شِولا صغيرا ولكن ما شاء الله الجميع يأخذ بالاثنان والثلاثة مبتعدين عن الأحجام الصغيرة ".

أعاد الرجل إليها النقود داعيا لها بسعة الرزق ، لم تتردد بأخذهم منه كي لا تقع في مشكلة مع عمها قائلة: " وسع الله ارزقنا جميعا ".
 
أجابها لا تحزني لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، عادت إلى منزلها بخيبة أمل ناظرة للنقود بيدها قائلة: " ليشتري هو من أصدقائه عند استيقاظه".

وضعتها بمكانها مبدله ملابسها لتبدأ بعدها في جمع قنِّينات الخمر لتضعها جانبا ممسكة بقِنْو النخيل المجفف أو ما يسمى بالعِذْق وبدأت تنظيف الأرض به.

وضعت ملابس عمها في اطباق الغسيل واضعه عليهم الماء والمنظفات لتبدأ تنظيفها يدويا.

سمعت صوت طرق الباب لمرة واحدة تساءلت عن القادم متخوفه ان يكون احد ضحايا عمها.

انتابها الفضول لعدم إصرار الطارق على فتح الباب .

تحركت بخطوات بطيئة مقتربة من النافذة ناظرة للخارج بتخفي ، اتسعت عينيها فرحا مما رأته اسرعت بسرعة لفتح الباب ناظرة لشِوال الحنطة الكبير متذكرة قول الرجل البسيط لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا...
 حملته بقوة فرحتها به وكأن دنيتها أضاءت بمجرد رؤيتها لهذا الخير.

نسيت امر الغسيل مندمجة بتحضير الطعام لتشبع جوع بطنها أولا.

…….

اختفى القائد الاعلى للجيش بعد يومين فقط من إفشاء خبر اختلافه مع الامير ، منهم من قال نُفيَ لمكان بعيد ومنهم من قال تم اعتقاله بشكل سري كي لا يتأثر وضع الجيش الملكي بهذه الحقبة الغير مستقرة وتربص الكثيرون بالدولة في هذا الزمان. 

توالت عدة ايام و اسابيع على اختفائه كما كثرت الاقاويل والاشاعات خاصة بعد تعيين بيار باشا قائداً اعلى بدلاً عنه ليتأكد الخبر و تبدأ العيون المتخفية بالترصد لمعرفة أسباب اختلافهم. 

شعرت ضي القمر بأختفاء هذا الشعاع الساطع الذي أضاء حياتها من الطرقات الملكية و ارجاء المدينة كلها دون أن تعرف السبب في اختفائه ، مع الأسف لا تعرف اسمه ولا نسبه ولم تكن تعلم عنه سوى القليل من ملامحه التي تشعرها بالراحة و الامان ، كثيرا ما أرادت سؤال الحرس عنه ولكن خجلها و حياءها منعوها بكل مرة من فعلها فأصبح بالنسبة لها شخص مجهول الهوية تراه فقط بالطرقات الملكية صباحاً و ليلاً بالطرق المحيطة بمنطقتهم بشكل غير يومي ، كانت تدعو الصدف و تراقب لحظة رؤيتها له لتشعر بذلك الشعور الذي يمتلكها و يسيطر عليها من صعوبة تنفسها وتسارع ضربات وخفقان قلبها وارتجاف اناملها ورغم انها مشاعر صعبة ومضطربة إلا أنها كانت تستمتع بها و تنتظره لتشعر بهذه النشوة التي تجدد طاقتها و أمالها بالحياة ، لهذا نجدها لم تيأس من تكرار مراقبتها اليومية للطرقات من نافذتها ليلاً و في بالبلاط الملكي صباحاً متأملة أن تراه من جديد كي تشعر بالأمن والأمان . 


حزنت ضي القمر و تأثرت نفسياً بشكل ملحوظ ، أصبحت تقنع نفسها بأنه حلم صعب المنال وإنها ظلمت روحها و قلبها حين اغرقتهم بحب رجل يظهر على هيئته و تقدير الجميع له بمجرد سيره في المكان انه ذو منصب كبير بالقصر فحتى .

 هرب النوم من عيونها بعد أن اعتادت على السهر ناظرة إلى الطرق ليلاً من خلف زجاج نافذة غرفتها المطلة على الشوارع الرئيسية و الزاوية الجانبية معا ، طالت ليالي اختفاء الشعاع الساطع بشكل ملحوظ فمن الواضح رحيل هذا الرجل الوسيم من هذه البلدة دون أن يودع قلب حمل بداخله أجمل المشاعر الطاهرة النقية العفيفة المحفوفة بالحياء .

بدأت تقنع نفسها انه غريب جاء كزائر لبلدتهم طالت سفرته قليلاً ليعود لبلده بأخر المطاف ، و يا أسفاه على حب غير واضح المعالم ، ويا أسفاه على قلب نبض بغير ميعاد ، ويا أسفاه على بصيص حلم حكم عليه بالإبادة قبل الولادة ويا أسفاه على قلب صغير رقيق كسر بأول تجاربه. 

صمتت شهرزاد عن الكلام المباح وهي تتثاوب من نعاسها ، صاح الديك معلنا عن بدأ صباح جديد، طرق باب الغرفة المالكية من قبل الحراس الذين دخلوا يأخذوا شهرزاد لمثواها الأخير مثلها مثل غيرها ممن سبقوها ، تحدثت شهريار طالبا منها إكمال الحكاية ليعرف ما سيحدث مع ابنة السلطان المفقودة قبل أن تذهب مع الحراس وينهوا حياتها.

ردت بحكمة وحنكة وثبات قائلة:
 " غلبنا النعاس يا مولاي ولم يعد للحديث والاستماع متعة، ما رأيك في أن ننتظر إلى المساء كي نكمل الحكاية دون انقطاع".

حك شهريار وهو يتثأب مجيبًا عليها:
 " انتهى وقتك وحان تنفيذ حكم الإعدام عليكن يا معشر النساء الخائنات".

ردت عليها بحذر وتوتر آصابها من اقتراب الحراس منها:
 " نكمل الحكاية واحظى بشرف امتاعك بليلة أخرى ومن ثم يطبق علي ما تريده حتى لا أموت دون أن استمتع بما استمتعن به من سبقوني".

ابتسم وجهه من جديد قائلا للحرس:
 " لن نخلص من فصاحة لسانها اتركوها لتحظى بليلة اخرى".

اخرجت أنفاسها واضعه يدها على صدرها وهي تنظر للامير شهريار الذي أغمض عينيه غارقا في نومه العميق .

اخذوها للحرملك من جديد ليسر زهير برؤيتها قائلا بوجه فرح:
  " وصلنا للحظة الأكثر متعة لي".
 
ثم نظر للحراس مكملا:
 " اتركوها لي انا من سيسلمها لمثواها الأخير بيدي".

صُدم حين علم بأمر السلطان شهريار ناظرا إليها وهو يسأل الحراس باستغراب:
" ولماذا ؟ ما الذي حدث ليتراجع السلطان عن إعدامـ.ـها كمن سبقوها".
 
ردت هي بالنيابة عن الحرس:
" لا زال بالعمر باقيه . هل تعترض على قدر الله الذي وهبني رحمة السلطان بي".


غضب على الحراس:
 " لماذا تقفون دون عمل هيا أعيدوها لمكانها والحقوا بي ".

ردت شهرزاد بسرعة قبل ابتعاد زهير: 
" اريد فستان زهري يشبه ما ارتديه مطعم بالورود وياحبذا أن تكون صغيرة وبنفس لون الفستان".

اعطها ظهره مكمل سيره دون رد ، لترفع هي صوتها قائلة:
 " لن أرتدي تيجان الليلة، أريد مشابك على شكل ورُود زهري سأنثرهم على شعري بشكل جميل ".

لم يتحمل ثقل حديثها استدار بوجهه المكدر قائلا لها بابتسامة صفراء:
" ما رأيك ان نكرر اللون الأبيض بفستان الليلة".

سألته بنبرة انتصارها قائلة:
"ما الداعي للتكرار هل نفذ مخزون المملكة من الاقمشة الملونة".

اخرج زهير ضحكة ساخرا مما سمع مجيبا بعدها:
" لا لم ينفذ المخزون ولكني قلتها كي لا تتعب النسوة في تكفينك . تنهي ليلتك ونزفك بعدها للقبر بالابيض دون تبديل".

حركت كتفها بقوة وانتصار :
" حسنا ساترك في احلامك واذهب لنومي صوت مولاي يناديني من هناك .. هل تسمعه".

اهتز غضبا تاركا المكان وهو يقول: 
" إلى اللقاء على حافة القبر".

" بل إلى اللقاء في جنة مولاي .. لا تنسى أريده بالزهري يا زهير "
.............
صدق تعالى في كتابه حين قال 
" إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ "

يتبع ..

إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا. 



منها "رواية حياتي" 


رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..
google-playkhamsatmostaqltradent